عقد مركز دراسات الوحدة العربية مساء الأربعاء 2 آذار/مارس 2022 ندوة حوارية رقمية حول المواجهة الروسية – الأطلسية في أوكرانيا والتحولات الدولية. قدمت الندوة التي استمرت قرابة ساعتين المديرة العامة للمركز لونا أبوسويرح، وأدارها منسق وحدة التفاكر وتحليل السياسات في المركز محمد بلوط. وتحدث فيها أستاذ العلاقات الدولية والتاريخ في الجامعة اللبنانية جمال واكيم، وأستاذة العلاقات الدولية في جامعة القاهرة نورهان الشيخ، بحضور مجموعة كبيرة من الأكاديميين والمهتمين.

طرحت الندوة مجموعة من الأسئلة التي تدور حول “حديث الساعة” كما قالت أبوسويرح. فحول سير العملية الروسية ودواعي الحرب، شددت الدكتورة نورهان الشيخ على أهمية الحصيلة العسكرية التي حققتها القوات الروسية قائلة إن “روسيا تتقدم بحسابات دقيقة لأن هدفها ليس تدمير أوكرانيا بل تدمير البنية العسكرية، ولا تريد المسّ بالمدنيين بسبب العلاقات الإثنية والثقافية والتاريخية بين البلدين”. وقالت إن الحرب كان يمكن تفاديها بشرطين، الأول توقف الاعتداءات الأوكرانية على إقليم دونباس وتهجير المدنيين، وثانيهما طمأنة روسيا بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف “النيتو”. وإلى جانب عدم تحققهما جاء “حديث الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينكسي عن إعادة تسليح أوكرانيا بالسلاح النووي”، كما قالت.

واستفاض الدكتور جمال واكيم بشرح الأسباب التاريخية والراهنة لأهمية أوكرانيا بالنسبة لروسيا، ناقلاً عن المفكر الجيوسياسي زبغنيو بريجينسكي في كتابه “رقعة الشطرنج الكبرى” (1997) قوله إن أوكرانيا “جزء من رأس الجسر الذي يجب أن تقيمه الولايات المتحدة للوصول إلى قلب أوراسيا”. وأوضح واكيم أن روسيا من دون أوكرانيا تفقد بعدها الأوراسي وتصبح مجرد قوة إقليمية غير عالمية، ولذلك “تعمل الولايات المتحدة على محاصرة القوى الأوراسية داخل البر الأوراسي من خلال تمدد الناتو شرقاً للإضرار بالأمن القومي الروسي فضلاً عن تشجيع الأقليات على الإنفصال عن الاتحاد الروسي بحجة تقرير المصير لتصبح روسيا غنيمة سهلة”.

وفي الحديث عن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا، أوضحت الدكتورة نورهان الشيخ أن روسيا تتعامل بالأصل مع مجموعة من العقوبات منذ 2014، الأمر الذي دفعها لتطوير نظام خاص بالتعامل بين البنوك الروسية وغيرها من الإجراءات للالتفاف على العقوبات ومنها الانفتاح على الأسواق الصينية والإفريقية والشرق أوسطية والأميركية اللاتينية، ولذلك فإن “سويفت” سيكون تأثيره محدوداً الآن على البنوك الروسية ولكن يبقى للعقوبات الجديدة تأثير طبعاً.

وحول مآلات الحرب، توقع واكيم انتقال مركز الثقل في الاقتصاد العالمي من شمال الأطلسي إلى المحيط الهندي بعد عقدين من الزمن. وبسبب طبيعة الولايات المتحدة الإمبريالية والتي لا تقبل شريكاً، على حد قول واكيم، فإنها “إن لم تبقَ القوة الأولى بالعالم فقد لا تبقَ الولايات المتحدة متحدة”.

وأولت الأسئلة والمداخلات في الندوة أهمية لانعكاس الأزمة على الدول العربية. ولفت البعض إلى تمايز الموقف العربي من الحرب عن الموقف الأميركي على اعتبار أنه لم يدن روسيا، باستثناء الإدانة اللبنانية التي جاءت بسبب الضغوط الأميركية، الأمر الذي سرّع أخذ مسافة من الولايات المتحدة لدى الدول التي تتحين الفرصة لفعل ذلك كالسعودية مثلاً؛ فضلاً عن التأييد السوري الكامل لروسيا وتقديم التسهيلات لها.

وسجّل مجموعة من الحضور تحفّظاً على “الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا” على الرغم من تفهّم الدواعي الأمنية الروسية، مفضلين لو اقتصر التدخل العسكري على إقليم دونباس. كما دعا البعض العرب إلى أخذ العِبر مما يجري والعمل على تحقيق اتحاد عربي قادر على حماية دوله.

يمكنكم مشاهدة الندوة كاملة عبر قناتنا على يوتيوب:

وكتبت الدكتورة نيفين مسعد، عضو اللجنة التنفيذية في المركز، مقالاً في جريدة الأهرام المصرية حول الندوة. تجدونه على موقعنا عند الضغط على الرابط التالي

حول المواجهة الروسية_الأطلسية