مقدمة
تعَدّ الدبلوماسية الصهيونية لإقامة دولة إسرائيل جزءًا أساسيًا من تاريخ الحركة الصهيونية وتطورها نحو تحقيق هدف إنشاء دولة يهودية في أرض فلسطين. تتضمن الدبلوماسية الصهيونية سلسلة من الجهود السياسية والدبلوماسية التي استهدفت الحصول على الدعم الدولي والاعتراف بحق الشعب اليهودي في تأسيس دولتهم. بدأت الجهود الدبلوماسية الصهيونية في القرن التاسع عشر، حيث عملت الحركة الصهيونية على توجيه الانتباه الدولي إلى قضية إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين. تمثلت هذه الجهود بالتفاوض مع القوى العالمية والتأثير في القرارات الدولية لصالح تحقيق أهداف الحركة الصهيونية (ابوبكر، بكر،2022. ص7).
تعَدّ الدبلوماسية الصهيونية لإقامة دولة إسرائيل مثالًا بارزًا على كيفية استخدام الجهود الدبلوماسية والسياسية لتحقيق أهداف وطموحات شعب معين. تحمل هذه الدبلوماسية تحديات كبيرة نتيجة التناقضات والصراعات في المنطقة، وتظل موضوعًا للجدل والنقاش على الساحة الدولية (أبو بكر، بكر،2022. ص17).
إشكالية الدراسة وأسئلتها: تتمثل إشكالية دراسة دور الحركة الصهيونية بإقامة دولة إسرائيل التي تعَدّ محورًا أساسيًا للبحث والتحليل في سياق التاريخ الحديث. كما يتناول البحث أهم المراسلات والمفاوضات والمساومات التي كانت مفصلية، وعن قيادة الحركة الصهيونية وأبرزهم حاييم وايزمان. والاستراتيجيات التي اعتمدتها لتحقيق هذا الهدف. إضافة إلى ذلك، يتناول البحث الجوانب الاقتصادية والسياسية التي استخدمتها الحركة الصهيونية في بناء دولة إسرائيل وتعزيز استقلالها. من خلال تحليل هذه الجوانب، يمكن الباحث فهمًا أعمق لدور الحركة الصهيونية في تاريخ إسرائيل وتأثيرها في الساحة الدولية والإقليمية. ومن هنا تطرح هذه الدراسة إشكالية رئيسية مفادها:
كيف استندت دبلوماسية الحركة الصهيونية على مفاوضات ومساومات في عملية تأسيس دولة إسرائيل؟
وما التحالفات الدولية التي ساهمت في نجاح الحركة الصهيونية في تأسيس دولة إسرائيل؟
وكيف استطاع حاييم وايزمان التفاوض والتوافق مع الجهات الدولية المختلفة لدعم قضية إقامة دولة يهودية على ارض فلسطين؟
فرضية الدراسة: تفترض هذه الدراسة أن الجهود الحثيثة والمضنية التي قادها زعماء الحركة الصهيونية ومؤسسوها، مثل حاييم وايزمان، شملت مفاوضات مع القوى العالمية، ومقايضات سياسية واقتصادية، ومساومات دبلوماسية لتحقيق أهدافهم في إقامة دولة إسرائيل. كما يفترض أن هذه الجهود الدبلوماسية كانت جزءًا أساسيًا من استراتيجية الحركة الصهيونية للتأثير على القرارات الدولية وجلب الدعم اللازم لتحقيق حلمهم بإنشاء دولة يهودية على ارض فلسطين. (حران، تاج السر أحمد. 1974).
أولًا: الفكرة الأولى لتأسيس الوطن القومي لليهود
يعتقد الكثير أن هرتزل هو صاحب الفكرة الأولى لتأسيس الوطن القومي لليهود في فلسطين، ولكن الفكرة كانت قبل هرتزل بعدة سنوات. حيث إن نابليون بونابرت، القائد العسكري والحاكم الفرنسي، كان له دور مهم في تأثير الفكرة اليهودية خلال مدة حكمه. في عام 1799، أصدر نابليون مرسومًا يعرف باسم “مرسوم نابليون” أو “مرسوم اليهود”([1])، الذي أعطى اليهود في فرنسا المساواة القانونية وحقوق المواطنة. كما قدم نابليون دعمًا للفكرة اليهودية من خلال اقتراح إنشاء “دولة اليهود” في فلسطين. نابليون كان يرى أن إنشاء دولة لليهود في فلسطين سيكون له تأثير استراتيجي، حيث سيشكل شوكة في حلق غريمته إنكلترا وسيساعده في السيطرة على مصر وطرق المواصلات إلى الشرق. وبالرغم من فشل حملته على مصر، إلا أن نابليون ظل يحلم بتحقيق هذا المشروع. تأتي فكرة نابليون في سياق الاستراتيجية السياسية والعسكرية التي كان يتبناها، حيث كان يرى في دعم اليهود وإنشاء دولتهم في فلسطين فرصة لتعزيز نفوذه وسيطرته في المنطقة وعلى طرق التجارة والمواصلات إلى الشرق (الوعري، نائلة.2007).
تلك الخطوات التي اتخذها نابليون تعَدّ بادرات مبكرة نحو تأسيس دولة يهودية، وقد أثرت بشكل كبير في تطور الحركة الصهيونية وتعزيز الوعي اليهودي بحقوقهم ومكانتهم. إضافة إلى ذلك، فإن دعم نابليون للفكرة اليهودية ساهم في تعزيز الهوية اليهودية وتعزيز الدعم لإقامة دولة يهودية في المستقبل (الخالدي، وليد.1999).
يُعَد ثيودور هرتزل، الصحافي النمسوي المجري، من أبرز الشخصيات التي دعمت هذه الفكرة وساهمت في نشرها. في عام 1897، تم تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية في مؤتمر بازل بسويسرا، حيث تم تبني فكرة إنشاء وطن قومي لليهود. هذا المؤتمر جمع 204 مندوبين يهود. وقد قاد هرتزل حملة لتأييد فكرة إنشاء دولة يهودية في فلسطين، بدلًا من اندماج اليهود في بلدانهم الأصلية في أوروبا. هرتزل نشر كتابه الشهير الدولة اليهودية في عام 1896، حيث عرض فيه رؤيته لحل مشكلة اليهودية من خلال إنشاء دولة يهودية مستقلة في أرض تمتلكها. هذه الفكرة كانت تعَدّ مخرجًا للمجتمع اليهودي رغم عدم قبول التعاليم الدينية اليهودية لفكرة الدولة. بالتالي، يمكن القول إن فكرة تأسيس الوطن القومي لليهود نشأت من حركة الصهيونية وتم تعزيزها ونشرها بواسطة ثيودور هرتزل وغيره من رواد هذه الحركة (هرتزل، تيودور.1896).
وقد عرض ناحوم غولدمان القضية بشكل دقيق جدًا عام 1947 في خطاب له ألقاه في مونتريال بكندا قال فيه “إن الدولة الصهيونية سوف تؤسس في فلسطين، لا لاعتبارات دينية أو اقتصادية بل لأن فلسطين هي ملتقى الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولأنها مركز القوة السياسية العالمية الحقيقي والمركز العسكري الاستراتيجي للسيطرة على العالم” (المسيري، عبد الوهاب.2014).
ثانيًا: الدور الدبلوماسي للحركة الصهيونية
الحركة الصهيونية كانت تعَدّ حركة سياسية وثقافية تهدف إلى إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، وكان لها دور دبلوماسي مهم في تحقيق أهدافها. بدأت الحركة الصهيونية في التواصل مع الحكومات والمؤسسات الدولية لشرح أهدافها والحصول على الدعم اللازم لتحقيق رؤيتها. كما استخدمت الحركة الصهيونية اللوبي الدبلوماسي للتأثير في القرارات السياسية في الدول المختلفة والمؤسسات الدولية (النجار، مصطفى أحمد.1971).
علاوة على ذلك، شهدت الحركة الصهيونية مفاوضات مع الحكومات والمنظمات الدولية للحصول على الاعتراف بحقوقها وإقامة دولة يهودية. كما شكلت تحالفات دولية تدعم قضيتها وتسهم في تحقيق أهدافها. ولقد شاركت الحركة الصهيونية في مؤتمرات دولية لنقل قضيتها والتأثير في الرأي العام الدولي. واجهت الحركة الصهيونية تحديات دبلوماسية كبيرة من قبل الدول العربية والفلسطينيين، وكان عليها التعامل مع هذه التحديات بحكمة واحترافية. نجحت الحركة الصهيونية، من خلال الجهود الدبلوماسية التي بذلتها، في الحصول على الاعتراف الدولي بإسرائيل وإقامة دولتها في عام 1948. بهذه الطرق وغيرها، لعبت الحركة الصهيونية دورًا حيويًا في المجال الدبلوماسي لتحقيق أهدافها وإقامة دولة إسرائيل. تعَدّ هذه الجهود الدبلوماسية جزءًا أساسيًا من تاريخ الصهيونية وتأسيس الدولة اليهودية (الشواف، نجدة.1990).
إن مراسلات الحركة الصهيونية مع الحكومات والمسؤولين كانت مهمة في جهودها للحصول على الدعم لإقامة دولة يهودية في فلسطين. بعض الأمثلة على هذه المراسلات تشمل الآتي:
1- مراسلات الحسين مكماهون([2])
بدأت هذه المراسلات عام 1915- 1916، ونركز فيها على الجانب الذي يتعلق بفلسطين، وهي رسالة 24 تشرين الأول/أكتوبر 1915 المتعلقة باستثناءات الحدود، والتي ورد فيها “أن أجزاء من بلاد الشام الواقعة في الجهة الغربية لولايات دمشق والشام وحمص وحماه وحلب، لا يمكن أن يقال إنها عربية محضة، وعليه يجب ان تستثنى من الحدود المطلوبة” (جامعة الدول العربية. الوثائق الرئيسية. ص14).
2- مراسلات مع الحكومة البريطانية
تمثلت هذه المراسلات بتواصل الحركة الصهيونية مع الحكومة البريطانية لشرح أهدافها ومطالبها في ما يتعلق بتأسيس دولة يهودية في فلسطين. على سبيل المثال، تمت مراسلات بين حاييم وايزمان، زعيم الحركة الصهيونية في ذلك الوقت، ومسؤولين بريطانيين لمناقشة قضايا الهجرة اليهودية وتأمين حقوق اليهود في فلسطين (حلاق، حسان.1997).
3- مراسلات مع الحكومات الأوروبية الأخرى
إضافة إلى الحكومة البريطانية، قامت الحركة الصهيونية بمراسلات مع حكومات أوروبية أخرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا لشرح قضيتها والتأثير في سياساتها الخارجية تجاه فلسطين.
4- مراسلات مع المنظمات الدولية
كانت الحركة الصهيونية تتفاعل مع الحكومات الأوروبية في إطار المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لنقل قضيتها والتأثير في القرارات الدولية (عقل، أمين، وآخرون.2016).
خلال العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، قامت الحركة الصهيونية بمفاوضات وجهود دبلوماسية لتحقيق هدف إقامة دولة يهودية. تركزت هذه المفاوضات على الحصول على دعم دولي والحصول على تأييد لفكرة إنشاء دولة يهودية في فلسطين. من هذا المنطلق، تم تنظيم مجموعة من المفاوضات والجهود الدبلوماسية التي تضمنت الآتي: (الخالدي، وليد. 1999)
أ- مفاوضات سايكس بيكو (1916)
تم خلالها تقسيم المنطقة العربية إلى مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية، وهو ما أثر في مستقبل فلسطين وتأسيس الدولة اليهودية (Amanda،2024.Onion).
ب- مفاوضات مع الحكومة البريطانية
قامت الحركة الصهيونية بمفاوضات مع الحكومة البريطانية للحصول على دعمها لإقامة دولة يهودية في فلسطين، وذلك بناءً على وعد بلفور عام 1917 الذي أعلن دعم بريطانيا لإقامة “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين (أبو نزار، صخر.1982).
ج- مفاوضات اللجنة الأممية الخاصة بفلسطين (1947)
أدت إلى قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة لليهود وأخرى للعرب، وهو ما ساهم في إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948.
د- مفاوضات مع الجهات العربية
تمت محاولات للتوصل إلى اتفاقيات مع الجهات العربية للتوافق على إقامة دولة يهودية في فلسطين، ولكن كثيرًا ما واجهت هذه المفاوضات تحديات وصعوبات نتيجة للصراعات القومية والدينية في المنطقة.
هـ- مفاوضات مع الهيئات الدولية
سعت الحركة الصهيونية للحصول على دعم من الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتحقيق هدف إقامة دولة يهودية في فلسطين.
باستمرارية هذه المفاوضات والجهود الدبلوماسية، تم تحقيق هدف إقامة دولة إسرائيل في عام 1948، وهي الدولة التي تأسست كوطن قومي للشعب اليهودي.
ثالثًا: دور (حاييم وايزمان) في التأسيس
1- رئيس المنظمة الصهيونية العالمية وأول رئيس لإسرائيل
حاييم وايزمان (Chaim Weizmann) كان زعيمًا صهيونيًا بارزًا وعالمًا كيميائيًا يهوديًا من أصل روسي. وُلد في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1874 وتوفي في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1952. كان لوايزمان دور كبير في تأسيس الدولة اليهودية وإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وكان يعتبر رمزًا للحركة الصهيونية وقاد جهودًا دبلوماسية وسياسية لدعم قضية الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتأسيس دولة يهودية. كما شغل منصب رئيس الوزراء الأول لإسرائيل منذ عام 1948 حتى عام 1952. وكان له دور بارز في التفاوض مع الحكومة البريطانية والمجتمع الدولي لدعم إقامة دولة يهودية في فلسطين. وقد تم تكريم وايزمان بتسمية جامعة تكنيون في إسرائيل باسمه تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في تطوير العلوم والتكنولوجيا. كان وايزمان شخصية بارزة في تاريخ الصهيونية وإقامة دولة إسرائيل، وأدى دورًا حاسمًا في تحقيق حلم الشعب اليهودي باحتلال ارض فلسطين.
خلال حقبة مؤامرات الحركة الصهيونية من أجل إقامة دولة يهودية، قامت الشخصيات البارزة مثل حاييم وايزمان بمراسلات مع عدد من الحكام والزعماء العالميين لدعم قضية اليهود وتحقيق هدفهم. من بعض هذه المراسلات:
أ- مراسلات وايزمان مع لورد بلفور
في عام 1917، تبادل وايزمان المراسلات مع لورد بلفور، وزير الخارجية البريطاني آنذاك، والتي أدت في النهاية إلى صدور وعد بلفور الذي أعلن دعم بريطانيا لإقامة “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين (وايزمان، حاييم، 1949).
ب- مراسلات وايزمان مع ترومان
بعد الحصول على قرار تقسيم الأمم المتحدة لفلسطين في عام 1947، قام وايزمان بمراسلات مع الرئيس الأمريكي هاري ترومان للحصول على دعم أمريكي لإعلان قيام دولة إسرائيل.
ج- مراسلات وايزمان مع الزعماء العرب
قام وايزمان بعدة محاولات للتواصل مع الزعماء العرب للتوصل إلى تفاهمات واتفاقيات تسهم في تحقيق السلام والاعتراف بإقامة دولة إسرائيل.
د- مراسلات مع القادة العالميين
قام وايزمان بمراسلة القادة العالميين والشخصيات السياسية المؤثرة لشرح قضية الصهيونية والحصول على دعمهم لإقامة دولة يهودية في فلسطين (وايزمان، حاييم،1949).
هـ- مراسلات واتفاقية فيصل وايزمان
وقّعت اتفاقية من قبل الأمير فيصل ابن الشريف حسين مع حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية في مؤتمر باريس للسلام عام 1919، ووفقًا للاتفاقية يتم إعطاء اليهود تسهيلات في إنشاء وطن في فلسطين والإقرار بوعد بلفور (חן ،מלול.1991).
تلك المراسلات والجهود الدبلوماسية التي قام بها وايزمان وغيره من الزعماء الصهاينة كانت جزءًا هامًا من العملية التي أدت في النهاية إلى إعلان قيام دولة إسرائيل في عام 1948.
2- بعض التحالفات التي نجح فيها وايزمان للإقامة مشروعه
أثناء جهود إقامة دولة إسرائيل، أدى حاييم وايزمان دورًا بارزًا في قيادة الحركة الصهيونية وتحقيق حلم الشعب اليهودي بإقامة دولتهم على أرض فلسطين. تلقى وايزمان دعمًا من عدة تحالفات دولية التي ساعدته في هذا المسعى. من بين هذه التحالفات كان الدعم الأمريكي الذي حظي به وايزمان، حيث كانت الولايات المتحدة من أوائل الدول التي اعترفت بدولة إسرائيل عام 1948 وقدمت دعمًا سياسيًا وعسكريًا لها (الجودبر، صلاح.2017).
كما استفاد وايزمان من الدعم البريطاني على الرغم من التوترات التي حدثت بين الحركة الصهيونية والسلطات البريطانية. نجح وايزمان أيضًا في بناء علاقات مع بعض الجهات البريطانية التي ساعدت في تحقيق أهدافه. إضافة إلى ذلك، استفاد وايزمان من التحالفات اليهودية الدولية، حيث ساهمت الجاليات اليهودية في مختلف أنحاء العالم في توفير الدعم المالي والسياسي لجهود إقامة دولة إسرائيل (Jehuda، 1985.Reinharz).
وكان هناك دعم دولي عام من عدة دول ومنظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد السوفياتي والدول الأوروبية. كانت هذه التحالفات الدولية حاسمة في دعم جهود إقامة دولة إسرائيل وتحقيق حلم الشعب اليهودي. بذلك، استفاد حاييم وايزمان من دعم واسع من تحالفات دولية وجهات سياسية وثقافية متعددة لتحقيق هدف إقامة دولة إسرائيل، وكانت هذه التحالفات الدولية حاسمة في نجاح جهوده وتحقيق هذا الهدف (وايزمان، حاييم.1949).
3- وعود وايزمان للحكومات
طلب وايزمان من بريطانيا تقديم الدعم لإقامة دولة يهودية في فلسطين. في رسالة وايزمان إلى الحكومة البريطانية في عام 1940، عرض وايزمان خطته لتشكيل وحدات عسكرية يهودية للمساهمة في الجهود الحربية ضد النازية، وفي المقابل طلب من بريطانيا السماح بتشكيل دولة يهودية في فلسطين بمساحة تتناسب مع الاحتياجات الديمغرافية والاقتصادية لليهود. أفلح حاييم وايزمان، اليهودي الروسي المقيم في مدينة مانشستر في اكتشاف عملية كيميائية لاستخراج مادة الأسيتون، مزيل طلاء الأظافر. وهذه المادة ضرورية لإنتاج مادة الكوردايت المتفجرة المستخدمة في صنع القنابل. وقام وايزمان باختراع سلسلة من الميكروبات التي يمكنها إنتاج الأسيتون من النشا الموجود في البطاطس والذرة. وكان وزير الحربية البريطانية لويد جورج يبحث في أهم عنصر لصنع الكوردايت، فعثر على وايزمان ليدرب مجموعة من الكيميائيين على إنتاج كمية ضرورية من الأسيتون (صباغ،كارل.2018).
وكانت نتيجة هذه الخدمة أن قال لويد جورج لوايزمان: قدمت خدمة عظيمة للدولة، وسيطلب من رئيس الوزراء تقديم توصية لتكريمك من صاحب الجلالة. أجاب وايزمان: كل ما أطمح إليه هو أن أجد فرصة لأخدم شعبي. وفي حشد من الجمعية التاريخية اليهودية قال لويد جورج: “تحولت إلى الصهيونية بفضل الأسيتون”. هكذا، وعندما صار لويد جورج رئيسًا للوزراء البريطاني قدّم الدعم للحركة الصهيونية وعلى هذا الأساس، وعدت بريطانيا بتقديم الدعم لإقامة دولة يهودية في فلسطين، وهو ما تم تأكيده في وثيقة وايت هول التي صدرت في عام 1944 والتي أكدت حق الشعب اليهودي في تأسيس دولتهم الوطنية في فلسطين. يُعتبر هذا الوعد من العوامل الرئيسية التي ساهمت في تحقيق أهداف الحركة الصهيونية نحو إقامة دولة إسرائيل ( صباغ،كارل.2018).
واحدة من الوعود التي قدمها وايزمان لألمانيا كانت في عام 1933 عندما كتب خطابًا إلى الحكومة الألمانية يعرض فيه تعاون اليهود الألمان مع النازيين في مجال الهجرة اليهودية إلى فلسطين. واقترح وايزمان أن يتم تسهيل هذه الهجرة من خلال التعاون مع الحكومة الألمانية.
كان وايزمان يرى في ذلك الوقت أن الهجرة إلى فلسطين هي الحل الأمثل لمشكلة اليهود في ألمانيا، وقد أعرب عن استعداده للتعاون مع الحكومة الألمانية بهذا الصدد. ومع ذلك، لم تتم الموافقة على هذا الاقتراح من قبل الحكومة الألمانية، ولم يتم تنفيذه.
يجب الإشارة إلى أن هذه الوعود والتفاهمات لم تكن تمثل موقفًا رسميًا من الحكومة الألمانية، وإنما كانت محاولات من وايزمان لتسهيل هجرة اليهود من ألمانيا إلى فلسطين في ظل التصاعد النازي وتصاعد الضغوط على اليهود في ألمانيا.
قدم وايزمان وعدًا للشريف حسين بن علي، حاكم الحجاز والقائد العربي، في صورة رسالة مكتوبة في تشرين الأول/أكتوبر 1915، والتي أصبحت تعرف باسم “وعد وايزمان”. في هذه الرسالة، وعد وايزمان بتأييد تأسيس دولة عربية مستقلة في المناطق العربية التي تحت الحكم العثماني، بما في ذلك فلسطين.
ومع ذلك، بعد الحرب العالمية الأولى وصعود النازية في ألمانيا، تغيرت الأوضاع ولم يتم تنفيذ وعد وايزمان للشريف حسين. وبدلًا من ذلك، تم تقسيم المنطقة وتأسيس إسرائيل في عام 1948، وهو ما أدى إلى نزاع دائم بين اليهود والعرب في المنطقة.
رابعًا: أهم المؤتمرات التي ساهمت في انشاء قومي لليهود على ارض فلسطين
المؤتمر الصهيوني الأول (بازل، 1897): انعقد مؤتمر بازل، المعروف أيضًا باسم المؤتمر الصهيوني الأول، في 29 آب/أغسطس 1897 في بازل بسويسرا. وقد دعا إلى عقد المؤتمر ثيودور هرتزل، مؤسس الصهيونية السياسية الحديثة. لقد كان ذلك بمثابة حدث مهم في تاريخ الحركة الصهيونية حيث كانت المرة الأولى التي يجتمع فيها زعماء يهود من مختلف البلدان لمناقشة إنشاء وطن لليهود. انعقد المؤتمر في القاعة الفاخرة للكازينو في بازل، بحضور أكثر من ألف مشارك، بما في ذلك أنصار الصهيونية والمتفرجين الفضوليين. وأشرف هرتزل شخصيًا على الاستعدادات للمؤتمر، حيث أقام في فندق “الملوك الثلاثة” في بازل. لقد تفاجأ بالترتيبات الأولية التي قام بها الدكتور ماكس نورداو، حيث تم إنشاء مكتب المؤتمرات في محل خياطة صغير وتم استئجار قبو بيرة رخيص للتجمعات. تدخل هرتزل وقام بتأمين قاعة City Casino المرموقة لهذا الحدث. خلال المؤتمر، عرض هرتزل رؤيته لإقامة دولة يهودية، مشددًا على الحاجة إلى وطن للشعب اليهودي. وعلى الرغم من الشكوك والانتقادات الأولية التي وجهها بعض المندوبين، ظل هرتزل مصممًا ومؤمنًا بإمكان تحقيق الهدف الصهيوني. لقد وضع مؤتمر بازل الأساس للحركة الصهيونية ومهد الطريق للجهود المستقبلية لإقامة دولة يهودية. لقد كانت لحظة محورية في تاريخ الشعب اليهودي وكانت بمثابة بداية الجهود السياسية المنظمة لتحقيق وطن يهودي (יואל، רפל).
المؤتمر الثاني (بازل 28-31 آب/أغسطس 1898) وناقش بشكل رئيسي إدخال الفكرة الصهيونية إلى الجاليات اليهودية في الشتات وإنشاء “صندوق الاستيطان اليهودي”، الأداة المالية للمنظمة الصهيونية العالمية (משה. שרן.1990).
المؤتمر الثالث (بازل 15-18 آب/أغسطس 1899) وناقش، من بين أمور أخرى، تفسير “خطة بازل”.
المؤتمر الرابع (لندن 13-16 آب/أغسطس 1900) ناقش الترحيل الجماعي لليهود الرومانيين ومشكلة محنة العمال في أرض إسرائيل، وقلة العمل هناك ومغادرة البلاد. وفيه طرح شابيرا اقتراحًا بتأسيس “الصندوق الوطني لإسرائيل” (משה. שרן.1990).
المؤتمر الخامس (بازل 26-30 كانون الأول/ديسمبر 1901) وقرر إنشاء الصندوق القومي لإسرائيل. ظهر “الفصيل الديمقراطي” بقيادة موتسكين وبوبر وايزمان لأول مرة في الكونغرس.
المؤتمر السادس (بازل 23-28 آب/أغسطس 1903) وكان من أكثر المؤتمرات اضطرابًا. في تلك الأيام، نشرت بريطانيا “خطة أوغندا”، وتمسك هرتزل بالخطة بوصفها “ملجأ ليلي في أوقات الحاجة”. وافق 295 مندوبًا في الكونغرس على الاقتراح البريطاني. رفض 178 مندوبًا بشدة. وقرر الكونغرس إرسال بعثة تحقيق إلى أوغندا. وفي الجلسة الختامية هتف هرتزل بانفعال: “إذا نسيتك يا القدس، انسي حقي!”([3]) (משה. שרן.1990)
المؤتمر السابع (بازل 27 تموز/يوليو – 2 آب/أغسطس 1905) وهو أول مؤتمر بعد وفاة هرتزل. انتخب ديفيد ولفسون رئيسًا للمنظمة الصهيونية العالمية. وتقرر أن “خطة بازل” صالحة وموجودة، ولا ينبغي القيام بأي نشاط استيطاني خارج حدود أرض إسرائيل. أعضاء الحركة الإقليمية، الذين طالبوا بخطة أوغندا، تركوا المنظمة الصهيونية وأسسوا اتحادهم الخاص ( Haim Havin C.P.A.2019).
المؤتمر الثامن (لاهاي 14 – 21 آب/أغسطس 1907) والذي طالب فيه وايزمن بدمج الصهيونية السياسية مع العمل الصهيوني الاستيطاني في أرض إسرائيل تم طرحه للنقاش أيضًا، وتقرر إنشاء “وزارة أرض إسرائيل” في يافا برئاسة الدكتور آرثر روبين، الذي أدى دورًا كبيرًا في إرساء أسس الاستيطان العامل ( אפרים תלמי; מנחם תלמי.1982).
المؤتمر التاسع (هامبورغ 26-30 كانون الأول/ديسمبر 1909) وحضره ممثلو فرق العمل في فلسطين أول مرة.
المؤتمر العاشر (بازل 9-15 آب/أغسطس 1911) وناقش العمل العملي في أرض إسرائيل والمشكلة العربية وضرورة شرح الصهيونية بين العرب.
المؤتمر الحادي عشر (فيينا من 2 إلى 9 أيلول/سبتمبر 1913) وناقش مشاكل الاستيطان العملي في أرض إسرائيل. طرح وايزمان وأوسيشكين مقترحًا لإنشاء جامعة عبرية في القدس.
المؤتمر الثاني عشر (كارلسباد/تشيكوسلوفاكيا (1-14 أيلول/سبتمبر 1921) المؤتمر الأول بعد الحرب العالمية، وعد بلفور، احتلال البريطانيين لأرض إسرائيل وطرد الأتراك، واضطرابات اليهود في أوروبا الشرقية. وركزت المناقشة على إنشاء مؤسسات ذات قيمة وطنية وتوسيع الاستيطان في أرض إسرائيل. تمت الموافقة على قرار إنشاء صندوق التأسيس، كقرار المؤتمر الصهيوني في لندن، في تموز/يوليو 1920. كما وافق المؤتمر على شراء أراضي وادي يزرعيل والاحتفاظ بها ( אפרים תלמי; מנחם תלמי.1982).
المؤتمر الثالث عشر (كارلسباد 6-18 آب/أغسطس 1923). وطرح الدكتور وايزمن اقتراحًا بتوسيع “الوكالة اليهودية”، إلا أنه تم رفضه خوفًا من طمس الطبيعة الشعبية الديمقراطية للحركة الصهيونية من خلال ضم المحسنين. وفي هذا المؤتمر تقرر افتتاح الجامعة في القدس ( רו”ח גיל، גבאי ורו”ח שי אהרוני.2015).
المؤتمر الرابع عشر (فيينا 18-31 آب/أغسطس 1925). كانت هذه هي الهجرة الرابعة وكان هناك جدل حول المشاريع الخاصة والتسوية الوطنية العاملة. وتقرر إلغاء الشيكل الخاص للأحزاب وإقرار «الشيكل الموحد» ( אפרים תלמי; מנחם תלמי.1982).
المؤتمر الخامس عشر (بازل 30 آب/أغسطس – 11 أيلول/سبتمبر 1927) وقف في الظل الكئيب لأزمة الهجرة الرابعة وغياب العمل الجاد الذي ساد “أرض إسرائيل”.
المؤتمر السادس عشر (زيوريخ، 29 تموز/يوليو – 10 آب/أغسطس 1929)، وكان بمثابة الهجرة الخامسة وتحسن الوضع الاقتصادي في “أرض إسرائيل”. وفي أجواء احتفالية، وفي نهاية جلسات المؤتمر، يعقد المؤتمر الأول لـ “الوكالة اليهودية الموسعة” (אפרים תלמי; מנחם תלמי.1982).
المؤتمر السابع عشر (بازل 30 حزيران/يونيو – 15 تموز/يوليو 1931)، بعد الصدمة التي أصابت العالم اليهودي والحركة الصهيونية عقب أعمال الشغب الدموية في “أرض إسرائيل” عام 1955، وكذلك عقب لجنة التحقيق ولجنة باسفيلد “الكتاب الأبيض” عارض المؤتمر صياغة “الهدف النهائي” للصهيونية كما قدمه الصهاينة التحريفيون بقيادة زئيف جابوتنسكي ثم مزقوا أوراق مندوبيهم وغادروا المؤتمر احتجاجًا وقد استقال الأخير احتجاجًا على قرارات الحكومة البريطانية المناهضة للصهيونية، وتم انتخاب ناحوم سوكولوف رئيسًا للاتحاد العالمي (אפרים תלמי; מנחם תלמי.1982).
المؤتمر الثامن عشر (براغ 21 آب/أغسطس – 4 أيلول/سبتمبر 1933) ووقف في ظل تهديد صعود هتلر إلى السلطة في ألمانيا واضطهاد اليهود.
المؤتمر التاسع عشر (لوسيرن بسويسرا – 20 آب/أغسطس – 4 أيلول/سبتمبر 1935) ووقف في ظل اضطهاد اليهود الألمان. تم انتخاب الدكتور وايزمن مرة أخرى رئيسًا للمنظمة الصهيونية العالمية.
المؤتمر العشرون (زيوريخ 3-16 آب/أغسطس 1937)، وناقش اقتراح اللجنة الملكية البريطانية (لجنة الفيل) بشأن تقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية في جزء من البلاد.
المؤتمر الحادي والعشرون (جنيف /سويسرا 16-25 آب/أغسطس 1939) وناقش النضال ضد “الكتاب الأبيض”. وبعد أيام قليلة، اندلعت الحرب العالمية الثانية وأصابت المحرقة يهود أوروبا (אפרים תלמי; מנחם תלמי.1982).
المؤتمر الثاني والعشرون (بازل 9-24 كانون الأول/ديسمبر 1946)، وناقش قضايا الهجرة غير الشرعية، والنضال السياسي والعسكري ضد الحكم البريطاني. قرر الكونغرس إنشاء دولة يهودية ورفض خطة موريسون-جرادي بشأن تقسيم “أرض إسرائيل” إلى ثلاثة أجزاء – يهودية وعربية وبريطانية، والتي ستكون خاضعة لحكومة بريطانية عليا. إعادة تفويض “خطة بيلتمور”. استقال الدكتور حاييم وايزمان من الرئاسة وتشكيل الائتلاف بدون هشومير هتسعير وأهادوت هافودا، اللذين عارضا خطة بيلتمور ( אפרים תלמי; מנחם תלמי.1982).
استنتاجات ختامية
في ختام هذه الدراسة حول دور الدبلوماسية الصهيونية في تأسيس دولة إسرائيل، يمكن القول إن الدبلوماسية كانت عنصرًا حاسمًا في هذه العملية التاريخية. من خلال الجهود الدبلوماسية والسياسية التي قادها وايزمان وغيره من زعماء الحركة الصهيونية، تم تحقيق تحالفات دولية والتفاوض مع القوى العالمية لدعم قضية إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين. دور وايزمان كان بارزًا وحيويًا في هذه العملية، حيث قاد مراسلات ومفاوضات ومقايضات حاسمة مع الحكام والزعماء العالميين لدعم هذا الهدف. كانت رؤيته الثاقبة وقيادته تسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحركة الصهيونية وتأسيس دولة إسرائيل.
تأسيس دولة إسرائيل شمل عدة عناصر أساسية، بدءًا من القرارات الدولية مثل وعد بلفور وقرار تقسيم فلسطين، وصولًا إلى الجهود السياسية والدبلوماسية التي استهدفت الحصول على الدعم الدولي والاعتراف بحق الشعب اليهودي في تأسيس دولتهم المزعومة. كما شملت الاستراتيجيات الاقتصادية التي ساهمت في بناء الاقتصاد وتعزيز استقلالهم.
ولا يمكن تجاهل وجود ظاهرة التواطؤ العالمي مع الصهيونية في عملية احتلال فلسطين، حيث شهدت الدبلوماسية الصهيونية تحالفات ودعمًا دوليًا في سبيل تحقيق أهدافها. على سبيل المثال، صدر وعد بلفور في عام 1917 الذي أعلن دعمًا بريطانيًا لإقامة “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين. كما شهدت فترة ما بين الحربين العالميتين جهودًا دبلوماسية مكثفة للحصول على تأييد دولي لقضية الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتأسيس دولة يهودية. علاوة على ذلك، تم توقيع مراسلات واتفاقيات مثل مراسلات فيصل وايزمان في عام 1919 التي أعطت اليهود تسهيلات في إنشاء وطن في فلسطين وإقرار بوعد بلفور. هذه المراسلات والجهود الدبلوماسية التي قام بها وايزمان وغيره من زعماء الصهيونية كانت جزءًا هامًا من العملية التي أدت في النهاية إلى إعلان قيام دولة إسرائيل في عام 1948.
بالرغم من أن هناك تحالفات ودعم دولي للصهيونية، إلا أن هذا لا يمحو الصراعات والانتهاكات التي حدثت وتحدث في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. تظل قضية فلسطين محورية على الساحة الدولية وتستمر التحديات والصراعات في المنطقة، مما يجعلها موضوعًا للجدل والنقاش على الساحة الدولية.
وأنهي بحثي بكلمات للدكتور ناصر اللحام في إيجازه قضية اليهود. ضاع اليهود في صحراء سيناء أربعين عامًا ويبدو أنهم ضائعون حتى اليوم شمال سيناء – أي في فلسطين – يضيعون لألف عام، لم يعش اليهود عصورهم الذهبية إلا في كنف الدولة العربية. وفي كل مرة فقد العرب الحكم كان اليهود يُطردون من منازلهم ويضربون حتى الثمالة، أخذهم نبوخذ نصر عبيدًا إلى بغداد، والصليبيون جعلوهم خدمًا تحت أحذيتهم، وطردهم البيزنطيون إلى المنافي ولعنوهم في كل كتاب، وظلوا يبكون حتى نزل الدم من عيونهم. حتى جاء صلاح الدين الاأوبي، فأنصفهم وأمنهم في بيوتهم وكنسهم.
في أوروبا أحرقوهم في الأفران، وفي أمريكا كانوا عبرة لمن اعتبر ولا يجرؤون على البوح باسم ديانتهم، في روسيا كانوا مضرب الأمثال السيئة وأسوأ الأشرار في كتب “غوغول” وأشعار الأسلاف. وحين وضعتهم أوروبا في سجون الغيتو قبل 160 عامًا هربوا إلى فلسطين، فسمح لهم أبناء فلسطين ببناء الكيبوتسات والكوبنيات، وعاشوا تحت حماية السلطان عبد الحميد وتحت حماية الحاج أمين الحسيني. ثم هربوا كلاجئين في السفن من أوروبا إلى ميناء يافا، جاؤوا كالجراد فأطعمناهم البرتقال وأسقيناهم الماء الزلال، حتى عقروا اليد التي امتدت لهم، ونفذوا مذابح ضد المضيف، جاءوا جوعى وعراة، ومرضى بالجرب والخوف والتيفوئيد والحصبة والملاريا. فعالجناهم وآويناهم وخبأناهم مع أولادنا. جيل آخر ضائع من اليهود، يبحثون عن هوية ويبحثون عن منقذ ويبحثون في بيوتنا وتحت أقدامنا عن آثار شمعدان محطم. حاولوا وسيحاولون أن يصنعوا دولة لليهود ويخبئوا أنفسهم خلف الجدار. ولكن ما نيل الخلود بالمستطاع.
كتب ذات صلة:
دور عائلة روتشيلد في إنشاء دولة “إسرائيل”
دور السلطان عبد الحميد الثاني في السيطرة الصهيونية على فلسطين؟
البعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي – الصهيوني (جذور الحركة الإنجيلية الأصولية)
المصادر:
إباء عمر البرغوثي: طالب في جامعة بيرزيت، كلية الدراسات العليا، معهد أبو لغد للدراسات الدولية.
[1] أثناء حصار عكا (1799)، أعد نابليون إعلانًا لإعلان الدولة اليهودية في فلسطين، والذي تم توزيعه على الجاليات اليهودية تحت عنوان مقال نابليون إلى اليهود (نيسان/أبريل 1799) وبعد فشل حملة نابليون في عكا، عاد نابليون وفصل في آب/أغسطس 1800 رؤيته لانتفاضة الشعب اليهودي في بلاده التاريخية: “لو كنت أقود الأمة اليهودية لأعدت بناء الهيكل”.
[2] المقدم السير فينسنت آرثر هنري مكماهون (بالإنكليزية: Lieutenant-Colonel Sir Vincent Arthur Henry McMahon)(1862 – 1949) الممثل الأعلى لملك بريطانيا في مصر.
[3] (المزامير 67).
المراجع
- أبو بكر، بكر. شخصيات ساهمت في تأسيس الكيان الصهيوني (مركز الانطلاقة للدراسات، 2022) ص7.
- أبو بكر، بكر. شخصيات ساهمت في تأسيس الكيان الصهيوني (مركز الانطلاقة للدراسات، 2022) ص17.
- أبو نزار، صخر. (1982). إسرائيل مشروع إمبريالي صهيوني.المعرفة، س ,21 ع ،242 28 – .53 /370257Record/com.mandumah.search://http.
- الجودبر، صلاح.2017. فكرة الوطن القومي لليهود. الأيام، العدد 10363.
- حران، تاج السر أحمد. (1974). وسائل العمل الصهيوني 1897 – .1917 مجلة البحوث والدراسات العربية، ع ،5 61 – . /131020Record/com.mandumah.search://http 94.
- المسيري، عبد الوهاب.2014. اليهود ودولة إسرائيل في الاستراتيجية الغربية. الجزيرة. شوهد 2024\5\15. https://2u.pw/abu0b2w
- حلاق. حسان. 1997. فلسطين في المؤتمرات العربية والدولية،عمان، روائع مجدلاوي للنشر.
- الخالدي، وليد.1999. بناء الدولة اليهودية. مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد10، عدد39.
- الشواف، نجدة. (1990). الدبلوماسية الصهيونية (1897 -.(1948 شؤون فلسطينية، ع،210 80 – .106 /629622Record/com.mandumah.search://http
- النجار، مصطفى أحمد. (1971). الدبلوماسية الصهيونية كيف تعمل. مجلة الطليعة، س ,7 ع
- نصار، نجيب.2017. الصهيونية تاريخيها وغايتها وامتدادها حتى 1905. نجيب نصار. مصر، مؤسسة هنداوي.
- هرتزل، تيودور.1895. الدولة اليهودية، محمد فاضل، مكتبة الشروق الدولية .ص43
- الوعري، نائلة.2007، دور القنصليات الأجنبية في الهجرة والاستيطان في فلسطين, عمان. دار الشروق.
- صباغ، كارل. 2018. وعد بلفور في تاريخ. القدس العربي. https://2u.pw/Yh4SR8Ad
- اللحام، ناصر. 2015.تويتر 6 سبتمبر 2015.ضاع اليهود في صحراء سيناء
المراجع العبرية
- חן، מלול. 1991،התרומה של חיים ויצמן למאמץ המלחמתי הבריטי. https://2u.pw/iQ0PYNhU
- יואל רפל.2020. באזל והציונות. קטגוריות: מסעות בעקבות | מסעות והרפתקאות. https://2u.pw/32gSHMV5
- משה. שרן.1990. ובת המלך. הוצאת הספר’ה הציונית.
- אפרים תלמי; מנחם תלמי.1982. המוסד העליון של ההסתדרות הציונית העולמית, שציריו נבחרים על-ידי חברי ההסתדרות הציונית. הקונגרס הציוני.
- רו”ח גיל גבאי ורו”ח שי אהרוני.2015. כל מה שרציתם לדעת על באזל 2: חלק א’.
- https://2u.pw/LJScIwiO .
- משה. שרן.1990. ובת המלך. הוצאת הספר’ה הציונית.
المراجع الأجنبية
*Amanda.2024. Britain and France conclude Sykes-Picot agreement. https://2u.pw/MfLMQZwG ، Onion.
*Haim Havin C.P.A.2019. (Isr.) PRM, MLARMHaim Havin C.P.A (Isr.) PRM, MLARM.
*Walter Laqueur.1972. A History of Zionism. From the French Revolution to the Establishment of the State.
*Jehuda،. Reinharz1985.* Science in the Service of Politics: The Case of Chaim Weizmann during the First World War. https://www.jstor.org/stable/568236
مركز دراسات الوحدة العربية
فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.