ملخّص:

تعتبر اللغة العربيّة لغة منتشرة عالميًّا وقد صُنّفت بين اللغات السّتّ في منظّمة الأمم المتّحدة. ظلّت هذه اللغة تحتلّ مرتبة مميّزة بين اللغات العالميّة. فهي تحتوي على حروف متعدّدة تساعد في تصنيفها الأبرز ولحثّ بعض الطّلّاب على اختيارها في اختصاصاتهم. هذه اللغة السّامية حافظت على كيانها وموقعها في البلدان العربيّة والعالم، وأهمّيّتها لم تتراجع رغم تطوّر اللغات الأجنبيّة وهذا بارز في عدد ساعات تدريسها في المدارس. إضافة إلى أنّ الثّقافة العربيّة المنتشرة سواء في المكتبات أو عبر التّواصل الاجتماعي هي ثقافة غنيّة تتمثّل في العديد من المراجع الواسعة والمضامين الوافرة والمصطلحات الّتي تساعد متعلّميها على اكتسابها بسهولة. إنّ اللغة العربيّة هي لغة التّراث العربي الّتي لجأت إلى أحضان الأديار والمجامع لحمايتها من مستعمرات أرادت محوها، لذلك لا يمكن نسيان دفاع الكثيرين عن اللغة العربيّة ويجب الشّعور بالمسؤوليّة لاستمرار هذه المسيرة التّراثيّة. إذا كنّا نريد أن نتحدّث عن اللغة العربيّة فلا يجب أن نحيّد نظرنا عن الأوطان الّتي خرّجت العديد من الأدباء والشّعراء العرب الّذين تميّزوا في جميع أقطار العالم ونشروا مؤلّفاتهم في كلّ الدّول وصقلوا اللغة العربيّة لترتقي بين اللغات العالميّة المعتمدة في المؤتمرات الدّوليّة. هذه اللغة الحيّة ألهبت النيران في قلوب عشّاقها وهم بدورهم ترجموها بأقلامهم وعلى ألسنتهم.

 

مقدّمة

تتناول هذه المقالة موضوعًا جوهريًّا، يخصّ كلّ مواطن عربي يهتمّ بلغته ويتقنها ويحافظ عليها أمام اللغات الأجنبيّة، وتشمل أيضًا كلّ إنسان يبغي تعلّم اللغة العربيّة بهدف تعرّف ثقافات وعادات البلدان العربيّة. كما أنّ تدريسها لا يقتصر على مجموعة من الحروف فقط ولكن للّغة العربيّة مجموعة من القواعد النّحويّة والصّرفيّة بواسطتها يصبح للكلمات معنًى وللجمل صياغةً واضحة، كما تملك هذه اللغة استراتيجيّات حديثة في تدريسها وأهمّيّة وخصائص.

توجد، في كلّ مؤسسة تربويّة، اللغة العربيّة وبساعات كافية تمكّنها من المحافظة على موقعها وأهمّيّتها. ولكن الأسئلة الّتي تطرح: أين هو موقع اللغة العربيّة في بلداننا العربيّة والعالم؟ ما هي أهمّيّة اللغة العربيّة؟ ما هي المواصفات الّتي تحلّت بها اللغة العربيّة؟ وكيف يحافظ على أهمّيّتها؟ …

كلّ هذه الأسئلة وغيرها من الاستفهامات تخطر ببال كلّ مواطن عربي يغار على موقع اللغة العربيّة ويهتمّ بالمحافظة على أهمّيّتها في وطنه العربي والعالم.

 

أولًا: موقع اللغة العربيّة

وفق موقع أغورافوكس، تحدّثت شويخة الجمعة 25 حزيران/يونيو 2010، “اللغة العربية وتاريخها وأصالتها وتأثيرها”: لا يزال أصل الكلمة العربية غامضاً، على الرّغم من العديد من الأبحاث. ووفقًا لتوفيق فهد، فإن اللغة العربيّة المتطرّفة تعني الصّحراء وهي كلمة آرامية. الكلمة العربيّة يمكن أن تُستمد من الجذر السّامي Abhar “للتحرك”. لكن علم أصول اللغة العربية يعتبر أنّ الكلمة العربيّة مشتقّة من الفعل “للتعبير”. تمّ العثور على كلمة عريبي في نقش آشوري يرجع تاريخه إلى عام 853 قبل الميلاد. الملك سلمانازار الثّالث يروي تمرد الأمير غينديبو العريبي. حوالى 530 قبل الميلاد، وكلمة أرابيا مكتوبة في العديد من الوثائق الفارسية. اسم مكان العربيّة مكتوب باللغة اليونانية من قبل هيرودوت. بعد ذلك، يعيّن جميع الكتاب اليونانيين أو اللاتين المكان والسّكان بالكلمة العربيّة. أضافت السّيّدة شويخة أنّ اللغة العربيّة الفصحى هي لغة جذر سامية قديمة جدًا انحدرت من اللغات السّامية، فهي لغة أدبيّة تعود إلى ما لا يقلّ عن 1500 سنة ويعود أوّل أثر للكتابة العربيّة إلى 512 سنة ميلاديّة، من العصر الّذي اكتُشف فيه نقش زبد في سوريّة. قامت الحضارة العربيّة أيضًا بتشريب أوروبا وأفريقيا وآسيا وأمريكا لفترة طويلة على مدى القرون الوسطى.

 

التّسلسل الزّمني للّغات السّامية

 

صدر في موقع المرسال موضوع عن اللغة العربيّة حيث حُدّدت بين اللغات العالميّة المنتشرة في العالم وصنّفت الأمم المتّحدة اللغة العربيّة أنّها اللغة الرّابعة من بين اللغات السّتّ المعتمدة في العالم، وتعتبر اللغة الأولى الرّسميّة في البلدان العربيّة كافّة. وخصّصت الجامعات الأميركيّة مبالغ طائلة من أجل إعطاء اللغة العربيّة حقّها.

وهناك العديد من الدّول الّتي تعتمد اللغة العربيّة كلغة رسميّة دون اختيار لغة أخرى إلى جانبها وهي: السّعوديّة، والأردن، والإمارات العربيّة المتّحدة، والبحرين، والسّودان، والكويت، واليمن، وتونس، وسوريّة، وعمّان، وفلسطين، وقطر، ولبنان، ومصر، وليبيا، وموريتانيا. أمّا بالنّسبة إلى الدّول الّتي تعتمد لغات أخرى إلى جانب اللغة العربيّة هي كالتّالي: الصّومال، وإريتريا، والجزائر، والجمهوريّة العربيّة الصّحراويّة الدّيمقراطيّة، والعراق، والمغرب، وتشاد، وجزر القمر، وجيبوتي.

 

رسم يوضح انتشار اللغة العربية. الدول ذات اللون الأزرق، العربية فيها لغة رسمية، وذات اللون الأخضر، العربية فيها هي إحدى اللغات الرسمية.

 

تحدّث أحمد شوقي[1] عن موقع اللغة العربيّة على أنّه: أثّر انتشار الإسلام، وتأسيسه دولاً، في ارتفاع مكانة اللغة العربيّة، وأصبحت لغة السّياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي الّتي حكمها المسلمون، وأثرت العربية، تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتّركية والفارسيّة والكرديّة والأورديّة والماليزيّة والإندونيسيّة والألبانيّة وبعض اللغات الأفريقيّة الأخرى مثل الهاوسا والسّواحيليّة، وبعض اللغات الأوروبيّة وخاصّة المتوسطيّة منها كالإسبانيّة والبرتغاليّة والمالطيّة والصّقلية. اللغة العربيّة تُدّرس تدريسًا رسميًّا أو غير رسمي في كثير من الدّول الإسلاميّة والدّول الأفريقيّة المحاذية للوطن العربي، ففضلاً عن أنّها اللغة الرّسميّة في كل دول الوطن العربي، فهي كذلك لغة رسميّة في تشاد وإريتيريا وإسرائيل.

ووفق موقع الجرس، خلال موضوع اللغة العربيّة ثاني لغة في كوريا وفي أهمّ الجامعات الأميركيّة، أنّ اللغة العربيّة، ورغم التّشرذم السّياسي الّتي تواجهه الأوطان العربيّة ما زالت تسعى للحفاظ على الهويّة من خلال تقدّمها بمرتبة عالميًّا بين 3000 لغة وأكثر. اعتمدت وزارة التّربيّة في كوريا اللغة العربيّة كثاني لغة أجنبيّة رسميّة، إضافة إلى تدريس اللغة العربيّة في 6 جامعات في كوريا الجنوبيّة وطلّابها يتعلّمونها بشغف وحرص بدل اللغة الإنكليزيّة.

صدر في موقع البيان موضوع تناول فيه ستار سعيد الزّويني (2014) اللغة العربيّة في جامعات أوروبا على سبيل المثال بولندا، أنّ المشاركين في تعلّم اللغة العربيّة يتمتّعون بحبٍ لهذه اللغة ويعملون جاهدين في التّعمق بمضامينها وترجمتها. وأهمّ ما جاء في الحوار، كان إدراج الحاسوب باللغة العربيّة وترجمة الأدب العربي إلى البولنديّة،… كما أن أساتذة بولنديين من جامعات أخرى شاركوا في الحوار وأشادوا كثيرًا باللغة العربيّة وأهمّيّتها في جامعاتهم. وفي مدينة تورون في بولندا، جامعة كوبرنيكوس الّتي تأسّست عام 1945 تدرّس اللغة العربيّة في قسم اللغة والثّقافة العربيّة في كلّية الآداب. إنّ قسم اللغة والثّقافة العربيّة في جامعة تورون هو أحد المراكز الأصغر سنًا للدّراسات العربيّة والإسلاميّة، ولكن نشاطه في مجال التّدريس والعلم وقبل كلّ شيء عدد المبادرات الفريدة، تجعله يحتلّ مكانًا بارزًا على السّاحة العلميّة البولنديّة ويساهم بنشاط واسع في مضمار البحوث الّتي تجريها المراكز الأكاديميّة الأخرى.

ذكرت مجلّة شبيغل الألمانيّة[2] أنّ عشر ولايات ألمانيّة من أصل ست عشرة ولاية تدرّس اللغة العربيّة في مدارسها. ويرى أولريش ميهلم، أستاذ علوم التربية بجامعة غوته بفرانكفورت، “بأنّه حين تكون للتّلاميذ ظروف ملائمة للاستفادة من لغاتهم الأمّ فإنّهم يكونون أكثر استعداداً للتّفاعل مع التّعدديّة اللغويّة، لأنّهم تعوّدوا على التّمييز بين العاميّة والفصحى”[3]. من هنا يمكننا معرفة مدى تأثّر الغرب باللغة العربيّة ومدى اهتمامهم بها. فتعلّم العربية بشكل منهجي في المدارس الرّسميّة، كلغة أمّ للمهاجرين واللاجئين من أصول عربيّة، وسيلة ناجحة لمحاربة التّطرّف والتّعصّب والانغلاق ولتحسين اندماج القادمين الجدد في المجتمع الجديد وليس العكس.

بحسب كتاب اللغة العربيّة لغة العالم للكاتب باتريك بيرجوت (2018)، يتم تدريس اللغة العربيّة في فرنسا منذ عام 1587 وأنّ أكثر من 127000 شخص يتعلّمونها اليوم في الليسيات الفرنسيّة بالخارج، ولكن أقلّ من 14000 في الكلّيات والمدرّبين في الأراضي الوطنية. أيضًا تمّ تأسيس معهد العالم العربي[4] على الأراضي الفرنسيّة فهو جسر ثقافي بين فرنسا والوطن العربي، تأسّس معهد العالم العربي في عام 1987 من قبل فرنسا ودول جامعة الدّول العربيّة بهدف نشر وتعزيز جميع جوانب الثّقافة العربيّة. ساهم المعهد على مدى الثّلاثين عامًا الماضية في توطيد الرّوابط الثّقافية والسّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة بين فرنسا والوطن العربي. البلاد الفرنسيّة تعتبرها لغة الثّقافة العالميّة، إنها بلا شك “لغة العالم” و”لغة مجتمع”، فالإدارات الرّسميّة لهذه البلاد قد خصّصت دورات في اللغة العربيّة لمتعلّميها وهذا يبرز من خلال السّفراء المبعوثين إلى البلدان العربيّة فهم يتكلّمون اللغة العربيّة بطلاقة. كما أصدرت وزارة التّربية والتّعليم قرارًا بإدخال اللغة العربيّة رسميًّا في المناهج الدّراسيّة مع حلول عام 2017، ممّا يؤكّد لنا أهمّيّة الموقع الذي تلقاه اللغة العربيّة في البلاد الفرنسيّة. ومن المميّز أنّ نداء الجاليات بتعلّم اللغة العربيّة لاقى استجابة من قبل الدّولة الفرنسيّة ممّا يؤكّد حاجة العديد من الدّول لتعليم أبنائها هذه اللغة الغنيّة. كما ذكرت وزيرة التّعليم الفرنسيّة نجاة فالو بلقاسم[5] من الأصول المغربيّة “إنّ تعليم اللغة العربيّة من الآن فصاعدًا سيدمج داخل المنظومة التّربويّة والتّعليميّة الفرنسيّة”.

في الواقع، اللغة العربية هي واحدة من اللغات الحيّة والمتداولة في العالم والّتي تستحق المزيد من التّركيز، لأنّها غنيّة في جميع المجالات الجغرافيّة والتّاريخيّة والفلسفيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة والعلميّة والجيوسياسيّة والاستراتيجيّة وتضفي عليها أهمّيّة بارزة ومميّزة.

 

ثانيًا: أهميّة اللغة العربيّة

تتمحور أهمّيّة اللغة العربيّة في التّواصل بين الشّعوب نفسها، فهي لغة التّفكير بين أبنائها. ومن خلال هذه اللغة يتمّ نشر ثقافة كلّ دولة عربيّة في العالم. وبما أنّ اللغة العربيّة هي صلة الوصل بين الشّعوب، فهي تتميّز عن الدّول الأخرى بهويّتها الثّقافيّة وبأهمّيّتها. ففي 18 كانون الأوّل/ديسمبر حُدّد يوم اللغة العربيّة وقد اتخذت هذه اللغة لها مرتبة مهمّة بين اللغات الرّسميّة السّتّ في الأمم المتّحدة. من خلال هذا التّصنيف انتشرت في كلّ أنحاء العالم وأعطت الأهمّيّة نفسها المعطاة للّغات التّالية: الإنكليزيّة والصّينيّة والإسبانيّة والفرنسيّة ‏والرّوسيّة، كما أصبحت في البلدان العربيّة اللغة الأولى المعتمدة رسميًّا. وقامت الهيئات الرّسميّة بعدّة إجراءات بهدف تنمية استعمال اللغات الرّسميّة حتّى تكون الأمم ‏المتّحدة وأهدافها وأعمالها مفهومة لدى الجمهور على أوسع نطاق ممكن.‏

في مجلّة الموضوع (2018)، حدّد مراد الشّوابكة في مقالة “أهمّيّة اللغة العربيّة ومكانتها”، أنّ للّغة العربيّة أهمّيّة كبيرة على ثلاثة أصعدة: على الصّعيد العالمي، أنها عامل رئيسي في المجتمع وتعدّ السّبب البارز في قيام الدّول وثقافاتها وحضاراتها ومجتمعاتها المختلفة. إنّ للّغة العربيّة ميزة خاصّة بها من حيث البلاغة وتعدد المرادفات والتّشبيهات والأسلوب المعتمد في استخدامها. وقد احتلّت درجات ملحوظة بين اللغات. ففي سنة 1948، اعتمدت منظّمة اليونسكو اللغّة العربيّة كلغة رسميّة بعد اللغتين الإنكليزيّة والفرنسيّة. وعام 1960، تمّ الاعتراف رسميًّا في دور اللغة العربيّة. أمّا في عام 1974، فتمّ اعتماد اللغة العربيّة كواحدة من اللغات العالميّة الّتي تُستخدم في المؤتمرات الدّوليّة. أمّا على صعيد المجتمع العربي، فهي لغة التّواصل بين الشّعوب نفسها ولغة التفكير بين أبنائها. ومن خلال هذه اللغة يتمّ نشر ثقافة كلّ دولة عربيّة في العالم. وهذا الانتشار يعطي اللغة العربيّة موقعًا مهمًّا داخل البلدان العربيّة والعالم. في اللغة العربيّة العديد من المؤلّفات العلميّة المتطوّرة حيث إنّ المؤلّفين يكتبون مؤلّفاتهم بطريقة علميّة واضحة، على سبيل المثال كتاب إسماعيل بن أبي بكر بن المقرّي[6] عنوان الشّرف الوافي في علم الفقه والعروض والتّاريخ والنّحو والقوافي، تضمّن هذا الكتاب الكثير من العلوم المختلفة الّتي برزت عبقريّة اللغة العربيّة، ووضعتِ القارئ في جوٍّ من الأساليب العلميّة وفي الوقت نفسه أبعدته عن تشتت الأفكار وعدم استيعاب المواضيع. أمّا على صعيد المدارس سواء كانت وطنية أو فرنكوفونيّة أو أنغلوفونيّة، فقد خصّصت ساعات كافية للعديد من الطّلّاب الأجانب لتعلّم اللغة العربيّة بطريقة واضحة ومميّزة. تحتوي اللغّة العربيّة على الكثير من المرادفات الّتي يمكن أن نختار ما شئنا لإيصال فكرة معيّنة.

في مجلّة سوبر بروف (2017)، كتب صاموئيل مقالة له تحت عنوان “الأسباب التي تجعل اللغة العربيّة أجمل اللغات على هذا الكوكب”، تحمل اللغة العربيّة حضارتها وتتضمّن لغتها رموزًا متنوّعة وغريبة تذكر بطريقة رائعة في الشّرق. تقاس اللغة العربيّة بثروة فنونها وعلومها ومعرفتها. لذلك فإنّ تعلّم التّحدّث باللغة العربيّة سيكون تشجيعًا على التّحدّث بلغات أجنبيّة أخرى. وأضاف أنّ اللغة العربيّة هي: لغة شعريّة لأنّ العرب قبل الإسلام كانوا عشّاقًا للشّعر. إنّ الشّعر العربي الّذي ملأ البلدان المغربيّة ومصر وشبه الجزيرة العربيّة قد طوّر الأدب الشّفهي. في كلّ عام كان يتمّ تنظيم المعارض حيث كان الشّعراء يتلون قصائدهم وبعد ذلك تطوّرت الكتابة، وكانت الأداة الوحيدة للتّعبير عن المشاعر ونقل الفرد إلى الإبداع وتقييم ثقافته ودينه وفلسفته والعيش المشترك مع الآخرين. يتمّ، في الشّعر العربي، تنويع كلمات المفردات العربيّة في: الحبّ والحياة الجنسيّة والطّبيعة والدّين والأسرة والطّب والصداقة والحنين والموت والأساطير والحروب والحضارات… كلّها موضوعات يعالجها العديد من المؤلّفين العرب، والّتي تجعل تعلّم اللغة العربيّة سهلاً. اللغة العربيّة هي: لغة أدبيّة، ففي القرنين الثّامن والثالث عشر تطوّرت اللغة العربيّة وتناولت الأنواع التّالية: الفلسفة العربيّة الأدبيّة الّتي تشكّل الموضوعات الرّئيسة للأدب الإقطاعيّة العربيّة كحماية الضعيف، ازدراء الجناية وتمجيد التّفاني المقدّس والدّيني. وهناك أيضًا الأدب الشّعبي الّذي يعارض الخرافات والأمثال. وكان علماء النّخبة الفكريّة يجتمعون للانخراط في الخطابة واستخدامها لإظهار سعة الاطلاع لديهم. خلال هذين القرنين، نشر المؤلّفون العديد من الأعمال في الرّياضيّات والفيزياء والطّبّ والتّاريخ والجغرافيا والفلسفة العربيّة واللاهوت بهدف تقدّم الحضارة وإغنائها والّتي استوحاها الأوروبيّون في ما بعد. أيضًا اللغة العربيّة هي فنّ الكتابة لأنّه في بعض الأحيان تعتبر لغة الوطن العربي أكثر جمالاً. في الواقع ينظر إلى فنّ الخطّ الخاص باللغة العربيّة على أنّه فنّ في حدّ ذاته كالرّسم. تعلّم الكتابة هو تمرين فنّي. كتابة الحروف تتطلّب اهتمامًا خاصًا للوصول إلى جمال كتابة اللغة العربيّة. هذا الفنّ استخدم لتزين الوثائق الدّينيّة في كتابة القرآن بطريقة جميلة ومتقنة وفنيّة. ولإتقان كتابة الحروف باللغة العربيّة يجب أخذ دروس بهذه اللغة. الكتابة تكون زخارف رمزيّة فهناك حيوانات مرسومة بأحرف عربيّة أو زخارف بألوان متعددة. والكتابة باللغة العربيّة تبدأ من اليمين إلى اليسار.

نوع من أنواع الكتابة في الخط العربي، “النسخ”.

 

إضافة إلى ذلك، اعتبر الأستاذ صاموئيل أنّ اللغة العربية بجميع أشكالها، اللغة العربية الفصحى الحديثة واللغة العربيّة الأدبيّة واللهجة العربيّة، من بين المناهج التّعليميّة ويمكن اختيارها من المستوى المدرسي.

لسوء الحظ، يندفع العديد من الطّلّاب نحو الإنكليزيّة أو الفرنسيّة أو الإسبانيّة أو الألمانيّة أو الإيطاليّة أو البرتغاليّة أو الرّوسيّة أو اليابانيّة أو الماندرين أو لهجات إقليميّة أخرى مثل الكاتالانيّة أو البريتونيّة. ومع ذلك، وبطرائق عديدة، هذه اللغة موجودة في المجتمع: العديد من العبارات اللاتينيّة اشتقّت من الكلمات العربيّة واستخدمت الأرقام العربيّة. إضافة إلى ذلك، فإنّ تعلّم الحروف الأبجديّة العربيّة والمفردات العربيّة والقواعد العربيّة والكتابة العربيّة يعزز القدرة على الحفظ، وكذلك دروس الموسيقى ودورات اللغة. ويعرض موقع سوبر بروف أيضًا العديد من الأسباب والفوائد لتعلّم التّحدّث باللغة العربية في المجتمع. وقد استثمرت الثّقافة العربيّة العديد من المجالات الّتي استلهم منها الغرب الأدب والشّعر، الخطّ والإضاءة، الرياضيّات، علم الفلك، الطّبّ والفلسفة.

وهكذا، تمّ توضيح الحضارة العربيّة في مجال الرسائل والفنون والعلوم، وهو إرث قيّم يمكن تعلّمه باللغة العربيّة حيث كان تأثير اللغة العربيّة في نفوس محبّيها غير عادي. علاوة على ذلك، إذا كان الاهتمام بالدّين والإسلام، فمن المحتمل أن يكون تعلم القرآن ودراسة الإسلام مفيدًا. إذًا اللغة العربية موجودة في كل مكان في البلدان العربيّة والعالم، وموروثاتها التي تعود إلى قرون لا حصر لها. فهي تتحلّى بموقع هامّ وأهمّيّة تحثّ أبناءها على الدّفاع عنها أمام العولمة اللغويّة الّتي تجتاح الكون. وقد حافظت هذه اللغة على أسلوبها وقواعدها اللغويّة لغاية اليوم ولأنّها لغة القرآن. وكتب بها العديد من المؤلّفات المعجميّة والكتب الأدبيّة باللغة العربيّة الفصيحة. هي لغة غنيّة بالمفردات والمشتقّات وهي الوحيدة بين اللغات الّتي تحتوي حرف الضّاد حيث لا وجود لهذا الصّوت في أي لغة أخرى. وقد ميّزت البلدان العربيّة والعرب خصوصًا بفصاحتهم في النّثر والشّعر.

 

خاتمة

اللغة العربيّة هي من أهمّ اللغات عالميًّا، فهي لغة منتشرة في البلدان العربيّة كافّة لأنّها لغة حضارات عربيّة عديدة. ومهما مرّت السّنوات ودارت الأيّام لا يمكن للّغة العربيّة أن تفقد تاريخها اللغوي. إنّ اللغة العربيّة هي إحدى اللغات الأساسيّة المعتمدة في الكثير من الدّول الأجنبيّة حيث تقام المؤتمرات، ومنظّمة اليونسكو اعتمدت أيضًا هذه اللغة السّامية واعتبرتها اللغة الرّابعة الرّسميّة عالميًّا. وبما أنّ اللغة العربيّة لغة منفتحة على دول العالم، لا بدّ من المحافظة على موقعها والافتخار بمكانتها الكبيرة بين جميع اللغات. ويقدّر متحدّثوها بنحو 315 مليون شخص[7] على سطح الأرض. اهتمّ العرب باللغة العربيّة من خلال الشّعر والنّثر، ولقد تباهوا بها وبقواعدها وأتقنوا استخدامها لأنّهم اعتبروها جزءًا لا يتجزّأ من كيانهم وحياتهم ونقلوها من الصّحراء إلى الجمال. ورغم صعوبتها النّحويّة الممتدّة حول العالم، فلا تزال لغة مرغوبة من العديدين الّذين يتشوّقون إلى تعلّمها. وفي المقابل، هي أيضًا لغة مرنة لأنّه من خلال كلمة واحدة يمكن استخراج واشتقاق العديد من الكلمات. تتحلّى اللغة العربيّة بالعديد من المميّزات الّتي تميّزها عن باقي اللغات، فهي تتضمّن الكثير من الحركات الإعرابيّة الّتي تضفي قوّة على المعنى، وتحتوي أيضًا على العديد من المفردات الّتي من المستحيل ترجمتها إلى لغات أخرى. لقد شارك الرّواد العرب في استنهاض اللغة العربيّة وشدّدوا على إكمال هذه النّهضة وتحييد اللغة عن الصّراعات والنّزاعات. لذلك من الضّروري إعادة تأهيل الوسائل التّربويّة لتحديث اللغة ولإعادة الثّراء اللغوي. رغم التّحديات الحاصلة يجب مواجهة اللغات الأجنبيّة واللهجات العاميّة بنقل اللغة العربيّة إلى الجادّات الواسعة والعمل على تبسيط قواعدها.

في النّهاية، إنّ موقع اللغة العربيّة وأهمّيتها في البلدان العربيّة والعالم يحتلّان مكانة رئيسيّة بين اللغات، ويكمن في دور الإدارات الرّسميّة الّتي هي الرّكن الأساسي في المحافظة على اللغة العربيّة واستخدامها ونشرها، وتحديث الوسائل يهدف إلى تحسين مسيرة تطوّرها ومواكبة المتغيّرات الحاصلة. ويجب إيجاد إقليم عربي للتّواصل الاجتماعي على سبيل المثال رفض الصّين لاستخدام الإنترنت باللغة الإنكليزيّة. أخيرًا شدّد الأب مالك أبو طانوس في ندوة شارك فيها قائلًا: “كلّما حصّل المرء لغة جديدة كلّما ارتقى في سلّم الوجود، فيصقل شخصيّته وينمّي ذوقه ويكسر الحواجز بينه وبين المدنيّات والحضارات الأخرى” (اللغة العربيّة… إلى أين؟ ص18).

 

قد يهمكم أيضاً  علم الكلام الإسلامي في دراسات المستشرقين الألمان

ايضا عن اللغة العربية اضغطوا على  الدعوة إلى العامية في الوطن العربي: ثبات الأهداف وتحول الأساليب

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #اللغة_العربية #الهوية_العربية #البلدان_العربية #موقع_اللغة_العربية #أهمية_اللغة العربية #دراسات