المصادر:
(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 440 في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
(**) موستف يونس: باحث في علم السياسة – المغرب.
البريد الإلكتروني: moussatef.youness@gmail.com
[1] روبير دال، عن الديمقراطية، ترجمة أحمد أمين الجمل (القاهرة: الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، 2000)، ص 8.
[2] مارك بلاتنر، «الشعبوية، التعددية والديمقراطية الليبيرالية،» مجلة الديمقراطية، السنة 21، العدد 1 (كانون الثاني/يناير 2010)، ص 3.
[3] من خلال أزمتي التمثيلية والمشاركة، وهما العنصران المتلازمان في الأنظمة الديمقراطية، وقد تمّ إفراز هذين المفهومين كردّ على الصعوبات التي تواجه مفهوم «حكم الشعب»؛ فالتمثيلية هي طريقة الحكم التي يتولّاها مجموع المواطنين (الشعب) عن طريق المشاركة.
[4] قد يبدو تعبير «الديمقراطية المحدثة» غريباً بعض الشيء، لكنه اسم جامع للديمقراطية المنبعثة منذ القرنين 17 و18. والإحداث هو الإتيان بأمر جديد ينافي الأصل. إن اختيارنا لنعت الديمقراطية المحدثة ليس اختياراً عشوائياً أو خالياً من الدلالات، إن هذا التركيب اللغوي يفيد أن الديمقراطية التي سنتحدث عنها هي، مبدئياً، تنافي النموذج الأثيني من جهة، وأن تعدّد التسميات للديمقراطية (الديمقراطية التشاركية، الديمقراطية التمثيلية، الديمقراطية السلطوية، الديمقراطية التفويضية، الديمقراطية الانتخابية، الديمقراطية الموجهة، الديمقراطية المحدودة…)، لذلك كان تفكيرنا منصبّاً على محاولة إيجاد تسمية تشمل كل هذه التسميات مع الأخذ بعين الاعتبار أن الديمقراطية المحدثة تربط بين مقولتين متميزتين: المبدأ التمثيلي الذي يفوض الشعب بموجبه إلى عدد قليل من الأفراد أمر العناية بالتعبير عن إرادته ويتمّ ذلك عن طريق انتخاب القادة بالاقتراع العام والشامل عن طريق انتخابات تنافسية تمرّ في إطار شكليات معينة، ويتمّ إجراؤها في فترات زمنية منتظمة؛ والمبدأ الثاني هو الحرية التي يعكسها المبدأ الليبرالي الذي، يفضي إلى المنافسة الحرة بين المترشحين (حرية الترشح) ويضمن حرية الاختيار.
[5] هناك من يرى أن ما تمرّ منه الديمقراطية اليوم هو أمر عادي وعابر فقد كانت الديمقراطية موضوع نقاش منذ ما يزيد على 2500 سنة، وهي فترة تكفي لتلمس مجموعة من الأفكار الديمقراطية الثابتة التي يمكن أن يتوافق عليها الدارسون ولكن هذا لم يحدث. فـ 25 قرناً من المقارنة والجدل والدعم والهجوم والتجاهل والتطبيق والممارسة والتدمير لم تؤد إلا إلى إعادة إنشاء وتشكيل الديمقراطية.
لذلك يرون أن هذا الواقع ليس غريباً عن التطور التاريخي للمفهوم والممارسة الديمقراطية، فمن المؤكد أنه في فترات من التاريخ كانت الديمقراطية قد اختفت عملياً وبقيت بالكاد كفكرة أو ذكرى لدى قلّة من الناس. لذلك يمكن القول بأن الديمقراطية اخترعت أكثر من مرّة وفي أكثر من مكان.
[6] إنها أزمة آتية من بعيد لكنها تهدّد الاعتقاد في الديمقراطية، إن واقع أزمة الديمقراطية أصبح مدعاة لدى المعتقدين فيها إلى العمل الجماعي، من أجل ذلك تشكلت العديد من الجمعيات في فرنسا وذلك بغاية تحقيق هدفين: تحليل واقع الأزمة وتحديد أسبابها؛ العمل المشترك من أجل إنقاذ الديمقراطية. وقد حدّدت هذه الجمعيات العديد من الأهداف لتجاوز هذا الواقع:
– الأزمة تحتّم العمل المشترك وتضافر الجهود؛
– توحّد الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والروحيين من أجل تطوير قيمة الديمقراطية؛
– إنجاز ميثاق مدني لتوسيع النقاش وتجميع الطاقات؛
انظر الميثاق المدني: Le Pacte civique, Penser, agir autrement en démocratie et inventer un futur désirable pour tous, Document 2, Plateforme commune.
هناك أيضاً من يرجع أسباب الأزمة إلى تراجع النضال السياسي والنقابي، وهو ما يدلّ عليه تناقص أو تجمد أعداد المنخرطين في الأحزاب السياسية خاصة. انظر: Philippe Guillot, «La Démocratie est-elle en crise?,» <http://ph.guillot.voila.net/publications/democratie.pdf>, p. 3.
كما أُجرِيَت دراسات حالات معينة كفرنسا، انظر: Fabien Escolona, «Qu’est-ce que la crise de la social-démocratie?,» (Master 2, Science Po, Grenoble, mai 2010), sous la direction de Pierre Martin.
[7] Konstantinos Tsoukalan, «Démocratie en crise,» Transform, no. 10 (31 octobre 2012), p. 69, <http://www.medelu.org/spip.php?page=imprimir_articulo&id_article=1220>.
[8] دال، عن الديمقراطية، ص 9.
[9] Cedric Polère, «La Démocratie participative: Etat des lieux et premier éléments de bilan,» Millénaire (DPSA) (2007), p. 4.
[10] Gathe Cagé et Julia Cagé, «Crise de la démocratie représentation et invention démocratique,» Dossier (Mars 2007), p. 3.
[11] دال، عن الديمقراطية، ص 49.
[12] المصدر نفسه، ص 49.
[13] مارسيل غوشيه، الدين في الديمقراطية: مسار العلمنة، ترجمة شفيق محسن (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2007)، ص 92.
[14] هناك من ذهب إلى أن الديمقراطية التشاركية ما هي إلا حوكمة لعمل المؤسسات الديمقراطية التمثيلية سواء على مستوى المشاركة أو على مستوى اتخاذ القرار. انظر: Gissinger-bosse Célia, «La Participation du public: De la démocratie participative aux jurys populaires en procès d’assises,» (Premières journées doctorales sur la participation du public et la démocratie participative, Lyon, 27-28 Novembre 2009), pp. 3-6.
[15] كلوفيس هنريك دي سوزا، «الديمقراطية التشاركية في البرازيل: ضمانات وأفكار جديدة وتحديات دستورية،» مبادرة الإصلاح العربي (آذار/مارس 2012)، ص 1، <http://www.arab-reform.net/ar>.
[16] «Relative à la démocratie de proximité,» Loi no. 2002-276 (27 février 2002).
[17] في أوروبا عموماً، وبداية من سنوات التسعينيات بدأت العديد من الجهات (Région) مضاعفة تجارب الديمقراطية التشاركية، لكن فقط على المستوى المحلي (أحياء، جماعات محلية وترابية، مقاطعات، جهات). انظر: Polère, «La Démocratie participative: Etat des lieux et premier éléments de bilan,» p. 3.
[18] توفيق شومر، «الديمقراطية التشاركية،» الحوار المتمدن، العدد 4238 (7 تشرين الأول/أكتوبر 2013)، <http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=381422>.
[19] لمزيد من التفاصيل، انظر: Mila Ivanivic, «La Démocratie participative au Venezuela comme projet politique global: Implication sur recherche,» démocratie et participation, <http://www.participation-et-democratie.fr/sites/default/files/atelier_2-1_mila_ivanovic.pdf>.
[20] لقد سبق واستخدم «شافيز» هذا الأسلوب في أكثر من مرة عندما كان يتمّ التشكيك بتمثيليته، كما اعتمده أيضاً عندما تمّ الإضراب العام في قطاع النفط. وفي كلّ الحالات تمكّن شافيز من تجميع الشعب خلف القرارات التي اتخذها.
[21] توسم أيضا بـ «المجالس المجتمعية» أو مجالس التخطيط العام.
[22] شومر، «الديمقراطية التشاركية».
[23] المصدر نفسه.
[24] المصدر نفسه.
[25] المصدر نفسه.
[26] المصدر نفسه.
[27] المصدر نفسه.
[28] المصدر نفسه.
[29] تقع جنوبي البرازيل ويقطنها 1,5 مليون مواطن، كانت في تسعينيات القرن العشرين، المدينة الأولى التي نجح فيها حزب العمال بإدارة شؤون البلدية. وهو حزب الرئيس «لولا دي سيلفا» الذي بادر إلى بثّ طرق إدارية جديدة في كلّ ما يتعلّق بتخصيص الموارد البلدية والحفاظ على البيئة. بخصوص هذه التجربة، انظر: Rebecca Albers, «Porto Alegre et le budget participatif: L’Education civique, la politique et les possibilités de répitition,» Text péparé dans le cadre du projet «Du Local au mondial: Construire la democratie, 2004-2006», Carold Institute, <http://www.carold.ca/publications/blgd/casestudies/7_porto_alegre_rebecca_abers_fr.pdf>, et Catherine Van Nypelseer, «Démocratie participative à Porto Alegre: Une Illustration de l’approche du budget participatif,» Banc Public, no. 10 (mai 2002).
[30] يحضر في هذه الاجتماعات ما بين 10000 و15000 من الساكنة الفقيرة، والذين حسب الدراسات الميدانية يرون أن الحكومة تلتزم بمخرجات لقاءاتهم. انظر: Albers, Ibid., p. 92.
[31] لم تكن الديمقراطية التوافقية وحدها الحلّ الذي تمّ العمل به لتجاوز هذا النوع من التناقضات المجتمعية، لقد تمّ بلورتها والعمل بحلول أخرى كتطبيق النظام الفدرالي أو الحكم الذاتي.
[32] أستاذ العلوم السياسية الممتاز بجامعة كاليفورنيا ورئيس الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية (1995 – 1996)، نال لايبهارت جائزة جوهان اسكايت (Johan Skytte) المتميزة في العلوم السياسية عام 1997م.
[33] لقد اختُصِرَ كتاب «لايبهارت» المعنون بـ الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد من طرف شاكر الأنباري، انظر:
شاكر الأنباري، الديمقراطية التوافقية: مفهومها ونماذجها (بغداد: معهد الدراسات الاستراتيجية، 2007).
[34] بجانب مصطلح التوافقية (Consociational) استعمل «لايبهارت» مصطلح «الديمقراطية الإجماعية» (Consensus Democracy) بصورة مرادفة للتوافقية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن مفهوم «الإجماع» من الأسس المشهورة في الفقه الإسلامي وهذا المفهوم لا يستعمل، عادة، في مجال السياسة التي تقوم على الصراع والتنافس في العرف الغربي أكثر منها على الاتفاق والإجماع، لذلك من المرجح أنه استقاه من الثقافة الإسلامية لأنه خارج عن دائرة الثقافة الغربية.
[35] ميلود بن غربي، «ضد الديمقراطية التوافقية،» التيار، العدد 3 (20 أيار/مايو 2012)، ص 8.
[36] سعد محمد ياسين، «إشكالية الديمقراطية التوافقية، وانعكاساتها على التجربة الديمقراطية العراقية،» مجلة مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية (2009)، ص 61.
[37] وهذا له العديد من شواهد التاريخ في العديد من الدول:
– بريطانيا (قَهْرُ الأغلبية الإنكليزية للأقلية الأيرلندية)؛
– إسبانيا (قهر الأغلبية الإسبانية لأقلية الباسك)؛
– الهند (قهر الأغلبية الهندوسية للأقلية المسلمة أدى إلى انفصالها عن الهند وتأسيسها لدولة باكستان).
بل لا يوجد ضمان لعدم قهر الأغلبية الثابتة بواسطة أقليه ثابتة كما في إسرائيل (قهر الأقلية اليهودية الأغلبية الفلسطينية)، وفي جنوب أفريقيا سابقاً (قهر الأقلية البيضاء للأغلبية السوداء).
للتوسع في هذه النقطة يمكن الرجوع إلى: صبري محمد خليل، «مفهوم الأغلبية في الفكر السياسي المقارن،» سودانايل (صحيفة إلكترونية – السودان)، <http://www.sudanile.com/index.php?option=com_content&view=article&id=29204:@1b-BBa&catid=252:2-9-7-9-2-3-0&Itemid=55>.
[38] باسكال سلان، الليبيرالية، ترجمة تمالدو محمد؛ مراجعة نوح الهرموزي (بيروت: الأهلية للنشر والتوزيع، 2010)، ص 112 وما بعدها.
[39] لقد حكمت العلاقة ما بين السلطة السياسية الحاكمة والتنوع المجتمعي عدّة رؤى:
لقد سادت، ولمدة طويلة رؤية سياسية حاولت دمج الثقافات الفرعية في ثقافة واحدة من خلال عملية قيصرية، سِمَة هذه الرؤية الإنكار على الثقافات الفرعية خصوصياتها والتضييق عليها في ممارسة ثقافاتها.
لقد عملت هذه الرؤية على تغييب الثقافات الفرعية من البنية السطحية الظاهرة للعلاقات السياسية والاجتماعية فقط، ما دفع تلك الثقافات على العمل الباطني أو الخفي لتجد لنفسها مجالاً ومساحة للتحرك، وهي إما غير مرئية ومحتجبة عن السلطة السياسية أو تعمل ضمن الحدّ الأدنى المسموح به سلطوياً، أو في المجال الغير مراقب والقابل للتأويل؛
على النقيض من الطرح أعلاه، ظهرت نزعة تحاول، كردّ فعل، أن تعزّز بشكل صارم وجود الثقافات الفرعية والإعلاء منها على حساب الهويات الجامعة.
[40] ياسين، «إشكالية الديمقراطية التوافقية، وانعكاساتها على التجربة الديمقراطية العراقية،» ص 62.
[41] المصدر نفسه.
[42] المصدر نفسه.
[43] المصدر نفسه، ص 66.
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.