يُجمع المتابعون للعلاقات الأمريكية – السعودية – في أغلبيتهم – على أن اكتشاف النفط في السعودية أواخر ثلاثينيات القرن الماضي وضعت المملكة في مرتبة الحليف الحيوي للولايات المتحدة الباحثة عن تأمين مصادر الطاقة. ولعل «اتفاق كوينسي» الناجم عن اللقاء التاريخي بين الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ومؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود على متن الطراد «يو إس إس كوينسي» عام 1945 أسس للشراكة بين البلدين.
وأهم ما جاء في هذا الاتفاق اعتبار الولايات المتحدة استقرار المملكة جزءاً من المصالح الحيوية للولايات المتحدة التي تقدم الحماية اللامشروطة إلى أسرة آل سعود الحاكمة، مقابل ضمان السعودية إمدادات الطاقة التي تستحقها الولايات المتحدة. وقد استمرت العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة تستند إلى «اتفاق كوينسي»، وعلى أساس المصالح الاقتصادية بين البلدين.

لكن العلاقات بين البلدين بقيت متأثرة بتطورات القضية الفلسطينية والدور الأمريكي في المنطقة، إذ رفضت السعودية الدعم الأمريكي المتواصل لإسرائيل على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، كما رفضت الرياض أي توجه أمريكي للانتقاص من دورها الإقليمي في المنطقة. ولا يزال الغموض يتمحور حول بعض الاتهامات الأمريكية للسعودية بالتورط في هجمات «11 سبتمبر» 2001 التي عرقلت سير العلاقات بين البلدين.

هذا جزء مما يتناوله هذا الكتاب، مستنداً إلى وثائق سرية، ومذكرات من قبل السعوديين والأمريكيين، لعرض تفاصيل العلاقات السعودية – الأمريكية والتحديات التي تواجهها وحرص قيادات البلدين على الدوام على تجاوز الخلافات المؤثرة في العلاقات والمصالح الاستراتيجية التي تربطهما منذ «اتفاق كوينسي».