مـقـدمـة:

إن المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه التدخل الدولي لاعتبارات إنسانية هو التدخل عسكرياً من أجل حماية حقوق الإنسان ومنع حدوث انتهاكات جسيمة وخطيرة للقانون الدولي الإنساني. وقد تطور هذا المبدأ كثيراً خلال القرن التاسع عشر، حيث استخدمته الدول الأوروبية عدة مرّات للتدخل في شؤون الدولة العثمانية في تلك الفترة، تحت ذريعة حماية الأقليات المسيحية التي كانت تعيش في ظلها. وقد تزايد التدخل العسكري لاعتبارات إنسانية منذ بداية تسعينيات القرن الفائت، حيث شهدت تلك الفترة تطبيقات عديدة للتدخل العسكري لأغراض إنسانية سواء على مستوى أُحاديٍّ أو على مستوى جماعي في إطار الأمم المتحدة[1].

غير أنه تجدر الإشارة إلى أن ميثاق الأمم المتحدة لم يستخدم اصطلاح «التدخل الإنساني» أو «الاعتبارات الإنسانية» بصورة مباشرة، على الرغم من أن الميثاق نفسه قد أشار بصورة صريحة وواضحة إلى ضرورة وأهمية احترام ودعم وتعزيز حقوق الإنسان، حسبما جاء في ديباجة الميثاق، وكذلك في نص المادتين 55 و56 من ميثاق الأمم المتحدة. بناءً على ذلك يمكن القول إن الميثاق لم يسمح، ولم يحرِّم، بمثل هذا النوع من التدخل، كاستثناء، على مبدأ حظر استخدام القوة المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة الثانية من الميثاق[2]. إلا أن تشديد الميثاق على ضرورة التعاون الدولي لحماية حقوق الإنسان قد يبرر التدخل الإنساني، لحماية الشعوب المضطهدة وقمع انتهاكات القانون الدولي الإنساني، ذلك أن الأخلاق والتضامن يفرضان على المجتمع الدولي واجباً أخلاقياً وأدبياً للتدخل قصد مساعدة ضحايا الكوارث الطبيعية وما شابهها، ويرتِّبان للضحايا حقاً إنسانياً على المجتمع الدولي[3].

في المقابل، لم يعد التدخل الإنساني مبدأً متفقاً عليه من طرف الفقه الدولي بسبب الانتقادات الموجهة ضدّه نتيجة تَعارُضه مع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول من جهة، واستعماله كذريعة لاستغلال واستعمار الدول من جهة أخرى؛ وهذا ما حدا بالمجتمع الدولي على إعادة النظر في مفهوم التدخل الإنساني على المستوى النظري ولا سيَّما بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، من خلال التقرير الذي وضعته اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول (ICISS)، وصدر بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر 2001، حيث استبدل هذا التقرير مصطلح التدخل الإنساني بمصطلح مسؤولية الحماية (La Responsabilité de protéger)، ويشار إليه اختصارا بــ (R2P)، وذلك قصد تحقيق نوع من التوافق بين مفهوم سيادة الدولة ومسؤوليتها تجاه رعاياها ـ التي يقع عليها التزام حماية مواطنيها ـ من جهة، وبين مسؤولية المجتمع الدولي في حماية هؤلاء الرعايا عند ثبوت عدم قدرة الدولة الوطنية على حماية رعاياها من جهة أخرى.

بناءً على ذلك، وفي حالة الانتهاكات الجسيمة والخطيرة لحقوق الإنسان الأساسية لفئةٍ أو جنسٍ معين، فإن المجتمع الدولي ليس أمامه من البدائل سوى تطبيق فكرة التدخل الدولي الإنساني لمصلحة هذه الفئات المنكوبة والمضطهدة. لكن تعارض التدخل الدولي الإنساني مع مبـدأ السيادة طرح العديد من الإشكاليات، سنحاول الإجابة عنها في هذه الورقة.

أولاً: ماهية التدخل الإنساني

1 ـ مفهوم التدخل الإنساني

يُعتبر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول من المبادئ الجوهرية للقانون الدولي المعاصر، غير أن التفسير الواسع للفصل السابع من الميثاق وما ترتب عنه من توسيع المصادر المهدِّدة للسلم والأمن الدوليين، جعل تجاوز هذا المبدأ ممكناً جداً في الوقت الحالي، وأصبح التدخل الإنساني قاعدة عرفية استوجبتها التغيرات المعاصرة للمجتمع الدولي.

غير أن الفقه الدولي اختلف في تحديد مفهوم التدخل الإنساني بين من يدافع عن مفهوم ضيق للتدخل الإنساني، وهو ذلك الذي لا يمكن أن يتم إلا من خلال العمل العسكري واستخدام القوة المسلحة، وبين من يدافع عن مفهوم واسع للتدخل الإنساني، حيث يرى أن التدخل كما يمكن أن يتم عن طريق استخدام القوة العسكرية، يمكن أن يتم أيضاً بوسائل أخرى مثل الضغوط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية وغيرها.

أ ـ المفهوم الضيق للتدخل الإنساني

يتجه فريق محدود من الفقهاء نحو حصر التدخل الدولي الإنساني في ذلك التدخل الذي يقتصر تنفيذه على استخدام القوة العسكرية، فاستخدام هذه القوات يمثل الأساس الذي يستند إليه هذا النوع من أنواع التدخلات الدولية. وقد أطلق «باكستر» (Baxter) وصف «التدخل الدولي الإنساني» على كل استخدام للقوة من جانب إحدى الدول ضد دولة أخرى لحماية رعايا هذه الأخيرة ممّا يتعرضون له من موتٍ أو أخطار جسيمة، كما يمكن أن يستهدف فعل التدخل حماية رعايا الدولة التي تقوم بتنفيذه، عن طريق ترحيلهم من الدولة التي يتعرضون على إقليمها لخطر الموت[4].

أخذ بهذا الرأي كل من «بايرلين وشيفر وبراونلي» (Bayerlin, Scheffer et Brownlie) حيث أكد الأخير أن الهدف من التدخل يكمن في حماية الرعايا وحرياتهم متى كانت دولهم عاجزة عن حمايتهم أو ليست لها الرغبة في ذلك، ويتضح أن المفهوم الضيق للتدخل الإنساني يرتبط بالقوة المسلحة، وهو ما سبق أن عبَّر عنه الفقيه «ليليتش» (Lillich) الذي وظّف التدخل لحماية رعايا الدولة المتدخلة أو رعايا الدول الأخرى متى كانوا في أوضاع معرَّضين فيها للخطر[5]، كما أكد الفقيه «ماريو بتّاتي» (Mario Bettati) مبدأ الضرورة، ومبدأ النسبية، أي أن يكون التدخل العسكري نتيجة لانتهاكات خطيرة لا غير، فـضـرورة التدخـل تقدَّر بقدرها[6].

بينما قام «ماري ـ جوزي دمستيكي ـ مت» (Marie-José Domestici-met) بتعداد ست عمليات يرى أنها تنتسب بشكل أو بآخر إلى هذا النوع من التدخل، وتتميز بأن تنفيذها قد تم عن طريق استخدام القوات المسلحة. تتمثل هذه العمليات بالتدخل البلجيكي في الكونغو في تموز/يوليو 1960؛ والتدخل الأمريكي ـ البلجيكي في «ستانلي فيل پوليس» (Stanleyville‑Paulis) عام 1964؛ والغارة الإسرائيلية على مطار عنتيبي عام 1976؛ والعملية التي قامت فرنسا بتنفيذها في»كولويزي» (Kolwezi) عام 1986؛ والغارة الأمريكية الفاشلة على صحراء «طبس» (Tabas) في إيران عام 1980؛ وليس آخراً العملية التي قامت بها القوات المصرية في مطار مالطا عام 1985 مستهدفة إنقاذ الرهائن المحتجزين على متن طائرة البوينغ التابعة للخطوط الجوية المصرية[7].

غير أن المحكمة الدائمة للعدل الدولي رفضت هذا النوع من التدخل في قضية «بينيفيزيس سالدوستسكيس» (Penevezys Saldustiskis) عندما أكدت أن قواعد القانون الدولي تمنح الدولة حق الحماية الدبلوماسية لمواطنيها في الدول الأخرى، وأنه لا يحق لها إعمال هذا الحق لرفع الضرر عن غيرهم، بينما أكدت محكمة العدل الدولية في قضية (Barcelona Traction) ضرورة احترام الحماية الدبلوماسية للرعايا على المستوى العالمي، واعتبرت أن وسائل حماية حقوق الإنسان لا تخوِّل الدول صلاحية حماية المتضررين من انتهاك هذه الحقوق، بصرف النظر عن جنسيتهم، ومن ثم لا يمكن أن يكون التدخل العسكري الذي تقوم به دولة ما لحماية مواطنيها في دولة أخرى تدخلاً إنسانياً مشروعاً، لأنه يمثل حالة غير مشروعة لاستخدام القوة وفقاً لقواعد القانون الدولي[8].

ب ـ المفهوم الواسع للتدخل الإنساني

إن الاتجاه المدافع عن المفهوم الواسع للتدخل الإنساني لا يربط بين التدخل الذي يتم لأغراض إنسانية وبين استخدام القوة المسلحة، فهذا النوع من التدخل يمكن أن يتم بوسائل أخرى غير اللجوء إلى هذه القوة كاستخدام وسائل الضغط السياسي أو الاقتصادي أو الدبلوماسي … إلخ. فكلّما كان الهدف من هذه الوسائل حمل إحدى الدول على الكفّ عن انتهاك حقوق الإنسان، أمكن اعتباره تدخلاً دولياً إنسانياً.

يُعـدّ ماريو بتّاتي من أكبر المدافعين عن المفهوم الواسع للتدخل الإنساني، حيث يرى أن التدخل الإنساني هو ذاك الذي يتحقق من خلال تدخل دولة أو منظمة دولية حكومية في الشؤون التي تعدّ من صميم الاختصاص الداخلي لدولة معينة، ويرى أن التدخلات التي تحدث من قبل أشخاص عاديين أو من قبل مؤسسات أو شركات خاصة أو من قبل منظمات دولية غير حكومية لا ترقى إلى كونها تدخلاً دولياً وإنما تعدّ مخالفات داخلية يتصدى لها القانون الداخلي للدولة[9]. بينما يؤكد «أوليفيه كورتن وبيار كلين» (Olivier Corten et Pierre Klein) المفهوم الواسع للتدخل الإنساني، من خلال إدراجهما، تحت الوسائل التي يمكن أن يتم بها هذا النوع من التدخل، العديد من الوسائل، تتلخص أبرزها في: تنظيم الحملات الصحفية، وتوقيع الجزاءات الاقتصادية، وفرض القيود على بيع الأسلحة، ومنع إرسال مواد الإغاثة للسكان، والتدخل المسلح من طرف واحد، واللجوء إلى تدابير القمع التي يتخذها مجلس الأمن طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة[10].

في ظل هذا التصوّر للتدخل الدولي الإنساني فإن الهدف من التدخل يختلف من حالة إلى أخرى، إذ يمكن أن يشمل التدخل: حماية الرعايا، حماية الأقليات، إنهاء الاعتداءات الداخلية، احتواء الهجرة وتوطين المهاجرين من اللاجئين، التصدّي للمآسي الإنسانية نتيجة الكوارث الطبيعية أو الكوارث البشرية، وتدعيم حركات التحرّر الوطني بناء على حق تقرير المصير[11].

بناء على ذلك يتفق البعض على أن التفسير الضيّق للتدخل الإنساني قد يتفق مع المرحلة السابقة لإنشاء منظمة الأمم المتحدة حيث كانت الحرب وسيلة مشروعة ومقبولة لتسوية النزاعات الدولية، غير أنه لا يتفق مع المرحلة اللاحقة لإبرام الميثاق عام 1945 حيث تم حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية إلا في حالتين: الأولى تدابير الأمن الجماعي التي يتخذها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق؛ والثانية الدفاع الشرعي استناداً إلى المادة 51 من الميثاق.

ومن ثم فإن عدم إدراج التدخل الدولي الإنساني ضمن هاتين الحالتين، إضافة إلى حصر التدخل الإنساني في اللجوء إلى القوة العسكرية يعني القضاء عليه، وهو ما لا يتفق مع الانتهاكات الجسيمة والخطيرة لحقوق الإنسان في عدة دول، ولا سيَّما حينما يكون الإنسان مهدداً في حياته ووجوده بسبب انتمائه لفئة معينة أو تكلّمه بلغة خاصة أو إيمانه بعقيدة مختلفة أو اتّسامه بلون مغاير للآخرين[12].

2 ـ مشروعية التدخل الإنساني

إذا كان الفقه الدولي قد اختلف حول مفهوم التدخل الدولي الإنساني بين من يعتبره ذلك التدخل الذي يتم عن طريق القوة المسلحة بتفويض من مجلس الأمن، ومن يرى أنه يمكن أن يتم عن طريق استخدام القوة العسكرية أو عن طريق وسائل أخرى مثل الضغط السياسي والضغط الاقتصادي والدبلوماسي؛ فإنه يتفق على أن الغرض منه إنساني وهو حماية حقوق الإنسان والأقليات[13]. كما ميَّز الفقه بين التدخل الإنساني المنفرد وهو تدخل غير مشروع، وتدخل الأمم المتحدة الإنساني وهو تدخل مشروع أقرَّته الممارسة الدولية لمجلس الأمن.

أ ـ عدم مشروعية التدخل الإنساني المنفرد

الأصل في التدخل أنه عمل دولي غير مشروع، إذْ أكد ميثاق الأمم المتحدة التزام الدول بعدم التدخل في شؤون بعضها البعض، وهو ما يستفاد من نص المادة 2/4 التي تنص على وجوب أن «يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة»[14].

يعتبر هذا الحظر في الحقيقة نتيجة اعتراف الميثاق بالسيادة المتساوية للدول الأعضاء (المادة 2/2)، ومن ثم فإن مبدأ حظر استخدام القوة يساهم إلى حدٍّ كبير في الحدّ من ظاهرة عدم احترام مبدأ عدم التدخل، وذلك لأن أغلب حالات استخدام القوة تعتبر من قبيل التدخل في الشؤون الداخلية للدول[15].

وقد تأكد مبدأ عدم التدخل في العديد من الوثائق الدولية[16]، أهمها الإعلان الخاص بعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول الصادر بقرار الجمعية العامة رقم 36/103 بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 1981، والذي يوجب على الدول الامتناع عن استغلال وتشويه المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان بهدف التدخل في الشؤون الداخلية للدول وممارسة الضغط على الدول أو إحداث الشك أو الاضطراب داخل دولة أخرى أو بين مجموعة دول[17].

وبالرغم من ذلك فقد انقسم الفقه الدولي حول مشروعية التدخل الإنساني المنفرد الذي تمارسه دولة أو مجموعة من الدول إلى تيارين: الأول يعتبر التدخل الإنساني المنفرد عملاً مشروعاً، والثاني يعتبره غير مشروع.

(1) التيار المؤيد للتدخل الإنساني المنفرد: يستند الموقف المؤيد للتدخل الإنساني المنفرد باعتباره عملاً مشروعاً إلى الحجج الآتية:

ـ إن ممارسات الدول قبل إبرام ميثاق الأمم المتحدة تؤكد مشروعية التدخل الإنساني المنفرد، لأنه يستند إلى تكافل شعوب العالم للتوصل إلى حد أدنى من الأمن للإنسانية، كما لم يتضمّن الميثاق نصاً صريحاً يمنع الدول من حق التدخل الإنساني المنفرد أو الجماعي أو يخوِّلها ذلك، زيادة على أن التدخل الإنساني يندرج ضمن صور التدخل المشروع المستثناة من مبدأ حظر استخدام القوة وفق ما تنص عليه المادة 51 من الميثاق، ومن ثم فإن الدول حافظت على قاعدة عرفية تسمح لها بالتذرع بنظرية الـدفاع الشرعي لحماية حقـوق الإنسان المتعلقة خصوصاً بمواطنيها[18].

ـ إن القانون الدولي المعاصر لا يهتم فقط بتنظيم العلاقات بين الدول وإنما يهتم أساساً بحماية الكائن البشري وضمان احترام حقوقه[19]، كما أنه لا يضع حداً فاصلاً بين المبدإِ الخاص بسيادة الدولة، وبين الاهتمام المتزايد بحقوق الإنسان. فميثاق الأمم المتحدة يضع هذين المبدأين اللذين يظهران كأنهما متناقضان، جنباً إلى جنب؛ فمن ناحية يحظِّر الميثاق التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى[20]، ومن ناحية أخرى يُلزم الدول على التعاون لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها والعمل على تطويرها[21].

ينتهي التيار المؤيد للتدخل الإنساني المنفرد إلى نتيجة مفادها أن القانون الدولي العرفي لا يمنع في ظل شروط وظروف معينة استخدام القوة لأغراض إنسانية، فإذا عجز مجلس الأمن عن ممارسة سلطاته المقررة في الفصل السابع من الميثاق بسبب استخدام إحدى الدول الدائمة العضوية حقها في النقض، يكون التدخل العسكري المنفرد مشروعاً في حالة الانتهاكات الجسيمة والخطيرة لحقوق الإنسان، بتوافر شروط أهمها: وجود أدلة موضوعية تؤكد بوضوح وقوع انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان، وعدم قدرة الدولة المعنية على اتخاذ التدابير المناسبة لوقف هذه الانتهاكات، أو عدم رغبتها القيام بذلك أو هي التي ترتكب هذه الانتهاكات، وأخيراً استنفاد التدابير غير العسكرية دون جدوى وفشل مجلس الأمن في اتخاذ التدابير المناسبة لمنع استمرار هذه الانتهاكات[22].

(2) التيار المعارض للتدخل الإنساني المنفرد: يستند التيار المعارض للتدخل الإنساني المنفرد إلى الحجج التالية:

ـ إن الاعتراف بمشروعية التدخل الإنساني المنفرد يخالف أحد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها ميثاق الأمم المتحدة والمتمثل بمبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد باستعمالها في العلاقات الدولية (المادة 2/4)، وهو مبدأ اتفاقي وعرفي في آن واحد، وأصبح حالياً من القواعد الآمرة (Jus Cogens) التي لا يجوز مخالفتها.

كما أن الاعتراف بالتدخل الإنساني المنفرد ينكر ويخالف جميع قرارات الجمعية العامة التي تحرِّم استخدام القوة في العلاقات الدولية تحريماً شاملاً بموجب ميثاق الأمم المتحدة. فقد استثنى الإعلان الرقم 2625 الخاص بمبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودّية والتعاون بين الدول من نطاقه الحق في التدخل، ولم يتضمن أي نص يتعلق بالتدخل الإنساني، كما أعاد قرار الجمعية العامة الرقم 3314 (1974) الخاص بتعريف العدوان ما جاء في القرار الرقم 2625، حيث نص في المادة الخامسة على أنه «ما من اعتبار أياً كانت طبيعته، سواءٌ كان سياسياً أم اقتصادياً أم عسكرياً أم غير ذلك، يصح أن يُتخذ مبرراً لارتكاب عدوان»[23].

سبق لمحكمة العدل الدولية أن تعرّضت لمبدأ عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، في قضية مضيق كورفو بين ألبانيا والمملكة المتحدة، حيث ورد في حكمها الصادر في 9 نيسان/أبريل 1949 أنه «يُعمل بقاعدة تحريم اللجوء إلى القوة مهما كانت النقائص الحالية للأمم المتحدة»، واعتبرت أن التدخل المزعوم وسيلة سياسية لاستخدام القوة، مضيفة أنه حتى ولو فشل مجلس الأمن في اتخاذ التدابير المناسبة تطبيقاً للفصل السابع، بحيث تعود الدول إلى الحالة السابقة على الميثاق، إلا أنه لا يمكن قبول ذلك كمبـرر للتدخل الإنساني[24].

وفي السياق ذاته، فقد دانت محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر في 27 حزيران/يونيو 1986 قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتدريب وتسليح وتمويل قوات الكونترا وتشجيع ومساعدة النشاطات العسكرية وشبه العسكرية الموجهة ضد نيكاراغوا منتهكة بذلك القانون الدولي العرفي الذي يفرض عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وقررت أن استخدام القوة لا يعدّ الأسلوب المناسب لضمان احترام حقوق الإنسان، وخلصت المحكمة إلى أن الدافع المبنيَّ على حماية حقوق الإنسان في نيكاراغوا لا يمكن أن يبرَّر قانوناً[25].

ومن ثم يظهر أن المحكمة رفضت فكرة التدخل الإنساني المنفرد لحماية حقوق الإنسان، الذي يؤدي في غالب الأحيان إلى ارتكاب انتهاكات جسيمة لهذه الحقوق. ونحن، بدورنا، نميل إلى هذا الرأي، وحُجَّتنا في ذلك أن التدخل الإنساني المنفرد يعد عودة إلى القانون التقليدي حين كانت الحرب وسيلة مشروعة لتسوية النزاعات الدولية، وهو ما يجعل أحكام الميثاق بلا معنى، كما أن الاعتراف بهذا النوع من التدخل يؤدي إلى نشر الفوضى وتزايد النزاعات وانتهاك الحقوق الأساسية للإنسان مثلما حدث في العراق عقب الغزو الأمريكي عام 2003.

ب ـ مشروعية التدخل الإنساني الأممي

أصدر مجلس الأمن بعد نهاية الحرب الباردة العديد من القرارات، استناداً إلى الفصل السابع من الميثاق، تتعلق بتسوية مسائل لم تكن تقليدياً من بين مصادر تهديد السلم والأمن الدوليين، فحماية حقوق الإنسان والأقليات الإثنية والعرقية وتقديم المساعدات الإنسانية، تُبرز أن المجلس لم يَعُد يعتبر الاعتداءات العسكرية ـ وحدها ـ مصدراً لتهديد السلم[26].

ومن ثم فإن أخذ مجلس الأمن بالتفسير الواسع لمفهوم التهديد بالسلم والأمن الدوليين ليشمل النزاعات المسلحة الداخلية التي تعرف انتهاكات خطيرة وجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، أصبح مبرراً شرعياً للتدخل الإنساني من طرف الأمم المتحدة وبناء على الفصل السابع من الميثاق[27].

لقد أكد الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي أن المنازعات التي يتعيّن على الأمم المتحدة، ممثلة بمجلس الأمن، تسويتها، ليست نزاعات محتدمة بين الدول بل ناشبة بداخلها، وعلى الأمم المتحدة أن تواجه في كل يوم الحروب الأهلية وعمليات الانسلاخ والتجزئة والانقسامات الإثنية والحروب القبلية[28].

أمام إشكالية التعارض بين التدخل الدولي لحماية حقوق الإنسان وقيد الاختصاص الداخلي للدول، فقد اعتبرت محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر في 5 شباط/فبراير 1970 في قضية Barcelona Traction أن حقوق الإنسان ذات طابع شامل وعالمي مُلزم وتندرج ضمن القواعد الآمرة (Jus Cogens) التي تتجاوز الاختصاص الوطني، حيث يجوز لجميع الدول أن تعتبر أن لها مصلحة قانونية في حماية هذه الحقوق، وبالتالي فهي التزامٌ في مواجهة الكافة (Erga Omnes)‏[29].

يضاف إلى ذلك أن ميثاق الأمم المتحدة يرى أن أي تهديد للسلم والأمن الدوليين، من جانب دولة ما، يشكل استثناء على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء (المادة 2/7)، وهذا يعني أن منظمة الأمم المتحدة لها الحق في التدخل في الشؤون الداخلية للدول بواسطة قرار صادر عن مجلس الأمن استناداً إلى الفصل السابع من الميثاق[30].

وعليه، إذا كان الهدف من تدخل مجلس الأمن هو حماية حقوق الإنسان والأقليات، فإن هذا التدخل لا يعد تدخلاً غير مشروع في الشؤون الداخلية للدول، لأن المادة 2/7 من الميثاق التي تحظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول استثنت إجراءات القمع المتخذة بواسطة مجلس الأمن تطبيقاً لأحكام الفصل السابع لحفظ السلم والأمن الدوليين[31].

وفي السياق ذاته، يجد التدخل الإنساني الذي تقوم به الأمم المتحدة، بهدف حماية حقوق الإنسان، سنده وأساسه القانوني في القرار الذي أصدره معهد القانون الدولي خلال دورته المنعقدة في سان جاك دي كومبو ستيلّا (Saint- Jaques de Compastalle) بتاريخ 13 أيلول/سبتمبر 1989 بشأن «حماية حقوق الإنسان ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول»، والذي ذهب إلى إخراج المسائل المتعلقة بحقـوق الإنسان من إطـار المجال المحجـوز للدول وفق ما تقضي به المادة الثانية من القرار[32].

وعليه، فإن تدخل الأمم المتحدة الإنساني يشكل أحد الاستثناءات الجديدة لمبدأ عدم التدخل والتي فرضتها قواعد القانون الدولي المعاصر.

غير أن البلدان العربية ترفض فكرة التدخل الإنساني حيث إن مجرد ذكر كلمة «تدخّل» يعيد إلى الأذهان ذكريات تاريخية مريرة من حقبة الاستعمار، ويثير ردود فعل كثيرة وأحاسيس بعدم الأمان. وبالفعل، فإنه من غير المتوقع أن تتعاطف أي دولة عربية مع مفاهيم التدخل الإنساني لأنها هي المستهدف الأكبر بهذا المبدأ للتدخل في شؤونها الداخلية. كما أن الموقف العربي من التدخل الإنساني يركز دائماً على أنه خلال عملية تطوير المفهوم ثم تطبيقه، تظهر مشاكل عديدة لها علاقة بشرعيته وفاعليته وبتبعاته الإنسانية وانعكاساته على القانون والنظام الدوليين. إضافة إلى ذلك، يعتقد الفقه العربي أن عملية فهم وتبرير التدخلات الإنسانية تكون مرفوقة بتهم الانحياز والكيل بمكيالين، وينطبق ذلك على معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي؛ فبينما يعجز العالم عن حمايتهم من الاعتداءات الإسرائيلية يرى البعض أن الحجة الإنسانية هي فقط ذريعة للتدخل في البلدان الأخرى[33].

3 ـ التدخل الإنساني في البلدان العربية

تم تجسيد التدخل الدولي الإنساني في البلدان العربية عن طريق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن طبقاً للفصل السابع من الميثاق. وارتكزت هذه القرارات على بلدان شهدت وقوع نزاعات مسلحة ترتبَ عنها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والأقليات، وقد بدأ هذا الاتجاه الجديد لمجلس الأمن منذ حرب الخليج الثانية، ثم أعيد تطبيقه في الصومال وكذا التدخل العسكري في ليبيا تحت ذريعة حماية المدنيين.

أ ـ التدخل الإنساني في العراق

نتيجة هزيمة القوات العراقية على أيدي قوات التحالف، وبتواطؤ من بعض الدول الكبرى بغية تمزيق الوحدة العراقية، تأسست حركتان عملتا على التمرد في الشمال من قبل الأكراد، وفي الجنوب من قبل الشيعة سنة 1991، ما دفع بالسلطات العراقية إلى القيام بعمليات قمع ضد الشيعة في الجنوب والبصرة والأكراد في الشمال (كردستان العراق)، حيث مارست، في نظر المجتمع الدولي، انتهاكات خطيرة في حق المدنيين، الأمر الذي ترتبَ عنه نزوح عدد كبير من اللاجئين إلى البلدان المجاورة، إذ دخل مليون شخص إلى إيران، ونحو 500 ألف اتجهوا إلى تركيا، وهو ما دفع بكل من فرنسا وبلجيكا إلى تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الهدف منه تقديم المساعدات الإنسانية إلى أكراد العراق[34]، وقد وافق عليه المجلس بتاريخ 5 نيسان/أبريل 1991 تحت الرقم 688 وهو دان أعمال القمع التي يتعرض لها السكان المدنيون في أجزاء كبيرة من العراق، وقد شمل فيما بعد المناطق السكانية الكردية، وتهديد الوضع للسلم والأمن الدوليين، كما طلب من العراق السماح بوصول المنظمات الإنسانية على الفور، إلى جميع من يحتاج إلى المساعدة في كل أنحاء العراق ويوفر التسهيلات اللازمة لعملياتها[35].

يعدّ هذا القرار في الحقيقة خطوة متقدمة في توسيع سلطات مجلس الأمن لكونه ينصّ لأوّل مرة، بصراحة لا غموض فيها، على ربط انتهاكات حقوق الإنسان في الدولة مع تهديد السلم والأمن الدوليين[36].

وقد استندت كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية إلى القرار الرقم 688 لتبرير العملية العسكرية التي قامت بها في شمال العراق، والتي أُطلق عليها اسم عملية «توفير الراحة» (Provide Comfort) من أجل حماية الأكراد، علماً أن هذا القرار لم يتضمن أي تفويض لهذه الدول من طرف مجلس الأمن باستخدام القوة في شمال العراق أو في جنوبه، إضافة إلى أنه لم يصدر سنداً لأحكام الفصل السابع من الميثاق وحرص على تأكيد الحكم المقرر في المادة 2/7 من الميثاق المتعلق بتحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدول من قبل منظمة الأمم المتحدة أو الدول[37].

ب ـ التدخل الإنساني في الصومال

يعدّ التدخل العسكري الدولي في الأزمة الصومالية نموذجاً هاماً لتقييم مشروعية التدخل في الشؤون الداخلية للدول لاعتبارات إنسانية من دون رضا الدولة المعنية، وذلك سواء بالنسبة لتدخل الأمم المتحدة كمنظمة دولية، أو بالنسبة لبعض الدول التي تدخلت في الصومال تحت مظلة الأمم المتحدة من الناحية الرسمية، لكن من دون أن ترتبط المنظمة بشكل مباشر وفعلي بذلك التدخل سواءٌ من حيث قيادة عملية التدخل أو من حيث سير العمليات العسكرية والأهداف المحددة لها[38].

فقد ترتب على إطاحة نظام سياد بري بتاريخ 21/11/1992 انتشار الفوضى في الصومال بسبب تنازع 14 حركة كان من أهمها: مؤتمر الصومال الموحد بزعامة محمد فرح عيديد، والتحالف الوطني لإنقاذ الصومال بزعامة علي مهدي؛ إضافة إلى ذلك فقد أعلن الشمال عن قيام دولة مستقلة، كما كشف مركز الدراسات الاستراتيجية بلندن عن مقتل 75 ألف صومالي منذ اندلاع الحرب بالصومال سنة 1991 إلى غاية 1994. وقد جعلت هذه الأوضاع المسؤول الموقت عن أعمال بعثة الأمم المتحدة في الصومال يناشد مجلس الأمن بالتدخل لتقديم المساعدات الإنسانية، في الرسالة المؤرخة في 20/9/1991، التي سبقتها رسالة وجهها الرئيس عبدو ضيوف رئيس المؤتمر الإسلامي إلى مجلس الأمن في كانون الأول/ديسمبر 1991 تتضمن الغرض نفسه. هذه المعطيات كلها دفعت بمجلس الأمن إلى الانعقاد وإصدار القرار 733 بتاريخ 23/1/1992‏[39].

تضمن القرار 733 مجموعة من البنود التي تؤكد ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية الفورية من قبل الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة إلى الصوماليين مع تعيين منسّق يشرف على توزيعها. غير أن هذا القرار لم يحقق الغايات التي شرع من أجلها، وهو ما زاد حدة المآسي الإنسانية للسكان الصوماليين على نحو يهدّد السلم والأمن الدوليين، وما دفع بمجلس الأمن إلى إصدار قرار آخر حمل الرقم 571 المؤرخ في 24 نيسان/أبريل 1992 يتضمن تشكيل قوة أمن أممية تهدف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الصومال، وأتبعه بالقرار الرقم 775 بتاريخ 28 آب/أغسطس 1992 الذي يؤكد فيه ضرورة حماية ميناء مقديشو ومرافقة قوافل الإغاثة الإنسانية حتى وصول المساعدات الإنسانية إلى مراكز التوزيع وحمايتها[40].

إلا أن فشل قوات الأمم المتحدة في تحقيق أغراضها بسبب قلتها (قُدِّرت بنحو 500 جندي من ذوي القبعات الزرق) جعل الأمين العام يصرّح أن هذه العملية لم تفِ بأغراضها، فأجاز مجلس الأمن التدخل الدولي في الصومال بموجب القرار الرقم 794 الصادر في 3 كانون الأول/ديسمبر 1994‏[41]، حيث عبر عن قلقه من حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها الصومال والتي تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وقد قام بإرسال قوات عسكرية إلى الصومال لضمان وصول المساعدات الإنسانية في إطار عملية إعادة الأمل[42].

يتفق الفقه الدولي على أن مجلس الأمن تدخَّل بشكل متأخر في الصومال، بخلاف التدخل في العراق الذي كان سريعاً، كما لم يقم المجلس بشكل مباشر بقيادة القوات الأممية بل عهد بها إلى الولايات المتحدة التي كانت تريد تأليف حكومة موالية لها، إضافة إلى أن مجلس الأمن لم يكن يشرف مباشرة على التدخل العسكري في الصومال فانحرفت به الولايات المتحدة لتحقيق أغراضها، إذ إنها بدلاً من توزيع المواد الغذائية وتحقيق المصالحة بين الأطراف المتنازعة راحت تلاحق محمد فرح عيديد وتقتل الصوماليين وتهتك أعراض النساء، كما قامت القوات الكندية بالتصرفات نفسها، ما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من الصوماليين إلى إثيوبيا وكينيا نتيجة لتجاوز القوات الأممية أهدافها[43].

ج ـ التدخل العسكري في ليبيا

بدأت التظاهرات السلمية في ليبيا، المطالبة برحيل نظام معمر القذافي، بتاريخ 17 شباط/فبراير 2011، فقوبلت بقمع عسكري من طرف النظام الليبي، وهو ما تسبب في نشوب نزاع مسلح مع الثوار. واستمر القذافي في استخدام الطائرات والأسلحة الثقيلة المختلفة ضد المدنيين العزَّل من أجل قمع ثورتهم، فاضطر الثوار إلى الانسحاب من المدن التي سيطروا عليها، بينما واصلت قوات القذافي زحفها حتى أصبحت على مشارف مدينة بنغازي، وهي المعقل الأخير للثوار، ولم يعد بالإمكان السكوت عمّا حدث من جرائم ومجازر، وما قد يحدث من جرائم ومجازر أشد شناعة؛ فطلبت دول مجلس التعاون الخليجي عقد اجتماع لمجلس جامعة الدول العربية للبحث في كيفية وضع حد لجرائم نظام القذافي (انعقد في القاهرة بتاريخ 12 آذار/مارس 2011)، وصدر قرار تضمن عدداً من التدابير والإجراءات، منها: دعوة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته إزاء تدهور الأوضاع في ليبيا واتخاذ الإجراءات الكفيلة بفرض حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي فوراً، وإقامة مناطق آمنة في الأماكن المتعرضة للقصف كإجراءات وقائية تسمح بتوفير الحماية لأبناء الشعب الليبي والمقيمين في ليبيا من مختلف الجنسيات[44].

نتيجة لهذه الدعوة أصدر مجلس الأمن القرار الرقم 1970 بتاريخ 27 شباط/فبراير 2011 دعا فيه إلى الوقف النهائي لأعمال العنف واتخاذ تدابير للاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب الليبي، واعتبر أن الهجمات الواسعة والممنهجة التي حصلت في ليبيا ضد المدنيين يمكن أن ترقى إلى تصنيف الجرائم ضد الإنسانية، ثم قام بإحالة الوضع في ليبيا منذ 15 شباط/فبراير2011 على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؛ وقد تضمن القرار 1970 أيضاً حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا ومنع عبور أو دخول القذافي وبعض أفراد أسرته ومعاونيه إلى أراضي البلدان الأعضاء، والتجميد الفوري لجميع الأصول والموجودات المالية الأخرى والموارد الاقتصادية الموجودة على أراضيها المملوكة أو المدارة مباشرة أو غير مباشرة من جانب هؤلاء الأشخاص[45]، كما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة وقف عضوية ليبيا في مجلس حقوق الإنسان.

في إثر ذلك قامت الدول الأعضاء في حلف الناتو بالتدخل العسكري في ليبيا في آذار/مارس 2011، مبررة ذلك بأنه يستند إلى الترخيص الممنوح لها من طرف مجلس الأمن بموجب القرار الرقم 1973، بالرغم من أن القرار المذكور لم يتضمن أي إشارة تفوِّض حلف الناتو التدخل العسكري في ليبيا باستثناء نصه على إنشاء منطقة حظر جوي. إلا أن الدول الأعضاء في الحلف عملت على إسقاط نظام العقيد القذافي من خلال تنفيذ الحظر الجوي على ليبيا بهدف حماية المدنيين. ومع ذلك فإن القرار 1973 يُجسِّد مبدأ مسؤولية المجتمع الدولي في التدخل العسكري لحماية المدنيين من خلال طلب جامعة الدول العربية من مجلس الأمن أن يتحمل مسؤوليته في حماية المدنيين في ليبيا[46].

ثانياً: تحوُّل التدخل الإنساني إلى مسؤولية الحماية

أعلن رئيس الوزراء الكندي جون كريتيان، في مؤتمر الألفية ـ الذي عقد في أيلول/سبتمبر من عام 2000 ـ عن تأسيس «اللجنة الدولية المعنية بالتدخل وسيادة الدول» (ICISS) التي تنصبّ مهامها على وضع أسس التدخل الدولي الإنساني[47]، ومحاولة دعم نقاش عالمي شامل حول العلاقة بين التدخل وسيادة الدول، يقوم على أساس التوفيق بين واجب المجتمع الدولي في التدخل أمام الانتهاكات الواسعة والخطيرة للقواعد الإنسانية وضرورة احترام سيادة الدول[48].

قدمت اللجنة تقريرها (في كانون الأول/ديسمبر 2001) الذي خلص إلى استبدال التدخل الدولي الإنساني بـ«مسؤولية الحماية»، إذ يقع على عاتق الدولة نفسها المسؤولية الرئيسية عن حماية سكانها احتراماً لمبـدأ السيادة، غير أنه في حال تعرض السكان لأذى خطير نتيجة حـرب داخلية، أو عصيان، أو قمع، أو إخفاق الدولة أو كونها غير راغبة أو غير قادرة على وقف الأذى أو تجنبه، يتنحى مبدأ عدم التدخل لتحل محله «المسؤولية الدولية للحماية»، من هنا كان أول ظهور لفكرة «مسؤولية الحماية» التي تعد تطوراً لمبدأ التدخل الإنساني.

1 ـ مستويات مسؤولية الحماية

أكد تقرير اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول أن مسؤولية الحماية تشمل ثلاث مسؤوليات محددة:

أ ـ مسؤولية الوقاية

تتمثل هذه المسؤولية بمعالجة الأسباب الجذرية والمباشرة للصراع الداخلي وغيره من الأزمات التي هي من صنع الإنسان، والتي تعرّض الشعوب للخطر. وقد أكدت اللجنة أن مسؤولية الوقاية لم تعد شأناً وطنياً أو محلياً فحسب، بل واجباً يقع على المجتمع الدولي بكامله.

تجدر الإشارة هنا إلى أن كُلّاً من الجمعية العامة ومجلس الأمن اعتمدا في عام 2000 قرارات هامة تعترف بالدور الحيوي لكل أجهزة الأمم المتحدة في منع وقوع الصراعات والعمل على تجنبها، حيث أكد المجلس أهمية اتباع استراتيجيات وقائية فعّالة وطويلة الأجل لمنع وقوع النزاعات الداخلية بخاصة.

غير أنه لا يوجد اتفاق عالمي على تحديد الأسباب الجذرية للنزاعات، أو التفرقة بينها والأسباب المباشرة للنزاعات المسلحة، إلا أن تقرير اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول حدد أربعة تدابير لمنع الأسباب الجذرية والمباشرة للصراع، منها ما هو داخلي أي تتخذه الدول لحماية شعوبها ومنها ما هو ذو طابع دولي، وهي تتمثل بما يلي[49]:

(1) التدابير السياسية: تتضمن التدابير التي يمكن أن تتخذها الدول في إقامة الديمقراطية وتقاسم السلطات الدستورية، وتكريس مبدأ تداول السلطة وحماية الحريات وسيادة القانون، كما تشمل التدابير السياسية والدبلوماسية التي يمكن أن يتخذها الأمين العام للأمم المتحدة كالوساطة والمساعي الحميدة، وبعثات تقصي الحقائق.

(2) التدابير الاقتصادية: تتمثل بالعمل داخلياً على تقديم مساعدة إنمائية لمواجهة أوجه الإجحاف في توزيع الموارد وتشجيع النمو الاقتصادي، وهي على المستوى الدولي تمويل وتشجيع الاستثمارات الدولية وتسهيل التبادلات التجارية. وقد تشمل أيضاً اتخاذ إجراءات ذات طبيعة قسرية كالتهديد بجزاءات تجارية ومالية، وسحب الاستثمارات أو الدعم المقدم من طرف صندوق النقد الدولي.

(3) التدابير القانونية: تشمل الجهود الرامية إلى تعزيز سيادة القانون، وحماية وضمان استقلالية الأجهزة القضائية للدولة، وتشجيع تنفيذ القوانين؛ أما في ما يخص البعد الدولي فهي تشمل اللجوء إلى التحكيم والقضاء الدوليين في حالة النزاعات الداخلية.

(4) التدابير العسكرية: تشمل إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية للدول وضمان مساءلة أجهزتها الأمنية وضمان عملها في إطار القانون، وعلى المستوى الدولي، ويمكن اتخاذ تدابير عسكرية مثل الانتشار الوقائي للقوات؛ ويعدّ وجود قوات للأمم المتحدة للانتشار الوقائي في مقدونيا أحسن مثال في هذه الحالة.

ب ـ مسؤولية الرد

تنطوي مسؤولية الحماية، بادئ ذي بدء، على مسؤولية القيام برد فعل على أوضاع تكون فيها الإنسانية بحاجة ملحّة إلى الحماية، عندما تفشل التدابير الوقائية في تسوية النزاع واحتوائه، وعندما تكون الدولة غير قادرة أو غير راغبة في معالجة الوضع، وهو الأمر الذي يستدعي اتخاذ تدابير تدخلية من طرف أعضاء المجتمع الدولي الأوسع نطاقاً، وقد تشمل هذه التدابير القسرية أخرى سياسية أو اقتصادية أو قضائية، وفي الحالات البالغة الشدة تشمل التدابير العسكرية أيضاً. وفي ما يخص أولوية هذه المبادئ، يتعين دائماً النظر في اتخاذ تدابير قسرية دون العمل العسكري، بما فيها على وجه الخصوص، مختلف أنواع الجزاءات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

غير أن هذا لا يعني أنه في حال فشل التدابير الوقائية لتفادي أو احتواء أزمة إنسانية أو صراع، يكون العمل العسكري لازماً بالضرورة، إنما ينبغي أولاً حيثما أمكن، دراسة مسألة اتخاذ تدابير قسرية دون العمل العسكري، بما فيها على وجه الخصوص مختلف أنواع الجزاءات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي سنبرزها أدناه[50].

وفي السياق ذاته، فإن الجزاءات الدولية تعرقل قدرة الدول على التعامل مع العالم الخارجي بينما لا تمنع الدولة مادياً من القيام بأعمال داخل حدودها. وتهدف هذه التدابير مع ذلك إلى إقناع السلطات المعنية باتخاذ أو عدم اتخاذ تدبير أو تدابير معينة. أما التدخل العسكري فيجري مباشرة ضد قدرة السلطات الداخلية على العمل في داخل أراضيها، فهو فعلياً يزيح السلطة الداخلية ويحل محلها ويهدف إلى معالجة المشكلة المعنية أو التهديد الحاصل معالجة مباشرة. لهذه الأسباب، وبسبب المخاطر الأصلية التي تصاحب أي استخدام للقوة، كان احتمال استخدام العمل العسكري القسري دائماً يثير قلق المجتمع الدولي أكثر مما يثيره فرض جزاءات سياسية أو دبلوماسية أو اقتصادية[51].

للتأكيد أن التدخل العسكري لا يعد الأساس الجوهري لمبدأ مسؤولية الحماية، فقد أشار الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان إلى أن جهوده للوساطة في الأزمة الكينية التي أعقبت الانتخابات المتنازع على نتيجتها نهاية عام 2007 وبداية عام 2008 ترمي إلى التسوية السلمية، لأن هذه الأخيرة تعدّ التجسيد الحقيقي لمبدأ مسؤولية الحماية.

لقد برزت في السنوات الأخيرة الجزاءات التي تستهدف القيادات والمنظمات الأمنية المسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان كبديل مهم من الجزاءات المقررة في الفصل السابع من الميثاق ويطلق على هذه الجزاءات مصطلح «العقوبات الذكية»، حيث يعترف مجلس الأمن حالياً بضرورة استثناء المواد الغذائية واللوازم الطبية وكل المسائل الضرورية لحياة الإنسان من دائرة الجزاءات الأممية، كما تركزت الجهود الرامية إلى تحديد أهداف الجزاءات، تحديداً أكثر فاعلية لتقليل أثارها في المدنيين وزيادته على أصحاب القرار، على ثلاثة مجالات مختلفة ومحددة تنحصر في ما يلي[52]:

(1) في المجال العسكري: وضع حد للتعاون العسكري وبرامج التدريب، كذلك حظر بيع الأسلحة، الذي يعتبر أداة مهمة في يد مجلس الأمن والمجتمع الدولي، وهي يمكن التلويح بها في حالة نشوب صراع.

(2) في المجال الاقتصادي: فرض جزاءات مالية على الأصول المالية في الخارج لدولة ما أو لمنظمة إرهابية أو حركة تمرد، وهي قد تشمل فرض قيود على الأنشطة الاقتصادية والمنتجات النفطية، وكذلك حظر الطيران في بعض الحالات.

(3) في المجالين السياسي والدبلوماسي: فرض قيود على التمثيل الدبلوماسي، بما في ذلك طرد الموظفين الدوليين أو تعليق أو رفض عضوية الدولة في هيئة أو منظمة دولية ما.

ج ـ مسؤولية إعادة البناء

لا تنطوي مسؤولية الحماية على مجرد الوقاية أو رد الفعل فقط، وإنما تتضمن أيضاً مسؤولية المتابعة وإعادة البناء، وهذا يعني أنه إذا تم التدخل عسكرياً في دولة ما ـ بسبب انهيارها أو تخلّيها عن قدرتها أو سلطتها على النهوض بمسؤولية الحماية ـ ينبغي أن يكون ثمة التزام حقيقي بالمساعدة على إعادة بناء سلام دائم، والعمل على إيجاد حسن الإدارة وتحقيق التنمية المستدامة، وينبغي إعادة تهيئة الأحوال الملائمة لإعادة بناء السلامة العامة والنظام العام من طرف موظفين دوليين يعملون في شراكة مع السلطات المحلية، بهدف تحويل سلطة إعـادة البناء والمسـؤولية عنها إلى هـذه السلـطـات[53].

من ثم ينبغي أن ينطلق التخطيط للقيام بتدخل عسكري من أهمية وضع استراتيجية محددة لما بعد التدخل، وهذا يهدف أساساً إلى منع وقوع نزاعات وحالات طوارئ إنسانية أو زيادة حدّتها أو انتشارها أو بقائها أو تكرارها. وبناء على ذلك ينبغي أن يكون هدف هذه الاستراتيجية المساعدة على ضمان عدم تكرار الأسباب التي أدت إلى التدخل العسكري أو مجرد إعادة ظهورها.

كما أنه من بين الوظائف الأساسية التي يكون على قوات التدخل القيام بها، توفير الأمن الأساسي والحماية اللازمة لجميع السكان، ولا سيّما أنه تحدث أثناء التدخل أحياناً، عمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية للسكان، كالحالة العراقية بعد غزو الكويت عام 1990، لذلك من الواجب جداً أن تخطط عمليات ما بعد التدخل لهذه الحالة الطارئة، إلى جانب ضرورة توفير أمن فعلي لجميع السكان حينما يحدث التدخل[54].

تجدر الإشارة هنا إلى أنه ضمن المفهوم الواسع لتهديد السلم وتطبيق الفصل السابع لأغراض إنسانية، بدأ مجلس الأمن يشرف على نشاطات ذات طابع داخلي، تتمثل بالعمل على إقامة أنظمة سياسية ديمقراطية من خلال مساعدته البلدان على إجراء انتخابات حرة ونزيهة[55]، وبالتالي تطور دور مجلس الأمن عمّا كان عليه أثناء الحرب الباردة، ليصبَّ اهتمامه على الاتجاهات السياسية للدول عن طريق إعادة السلم أو بنائه بدولة ما وليس المحافظة عليه فقط، وهو الوضع الذي عرف تطبيقه في كل من الصومال وكمبوديا[56].

من جهة أخرى ربما لا يتوافر في الدولة التي حدث فيها التدخل العسكري نظام قضائي يؤدي عمله على الوجه الصحيح، ما جعل الأمم المتحدة تدرك على نحوٍ متزايد ـ وبخاصة منذ عملية سلطة الأمم المتحدة الانتقالية في كمبوديا ـ أهمية إعادة النظم القضائية إلى نصابها في أسرع وقت ممكن بعد التدخل من خلال إنشاء المحاكم الجنائية المختلطة. وأخيراً، إذا كان للقوة المتدخلة ولاية حماية حقوق الإنسان ومنع وقوع المزيد من الانتهاكات، فإنه من دون وجود نظام يعاقب منتهكي هذه الحـقوق، ستصبح مهام القوة غير قابلة للتحقيق، كما أنها ستفقد صدقيتها محلياً ودولياً[57].

2 ـ شروط تطبيق مسؤولية الحماية

وضعت اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدولة عدة شروط لتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية تتلخص في ما يلي:

أ ـ شرط القضية العادلة (Justa causa)

يقصد بالقضية العادلة وقوع إبادة جماعية وتطهير عرقي واسع النطاق، فقد أشارت اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول أن التدخل العسكري الإنساني يكون مشروعاً في مجموعتين عامتين من الظروف، لوقف أو تجنّب[58]:

ـ خسائر كبيرة في الأرواح وقعت أو يُخشى وقوعها، سواء كان ذلك ـ أو لم يكن ـ بنيّة الإبادة الجماعية، وتكون نتيجة عمل مدبَّر من الدولة أو إهمال الدولة أو عدم قدرتها على التصرف أو لوضع تكون فيه الدولة؛ أو:

ـ تطهير عرقي على نطاق واسع واقع أو يُخشى وقوعه، سواء أكان ذلك بالقتل أو الإبعاد كرهاً أو القيام بأعمال إرهاب أو اغتصاب النساء. وعليه، إذا توافر أحد هذين الشرطين أو كلاهما فإن شرط القضية العادلة يعدّ عنصراً من عناصر قرار التدخل قد تحقق.

كما أن معايير القضية العادلة التي يتم التعبير عنها هنا لا تشمل الارتكاب المتعمد فقط، كما في حالات البوسنة ورواندا وكوسوفو، إذ يمكن أيضاً أن تنطبق هذه المعايير على مواقف تتمثل بانهيار الدولة، وما ينتج من ذلك من تعرض السكان للمجاعات الهائلة أو الحرب الأهلية كما في حالة الصومال. وتشمل هذه المعايير أيضاً احتمالات الكوارث الطبيعية أو البيئية الضارة التي تكون الدولة المعنية في حالتها إما غير مستعدة وإما غير قادرة على المساعدة، وتحدث خسائر كبيرة في الأرواح أو يكون خطر ذلك متوقعاً. أما ما لا تشمله معايير حد «القضية العادلة» فهو انتهاكات حقوق الإنسان التي لا تصل حد التطهير العرقي (مثل التمييز العنصري المنظم أو القمع السياسي)، والإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً، وإنقاذ الدولة لرعاياها في أراضٍ أجنبية[59].

ب ـ شرط السلطة المناسبة

أكدت اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول أنه لتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية على مجلس الأمن أن يكون مركز الاتصال الأول بشأن المسائل التي تتعلق بالتدخل العسكري ويجب أن يكون هذا المجلس الهيئة التي تأذن بأي تدخّل بما أنه المسؤول الرئيسي عن حفظ السلم والأمن الدوليين[60]. كما أن ميثاق الأمم المتحدة ينص بوضوح على استخدام القوة اللازمة (لحفظ السلام والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه) عندما يأذن مجلس الأمن بذلك تطبيقاً لنظام الأمن الجماعي المحدد في الفصل السابع من الميثاق[61].

غير أن مجلس الأمن لم يكن حتى الآن متسقاً كثيراً ولا فعّالاً جداً في التعامل مع حالات التطهير العرقي واسع النطاق، ويأتي تصرفه في أغلب الأحيان متأخراً جداً، ومتردداً كثيراً، أو لا يتصرف على الإطلاق، كما أن إجماع آراء الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن لم يتحقق إلا نادراً بخصوص تحديد انتهاكات السلام، أو إدانة أعمال العدوان، أو الإذن باستخدام القوة العسكرية نتيجة لاختلاف المصالح السياسية والاستراتيجية، حيث أدى عدم الاتفاق هذا إلى عاقبة من اثنتين: عدم الفعالية وتكرار مجازر رواندا (حالات مثل حالتي دارفور وزمبابوي) من جهة، والتدخلات التي يمكن القول إنها مشروعة أخلاقياً ولكنها غير قانونية عسكرياً كما في يوغسلافيا (من قبل حلف الناتو)، وليبيريا، وسيراليون (من قبل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) على سبيل المثال من جهة أخرى[62].

وفي هذا الإطار فقد أشارت اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول أن الحل لهذه المشكلة يتمثل بمناقشة الأدوار المحتملة للجمعية العامة والمنظمات الإقليمية في الترخيص بالتدخل العسكري، وتعني مسؤولية الحماية في الترخيص من طرف الجمعية العامة لأنه إذا كان هذا الترخيص مدعوماً من قبل أغلبية الدول الأعضاء، فإنه سيوفر درجة عالية من المشروعية للتدخل، وعلى وجه التحديد تقوم مسؤولية الحماية على تأييد العمل العسكري من الجمعية العامة المنعقدة في دورة استثنائية خاصة بموجب قرار الاتحاد من أجل السلام لعام 1950 (يتعلق هذا القرار بمعالجة الحالات التي يخفق فيها مجلس الأمن في ممارسة وظائفه في حفظ السلم، بسبب عدم إجماع أعضائه الدائمين)، وذلك بأغلبية الثلثين[63].

أما بالنسبة إلى الترخيص من قبل المنظمات الإقليمية فقد أشارت اللجنة إلى أن التدخل الجماعي من قبل منظمة إقليمية أو دون الإقليمية تتصرف ضمن حدودها المعينة تطبيقاً للفصل الثامن من الميثاق قد يكون فعالاً في معالجة الكوارث الإنسانية، بالنظر إلى المصلحة المشتركة التي تجمع بين الدول المتجاورة، كما أن التدخل في إطار المنظمات الإقليمية يكون في الغالب أفضل من التدخل الجماعي من طرف الأمم المتحدة، شريطة أن يكون تدخل المنظمة الإقليمية متعلقاً بأحد أعضائها ولا يقبل التدخل في دولة ليست عضواً مثلما حدث بالنسبة إلى تدخل حلف شمال الأطلسي في كوسوفو عام 1999‏[64].

إضافة إلى ذلك فقد أكدت اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول أن التدخل العسكري لا يكون مبرراً إلا إذا كان الوسيلة الأخيرة بعد استقصاء كل بديل غير عسكري من أجل تسوية النزاع، أو حلِّه بطرق سلمية، مع توافر أسباب معقولة للاعتقاد بأن الإجراءات غير العسكرية لن تنجح في وقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويجب أن يكون التدخل العسكري المخطط له، في حجمه ومدته وشدته، في الحد الأدنى الضروري لضمان تحقيق الهدف المحدد لحماية حقوق الإنسان، ووقف الانتهاكات الجسيمة لها، علاوة على وجوب أن تكون هناك فرصة معقولة للنجاح في وقف المعاناة التي بررت التدخل أو في تفاديها؛ فعواقب التدخل العسكري لا يجب أن تكون أسوأ من عدم التدخل أصلاً[65].

يجب أن يكون الغرض الأساسي للتدخل وقف المعاناة الإنسانية أو تفاديها، حيث توجد عدة طرائق تضمن الوفاء بشروط هذا المعيار، وتتمثل الأولى بأن يتم التدخل العسكري دائماً على أساس جماعي أو متعدد الأطراف، أما الثانية فهي معرفة حجم الدعم الفعلي الذي يلقاه التدخل من طرف الناس الذين يكون التدخل من أجل حمايتهم، بينما تتلخص الطريقة الثالثة في معرفة الدرجة التي تم بها الحصول على رأي الدول الأخرى المجاورة ومدى دعمها لهذا التدخل. غير أن الانتفاء التام للمصلحة قد يكون وضعاً مثالياً، إلا أنه من غير المرجح أن يكون حقيقة واقعة في جميع الأحوال؛ إذ إن الدوافع المختلطة في العلاقات الدولية، كما في كل مجال آخر، هي من حقائق الحياة. إضافة إلى ذلك، فقد تقتضي التكلفة المالية والخطورة التي يتعرض لها الأفراد الذين يشتركون في أي عمل عسكري، على الدولة التي تقوم بالتدخل، من الناحية السياسية، أن يكون لها جانب من المصلحة الذاتية في التدخل، أياً كان مدى الإيثار في دافعها الرئيسي بالفعل[66].

خـاتـمـة

انتهينا من خلال هذه الدراسة إلى أن المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه التدخل الإنساني هو استخدام القوة العسكرية بهدف حماية حقوق الإنسان ومنع حدوث انتهاكات جسيمة وصارخة لهذه الحقوق، وقد تطور التدخل الإنساني إلى حدٍّ كبير خلال القرن التاسع عشر، وازدادت شدة تطبيقه بعد نهاية الحرب الباردة بسبب تغيّر طبيعة النزاعات التي تقع في العالم من نزاعات في ما بين الدول إلى نزاعات داخل الدول.

غير أنه بغضِّ النظر عن مشروعية التدخل الإنساني أو عدم مشروعيته، فقد أثبتت الممارسة الدولية أن تطبيقه تم بازدواجية في بعض الحالات وخروجاً عن الضوابط والقواعد العرفية التي تحكمه مثلما حدث في الصومال، كما عرف تطبيقاً متأخراً في حالات أخرى مثلما هو عليه بالنسبة إلى رواندا، في حين لم يتم اللجوء إلى تطبيقه في حالات أخرى إطلاقاً.

يضاف إلى ذلك أنه نتيجة الانتقادات الموجهة للتدخل الإنساني من منطلق تَعارُضِه مع مبدأ السيادة، ظهر في المقابل مبدأ مسؤولية الحماية الذي يسعى إلى حماية حقوق الإنسان لكن دون المساس بسيادة الدول، ولعل التطبيق السليم لهذا المبدأ الأخير وفق الأطر القانونية التي حددتها اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول سيشكل ضمانة هامة لحماية الحقوق والحريات الأساسية للأفراد واحترام السيادة المتساوية للدول ومنع أي تدخل خارجي في شؤونها لأغراض إنسانية.

وهذا لن يتحقق إلا بتوافر إرادة سياسية صادقة، لدى الدول الأعضاء في المجتمع الدولي مع احترام الشروط والضوابط التي حددتها اللجنة المعنية للتدخل، وسيادة في كل تدخل عسكري من أجل حماية حقوق الإنسان مثل ضرورة استنفاد الوسائل السلمية لحل النزاع، ووجوب أن تكون الغاية من التدخل إنسانيةً بحتة بعيدة من المصالح السياسية للدول المتدخلة، علاوة على ضرورة الحصول على ترخيص من طرف مجلس الأمن يأذن بالتدخل العسكري الإنساني أو من طرف الجمعية العامة والمنظمات الإقليمية في حالة عجز المجلس عن ذلك، وأخيراً يجب أن تتناسب الانتهاكات التي وقعت في الدولة المتدخَّل فيها مع طبيعة الإجراءات المتخذة لوقف عمليات التطهير واسع النطاق أو ردع انتهاكات القانون الدولي الإنساني. لكن تبقى الحلول السياسية السلمية هي الوسيلة الفضلى لتجنب التدخلات العسكرية التي كشفت الممارسة الدولية عن استعمالها لتحقيق المصالح الذاتية للدول المتدخلة.

 

للمزيد من التوسع حول الموضوع اطلعوا على بعض الكتب الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية  الهيمنة الأمريكية على الأمم المتحدة ومستقبل الصراع الدولي دراسة في فلسفة السياسة

الديمقراطية في القانون الدولي: بين المشروعية والقوة

المصادر:

(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 425 في تموز/ يوليو 2014.

(**) خالد حساني: أستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة بجاية – الجزائر.

البريد الإلكتروني:   hassanikhaled@yahoo.fr

[1] مخلد إرخيص الطراونة، «مدى مشروعية التدخل لاعتبارات إنسانية بصورة أحادية في ضوء قواعد القانون الدولي،» المجلة القانونية والقضائية (مركز الدراسات القانونية والقضائية ـ الدوحة)، السنة 2، العدد 2 (2004)، ص 165.

[2] تنصّ المادة 2/4 من الميثاق على أنه: «يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضدّ سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأيّة دولة أو على أيّ وجه آخر لا يتّفق ومقاصد «الأمم المتحدة»».

[3] محمد مخادمة، «الحق في المساعدة الإنسانية،» أبحاث اليرموك (جامعة اليرموك)، السنة 13، العدد 2 (أ) (1997)، ص 226.

[4] حسام أحمد محمد هنداوي، التدخل الدولي الإنساني: دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء قواعد القانون الدولي (القاهرة: دار النهضة العربية، 1997)، ص 43.

[5] محمد ناصر بوغزالة، «التدخل الإنساني،» المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، العدد 3 (2011)، ص 213.

[6] فوزي أوصديق، مبدأ التدخل والسيادة لماذا؟ وكيف؟ (القاهرة: دار الكتاب الحديث، 1999)، ص 237.

[7] هنداوي، التدخل الدولي الإنساني: دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء قواعد القانون الدولي، ص 44 ـ 45.

[8] محمد يعقوب عبد الرحمن، التدخل الإنساني في العلاقات الدولية (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2004)، ص 22.

[9] شاهين علي الشاهين، «التدخل الدولي من أجل الإنسانية وإشكالاته،» مجلة الحقوق (جامعة الكويت)، العدد 4 (كانون الأول/ديسمبر 2004)، ص 262.

[10] هنداوي، التدخل الدولي الإنساني: دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء قواعد القانون الدولي، ص 48.

[11] بوغزالة، «التدخل الإنساني،» ص 214.

[12] الشاهين، «التدخل الدولي من أجل الإنسانية وإشكالاته،» ص 263.

[13] المصدر نفسه، ص 261.

[14] انظر نص المادة 4/2 من ميثاق الأمم المتحدة.

[15] الشاهين، المصدر نفسه، ص 261.

[16] تمّ تأكيد مبدأ عدم التدخل في إعلان عدم جواز التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الصادر بقرار الجمعية الرقم 2131 لعام 1965، إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية بين الأمم بقرار الجمعية العامة الرقم 2625 الصادر في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1970، وميثاق حقوق الدول وواجباتها الاقتصادية الصادر بقرار الجمعية العامة الرقم 3281 لعام 1974.

[17] إدريس بوكرا، «شرعية وسائل الضغط إثر انتهاكات حقوق الإنسان،» المجلة الجزائرية للعلوم القانونية، الاقتصادية والسياسية، العدد 2 (2002)، ص 43.

[18] عبد الرحمن، التدخل الإنساني في العلاقات الدولية، ص 98.

[19] Pablo Antonio Fernadez Sanchez, «La Violation grave des droits de l’homme comme une menace contre la paix,» Revue de Droit International, vol. 77, no. 1 (1999), p. 24.

[20] عبد الكريم علوان، «التدخل لاعتبارات إنسانية،» مجلة الحقوق (جامعة البحرين)، السنة 1، العدد 2 (تموز/يوليو 2004)، ص 328.

[21] انظر نصّي المادتين 55 و56 من ميثاق الأمم المتحدة.

[22] محمد خليل الموسى، استخدام القوة في القانون الدولي المعاصر (عّمان: دار وائل للنشر والتوزيع، 2004)، ص 35.

[23] المصدر نفسه، ص 36.

[24] عبد الرحمن، التدخل الإنساني في العلاقات الدولية، ص 104.

[25] باسيل يوسف باسيل، سيادة الدول في ضوء الحماية الدولية لحقوق الإنسان (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 2001)، ص 101.

[26] خالد حساني، «تدخل الأمم المتحدة في النزاعات الإثنية،» المجلة الأكاديمية للبحث القانوني (كلية الحقوق، جامعة عبد الرحمان ميرة ـ بجاية)، العدد 2 (2010)، ص 73 ـ 81.

[27] Yann Kerbrat, La Référence au chapitre VII de la charte des nations unies dans les résolutions à caractère humanitaire du Conseil de sécurité, Travaux et recherches Panthéon-Assas Paris II. Droit – économie – sciences socials (Paris: L.G.D.J/Montchrestien, 1995), p. 12.

[28] بطرس بطرس غالي، «الأمم المتحدة والمنازعات الدولية الجديدة،» المستقبل العربي، السنة 18، العدد 201 (تشرين الثاني/نوفمبر 1995)، ص 4.

[29] باسيل، سيادة الدول في ضوء الحماية الدولية لحقوق الإنسان، ص 113 ـ 114.

[30] مخادمة، «الحق في المساعدة الإنسانية،» ص 217.

[31] تنصّ المادة 2/7 من الميثاق على أنه «ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحلّ بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخلّ بتدابير القمع الواردة في الفصل السابع».

[32] هنداوي، التدخل الدولي الإنساني: دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء قواعد القانون الدولي، ص 189.

[33] محمد قدري سعيد، الرؤى والتوجهات العربية حول التدخل الإنساني في الدول العربية (دبي: مركز الخليج للأبحاث، 2005)، ص 105.

[34] بوغزالة، «التدخل الإنساني،» ص 218.

[35] انظر القرار الرقم 688 الصادر عم مجلس الأمن الدولي.

[36] علوان، «التدخل لاعتبارات إنسانية،» ص 237.

[37] الموسى، استخدام القوة في القانون الدولي المعاصر، ص 38.

[38] سمعان بطرس فرج الله، جدلية القوة والقانون في العلاقات الدولية المعاصرة (القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2008)، ص 341.

[39] بوغزالة، «التدخل الإنساني،» ص 222.

[40] المصدر نفسه، ص 223.

[41]  S/RES/794 (1992) du 3 Décembre 1992.

[42] الشاهين، «التدخل الدولي من أجل الإنسانية وإشكالاته،» ص 303.

[43] بوغزالة، «التدخل الإنساني،» ص 226.

[44] خالد أحمد عثمان، «مشروعية التدخل العسكري في ليبيا،» الاقتصادية (2 نيسان/أبريل 2011)، <http://www.aleqt.com/2011/04/02/article_521735.html

[45] انظر القرار 1970 الصادر بتاريخ 15 شباط/فبراير 2011.

[46] انظر القرار 1973 الصادر بتاريخ 17 آذار/مارس 2011.

[47] يترأس اللجنة المعنية بالتدخل وسيادة الدول (International Commission on Intervention and State Sovereignty) الأسترالي غاديث إيفانز والجزائري محمد سحنون.

[48] انظر: محمد عباس ناجي، «مسئولية الحماية: تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتدخل وسيادة الدول،» السياسة الدولية (1 تموز/يوليو 2002)،        <http://www.iciss-ciise.gc.ca>.

[49] انظر: المصدر نفسه، ص 24 ـ 30، وانظر أيضاً: وليد حسن فهمي، «الأمم المتحدة من التدخل الإنساني إلى مسؤولية الحماية،» السياسة الدولية، العدد 170 (تشرين الأول/أكتوبر 2007)، ص 36 ـ 37.

[50] Anne Peters, «Le Droit d’ingérence et le devoir d’ingérence: Vers une responsabilité de protéger,» dans: «Droits de l’homme: Souveraineté et Ingérence,» Revue Marocaine d’Administration Locale et de Développement, no. 37 (2002), p. 80.

[51] ناجي، المصدر نفسه، ص 31.

[52] فهمي، «الأمم المتحدة من التدخل الإنساني إلى مسؤولية الحماية،» ص 37.

[53] ناجي، المصدر نفسه، ص 42.

[54] فهمي، المصدر نفسه، ص 38.

[55] من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن في هذا الشأن نذكر:

ـ القرار 668 (20 أيلول/سبتمبر 1990)؛ القرار 745 (28 شباط/فبراير 1992)؛ القرار 783 (13 تشرين الأول/أكتوبر 1992)، والقرار 792 (30 تشرين الثاني/نوفمبر 1992) بشأن إيجاد حلّ للنزاع في كمبوديا من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

ـ القرار 747 (24 آذار/مارس 1992)؛ القرار 785 (30 تشرين الأول/أكتوبر 1992)؛ القرار 793 (30 تشرين الثاني/نوفمبر 1992) بشأن إجراء انتخابات حرّة ونزيهة في أنغولا.

ـ القرار 788 (19 تشرين الثاني/نوفمبر 1992) بشأن ضرورة التزام جميع أطراف النزاع في ليبيريا وجميع الجهات الأخرى المعنية بأحكام القانون الدولي الإنساني، وكذا تنظيم انتخابات حرّة ونزيهة لإيجاد حلّ سلمي للنزاع في هذا البلد، انظر: هنداوي، التدخل الدولي الإنساني: دراسة فقهية وتطبيقية في ضوء قواعد القانون الدولي، ص 162.

[56] نعيمة عميمر، دمقرطة منظمة الأمم المتحدة (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2007)، ص 44.

[57] فهمي، «الأمم المتحدة من التدخل الإنساني إلى مسؤولية الحماية،» ص 38.

[58] ناجي، «مسئولية الحماية: تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتدخل وسيادة الدول،» ص 35.

[59] جاريث إيفانز، محمد سحنون وديفيد ريف، مسؤولية الحماية وأزمة العمل الإنساني، دراسات عالمية؛ 54 (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 2004)، ص 14.

[60] انظر نص المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة.

[61] المواد من 39 إلى 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

[62] إيف ماسينغهام، «التدخل العسكري لأغراض إنسانية: هل تعزز عقيدة مسؤولية الحماية مشروعية استخدام القوة لأغراض إنسانية؟،» المجلة الدولية للصليب الأحمر، السنة 91، العدد 876 (كانون الأول/ديسمبر 2009)، ص 173.

[63] ناجي، «مسئولية الحماية: تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتدخل وسيادة الدول،» ص 56.

[64] المصدر نفسه، ص 57.

[65] إيفانز، سحنون وريف، مسؤولية الحماية وأزمة العمل الإنساني، ص 16.

[66] المصدر نفسه، ص 15.


خالد حساني

أستاذ بكلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة بجاية- الجزائر.

مقالات الكاتب
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز