مدخل:

تهدف الدراسة إلى محاولة تقييم الواقع السياسي للمرأة الأردنية ورصده، خاصة بعد التحولات السياسية التي شهدها الأردن خلال العقدين الماضيين والتي تأتي ضمن التوجهات الحكومية للتعرف إلى مدى مشاركة المرأة الأردنية في الشأن السياسي لتعزيز مكانتها ودورها السياسي. كما تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على مدى مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار، إضافة إلى مشاركتها في مؤسسات المجتمع المدني كالأحزاب السياسية والنقابات ووسائل الإعلام.

وتكمن أهمية الدراسة في محاولتها التعرف إلى مواقع القوة والضعف النسائي في مجال المشاركة السياسية في مراكز صنع القرار، بما يضمن رفع مكانة المرأة وتمكينها في المجال السياسي.

اعتمدت الدراسة المنهج التحليلي التاريخي في تناول واقع المرأة في مراكز صنع القرار على المستوى المحلي، وذلك لأنه يرصد خطوط التطور لموضوع الدراسة. كما استخدمت الدراسة المنهج المقارن للتعرف إلى نسب التغيير لواقع المرأة السياسي في المؤسسات الحكومية والمؤسسات المدنية.

تطرح الدراسة إشكالية هي أن التوجه الديمقراطي في الأردن يتطلب مشاركة فاعلة للمرأة وتمكينها سياسياً؛ لذلك كان لا بد من القيام بدراسة تسلط الضوء على واقع المرأة السياسي للتعرف إلى نقاط القوة ونقاط الضعف لديها، وقياس مدى مشاركتها في رسم السياسات الحكومية وغير الحكومية وإشغال المراكز القيادية، وتحديد العوامل والمعوقات التي تواجه مدى فاعلية دور المرأة ومشاركتها سياسياً وتأثيرها فيها.

تحاول الدراسة الإجابة عن التساؤلات التالية: 1 – ما هو واقع المرأة في السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية؟ 2 – ما هو واقع المرأة في الأحزاب السياسية والمجالس البلدية؟ 3 – ما أبرز المعوقات التي تقف وراء وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار؟
4 – ما أبرز التوجهات والسياسات الحكومية لتعزيز مكانة المرأة ودورها السياسي؟

سبق لموضوع المشاركة السياسية للمرأة في الأردن أن عولج بدراسات سابقة[1]. لكن تتميز دراستنا هذه عن الدراسات السابقة في كونها تأتي بعد الانتخابات النيابية والبلدية التي شهدها الأردن في 2016 و2017، لتؤكد الواقع السياسي للمرأة الأردنية في مراكز صنع القرار، ولتشكل إضافة نوعية واستكمالاً للدراسات السابقة من خلال كشفها عن واقع المرأة الأردنية السياسي في مراكز صنع القرار الحكومية (الحكومة، والبرلمان، والقضاء) وكذلك في الأحزاب السياسية والمجالس البلدية.

مقدمة

للمرأة  دور محوري وأساسي في بناء المجتمع وتنميته، وبخاصة بعد ما نالته من تثقيف وتأهيل وعلم ومعرفة لتنمية شخصيتها وتوسيع مداركها، وهذا ساعد على دخولها ميدان العمل والمشاركة في الحياة العامة. وليس هناك شك في أن المرأة الأردنية قد حققت تقدماً خلال العقدين الماضيين من حيث إزالة العقبات القانونية أمام حقوقها السياسية، كما تزايد وجودها في السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية.

تعدّ قضية وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار من أهم التحديات التي تواجهها، وتقدمها في هذا الصعيد بطيء وغير كافٍ، وتكمن أهمية هذه القضية في كونها تعد مؤشراً على درجة المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في المجتمع الأردني، وعلى تغيير الصورة النمطية التقليدية للمرأة وزيادة تمثيلها في مواقع صنع القرار بصورة عادلة تتناسب مع سيرتها العملية وتأهيلها العلمي وحضورها الفعّال في الحراك السياسي، وما تقدمه من تضحيات بجانب الرجل. إن دور المرأة في المجتمع لا يكتمل إلا بمشاركتها الفاعلة في الحياة العامة، وتخليها عن تلك النظرة التي ترى فيها ذاتها كياناً ضعيفاً لا يقوى على دخول معترك السياسة والاهتمام بالشأن العام، ولا بدّ من أن تكون المرأة صانعة للقرار ومنفذة للسياسات إيماناً برسالة الوطن وخدمته، فإذا لم يكن للمرأة دور في الحياة السياسية، فلن تكون هناك تنمية شاملة.

أولاً: التوجهات والسياسات الحكومية تجاه مشاركة المرأة في الحياة السياسية

لا يزال الواقع السياسي للمرأة الأردنية يوصف بالمحدودية والضعف مقارنة بواقعها التعليمي والصحي والثقافي والاجتماعي، فلم يكن تمثيلها – إلى حد ما – منصفاً في الحكومة والبرلمان، والنقابات والأحزاب السياسية – إلى حد كبير- والإعلام وغيرها من الهيئات، للارتقاء بالمستوى المطلوب الذي يعبّر عن واقع المرأة في المجتمع الأردني، الأمر الذي لا ينسجم مع مبادئ الدستور الأردني الذي تنص مادته السادسة على «المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين رجالاً ونساءً دون تمييز».

ظلت المرأة الأردنية خارج دائرة المشاركة السياسية على مدى عهد إمارة شرق الأردن (1921-1945)، حيث كانت المشاركة السياسية حكراً على الرجال [2].

تعود مشاركة المرأة في العمل العام إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث نشأت تنظيمات نسوية رفعت مطالبها بالمشاركة والمساواة وتكافؤ الفرص [3]. ومع ظهور دستور عام 1952، تأسس في العام 1954 اتحاد نسائي أردني بقيادة السيدة إملي بشارات تحت اسم «اتحاد المرأة العربية» الذي رفع شعار «حقوق وواجبات متساوية، أمة عربية واحدة»، ما يظهر دوره في توعية المرأة سياسياً، ومنحها حقها الكامل في المشاركة السياسية [4]، ولكن هذا الاتحاد توقف بعد فرض الأحكام العرفية في نيسان/أبريل 1957، وحل الأحزاب السياسية  [5].

وفي عام 1974 أقر المشرع الأردني حق المرأة في الانتخاب والترشُّح في المجالس النيابية بموجب القانون المعدل لقانون الانتخاب الأردني رقم (8) لعام1974 [6]، وفي نفس العام سمحت الحكومة الأردنية بقيام «الاتحاد النسائي»، الذي بادرت إلى تأسيسه مجموعة من السيدات الرائدات اللواتي عرفن العمل النسائي من قبل، ومعظمهن ينتمين إلى أحزاب سياسية يسارية، إلّا أنه في عام 1981 تم حل هذا الاتحاد بسبب التوتر والصدام مع الحكومة نتيجة نشاط الاتحاد السياسي، ثم أعيد عام 1989 وغيّر اسمه إلى «اتحاد المرأة الأردنية» [7].

كما ظهرت سياسة إدماج المرأة الأردنية في عملية التنمية في الخطة الوطنية (1975 – 1980)[8]، وكان للأوضاع والمستجدات السياسية التي مرّ بها الأردن تاريخياً انعكاس كبير على وضع المرأة السياسي – كما هو الحال بالنسبة إلى الرجل ولو بصورة أقل – وهي تمثلت بـ: غياب الحياة النيابية نتيجة احتلال الضفة الغربية بعد حرب حزيران/يونيو عام 1967 إذ بقيت المرأة الأردنية محرومة ممارسة حقوقها في الانتخاب والترشح حتى عودة الحياة النيابية عام 1989 [9]، وإجراء أول انتخابات نيابية تميزت بأول مشاركة للمرأة كناخبة ومرشحة في آن واحد [10]، وكذلك حل الأحزاب السياسية وفرض الأحكام العرفية من 1957 – 1989 [11].

نشطت الحركات النسائية في الأردن في ثمانينيات القرن الماضي نتيجة تزايد الاهتمام العالمي بقضية المرأة، حيث عقد مؤتمر المرأة العالمي في نيروبي عام 1985، وكان له أثر إيجابي في قضية المرأة في المجتمع الأردني، إذ استدعى ضرورة وجود نساء أردنيات للمشاركة في ذلك المؤتمر، وهو حث في الفقرة (86) من المادة الثالثة من استراتيجية «الحكومات والأحزاب السياسية على تكثيف جهودها لتشجيع وكفالة المساواة في اشتراك المرأة في الهيئات والمناصب العليا»[12]، ثم تلا ذلك مشاركة الأردن في العديد من المؤتمرات الدولية التي تتعلق بالمرأة، ومنها: مؤتمر السكان والتنمية الدولي الذي عقد في القاهرة عام 1994، والمؤتمر العالمي المعني بالمرأة الذي عقد في بكين عام 1995 [13].

وفي عام 1981 تأسس الاتحاد النسائي الأردني العام، الذي لا يزال قائماً حتى الآن، ويتكون الاتحاد من 72 جمعية خيرية نسائية، ويحظر قانون الجمعيات الخيرية والهيئات التطوعية لسنة 1966 على مثل هذا الاتحاد أن يقوم بنشاط سياسي بشكل صريح [14].

وفي عام 1982 عُّدل قانون البلديات بحيث أصبح من حق المرأة المشاركة في الانتخابات البلدية كناخبة ومرشحة، وكانت أول مشاركة لها كمرشحة وناخبة في الانتخابات البلدية عام 1989، إلا أن الحظ لم يحالف أياً من المرشحات في تلك الانتخابات، وفي الانتخابات البلدية عام 1995 ترشحت عشرون سيدة للانتخابات فازت منهن واحدة برئاسة إحدى البلديات، وتسع نساء أخريات فزنَ بعضوية المجالس البلدية [15].

وبهدف رفع سوية المرأة الأردنية وإدماجها بفاعلية في شؤون التنمية، ونشر الوعي العام بأهمية دور المرأة وإعلاء مكانتها، تأسست اللجنة الوطنية لشؤون المرأة عام 1992 [16] لتكون منبراً للسياسات المتعلقة بها. وفي عام 1995 أُسِّس تجمع لجان المرأة الوطني الأردني برئاسة الأميرة بسمة بنت طلال، والذي يعمل رسمياً تحت إشراف وزارة الداخلية. وتطبيقاً لتوصيات مؤتمر المرأة العالمي الرابع الذي عقد في بكين عام 1995 تأسس في آذار/مارس 1996 مركز الأميرة بسمة لشؤون المرأة [17].

وفي عام 1989 وقع الأردن الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة [18] (سيداو) وصادق عليها في تموز/يوليو لعام 1992 مع بعض التحفظات تأكيداً للنهوض بوضع المرأة ومكانتها، وفي عام 2009 صدرت الإرادة الملكية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء برفع التحفظ عن البند الرابع من المادة (15) من الاتفاقية والمتعلقة بحرية التنقل والسكن للنساء أسوة بالرجال [19].

ومن الخطط الاستراتيجية التي اهتمت بضرورة تقليص الفجوات النوعية بين الذكور والإناث، الاستراتيجية الوطنية للسكان لعام 2000، وكان من أهدافها أن الإنسان يتمتع بجميع الحقوق والحريات بدون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي، كذلك يتمتع كل من الرجال والنساء بحقوق متساوية وبالمشاركة التامة بوضع السياسات وصنع القرارات على جميع المستويات وبما يعزز المساواة بين الجنسين ويحقق تمكين النساء [20].

وفي عام 2002 أقر الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وثيقة «الأردن أولاً»، التي تضمنت عدة بنود تتعلق بالمرأة. فقد نصت هذه الاتفاقية على أن تعمل الحكومة على مراجعة التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان وبمكانة المرأة والطفل والأسرة لتتوافق مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة [21]، كما نصت على أن تراعي قوانين الانتخاب هدف التنمية السياسية والحزبية،  كما تراعي تمكين المرأة من المشاركة انتخاباً وترشُّحاً وضمان وصول سيدات إلى البرلمان (الكوتا النسائية [22].

ومن المرتكزات السياسية التي أعلنتها الحكومة الأردنية وثيقة «الأجندة الوطنية (2006 – 2015)»، التي تطرقت إلى المرأة في الكثير من المحاور في إطار تمكين النساء من ممارسة مواطنتهن الكاملة، وتفعيل دورهن في عملية التنمية، حيث أوصت الأجندة الوطنية (2006 – 2015) بضرورة تحقيق المساواة للمرأة وإزالة أشكال التمييز بمجتمعنا في التشريعات الأردنية كافة، وضمان زيادة مشاركة المرأة بنسب مقبولة في مواقع صنع القرار الحكومية ودعم تمثيلها بنسب مقبولة في المجالس المنتخبة [23]. وأقر مجلس الوزراء في كانون الثاني/يناير 2013 الاستراتيجية الوطنية للمرأة الأردنية للأعوام (2013 – 2017) بهدف تمكين المرأة اجتماعياً وقانونياً وسياسياً واقتصادياً وبناء قدراتها وتنمية مهاراتها ومعارفها، كما تهدف الاستراتيجية إلى تعزيز دور المرأة في رسم السياسات وصناعة القرارات في مختلف المحاور والقطاعات لتحقيق التنمية المستدامة[24].

في ضوء ما سبق يمكن القول إن ما جرى من تقدم في تمكين المرأة الأردنية لم يكن نتيجة للنشاط المطلبي للحركات النسائية، إنما كان مبادرة من القيادة السياسية بالدرجة الأولى، وانعكاساً لضغوط خارجية بالدرجة الثانية؛ فبعض الدول الغربية والمؤسسات الخارجية تربط مساعداتها بتحسين وضع النساء في الدولة. كما نستنتج أن التقدم في مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار ضعيف، فهو لا يستند إلى تأييد مجتمعي واسع ولا قناعة حقيقية به من جانب القطاعات الواسعة من المواطنين، كما أن هنالك انقساماً بين النخبة السياسية حول ذلك.

وفي تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين 2014 تراجع مركز الأردن من المركز (119) بين 134 دولة إلى المركز (134) من بين 142 دولة [25]. وأوضح التقرير أن الأردن اقترب من إغلاق الفجوة في مجالَي الصحة وفرص الحياة (0.9655)، والتحصيل العلمي (0.9906)، إلّا أنه ما زال متأخراً في مجال التمكين السياسي، حيث جاء في المركز (119) من 142، وفي مجال الفرص والمشاركة الاقتصادية في المركز (140) من 142 متقدماً فقط على الباكستان وسورية [26]. واحتل الأردن المركز (140) على سلم يشمل 145 دولة في تقرير الفجوة الجندرية لعام 2015، وهذا يضع البلاد ضمن أقل الدول في ما يتعلق بردم الفجوة بين النساء والرجال وتحقيق العدالة بين الجنسين. أما في تقرير عام 2016  فقد جاء الأردن في المرتبة (134) من أصل 144 دولة على سلم الفجوة الجندرية [27].

إن التمكين السياسي الحقيقي للمرأة، لا يمكن أن يتم إلّا في سياق التمكين المجتمعي، الذي يهدف إلى تغيير البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تكفل إعادة الثقة للمرأة وبالمرأة.

ويمكن لنا قراءة مشاركة المرأة الأردنية في الحياة السياسية من خلال المحاور التالية:

1 – إشغال المناصب العامة في السلطات الثلاث:

أ – على صعيد السلطة التنفيذية

جدول نسبة التمثيل النسائي على المستوى الوزاري

اسم الحكومةتاريخ

التشكيل

الحقائب الوزارية
ذكورإناثالمجموع
حكومة مضر بدران19791
حكومة أحمد عبيدات19801
حكومة الأمير زيد بن شاكر19932
حكومة عبد الرؤوف الروابدة199922123
حكومة علي أبو الراغب/الأولى200028129
حكومة علي أبو الراغب/الثانية200226127
حكومة فيصل عاكف الفايز200318321
حكومة عدنان بدران200522426
حكومة  معروف البخيت/الأولى200523124
حكومة  نادر الذهبي200725328
حكومة سمير الرفاعي/الأولى200927229
حكومة  سمير الرفاعي/ الثانية201028331
حكومة  معروف البخيت/الثانية201125227
حكومة عون الخصاونة201128230
حكومة  فايز الطراونة201229130
حكومة عبدالله النسور/الأولى201221021
حكومة عبدالله النسور/الثانية201316319
حكومة هاني الملقي/الأولى201624428
حكومة هاني الملقي/الثانية بعد آخر تعديل عليها في 18 حزيران/يونيو 2017201627330

المصدر: الجدول من إعداد الباحث اعتماداً على المعلومات الموجودة في رئاسة الوزراء الأردنية، الحكومات السابقة: <http://www.pm.gov.jo>.

يظهر الجدول أعلاه مستوى مشاركة المرأة في السلطة التنفيذية بمنصب وزيرة، وتشير بيانات الجدول إلى أن أول مشاركات المرأة الأردنية على المستوى الوزاري تعود إلى العام 1979، عندما تم تعيين إنعام المفتي وزيرة للتنمية الاجتماعية، وفي عام 1984 تم تعيين ليلى شرف وزيرة للإعلام، وفي حكومة الأمير زيد بن شاكر عام 1994 تم تعيين سيدتين في مناصب وزارية هما سلوى المصري وزيرة للتنمية الاجتماعية، وريما خلف وزيرةً للتخطيط. كما لا بد من الإشارة الى أن ريما خلف حافظت على حقيبتها الوزارية كوزيرة للتخطيط في الفترة 1996-2000، وأنها أول سيدة حصلت على منصب نائب رئيس الوزراء وزيرة للتخطيط في حكومة السيد عبد الرؤوف الروابدة عام 1999. وفي حكومة السيد فيصل الفايز عام 2003 عينت أسمى خضر بمنصب وزيرة دولة والناطق الرسمي باسم الحكومة [28].

كما نلاحظ من بيانات الجدول أن وجود المرأة لم يكن ثابتاً في الحكومات الأردنية خلال السنوات الماضية، وبخاصة في السنوات العشر الأخيرة، ففي حكومة السيد عدنان بدران (2005) كان هناك أربع وزيرات، وفي حكومة سمير الرفاعي الأولى (2009) تقلص عدد الوزيرات إلى وزيرتين، وفي حكومة فايز الطراونة (2012) وزيرة واحدة، أما حكومة السيد عبد الله النسور الأولى (2012) فقد خلت من أية حقيبة وزارية للسيدات، وفي حكومته الثانية (2013) يوجد ثلاث وزيرات. أما في حكومة هاني الملقي الأولى لعام 2016 تسلمت أربع نساء حقائب وزارية، في حين يبلغ عدد الوزيرات في الحكومة الثانية لهاني الملقي – والموجودة حتى تاريخ إعداد هذا البحث – ثلاث وزيرات.

وبشأن مستوى تمثيل المرأة في المواقع الإدارية والقيادية في السلطة التنفيذية (مدير عام، أمين عام، محافظ، …) فما زال دون المستوى المطلوب، إلّا أن وجودها في المناصب الإدارية الوسطى (مدير دائرة، رئيس قسم، رئيس شعبة…) شهد تطوراً واسعاً [29].

 

ب – على صعيد السلطة التشريعية [30]

نتيجة للأوضاع السياسية التي شهدها الأردن منذ عام 1957، واستمرار الأحكام العرفية (1957 – 1989)، واحتلال الضفة الغربية بعد حرب حزيران/يونيو عام 1967، بقيت المرأة الأردنية محرومة ممارسة حقوقها في الانتخاب والترشح على الرغم من منحها حق الترشح والانتخاب بموجب قانون انتخاب مجلس النواب الرقم (8) لعام 1974 [31]. وخلال فترة الفراغ التشريعي في الأردن (1974-1989) تم تشكيل ثلاثة مجالس وطنية استشارية، تمثلت مهمتها بإسداء الرأي والمشورة للسلطة التنفيذية ومناقشة السياسة العامة. تكون المجلس الأول (1978-1980) من 60 عضواً، منهم 3 سيدات، أما المجلس الثاني (1980-1982) فقد تم فيه تعيين 4 سيدات من أصل 60 عضواً، وفي المجلس الثالث الذي تشكل في الفترة 1982 – 1984 فقد تم تعيين 4 سيدات من أصل 75 عضواً [32].

وفي مؤتمر القمة العربية الذي عُقد بالجزائر عام 1988، تقدمت منظمة التحرير الفلسطينية بطلب فك الارتباط بين الضفتين الشرقية والغربية باعتبار أنّ المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وفقاً لقرار مؤتمر القمة العربية المنعقد في الرباط عام 1974، وفي نهاية شهر تموز/يوليو 1988 أصدر الأردن قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين، وشرعت الحكومة في العودة إلى الحياة البرلمانية دون تمثيل الضفة الغربية.

وبعد عودة الحياة الديمقراطية للأردن عام 1989، وإجراء أول انتخابات نيابية، تميَّزت بأول مشاركة للمرأة كمرشحة وناخبة في آن واحد، ترشَّحت 12 امرأة من أصل 647 مرشحاً أي بنسبة (1.85 بالمئة) من إجمالي عدد المرشحين، إلّا أن أياً منهن لم تنجح في تلك الانتخابات [33]. وعلى مدار الانتخابات النيابية التي جرت منذ 1989 وحتى 2001 لم تستطع المرأة الأردنية الوصول إلى البرلمان عبر الاقتراع باستثناء المجلس النيابي الثاني عشر لعام 1993، حيث فازت توجان الفيصل، التي ترشحت عن المقعد النيابي المخصص للشيشان والشركس [34]، لتكون أول سيدة أردنية تدخل مجلس النواب.

وكان يمكن تكرار المشهد الانتخابي نفسه الذي اتسم بضآلة المشاركة النسائية في الانتخابات النيابية، لولا تعديل قانون الانتخاب الأردني لعام 2001 وتخصيص كوتا للمرأة في المجلس النيابي بستة مقاعد من أصل 110، أسهم في وجود نسائي في المجلس النيابي الرابع عشر (2003 – 2007) الذي ترشحت له 54 امرأة فازت منهن 6 نائبات شكلن 5.5 بالمئة من أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم  110 نوّاب، وتجاوز عدد المترشحات عتبة 5 بالمئة من مجموع المرشحين لأول مرة في تاريخ الانتخابات النيابية الأردنية [35]. وفي انتخابات المجلس النيابي الخامس عشر لعام 2007 تواصل ارتفاع نسبة الترشحّ النسائي ليصل إلى ما نسبته 22.4 بالمئة، بعد أن ترشحت 199 مرشحة من أصل 885 مرشحاً ومرشحة،  وحصلت سيدة على مقعد نيابي بالمنافسة خارج نظام الكوتا ليبلغ عدد السيدات في المجلس 7 نساء من أصل 110 أعضاء وبنسبة مقدارها 6.36 بالمئة[36]. وفي عام 2010 تم رفع عدد أعضاء الكوتا النسائية من 6 إلى 12 مقعداً من أصل 120 مقعداً وبنسبة 10.8 بالمئة، فأصبح عدد النساء في مجلس النواب الأردني السادس عشر لعام 2010 ثلاث عشرة امرأة، واحدة منهن فازت بالتنافس الحر [37].

وفي الانتخابات النيابية لعام 2013 تم رفع مقاعد الكوتا النسائية إلى 15 مقعداً من أصل 150 مقعداً، ويوجد الآن في المجلس النيابي السابع عشر 18 سيدة، 3 منهن فزنَ بالتنافس الحر [38]، وبلغ عدد المرشحات 115 امرأة  من أصل 698 مرشحاً، وبنسبة  16.7 بالمئة للدائرة الانتخابية المحلية والكوتا النسائية [39]. وبلغ عدد المرشحات للدائرة الوطنية أو العامة 88 سيدة من أصل 829 مرشحاً. أما في الانتخابات النيابية الأخيرة لعام 2016 حصلت النساء على 20 مقعداً من مجموع أعضاء المجلس والبالغ 130 عضواً وبنسبة 15.3 بالمئة. وبموجب نتائج الانتخابات النيابية لعام 2016 يحتل الأردن حالياً المركز العاشر عربياً والمركز 122 عالمياً في مجال تمثيل النساء برلمانياً [40].

نرى مما تقدم أن مشاركة المرأة الأردنية في مجلس النواب الأردني في تزايد مستمر، وهذا يؤكد أيضاً رغبة القيادة السياسية العليا في تعزيز دور المرأة ومكانتها في مراكز صنع القرار السياسي، ولتمكينها من الوصول إلى قبة البرلمان، كما أن فوز3 سيدات في الانتخابات النيابية لعام 2013 و5 سيدات في انتخابات 2016 بالتنافس الحر، يشير إلى نضج التجربة النسائية إلى حد ما، كما يشير إلى مراجعة حقيقية للحكم على العشيرة بأنها لا تصوت للمرأة، وإنما أداء المرأة هو الذي يخلق القناعة بالتصويت لها. تجدر الإشارة هنا إلى أنّه لم يحدث أن تولت سيدة منصب رئيس مجلس النواب أو نائب رئيس المجلس، إلّا أنه في مجلس النواب الأردني السادس عشر لعام 2010 تولت إحدى السيدات، وهي النائب ناريمان الروسان، منصب مساعد رئيس مجلس النواب في الدورة العادية الثانية لعام 2011. كما أن الأغلبية الساحقة من رؤساء اللجان في مجلس النواب هم من الرجال.

أما على صعيد مشاركة المرأة في مجلس الأعيان، فقد تم تعيين سيدة واحدة عام 1989 من أصل 40 وامرأتين عام 1993 من أصل 40، وثلاث سيدات من أصل 40 عام 1997 و7 سيدات من أصل 55 في عامي 2003 و2007 [41].  وفي عام 2010 ارتفع العدد إلى 9 سيدات من أصل60 عضواً، أي بنسبة 15 بالمئة. وهذا الارتفاع المطرد دليل واضح على رغبة الإرادة السياسية في إشراك المرأة الأردنية في صياغة السياسات العامة وتعزيز دورها في مراكز صنع القرار، وأن المرأة الأردنية أثبتت قدرتها على إثبات وجودها في المواقع السياسية التي تشغلها، وجدارتها وأهليتها لتولي المناصب السياسية. وفي عام 2013 تم تعيين 9 سيدات من أصل 75 عضواً. وفي عام 2016 تم تعيين 10 سيدات من أصل 65 عضواً.

وعند متابعة النسب العالمية لحضور المرأة في مجالس مشابهة لمجلس الأعيان، كمجلس الشيوخ في أمريكا، ومجلس اللوردات في بريطانيا، نلاحظ أن الأردن اقترب من هذه الدول من حيث نسبة حضور المرأة في هذه المجالس [42].

ج – على صعيد السلطة القضائية

دخلت المرأة السلك القضائي في الأردن عام 1995، حيث عيّنت أول سيدة بوظيفة قاضٍ، تلتها أخرى عام 1996. وبلغ مجموع القضاة من النساء حتى عام 1998 خمسة من أصل 406 قضاة، وفي عام 2001 ارتفع عدد القضاة من النساء ليبلغ 23 امرأة [43].  ووفق إحصاءات المجلس القضائي الأردني عام 2006 فقد بلغ مجموع القضاة من النساء 29 قاضية بنسبة 4.2 بالمئة من مجموع القضاة، و37 قاضية عام 2007، وبلغ عدد القضاة عام 2009، 754 قاضياً منهم 48 قاضية [44]. وفي عام 2012 ارتفع العدد إلى 911 قاضياً منهم 141 قاضية وبنسبة 15.5 بالمئة من مجموع القضاة [45]. وبتاريخ 14/9/2017 تم ترفيع إحدى السيدات في محكمة استئناف عمان وهي القاضية إحسان بركات إلى الدرجة العليا، لتكون أول قاضية أردنية تحصل على أعلى درجة قضائية في القضاء الأردني.

كما أن 50 بالمئة من المشاركين في برنامج قضاة المستقبل، ودبلوم الدراسات القضائية الذي يمنحه المعهد القضائي الأردني هم من النساء، وهذا ما أكدته نسبة القبول للإناث التي بلغت 50.8 بالمئة من عدد المقبولين خلال العام 2012 [46]. ويوجد هنالك نساء رئيسات محاكم، وبعضهن بمنصب «المدعي العامّ»، إلّا أن النساء مغيّبات – إلى الآن – في المحاكم الدينية (الشرعية والكنسية) ولا توجد قاضيات في هذه المحاكم – مع أنه لا يوجد مانع قانوني يحول دون ذلك – مع ما تجده النساء في أروقة هذه المحاكم من تحديات وأعباء نفسّية واجتماعية، إذ تشعر النساء بنوع من الرهبة وبخاصة في سردهن لتفاصيل حساسة ومحرجة أمام قضاة ذكور [47].

2 – مشاركة المرأة الأردنية في الأحزاب السياسية

كان أول ظهور للمرأة الأردنية في الأحزاب السياسية في عام 1951 بعد وحدة الضفتين الشرقية والغربية. أما أول حزب أردني استقطب نساء في صفوفه فهو الحزب الشيوعي الأردني [48]. وعلى العموم اتسمت مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية بالمحدودية والضعف، وذلك لعدة عوامل منها: 1 – تجميد الحكومة الأحزاب السياسية في الفترة من 1957 إلى 1992؛ 2 – أغلب الأحزاب السياسية المرخصة بعد صدور قانون الأحزاب السياسية لعام 1992 لا تعالج قضية المرأة وواقعها بشكل جدي وفعّال ومستقل في برامجها؛ 3 – المرأة نفسها والتزامها بقيم المجتمع التي هي قيم ذكورية؛
4 – تردّي الأوضاع الاقتصادية وما أفرزته من بطالة وارتفاع أسعار، أدى إلى الانشغال في الشؤون الخاصة والابتعاد من النشاط العام، واللامبالاة إزاء الحياة السياسية. هذه العوامل تركت أثراً سلبياً في نشاط المرأة ودورها ضمن الأعضاء المؤسسين لعدد من الأحزاب، إلّا أن هذا الحضور لا يشكل الوزن الحقيقي للمرأة في المجتمع [49]. كذلك حجم مشاركة المرأة في الهيئات القيادية للأحزاب لا تزال متواضعة.

وفي ما يتعلق بدور الأحزاب السياسية في دعم مشاركة المرأة كمرشحة في مجلس النواب الأردني، فقد أظهرت بعض الدراسات محدودية هذا الدور، وهو ما أظهرته الانتخابات النيابية منذ عودة الحياة النيابية عام 1989، وبذلك فإن أثر الأحزاب لم يكن واضحاً بشكل إيجابي سواء على صعيد تبني قضية مشاركة المرأة والدفاع عنها، أو على صعيد دعم المرشحات للمنافسة والفوز بالانتخابات [50].

وأشارت الدراسة التي صدرت عن مركز القدس للدراسات السياسية في شباط/فبراير 2017 حول تطور الحياة الحزبية في الأردن خلال الفترة 1921-2016 إلى وجود 50 حزباً مرخصاً في الأردن حتى عام 2016، وأن هناك امرأتان تحتلان منصب الأمينة العامة للحزب، وهما عبلة أبو علبة (حزب الشعب الديمقراطي – حشد) ومنى أبو بكر (الحزب الوطني الأردني). كما أن نسبة النساء هي أقل من 5 بالمئة في أربعة أحزاب سياسية، و5-10 بالمئة في عشرة أحزاب، و11-25 بالمئة في عشرة أحزاب أخرى، بينما زادت النسبة على 25 بالمئة في سبعة عشر حزباً [51].

إن الانخراط في الحياة الحزبية سيسهل على المرأة دخول البرلمان عبر الأحزاب، وذلك لو كان لدينا أحزاب سياسية فاعلة، فلا تزال الأحزاب الموجودة على الساحة الأردنية غير جاذبة للرجل للانخراط فيها، فكيف بالمرأة وما يواجه مشاركتها من تحديات.

3 – مشاركة المرأة في المجالس البلدية

في ما يتعلق بواقع المرأة الأردنية في المجالس البلدية أو المحلية، فقد كانت المشاركة الأولى للمرأة  كناخبة ومرشحة في الانتخابات البلدية عام 1989، إلّا أن الحظ لم يحالف أياً من المرشحات في تلك الانتخابات، واستمر غياب المرأة في المجالس البلدية حتى عام 1995 عندما ترشحت للانتخابات البلدية في ذلك العام عشرون سيدة فازت منهن واحدة برئاسة إحدى البلديات القروية، وفازت تسع نساء آخريات بعضوية مجالس بلدية، وفي الانتخابات البلدية لعام 1999 ترشحت 43 سيدة وبنسبة مئوية مقدارها 0.325  نجح منهن 8 وتم تعيين 25 سيدة [52].

وفي عام 2003 جرى تعديل على قانون البلديات الرقم (29) لعام 1955، وحسب القانون المعدل الرقم (21) لعام 2003 خصصت الحكومة مقعداً واحداً للمرأة في عضوية المجالس البلدية البالغ عددها في ذلك العام 99 مجلساً، وذلك لضمان وجود نسائي واحد على الأقل في كل بلدية، كما أن عدد المرشحات للانتخابات البلدية عام 2003 بلغ 46 سيدة بنسبة 2.4 بالمئة من مجموع المرشحين البالغ عددهم 1650، فاز منهن 5 بنسبة 5.9 بالمئة [53].

وفي عام 2007 جرى تعديل آخر على قانون البلديات وصدر القانون المعدل الرقم (14) لعام 2007، الذي نص في المادة (9) الفقرة (ب) على تخصيص نسبة لا تقل عن 20 بالمئة من أعداد أعضاء المجلس لإشغالها من المرشحات اللواتي حصلن على أعلى الأصوات، وإذا لم يتقدم العدد المطلوب من المرشحات أو لم يتوافر العدد الذي يساوي هذه النسبة من عدد أعضاء المجلس لإشغالها فيتم التعيين بقرار من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب الوزير في حدود هذه النسبة، ويطبق هذا النص على أمانة عمان الكبرى في ما يتعلق بالأعضاء المنتخبين [54]. شجّع هذا التعديل المرأة الأردنية على المشاركة في المجالس البلدية كمرشحة في انتخابات عام 2007، فبلغ عدد المرشحات لعضوية المجالس البلدية 355 امرأة فاز منهن 226 من بينهن 23 سيدة بالتنافس، كما ترشحت 6 نساء لرئاسة البلديات فاز منهن رئيسة بلدية واحدة.

وفي نهاية شهر آب/أغسطس 2013 أجريت الانتخابات البلدية والتي ترشحت لها 473 امرأة لعضوية المجالس البلدية و8 مرشحات لمنصب رئيس بلدية، وبنسبة 16 بالمئة من مجموع المرشحين، وكشفت نتائج الانتخابات فوز 51 امرأة بالتنافس الحر، وفوز 282 مرشحة من خلال الكوتا النسائية، و12 مرشحة بالتعيين، وبلغ عدد مقاعد النساء في عضوية المجالس البلدية 345 مقعداً من أصل 961 مقعداً وبنسبة مقدارها 35.9 بالمئة من المجموع العام لمقاعد العضوية، أما على صعيد انتخابات رئاسة البلديات البالغة 99 مقعداً، فلم تتمكن أي من المرشحات الثماني من الفوز بمقعد رئاسي [55].

وأظهرت نتائج الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات الأخيرة التي جرت بتاريخ 15/8/2017 أن عدد النساء المترشحات لرئاسة البلديات بلغ 6 نساء، لم يفز أي منهن، علماً بأن عدد البلديات في المملكة 99 بلدية [56]. بينما تمكنت النساء من الحصول على 583 مقعداً في المجالس المحلية، منها 240 مقعداً بالتنافس و343 مقعداً بالكوتا النسائية من مجمل مقاعد المجالس المحلية البالغة 1818 مقعداً وبنسبة بلغت 32 بالمئة. كما تمكنت النساء من الفوز بــ 121 مقعداً بالتنافس في المجالس البلدية، و326 مقعداً بالكوتا النسائية من مجمل مقاعد المجالس البلدية البالغة 1189 مقعداً، ليصبح العدد الإجمالي لمقاعد النساء في المجالس البلدية 447 مقعداً وبنسبة 37.6 بالمئة بحساب رؤساء البلديات، وبنسبة 41 بالمئة [57]. أما في ما يتعلق بمجالس المحافظات فقد حصلن على 52 مقعداً من أصل 376 مقعداً وبنسبة وصلت إلى 13.8 بالمئة، وكانت نسبة النساء اللاتي حصلن على مقاعد بالانتخاب (تنافس وكوتا) 10.7 بالمئة، بينما وصلت نسبة النساء من بين الأعضاء المعينين إلى 37.7 بالمئة (17 مقعداً للنساء من أصل 45 مقعداً).

ويرجع عزوف المرأة عن الترشُّح للانتخابات اللامركزية (مجالس المحافظات) لعدة أسباب منها: عدم التحضير المبكر لإعداد قيادات نسائية قادرة على خوض غمار انتخابات اللامركزية؛ وقلة عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجالس المحافظات (الكوتا) والتي تصل إلى 10 بالمئة؛ لكون انتخابات اللامركزية تجري لأول مرة في الأردن [58].

ثالثاً: معوقات مشاركة المرأة الأردنية في المجال السياسي

على الرغم من تعدد الدراسات التي تناولت المشاركة السياسية للمرأة الأردنية في فترات مختلفة، إلّا أنها تتفق في نتائجها على قواسم مشتركة، وبخاصة في ما يتعلق بطبيعة المعوقات التي ما زالت تعانيها المرأة في الوصول إلى مراكز صنع القرار بوجه عام، والتمثيل في المجالس التشريعية بوجه خاص. هذه المعوقات تواجه تطلعات المرأة في النهوض من واقعها، وإن كان هنالك تغير نسبي وبشكل تدريجي خلال العقود الثلاثة الماضية. وتتنوع هذه المعوقات بين معوقات: اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وإعلامية، وجدير بالإشارة هنا إلى أن الضعف النسبي لمشاركة المرأة السياسية لا يعود إلى معوقات قانونية؛ فعلى الرغم من التحولات والإصلاحات القانونية والسياسية والإدارية التي أجريت في البلاد خلال العقدين الماضيين، لم تستطع المرأة الأردنية المنافسة الحرة في الانتخابات النيابية والبلدية، وهذه إشارة واضحة إلى عدم ثقة المجتمع الأردني بقدرة المرأة على العمل السياسي، وما زالت النظرة إلى المرأة الأردنية نظرة استعمالية تقليدية، أي أن المرأة تؤدي أدواراً مساندة أو داعمة وليس أدواراً أساسية أو مهمة. على سبيل المثال، يمكن أن تشارك المرأة في الانتخابات من خلال التصويت أو التبرع بالمال أو المشاركة في الحملات الانتخابية للمرشحين، أي تقتصر مشاركتها على غايات تجميع الأصوات أو كقوة ناخبة، وهذا الأمر ينطبق على الأحزاب السياسية. ولمواجهة هذا الواقع استخدمت الحكومة الأردنية بعض أساليب التمييز للتعويض من هذا الضعف للمرأة الأردنية في مجال المشاركة السياسية، وذلك من طريق التمثيل النسبي للنساء في البرلمان (الكوتا)، أو من خلال تعيينها في المجالس البلدية، وبعض المراكز السياسية والقيادية. وجدير بالإشارة إلى أن إجراءات التمييز هذه لا تعني بالضرورة امتلاك النساء للقوة والسلطة السياسيتين، وذلك بسبب افتقارهن للقواعد الشعبية، ودعم الرأي العام، ودعم القيادات السياسية غير الرسمية المؤثرة في عمليات المشاركة السياسية [59].

وفي ضوء ما سبق يمكن ملاحظة تأثر مشاركة المرأة في الحياة السياسية بمتغيرات متعددة يمكن إبرازها على النحو التالي:

1 – معوقات اجتماعية وثقافية

المجتمع الأردني مجتمع ذكوري وعشائري وعائلي وجهوي، تحكمه قيم ومبادئ وأنماط وعلاقات وعادات وتقاليد تحدد موقع المرأة اجتماعياً، وتحدد ما هو مناسب وغير مناسب لأدوار الرجال والنساء، وبالتالي تؤثر في واقع المرأة في مجال المشاركة السياسية. والاعتقاد السائد لدى الأغلبية العظمى لأفراد المجتمع يؤكد أن العمل السياسي لا يلائم طبيعة المرأة، وأنها لا تتحلى بصفات العمل السياسي ومهاراته التي يتمع بها الرجل مثل القدرة على الإقناع والخطابة والاتصال والتفاوض وعقد التحالفات [60]، والمرأة غير قادرة على اتخاذ قراراتها، لأنها تعيش في حالة من عدم الاستقلالية، ففي ظل الموروث الاجتماعي والمركب الثقافي تكون المرأة تابعة للرجل في قراراتها [61]. كما أن ضعف الوعي لدى المرأة نفسها يؤثر في الواقع السياسي لها، وهذا ما نلاحظه أثناء الانتخابات النيابية والبلدية، بعدم إعطاء المرأة صوتها للمرشحات السيدات [62].

2 – معوقات سياسية

تأثر واقع المرأة الأردنية بالأوضاع السياسية السائدة في الأردن منذ تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921. إلّا أن واقع المرأة السياسي تغير بفعل إزالة العقبات القانونية أمام مشاركة المرأة وتمتعها بالحقوق السياسية. ولتعزيز دور المرأة وتمكينها السياسي داخل المجتمع اتخذت الإرادة السياسية العليا قراراً بتخصيص الكوتا النسائية في مجلس النواب عام 2003، وتعيين المرأة في المجالس الالبلدية، وفي مناصب قيادية كوزيرة أو قاضية.

وعلى الرغم من ذلك لا يزال إقبال المرأة على المشاركة السياسية من خلال الترشح للانتخابات النيابية والبلدية ضعيفاً، وكذلك الحال بالنسبة إلى انتساب النساء لعضوية الأحزاب السياسية. بالنسبة إلى وجود المرأة في عضوية النقابات المهنية فهو أفضل حالاً، إلّا أن ذلك – كما جاء في هذه الدراسة – يقتصر على العدد دون المشاركة الفعلية والحقيقية [63]. وقد تقع الأسباب في ضعف تمثيل المرأة السياسي على الحركات النسائية والمنظمات الداعمة للمرأة، وعلى ضعف الأحزاب السياسية في تبني قضايا المرأة في برامجها وإدماجها المرأة في العمل السياسي الحزبي، كذلك قلة اهتمام المرأة النائبة بقضايا المرأة من خلال موقعها
التشريعي[64].

3 – معوقات اقتصادية

تؤثر التحولات الاقتصادية في المجتمع في مشاركة المرأة مشاركة فعّالة بإزاء مشاركة الرجل، ومن هذه التحولات: 1 – عدم تمتع المرأة بالاستقلالية المالية في معظم الحالات؛ 2 – تدنّي أجور النساء العاملات مقارنة بأجور الرجال في نفس المهنة؛ 3 – ارتفاع تكاليف المعيشة كالتعلم والصحة والسكن؛ 4 – تدني مشاركة المرأة في سوق العمل، فما زالت مشاركة المرأة الأردنية الاقتصادية تمثل أدنى المستويات في العالم [65]، وانتشار البطالة في مجتمع النساء، كل ذلك أسهم في تدني مشاركة المرأة في العمل السياسي [66]. وبخصوص واقع المرأة العاملة، كشف تقرير للبنك الدولي صدر خلال شهر شباط/فبراير لعام 2014، أن ارتفاع مستويات التعليم بين النساء في الأردن لم ينعكس بشكل إيجابي على مشاركتهن الاقتصادية. وبيَّن التقرير أن معدل البطالة بين النساء الأردنيات البالغات من مجموع القوى العاملة النسائية في الأردن هو 21 بالمئة [67].

من ناحيتها، كشفت مؤسسة الضمان الاجتماعي عن تدنّي نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، وخصوصاً في القطاع الخاص، إذ لا تتجاوز نسبة مشاركتها في هذا القطاع 15 بالمئة، بينما تصل في القطاع العام إلى 37 بالمئة، بالرغم من ارتفاع مستوى التعليم الذي وصلت إليه المرأة في الأردن والانفتاح التكنولوجي والمعرفي أمامها، الأمر الذي يعكس تدني نسبة النساء المشتركات في الضمان الاجتماعي؛ إذ لا تتجاوز نسبتهن 25 بالمئة من إجمالي المشتركين الفعّالين، حيث بلغ عدد المؤمَّن عليهن المشتركات بالضمان حالياً 272 ألف مشتركة من أصل مليون و53 ألف مشترك فعّال [68] . ولكي تتمكن المرأة من أخذ دورها في تنمية المجتمع، لا بد من رفع مساهمتها في الحياة الاقتصادية.

4 – معوقات إعلامية

تؤدي وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري دوراً محورياً للنهوض بواقع المرأة، وذلك من خلال تطوير الخطاب الإعلامي بالقدر الذي يسمح بزيادة وعي المرأة بدورها الحقيقي في المجتمع وبأهمية مشاركتها الفعلية في تطويره وتنميته. وبيّنت الدراسات المتعلقة بواقع المرأة في الإعلام الأردني بوجه عام، والصحافة المكتوبة بوجه خاص، محدودية تركيزها على القضايا المتعلقة بشؤون المرأة. فالصحافة الأردنية تخصص مساحة صغيرة نسبياً لموضوعات شؤون المرأة قياساً مع مجمل الموضوعات الأخرى [69]، فمعظم الكاتبات في الصحف اليومية والأسبوعية يفضلن تناول القضايا العامة التي تعانيها المنطقة أكثر من التركيز على قضايا المرأة وهمومها. وهنالك في معظم الأحيان ضعف في اهتمام وسائل الإعلام بدور المرأة في الحياة السياسية، الأمر الذي يؤثر في تغيير الصورة النمطية للمرأة، وإظهار مواطن القوة والتأثير لديها، لذلك على وسائل الإعلام إبراز النماذج الرائعة التي تجسدها سيدات كثيرات في الأردن، استطعن أن يتحدين الظروف ويرسمن قصص نجاح، وأول دليل في الأردن هو وصول أول امرأة عربية في الشرق الأوسط إلى منصب رئيس تحرير في جريدة يومية ناطقة باللغة العربية، ألا وهي رئيسية تحرير جريدة  الغد الأردنية «جمانة غنيمات» [70]، إلا أن ذلك مؤشر فردي لا يمثل انعكاساً إيجابياً عاماً بقضايا المرأة.

خلاصة

خلصت الدراسة إلى أن مشاركة المرأة الأردنية في الحياة السياسية دعامة أساسية من دعائم التنمية والتطور الديمقراطي، لذا ينبغي تكثيف التوعية السياسية للمرأة، وتقع هذه المسؤولية على الأحزاب والنقابات ووسائل الإعلام المتنوعة بصورة خاصة. كما أن عملية التمكين السياسي للمرأة الأردنية يجب أن تُجري في سياق تمكين المجتمع جماعات وأفراداً، تعليمياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وهذا يفترض خلق بيئة ثقافية مجتمعية داعمة لمشاركة المرأة في جميع المجالات. كما خلصت الدراسة إلى أن المرأة الأردنية ما زالت تواجه صعوبات في وصولها إلى مجلس النواب من خلال التنافس الحر، على الرغم من تمتعها بمستويات عالية من التعليم. إن نسب تمثيل النساء في مراكز صنع القرار أو في المواقع القيادية ما زالت دون المستوى المطلوب على الرغم من التقدم المحرز في هذا المجال، كما أن العدد القليل من النساء في مراكز صنع القرار في أغلب الأحيان قليل الفاعلية في القضايا التي تخص المرأة، فالنساء في المواقع القيادية يحتجن إلى الشجاعة لكي يستطعن إدخال وجهات نظرهن في قضايا المرأة، بدلاً من ممارسة وتناول قضايا تتعارض مع رؤية وقناعة المرأة.

توصيات

في ضوء ما سبق يوصي الباحث بما يأتي:

  • تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الأردن في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة وإيصالها إلى مواقع المسؤولية.
  • توسيع الخطاب الإعلامي والسياسات الإعلامية المتعلقة بقضايا المرأة بهدف تعزيز الوعي السياسي للمواطنين بأهمية مشاركة المرأة في المجال السياسي.
  • الاستمرار في تخصيص الكوتا النسائية في مجلس النواب والمجالس البلدية.
  • تبنّي أعضاء مجلس النواب السيدات قضايا المرأة والدفاع عنها في البرلمان.
  • تكثيف عقد الندوات وحلقات النقاش وورش التدريب من قبل الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لتعريف النساء بحقوقهن القانونية التي كفلها الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية.
  • يجب على الحركات النسائية في الأردن وضع استراتيجيات عمل واضحة، وقادرة على صياغة آليات العمل في ضوء الحاجات الفعلية للنساء.
  • وضع سياسات اقتصادية تأخذ في الحسبان الدور الحقيقي الذي تقوم به المرأة في عملية تنمية المجتمع، إذ لا يمكن لمثل هذا الدور أن يتحقق في ظل الفقر والاستغلال.
  • الدخول على خط التربية والتعليم والمناهج الدراسية لضمان تخريج أجيال مؤمنة بدور المرأة في تنمية المجتمع.
  • المرأة بحاجة إلى تغيير نفسها من الداخل وأن تصقل دوراً جديداً لها، وأن تكون قريبة من الرأي العام، وإذا لم تغير نفسها وشخصها فلن تستطيع أن تنقل صورتها إلى الرأي العام.
  • إلزام الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بتخصيص مقاعد لوجود النساء في قياداتها العليا، لأن هذا يعكس التزام الأحزاب السياسية بقضية تمكين المرأة.

 

قد يهمكم أيضاً  المشاركة السياسية للمرأة العربية بين التطور الديمقراطي والخصوصية الثقافية

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #الأردن #المرأة_الأردنية #الواقع_السياسي_للمرأة_في_الأردن #مشاركة_المرأة_الأردنية_في_الحياة_السياسية #الديمقراطية_في_الأردن #الحياة_السياسية_في_الأردن #الوعي_السياسي #تمثيل_المرأة #حقوق_المرأة #البرلمان_الأردني #المرأة_الأردنية