تزايد الاهتمام بالمحتوى الرقمي على نحو مضطرد في الآونة الأخيرة، ولا سيّما مع مطلع القرن الحادي والعشرين، لكونه يمثّل أحد أبرز القضايا المرتبطة بالتنمية المستدامة بشقَّيها الاقتصادي والاجتماعي، ونتيجة انعكاساته الإيجابية المباشرة على نمط حياة الأفراد وعمل المؤسسات على حد سواء. وقد أدركت دول كثيرة في العالم مبكراً أهمية الانصهار في مجتمع المعلومات العالمي، فاستوعبت عبر سياساتها الوطنية وخططها الاستراتيجية شقَّي هذا المجتمع بالتتابع: البنية التحتية الرقمية، والمحتوى الرقمي؛ فأولت اهتمامها الأكبر لتطوير البنى التحتية الرقمية، من أجل تحقيق التنمية المستدامة، والمشاركة الفاعلة في النظام الاقتصادي العالمي الجديد القائم على المعرفة. في حين تخلف الوطن العربي عن هذا المسار، نظراً إلى التأخر العربي النسبي في ترجمة ذلك الإدراك ـ لديناميّات التحول في المجتمع الإنساني العالمي من اقتصاد صناعي إلى اقتصاد معرفة ـ إلى استراتيجية عربية تعنى بصناعة المحتوى الرقمي على وجه التحديد. لذا بات الوطن العربي اليوم في أمس الحاجة إلى الانخراط في تجربة رقمية شاملة تتسم بالجدّية والفاعلية في مجال صناعة المحتوى الرقمي العربية، ومحاولة استحداث آليات عمل بديلة ذات أبعاد غير تقليدية بعيداً من الحلول المستهلَكة. يسلِّط هذا الكتاب الضوء على جوانب الواقع الحالي لصناعة المحتوى الرقمي العربية، ويقترح آليات لتحسينه، من خلال صوغ نموذج لاستراتيجية عربية تفصيلية تدعى «إي ـ عرب» (e-Arab) ، لا تقف عند حدود السياسات العامة أو المبادرات المنفصلة.
إضافة مراجعة
يجب عليك تسجيل الدخول لنشر مراجعة.