مقدمة:

في عام 2011، زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس العاصمة البوسنية سراييفو، في إطار الجهود المبذولة لحشد التأييد والأصوات اللازمة للاعتراف بفلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة. لكن الرئيس عباس لم ينجح في الحصول على وعد بتصويت البوسنة لمصلحة انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، فالبوسنة بوصفها عضواً غير دائم في مجلس الأمن لم تصوت لمصلحة القرار بل امتنعت عن التصويت‏[1]. وفي حزيران/يونيو 2015، أي بعد أربع سنوات تقريباً على هذا الموقف، لعب المنتخب الإسرائيلي ضد المنتخب البوسني في مدينة «زينيتشا» البوسنية، وقد حولت الجماهير البوسنية هذه المباراة إلى تظاهرة سياسية من خلال الهتاف باسم «فلسطين» طوال المباراة وقبلها وبعدها، الأمر الذي استدعى استنفاراً كبيراً للشرطة التي ضربت طوقاً في محيط الفندق الذي نزل فيه اللاعبون الإسرائيليون، كما نشرت قناصين على أسطح المباني القريبة منه. كيف نفسر ذلك؟ الحشد الجماهيري البوسني القوي مناهض لإسرائيل وداعم للحقوق الفلسطينية بينما الموقف الرسمي البوسني مخالف للموقف الشعبي. في هذا البحث، نحاول تسليط الضوء على ماهية العلاقات الفلسطينية – البوسنية التي تتكون على أساسها السياسة الخارجية البوسنية في ما يتعلق بفلسطين.

في كانون الأول/ديسمبر 2017، لم تصوِّت البوسنة لمصلحة قرار فلسطيني رافض لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي باعتبار القدس عاصمة لدولة «إسرائيل». لقد كان امتناع البوسنة والهرسك عن التصويت مفاجئاً، ذلك لأن الأغلبية العظمى من الدول الأوروبية صوتت لصالح القرار، بما فيها بريطانيا وألمانيا وإيطاليا والسويد وغيرها، في انقسام غير مسبوق على خطوط تجمُّعَين كبيرين هما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. كذلك انقسمت دول البلقان على ذات الخط، حيث صوّتت بلغراد وصربيا واليونان ومقدونيا وبلغاريا ومونتينيغرو وتركيا لصالح القرار في حين امتنعت البوسنة والهرسك عن التصويت‏[2].

يحاول هذا البحث الإجابة عن سؤال طرحه عدد من الباحثين حول العضو المراقب في منظمة التعاون الإسلامي، الذي يصوِّت ضد الإرادتين العربية والإسلامية. بالاستناد إلى بيانات أولية مستقاة من لقاءات مع دبلوماسيين سابقين وحاليين وصحافيين وناشطين وأكاديميين، يجيب البحث عن هذا السؤال عبر تسليط الضوء على أهم العوامل المؤثرة في آلية اتخاذ القرار في الأمم المتحدة وفي عدد من المنظمات الدولية. كما يعتمد البحث على بعض المقالات البحثية والصحافية باللغات البوسنية والإنكليزية والعربية.

أولاً: من يوغسلافيا إلى البوسنة: التوجه إلى فلسطين

في بدايات عام 1948 وصل إلى بيروت 25 بوسنياً وتوجهوا إلى دمشق للانضمام إلى جيش الإنقاذ العربي كمتطوعين للقتال إلى جانب 40 آخرين كانوا قد سبقوهم إلى هناك، في حين أوردت جريدة بالستاين بوست اليهودية أن نحو 3500 بوسني وصلوا ليشاركوا في القتال تحت إمرة القاوقجي، وهو أمر لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، ولا أساس ولا صحة له سوى شن حملة ضد المسلمين في البوسنة آنذاك‏[3]. وبحسب الباحثة ليلى بارسون فإن مَنْ كانوا في جيش الإنقاذ لا يتعدى عددهم الـ 3000 شخص، ومعظمهم من سورية والعراق من دون أن تذكر أي جنسيات غير عربية‏[4]. وعلى الرغم من تجنيد الماكينة الأكاديمية الإسرائيلية عدداً من الباحثين ونشر الأبحاث بهدف تضخيم أعداد المقاتلين البوسنيين في معارك النكبة وما قبل النكبة، فإن عددهم بحسب الأرشيف والمواد الأولية المتوافرة لم يتجاوز بضع عشرات من المتطوعين البوسنيين الذين جاءوا منفردين إلى سورية ولبنان للانضمام إلى جيش الإنقاذ‏[5]. وفي عام 1947 كانت يوغسلافيا السابقة (التي تضم صربيا وسلوفينا ومقدونيا ومونتينيغرو وكرواتيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو) عضواً في اللجنة الخاصة بفلسطين المكونة من إحدى عشرة دولة، والتي أوصت وصوَّتت على قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية. فقد كانت يوغسلافيا، إلى جانب إيران والهند، مع إقامة فدرالية في فلسطين. وعندما أقيمت دولة «إسرائيل»، اعترفت يوغسلافيا بها وتبادلت البعثات الدبلوماسية معها، كما صوتت في عام 1951 مع حق إسرائيل في الممار البحرية، وخصوصاً في قناة السويس‏[6].

في عام 1955 شارك الزعيم اليوغسلافي السابق تيتو في قمة «باندونغ» للدول الآسيوية والأفريقية المستقلة، وفي عام 1956 بحث مع الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس الهندي جواهر لال نهرو في كرواتيا في تأسيس حركة دول عدم الانحياز‏[7]. وقد أُعلن تأسيس هذه الحركة عام 1961 في بلغراد بحضور جمال عبد الناصر والرئيسين الإندونيسي سوكارنو والهندي جواهر لال نهرو. وفي تلك الأثناء اقترب النظام اليوغسلافي من قضايا التحرر الأخرى وانفتح على القضية الفلسطينية، فكان لقاء الرؤساء العرب والمسلمين برئيس العلماء في يوغسلافيا خلال زيارتهم هذا البلد أحد أهم الفقرات البروتوكولية في برنامج الزيارة. وفي عام 1956 تدهورت العلاقات اليوغسلافية – الإسرائيلية عقب مشاركة «إسرائيل» في العدوان الثلاثي على مصر، ثم انخفض التمثيل الدبلوماسي اليوغسلافي مع «إسرائيل» في عام 1967 بعد العدوان على مصر وسورية، واستُقبل ياسر عرفات في بلغراد وتمت المباشرة في دعم منظمة التحرير الفلسطينية مع دعوة الفلسطينيين إلى فتح قنوات سلام مع إسرائيل‏[8]. يقول خير الدين سومو، مستشار تيتو وأحد كبار الدبلوماسيين اليوغسلافيين، إن تيتو «فتح معسكرات التدريب للفلسطينيين وزود منظمة التحرير بعشرات المنح الدراسية، وخصوصاً في جامعات صربيا، بعد هزيمة 1967، لذا كان معظم الفلسطينيين والعرب مقيمين في صربيا الحالية ونادراً ما كانوا في البوسنة أو في سراييفو».

وعندما تفككت يوغسلافيا واندلعت الحرب الأهلية التي أدت إلى استقلال البوسنة والهرسك بعد حرب طاحنة وحصار لسراييفو، كانت البوسنة قد استقبلت مئات المقاتلين العرب والمسلمين ممن قاتلوا ضد صرب البوسنة وارتكبوا مجازر ضد المسلمين هناك. ويضيف خير الدين سومو أن العديد من المقاتلين الفلسطينيين أتوا إلى البوسنة وقاتلوا إلى جانب البوسنيين في حرب الاستقلال، حتى إنهم جمعوا أموالاً وكانوا عوناً للبوسنيين في ذلك الوقت. لكن قضية فلسطين بالنسبة إلى البوسنيين لم تكن مجرد قضية رد جميل أو تعاطف، إذ عبّر عنها الرئيس البوسني الأول علي عزت بيغوفيتش في كتابه الإعلان الإسلامي الذي صدر عام 1991، وفيه يقول:

«لقد عشنا مع اليهود لقرون متعددة وأنشأنا ثقافة واحدة حتى بات التفريق بين الثقافتين الإسلامية واليهودية صعباً جداً.. لكن بقيادة الصهيونية، قام اليهود بأعمال لاإنسانية ودنيئة ومغامرة ولا حدود لها في فلسطين. القدس ليست قضية فلسطين أو قضية العرب فحسب بل قضية كل الأمة الإسلامية»‏[9].

وعندما أعلنت البوسنة استقلالها، اعترف الفلسطينيون بها عام 1992 تبعهم في ذلك كل من السعودية وماليزيا وتونس والبحرين وليبيا، وفي العامين اللاحقين للاستقلال اعترفت بها العديد من الدول الإسلامية والعربية بينما الاعتراف الإسرائيلي بها كان في عام 1997، أي بعد توقيع اتفاق «دايتون» الأمريكي والتأكد من عدم اندلاع حرب جديدة. فقد كانت «إسرائيل» من أشد الداعمين لصرب البوسنة عبر تقديم السلاح والذخيرة وكذلك المعدات اللوجستية في أثناء عمليات التطهير العرقي التي قام بها صرب البوسنة بحق مسلمي البوسنة‏[10].

أما السفير الفلسطيني في سراييفو فيقول إن العلاقات الفلسطينية – البوسنية توارثتها البوسنة عن الجمهورية اليوغسلافية واستمرت فيها وفي دعمها للقضية الفلسطينية. لكن يبدو أن البوسنة تعاملت مع قضية فلسطين من منطلق ديني إسلامي، ذلك بأن كروات البوسنة والصرب ما زالوا مغيبين عن هذه القضية. وفي أثناء حرب البوسنة، غادر العديد من الفلسطينيين ضمن مجموعات المجاهدين العرب للمشاركة في القتال الدائر بين البوسنيين المسلمين والصرب والكروات. وعلى الرغم من أن قضية البوسنة كان لها صدى واسع، فإن الموقف الرسمي الفلسطيني لم يعطها أي اهتمام، فلا نجد أي إعلان أو إدانة أو بيان صادر عن منظمة التحرير الفلسطينية أو عن الرئيس ياسر عرفات بهذا الشأن، الأمر الذي يمكن تفسيره كالتالي: أولاً، أن الفلسطينيين كانوا في مرحلة بناء السلطة الفلسطينية وفي انشغال كامل بأمور محلية وبتثبيت وجود السلطة الفلسطينية، وخصوصاً في مواجهة الحركات الإسلامية (حماس والجهاد الإسلامي)، وفي محاولات وقف العمليات الاستشهادية التي أثرت في مشروع منظمة التحرير والرئيس عرفات الهادف إلى إنشاء دولة فلسطينية. ثانياً، العلاقات الفلسطينية – الصربية (واليوغسلافية) التي امتدت على أكثر من عقدين، بالإضافة إلى التقارب والدعم اليوغسلافي الكبير لمنظمة التحرير، بما في ذلك الدعم العسكري من خلال تدريب قوات فلسطينية في الكليات الحربية اليوغسلافية، وتقديم المنح للطلاب الفلسطينيين؛ لذا اكتفت منظمة التحرير الفلسطينية بالصمت إزاء حرب البوسنة.

ثانياً: البوسنة والهرسك: حيادية الموقف

بعد إنشاء دولة البوسنة والهرسك وتوقيع اتفاقية دايتون برعاية أمريكية، بدأت البوسنة بممارسة نشاطها كدولة مستقلة ضمن التركيبة السياسية التي حددتها هذه الاتفاقية التي أوقفت الحرب في منطقة البلقان وأدت إلى إنشاء دولة البوسنة والهرسك‏[11]. فقد افتتحت البوسنة سفارتها في تل أبيب واعترفت الدولتان إحداهما بالأخرى، وفي وقت لاحق اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بالبوسنة وتم افتتاح ممثليات في كلا البلدين. وبقي موقف البوسنة حيادياً إزاء قضية فلسطين نتيجة انشغال البوسنيين بأمورهم الداخلية، وخصوصاً بناء دولة البوسنة والمصالحة الداخلية والملاحقات القضائية في جرائم الحرب.

وبحسب خير الدين: «كانت البوسنة مشغولة في ترتيب أوضاعها الداخلية ولم تكن مهتمة بالانخراط في تجاذبات سياسية، وخصوصاً في ظل وجود الولايات المتحدة كضامن لاتفاق إنهاء الحرب. لذا لم تعِر البوسنة القضية الفلسطينية الكثير من الاهتمام. إلى أن تغير هذا الوضع بعد عام 2000 من الناحية الشعبية فبدأ البوسنيون المسلمون بالمشاركة في التظاهرات والنشاطات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي والمناصرة للفلسطينيين».

لكن الموقف الرسمي البوسني كان مختلفاً عن الموقف الشعبي للبوسنيين المسلمين والكروات والصرب، إذ كانت الدولة تقف على الحياد في ما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية، حتى في المحافل الدولية عندما يتعلق الأمر بإدانة إسرائيل أو بالقرارات التي لها علاقة بفلسطين.

تحاجج هذه الدراسة بأن أسباب امتناع دولة البوسنة والهرسك عن التصويت رسمياً في الأمم المتحدة يعود إلى عدة عوامل أغلبها داخلية، وهي: أولاً، تركيبة النظام السياسي في البوسنة والهرسك الذي يجعل من السياسة الخارجية البوسنية من دون استراتيجية، وتغلب عليها التجاذبات الداخلية بين الطوائف الثلاث الكبيرة؛ ثانياً، ارتباط قيادة جمهورية صرب البوسنة بعلاقات تجارية وشخصية مع «إسرائيل» ومع شخصيات إسرائيلية، الأمر الذي يؤثر في السياسة الخارجية البوسنية فيما يتعلق بفلسطين؛ ثالثاً، ضعف النشاط الفلسطيني الرسمي وغير الرسمي في جمهورية صرب البوسنة، وبالتالي غياب الرؤية الفلسطينية فيها على المستويين الشعبي والرسمي؛ رابعاً، غياب السياحة العربية والدعم العربي الاقتصادي المتمثل بمشاريع اقتصادية في جمهورية صرب البوسنة، وهو ما يجعل الموقف البوسني عبارة عن مناكفات داخلية بين البوسنيين وصرب البوسنة نتيجة تركز الاستثمارات العربية في الجزء المسلم من البوسنة؛ خامساً، التأثير الأمريكي في قرارات البوسنة والهرسك كدولة نتيجة ارتباط استقرار البوسنة بضمانات أمريكية أولاً ومن ثم أوروبية وبالمساعدات الأمريكية للبوسنة أيضاً.

في القسم التالي سنشرح هذه الأسباب بالتفصيل.

ثالثاً: تركيبة النظام السياسي في البوسنة والهرسك

يُعدّ نظام دولة البوسنة والهرسك ذات الأغلبية المسلمة من أكثر الأنظمة تعقيداً في العالم، إذ تتكون «الترويكا» الرئاسية من البوسنيين المسلمين والكروات الكاثوليك والأرثوذكس الصرب. وقد ساهم في قيام هذا النظام اتفاق «دايتون» الذي وُقِّع في باريس بهدف إنهاء حرب البوسنة والهرسك وبالتالي قيام جمهورية البوسنة والهرسك التي تضم كيانين سياسيين منفصلين هما «جمهورية صرب البوسنة» و«فدرالية البوسنة والهرسك». ولكل كيان برلمان خاص به وأجهزة تنفيذية ورؤساء، ويضم كل كيان «كانتونات سياسية»؛ فجمهورية البوسنة والهرسك لديها عشرة كانتونات لكل كانتون برلمان وعاصمة وفروع أجهزة تنفيذية. وفي إطار هذا النظام السياسي، على رؤساء الترويكا الرئاسية أن يوافقوا على أي قرار يتعلق بالسياسة الخارجية.

ونظراً إلى التركيبة السياسية للنظام السياسي في البوسنة والهرسك حيث يتولى الرئاسة البوسنية ثلاثي (مسلم، وكرواتي، وصربي)‏[12]، يُعدُّ اتخاذ قرار موحد في ما يتعلق بالسياسية الخارجية أمراً معقداً جداً. وعلى الرغم من تصويت دولة صربيا وبلغراد لصالح القرار، فإن صرب البوسنة رفضوا ممثلين برئيسهم ميليراد دوديك هذا التصويت وأوضحوا في رسالة نشرها الإعلام المحلي ما يلي:

«نظراً إلى حساسية الصراع المستمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفي ضوء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل البعثة الدبلوماسية الأمريكية إلى القدس، أحثكم على القيام بما هو ضروري للإيعاز لبعثة البوسنة والهرسك في الأمم المتحدة من تأييد القرار الذي يدين قرار ترامب… إن جمهورية صرب البوسنة لديها علاقات ودية ومصالح مشتركة مع إسرائيل ويجب منع أي عمل دبلوماسي يعرض هذه العلاقة للخطر»‏[13]. وسبق أن رفض رئيس صرب البوسنة في عام 2011 تأييد القرار الذي قدمه الرئيس الفلسطيني طلباً للاعتراف بفلسطين كدولة، وقد اختلف المجلس الرئاسي في شأن القضية، إذ أيد كل من رئيس البوسنيين المسلمين بكر عزت بيغوفيتش ورئيس الكراوت زيليكو كومزتش المقترح الفلسطيني بينما رفضه رئيس صرب البوسنة رمضانوفتش‏[14].

يتكون النظام السياسي البوسني بحسب اتفاقية دايتون من كونفدرالية توافقية. وهذا النموذج التوافقي للحكومة هو عبارة عن نظام طوَّره العالم أرند ليبهارت وعلماء آخرون بصفته يقدم حـلاً للمجتمعات المقسمة والمتعددة بحيث تعطي مؤسسات الدولة الأولوية للجماعات الطائفية لا للأفراد. وترتكز مبادئ وأسس هذا النظام التوافقي على وضع السياسات بناءً على اتفاق وتوافق واسع النطاق بين الجماعات، الأمر الذي يناقض النظام التقليدي حيث تشارك الأغلبية في صنع السياسات‏[15]. إن مبدأ التوافق في البوسنة والهرسك معمول به في مؤسسات الدولة كافة وفق اتفاقية دايتون، بدءاً من الرئاسة الثلاثية الجماعية للبوسنة والهرسك (حيث يترأس البوسنة مجلس رئاسي منتخب من الطوائف) وصولاً إلى البلديات والمجالس المحلية‏[16]. فضـلاً عن ذلك فإن البوسنة والهرسك دولة كونفدرالية، أي تتكون من اتحاد فدرالي تتمتع فيه الفدراليات بحكم ذاتي واسع إلى درجة أن الوحدات الفدرالية هي الأساس لا الحكومات الفدرالية، كما تعتبر الوحدات الفدرالية المتمثلة بالبلديات هي صانعة القرار، وهي بالتالي تشدد على الحكم الذاتي أكثر من التشديد على الحكم المشترك أو الحكم التشاركي. تتكون الدولة البوسنية من اتحاد فدرالي يتألف من كيانين سياسيين هما: دولة صرب البوسنة Republika Sprbska)) وهي مستقلة تماماً، واتحاد البوسنة والهرسك (FBiH)، حيث تنقل جميع الصلاحيات والكفاءات إلى عشرة كانتونات، أربعة منها ذات أغلبية مسلمة وأربعة ذات أغلبية كرواتية، واثنان مختلطان بين كروات وبوسنيين. ويعدُّ الاستقلال الذاتي الجزئي للفدرالية أحد أركان اتفاقية دايتون والنظام السياسي البوسني، وهو في العادة يتخذ عدة أشكال، إقليمية وغير إقليمية. وفي الحالة البوسنية فإن أهم مظاهر الاستقلال والحكم الذاتي هو الاستقلال المركب الإثنو – إقليمي. وفي الوقت نفسه، وبحسب اتفاقية دايتون، فإن لدى المندوب السامي المُعين من القوى الخارجية قدرات تدخلية عالية في السياسة الداخلية البوسنية.

ثمة بُعدان دوليان رئيسيان للنظام التوافقي البوسني يميزانه من بقية الدول التي تتبنى النظام التوافقي كلبنان وقبرص وشمال إيرلندا، هما: أولاً، أن المجتمع الدولي رعى هذه المعاهدة ويبقى الضامن لها، إذ تم التفاوض بشأنها بإشراف أمريكي من دون أن يكون هناك مفاوضات أو اتفاق داخلي بين الدول، وبما أنه في أحيان كثيرة تم فرض الحلول من قبل الراعي الأمريكي، فإن الراعي الدولي يعطي أولوية كبيرة لتنفيذ الاتفاق. ناهيك بأن اتفاقية دايتون هي اتفاقية إقليمية وقّعها رؤساء صربيا وكرواتيا والبوسنيون المسلمون، وفي هذا اعتراف واضح بأن أساس المشكلة إقليمي لا مسألة بوسنية داخلية. ثانياً، منحت اتفاقية دايتون الكيانين البوسنيين حرية إقامة علاقات خاصة مع الدول المجاورة، إذ سمحت للبوسنيين حمل جنسيات دول مجاورة مثل صربيا وكرواتيا، الأمر الذي جعل دولة البوسنة كياناً سياسياً يتعدى حدوده الذاتية. ومن الانتقادات التي وجهت إلى الاتفاقية أنها رسخت الهويات العرقية والقومية في البوسنة، كما أنها اعتمدت على النخب الإقطاعية لجعل النظام يعمل، وبالتالي فإن غياب الإرادة لدى هؤلاء النخب من العناصر الأساسية لاستمرارية عمل النظام بكفاءة وهو أمر مشكوك فيه، ذلك أن القدرة والإرادة اللازمة تغيبان نتيجة العداوات التاريخية.

في عام 2002 تم توسيع اتفاقية دايتون وتعميقها، حيث مُنح الصرب حقوقاً في الفدرالية وتمثيـلاً كما في جمهورية صرب البوسنة. وبالتالي أصبح لدى جمهورية صربيا الآن نواب لرؤساء البوسنة وكرواتيا، والأهم من ذلك أن ما يصل إلى 50 بالمئة من وزراء حكومة جمهورية صربيا يجب أن يكونوا من غير الصرب (خمسة بوسنيين، وثلاثة كروات)، ويجب أن تتمثل الطوائف الثلاث في مجلس الشيوخ في إطار المجلس التشريعي لجمهورية صرب البوسنة RS. ويضمن الصرب حقوقاً متبادلة في مؤسسات الاتحاد، بما في ذلك التمثيل المتكافئ في مجلس الشيوخ ضمن السلطة التشريعية ووجود وزراء غير صرب وتعيين نواب وتسليم حقائب وزارية في السلطة التنفيذية لغير الصرب. وكما يقول بتريتش، الذي رعى عملية الإصلاح عام 2002 كمندوب سام، «لا يمكن لأحد أن يتخلص من النموذج العرقي ويجب ألّا يتخلص منه»‏[17]. وفي مرحلة ما بعد دايتون، تم تصميم النظام الانتخابي ليستبعد بناء قوائم انتخابية عابرة للطوائف أو ليعرقل الاندماج بين الطوائف وكأن النظام السياسي تم تصميمه ليبقى على نفس الحال‏[18].

وبعد عقدين على اتفاق دايتون، عملت البوسنة بجد لتنفيذ الاتفاق والتحول الى ديمقراطية، لكن يبدو أن هناك تحديات كبيرة يواجهها هذا النظام في سبيل بقائه تتمثل بالمشكلات الاجتماعية والبطالة وغياب الثقة بين الطوائف، وكذلك باختلاف وجهات النظر بشأن قضايا حساسة بما فيها القضية الفلسطينية. ذلك أن النظام التوافقي من شأنه أن يصعّب التوافق بشأن قضايا خارجية تختلف رؤية الطوائف لها بسبب الظروف الداخلية أو الخارجية. وبحسب خير الدين: «يعطي النظام السياسي البوسني الحق للجميع باستخدام الفيتو. وفي العادة يجب أن يصوت اثنان بنعم أو لا ليتم تمرير القرار، لكن في ما يخص القرارات التي لها علاقة بالخارج، تؤدي الارتباطات الإقليمية دوراً في تحديد صوت الطوائف».

من جهة أخرى يشير السفير الفلسطيني إلى أن: «النظام السياسي في البوسنة معقد جداً، حيث تصوت الطوائف متمثلة برؤسائها تبعاً للمزاج العام والتوافقات الداخلية، فأحياناً يتم استخدام الفيتو بشكل اعتباطي ضد الطوائف الأخرى… وحين التصويت لفلسطين، صوَّت البوسنيون لصالح الفلسطينيين بينما صوّت الصرب بلا والكروات امتنعوا عن التصويت حتى لا يتم إغضاب الصرب… هي أمور لها علاقة بالسياسة الداخلية أكثر منها بفلسطين…. القضية ليست عاطفية/معنا وأمامنا في الحديث هم عاطفيون («بوصلك للسما من كتر المحبة») على عكس الصورة النمطية أن الصرب هم المشكلة في حين أن المشكلة لا تكمن عند الصرب وحدهم فهم طرف في الموضوع بينما الكروات لديهم رأي أقرب إلى اليمين الكرواتي الداعم لإسرائيل (كرواتيا اشترت مؤخراً 15 طائرة عسكرية من إسرئيل)، ذلك أن الكروات الصرب يأخذون بعين الاعتبار موقف كرواتيا الأم ومن ثم موقف اليمين الأوروبي (لا يريدون أن يخرجوا عن النص)».

ويقول رئيس الجالية الفلسطينية في البوسنة: «صحيح أن النظام السياسي معقد لكن ثمة عوامل أخرى منها أن الكروات يتبعون دولتهم الأم وهم كاثوليك، ويصوتون في الغالب بحسب موقف الاتحاد الأوروبي أو ضد إسرائيل بسبب تاريخهم ككاثوليك، بينما يصوت الصرب ضد الفلسطينيين لأن قياداتهم لها ارتباطات بإسرائيل ونتيجة خوف العضو الصربي في المجلس الرئاسي من رئيس جمهورية صرب البوسنة، دوديك».

 

رابعاً: لا سياسة خارجية للبوسنة

نتيجة التجاذبات السياسية الداخلية والنظام السياسي الداخلي، فإن حقيبة الخارجية في البوسنة مسندة ومرتبطة بوجه عام بمكتب الرئاسة الجماعي الثلاثي. وبالتالي فإن أي تصويت في الأمم المتحدة أو أي مواقف لها علاقة بالسياسة الخارجية يجب أن يتم التصويت عليها داخل المجلس الرئاسي. وبالنتيجة لا يوجد سياسة خارجية محددة للبوسنة بصورة عامة وفي ما يتعلق بقضية فلسطين بصورة خاصة، فكل موقف خارجي يجب أن يناقش على حدة داخل المجلس الرئاسي.

وبحسب دينيسا ماغقلايتش، محللة السياسات الخارجية في مبادرة السياسة الخارجية ومقرها سراييڤو، فإن «المشكلة الكبيرة ليست فلسطين فحسب، بل عدم وجود سياسة خارجية للبوسنة والهرسك، وبالتالي لا يوجد توافق بشأن معظم القرارات فتتغلب المصالح الحزبية والعرقية و«الكيانية» على أي مصلحة أو مبدأ آخر وتؤثر في كل شيء» (مقابلة شخصية 2018). وهو أمر بدا واضحاً في أيار/مايو عندما تناقلت وسائل الإعلام العبرية خبراً مفاده أن سفير البوسنة شارك في افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، الأمر الذي اعتبره الرئيس المسلم خرقاً للأعراف وأحدث زوبعة سياسية داخل سراييفو اضطر في إثرها الرئيس المسلم باكير والسفير البوسني في تل أبيب للإدلاء بتصريحات أمام الصحافيين والرأي العام لتوضيح الموقف. بعد ذلك أعلنت السفيرة البوسنية يلينا راكوفتش أنها لم تشارك في الاحتفال، وكان وزير الخارجية قد صرح بأن الخارجية ليست على علم بكافة الترتيبات وأن المجلس الرئاسي ينسق أحياناً بهذا الشأن. وترى إيفانا ماريتش، المحللة السياسية في سراييفو، أن:

«هذا مثال آخر لإبراز عدم التنظيم والتنسيق بين العديد من مؤسسات الدولة. هذه ليست أول مرة تبرز فيها البوسنة كصوت غير موحد في ما يتعلق بالقضايا الدولية»‏[19].

وفي ما يتعلق بآلية اتخاذ القرار بشأن فلسطين لجهة الامتناع عن التصويت ضد قرار الرئيس الأمريكي ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، يقول السفير الفلسطيني:

«أبلغونا في المجلس الرئاسي أنهم سيصوتون ضد قرار ترامب. تفاجأنا بذلك. ظننا أن الأمر يتعلق بالصرب لكن الأمر يتعلق بالكروات. أخبرني الرئيس الصربي في المجلس الرئاسي أنهم سيصوتون لصالح الفلسطينيين».

ورداً على سؤال بأن الرئيس الصربي في المجلس الرئاسي، ملادن إيفانيتش، قد أذعن لرسالة ميلوراد دوديك، رئيس جمهورية صرب البوسنة، الذي طالب بالتصويت ضد المصلحة الفلسطينية أجاب السفير الفلسطيني: «سألت الرئيس الصربي وقال لي نحن لا نرد على أحد ولن نأخذ برسائل الرئيس دوديك فنحن متفقون على التصويت ضد قرار ترامب. لكن الرئيس الكرواتي، دراغان كوفتش، هو من أوقف الإجماع على قرار التصويت لصالح فلسطين وامتنع عن التصويت».

لكن يتفق خير الدين سومون ورئيس الجالية الفلسطينية ومديرة مركز ما بعد النزاعات على أن الصرب هم من صوتوا ضد قرار التصويت لصالح الفلسطينيين وأن الكروات امتنعوا عن التصويت، أو على أن البوسنيين مع التصويت لصالح الفلسطينيين بينما الصرب ضد.

خامساً: غياب النشاط الفلسطيني والعربي في البوسنة والهرسك

تعاني السياسة الخارجية الفلسطينية عدم وضوح الرؤية وغياب الاستراتيجية في ما يتعلق بالسياسة الخارجية بصورة عامة، ولا سيّما في دول البلقان التي لها حساسيات إقليمية وتحتاج إلى جهد دبلوماسي حساس جداً ومضاعف مقارنة بالدول الأخرى، ذلك أن تداخل الصراعات العرقية والدينية يجعل من العمل الدبلوماسي في ما يخص القضية الفلسطينية أمراً في غاية الحساسية. وعلى الرغم من الإمكانات الفلسطينية والتضخم في حجم التوظيف في ملاك الخارجية الفلسطينية، فإن سفارة فلسطين في البوسنة تضم السفير والمستشار الأول فقط‏[20]. ففي دولة لها كيانان سياسيان وفيها حساسية عرقية ثمة حاجة إلى أكثر من شخص لمساعدة السفير؛ إذ تحتاج جمهورية صرب البوسنة إلى شخص واحد يركز على الجمهورية.

ويظهر غياب الرؤية واضحاً من خلال الصدمة التي تلقاها الفلسطينيون من جراء امتناع البوسنة عن التصويت لصالح فلسطين ضد إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل. فمن خلال ملاحظتنا للعمل الدبلوماسي الفلسطيني وللجو العام البوسني والصحف نستنتج أن تعاطف المسلمين مع فلسطين مبني على أساس الدين أكثر منه على أساس العلاقات بين الدول والمصالح المشتركة. وهنا يكمن عدم فهم الدبلوماسية الفلسطينية لمقومات العمل الدبلوماسي في منطقة البلقان، وخصوصاً في البوسنة، حيث المرجعية الأساسية للرئاسات الثلاث في ما يتعلق بالعلاقات الخارجية هي المصالح العليا والارتباطات بالدولة الأم كما في كرواتيا، أو مصالح النخب السياسية كما في جمهورية صرب البوسنة التي تربطها علاقات اقتصادية بإسرائيل. ويتضح ذلك من قول السفير الفلسطيني:

«نحن أكثر الناس الذين انصدموا من موقف البوسنة، على الأقل مرتين، في الأمم المتحدة، الأمر شكل صدمة لنا في السفارة وفي الخارجية الفلسطينية. القضية ليست عاطفية/معنا وأمامنا في الحديث هم عاطفيون («بوصلك للسما ومن كتر المحبة»)».

وعلى الرغم من أعداد الفلسطينيين الكبيرة في الدول الأوروبية فإن أعداد هؤلاء أقل في دول البلقان الغربية، وخصوصاً في البوسنة والهرسك. فبحسب السفير الفلسطيني الحالي في سراييفو لا يتجاوز عدد أفراد الجالية الفلسطينية الـ 200 شخص ومعظمهم ممن درسوا في يوغسلافيا السابقة، ويبلغ عدد الطلبة ستة فقط يدرسون في جامعة Tuzla. ويشير رئيس الجالية الفلسطينية في البوسنة والسفير الأسبق إلى أن عدد الفلسطينيين لا يتجاوز الـ400 شخص من الرجال والنساء البوسنيات المتزوجات من فلسطينيين وأبنائهم. والفلسطينيون في البوسنة أقل عدداً منهم في صربيا، حيث درسوا في معظمهم في عاصمة يوغسلافيا وبقوا فيها حتى بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. كما أن الجوالي العربية ليست كبيرة، ففي سراييفو يوجد عدد من المصريين والعراقيين لكنهم لا يتجاوزون الـ100 شخص. وفي البوسنة 12 سفارة عربية وإسلامية، والسفارات العربية هي للسعودية وليبيا وقطر والكويت ومصر وفلسطين. وفي سراييفو ثمة سفراء غير مقيمين لبعض الدول مثل الأردن والعراق. أما سفارات الدول الإسلامية فهي لتركيا وإيران وإندونيسيا وماليزيا وباكستان وأذربيجان التي لديها سفارة لكن بقائم أعمال وقنصل من دون سفير.

من هنا فإن النشاط العربي والإسلامي ضعيف جداً: أولاً، لعدم وجود جوالٍ عربية وفلسطينية بأعداد كبيرة في البوسنة. وثانياً، لاقتصار السفارات على التمثيل الدبلوماسي بعيداً من النشاطات الثقافية والسياسية حيث يُنظر إلى البوسنة كدولة غير ذات أهمية، إذ يقول المحلل السياسي والدبلوماسي السابق زلاتان ميلوفيتش في مقابلة شخصية:

«العرب لم يولوا أهمية كبيرة للبوسنة والهرسك من الناحية السياسية. السعودية دعمت مجموعات إسلامية كجزء من الدعوة الدينية للعقيدة الوهابية، ومصر لم تعر البوسنة اهتماماً. تركيا تتعامل مع البوسنيين المسلمين كتابعين لها وبالتالي لها علاقات خاصة بهم، بينما إيران هي الدولة الوحيدة التي لها مركز ثقافي وسياسي بالمعنى الحقيقي لكن تركيزه على اللغة الفارسية والنشاطات المتعلقة بإيران».

إن غياب النشاطين العربي والفلسطيني على المستوى البوسني أثر سلباً في الرأي العام في البوسنة، وأيضاً في التشبيك مع السياسيين البوسنيين، وخصوصاً من صرب البوسنة. ونظراً إلى التركيبة السكانية والعرقية للبوسنة والهرسك، فإن التركيز العربي بصورة عامة والفلسطيني بصورة خاصة انصب على الفدرالية مهمشاً كيان جمهورية صرب البوسنة التي لها دور كبير في تحديد السياسات الخارجية ضمن الإطار السياسي والترويكا الرئاسية. فمنذ الاعتراف المتبادل بين البوسنة والهرسك وفلسطين عام 2000 ظلت الزيارات معدودة لجمهورية صرب البوسنة؛ فلم يقم السفير الفلسطيني ومستشاره السياسي إلا بزيارة واحدة لثلاثة أيام سنة 2017 لجمهورية صرب البوسنة وعاصمتها «بانيا لوكا» التقيا خلالها رئيس جمهورية صرب البوسنة والنائبين الاثنين البوسني المسلم والكرواتي بالإضافة إلى مجلس الوزراء وهيئة رئاسة البرلمان. وهذه الزيارات هي بروتوكولية فقط. يقول السفير الفلسطيني بعد لقائه رئيس جمهورية صرب البوسنة: «الرجل كان كتير محترم وقال «أحترم دولة فلسطين… ونضالكم المشروع وحقكم في دولتكم واحترامكم كدولة أتحدث به أمام الإسرائيلي»».

ويضيف السفير قائـلاً: «أخبرته أننا في نهاية المطاف نرحب بأي دور يخدم عملية السلام بيننا وبين الإسرائيليين. وبأنه يستطيع أن يقوم بهذا الدور بشكل علني… كان اللقاء رائعاً جداً، وأكدوا فيه على كل المفاهيم والنقاط التي تهمنا كفلسطينيين».

أما بالنسبة إلى النشاط الفلسطيني الرسمي وغير الرسمي فلا وجود له على مستوى الصحافة والتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني، فلا نرى أي لقاء صحافي رسمي على قناة الجزيرة الناطقة بالصربو – كرواتي منذ تأسيس القناة قبل أكثر من أربعة أعوام، كما أن اللقاءات الصحافية الرسمية الفلسطينية تُعد غائبة نوعاً ما باستثناء توقيع اتفاقية مشاركة الأخبار بين وكالة وفا والوكالة الرسمية البوسنية في سراييفو. وعلى الرغم من الصداقة التي تربط السفير الفلسطيني بمسؤولي الإعلام الرسمي في البوسنة فإن ثمة غياباً واضحاً وكبيراً للرؤية الفلسطينية على مستوى الإعلام الوطني أو المحلي. إلى جانب ذلك، ليس هناك تواصل مع الجامعات البوسنية من أجل استضافة طلاب بوسنيين أو زيارة الجامعات وإلقاء المحاضرات دورياً. فخلال السنوات الأربع الماضية أُلقيت ثلاث محاضرات عن فلسطين في كلية الدراسات الإسلامية، ووُقعت اتفاقية تعاون بين جامعتَي القدس وسراييفو الحكومية. وتجدر الإشارة إلى أن التركيز على كليات وجامعات ومراكز وقنوات إعلامية داخل البوسنة فقط يعطي إشارات إلى الجماعات العرقية الأخرى بأن الفلسطينيين يعطون أولوية أعلى للبوسنيين المسلمين على حساب الطوائف الأخرى من الصرب والكروات، وهو ما يعقد الموقف الفلسطيني ويعزله ويفسح المجال أمام الرواية الإسرائيلية للتغلغل شعبياً ورسمياً. ويعترف السفير الفلسطيني بحساسية الموقف، ذلك بأن التواصل مع الصرب والكروات ضعيف جداً، مرجعاً الأمر لحسابات طائفية محلية داخلية، على الرغم من دعم البوسنيين المسلمين فكرة تواصل الفلسطينيين بصفة رسمية مع الصرب والكروات. يتابع السفير الفلسطيني القول: «لا يوجد تواصل كبير مع بانيا لوكا، فالموضوع حساس جداً نظراً إلى أهمية التوازن مع الطوائف والأعراق كافة. رئيس العلماء في البوسنة وباكير هما أهم شخصين في البوسنة وسراييفو. رئيس البرلمان للمشيخة الإسلامية قال إن العلاقات مع الصرب مقبولة من الطرفين وتعمل كجسر تواصل».

وقد انعكس الانقسام الفلسطيني على الجالية الفلسطينية القليلة العدد، ووصلت الأمور إلى حد التقاتل والمعاداة بين السفير الفلسطيني ومجموعات في هذه الجالية. وفي هذا الإطار أشار كل من السفير الفلسطيني السابق والدبلوماسي السابق والخبير في الشؤون العربية خير الدين إلى أن الانقسام الفلسطيني في البوسنة أثر في حجم النشاط في جميع المناطق وعزز توحيد الجهود مع السفارة الفلسطينية بهدف تكثيف العمل على الأراضي البوسنية كافة وفي جمهورية صرب البوسنة. ففي مناسبات متعددة لا يتم دعوة السفير الفلسطيني للمشاركة في الفعاليات الفلسطينية أو يتم تجاهل مسؤولين في الجالية الفلسطينية في احتفالات رسمية حتى وصلت الأمور أحياناً إلى حد تدخل شخصيات بوسنية رسمية لتوحيد الجهود ودعوة رئيس الجالية الفلسطينية لحضور حفل توقيع توأمة بلدية دورا وبلدية سربرينك، ومحاولة حل الخلاف بين السفير ورئيس الجالية الفلسطينية‏[21].

سادساً: التأثير الإسرائيلي والأمريكي
في صناعة القرار في البوسنة

على الرغم من عدم وجود سفير مقيم لإسرائيل في البوسنة والهرسك، فإن ثمة تأثيراً إسرائيلياً مباشراً في جمهورية صرب البوسنة من خلال رئيس جمهورية صرب البوسنة ميلوراد دوديك. في حين أن التأثير الإسرائيلي في البوسنيين المسلمين والكروات محدود نظراً إلى الروابط الدينية بين البوسنيين والفلسطينيين ونظراً إلى تبني البوسنيين موقفاً واضحاً جداً إزاء قضية فلسطين تاريخياً‏[22]. بينما يتبع الكروات في معظمهم دولتهم الأم أو اليمين الأوروبي أحياناً‏[23]. وينبع التأثير الإسرائيلي غير المباشر في السياسة الخارجية البوسنية من خلال جمهورية صرب البوسنة حيث تتمتع إسرائيل بعلاقات قوية جداً مع رئيسها الذي تربطه علاقات صداقة شخصية مع وزير الحرب الإسرائيلي المتطرف أفيغدور ليبرمان إضافة إلى وجود علاقات اقتصادية بإسرائيل.

تعتبر جمهورية صرب البوسنة الكيان الوحيد الذي افتتح مكتباً تمثيلياً له في القدس قبل أعوام يُعنى بالتواصل مع القطاعات الاقتصادية والتكنولوجية وبتشجيع السياحة في جمهورية صرب البوسنة‏[24]. ويعترف رئيس جمهورية صرب البوسنة على لسان رئيس جمعية الصداقة الصربية – الإسرائيلية بأن صرب البوسنة هم من أوقفوا تصويت البوسنة والهرسك على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو عكس ما قاله السفير الفلسطيني أثناء مقابلته، إذ يقول رئيس جمهورية صرب البوسنة عن مشروع التصويت للاعتراف بفلسطين كدولة مراقب عام 2011: «لقد واجهنا ضغوطاً كبيرة حتى من دول تعتبر نفسها صديقة لإسرائيل من أجل تغيير موقفنا والتصويت لصالح دولة فلسطين، لكننا لم نتردد في مواجهة ذلك وحافظنا على موقفنا المؤيد لإسرائيل…. وأنا فخور بهذا الموقف».

وبحسب رئيس جمعية الصداقة الصربية – الإسرائيلية فإن جمهورية صرب البوسنة هي من أفضل الأصدقاء لإسرائيل في أوروبا ومن أصدقهم‏[25].

أما خير الدين فيرى أن العداء المشترك بين البوسنيين المسلمين والكروات يؤثر أكثر فأكثر في صناعة القرار في البوسنة والهرسك. فدوديك يرى أن المجازر التي ارتكبها النازيون والكروات ضد الصرب واليهود رابط فكري بينه وبين ليبرلمان وأن الوجود التركي كان احتلالاً للبلقان مقرّباً له من أيديولوجيا ليبرمان المتطرف، حيث يدعم ليبرمان انفصال جمهورية صرب البوسنة عن الجمهورية الأم لكن بصورة غير علنية.

وفي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تموز/يوليو 2014، كان رئيس جمهورية صرب البوسنة هو الرئيس الأوروبي الوحيد الذي يرسل رسالة دعم وتأييد لنتنياهو، مبيِّناً دعمه اللامحدود لعمليات إسرائيل داخل قطاع غزة، إذ قال في رسالته: «صرب البوسنة متعاطفون بعمق مع الشعب الإسرائيلي الصديق… نتمنى منكم قبول دعمنا واحترامنا وتعاطفنا»‏[26].

وكان دوديك خلال فترة ولايته كرئيس للوزراء في جمهورية صرب البوسنة إبان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2009 قد أرسل رسالة إلى الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريس يقول فيها إنه «يتفهم الرد الإسرائيلي ويدعم أي جهد إسرائيلي للحفاظ على الأمن والسلام للمواطنين الإسرائيليين». وقد تسببت هذه الرسالة بتأجيج المشاعر بين البوسنيين فأدانها المسلمون البوسنيون والكروات بصفة رسمية، إذ أصدر التلفزيون الرسمي البوسني بياناً قال فيه إن بيان دوديك لاإنساني وهابط أخلاقياً»‏[27].

والتقى دوديك بليبرمان خلال عدة زيارات وصفت الصحافة الإسرائيلية إحداها بالزيارة الحساسة دبلوماسياً حيث التقى الاثنان في فيينا عام 2014 . وفي سياق آخر تؤكد المصادر أن رئيس المكتب التمثيلي لجمهورية صرب البوسنة، ألكساندر نيكولتش هو إسرائيلي من أصل صربي وصديق مقرَّب لكل من ليبرمان ودوديك، وهو ما يفسر التعاون الكبير واتخاذ القضايا السياسية الدبلوماسية منحى شخصياً. كما أن متابعة دوديك للقضايا السياسية الداخلية في إسرائيل توضح مدى الارتباط بينهما، ففي تشرين الأول/أكتوبر 2011 عندما أعلن نتنياهو تشكيل قائمة موحدة بين حزبي الليكود ويسرائيل بيتنا، أصدر دوديك بياناً رسمياً من رئاسة صرب البوسنة يدعم الوحدة بين الحزبين، جاء فيه: «إنني مؤمن بأن الوحدة بين الحزبين ستقوي الاستقرار السياسي في إسرائيل وستعمل على المحافظة على هوية إسرائيل وحقها في الوجود… وليبرمان صديق مقرَّب لصرب البوسنة»‏[28].

وتقول التقارير إن العلاقة بين دوديك وليبرلمان مرتبطة أكثر فأكثر بالعلاقة الشخصية بينهما وبين رجل الأعمال اليهودي أري ليفي (97 عاماً)، إذ يعمل ليفي على تفعيل العلاقات بين صربيا ودول البلقان من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، كما أنه عمل كمبعوث المنظمة اليهودية لدى يوغسلافيا السابقة وقاتل في فلسطين مع الحركات الصهيونية، وهو مقرب كثيراً من دوديك الذي يعدّه يده اليمنى ويدافع عن وجوده وتدخلاته في السياسة الداخلية لجمهورية صرب البوسنة. كذلك تشير التقارير إلى أن العلاقات المالية من خلال فتح مصانع لشركة المياه الإسرائيلية ميكوروت وتفعيل خطوط طيران مباشرة مع تل أبيب وزيارات ليبرمان المتكررة للعاصمة بانيا لوكا ساهمت في تعزيز علاقات إسرائيل بجمهورية صرب البوسنة وحققت دعماً كبيراً ولا سيّما بعد اصطحاب ليبرمان وفداً كبيراً من رجال الأعمال الإسرائيليين عام 2011 لتفعيل النشاط الاقتصادي المشترك‏[29].

وتلفت بعض التحليلات إلى أن دوديك هو شخص مقاتل وعنيد، أي من نوعية الأشخاص الذين يحبهم ليبرمان فضـلاً عن أنهما يتحدثان اللغة الروسية. كما يحاول دوديك فرض نفسه كشخصية محاربة للإسلام المتطرف متحججاً بأن البوسنيين أصبحوا بؤرة تطرف في أوروبا وأن صرب البوسنة يواجهون الإسلام المتطرف كما تواجهه إسرائيل في الشرق الأوسط، الأمر الذي حاول من خلاله استمالة القيادات الإسرائيلية‏[30].

وتبرز اهتمامات دوديك المالية من خلال طلبه من السفير الفلسطيني تشجيع العرب للاستثمار في جمهورية صرب البوسنة، فقال: «إن العرب لا يستثمرون لدينا في الجمهورية ولا يأتون إلى منطقتنا. نحن بحاجة إلى استثماراتهم بشكل كبير. لا يوجد أي جهود عربية أو إسلامية تجاه جمهورية صرب البوسنة. عرب الخليج أقرب ببساطة إلى البوسنيين وهذا له علاقة بالجانب النفسي وبفترة الحرب لذا هم بعيدون من الصرب».

وفي سياق آخر يسيطر دوديك على التلفزيونات المحلية الصربية في جمهورية صرب البوسنة ويتيح فيها مجالاً أكثر أمام الرواية الإسرائيلية لإضفاء الشرعية الشعبية على قراراته في ما يتعلق بفلسطين وإسرائيل. كما تعطيه القدرة على ممارسة ضغط على الممثل الصربي في المجلس الرئاسي للبوسنة والهرسك.

أما من ناحية الضغط الأمريكي على البوسنة والهرسك للامتناع عن التصويت أو التصويت ضد أي قرار لصالح القضية الفلسطينية، فإن الضغط الأمريكي ينبع من أن الولايات المتحدة هي الضامن لاتفاقية دايتون التي أوقفت الحرب ودفعت الولايات المتحدة ما يقارب من اثنين مليار دولار كمساعدة للبوسنة والهرسك خلال أكثر من عشرين عاماً، كما تدعمها بملايين الدولارات سنوياً‏[31]؛ فضـلاً عن أن حجم التجارة مع الولايات المتحدة يزداد سنوياً بحيث شكلت صادرات البوسنة إلى أمريكا عام2017 ما يقارب 75 مليون دولار بينما استوردت بما يقارب 29 مليون دولار، وهذا يعدُّ إنجازاً في مجال التعاون التجاري البوسني – الأمريكي‏[32].

وفي ما يتعلق بالتدخل السياسي، تتمتع الولايات المتحدة بقدرة عالية على التدخل السياسي وإقناع الأطراف، ذلك بأن السفارة الأمريكية في البوسنة هي أكبر سفارة أمريكية في منطقة البلقان وتعد مركزاً سياسياً مهماً للمنطقة. وبالتالي فإن أي ضغط سياسي أمريكي، وخصوصاً من الرئاسة الأمريكية سوف يجد آذاناً صاغية لدى المجلس الرئاسي البوسني، ويبدو هذا واضحاً عندما امتنعت البوسنة عن التصويت لإدانة قرار ترامب نهاية عام 2017 بعد أن هددت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي بوقف المساعدات ضد الدول التي ستصوت مع القرار‏[33]. وفي عام 2011 أرسل الرئيس الأمريكي باراك أوباما رسالة خطية إلى المجلس الرئاسي البوسني طلب فيها منه عدم دعم الطلب الفلسطيني للانضمام كدولة إلى الأمم المتحدة، وهو ما قامت به البوسنة والهرسك. ويفسر خير الدين وزلاتان وفيلما ساريتش ذلك بأن النظام السياسي البوسني معقد، الأمر الذي يدفع طرفاً من الأطراف الثلاثة وخصوصاً الصربي والكرواتي إما إلى الامتناع عن التصويت وإما إلى معارضة أي قرار، في حين أن البوسنيين المسلمين هم دوماً مع فلسطين في كل القرارات لأنهم عانوا ما عاناه الفلسطينيون.

خاتمة

ناقش هذا البحث علاقات دولة البوسنة والهرسك بالقضية الفلسطينية متخذاً من امتناع هذه الدولة عن التصويت ضد قرار ترامب اعتبار القدس عاصمة لدولة إسرائيل، وأيضاً امتناعها عن التصويت لصالح فلسطين كدولة مراقب في مجلس الأمن عام 2011 نقطة انطلاق للبحث في أسباب اتخاذ هذه المواقف على الرغم من أن أغلبية سكانها هم من البوسنيين المسلمين. ويعرِّج البحث على الروابط التاريخية بين الشعبين البوسني والفلسطيني، ويدرس الإنتاج المعرفي المضاد للبوسنيين والفلسطينيين الذي يحاول أن يربط بين المجازر ضد اليهود والصرب في أوروبا بفلسطين، فيلاحظ البحث أن عشرات المقالات الأكاديمية التي بحثت علاقة البوسنة بفلسطين حاولت الربط بين النازية وفلسطين وتشبيه المجازر التي ارتكبت ضد الصرب في البلقان بالهولوكوست، الأمر الذي يعني اللعب على وتر حساسية المواقف في البلقان ضد البوسنيين المسلمين الذين يؤيدون القضية الفلسطينية بصورة عامة. كما يناقش البحث كيف أن البوسنة قد ورثت الاهتمام اليوغسلافي بالقضية الفلسطينية، إضافة إلى كون البوسنيين مسلمين، وكون القائد البوسني علي عزت بيغوفتش يُعدُّ أحد المدافعين عن القضية الفلسطينية من خلال كتابه الشهير الإعلان الإسلامي. وقد ساهم التقرب بين الرئيس جمال عبد الناصر وتيتو في تقريب وجهات النظر اليوغسلافية والعربية بشأن فلسطين، الأمر الذي دفع بتيتو إلى توفير دعم كبير لمنظمة التحرير الفلسطينية، فدعا ياسر عرفات عدة مرات إلى زيارة بلغراد وأقنعه بفتح آفاق الحوار لحل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين.

واستناداً إلى المقابلات الشخصية والبحث المكتبي، يحاجج البحث بأن هناك ثلاثة أسباب رئيسية أثرت في سلوك البوسنة والهرسك في الأمم المتحدة تجاه قضية فلسطين، وهي:

(1) تركيبة النظام الطائفي حيث تتكون البوسنة من كيانين سياسيين هما جمهورية صرب البوسنة التي تتمتع بحكم ذاتي، والفدرالية التي تتكون من عشرة كانتونات كل كانتون يتمتع بحكم ذاتي ولامركزية عميقة. كما أن الرئاسة البوسنية المؤلفة من مجلس رئاسي صربي بوسني وكرواتي وجميع القرارات يجب أن تكون بأغلبية صوتين أو بإجماع بدون فيتو، ونتيجة العلاقات الإسرائيلية برئيس جمهورية صرب البوسنة ميلوراد دوديك وهو المعادي للإسلام والمقرب من وزير الحرب الإسرائيلي ليبرمان، كلها أمور أثرت في قرارات صرب البوسنة الذين رأوا أن النظام السياسي لا ينصفهم وهي استراتيجية إعلامية تعمقها معاداة دوديك للبوسنيين والكروات. (2) ضعف الأداء السياسي الفلسطيني في البوسنة والهرسك نتيجة شح الإمكانات فيعمل في السفارة كادران فلسطينيان فقط والبقية إداريون بوسنيون، وأيضاً الانقسام الفلسطيني بين الجالية الفلسطينية والسفارة، الأمر الذي يجعل الوجود الفلسطيني وتأثيره في المجتمعات الكرواتية والصربية مغيباً وضعيفاً جداً وهو ما يجب العمل على تعزيزه من خلال رفد الكوادر أكثر فأكثر مع مراعاة حساسية العمل في منطقة البلقان. (3) العلاقات الشخصية بين رئيس جمهورية صرب البوسنة والقادة الإسرائيليين، والتأثير الأمريكي في البوسنة والهرسك.

في الختام، يضع هذا البحث نتائجه لتجنب سوء الفهم من جانب الدول العربية والفلسطينيين وبخاصة أن البوسنيين المسلمين هم من صوتوا أو أن البوسنة والهرسك قد صوتت ضد أو امتنعت من التصويت. إن فهم علاقات المجتمعات والتركيبة السياسية للدول التي يحاول الفلسطينيون التأثير فيها وفي قراراتها تجاه القضية الفلسطينية أمر مهم جداً ورافد للعمل والنضال الدبلوماسي الفلسطيني.

 

قد يهمكم أيضاً  موقف الشرعية الدولية (اليونسكو والجمعية العامة) من عروبة القدس

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #فلسطين #العلاقات_الفلسطينية_البوسنية #البوسنة #القدس #السياسة_الخارجية_البوسنية #سفارة_فلسطين_في_البوسنة #البوسنة_وفلسطين #الصرب #دراسات