محمد سعيد رمضان البوطي رجل مُشْتَرِع. فهو يَصْدُرُ في ممارَساته الاجتماعية العامَّة والسياسية من قراءة عالِمة في النص السيادي الديني (القرآن الكريم والسنّة النبوية).

لذلك لا نجده بْراغْماتيّاً، أو متقلب المواقف السياسية، فهو ثابت في مواقفه السياسية، وهي منسجمة لأنها تعود إلى أصول في فقهه السياسي. لذلك نجده متحفظاً، إلى درجة التناقض أحياناً، مع الإسلام الإخواني لأنه في نظره غير مُشْترع وغير صادر عن اجتهاد فقهي في نظره، ومع الإسلام السلفي جذريّاً لأنه في نظره غير سُنّيّ أي لا يصْدُر عن الفقه السياسي لأهل السنّة والجماعة.

من الضروري أن نفهم أهم ثوابت الشيخ محمد سعيد البوطي في الفقه السياسي حتى نستطيع فهم مواقفه السياسية. ولعل أهم تلك الثوابت ما تتناول: الجهاد، وأهل الذمة، والعلاقة بالحكم والحاكم.

أولاً: ثوابت الشيخ البوطي في فقهه السياسي

1 – مدلول الجهاد

يؤكد البوطي في كتابه الجهاد في الإسلام أن «الجهاد بالدعوة إلى الله هو أساس الجهاد وعماده، وهو الذي استغرق من حياة الرسول (ﷺ) الفترة الأطول، وهو الجهاد الماضي إلى يوم القيامة، والمستمر في كل الظروف والأحوال»‏[1]. ويؤكد فيه أيضاً أن الجهاد القتالي، هو فرع من فروع الجهاد، «محدود بظروف خاصة، ومقيد بشروط معيّنة، من تكوّن المجتمع الإسلامي وتميّزه في دار الإسلام ونشوء حِرَابة تهدد مكتسباته»‏[2].

فالجهاد القتالي الذي شُرّع بتأسيس دولة النبي، إنّما شُرّع في نظره «دفاعاً عن هذه الحقوق الثلاثة: الأرض التي أورثهم الله إياها، والجماعة المسلمة التي ترسّخ وجودها فوق تلك الأرض، والنظام السلطوي الذي أعطى تلك الجماعة القوّة والفاعلية. وقد علمت أن المسلمين لم يكونوا يملكون شيئاً من ذلك من قَبْلُ»‏[3].

فالنبيّ لم يُقاتل من أجْل الحصول على دار إسلام، أو دولة، أو لإيجاد جماعة مسلمة، وإنما قاتل لكي يَحْرُس دولةً ودارَ إسلامٍ وجدهما جاهزتَيْن. ولم يُقَاتِل حِقْداً أو مُرادَّة على حقد وإنما دِفَاعاً عن حِمًى وجده جاهزاً بعد بيعتيْ العقبة، أي عن حِمًى كان قد تحقق سلميّاً بالدعوة.

يقف البوطي أمام الآيتين (5) و(29) من سورة التوبة: ﴿فَإذَا انسَلَخَ الأَشهُرُ الحُرُمُ فَاقتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم وَخُذوهُم وَاحصُروهُم وَاقعُدوا لَهُم كُلَّ مَرصَدٍ. فَإن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلّوا سَبيلَهُم إنَّ اللَّـهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ و﴿قاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّـهِ وَلا بِاليَومِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمونَ ما حَرَّمَ اللَّـهُ وَرَسولُهُ وَلا يَدينونَ دينَ الحَقِّ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ حَتّى يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صاغِرون﴾.

وهو يؤكد أنه لو كان «الكُفْر» هو مُسَوّغ قِتال المشركين ما كان الله تعالى يطلب من الرسول معاملتهم بالرفق والرعاية والحماية، كما جاء في الآية (6) من سورة التوبة: ﴿وَإن أَحَدٌ مِنَ المُشرِكينَ استَجارَكَ فَأَجِرهُ حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعلَمونَ﴾. فاللطف معهم كان بسبب انتفاء الحِرَابة منهم. أمّا من حيث مناسبة النزول، فلم يقل أحدٌ – في بحث البوطي – أن الآيات الثلاث نزلت قبل آية السيف حتى يُحْكَم بنسخها بها.

أما ما يخص آية قتال أهل الكتاب، فالبوطي يؤكد أن مبرّر هذا القتال هو وجود الحِرَابة في أهل الكتاب، فإذا انتفت حِرابتهم انتفى مُوجب قتالهم من المسلمين. لذلك كانت الجزية هي مُنهِية العدوان البيزنطي الوحيدة، وبذلك يكون صَغار هرقل والبيزنطيين (ومن في معناهم). فالصَّغار ليس بسبب الخلاف الديني وإنما بسبب الحِرَابة‏[4].

وينبه البوطي أن الآية أمرت بالقتال لا بالقتل، والقتال هو المقاومة لمَن بدأ بقصد القتل‏[5].

فإذا وثق المسلمون في التعاون وحسن الجوار، فلا بد أن يعودوا إلى الأصل وهو المودة مع الآخرين: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَـمْ يُخْرِجُوكُم مِن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين﴾ (الممتحنة: 8).

من ناحية أخرى، يؤكد البوطي عدم جواز إعلان الجهاد القتالي إلا من الإمام؛ إلّا دفاع المرء عن حياته وداره وممتلكاته وعرضه، أو عند اقتحام العدو حِمى المسلمين، فالأمران لا يستوجبان إذْن الإمام.

2 – دلالة الحُكْم في الفقه السياسي للبوطي

أكد البوطي حق الإنسان في ما يسمّونه «الديمقراطية» و«الشورى» مَبدَئياً، وحقهم في نبذ الاستبداد.

وقد حاول تبديد تخوُّف بعض الناس من «الأحكام الإسلامية» بتعلة أنها قد تحد من الحرّيات، بقوله: «إن هذا الخطر واهِمٌ (…) ولا يستند إلى حقيقة دينية موجودة في الإسلام»‏[6]. فالناس في نظره هنا إما لم يَدْرسوا الإسلام جيّداً، وإما أن بعض من يُسمّون «الإسلاميون» يخططون فعـلاً لما يخافه بعض الناس، بناءً على «رعونات شخصية وعصبيّات وأوهام»‏[7]. فالله تعالى «لا يُلزم عباده في الدنيا بأن يتمسكوا بشرائعه، وإنّما يطلب منهم أن يتمسكوا بها طوْعاً ولا يلزمهم بها كرْهاً. أفيملك الأنبياء والرسُل، ومَنْ بعدهم من الحكام، أن يجبروا الناس على ما لم يجبر الله به الناس؟!»‏[8]. وهو يستدل على ذلك بأن الفِرق «الضّالـّة» في الإسلام لم تضمحل بالقهر والعقاب، وإنّما بَادت باستمرار الحوار.

أما في ما يتعلق بـ «الحدود»، فالبوطي يؤكد أنها لا تتعارض مع الحرّية، إذ شُرِّعت لحماية حرية الأفراد والمجتمع، ومع ذلك هناك شروط شديدة وقاسية لتنفيذ الحكام تلك الحدود، وأهم تلك الشروط أن توفر الدولة الحريّات والحقوق قبل تفكيرهم في تنفيذها.

أما «المرتدّ»، فإذا كان أمر ارتداده شخصياً غير معلن، فلا حق لأحد في «الشق على قلبه»، كما جاء في الحديث النبوي. وأما إذا جاهر به في سياق الحوار مع الآخرين، فالإسلام يدعونا إلى الحوار والجدل بالحكمة، إذ لو كان دينه «الجديد» مبرّراً لعقابه لعوقب مُعتنقُهُ الأصليُّ قبله. وأما إذا كان ارتداده في سياق محاربة للمجتمع الإسلامي، فعلى الحاكم (وليس غيره) أن يأخذه بجريرة المحاربة لا بجريرة اختيارٍ‏[9].

يرفض البوطي تكفير الحكام توطئة لاستعمال السلاح من أجل افتكاك الحكم، مؤكداً أن ذلك يتناقض مع الأحاديث النبوية، ومنها: «من خرج على أمتي يضرب برّها وفاجرها، لا يتحاشى مؤمنها ولا يفي بذيِ عهدها فليس مني» (رواه مسلم والنسائي وأحمد). وقد أكّد البوطي أن العجز عن الدعوة والإقناع العقليّ هو مبّرر هذه النزعة الخوارجية – القَتْلية.

إن مجرّد ابتعاد الحاكم عن الأحكام الدينية ليس موجباً للخروج عليه، وإنما الموجب الوحيد في نظر البوطي هو «الكُفر البواح»، ويُعلن أن أهل النزعة الخوارجية – حتى في العصر الراهن – لا دليل لهم يثبت مشروعية نزعتهم من القرآن الكريم والسنّة النبوية.

يُعلن البوطي أن الحاكم، إذا لم يتلبّس بـ«كفر صريح»، أي غير القابل للتأويل، ينبغي التسليم له درْءاً للفتنة. لكنْ من واجب المسلمين نهْيه عن الجور ونصحه بالعدل والشورى. أما عدم حكم الحاكم المسلم بالشريعة، فيرجعه البوطي إلى التكاسل أو الركون إلى الشهوة أو المصلحة، وقد يكون إنكاراً‏[10]. وعلاج ذلك عنده إنما يكون بالجهاد الدَّعوي – السّـِلْمي الدائم والقائم على الحجيّة العقلية والموعظة الحسنة حتى يصبح قراراً جماعياً.

وهو يؤكد أن السعي لتحرير فلسطين ينبغي أن يكون هو الأولوية، «فنقض الفتاوى التي تبّرر التخاذل أو تحرم العمليات الاستشهادية أو تدعو للخروج من فلسطين المحتلة باعتبارها دار حرب، أو التي تجيز الصلح مع العدو وتطبيع العلاقات معه»‏[11].

لقد ثمَّن وجود «الجبهة الوطنية التقدمية» لإصلاح النظام السوري، ولكنه لم ينتمِ إليها، لأنه يرى أن عالم الدين ينبغي أن يكون راعياً ومرشداً لا مُنافساً. فوجوده بها ممثـلاً القوى «الإسلامية» «سيكون إيذاناً بأن الإسلام قد تقاسم مع أعضاء هذه الجبهة النفوذ والسلطان. وهو إعلان ضمني بأن علاقة الإسلام ببقية أعضاء الجبهة قد غدت علاقة تنافس سياسي، كعلاقة أي من الأعضاء الآخرين بالبقية، وهذا تقليص لسلطان الإسلام وحكمه، ثم تحجيم له، بل سعي للقضاء عليه»‏[12].

إن إيمان البوطي العميق بالوحدة الإسلامية تجعله يتحفظ من النزعات القومية، إذ يراها ممّا ساعد على انكشاف فلسطين «عارية أمام العدو المتربص بها»‏[13]. فالنزعة القومية العربية، في نظره «استطاعت أن تحيي دفين القوميات الصغيرة الأخرى في صدور أربابها، فإذا بالقوميات تتناطح، وإذا بهيبة الفلسفة التّحريرية تنحسر عنها»‏[14].

ولقد تبرأ البوطي – كرديّاً – من النزعة الانفصالية لدى بعض كُرد سورية واعتبرها «عمالة» و«خيانة»، فهو وَحْدوي داخل الوطن السوري وداخل أمّة الإسلام ووطنها الكبير‏[15]. ضِمْن وِجهة نظر فقهية خاصة‏[16].

ثانياً: البوطي والفتنة السورية والحرب العالمية على بلاد الشام

1 – رؤيا عام 1996 وأخرى عام 2010

حذر البوطي عام 1996 مِنْ مؤامرة قريبة «يُقضى فيها على الجهاد باسم الجهاد. لا بالأسلوب القديم، وإنّما بطريقة أخرى، وضع صورة مزيَّفة للجهاد بحيث تشرئب إليها أعناق المسلمين جميعاً ويشتغلون بها. وأثناء انشغال المسلمين بهذه الصورة المزيفة يتم القضاء على الجهاد الحقيقي الذي شرّعه الله سبحانه»‏[17].

يوم 10/8/2010، رأى الشيخ رؤيا خطيرة، «وقد أمره الرسول (ﷺ) بأن يبلّغها» لإخوانه ومريديه و«قادة وطني». تتمثل الرؤيا في «وباء نازل من السماء بمظهر مادّي مرعب ذي بقع سرطانية حمراء تبعث على التقزز والاشمئزاز. ومع هبوطه السريع نحو الأرض أخذت [البقع] تنفصل منه حيوانات كثيفة وكثيرة طائرة، راحت تنتشر بسرعة فوق دمشق. وقد علمت أنها جراثيم وباء متجه نحو البلد»‏[18].

أعلم الجميع أن البلاد مقبلة على ما سمّاه «فتنة»، داعياً إلى «العودة إلى الله من القيادة والشعب»‏[19].

يرخي المجتمع بثقله على الفرد أثناء النوم، وذلك أشد على الفرد ذي المدى القيادي والرعائي، كأمثال الشيخ البوطي. واشتراعيته التصوفية، تجعله متماهياً أكثر من غيره بمؤسس النص السيادي لشريعته، لذلك تستدعي رؤياه النبيَّ ليكلّفه بالتكاليف الرعائية. وهذا غير ممكن – عادةً – مع القياديين غير الاشتراعيين، وغير العِشقيّين في علاقتهم بالنَّبوية المحمدية.

2 – التظاهرة الأولى ودعوته علماء الدين للتدخل الإيجابي

يوم 15/3/2011 كانت أول تظاهرة بدمشق، متأثرة بما حدث في تونس وليبيا ومصر تعلن «الشعب يريد إصلاح النظام»‏[20].

يوم 4/4/2011 (أي بعد أقل من شهر من تلك التظاهرة) أعاد التذكير برؤياه. وفي اللقاء التشاوري – الذي ضم عدداً من علماء الدين الإسلامي – كانت نصائح الشيخ متمثلة بالتالي:

– دعوة الناس إلى التهدئة «لأن هذه المظاهرات ستُستغل بخطة مرسومة لتكون فتنة تودي بالبلاد والعباد».

– الضغط والمطالبة بالتعددية الحزبية الموسَّعة أكثر من الجبهة التقدمية، «وهي أبواب الإصلاح الآمنة والوحيدة».

وريثما تتم الاستجابة، طُلب من الحاضرين ترشيح «شبّان ثقات لا يحملون سمة دينية للبدء بتشكيل نواة حزب لا يحمل أي صفة دينية». وقال لهم: «من يريد أن يشتغل بالسياسة ينبغي أن يتخلى عن هيئته ومظهره الدينيَّيْن»، مقدّراً أنهم سيجدون ثمرات وسيلة التعبير هذه خلال عام، وأعلن أنه سيتعاون معهم، وإن لن يكون طرفاً في هذا الحزب.

ولكنه لم يجد استجابة منهم، و«كانوا بين ساخر ومستهزئ، وبين متعجب»، نابزين إياه بأنه يؤمن بمصداقية المنامات، فقال لهم: «هذا واجبٌ كُلّفْتُ به»‏[21].

طالب الشيخ حتى نيسان/أبريل 2011 بالإصلاح، وأيّد ما كان من مبادرات رئيس الجمهورية (تعديل الدستور، الإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة…)، قائلاً يوم 4/4/2011: «أما الدعوة إلى الإصلاح والقضاء على الفساد وأسبابه، فهو ضرورة لا مندوحة عنها، بل هي ضرورة يوجبها الشرع عليها قبل أن يوجبها المنطق».

وقد أعلن يومها أن منطلق الإصلاح الوحيد هو «الحوار» و«التفكير» و«النقاش»، موضحاً: «هذه الكلمات تلتقي تحت المصطلح القرآني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

يوم 24/4/2011 قدَّم الشيخ مقترحاً عملياً جديداً، هو تأسيس لجنة متابعة شعبية: «لديّ اقتراح أيها السادة والسيدات، أرجو إن وجدتموه منطقياً أن توافقوني عليه: تشكيل لجنة متابعة شعبية، على أن تكون لها جذور مؤسَّسِيَّة. تكون هذه اللجنة ذات صلة قوية بالشعب على اختلاف فئاته وجماعاته، وعلى صلة بقمة المسؤولية». وقد طالب بأن تُعبَّد الطريق أمام هذه اللجنة لجعل ما تراه اللجنة مراسيم للتطبيق، لقد اعتبر اقتراحه فتوًى: «هذا هو الطريق الديني، الأمين، الآمن، الحضاري».

ولكنْ مرَّةً أخرى، لم يكن علماء الدين حيويّين، ولم يكن «الإسلاميون» في أكثريتهم موافقين له، سواءٌ كانوا سلفيين أو إخوانيين، فقد كانوا تحت تأثير الخطاب الإخواني لقناة الجزيرة والخطاب السلفي – الجهادي لقناة صفا السعودية. فاتهمهم الشيخ بـ «التشاؤم».

يوم 24/4/2011، كانت العبرات تخنق صوته، وهو يأسف لتحول يوم الجمعة من «يوم أُنْس، يوم فرحة الأسرة، يوم راحة، (…) إلى يوم رعب، يوم خوف». ذكـَّر بأن الحديث النبوي سماه «اليوم الأزهر»، وأعلن أن قسْماً كبيراً من النّاس أصبحوا لا يصلّون يوم الجمعة لأن الجماعات الدينية جعلته «يوم الغضب».

وأكّد أن أكثرية «منخرطي» تلك الجماعات لا يدخلون إلى الجامع للصلاة، وأكثرهم لم يكونوا من المتدينين قبل عام 2011، فلما يخرج الناس من الصلاة يندسّون في الشارع بين المصلين، ويبدأون في الهتاف، وبذلك تُختلق «المسيرة». وعوض أن تكون المظاهرة صغيرة بحكم حجمهم الصغير، تصبح بنَقْلِ هواتفهم الخلوية كبيرة، بينما أكثرية الموجودين قَسْراً بـ «المسيرة» ليسوا منها‏[22].

3 – من المطالبة بـ «الإصلاح» إلى المطالبة بـ«الإسقاط»: الشيخ يعترض على الفتنة المسلحة والحرب الأهلية

يوم 06/06/2011، ارتفع سقف المطلب من «إصلاح النظام» إلى «إسقاط النظام». في اليوم نفسه كانت مُرَادَّة الشيخ البوطي بتصريحه أن الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية والغرب وراء الأحداث التي استغلت ضرورة الإصلاح: «الطريقة التي رُسمت لسوريا هي هذه: مسيرات ثم إسقاط، ثم بعد ذلك تخريب حتى مِنْ لا شيء: قتل، تحريق، وغير ذلك».

حَذَّر البوطي في خطابه ذاك مِنْ أن هدف الاستخبارات الاستعمارية هو «إيجاد القتل واستحرار القتل، وازدياد القتل»، وأنها تريد جرَّ البلاد إلى «الحرب الأهلية». وإذا كانت الحرب الأهلية لن يستطيع أحد «أن يملك اختياراً فيها». وحَذَّر آنئذ مِنْ أن في المرحلة الثالثة: «سيأتي المُعَلّـِم الكبير، الذي يختفي وراء ما يحدث الآن، وراء الأسوار، من أجل أن يحُل المشكلة، آخذاً منَّا إتاوات»، وسيكون «الحل»: «تقسيم سوريا إلى ثلاثة أقسام أو أربعة أو خمسة».

خرج السلاح المخبَّأ إلى العَلن، فبيَّن الشيخ البوطي يوم 20/7/2011 حكم الشرع في مسألة الخروج على الحاكم، ودعا الناس «إلى اعتزال الفتنة بالتزام بيوتهم». فلقد أعاد ما دَوَّنه في عديد كُتُبه العلمية منذ الستينيات من القرن العشرين، أن الخروج على الحاكم يقتضي أن نجد كُفراً بواحاً، مُفَنّداً وجود ذلك لدى القيادة السورية، «بل وجدنا مظاهر للدين والإيمان»‏[23].

وقد أكّد البوطي في خطابه ذاك أن حكمه الفقهي ليس مسألة خلافية: «لا والله. ليست المسألة خلافية، بل أجمعت عليها الأمة. وأنا أنقل لكم كلام إمام من أئمة كثيرين ينقلون الإجماع. الإمام النووي‏[24] معروف، يقول: «وأما الخروج على أئمة المسلمين فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فاسقين، ظالمين، وتظاهرت الأحاديث الكثيرة في بيان ذلك»».

في خطبة الجمعة يوم 24/6/2011 بالجامع الأموي‏[25]، كان الشيخ يحذر من سفك الدماء: «يقول حبيبنا المصطفى في خطبة الوداع كلاماً يرسله إلينا، نحن، من وراء الأيام، يخاطب من خلال أصحابه الأجيال المتتابعة المتتالية إلى يومنا هذا: «ألا لا تعودوا بعدي ضُلّالاً يضرب بعضكم رقاب بعض. ألا هل بلّغت؟! اللهم فاشهد!»».

ويضيف: «هل سمعتم عاقـلاً يخرّب داره من أجل أن يُقرّ عين عدوِّه؟! هل سمعتم عاقـلاً يزهق نفوس إخوانه من أجل أن يُفرح عدوه؟! (…) يا ناس إياكم أن تفتحوا باباً ثم تدخلون منحدراً لا تملكون الوقوف فيه! (…) الخطوة الأولى تدفعكم وتبعثكم إلى النهاية التي نرى مظهراً من مظاهرها الآن!»‏[26].

في خطبة الجمعة، يوم 5/8/2011 كان الشيخ يقرأ الحديث النبوي: «من جاهد أو قاتل تحت راية عِمِّيَّة فقُتِل، فقِتْلَتُهُ جاهلية». وأضاف: «ما الراية العِمِّيَّة؟ هي تلك القيادة التي لا نَعْلم من هم أصحابها الحقيقيون ولا نعلم الغاية منها، ولا نعلم النهاية التي توردنا. ونحن إذا أردنا البحث في الذين يُمسكون بهذه الراية سنجد الموساد الإسرائيلي والاستخبارات المركزية الأمريكية. ولسوف تأتيكم قريباً أنباء تفصيلية تضع النقاط على الحروف».

وقد نبّه في الخطاب إلى أن «فئات» التقت «قبل أيام، وتواصتْ بتأجيج نيران الفتنة في الشام، في سوريا، من أجل الوصول إلى الغاية التي لم نرسمها نحن، وإنما رسمها الموساد والاستخبارات المركزية الأمريكية»‏[27].

وواصل الشيخ في خطابه التحذير من «الفتنة»: «رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حدثنا عن هذه الفتن، ووصفها، ووصف هذا الذي مررنا به بأدق وصف. ثم إنه أمرنا بالابتعاد عنها، وحذَّر تحذير تحريم من الدخول فيها والولوغ إليها. قال في حديث طويل، وصف فيه هذه الحالة، قال لكل فرد من المسلمين: «عليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة» (…). ويقول في حديث آخر: «اعْمَدْ إلى حجر، فدُقَّ عليه حدَّ سيفك‏[28]، واترك تلك الفئات والجماعات، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك» (…) هل جئت بهذا من عندي أيها الإخوة؟! أبداً، أنا ناقل!!»‏[29].

وهو يفنّد في هذا الخطاب ما اتهمه به الشيخ القرضاوي وغيره من قادة «الربيع العربي» إذ أوّلوا مواقفه السياسية «بأنني من أتباع النظام وأنني من شيوخ السوء، فيعني ذلك أن هذه التهمة هي نفسها تُهمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا لا أشك في أن محمداً رسول الله لو ظهر بيننا وذكّر بنصائحنا هذه، لجاء من يقول له: «يا محمد، أنت من أتباع النظام ومن مشايخ السوء!»».

أ – الشيخ البوطي يخاطب قاتلهُ

لقد سئل ناصر الدين الألباني، عن كتاب البوطي: السلفية مرحلة زمنية مباركة لا منهج إسلامي، فقال: «أنا لم أقرأه»، مبرّراً ذلك بأنه يعرف البوطي: «أنا أعرف الرجل معرفة شخصية». وكلمة «الرجل» تنبئ بازدراء وتنكير، فلقد كان بإمكانه أن يتعامل معه بصفته «فقيهاً» أو«شيخاً». ويضيف: «إذا أحسنَّا الظن بالرجل قلنا إنه لا يَعْفَهُ الدعوة السلفية ما هي، وإن أسأنا الظن فيه فواقعه الآن – يُعْلمُ من جلساته التي تُبث الآن في التلفزيون السوري – يؤكد أنه يعرف الدعوة السلفية ويحاربها، لأنه الآن يدافع عن نظام حافظ الأسد في سوريا‏[30]، ويزْعَم أن الإسلام في سوريا خير من كل البلدان الإسلامية الأخرى»‏[31]. لكنه لم يناقش في ذلك التصريح استدلالات البوطي، ولم يفرق بين النقد و«المحاربة»، ولم يبيِّن حيثيات دفاع لم يعترف به البوطي. وقد كان الأوْلى مناقشة كتاب البوطي ذاك، ممَّا يثري الفكر الديني الإسلامي.

وقد دَعَا الألباني على البوطي في أحد حواراته الشفوية معه. وهذا الدعاء إنما هو لعْنة وتحريض عليه، أو بالأقل يجعل المؤمنين محل توقف أو ريبة نِسْبية من عالِم.

أمَّا البوطي، فقد استُفْتِي هو أيضاً في مُواطنه الألباني، فلم يصنّفه «رجـلاً»، بل صنّفه «عالماً» و«شيخاً»، ولم «يُسئ » الظن فيه، كما فعل الألباني في تصريحه: «الشيخ الألباني من العلماء الذين كنت أجلّهم، ولم يكن بيني وبينه إلا ما يكون بين العلماء من الحوار والنقاش لكشف الحق وتمييز الباطل (…) وعندما زارتني مطلقة الشيخ الألباني أرادت أن تتحدث عن بعض ما تراه عيوباً أو مثالب له منعتُها عن ذلك»‏[32].

وإنه لموقف إيتيقي، جمع فيه الشيخ الفقهية بالتصوفية، في حين أن الألباني كان مجرد عالم مَسَانِيد حديثية كبير، وكان يفتقر إلى التصوفية.

الأمر نفسه كان في موقف رمز الإسلام الإخواني، الشيخ يوسف القرضاوي، والبوطي، من بعضيهما. فلقد نفى القرضاوي، هو أيضاً، عالِمية البوطي، في قناة الجزيرة ببرنامجه الإفتائي «الشريعة والحياة» بين عامي 2011 و2013، معتبراً إياه من «بقايا العلماء»، فهو «فاقد للعقل»، والعقل هو الشرط الأول للعلمية. فقد قال في تعريفه به، إنه «مِنْ بقايا العلماء، للأسف، يتحدثون بالباطل، ويدعون لمناصرة بشار الأسد». وقدّم مثال ذلك دون مواربة: «عالِمٌ فقد هويته، وفقد عقله، وفقد كل ما في الناس العقلاء، الشيخ البوطي، سعيد رمضان البوطي». كان «الشيخ البوطي»، وأصبح – إذاً – «سعيد رمضان البوطي». فاقداً «هويته» العالِمية، بل «هويته» العاقِلية. وبذلك يلتقي مع محمد بديع، مرشد الإخوان المسلمين، الذي أعلن: «من يصلي وراء البوطي كافر»، ودعا إلى ما دعا إليه الشيخ القرضاوي تجاه البوطي‏[33].

وفي الحصة نفسها، سأله مقدّم برنامجه: «هل يجوز استهداف من يُعِين النظام السوري، وعلى رأسهم علماء السلطة؟». و«الاستهداف» هو بمعنى «القتل». فأجاب المفتي القرضاوي: «الذين يعملون مع السلطة يجب أن نقاتلهم جميعاً، من عسكريين، ومدنيين، وعلماء، وجاهلين. من كان مع هذه السلطة الظالمة، المتجبرة في الأرض، التي قتلت الناس بغير حق، هو ظالم مثلها، فيأخذ حكمها [الفقهي]. فيجب على كل من يُقاتِلُ أن يُقاتِل هؤلاء. يجب أن نقاتلهم جميعاً»‏[34]. ولقد كان أحد أبناء البوطي قَدْ قتلته نفس الرمزية – انتقاماً منه – في ثمانينيات القرن العشرين.

لم يكن الشيخ القرضاوي اشتراعيّاً، فهو يُعلن عدِيد المرات: «يخطئ النبيّ أحياناً في الأمور التي تتعلق بالتشريع»‏[35]. فإذا كان، بإمكانه تجاوز تشريعات النبي، فيستطيع أن يتّخذ مواقف متضادة من سنة إلى أخرى، بناءً على أنه يستطيع أن يُشرّع متى شاء دون العودة إلى أصول ثابتة أو مَبانٍ اجتهادية. والغريب أنه لم يَتّخذ من «النظام القطري» و«النظام الأردني» و«النظام السعودي» و«النظام المغربي»‏[36] الموقف نفسه، فهل ذلك يعود إلى أنها سلفية أو ضمن حلف غربي؟

على عكس ذلك كان الشيخ البوطي متحرّجاً إيتيقياً – في الردّ على تحريض القرضاوي عليه، لأنه متصوف وأخلاقيٌّ، لا يريد أن يدخل في معركة شخصية، فبحث عن إجماع: «ما أقوله أعتقد أنه لا يختلف عليه اثنان. أقول – مضطرّاً – شيئـاً عن أخينا، الشيخ يوسف القرضاوي».

لم ينف عن القرضاوي العالِمية والمشيخيّة: «نحن لا نشك في فضل هذا الإنسان وعلمه، وأنا أعرفه من قريب، وبيني وبينه مودّة أيضاً». فوضع الخلاف في سياق أخلاقيّ – إنسانيّ.

ثمّ بيّن أن خلافه معه، إنما هو اشتراعي – علمي، وذكَّر بموقف أهل السنّة والجماعة من الإصلاح. ثم أضاف: «إنه يَعلم أن الطريقة الغوغائية ليست هي الطريقة التي تصلح الفساد. الطريقة الغوغائية هي التي تفتح الأبواب للفتنة. العزْف عن وتر الطائفية لا يُصلح الفساد – أيها الإخوة – أبداً، وإنما يزيده، بل يَخْلُق الفساد. فأنا أعجب من أن أخي، الشيخ، يوسف القرضاوي، يعلم هذه الحقيقة».

ثم يقدّم – في المداخلة نفسها – تعجّبه من عدم قيامه بالدعوة إلى الإصلاح وفق الطريقة السنيّة – فقهيّاً -: «ترى ما الذي يمنعه، وقد ملأته الغيرة بين جوانحه لحقوق الإنسان والحريّات والقيم في هذه البلدة – وأنا أتفهَّم غيرته – من أن يتوجه إلى دمشق، ولسوف يجد من يؤهلون ويرحبون به، في سوريا رئيساً وحكومة وشعباً، فيجلس شريكاً مع من يجلسون مع السيد الرئيس، فيكون هو الآخر ممن يتناقشون ويبْحثون، ومن ثُمَّ يَنال هو الآخر ثواباً من عند الله؟!». وأضاف بحذره الإيتيقي: «أنا أسأله سؤال مستعلم لا سؤال ناقد». ثم ذكّره: «كانت دمشق في ما مضى قد رحبت به، في ما مضى، في أعقاب حرب غزّة، وكان قد أتيح له أن يجلس للسيد الرئيس. امتلك فرصة ذهبية رائعة. عندما جاء، كانت مشكلة الحزب «الواحد» قائمة، وكانت مشكلة «الطوارئ» قائمة، وكانت مشكلة «الحرّيات» قائمة، فلم يتحدث عنها، وإنما استبدل ذلك بالمديح الذي كاله جِزافاً للسيد الرئيس (…) هلّاَ ذكّرْتَهُ – يا أخ – بهذه الإصلاحات التي تثور من على منبر صلاة الجمعة [بالدَّوْحة] عليها، تثور وتثير من أجلها (…) أُتِيحَ لك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وأن تتخذ لنفسك شهادة بين يدي الله يوم القيامة!». ثم حَذّره تحذيراً إيتيقيّـاً: «عليه أن يُحكِّم الضوابط بَدل أن يُحَكّـِم الظروف والمصالح الحزبية، التي تدعوه آناً إلى أن يصمت فيصمت، وتدعوه آناً إلى أن يتكلم ويثور، فيثور ويُثير»‏[37].

قبل أقل من 24 ساعة، كان الشيخ البوطي في مقابلة تلفزيونية، كان متفائلاً: «الأزمة في إدبار ومدتها لا يعلمها إلا الله تعالى وهذه الحرب العالمية على سوريا ستنتهي بالخيبة بإذن الله، وستفوز سوريا على أعقاب هذه الآلام وهذه الدماء التي سالت (…) سينتهي ذلك كله بالنصر الفريد (…) وسيُدَرّس [دفاعنا] في الأكاديميات العسكرية بالعالم». وخاطب القتلة بقوله:«أحسن جزاء لمن قَتَلوا السوريين وخَرَّبوا سوريا هو العفو! ينبغي أن نتخذ الموقف الذي اتخذه سيدنا يوسف من إخوته: ﴿قالَ لا تَثريبَ‏[38] عَلَيكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللَّـهُ لَكُم وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمين﴾ [يوسف: 92].

وبذلك يمارس الشيخ البوطي مرة أخرى، الموقف الإيتيقي، فلا وجود لموقف إفتائيٍّ لديه إلا وهو موقف إيتيقيٌّ في الآن نفسه، على عكس المواقف الفقهية لرمز الإسلام السلفي (الشيخ الألباني) ورمز الإسلام الإخواني (الشيخ القرضاوي)، إذ كانت مواقفهما مواقف قطِيعية، غير تواصلية، وغير تفهمية، أي هي مَبْدئيّـاً تمارس القتل الرمزي للآخر.

وهذا الموقف الإيتيقي الأعلى للبوطي (العَفو) يلتقي في علويته مع بيعه بَيْتَهُ ليساهم في الدعم الشعبي السوري للمقاومة الفلسطينية أثناء حرب غزّة.

كان الداعية عدنان إبراهيم مصدوماً من مَقتله: «إن أمّة تَقْتُل خيارها يجب أن تخاف على مصيرها»، بينما كان المطران عطا الله حنَّا، مطران القدس يشارك المسلمين المقيمين في مدينة صوفيا (إذ صادف يوم مقتله وجوده هناك) في مظاهرة مندّدة باغتياله.

خاتمــة

يمكننا أن ننقد البوطي في «محافظته» في فقهه السياسي وفقه النساء وفقه الفن، فذلك من حقنا الكامل، ولكنْ يجب أن يكون ذلك وفق سياق علمي؛ لا أن نذهب في اتجاه قتله رمزياً وجسدياً.

كان البوطي اشتراعياً، خضع في مواقفه السياسية لبحثه العلمي في الفقه السياسي الإسلامي؛ مُنذ تخرُّجه في الأزهر، مِنْ قبل تسلم حافظ الأسد للسلطة. في الآن نفسه، كان أخلاقيّاً: إذ عفا عن قاتله الحقيقي (الفتوى الإخوانية بقناة الجزيرة…) وقاتله العملي، وكان قبل ذلك إصلاحيّاً في علاقته بالسلطة والمعارضين وعلماء الدين والجماهير. عودة مواقفه السياسية وعلاقته بالسلطة والمعارضة لا علاقة لها بهوى شخصي، ولا باشتراكه مع حافظ الأسد في الأصل الطبقي – الفلّاحي الواحد، بل هي مرتبطة بنظرية في الفقه السياسي وأخلاقية تصوّفية.

ومأساته الحقيقية، تتمثل في عدم وجود علماء دين حريصين على الفعل السياسي، إذ خذلوه عدة مرات عام 2011 لضعف همَّتهم، ولم يكن «الإسلاميون» اشتراعيين مثلهُ، ولم تكن الجماهير قابلة للانتظام التصوّفي مثله.

لقد دَافع الشيخ، طوال حياته العلمية والعملية، بهدوء علمي وإيتيقِي، ووفق ضوابط ارْتآها، عن الإسلام السنيّ، ناقداً بعالِميةٍ وأخلاقيةٍ الإسلامَ السلفيَّ والإسلام الإخوانيَّ، ووقف ضد ما سمَّاه «الغوغائية» و«تدمير الوطن».

لقد كان الشيخ استيضاحيّـاً – اشتراعيّـاً في عالِميته، إيتيقياً في مُمارَسته، رافضاً لغوغائية «الرّاية العُمّـِيّة».

 

قد يهمكم أيضاً  الحوار الإسلامي – العلماني في الوطن العربي بين أزمة التواصل وانتعاش العنف

إطّلعوا أيضاً على  في «جحر الأرنب» : بحثاً عن تاريخ «داعش»

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #دين #الإسلام_المعتدل #البوطي #الشيخ_محمد_سعيد_البوطي #فقه #الفقه_السياسي # الاشتراع# دراسات