المؤلف: ناصيف نصّار

مراجعة: قسم التوثيق والمعلومات في مركز دراسات الوحدة العربية

الطبعة: الثالثة

الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت

سنة النشر: 2018

عدد الصفحات: 447

 

هذا الكتاب – كما يأتي في تصديره – موجز في المبادئ العامة لظاهرة السلطة، يقدم فيه ناصيف نصار بناءه الفلسفي لموضوع السلطة متجاوزاً الدرس الخلدوني الذي تشبع منه، باعتماده مفهوماً معيارياً للسلطة، في مقابل مفهوم السيطرة، من دون خروج من عالم الإنسان الاجتماعي.

وهو يدخل في حوار نقدي مع تاريخ الفلسفة السياسية في الغرب من أفلاطون إلى رولز، واضعاً المادة التاريخية في خدمة بنائه النظري الأصيل. وفي ذلك ما يوضح أنه «إذا كان العقد الاجتماعي قد جاء استجابة لظروف اجتماعية وسياسية وثقافية كانت أوروبا تعيشها في القرن الثامن عشر ومهّد بالتالي لقيام الثورة الفرنسية، فإن منطق السلطة يأتي استجابة، على المستوى الفلسفي، لحاجة المجتمع العربي العميق إلى التحرر من أنظمة السيطرة والاستبداد؛ فالظروف التي يعيشها الوطن العربي ونماذج الدولة والحكم فيه، تحتاج فعلاً إلى عمل فلسفي بمستوى منطق السلطة، حتى يتحول العمل السياسي فيها نحو منطق مغاير للحكم الاستبدادي السائد يعيد للدولة الوطنية حقيقتها وللشعب إرادته وللمواطن حقوقه وواجباته. وهذه هي في نهاية غاية الديمقراطية في نهاية المطاف.

ينطلق المؤلف في تعريفه للسلطة فيقدمها بمعناها العام، بوصفها «الحق في الأمر. فهي تستلزم آمراً ومأموراً وأمراً، آمراً له الحق في إصدار أمر إلى المأمور، ومأموراً عليه واجب الطاعة للآمر وتنفيذ الأمر الموجه إليه.إنها إذاً، علاقة بين طرفين متراضيين، يعترف الأول منهما بأن ما يصدره من أمر إلى الطرف الثاني ليس واجباً عليه إلا لأنه صادر عن حق له فيه، ويعترف الثاني منهما بأن تنفيذه للأمر مبني على وجوب الطاعة عليه وحق الطرف الأول في إصدار الأمر إليه. فالمشكلة الأساسية الأولى في علاقة السلطة هي مشكلة الاعتراف بما تقوم به من حق وواجب عند طرفيها. فإذا كان الاعتراف تاماً ومتبادلاً، استقامت السلطة كعلاقة أمرية مشروعة. ولكن إذا تطرق الخلل إليه، من جهة الأمر أو من جهة المأمور أو من جهة الآمر نفسه، فإنها تتعرض للارتباك والتصدع والوهن، وقد تنتهي إلى انهيار».

وإذ يبحث المؤلف في مفهوم السلطة بمختلف أبعادها وتداخلاتها، ولا سيَّما السلطة السياسية، يتناول مصادر السلطة السياسية والتفاعل بين سلطة الحاكم وسلطة الدولة، وحدود السلطة السياسية وخدماتها، وتفاعلها مع السلطة الدينية، وكذلك مع سلطان الأيديولوجية. كما يبحث في التفاعل بين السلطة السياسية ومبدأ العدل، وكذلك التفاعل مع سلطة العقل. ويتوقف عند الصراع على السلطة، متناولاً السلطة من حيث هي قيمة وفعل تاريخي، أي فعل مشروط بالتاريخ وفعل بالتاريخ. فالناس يطلبون السلطة ويتصارعون من أجلها، وهم محكومون بظروف مختلفة، ليس فقط لتلبية حاجات ذاتية، بل أيضاً لتقرير مصيرهم في التاريخ.