تم الإعلان عن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، وحقق نصرًا مؤزرًا وفق نظام المجمع الانتخابي بحصوله على 295 صوتًا، مقابل حصول منافسته كامالا هاريس على 226 صوتًا. تفوّق ترامب أيضًا في أعداد أصوات الناخبين الأمريكيين وحصل نحو 72.64 مليون صوت بنسبة (47.6 بالمئة). مقابل 67,95 صوتًا حصلت عليها كامالا هاريس بنسبة (47.6%).

بدأ سباق الرئاسة الأمريكية 2024 نحو البيت الأبيض يوم الاثنين 15 كانون الثاني/ يناير 2024 في ولاية آيوا، وتستمر فعاليات الانتخابات لمدة 294 يومًا لتنتهي في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2024 موعد إجراء الانتخابات الرئاسية. تكون البداية بانتخابات تمهيدية داخل كل من الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة الأمريكية (الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي)، تعقبها مؤتمرات قومية للحزبين لتقديم المرشح الرسمي للبيت الأبيض، ثم تجري ثلاث مناظرات رئاسية، إضافة إلى مناظرة واحدة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس، وصولًا إلى يوم الاقتراع العام، بتاريخ 05/11/2024[1].

في السادس من كانون الثاني/ يناير 2025، يجتمع الكونغرس في واشنطن لفرز أصوات المجمع الانتخابي والتصديق رسميًا على الفائز. وتقام مراسم تنصيب الرئيس في 20 كانون الثاني/ يناير في واشنطن العاصمة.

أولًا: المجمع الانتخابي ينتخب الرئيس الأمريكي

من الناحية الفنية المجمع الانتخابي (الهيئة الانتخابية) هو من ينتخب الرئيس الأمريكي وليس الناخبين مباشرة، مع ملاحظة أن عمليتي التصويت مرتبطتين بشكل وثيق. الخارطة أدناه تبين لنا عدد المندوبين لكل ولاية ويتوافق عددهم مع عدد النواب الذين يمثلون الولاية في الكونغرس.

(على المستوى الوطني، يوجد في المجمل 538 مندوبًا أو أعضاء المجمع الانتخابي وهذا العدد يوازي عدد أعضاء الكونغرس الأمريكي بمجلسيه النواب والشيوخ، علاوة على 3 أعضاء من مقاطعة كولومبيا التي تضم العاصمة واشنطن على الرغم من عدم وجود أي تمثيل انتخابي لها في الكونغرس. ويعني هذا أن أي مرشح في انتخابات الرئاسة يحتاج إلى الحصول على 270 صوتًا للفوز)[2].

عدد مندوبي كل ولاية من الولايات الأمريكية في المجمع الانتخابي

مثال: تعَد ولاية كاليفورنيا أكبر ولاية بين الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان يمثلها خمس وخمسون مندوبًا في المجمع الانتخابي، في حين يمثل ولاية فلوريدا سبع وعشرون مندوبًا، أما ولاية كارولينا الشمالية فيمثلها في المجمع الانتخابي ثلاثة مندوبين فقط. ويجب أن يحصل الفائز بمنصب الرئيس في انتخابات الرئاسة الأمريكية على مئتين وسبعين صوتًا على الأقل من أصوات أعضاء الهيئات الانتخابية (المندوبين في المجمع الانتخابي). وتتباين الولايات من حيث درجة تسهيل إجراءات الانتخابات، وتوفر ولاية كاليفورنيا مثلًا بطاقات الاقتراع بعدة لغات ومنها اللغة العربية.

يعتمد النظام الانتخابي على مبدأ “الفائز يأخذ الكل”، بمعنى أنه حتى إذا فاز المرشح بفارق ضئيل في ولاية معينة، فإنه يحصل على جميع أصوات المجمع الانتخابي لتلك الولاية. وبالتالي، قد يفوز مرشح بالأصوات الشعبية العامة لكنه يخسر الانتخابات، كما حدث مع هيلاري كلينتون في عام 2016؛ فقد حصلت على نحو ثلاثة ملايين صوت شعبي أكثر من دونالد ترامب، لكنه حصل على الأغلبية في المجمع الانتخابي وفاز في الانتخابات. [3]

ثانيًا: قواعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية

الانتخابات الرئاسية الأمريكية عملية معقدة ومتعددة المراحل، ومربكة أحيانًا ومبهمة في آنٍ معًا. تبدأ هذه الانتخابات عندما يبدأ المرشحون بالإعلان عن نيتهم الترشيح وخوض الانتخابات، غالبًا ما يحصل بالإعلان عن نية الترشيح قبل عامين من الموعد الفعلي للانتخابات. فيبدأ المرشحون بتأليف فريق عمل وتنظيم جهاز حملة وطنية، وجمع الأموال لتمويل الحملة الانتخابية. وقبل أن تبدأ الحملة الانتخابية العامة، يتعيّن على المرشحين من كلّ حزب رئيسي (الديمقراطي والجمهوري) فيما بينهم التنافس في انتخابات تصفية تمهيدية ليصبح مرشح الحزب الوحيد للرئاسة[4].

تجرى الانتخاب وفقًا لقاعدة أن الولاية تعد دائرة انتخابية واحدة، فالمرشح الذي يحصل على أغلبية أصوات الناخبين في الولاية يحصل على جميع أصوات أعضاء المجمع الانتخابي الممثلين لهذه الولاية، بغضّ النظر عن نسبة الأصوات الشعبية التي حصل عليها في تلك الولاية. مثال: (إذا حصل أحد المرشحين على أغلبية بسيطة في ولاية كاليفورنيا، فإنه يفوز بجميع أصوات المجمع الانتخابي للولاية البالغ عددها 55. وذلك باستثناء ولايتي نبراسكا وماين، اللتين تطبقان نظامًا نسبيًا. بحيث يحصل كل مرشح على عدد من أصوات أعضاء المجمع الانتخابي يتناسب مع عدد ما حصل عليه من أصوات الناخبين)[5].

لم يتوقع الآباء المؤسسون للدولة الأمريكية عندما اجتمعوا قبل نحو 240 عامًا للاتفاق على شكل الدولة الجديدة وطبيعة الدستور وحق التصويت وعلاقة الحاكم بالمحكوم أن يصل رئيس مثل دونالد ترامب إلى سدة الحكم. ومع ذلك صمم الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية عملية تنظيم الانتخابات الرئاسية هذه كي لا يكون في الولايات المتحدة جهة مركزية تشرف على إجراء العملية الانتخابية في أرجاء الدولة كافة، إنما تشرف كل ولاية على تنظيم وتمويل العملية الانتخابية التي تتم فيها، وتقوم الدوائر الانتخابية المحلية في مقاطعات الولايات بتنظيم عملية الانتخاب وتحدد ضوابط التصويت ومراحله ومواعيده حسب ما تراه مناسبًا. وكان هدف الآباء المؤسسون ألّا يُسمح لشاغلي المناصب الفدرالية العليا بتغيير قواعد الانتخابات بما يتناسب مع استمرارهم في مناصبهم[6].

تستعد كل ولاية من الولايات الأمريكية الخمسين والعاصمة واشنطن لإجراء الانتخابات الرئاسية ولكن حسب إجراءات إدارية ولوجستية مختلفة. (نظرًا إلى طبيعة النظام السياسي الأمريكي اللامركزية، لا تعرف الولايات المتحدة جهة مركزية تشرف على إجراء العملية الانتخابية في أرجاء الدولة، حيث تشرف كل ولاية على تنظيم وتمويل العملية الانتخابية فيها، وتقوم الدوائر الانتخابية المحلية في مقاطعات الولايات بتنظيم عملية الانتخاب وضوابط التصويت وتحديد مراحله ومواعيده المختلفة. وتُجري كل من الولايات الخمسين والعاصمة واشنطن انتخابات بموجب إجراءات إدارية ولوجستية مختلفة)[7].

يتولى وزير خارجية كل ولاية مهام الإشراف على الانتخابات وتنظيم علاقة الولاية بالولايات الأخرى. ومع مرور الوقت تعددت مهام وزير خارجية كل ولاية وتنوعت من ولاية إلى أخرى، وأصبح الوزير مسؤولًا رئيسيًا عن الانتخابات وإجراءات التصويت بالولاية من هذه المهام:

  • التيقن مبكرًا من أن الناخبين سيكونون على علم بالمواعيد النهائية لتسجيل أنفسهم في جداول الانتخابات، ومواعيد الاقتراع، وغير ذلك من معلومات خاصة بيوم الانتخابات.
  • التأكد من أن كل شخص مؤهل للتصويت مدرج في قوائم التسجيل.
  • تتحمل الولايات عبء تمويل الانتخابات، ولا تحصل إلا على دعم ضئيل من الحكومة المركزية.
  • الإشراف على آلاف الإداريين والموظفين الانتخابيين المسؤولين عن تنظيم وإدارة الانتخابات بما في ذلك فرز وعدّ النتائج والتصديق عليها.

يقوم الإداريون والموظفون بالتصديق على أهلية المرشحين وإعداد وتسجيل قوائم الناخبين واختيار أجهزة التصويت المناسبة وتصميم بطاقات الاقتراع، وتنظيم وتوظيف قوة عاملة مؤقتة ضخمة للمساهمة في إدارة عملية التصويت.

ثالثًا: مراحل الانتخاب الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية

تبدأ عملية انتخاب الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية بانتخابات التصفيات داخل الأحزاب السياسية الأمريكية، وبخاصة التصفيات داخل كل حزب من الحزبين الرئيسين (الجمهوري والديمقراطي) وتنتهي بانتخابات الهيئة الانتخابية (المجمع الانتخابي) للرئيس. وتمر العملية الانتخابية بخمس مراحل رئيسة[8]:

1- المرحلة الأولى خط البداية

يقوم فيها الراغبون في الترشح بتشكيل لجنة استكشافية (أو لجنة استطلاع) لحشد التأييد لأنفسهم بين أنصارهم في الحزب، ويحصلون على ضمانات دعم مالي من المانحين للإسهام في تمويل حملاتهم الانتخابية. وإذا اقتنع الراغبون في الترشح بأنهم يتمتعون بتأييد يكفي لخوض الانتخابات يعلمون السلطات الفدرالية باعتزامهم ترشيح أنفسهم في الانتخابات القادمة. ويتم في هذه المرحلة عمليات جمع الأموال لتمويل الحملة الانتخابية وخوض سباق الانتخابات الداخلية الحزبية.

(كلما زاد عدد الأصوات التي يحصل عليها المرشح في المؤتمر الحزبي أو الانتخابات التمهيدية، يزداد عدد مندوبي المرشح. ويأمل جميع المرشحين بالفوز بأكبر عدد من المندوبين. ويختلف عدد المندوبين في كل ولاية، ويتم تحديده بواسطة سلسلة من المعايير المعقدة. فعلى سبيل المثال، في الانتخابات التمهيدية بكاليفورنيا، هناك 415 مندوبًا للحزب الديمقراطي للمنافسة عليهم هذا العام، أما في ولاية نيو هامشاير فهناك 24 مندوبًا فقط. خلال هذا العام، الأمر مختلف بعض الشيء. سيحتاج أي مرشح إلى الحصول على 15 في المئة على الأقل من الأصوات في أي من الانتخابات التمهيدية أو المؤتمرات الحزبية للحصول على مندوبين)[9].

2 – المرحلة الثانية الانتخابات التمهيدية

تتم الانتخابات التمهيدية التي يجريها الحزبان الأمريكيان الرئيسان (الديمقراطي والجمهوري) في كل الولايات الأمريكية الخمسين والعاصمة واشنطن، والأقاليم الأمريكية الخمسة، على عدة مراحل تبدأ بولاية آيوا يوم 15 كانون الثاني/ يناير 2024، وتنتهي في الرابع من حزيران/ يونيو بولايتي نيوجرسي ونيومكسيكو للجمهوريين، والثامن من حزيران/ يونيو للديمقراطيين.

تشهد الانتخابات التمهيدية تنافس مرشحي كل حزب للظفر ببطاقة الحزب للمنافسة في الانتخابات الرئاسية على المستوى القومي للبلاد. يفوز مرشح الحزب في الانتخابات التمهيدية بأصوات مندوبي الولاية جميعهم أو بأصوات نسبة منهم، وذلك طبقا لقواعد انتخابات كل ولاية. يصوت هؤلاء المندوبون للمرشح الفائز في المؤتمر القومي للحزب[10].

في هذه المرحلة يتم اختيار مرشح الحزب الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية أمام مرشحي الأحزاب المنافسة. ويتعين على الناخبين المؤيدين لأحد الأحزاب السياسية أن يختاروا مرشحًا واحدًا من مرشحي هذا الحزب. بدأت الانتخابات التمهيدية (انتخابات التصفية) في مختلف الولايات الأمريكية في شهر كانون الثاني/يناير 2024، يخوض المرشحون منافسة ضد زملائهم من أعضاء الحزب نفسه للفوز بترشيحه لخوض الانتخابات الرئاسية. وعلى الرغم من التركيز الواسع على انتخابات الحزب الجمهوري، فستكون هناك انتخابات رمزية غير مهمة للحزب الديمقراطي. وقد تلغي بعض الولايات الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لانعدام المنافسة وتوفيرًا للنفقات من وجهة نظر مجلسها التشريعي وحاكم وسكرتير الولاية.

يتنافس في الحزب الديمقراطي ثلاثة مرشحين مغمورين لا حظوظ لهم في هزيمة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن على مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة، وهم دين فيليبس عضو مجلس النواب من ولاية مينيسوتا، والكاتبة ماريان ويليمسون، والناشط في مجال البيئة روبرت كينيدي شقيق الرئيس الأسبق جون كينيدي. كما يتنافس أربعة مرشحين جمهوريين على مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة يتقدمهم الرئيس السابق دونالد ترامب، ينافسه حاكم ولاية فلوريدا رون ديسنتيس، وسفيرة أمريكا السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، ورجل الإعلام فيفيك رامسوامي[11].

3 – المرحلة الثالثة المؤتمرات الحزبية

وفيها يتم تنظيم مؤتمرات الأحزاب والتي تعد واحدة من أكثر الأحداث إثارة في السياسة الأمريكية. حيث يصل وفد كل ولاية إلى القاعة التي يعقد فيها المؤتمر القومي للحزب يحمل لافتة عليها اسم مرشح الحزب الذي يتمتع بتأييده. وعادة يكون الحزب قد كوّن فكرة عن مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية بحلول هذه المرحلة. ويقوم وفد كل ولاية باختيار مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية رسميًا. يشارك في اجتماعات المؤتمرات الحزبية عدد من الأشخاص، ربما لبضع ساعات، قبل أن يصوتوا على مرشحهم المفضل، من طريق إحصاء الأصوات أو برفع الأيادي. وقد تعقد المؤتمرات في مواقع مختارة قليلة فقط، إذ إنه لا يمكنك الذهاب إلى أحدها والإدلاء بصوتك. لذلك، تناسب المؤتمرات الحزبية المرشحين الذين يجيدون بث الحماس في أنصارهم للمشاركة.

كانت المؤتمرات الحزبية تحظى بشعبية كبيرة سابقًا، لكن الديمقراطيين هذا العام، يقيمون أربعة فقط في الولايات المتحدة، في ولايات نيفادا وداكوتا الشمالية وويومينغ وآيوا.

ينعقد المؤتمر القومي للحزب عادة في الصيف لاختيار المرشح النهائي للانتخابات، ويشارك فيه أعضاء وفود الحزب القادمة من الولايات المختلفة يتم خلال هذا المؤتمر انتخابات التصفيات فيختار الناخبون أعضاء الوفود مرشح الحزب النهائي للانتخابات ويعلنون غالبًا تأييدهم لمرشح معين. ويحتاج المتنافسون على ترشيح الحزب إلى أغلبية من هؤلاء الأعضاء في مؤتمر الحزب للفوز بالترشيح. ويفوز بترشيح الحزب المرشح الذي يختاره أكبر عدد من الوفود، كما يحصل على دعم منافسيه داخل الحزب أيضًا، ثم يقوم المرشح الفائز باختيار نائب له يخوض معه حملته الانتخابية.

4 – المرحلة الرابعة التركيز على الحملة الانتخابية

يكثف المرشحون المتنافسون من الأحزاب السياسية الأمريكية المختلفة تركيزهم في هذه المرحلة على الحملة الانتخابية. وتعاد صياغة سياسات كل مرشح لتأخذ في الاعتبار مطالب أنصار منافسيه السابقين داخل حزبه. وهذه المرحلة من سباق الانتخابات تستغرق وقتا أقصر مما تستغرقه انتخابات التصفيات داخل الأحزاب.

5 – المرحلة الخامسة الانتخابات العامة

تبدأ في هذه المرحلة الانتخابات العامة، وتجرى عادة في أول يوم ثلاثاء يلي أول يوم اثنين في شهر تشرين الثاني/نوفمبر ويُطلق عليه “الثلاثاء الكبير”. يتوجه الناخبون في هذا اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحهم لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. ثم تفرز الأصوات وتعلن النتائج الأولية للانتخابات تتم عادة خلال 12 ساعة من إغلاق مراكز الاقتراع. وبعد فرز الأصوات تنتقل العملية الانتخابية إلى الهيئة الانتخابية. حيث يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي للتصويت على اختيار الرئيس ونائبه في أول يوم اثنين عقب ثاني يوم أربعاء في شهر كانون الأول/ديسمبر فى سنة الانتخاب[12].

عمومًا، يوجد 538 مندوبًا (ناخبًا) من مختلف الولايات الأمريكية. المرشح الفائز هو من يحصل على 270 صوتًا انتخابيًا على الأقل في المجمع الانتخابي، ويعتبر هذا الشخص هو الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. (وفي حالة عدم حصول أي من المرشحين للرئاسة على أغلبية أصوات الهيئة الانتخابية (أي 270 صوتًا)، وأيضا في حالة عدم حصول أي من المرشحين لمنصب الرئيس على أغلبية أصوات الهيئة الانتخابية، يتوجب على مجلس النواب أن يقرر المرشح الفائز، حيث يقوم أعضاء مجلس النواب بالإدلاء بأصواتهم لاختيار المرشح الفائز بمنصب الرئيس، ويكون لكل عضو صوت واحد. كما يتوجب على مجلس الشيوخ أن يقرر المرشح الفائز لمنصب نائب الرئيس، حيث يقوم أعضاء مجلس الشيوخ بالإدلاء بأصواتهم لاختيار المرشح الفائز بمنصب نائب الرئيس، ويكون لكل عضو صوت واحد[13].

الجدول الزمني للتواريخ الهامة في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2024

رابعًا: دور الحكومة الفدرالية في الانتخابات

تدير وزارة العدل وتنفذ القوانين الأساسية للانتخابات، بحيث لا يتم انتهاك هذه القوانين من قبل بعض الولايات، كما تقوم وزارة الأمن الداخلي بتأمين الحماية اللازمة لعملية الانتخابات من أي هجمات خارجية سيبرانية، يدعمها في ذلك الكثير من الوكالات الأمنية الأخرى. و(تقوم “لجنة المساعدة الانتخابية” و”اللجنة الاتحادية للانتخابات” بمهام ترتبط ببعض الإجراءات المنظمة، والمساعدة في إجراء الحملات الانتخابية وعملية الاقتراع نفسها. وتشمل الأدوار الاتحادية أنشطة مثل:

  • توفير بيانات مكتب الإحصاء للولايات لتسهيل إعادة تقسيم الدوائر.
  • منذ عام 2002، توفير بعض التمويل للولايات لرفع مستوى المعدات والأجهزة المستخدمة في عمليات للاقتراع.
  • تيسير التبادل الطوعي للمعلومات وأفضل الممارسات بين الولايات.
  • تنظيم تمويل الحملات الانتخابية في الانتخابات الرئاسية.
  • حظر التمييز بين الناخبين على أساس اللون أو العرق أو اللغة في الانتخابات.
  • مساعدة الولايات في مواجهة أي تهديدات تتجاوز قدراتها الذاتية)[14].

كان من الصعب التنبؤ بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية. لأنها تشهد منافسة محتدمة إلى حدّ ما، وعادة يفوز بها مرشحون من مناصب عليا كنائب رئيس أو سيناتور أو حاكم. إنما كانت المرة الوحيدة التي تمّ فيها انتخاب رئيس أمريكي بدون أحد هذه الألقاب مع دوايت أيزنهاور في العامين 1952 و1956. ومنذ عام 1788، كان كلّ مرشحي الحزبين الرئيسين من الرجال. المرشحة الوحيدة من النساء كانت هيلاري كلنتون في عام 2016، وكامالا هاريس في عام 2020، وحتى عام 2008، كان جميع الرؤساء بيضًا. المرشح الوحيد من السود كان باراك أوباما فاز في عام 2008 بالانتخابات، وجميع المرشحين الفائزين كانوا مسيحيين.

خامسًا: مرشحو الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024

بدأت الانتخابات الأمريكية 2024 بالتصويت يوم الثلاثاء الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2024. وسط توقعات بإدلاء أكثر من 160 مليون ناخب بأصواتهم، تضمنت قائمة المرشحين خمسة أسماء، كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، إضافة إلى ثلاثة 3 مرشحين آخرين يتنافسون في الانتخابات الأمريكية 2024  وهم: تشيس أوليفر، جيل شتاين، كورنيل ويست[15].

مرشحو انتخابات أمريكا 2024

  • كامالا هاريس، 60 عامًا، نائبة الرئيس الحالية، والتي فازت بترشيح الحزب الديمقراطي، بعد أن أنهى جو بايدن محاولته لإعادة انتخابه، وهي عضو مجلس الشيوخ السابقة، والمدعية العامة لولاية كاليفورنيا والمدعية العامة في سان فرانسيسكو، وتسعى إلى صنع التاريخ كأول امرأة وأول امرأة ملونة يتم انتخابها رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة الممتد لـ 248 عامًا.
  • دونالد ترامب، 78 عامًا، المرشح الجمهوري، والذي يخوض الانتخابات الأمريكية للمرة الثالثة على التوالي للبيت الأبيض، ويواصل رجل الأعمال ونجم تلفزيون الواقع تكرار مزاعم بأن الديمقراطيين سرقوا انتخابات 2020، وهو أول رئيس يتم عزله مرتين وإدانته بارتكاب جريمة.
  • تشيس أوليفر، 39 عامًا، هو المرشح غير المعروف للحزب الليبرالي، وكان أوليفر قد ترشح لمقعد في مجلس شيوخ ولاية جورجيا في عام 2022 وحصل على 2 بالمئة من الأصوات، والحزب يعطي الأولوية للحكومة الصغيرة والحريات الفردية، ويحصل عادةً على 3 بالمئة أو أقل من الأصوات الوطنية ولكن أعضاءه قد يثبتون أنهم حاسمون في الولايات المتأرجحة.
  • جيل شتاين، 74 عامًا، (طبيبة) ترشحت تحت حزب الخضر في عام 2016، وتترشح مرة أخرى في عام 2024، وأطلقت حملتها الحالية متهمة الديمقراطيين بخيانة وعودهم «للعمال والشباب والمناخ مرارًا وتكرارًا – بينما لا يقدم الجمهوريون مثل هذه الوعود في المقام الأول».
  • كورنيل ويست، 71 عامًا، يترشح كمرشح مستقل، يبذل الناشط السياسي والفيلسوف والأكاديمي جهدًا لجذب المزيد من الناخبين التقدميين ذوي الميول الديمقراطية.

سادسًا: المتنافسان الرئيسان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024

بعد قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي لولاية ثانية بالبيت الأبيض، ظهرت عدة أسماء يحتمل خوضها المنافسة باسم الحزب الديمقراطي الذي شدد على أنه سيتبع عملية “شفافة ومنظمة” لاختيار مرشحه. وكانت نائبة الرئيس كامالا هاريس الخيار كمرشحة للحزب الديمقراطي[16]. وبذلك أصبح المتنافسان الرئيسان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 كامالا هاريس كمرشحة للحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب كمرشح للحزب الجمهوري.

1 – كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي

كامالا هاريس من مواليد عام 1964 في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، لأبوين مهاجرين؛ أمّ هندية وأب جامايكي. وبعد انفصال والديها، نشأت هاريس في كنف والدتها الهندوسية العازبة، شيامالا غوبالان هاريس، وهي باحثة في مجال بحوث علاج السرطان وناشطة مدنية. ظلت كامالا على ارتباط وثيق بتراثها الهندي، كما رافقت والدتها لزيارة الهند عدة مرات. وتقول: تبنت والدتها ثقافة السود في أوكلاند، وغمرت ابنتيها؛ كامالا وأختها الصغرى مايا، بتلك الثقافة[17].

كتبت كامالا في سيرتها الذاتية: (الحقيقة أن والدتي أدركت جيدًا أنها كانت تربي ابنتين سوداوين). وأضافت: (كانت تعلم أن موطنها الجديد الذي قررت الانتماء إليه، سينظر إليّ وإلى مايا على أننا فتاتان سوداوان، لكنها كانت تصرّ على التأكد من أننا سنصبح امرأتين واثقتين وفخورتين بنفسيهما). عاشت كامالا لمدة خمس سنوات في كندا حيث عملت والدتها بالتدريس في جامعة ماكجيل، فسافرت وشقيقتها الصغرى معها، ودرستا في مدرسة في مونتريال. ثم التحقت بكلية في الولايات المتحدة، وأمضت أربع سنوات في جامعة هَوارد، إحدى الجامعات البارزة التي يدرس فيها السود تاريخيًا، والتي وصفتها بأنها من بين أكثر الخبرات التي حصلت عليها في حياتها وساهمت في بنائها وتكوينها.

(وتقول هاريس إنها دائمًا كانت منسجمة مع هويتها العرقية وتصف نفسها ببساطة بأنها “أمريكية”. وفي عام 2019، قالت لصحيفة واشنطن بوست إنه لا ينبغي أن يضطر السياسيون إلى حصر أنفسهم في حيز التصنيفات التي يفرضها لونهم أو خلفيتهم الاجتماعية)[18].

– الخطة الاقتصادية للمرشحة كامالا هاريس:

صرحت كامالا هاريس في خطابها الذي ألقته يوم الجمعة في ولاية نورث كارولينا: (دونالد ترامب يكافح من أجل أصحاب المليارات والشركات الكبرى، وأنا سأكافح من أجل إعادة الأموال إلى الأمريكيين من الطبقة العاملة والمتوسطة).

أعلنت كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في أول خطاب لها عن ملامح سياستها الاقتصادية المقبلة وتتضمن:

  • بناء ملايين المنازل الجديدة.
  • مساعدة المشترين لأول مسكن لهم.
  • تقديم إعفاءات ضريبية للأُسر.
  • حظر “الاحتكار” في أسعار منتجات البقالة.
  • معالجة مخاوف لدى الناخبين عقب ما تشهده السوق من ارتفاع الأسعار منذ عام 2021.
  • تحديد سعر شهري لدواء الأنسولين لعلاج مرض السكري عند 35 دولارًا للجميع.
  • إيجاد سُبل تفضي بإلغاء الديون الطبية.
  • استفادة الأُسر من خصم ضريبي قدره 6000 دولار في العام الذي يولد فيه طفل جديد.

وتدعم هاريس قانونًا فدراليًا يحظر على الشركات فرض أسعار مبالغ فيها على منتجات البقالة، وحثت على اتخاذ إجراء بشأن مشروع قانون في الكونغرس من شأنه منع أصحاب العقارات من استخدام الخدمات التي “تنسق” الإيجارات[19].

تتطلب العديد من هذه الأهداف تصديق الكونغرس عليها، ولا سيما بعد أن تعثرت أفكار مماثلة في السنوات الماضية[20].

من المقترحات الاقتصادية التي تضمنتها حملة هاريس الانتخابية:

1 – خصم ضريبي لبناة المنازل التي تباع للمشترين لأول مرة.

2 – مساعدة تصل إلى 25 ألف دولار لتمويل الدفعة الأولى المقدمة والتي يستفيد منها المشترين “المنطبق عليهم الشروط” عند شراء أول مسكن لهم.

مقترحات سيستفيد منها أربعة ملايين أسرة على مدى أربع سنوات[21]:

ويأمل الديمقراطيون وحلفاؤهم أن تثبت هاريس أنها مرشحة أكثر قوة وثقة مقارنة بالرئيس جو بايدن في ما يتعلق بالأزمات الاقتصادية التي تعانيها البلاد.

2 – دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري

وُلد دونالد جون ترامب في 14 حزيران/يونيو 1946 في نيويورك، ويُعد من الشخصيات البارزة في مجالات متعددة، حيث برز في مجال العقارات كأحد كبار رجال الأعمال، ويمتلك شركة ترامب، التي تدير مجموعة من المشاريع العقارية والفنادق والمنتجعات. كما أن ترامب سياسي أمريكي شغل منصب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة خلال السنوات 2017 – 2021.

دخل ترامب عالم السياسة كمرشح جمهوري غير تقليدي وحقق مفاجأة كبيرة بفوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، مستفيدًا من تأييد قاعدة شعبية واسعة تطالب بتغيير سياسات المؤسسة السياسية التقليدية.

تميزت فترة رئاسة ترامب الأولى (2017 – 2020) بعدد من السياسات المثيرة للجدل والإجراءات غير التقليدية، كموقفه المتشدد تجاه الهجرة، وخفض الضرائب، ومحاولته إلغاء قانون الرعاية الصحية المعروف باسم “أوباما كير”. كما تأثرت مسيرته السياسية تأثرًا كبيرًا بأسلوبه الفريد في التواصل، واعتمدَ اعتمادًا كبيرًا على وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل مع مؤيِّديه ونشر آرائه، ومن خلال شعاراته القوية مثل “أمريكا أولًا”، استطاع ترامب أن يجذب قاعدة جماهيرية واسعة، لكنَّه واجه انتقادات حادة من معارضيه[22].

كما واجه ترامب عددًا من التحديات خلال مسيرته السياسية، أهمها الانتقادات الإعلامية حيث تعرَّض لانتقادات حادة من وسائل الإعلام، وصُوِّرَ في كثير من الأحيان بوصفه شخصية مثيرة للجدل، واستخدمَ ترامب وسائل التواصل الاجتماعي للرد على الانتقادات، وهذا زاد من حدة الجدل حوله.

  • التحقيقات القانونية: خضعَ ترامب لعدة تحقيقات قانونية خلال مدة رئاسته، منها التحقيقات المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات 2016، وهذه التحقيقات أثرت في صورته العامة وأثارت جدلًا واسعًا.
  • الانقسام السياسي: واجهَ ترامب انقسامًا سياسيًا كبيرًا في البلاد، وكانت هناك مشاعر قوية من المؤيدين والمعارضين، وهذا الانقسام أثر في قدرته على تنفيذ بعض السياسات تنفيذًا فعالًا.
  • الأزمات الداخلية: شهدت فترة رئاسة ترامب عددًا من الأزمات الداخلية، أهمها الاحتجاجات على العنصرية والتمييز، مما أثر في استقرار البلاد وأثارت جدلًا بشأن كيفية التعامل معه[23].

وكان ترامب أول رئيس أمريكي يتعرض لمحاكمة عزل مرتين، الأولى بتهمة إساءة استخدام السلطة وعرقلة الكونغرس، والثانية بتهمة التحريض على أحداث العنف في الكابيتول في كانون الثاني/يناير 2021، إلا أنه بُرئ من التهمتين.

– الخطة الاقتصادية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب 2024

تتضمن خطة دونالد ترامب الاقتصادية عدة محاور أهمها: خفض الضرائب، وزيادة الرسوم الجمركية، وتشجيع الإنتاج المحلي.

  • خفض الضرائب: يريد ترامب تمديد الخفوضات الضريبية التي أقرها في 2017 والتي تشمل الأفراد والشركات. يخطط لخفض الضريبة على الشركات إلى 15 بالمئة، وهي نسبة أقل من المعدل الحالي البالغ 21 بالمئة، كما يريد إلغاء ضرائب الضمان الاجتماعي للمستفيدين من كبار السن​[24].
  • فرض رسوم رسوم جمركية عالية: يعتزم ترامب فرض رسوم جمركية عالية على الواردات، وبخاصة الواردات من الصين، بهدف حماية الصناعات الأمريكية مثل الصلب والسيارات. وقد اقترح رسومًا تصل إلى 20% على السلع الأجنبية لدعم الشركات المحلية وخلق وظائف جديدة​.
  • تعزيز إنتاج الطاقة: يشمل البرنامج زيادة إنتاج الطاقة المحلية، من خلال تسريع إجراءات التنقيب وبناء مصافٍ جديدة، لتقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة وخفض تكاليف الطاقة داخل الولايات المتحدة​.
  • تحفيز الاستثمار العقاري: يقترح فتح الأراضي الفدرالية للتطوير العقاري لتسهيل بناء المزيد من الوحدات السكنية وتقليل أزمة السكن، ويدعم إزالة بعض اللوائح لتسريع هذه العملية​.
  • تحفيز قطاع العملات الرقمية: وعد ترامب بجعل الولايات المتحدة مركزًا عالميًا للعملات الرقمية مثل البيتكوين وغيرها، على الرغم من أن تفاصيل هذا المقترح لم تُوضح بعد​.

تواجه خطة ترامب الاقتصادية انتقادات كثيرة، تتعلق بموضوع زيادة العجز في الموازنة. وتشير التقديرات إلى أن هذه السياسات قد تؤدي إلى ارتفاع الديون في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 5.8 تريليون دولار على مدى العقد القادم​.

لا ينتقل المرشح الفائز فورًا إلى البيت الأبيض، بل يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستوري يوم 20 يناير/كانون الثاني 2025 في احتفال كبير، حسب المادة 20 من الدستور الأمريكي الذي صُدق عليه عام 1933. بعد أداء المراسم في الكونغرس الأمريكي، يتوجه الرئيس المنتحب إلى البيت الأبيض في موكب لبدء مدة رئاسته ولمدة 4 سنوات.

كتب ذات صلة:

الإنتخابات الرئاسية الأمريكية: الأبعاد التاريخية والسياسية والدستورية

البلدان العربية والإسلامية في استطلاعات الرأي العام الأمريكية 1935-2018/ المجلدات الخمسة