المؤلف: نجيب عيسى

الناشر: دار الفارابي، بيروت

سنة النشر: 2018

عدد الصفحات: 371 ص

ISBN: 9786144328828

 

انطلاقاً من الحاجة إلى دراسة شاملة ومعمقة لمشكلات سوق العمل في لبنان والسياسات المقترحة لمعالجتها، يسعى هذا الكتاب لتقديم إضافة علمية معرفية وعملية لدراسة هذه السوق وتبيان خصائصها، وطبيعة الأزمة التي تعانيها، وآفاق بلورة رؤية استراتيجية للخروج من هذه الأزمة التي تستنزف الرأسمال البشري في هذا البلد.

من هنا يتناول مؤلف الكتاب العوامل المؤثرة في حركة العرض والطلب في القوى العاملة في سوق العمل، وأبرزها: النمو الديمغرافي؛ أنظمة التعليم والتدريب؛ النمو الاقتصادي؛ البنى الإنتاجية؛ والأطر المؤسسية القانونية والتنظيمية. ويبحث في نواتج سوق العمل، بما في ذلك خصائص القوى العاملة الديمغرافية والتعليمية والمهنية/العلمية، ومستويات الأجور والضمانات الاجتماعية، وظروف العمل، وغيرها، لينتقل – في ضوء بحثه – إلى تشخيص أزمة التشغيل في لبنان وسبل معالجتها، وذلك وفقاً لرؤية استراتيجية تتيح الخروج من الأزمة.

في هذا السياق، يوضح المؤلف أن أزمة التشغيل في لبنان لا تتوقف عند معدلات البطالة السافرة المرتفعة، وإنما تتجاوزها لتكون بشكل عام، عبارة عن سوء استخدام وهدر متماديين لرأس المال البشري في هذا البلد، مصدرهما، بالإضافة إلى معدلات البطالة العالية، انخفاض معدلات النشاط الاقتصادي عند السكان، وبخاصة عند النساء، رغم ارتفاع مستواهن التعليمي، ودفق الهجرة الكثيف نحو الخارج الذي يتناول بشكل خاص فئة الشباب ذوي المستويات التعليمية والمهارية المرتفعة، واتساع دائرة التشغيل الناقص، مثل العمل الجزئي، والبطالة المقنعة، وعدم استخدام المهارات المكتسبة في ممارسة أعمال مناسبة وغير ذلك.

كما يؤكد أن أزمة التشغيل هذه ليست من النوع الظرفي، أو الطارئ، وإنما هي أزمة بنيوية مستمرة أخذت تتفاعل منذ انتهاء الحرب الأهلية في هذا البلد.. وتأتي الطبيعة البنوية لأزمة التشغيل في لبنان بشكل رئيس من نمط النمو الاقتصادي، ما يعني أن الأزمة ترتبط بشكل عضوي بآلية اشتغال الاقتصاد اللبناني التي تحركها التدفقات المالية من الخارج وسياسات الاقتصاد الكلي (الماكرو اقتصادية) الليبرالية التي اعتمدت ورافقها منسوب عال من الهدر والفساد في استخدام الموارد المالية والطبيعية. وعملت هذه الآلية على تضخيم القطاعات الاقتصادية المتدنية الإنتاجية من جهة، ومن جهة ثانية على تهميش القطاعات الاقتصادية العالية الإنتاجية، وبخاصة قطاعات الإنتاج السلعي التي غالباً ما توفر فرصاً تتناسب مع مؤهلات الوافدين الجدد إلى سوق العمل.

ويرى المؤلف أن المعالجة الناجعة للأزمة – وهي «أزمة بنيوية تشمل نمط الاقتصاد اللبناني» – لا يمكن أن تأخذ مجراها العملي فقط من خلال السياسات ذات المنحى النيوليبرالي، والمسماة «سياسات التشغيل»، أو مجموعة البرامج التي تسعى إلى ما يسمى «تنشيط سوق العمل». ولذا لا بد من معالجة الأزمة في إطار خطة استراتيجية، تتضمن أربعة محاور رئيسية، هي: تعزيز مرتكزات اقتصاد المعرفة؛ دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتنميتها وبخاصة منها المؤسسات التكنولوجية الناشئة؛ إصلاح سياسات الاقتصاد الكلي؛ وتطوير سياسات سوق العمل.

أما دور الدولة فينبغي أن تؤديه كمخطط وموجَّه ومحفز وناظم للفعاليات/النشاطات التي يجب أن يقوم بها كل من القطاعين العام والخاص، في كل من المحاور الأربعة للاستراتيجية العتيدة. فكما يشكل التحول إلى اقتصاد المعرفة المدخل الضروري لأي استراتيجية ناجعة في معالجة أزمة النشغيل، كذلك فإن تحول الدولة في لبنان إلى دولة «تنموية» هو المدخل الضروري لنجاح التحول والاستراتيجية معاً. وهذا بدوره، لا يمكن أن يتحقق في ظل النظام اللبناني الحالي القائم على مركب الطائفية السياسية والليبرالية الاقتصادية المركانتيلية.