يعرض مؤلف هذا الكتاب – كما يأتي في تعريفه – للتحولات التي تقودها الولايات المتحدة في سلوك الحرب ووضع الاستراتيجيات التي أعقبت عام 1945، بدءاً من الأعمال العدائية المحلية والحروب بالوكالة والإرهاب النووي للحرب الباردة، وينتهي إلى مناقشة الصراعات غير المتماثلة في يومنا هذا.

ويتناول كيف أن هذه القوة الغاشمة تركز على الإرهاب غير الحكومي، ومكافحة التمرد، والعمليات السرية، وإنشاء شبكات واسعة من القواعد العسكرية الأمريكية في الخارج. وعلى النقيض من الحرب العالمية الثانية التي خلفت ملايين القتلى ودماراً كارثياً في العالم، كانت نسبة الوفيات والدمار في حقبة ما بعد الحرب صغيرة نسبياً، إلا أنه بتدبير آخر، أصبح الأمر مروعاً، ولا يظهر أي مؤشر على التراجع.

ويرى المؤلف أن القرن الأمريكي سيتذكره المؤرخون في المستقبل بسبب العنف الهائل وعدم الاستقرار العالمي الذي ساعد على توليده. ويوضح أنه بين عام 1946 ونهاية القرن العشرين، غزت الولايات المتحدة أكثر من اثني عشر بلداً، واستخدمت قواتها المسلحة الخاصة في مئات الصراعات العسكرية. ونفذت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ما لا يقل عن 81 عملية سرية أسفرت عن سقوط أكثر من «مليون» قتيل، وإطاحة ما لا يقل عن 24 حكومة في أمريكا اللاتينية.

علاوة على ذلك، رعت الولايات المتحدة حملات إرهاب حكومية ضد المعارضة الشيوعية واليسارية، كما في «عملية كوندور» في أمريكا الجنوبية وبرنامج «فينيكس» في فيتنام، وهو ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص.

إلى جانب التدخلات الخارجية، أصبحت الولايات المتحدة أكبر تاجر للأسلحة في العالم، وأنشأت مخزوناً نووياً لأكثر من 22 ألف رأس حربي في ذروة الحرب الباردة، ما أدى إلى سباق التسلح مع الاتحاد السوفياتي السابق، وهذا جعل العالم أقل أماناً كثيراً.

ويعيد الكتاب التذكير بالجانب العنيف للقرن الأمريكي الذي حدثت فيه عمليات قتل جماعية مروعة على نحوٍ متكرّر، إذ تتحدث التقارير عن مقتل ملايين المدنيين في كوريا والهند الصينية على يد الجيش الأمريكي عبر اللجوء إلى القصف النظامي وهجمات النابالم، وعبر إسقاط ملايين الغالونات من المبيدات الذي كان يستخدمها الجيش الأمريكي أثناء حرب فيتنام كجزء من برنامج الحرب السامة بين عامي 1961 و1971. كما يذكر المؤلف بموقف الرئيس السابق أوباما الذي أكد تعذُّر نزع الأسلحة النووية في الولايات المتحدة. ويخلص إلى أن الولايات المتحد لا تزال تواصل تسهيل حدوث سباقات جديدة للأسلحة مع الروس والصينيين، وتنشر قوة نيران هائلة في حروب مثل أفغانستان والعراق، وأن ما طرحته الولايات المتحدة من النماذج الديمقراطية والدعوة إلى حقوق الإنسان لم يجلب إلّا الألم والقتل والدمار والهلاك لشعوب الدول التي دخلت إليها. ويثبت التاريخ أن العنف الأمريكي هز العالم خلال العقود الماضية، ولا يلوح في الأفق ما يشير إلى وقف أو انحسار هذا العنف حتى الآن.