عقد مركز دراسات الوحدة العربية مساء الأربعاء 24 آب/أغسطس 2022 ندوة رقمية عبر زووم وصفحته على فيسبوك حول اللغة العربية وأسئلة الهوية والتنمية. وقدمت المديرة العامة للمركز لونا أبوسويرح الندوة مبينة أهمية الموضوع فقالت “إن اللغة العربية تعرضت لانتكاسات متوالية تزامنت مع تصاعد وتيرة الهجوم على الأمة العربية كياناً وأرضاً وهويةً.. وساهم التردي العربي في تعظيم الآثار السلبية لموجات التغريب والأمركة”، مضيفةً “أن اللغة الوطنية والقومية تلعب دوراً حاسماً في تعزيز هويتنا وتحريك مكامن التفكير وتفعيله”. وأدارت الندوة الدكتورة عُبادة كسر، الباحثة في المركز. وتحدث فيها كل من الدكتور عبد الله البريدي، أستاذ السلوك التنظيمي والمشرف العلمي على برنامج الدكتوراه في جامعة القصيم في السعودية؛ والدكتور محمد مراياتي، مهندس في الإلكترونيات وحائز على دكتوراه في الفيزياء ومستشار إقليمي وخبير في العلوم والتقنية للتنمية المستدامة لدى الأمم المتحدة؛ والدكتورة بسمة الدجاني، أستاذة اللغة العربية وآدابها في كلية الدراسات الإسلامية في جامعة حمد بن خليفة في قطر وكلية الآداب في الجامعة الأردنية.

وفي تقديمها للندوة، قالت الدكتورة عُبادة كسر إن “الندوة تتماهى مع مشروع المركز في النهضة العربية وتحاول وضع رؤية تعلي من شأن اللغة العربية وتعميمها كجزء من حركة التحرير والنهضة وتوحيد الأمة في وجه التفتيت و”الدولنة” و”الأقلمة” والتشويه وتغليب اللهجات المحلية ووسائل الاتصال الحديثة”، معتبرة أن النخبة الوطنية والقومية العربية تشكل صمام الأمان اللغوي في الحفاظ على لغتنا العربية وهوية مجتمعنا.

في المحور الأول حول الظهير النخبوي والمجتمعي للغة العربية، اعتبر الدكتور عبد الله البريدي “أن العربية بالنسبة للعربي هي ركيزة إدراكه لذاته فالعربي هي الذات العارفة والعربية هي الذات المعروفة”.. ورفض البريدي تحميل السياسات اللغوية والسياسيين وحدهم مسؤولية التفريط باللغة، فقدم أمثلة عديدة يتحمل فيها الأكاديميون والأفراد العاديون المسؤولية المطلقة عن ذلك، داعياً للتصدي للأخطار المحدقة بها من خلال “ظهير نخبوي ومجتمعي ينضج السياسة اللغوية ويدفعها إلى التطبيق مما يجعل العربية جزء من الحل النهضوي الحضاري”.

في المحور الثاني حول الظهير الاقتصادي والتنموي للسياسات اللغوية العربية، تحدث الدكتور محمد مراياتي عن البعد الاقتصادي للغة العربية “وهو يكاد يكون مفقود في مجتمعاتنا العربية”، بحسب رأيه. فاللغة بحسب مراياتي قوة ناعمة، أداة اقتصادية وقطاع اقتصادي بحد ذاتها، موضحاً “أن الاقتصاديين يعتبرون اللغة في الاقتصاد كالنقد، فالأخير يسهل تبادل السلع او الاقتصاد المادي واللغة تسهل تبادل الاقتصاد غير المادي أي الإنتاجي. وقال مراياتي أنه “تطبّق على اللغة كل المبادئ المطبّقة على النقد”، شارحاً ثلاث نظريات اقتصادية تعتبر أنه لانتشار اللغة عائد اقتصادي، وأن اللغة تلعب دوراً كبيراً في التجارة، وأن توفّر المصطلحات في أي لغة شرط لنقل المعرفة. ولذلك حث على الاهتمام بالبعد الاقتصادي للغة العربية إلى جانب أبعادها الأخرى.

وفي المحور الثالث حول اللغة العربية ودورها في التجدد الحضاري والثقافي ومشروع النهضة، اعتبرت الدكتورة بسمة الدجاني أن الإقبال على تعلّم اللغة العربية في ازدياد عالمي على الرغم من كل ما واجهته وأبناؤها خلال القرن الماضي إلى الآن. ودعت الدجاني إلى “تحسين إنتاج لغتنا العربية الواحدة والموحِدَة والحث على تعليمها بمناهج جاذبة وبمنهجية سليمة”. وعن إدراك الطلبة لقيمة لغتهم الأم- الفصحى ولهجاتها- واتقانها واستدامتها، اعتبرت الدجاني أنها مسؤولية تقع اولاً على الأسرة ثم المجتمع فالتعليم المدرسي والجامعي والإدارات الحكومية. وشددت على “حاجة اللغة للعمل والإصلاح بقرار سياسي من الأنظمة والتعليمات التي تتكئ على نظام واضح من العقوبات التي تعتبر كل مساس باللغوي مساساً بالقومي والوطني والديني”.

وتخللت الندوة عدداً كبيراً جداً من المداخلات والتعليقات التي أجمعت على أهميتها وثراها بالمعلومات، ودعا بعض المشاركين إلى إعادة النظر في المناهج المدرسية منذ الروضة، والتوجه لفئة الشباب والأجيال الصاعدة لتعريفهم بقوة لغتهم وأهميتها. كما دعت أبوسويرح في الختام إلى “ضرورة ربط أهمية اللغة ودورها بسياسات التنمية في أي دولة بشكل عام”، معتبرةً “أن تحصين اللغة العربية حاجة من أجل حماية الأمة فالموضوع ليس موضوع رفاهية بل موضوع بقاء الأمة وتنميتها واستقلالها”.

يمكنكم مشاهدة الندوة كاملة عن قناتنا على يوتيوب 

قد يهمكم أيضاً  كيف يعزز التخطيط اللغوي الفاعلية المستقبلية للغة العربية؟

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #اللغة_العربية #الهوية_العربية #النهضة_العربية #اللغة_وبعدها_الاقتصادي #المشروع_النهضوي_العربي