مقدمة:

أصبح الاقتصاد العالمي موحداً وأضحى الإدماج فيه ضرورة، لذا عمدت أغلبية البلدان النامية إلى اتخاذ إجراءات تهدف إلى تعزيز قدراتها الاقتصادية التي تسهم في خلق بيئة محفزة للاستثمار المحلي والأجنبي من أجل تحقيق الاندماج التدريجي مع الاقتصاد العالمي.

وضمن هذا الإطار عمدت الحكومة الجزائرية على إعادة هيكلة اقتصادها تمشياً مع التحولات التي طرأت على الساحة الدولية. وبوصفها دولة نفطية عمدت من خلال الإصلاحات الاقتصادية إلى وضع برامج تنموية تهدف إلى انعاش الاقتصاد الوطني وإعادة وتيرة التنمية والنمو الاقتصادي من خلال تفعيل القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية خارج قطاع المحروقات، كالصناعة والزراعة والخدمات والسياحة… إلخ، من أجل تنويع مصادر الدخل ورفع تنافسية الاقتصاد الوطني على المستوى العالمي.

فمن خلال سياسة الإنعاش الاقتصادي تحظى هذه القطاعات بالأولوية؛ لهذا حرصت الدولة على توفير بيئة ملائمة مستقبـلاً لتحفيز المقبلين على هذه الاستثمارات من طريق الفرص الاستثمارية في القطاعات المستحدثة التي تعتبر مجالاً خصباً للاستثمار المحلي والأجنبي.

تكمن إشكالية البحث هنا في معرفة مدى قدرة السياسات الاقتصادية في الجزائر على تعزيز المناخ الاستثماري الملائم الذي يهيئ البيئة المناسبة للاستثمارين المحلي والأجنبي وينطلق البحث من الفرضيات التالية:

– تتوافر في الجزائر عدة مقومات إن تم استغلالها جيداً تجعل النشاط الاقتصادي في الجزائر فرصة حقيقية للمستثمرين.

– إن اتباع الجزائر سياسات الإصلاح الاقتصادي والتزامها ببرامج التحرير الاقتصادي أدى إلى زيادة معدلات الاستثمار الخاص في السنوات الأخيرة، ولكن يبقى عليها عمل أكثر من أجل خلق بيئة مناسبة لبلوغ مستويات راقية من المشروعات الاستثمارية وتنميتها.

– إن الإجراءات المتخذة من أجل تعزيز الفرص الاستثمارية إن تم استغلالها خلال السنوات القادمة ستحسن من صورة الجزائر إلى حدٍّ كبير في مجال الاستثمارات وتمكنها من تعزيز مناخها الاستثماري.

يهدف هذا البحث إلى: إعطاء صورة لمناخ الاستثمار في الجزائر؛ وإبراز جهود الدولة من خلال السياسات والبرامج المتبعة لتجسيد مختلف المشاريع الاستثمارية، وإعطاء فكرة عن الفرص الاستثمارية الحقيقية التي تساهم في الشراكة مع المستثمر الأجنبي، والتي تتمثل بهيكلة متنوعة من الصناعات خارج قطاع المحروقات.

يعتمد البحث، على المنهج التحليلي وقد قُسِّم إلى ثلاثة مباحث، خصص الأول لتحليل طبيعة مناخ الاستثمار في الجزائر، في حين يعالج الثاني انعكاس الاقتصاد الجزائري على تعزيز المشاريع الاستثمارية، أما الأخير فيتناول سياسات تنموية لتعزيز فرص الاستثمار المتاحة في الاقتصاد الجزائري.

أولاً: تحليل طبيعة مناخ الاستثمار في الجزائر

قطعت الجزائر أشواطاً مهمة في تهيئة مناخها الاستثماري على النحو الذي يجعل منه مناخاً محفزاً لاستقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، نظراً إلى ما تمتلكه الجزائر من ثروات طبيعية مهمة وبنى أساسية جيدة المستوى، فضلاً عما لديها مقومات أخرى لا تقل أهمية: كالحجم المعتبر للسوق، والوضعية الاقتصادية المربحة، والعدد الكبير من اليد العاملة التي من شأنها أن تؤدي دوراً مهماً في تنشيط مناخ استثماري مناسب.

1 – المؤشرات الطبيعية والبنية التحتية المناسبة

تتمتع الجزائر بكثير من المقومات الخاصة والعناصر التنافسية التي تمكنها من توفير المناخ الاستثماري الملائم والجاذب لرؤوس الأموال الأجنبية.

أ – المقومات الجغرافية والطبيعية

عملت الجزائر في الفترة الأخيرة على تهيئة مناخ الاستثمار؛ فإضافة إلى ما تمتلكه من موقع استراتيجي متميز يعتبر همزة وصل بين أوروبا وأفريقيا عبر شريط ساحلي يقدّر بـ 1200 كلم، يسمح لها أن تكون مركز عبور للتجارة الخارجية، تزخر أيضاً بتنوع مناخي على مساحة شاسعة قدرها 2.381.741 كلم2، وهو ما يجعلها تمتلك كمّاً هائلاً من الموارد الطبيعية والثروات الباطنية المتنوعة المساهمة في تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني، يأتي في مقدمها الاحتياطيات النفطية والغازية؛ حيث تحتل الجزائر المرتبة الخامسة عشرة من حيث الاحتياطيات النفطية، والمرتبة السابعة من حيث موارد الغاز المؤكدة في العالم[1]، وثروات منجمية كالزنك والفوسفات والحديد والرصاص والذهب… إلخ، إضافة إلى ثروات غابية وزراعية مغرية للاستثمار نتيجة تنوع الإنتاج الغابي (الخشب والفلين والحطب)، التنوع في المحاصيل الزراعية (الحبوب والبقوليات والخضروات) حيث قدرت القيمة المضافة في القطاع الزراعي بـ 13.05 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي سنة 2015‏[2].

ب – توافر البنية التحتية المناسبة

حرصت الجزائر من خلال برامج الإنعاش الاقتصادي على تعزيز وتطوير البنية التحتية باعتبارها المحفز الأساسي لمناخ الاستثمار، حيث حققت ما يلي:

(1) بنية المواصلات: كون الجزائر تمتلك بنية تحتية تساعد على جلب الاستثمار، حرصت الدولة من خلال برامجها التنموية على وضع استراتيجية للقطاع تهدف إلى تنويع وسائل النقل لتكون أكثر كفاءة وفاعلية للمساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد، حيث أُنجز عدد كبير من المشاريع وأخرى في طور الإنجاز؛ منها شبكة من الطرق قدرت بـ 112039 كم، أهمها الطريق السيار شرق – غرب الذي يربط شرق البلاد بغربها، إضافة إلى 4500 كم من سكك الحديد، منها 200 محطة قطار مخصصة للعمليات التجارية. أما في ما يتعلق بالبنية التحتية للنقل الجوي والبحري فيوجد بالجزائر نحو 47 ميناءً بحرياً من بينها 11 ميناءً تجارياً وميناءان للبترول، إلى جانب 36 مطاراً، منها 13 مطاراً دولياً تتوزع على مختلف مناطق القطر الوطني[3].

(2) بنية الاتصالات: سعت الجزائر إلى تشجيع الرقمنة في الصناعة الوطنية، من تحرير قطاع الاتصالات والسماح لمتعاملين خواص وأجانب بالاستثمار في هذا القطاع من خلال قانون 03/2000 الصادر في 5 آب/أغسطس 2000 بعد أن كان محتكراً من طرف الدولة وفق القانون 89/75. ومن أجل تقليص الهوية الرقمية بين الجزائر والدول المتقدمة وتشجيع الرقمنة في الصناعة الوطنية [4] تم إصدار قانون 20/01 الصادر في 12 كانون الأول/ديسمبر 2001، حيث تم من خلاله مشروع الجزائر الإلكترونية سنة 2013 لتسهيل اتصال المواطن بمختلف الإدارات والخدمات (التعليم عن بعد، الكشف الطبي عن بعد، التجارة الإلكترونية… إلخ)، وكذا تسهيل اتصال الإدارات والمؤسسات والمصارف فيما بينها ومع فروعها[5].

أدّت هذه الأمور إلى استمرار سوق الاتصالات في الجزائر بالنمو القوي حيث ارتفع نمو رقم الأعمال لديها من 499 مليار د.ج. (دينار جزائري) سنة 2014 مقارنة بـ459 مليار د.ج. سنة 2013 أي زيادة بنسبة 8.65 بالمئة، وبنسبة 2.91 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقد قدرت الزيادة في حجم مستعملي الهاتف النقال والثابت بنحو 85 بالمئة من إيرادات القطاع[6].

ومن خلال الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار قدر عدد المشاريع المسجلة في الحقبة 2002 – 2015 في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بـ 171 مشروعاً بتكلفة 455064 مليون د.ج.، وفتح مناصب شغل بلغت 9748 منصباً.

2 – مؤشر التنمية البشرية

عرفت التنمية البشرية في الجزائر المنشورة مؤشراتها من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحسناً ملحوظاً في مؤشراتها الاجتماعية وأهدافها الإنمائية؛ ففي سنة 2015 احتلت الجزائر على هذا الصعيد المرتبة 83 من أصل 188 دولة، وفي سنة 2012 احتلت المرتبة 93 من أصل 181 دولة، حيث بلغت قيمة المؤشر من 0.710 إلى 0.736 مقارنة بعام 2015، وبلغ متوسط نمو مؤشر التنمية البشرية في الجزائر 1.04 بالمئة في الحقبة 1990 – 2014.

وقد خصص لبرنامج التنمية البشرية نحو 154 مليار دولار خلال الحقبة 2010 – 2014 إذ أُنشئ ما يقرب من 5000 مؤسسة تعليمية، و1500 منشأة من البنى التحتية والصرف الصحي الملائم المقدر بـ 95 بالمئة، وتحسين فرص الحصول على المياه الصالحة للشرب التي قدرت بـ 84 بالمئة سنة 2012‏[7]. وقُدر الإنفاق على الخدمات الصحية بمساهمة 84.1 بالمئة من الإنفاق العام و15 بالمئة من الإنفاق الشخصي[8]. كما قدرت نسبة السكان الذين يعيشون في فقر بـ 0.5 بالمئة عام 2009 مقابل 1.9 بالمئة عام 1988‏[9].

3 – قوة الاقتصاد الوطني واحتمالات تقدمه

بذلت الجزائر جهوداً كبيرة في السنوات الأخيرة من أجل تحسين حجم السوق والنمو الاقتصادي باعتبارهما من أهم العناصر الأساسية الممثلة للمقومات الاقتصادية، التي تشجع على القيام بالاستثمارات الأجنبية محلياً.

أ – حجم السوق

قارب عدد سكان الجزائر 40.4 مليون نسمة في أول كانون الثاني/يناير 2016‏[10]. ووفقاً لمنظمة العمل الدولية بلغ معدل مشاركة القوة العاملة سنة 2016 نحو 12.1 مليون نسمة، وأظهرت مؤشرات العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي وعدد السكان أن متوسط نصيب الفرد من الاستهلاك الإجمالي عام 2014 بلغ 8.73 دولار في اليوم، أما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فقد تحسن من 1801 دولار عام 2000 إلى 5687 دولار عام 2014 بمعدل نمو قدره 4.3 بالمئة للحقبة 2013 – 2014، وهذا راجع إلى الارتفاع التدريجي لأسعار البترول والإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الجزائر لتنويع مداخيلها. ووفقاً لمكتب الإحصاءات الوطنية، أظهرت تركيبة اليد العاملة حسب القطاع الاقتصادي تَواصل هيمنة قطاع الخدمات بنسبة 61.7 بالمئة، تليه قطاع البناء والأشغال العمومية بنسبة 16.6 بالمئة والصناعة بنسبة 13 بالمئة وقطاع الفلاحة بنسبة 8.7 بالمئة، كما أظهرت هيمنة القطاع الخاص حسب القطاع القانوني على اليد العاملة بنسبة 58.1 بالمئة، مقابل 41.9 بالمئة للقطاع العام[11]، الذي مكن التحسن المتواصل لمستوى النشاط الاقتصادي عند البالغين بنسبة 42 بالمئة، مقابل 39.8 بالمئة سنة 2015 منها 66.3 بالمئة للرجال و17.3 بالمئة للإناث ومساهمة في خفض معدل البطالة من 28.89 بالمئة سنة 2000 إلى مستوى 9.9 بالمئة سنة 2016.

ب – أداء الناتج المحلي الإجمالي

حقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً مستمراً منذ بداية الألفية الجديدة ليبلغ 5.3 بالمئة للمرحلة 2000 – 2011 ويرجع هذا إلى الارتفاع الكبير لأسعار البترول في السوق العالمية، وكذلك إلى برامج الاستثمار العمومي من 2001 إلى 2014، التي شملت في الوقت الراهن مشاريع مهمة للهياكل القاعدية، فسمحت على الخصوص بتحسين مناخ استثمارات المؤسسات[12]. وقد سجل معدّل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2.8 بالمئة سنة 2014 ليصل إلى 3.9 بالمئة سنة 2016، وهذا ما يوضحه الجدول الرقم (1):

انعكس نمو الناتج المحلي الإجمالي على الاقتصاد الجزائري من خلال إطلاق الدولة مجموعة من البرامج التي تدعم النمو الاقتصادي، مثل: برنامج الدعم الفلاحي؛ برامج دعم الصناعات التقليدية؛ برامج إعادة هيكلة بعض الشركات الكبرى؛ مسح ديون بعض الشركات والمؤسسات المالية؛ مشاريع بنى تحتية ضخمة كالطريق السيار شرق – غرب، برنامج مليون سكن، برامج تشغيل الشباب، الأمر الذي أعطى دعماً لحركة النشاط الاقتصادي كما يلي:

الجدول الرقم (1)

الناتج المحلي الإجمالي بأسعار (2012 – 2016)

البيان2000 – 201120122013201420152016
الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الجارية (مليون دولار)198.8204.3206.1219.4227.6248.5
نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (بالمئة)5.34.62.22.83.33.9

المصدر: FMI, Statistical Appendix, <https://www.imf.org/external/pubs/ft/reo/2015/mcd/eng/pdf/mreost0115.pdf>.

(1) التقسيم القطاعي لنمو إجمالي الناتج الداخلي الحقيقي: لقد أعطى دعم لحركة النشاط الاقتصادي في نمو الناتج المحلي خارج المحروقات بنسبة 5.5 بالمئة سنة 2015، و3.7 بالمئة سنة 2016‏، وقد ساهمت قطاعات النشاط في خلق هذه النواتج بنسب متفاوتة، وهذا ما يبينه الجدول الرقم (2):

لقد سجلت الحكومة الجزائرية معدل نمو مشجعاً خارج قطاع المحروقات قُدر في قطاع الخدمات التجارية والفلاحة والتصنيع بنسبة 8.5 بالمئة و8.2 بالمئة 6.8 بالمئة على التوالي سنة 2013، بينما في سنتي 2014 و2015 حقق قطاع الخدمات التجارية وقطاع التصنيع نمواً قُدر بـ 8 بالمئة و6.8 بالمئة على التوالي سنة 2014، و5 بالمئة و5.3 بالمئة على التوالي سنة 2015. وقد أسهم هذا النمو في تكوين الناتج المحلي الداخلي بنسبة 3.8 بالمئة في إطار سياسة تنويع مداخيل الجزائر خارج قطاع المحروقات.

الجدول الرقم (2) 

التقسيم القطاعي لنمو إجمالي الناتج الداخلي الحقيقي (2013 – 2015)  (بالنسبة المئوية)

السنة201320142015
المحروقات−5.5−0.60.4
الفلاحة8.22.56.4
الصناعة4.13.94.3
التصنيع (الصناعة الغذائية، مواد البناء، المنسوجات… إلخ)6.86.85
الخدمات التجارية (الاتصالات، المواصلات… إلخ)8.585.3
الخدمات غير التجارية
(الإدارات الحكومية، الخدمات المالية، قطاع العقارات)
3.14.43.7
إجمالي الناتج الداخلي7.15.63.8

المصدر: «Les comptes nationaux trimestriels 2ème trimestre 2016-N°756, p. 1, <http://www.ons.dz/IMG/pdf/Cptna2t16.pdf>, et Les Comptes Nationaux Trimestriels 3ème TRIMESTRE 2015-N°731, p. 2, <http://www.ons.dz/IMG/pdf/cptnat3t15_1_.pdf>

(2) التقسيم القانوني لنمو الناتج الداخلي الخام: تظهر التقارير والأبحاث حول نمو تطور القطاع الخاص في الجزائر منذ أن شرعت الجزائر في الإصلاحات الاقتصادية وصدور العديد من القوانين التي تتيح حرية الاستثمار ومنح الحوافز من دون تمييز بين القطاع العام والقطاع الخاص الوطني والأجنبي، حيث أصبح له دور إيجابي ومتزايد في الاقتصاد الوطني في الفروع والأنشطة كافة. يتبين من خلال الجدول أن قياس مساهمة القطاع العام في تكوين المنتوج الداخلي الخام في انخفاض مستمر من سنة لأخرى إذ انخفض من 20.44 بالمئة سنة 2006 إلى 13.9 بالمئة سنة 2014. أما في ما يخص مساهمة القطاع الخاص فقد ارتفعت نسبته في تكوين الناتج المحلي الخام من سنة إلى أخرى، حيث قدر بـ 79.65 بالمئة سنة 2006 و83.59 بالمئة سنة 2009 بفارق 4.03 بالمئة ليصل إلى 86.1 بالمئة سنة 2014‏[13]. كما هو الحال بالنسبة إلى مساهمة القطاع العام في القيمة المضافة حسب النشاط الاقتصادي فقد سجل أيضاً انخفاضاً بنسبة 13.8 بالمئة سنة 2006، وبنسبة 11.85 بالمئة سنة 2009 بفارق قدر بـ 4.03 بالمئة ليصل إلى 6.08 بالمئة سنة 2014، بينما القطاع الخاص تزايدت مساهمته في تكوين القيمة المضافة من 86.2 بالمئة سنة 2006 إلى88.15 بالمئة سنة 2009 بمعدل نمو 4.03 بالمئة ليقفز إلى 104.58 بالمئة سنة 2014، وهذا كله راجع إلى التحولات الاقتصادية التي عرفتها الجزائر من خلال تخليها عن التسيير المخطط للاقتصاد من طريق خوصصة المؤسسات العمومية، وإعادة هيكلة وتأهيل المؤسسات المتبقية، وتشجيع الاستثمار الخاص والمشترك.

(3) الناتج المحلي الإجمالي حسب القطاعات الاقتصادية: في ما يخص التطورات في الهيكل القطاعي للناتج المحلي الإجمالي، نلاحظ أن إسهام القطاع الإنتاجي السلعي تتفاوت أهميته النسبية كثيراً عن باقي القطاعات الأخرى حيث بلغ 87.626 مليون دولار سنة 2007 ليصل إلى 117.582 مليون دولار سنة 2012 نتيجة ارتفاع مساهمة القطاع الصناعي بشقيه الاستراتيجي والتحويلي بسبب زيادة متوسط أسعار النفط وزيادة الطلب العالمي عليه، كما عرفت قطاعات الزراعة والصيد والتشييد تحسناً في الأداء نتيجة السياسات التي طبقتها الحكومة في مجال التصدير واستصلاح الأراضي والحوافز التشجيعية للقطاع الخاص. هذا من جهة، ومن جهة أخرى حاز إجمالي قطاعات الخدمات الإنتاجية نمواً متزايداً من 25.291 مليون دولار سنة 2007 إلى 48.791 مليون دولار سنة 2014، يليه إجمالي قطاعات الخدمات الاجتماعية حيث عرفت هي الأخرى مستوى متزايداً تتصدرها الخدمات الحكومية، من 13.575 مليون دولار سنة 2007 إلى 45.947 مليون دولار سنة 2014.

ج – التجارة وقوة اتجاهها

عمدت الحكومة الجزائرية إلى تحرير التجارة الخارجية من خلال الإصلاحات الاقتصادية، حيث قامت بعدد من الإجراءات في السنوات الأخيرة للتقليل من حجم الواردات وتنويع صادراتها، مشجعة بها الخواص والمؤسسات العمومية على التصدير خارج قطاع المحروقات، بإنشاء وكالات وهيئات اصة كالوكالة الوطنية لترقية الصادرات وغيرها[14]، والحد من

الجدول الرقم (3)

تطور المنتوج الداخلي الخام والقيمة المضافة خارج المحروقات
حسب الطابع القانوني والنشاط الاقتصادي (2006 – 2014)

(مليار دينار جزائري)

البيان2006200920122014
القيمةنسبة مئويةالقيمةنسبة مئويةالقيمةنسبة مئويةالقيمةنسبة مئوية
نسبة القطاع العام في المنتوج الداخلي الخام704.0520.44816.816.14793.3812.011187.913.9
نسبة القطاع الخاص في المنتوج الداخلي الخام274079.564162.0283.595813.0287.997338.686.1
المجموع3444.1100.004978.82100.004334.99100.008527100.0
مساهمة القطاع العام في القيمة المضافة367.8213.8432.0511.8596.255.83113.766.08
مساهمة القطاع الخاص في القيمة المضافة2632.486.203954.588.151555.2994.171956.3104.58
المجموع1009.2100.004383.57100.003789.56100.004383.5100.00

المصدر: Ministère de l’Industrie, et des mine, Bulletin d’information Statistique de la PME 2010 no. 18 pp. 35‑36, <http://www.mdipi.gov.dz/IMG/pdf/Bulletin_d_information_statistique_No18.pdf>.

Bulletin d’information Statistique de la PME 2016 no. 28, pp. 37‑38, <http://www.mdipi.gov.dz/IMG/pdf/Bulletin_PME_no28.pdf>.

الواردات عن طريق عدم منح رخص الاستيراد، وبخاصة السلع المنتجة محلياً، وكذا تشجيع قدوم الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستقرارها في الجزائر كونها الوسيلة الأهم للرقي بالصادرات الوطنية، والدخول في تحالفات واتفاقيات دولية لفتح الطريق أمام المنتجات الوطنية للدخول إلى الأسواق الدولية[15].

 

الجدول الرقم (4)

الناتج المحلي الإجمالي حسب القطاعات الاقتصادية بأسعار السوق الجارية في المدة (2007 – 2014)

(مليون دولار)

البيان200720082010201220132014
الانتاج السلعي (زراعة، الصناعة الاستخراجية، التشييد،…)87.626109.25380.143117.582113.143111.810
الإنتاجية (الإسكان، المرافق، الخدمات الحكومية،…)25.29131.59632.04539.32945.01048.791
الاجتماعـية (التجارة والفنادق، المواصلات، الاتصالات..)13.57520.21139.82537.78235.00842.250

المصدر: تقرير الصندوق العربي الموحد لعام 2009، ص 267 – 268؛ تقرير الصندوق العربي الموحد لعام 2010، ص 287 – 288، وتقرير الصندوق العربي الموحد لعام 2015، ص 387 – 388.

من خلال الجدول الرقم (5) نلاحظ أنه رغم تباطؤ التجارة العالمية بسبب نشوب تداعيات الأزمة المالية العالمية سنة 2007 إلا أن الميزان التجاري واصل ارتفاعه ليحقق زيادة تفوق 200 بالمئة سنة 2008، أما في السنوات الأخيرة فتخلله انخفاض بسبب انكماش في الصادرات نتيجة انخفاض أسعار البترول حيث أدى إلى انخفاض في الفائض التجاري من 21.5 مليار دولار سنة 2012 إلى عجز بـ 13.7مليار دولار سنة 2015. يفسر هذا المؤشر الانخفاض المتزامن للواردات والصادرات المسجلة خلال الفترة نفسها. كما عرفت الواردات تراجعاً سنة 2015 إلى 12.08 بالمئة مقارنة بسنة 2014، حيث نجد أن تركيبة الواردات من المواد الغذائية قد انخفضت لتصل إلى نسبة 9.74 بالمئة من سلع المعدات وبنسبة 37.15 بالمئة من السلع الغذائية وبنسبة 88.9 بالمئة للسلع الموجهة للإنتاج والسلع الاستهلاكية غير الغذائية إلى 81.16 بالمئة.

على عكس ذلك كانت الصادرات، التي عرفت بعض التذبذبات خلال السنوات نتيجة تناقص عائدات النفط التي تمثل نسبتها 94.54 بالمئة من الصادرات إلى الخارج لتصل سنة 2015 إلى انخفاض قدر بـ 40.76 بالمئة مقارنة بسنة 2014.

وفي ما يخص الصادرات خارج المحروقات، فهي لا تزال هامشية بنسبة 5.46 بالمئة من القيمة الإجمالية للصادرات، أي ما يعادل 2.06 مليار دولار مسجـلاً انخفاضاً سنة 2015 بنسبة 20.1 بالمئة مقارنة مع سنة 2014.

الجدول الرقم (5)

تطور الميزان التجاري في الحقبة (2007 – 2015)

(الوحدة 610 دولارات)

البيان20072008200920102012201320142015
الواردات2763139479392944047350376550285858051501
الصادرات6016379298451945705371866649746288637787
الميزان التجاري32532398195900165802149099464306−13714
معدل التغطية
بالنسبة المئوية
21820111514014311810773

المصدر: المديرية العامة للجمارك الجزائرية، المركز الوطني للإحصائيات والإعلام الآلي للجمارك (CNIS).

أما في ما يخص أهم المنتجات خارج المحروقات المصدرة فهي تتألف أساساً من المنتجات شبه المصنعة من الصناعات النفطية والصلب، التي تمثل نسبة 4.48 بالمئة من القيمة الإجمالية للصادرات وذلك بقيمة 1.69 مليار دولار، ثم مجموعة المنتجات الغذائية بنسبة 0.62 بالمئة أي بقيمة تقدر بـ 234 مليون دولار، تتبع بمجموعة المنتجات الخام بنسبة 0.28 بالمئة، أي بقيمة 106 مليون دولار، وأخيراً المعدات الصناعية والسلع الاستهلاكية غير الغذائية بنسبة 0.05 بالمئة و0.03 بالمئة على التوالي[16].

4 – مؤشرات الاستقرار الاقتصادي

بعد عودة الاستقرار الاقتصاد 0.03 الكلي في سنة 2000، كانت الأداءات الاقتصادية والمالية للجزائر بين 2001 و 2016 مدعمة، كما شهدت على ذلك الأداءات القوية للنمو الاقتصادي خارج قطاع المحروقات، الذي تجريه برامج الانعاش الاقتصادي ودعم النمو، أما النتائج المحققة من الناحية الاقتصادية فيمكن توضيحها في الجدول الرقم (6).

يتبين من خلال الجدول الرقم (6) أن الأداءات الاقتصادية والمالية للجزائر المسجلة خلال الفترة 2007 – 2013، شهدت تحسن الوضع المالي الخارجي وتراكم موارد الادخار الميزاني، وهو ما سمح للاقتصاد الوطني أن يصمد أمام الصدمة الخارجية الكبيرة التي حدثت سنة 2009 والتي نجمت عن تفاقم الأزمة المالية الدولية والأزمة الاقتصادية العالمية. إلا أنه في منتصف سنة 2014، ورغم مواصلة الجزائر حفاظها على استقرارها المالي والنقدي فهي شهدت تحديات كبيرة نتيجة تأثر الاقتصاد الجزائري بالانخفاض الهائل في أسعار البترول (50 بالمئة)، وانتقال متوسط البرميل من 109.92 دولار للبرميل سنة 2014 إلى 58.23 دولار سنة 2015، بانخفاض قدره 47.02 بالمئة[17]. ولمواجهة هذه التطورات بدأت السلطات بضبط أوضاع المالية العامة وتنفيذ مجموعة من الإصلاحات، حيث لا يزال أثر صدمة أسعار النفط محدوداً لكنه النمو حتى سنة 2016، لكنه انعكس على المالية العامة التي تعتمد على مداخيل الضريبة البترولية، الأمر الذي أدى إلى تضاعف عجز الميزانية لتصل إلى 16 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2016 بسبب الارتفاع القوي في نفقات الميزانية الكلية والانخفاض الكبير في الإيرادات البترولية. كما حدث اتساع حاد في عجز الحساب الجاري بنسبة تقارب النصف (16.2 بالمئة) سنة 2015 نتيجة انخفاض صادرات المحروقات من جهة وتحويل معتبر للأرباح من جهة أخرى. كما يبقى الوضع المالي الخارجي للجزائر (الاحتياطيات الرسمية مطروحاً منها الدين الخارجي) كنسبة من إجمالي الناتج الداخلي صلباً، وهو ما يوفر مجالاً من حيث اللجوء إلى الادخار لدعم الاستثمار وتخفيف أثر أسعار البترول في ميزان المدفوعات الذي عرف هو الآخر عجزاً بنسبة 2.8 بالمئة سنة 2014 ليرتفع إلى 16.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2016 بعد 15 سنة متتالية من الفوائض، كما لا يزال مستوى الدين الخارجي منخفضاً وبقي معدل التضخم بنسبة 4.3 بالمئة سنة 2016 متحكماً فيه نسبياً من طرف السلطة النقدية رغم ما شهدته الساحة الاقتصادية من تزايد للكتلة النقدية نتيجة تنامي حجم الإنفاق على برامج الانعاش الاقتصادي المنتهجة.

ثانياً: انعكاس الاقتصاد الجزائري على تعزيز المشاريع الاستثمارية

أثارت برامج الاستثمارات العمومية والإصلاحات الاقتصادية، المعتمدة في الجزائر خلال الحقبة 2001 – 2014 دوراً حاسماً في تحقيق نتائج إيجابية في تعزيز المشاريع الاستثمارية، إذ يمكن القول بأنها أصبحت المنشط الأول للقطاعات الاقتصادية والمضي بها قدماً في مسار التنمية الشاملة من خلال تأهيل الاقتصاد الجزائري وجعله أكثر تنافسية.

 

الجدول الرقم (6)

أهم المؤشرات الاقتصادية للجزائر (2007 – 2016)

البيان2007200820092010201120122013201420152016
ميزان المدفوعات/PIB
بالنسبة المئوية
22.4919.860.317.588.845.840.3−2.8−16.5−16.1
الحساب الجاري/PIB
بالنسبة المئوية
22.820.10.37.58.95.90.4−4.4−16.2−17.9
المديونية الخارجية/PIB
بالنسبة المئوية
4.243.534.143.522.211.71.661.71.82.8
احتياطي الصرف
(مليار دولار)
110.2143.1148.9162.2182.2190.6194178.9159.9119
توازن الميزانية/PIB
بالنسبة المئوية
6.29.1−5.4−0.4−0.4−2.9−0.7−1.2−16.4−15.6
الدين الحكومي/PIB
بالنسبة المئوية
13.948.8210.8111.669.959.558.328.76915.4
التضخم بالنسبة المئوية3.74.85.83.94.58.93.32.94.84.3

المصدر:  World Bank, le 20/11/2016, <http://ar.tradingeconomics.com/algeria>.

1 – توزيع الاستثمارات المنجزة حسب القطاعات

استهدفت الدولة منذ انتهاجها سياسة الإصلاح الاقتصادي العمل على خلق المناخ الملائم للاستثمار الخاص الوطني والأجنبي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كثافة النسيج الاقتصادي حيث تضاعف عدد المتعاملين الاقتصاديين بنسبة 66.09 بالمئة خلال الحقبة 2006 – 2015 ما يقارب 1830999 تاجراً مسجلين في السجل التجاري كما يلي[18]:

– أشخاص طبيعيون: 91 بالمئة بعدد مؤسسات طبيعية قدرت بـ 90.58 بالمئة.

– أشخاص معنويون: 9 بالمئة بعدد مؤسسات معنوية قدرت بـ 77.05 بالمئة.

وفي ظل تصنيفات الشركات التي تحمل الشكل القانوني سنة 2015 حازت الشركات ذات المسؤولية المحدودة الحصة الكبرى بنسبة 50.8 بالمئة تليها المؤسسة ذات الشخص الواحد وذات المسؤولية المحدودة بنسبة 35.1 بالمئة، وشركة التضامن بنسبة 7.4 بالمئة.

كما ارتفع حجم الاستثمارات المصرح بها لدى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار للحقبة 2002 – 2006 إلى 23.052 مشروع استثماري ليصل سنة 2015 إلى 7838 مشروعاً استثمارياً بتكلفة إجمالية قدرت بـ 1360290 مليون د.ج.. ويرجع هذا التطور إلى تقديم الجزائر مجموعة من الامتيازات والحوافز والضمانات للمستثمرين، بغية تطوير هذه الاستثمارات والاستفادة منها لرفع الكفاءة الإنتاجية، وتأهيل مؤسساتها لتُحسِّن بها القدرة التصديرية للبلاد، ومن أهم هذه الامتيازات[19]:

– انخفاض الامتيازات الضريبية وشبه الضريبية الممنوحة والمرتبطة بالمشاريع الاستثمارية، والإعفاء من الضريبة على أرباح الشركات، والرسم على النشاط المهني، وتطبيق معدلات منخفضة في ما يخص اشتراكات الضمان الاجتماعي.

– خفض نسبة الفائدة للقروض الممنوحة من قبل البنوك للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تترواح بين 0.25 بالمئة و1.5 بالمئة حسب موقع المشروع.

– إنشــاء شــركات مصرفية مشتركة لتسيير الأصول وتحصيل الديون، مع الإشارة إلى أن هذه الآليات ترمي إلى الحد من المنازعات حول الديون، وتفعيل القروض التي تمنح للمستثمرين.

– تدابير لفائدة المؤسسات التي تستحدث مناصب شغل وتحافظ عليها حيث تم تقليص الضريبة على الدخل الإجمالي أو الضريبة على أرباح الشركات، في حدود 50 بالمئة من مبلغ الأجور بعنوان مناصب الشغل المستحدثة التي تم الحفاظ عليها، وفي حدود 5 بالمئة من الربح الخاضع للضريبة من دون أن يتجاوز هذا الخفض واحد مليون دينار.

– خفض على مبلغ الإتاوة الإيجارية للأصول العقارية والممتلكات العقارية المقتناة في إطار إنجاز المشروع الاستثماري.

– الترخيص بالتسوية الجمركية عند استيراد تجهيزات الإنتاج المجددة؛ الأمر الذي أدى إلى انتعاش الاستثمارات في قطاعات اقتصادية مختلفة خارج قطاع المحروقات، نبين توزيعها القطاعي كما يلي:

يلاحظ أن الاستثمار المرتقب حسب قطاع النشاط لا يزال خاضعاً لهيمنة فرع النقل والمواصلات على مستوى تصريحات الاستثمار، إذ تمثل نسبة 50.9 بالمئة من إجمالي المشاريع المنجزة وبقيمة مالية تتساوى تقريباً مع القــيمة المالية لقطاع البناء والأشغال العمومية، كما أن عدد المناصب المستحدثة في هذا القطاع تتساوى تقريباً مع ما نجده في قطاع الخدمات (13 بالمئة).

بينما صنفت الاستثمارات المنجزة في القطاع الصناعي هيمنته على قيمة المشروع واستحداث مناصب الشغل بنسبة 56.2 بالمئة، و37.74 بالمئة على التوالي، ولا سيّما في فروع الصناعة الغذائية والكيمياء والبلاستيك وصناعات الخشب والورق بالإضافة إلى إعادة استئناف صناعات النسيج والجلود. أما القطاعات الأخرى، مثل الزراعة والسياحة والصحة والتجارة، فإنها تسهم في حدود 1 إلى 2 بالمئة من المشاريع المنجزة، ومع ذلك فإن قطاعي الســياحة والخــدمات سجلا تطوراً ملحوظاً من حيث القيمة المالية وذلك بنســبة 8 بالمئة.

أما بالنسبة إلى توزيع الاستثمارات حسب القطاع القانوني، فيلاحظ أن هناك سيطرة للقطاع الخاص على حساب القطاع العام من حيث عدد المشاريع التي تقدر بـ 59047 مشروعاً، أي بنسبة 98 بالمئة بقيمة مالية تصل إلى 6412186 مليون دينار مع استحداث 868986 منصب شغل. في المقابل يسهم القطاع العام بحوالى 1095 مشروعاً فقط، لكن بقيمة مالية مهمة ومعتبرة تصل إلى 3983653 مليون د.ج.، أي ما يعادل نحو نصف ما يشغله القطاع الخاص من المشاريع الكبرى المهيكلة. في الأخير فإن القطاع المختلط يسهم بحوالى 97 مشروعاً وبقيمة مالية أكبر من النصف مقارنة بالقطاع العام أي بـ 1173374 مليون د.ج.

2 – توزيع المشاريع الاستثمارية حسب نوع الاستثمار

تتبع الاستثمارات المنجزة مساراً منطقياً ومعتاداً وهي في موضع ضمن الترتيب التنازلي حيث إنها على رأس الترتيب العام للاستثمارات المنجزة من حيث الإنشاء أي 2/3 نحو كل المعايير في حين أن الاستثمارات المنجزة من حيث التوسيع تحتل 1/3 من الهيكل الإجمالي، وهذا ما يوضحه الجدول الرقم (8):

من خلال الجدول الرقم (8) نلاحظ أنه تم التصريح لدى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار خلال الفترة 2002 – 2015 بأن مشاريع الإنشاء الخاصة بإنجاز مشاريع جديدة احتل الصدارة من حيث العدد بـ 57.69 بالمئة ومن حيث القيمة بـ 51.82 بالمئة ومن حيث التوظيف بـ51 بالمئة، وهذا راجع إلى السياسة المنتهجة من خلال البرامج التنموية الجديدة، ودعم الشباب

الجدول الرقم (7)

توزيع الاستثمارات المنجزة حسب القطاع النشاط والقطاع القانوني في الجزائر (2002 – 2015)

البيانعدد المشاريعالنسبة المئويةالقيمة بالمليون د.ج.النسبة المئويةعدد الوظائفالنسبة المئوية
حسب قطاع النشاط
النقل المواصلات3066950.910274808.8815801615.28
البناء والأشغال العمومية1129018.74132369811.4424591123.78
الصناعة923115.32650353356.2038821937.54
الخدمات622610.349643888.3310708910.36
الزراعة12182.021760191.52523665.06
الصحة8091.341276841.10191051.85
السياحة7891.319829348.49548625.31
الاتصالات50.014289633.7143480.42
التجارة20375140.3241000.40
حسب القطاع القانوني
الخاص590479864121865586898684
العام10951.839836533412005512
المختلط970.2117337410449754
المجموع60239100115722131001034016100

المصدر:  <http://www.andi.dz>.

لإنجاز مشاريع من طريق عدد من الهيئات المكلفة بذلك. كما عرفت مشاريع التوسيع أيضاً رواجاً، وخير دليل على النجاح المحقق أرباح هذه المشاريع التي بلغت نسبتها 40.51 بالمئة من حيث عدد المشاريع و40.88 بالمئة من حيث قيمة المشاريع، ما استدعى توسيع أنشطتها وتعزيزها، في الوقت الذي قدِّر عدد الاستثمارات بصورة جوهرية في مشاريع إعادة التأهيل – التوسيع وإعادة التأهيل نسبة تقل عن 5 بالمئة مقارنة بالمجموع، وهذا في كل المعايير الإجرائية.

باختصار، هذه المعطيات تترجم جيداً مدى تفضيل المستثمرين للاستثمارات الجديدة والتوسعية وذلك على حساب الأنواع الأخرى ذات الاهتمام الكبير من طرف القطاع العام عقب قرارات الحكومة الأخيرة بإعادة تأهيل بعض القطاعات الصناعية للإنتاج الاستراتيجي في حين أن إعادة الهيكلة لا يبدو أنها تعطي نتائج مرجوة.

الجدول الرقم (8)

توزيع المشاريع الاستثمارية حسب نوع الاستثمار (2002 – 2015)

نوع الاستثمارعدد المشاريعالنسبة المئويةالقيمة بالمليون د.ج.النسبة المئويةمناصب الشغلالنسبة المئوية
الإنشاء3475457.69599636751.82599636751
التوسيع2440440.51473121440.8845072143.6
إعادة التأهيل9271.543062472.650123861.2
إعادة التأهيل – التوسع1510.255379054.65121981.2
إعادة الهيكلة304790920.01
المجموع60239100.0011572213100.001034016100.0

المصدر: المصدر نفسه.

ثالثاً: السياسات التنموية لتعزيز فرص الاستثمار المتاحة في الاقتصاد الجزائري

تعد فرص الاستثمار المتوافرة في الجزائر أدوات جذب للاستثمار، ومن أجل استغلالها سهرت الدولة على متابعة تنفيذ برامج الإنعاش الاقتصادي التي تساعد على خلق المناخ الملائم والمناسب لعمليات الاستثمار، ليصبح الاقتصاد الجزائري قادراً على جذب الاستثمار المحلي والأجنبي إليه من خلال تعظيم المجهودات والإصلاحات الكفيلة بتوسيعه بهدف دعم التنمية الاقتصادية وتحريك عجلة النمو، وخصوصاً أن الجزائر تعتبر ضعيفة جداً في مجال الاستثمار الأجنبي رغم الجهود التي تبذلها، وهو ما يدل على ضرورة الاهتمام أكثر في هذا المجال .

1 – تطوير النشاط الزراعي والصيد البحري

تسعى الدولة من خلال البرنامج الخماسي 2015 – 2019 في إطار استراتيجية تطوير وتنويع منظومة الإنتاج الوطني خارج المحروقات، إلى مضاعفة نمو الأنشطة في قطاعي الزراعة وموارد الصيد من أجل إحداث نمو متوقع أن يصل سنة 2019 إلى ما يقارب 5 بالمئة كمعدل نمو سنوي للزارعة، وحوالى 200 ألف طن في الموارد الصيدية، وما يقارب 1.500.000 منصب شغل مستحدث، وهذا من خلال تدعيم الإطار التحفيزي للمستثمرين[20] من خلال: استصلاح أراضٍ جديدة، وعصرنة المستثمرات الفلاحية والبنى التحتية للصيد، وتطهير الوضع المتعلق بالحصول على ملكية العقار الفلاحي، إضافة إلى تعزيز إجراءات المرافقة الموجودة بفضل: تحسين وتطوير دوائر التموين بالمدخلات الزراعية؛ ومواصلة مشاريع الشراكة العامة – الخاصة في إطار المزارع النموذجية؛ وإتمام عملية التأمين العقاري؛ واعتماد إجراءات قانونية للتأمين الاجتماعي تتلاءم مع خصوصيات العالم الفلاحي؛ وتكييف إجراءات دعم التمويل؛ ومواصلة عملية عصرنة التأمينات الفلاحية؛ وترقية القروض المصغرة من طرف صندوق التعاون الفلاحي كوسيلة خاصة لتمويل أنشطة الفلاحين ومربّي الماشية والصيادين؛ ومتابعة تقوية الكفاءات البشرية والدعم التقني عبر عصرنة الإدارة الفلاحية والصيدية.

2 – توسيع القطاع الصناعي وعصرنته

تشكل الصناعة الركيزة الأساسية للاقتصاد الجزائري لامتلاكها موارد طبيعية في مجال التصنيع توفر لها فرصاً استثمارية في هذا المجال. لهذا الغرض تسعى الحكومة لإنعاش الصناعة المحلية حتى تكون قادرة بالدرجة الأولى على تنويع هيكل صادراتها للتخلص من التابعية لقطاع المحروقات، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى التطوير المكثف للأنشطة مع إعطاء الأولوية لـلقطاعات الاستراتيجية متمثلة بالأدوات الكهرومنزلية، والكيمياء الصناعية، والميكانيك وقطاع السيارات، وصناعة الصيدلانية، وصناعة الأغذية، وصناعة النسيج والأثاث، وﺻﻨﺎﻋﺔ الحديد والتعدين، وإنتاج مواد البناء والكابلات والمعدات الكهربائية وكذلك المناولة.

كما تعمل الحكومة على مرافقة إنعاش القطاع الصناعي من خلال إجراءات تهدف إلى[21]: تحسين حكامة المؤسسات ونوعية تسييرها، وتنظيم الأنشطة الصناعية من خلال تعزيز قوانين ووسائل الهيئات المكلفة بوضع المعايير والنوعية والاعتماد والقياسة والملكية الصناعية، وكذا تدعيم وتطوير القدرات الوطنية لتكوين الموارد البشرية والدراسات الخاصة بالقطاع الصناعي، إضافة إلى تعزيز المنظومة الإعلامية والإحصائية والرصد الاستراتيجي للقطاع الصناعي.

3 – مواصلة الاستثمار في مجال الطاقة

قصد ضمان الأمن الطاقي للبلاد على المدى البعيد والبقاء كفاعل نشيط في السوق الدولية للمحروقات، تواصل الحكومة عملية الاستكشاف والتنقيب، كما عززت جهود التنمية وترشيد استخدام الموارد بتوسيع البنية التحتية للنقل ووحدات تحويل وتثمين المحروقات، وقد سطرت الحكومة خطة تطوير القطاع خلال المرحلة 2015 – 2019 إلى تطوير الأنشطة في قطاع تكرير البترول الخام، وصناعة الغاز الطبيعي المسال، إضافة إلى أنشطة في مجال البتروكيميائيات. وقد حرصت الحكومة على إرساء إطار قانوني وتنظيمي يكرس فتح القطاع للاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال الشراكة.

4 – البرنامج الوطني للطاقات المتجددة يصبح أولوية وطنية

أصبحت تنمية الطاقات المتجددة في الجزائر تحظى باهتمام خاص من طرف السلطات العمومية التي تسعى لإعطاء دفعة جديد لهذا القطاع كبديل للطاقات الأحفورية. ولتنفيذ الحكومة مخططها وأهدافها المحددة، شرعت في تبني إطار تشريعي ملائم، وتأسيس العديد من الأجهزة العاملة في هذا القطاع وإطلاق مشاريع هامة من مصادر متجددة ولا سيما في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والطاقة الشمسية الحرارية، والتوليد المشترك للطاقة، والكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية، بهدف زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة إلى 22 ألف ميغاواط موجهة للاستهلاك الوطني، و10 آلاف ميغاواط موجهة للتصدير في آفاق 2030 وهو ما يؤهلها لأن تكون من البلدان الرائدة في تصدير الطاقة النظيفة.

يهدف هذا البرنامج إلى إنتاج طاقة متجددة تسهم بـ 27 بالمئة في ميزان إنتاج الطاقة بحلول عام 2030، حيث تؤدي إلى توفير 300 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي وخلق ما فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمرحلة 2021 – 2030. ويتوقع تسخير جميع الموارد الضرورية من طريق استخدام الاستثمار الوطني والدولي بوجهيه العام والخاص، إضافة إلى أنه تم وضع آلية تحفيزية على أساس أسعار الشراء المضمونة حسب التنظيمات السارية من أجل السماح للمستثمرين المحليين والأجانب، العموميين والخواص، بالمشاركة في تنفيذ هذا البرنامج[22].

5 – ترقية صناعة سياحية مطابقة للمعايير والمقاييس العالمية

يحظى القطاع السياحي بأهمية خاصة بوصفه أحد القطاعات التي يمكن الاعتماد عليها لزيادة وتنويع مصادر الدخل الوطني، حيث تتوافر في الجزائر العديد من مقومات الجذب السياحي، كالآثار التاريخية والحضارية التي تمثل الحضارات القديمة التي مرت بها الجزائر والتنوع الثقافي والمناخي والكثير من الأماكن الترفيهية: من هنا أدرجت الحكومة مخططاً لتهيئة السياحة للعام 2025 في إطار تهيئة الإقليم لتعزيز جلب فرص الاستثمار والتنافس، وتنمية الأقطاب والقرى السياحية السامية وذلك بترشيد الاستثمار، وإعداد برامج توعية سياحية، وتنسيق العمل عبر تعزيز السلسلة السياحية وإقامة شراكة عمومية وخاصة، وتحديد والبدء بتنفيذ مخطط تمويل عملي من أجل دعم الأنشطة السياحية، وكذا المطورين، وجلب كبار المستثمرين والمتعاملين[23]، لتطوير مساهمة السياحة بنسبة 4.8 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، وبمتوسط نمو العمالة بـنسبة 3.5 بالمئة للحقبة 2015 – 2025‏[24].

6 – تعزيز الأنشطة المصرفية وعصرنتها

بهدف تنويع الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال واصلت الحكومة تعزيز الإصلاحات في المنظومة المصرفية ضمن برنامج 2015 – 2019 باتخاذها التدابير الضرورية كافة لتكون قادرة على تصريف الموارد المالية في السوق ووضعها في خدمة الاقتصاد الوطني، من خلال تكييف الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكم النشاط المالي، والاستمرار في تدعيم وتحديث الخدمات المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي العمومي تحسباً لتحديد سياسة تواكب القواعد التي يتم التعامل بها على المستوى العالمي، وتطوير سوق القروض من خلال تحسين أدوات التحليل وتصنيف المخاطر وتطوير أسواق رأس المال وترقية بورصة الجزائر بغرض التمكن من توفير بديل للمؤسسات (سوق، أسهم أو سندات)، كما تهدف إلى تطوير الكفاءات التقنية ومعارف مهن البنك الرئيسية والهندسة المالية بما يتمشى والوظائف التجارية، بحيث يسمح لها بترسيخ تنافسية الاقتصاد وتنويعه[25].

7 – عصرنة قطاع التأمينات

بعد موجة الإصلاحات التي قامت بها الحكومة من أجل تحرير قطاع التأمينات والترخيص بدخول شركات جديدة ووسطاء التأمين وإعادة التأمين، بدا أن عدد الشركات العاملة لا تغطي جميع الأنشطة ولا تقدم خدمات إعادة التأمين إلا على نطاق محدود جداً، لهذا تسعى الحكومة لمواصلة العمليات المتعلقة بالتعزيز المالي لشركات التأمين، وإعادة التأمين، وتسهر على اتخاذ التدابير الكفيلة بتحسين ظروف سوق التأمين وتدعيم استقلالية وظيفة الإشراف التي من شأنها تعزيز فاعلية قطاع التأمين، ليواكب التحولات الاقتصادية العميقة التي قامت بها الجزائر بغية الإدماج في الاقتصاد الدولي.

خاتمة

من خلال الدراسة تبيِّن أن الجزائر فتحت مجالاتها وأجواءها الاقتصادية واسعاً من أجل ترقية القطاع الخاص المحلي والأجنبي وإشراكه في إحداث التغيير المنشود وتحقيق النمو المرتقب، لكن رغم سياسات الانفتاح وجهود التحفيز والإجراءات المتخذة لتعزيز مناخ الاستثمار، لم يسجَّل تقدم ملحوظ في ما يتعلق بتنامي مشاركة القطاع الخاص المحلي في مختلف الأنشطة الاقتصادية، ومع ذلك فإن ما تم تحقيقه يبقى غير مشجع وبعيد جداً من المستوى المطلوب الذي يمكِّن الجزائر من تحقيق معدل نمو طموح خارج قطاع المحروقات لهذا لا بد لها من صوغ استراتيجيات وسياسات شاملة لتعزيز البيئة الاستثمارية وتضمن تسريع وتيرة التنمية من خلال تعزيز قدرات الاقتصاد الوطني ورفع كفاءته الإنتاجية كما يلي:

– تعزيز القاعدة الهيكلية وتطوير مرافقها وتدعيم ما أنجز منها، نظراً إلى أهميتها في ترويج وتحسين بيئة الأعمال وجذب رأس المال والاستثمار الأجنبي إلى الاقتصاد الجزائري.

– الاستمرار في استقرار السياسة الاقتصادية الكلية وتعزيز سياسات الإصلاح الاقتصادي وانتهاج سياسة الخصخصة التي تؤدي إلى دعم جهود الدولة في نجاح سياستها لجذب رؤوس الأموال.

– ضرورة العمل على تقوية القدرة التنافسية للاقتصاد ومراقبة النشاط الاقتصادي من خلال إزالة القيود البيروقراطية واتخاذ إجراءات لتقوية الصناعات المحلية وتشجيع نقل التجارب الأجنبية التي يمكن أن تساعد على تطوير القدرات الإنتاجية للمشاريع المحلية وربطها بالصناعات الأجنبية.

– تشجيع القطاع الخاص لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة وفق معايير عالمية، وإشراكه في تنفيذ إصلاحات هيكلية وتشريعية ومؤسسية، وهو ما يساعد على توفير البيئة المناسبة والمساندة للأنشطة الاقتصادية، التي تعمل على اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد الجزائري.

– الاستمرار في الإصلاحات المصرفية على نحوٍ يتيح لها أن تؤدي دوراً أكبر في عملية التنمية الاقتصادية وتمويل المشاريع الإنتاجية والخدمية، بحيث لا يقتصر على المساهمة بتوفير قروض، بل يمتد أيضاً إلى المساهمة في الملكية في المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية.

– استغلال جميع الوسائل الممكنة لبرامج ترويج الاستثمار في الجزائر التي تتيح المعلومات عن جميع الفرص الاستثمارية والصناعات الواعدة الحقيقة المتاحة في الجزائر.

 

قد يهمكم أيضاً  واقع وآفاق التنمية العربية في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية

حول الجزائر أيضاً.. اقرؤوا  النفط بين النعمة والنقمة دراسة حالة الجزائر (2000-2015)

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #الإقتصاد_الجزائري #الجزائر #الاستثمار_في_الجزائر #التنمية_المستدامة_في_الجزائر #الاقتصاد_العالمي #القطاع_الخاص_الجزائري #السياسة_الإقتصادية_في_الجزائر #دراسات_إقتصادية