مقدمة:

تأتي دراستنا حول «علم الكلام الإسلامي في دراسات المُستشرقين الألمان» لِمَا حققته الدراسات الكلامية من تقدمٍ كبير تمثِّل الأعمال المتعددة والمتنوعة للباحثين من المُستشرقين الألمان – بخاصة – خير شاهدٍ عليه، وهو أمر يعود إلى نشر المؤلَّفات الكلامية ولا سيَّما ما يتعلَّق منها بتراث المعتزلة وتراث الإسماعيلية الفلسفي والديني وغيرهما من الفِرَق الإسلامية. وإنَّ الإلمام بما كُتِبَ في هذا الشأن يحتاج إلى عملٍ ببليوغرافي مُطَّرِد، وحسبنا أن نُشير في أثناء دراستنا هذه إلى أهمِّ الأعمال واتجاهاتها.

لقد اتجهت أعمال المُستشرقين إلى التعرف إلى علم الكلام في مضمونهِ الذاتي وقرائنهِ التاريخية والحضارية وإلى مَعالِم المذاهب الكلاميَّة للفِرَق الإسلامية مثل المعتزلة والأشاعرة والإسماعيلية والإمامية والإباضية من الخوارج.. واتجه الاهتمام كذلك إلى دراسةِ كُبريات القضايا الكلاميَّة مثل البحث في الصفاتِ الإلهية، وفي نظرية التكليف، وفي منزلةِ العقل عند المُتكلِّمين. واهتمت بعض الدراسات بالتعرف إلى أهمِّ الأعلام من المُتكلِّمين من مختلف المذاهب. واتجه الاهتمام إلى الكشف عن المؤثرات الثقافية في أنساق المُتكلِّمين؛ فاهتم بعض الباحثين بالنظر في علاقة المُتكلِّمين ببعض الأحداث التاريخية المهمَّة في تاريخ الإسلام السياسي والديني والاجتماعي، كالباحث يوسف فان أس (Josef van Ess).

إنَّ تقدم البحث في هذه الاتجاهات هو الذي دفع المُستشرقين بعامة، والألمان منهم بخاصة إلى مزيدٍ من التخصص في القضايا الكلاميَّة، وتعميق فهم الأنساق النظرية التي يصدر عنها المُتكلِّمون، والإلمام بمختلف المؤثرات التي كيَّفت علم الكلام ولا سيَّما في ما يتصل بالمرحلة المُبكِّرة من تاريخهِ. ولقد مكَّنت مُجمل هذه الدراسات من التعرف إلى معالم المذاهب الكلاميَّة للفِرَق والمُتكلِّمين، ومن التقدم في الإحاطة بأهمِّ القضايا الكلاميَّة وأُسسها النظرية، ومكَّنت من تزايد الإلمام بمختلف المؤثرات التي أسهمت في نشأةِ المقالات وتطوُّرها.

والواضح من هذه المُعطيات أنَّ الدراسات الكلاميَّة تجاوزت مرحلة التأريخ العام الذي يغلب عليه الاهتمام بالتعرف إلى مراحل التأليف الكبرى في هذا الباب وتَبَيُّن أهم الاتجاهات والمدارس، واتجهت تدريجاً إلى تجذير الاختصاص وتعميقه.

إنَّ اختيار موضوع الاستشراق الألماني وأثره في دراسة علم الكلام الإسلامي يستجيب لهذا الاتجاه نحو الاختصاص، الأمر الذي تطلَّب منا اهتماماً حول التركيز على أحد أبرز القضايا المحورية في علم الكلام – النشأة وعوامل التطور – بقصد تعميق فهم مسائلها وأسسها النظرية وأبعادها. محاولين اتباع المنهج التحليلي – المقارن في البحث عن خطِّ تطور المذاهب والفِرَق بهدف تحليل المذاهب والآراء – من طريق كتابات المُستشرقين الألمان – وردِّها إلى أصولها الخارجية أو الذاتية من جانب، ودراسة تطور البحث الاستشراقي في الظاهرة الدينيَّة في مجال العلوم الإنسانية المتنوعة من جانبٍ آخر.

أولاً: مناهج المُستشرقين الألمان في دراسة علم الكلام

سنحاول في هذا الموضوع أن نُسلِّط الضوء على أبرز ملامح المناهج العلمية التي اتبعها المُستشرقون في دراستهم الدين الإسلامي بصورةٍ عامة ومفردة علم الكلام منه بصورةٍ خاصة، لِمَا لهذهِ المناهج من أهميةٍ في تقرير النتائج النهائية التي توصل إليها الباحثون في الدين الإسلامي من المُستشرقين.

تختلف توجهات المُستشرقين الألمان وخلفياتهم باختلاف انتماءاتهم وقناعاتهم ومدارسهم الفكرية، وكذا باختلاف أهداف وممولي هذه البحوث والدراسات. وذلك يظهر بصورة أكثر وضوحاً، في مجالات الدراسات التاريخية والاستشراق بعامة. وغالباً ما كان للتكوين الفكري والمُحيط التربوي أثر أساس في اعتماد مناهج وظهور مدارس استشراقية – ضمن المدرسة الألمانية – حديثة ومعاصرة جديدة.

ومن ما يتعلَّق بالمناهج هو افتقارها إلى أهمِّ عناصر البحث في الدراسات الإسلامية، منها: الإيمان بالله، واحترام المصدر الغيبي في الإسلام؛ واعتماد موقف موضوعي خالٍ من الأحكام المُسبقة‏[1]. ومناهج معظم المُستشرقين خالية من ذلك، فضـلاً عن عدم مناسبة تطبيقها على الدين الإسلامي. فمثـلاً المنهج التاريخي (Historical Approach) الذي يمثل جمع وقائع تاريخية أو اجتماعية وتبويبها وترتيبها، ثمَّ الإخبار عنها، والتعريف بها بوصفها الظاهرة الفكرية ذاتها‏[2]، هذا المنهج استعمل في أوروبا لدراسة النصرانية كونها نشأت في بيئةٍ دينيَّةٍ تأثرت بالمؤثرات الخارجية التي طرأت عليها. فكان هذا المنهج يُتيح للباحث الكشف عن العناصر الأساسية التي ساعدت على تكوين النصرانية الأولى، لكن عندما يطبق هذا المنهج على الدين الإسلامي الذي هو في حقيقته ليس وقائع تاريخية، بل هو عقيدة وشريعة ربانية بعيدة كلَّ البُعد من العناصر المادية التي طرأت على الديانات الأخرى، فإذا طُبِّق هذا المنهج الذي يعتمد الوقائع التاريخية وجمعها على موضوعاتٍ ليست تاريخية ظهرت النتائج الخاطئة بسبب تطبيق هذا المنهج‏[3].

فالمنهج المسيحي الراديكالي، منهج اعتمد الإسقاط المادي، لأنَّه ينتقد دائماً الإسلام ويُشوِّه حضارة المسلمين، أمثال المُستشرق إبراهام غايغر (Abraham Geiger) (1810 – 1874)‏[4] ويوليوس فلهاوزن (Julius Wellhausen) (1876 – 1933)‏[5]. وهذا المنهج، ينطلق من المسيحية أساساً لتقويم مختلف البحوث والدراسات الاستشراقية.

أمَّا المنهج المحافظ الأكاديمي بريادة المُستشرق الألماني المعاصر المعروف أودو شتاينباخ (Udo Steinbach) (مولود عام 1943) مدير المعهد الشرقي في مدينة هامبورغ‏[6]، الذي يُعد حالياً أشهر مدرسة استشراقية في ألمانيا‏[7]؛ الذي يُصنَّف ضمن هذهِ المدرسة الأكاديمية المحافظة. وممن اتبع هذا المنهج كذلك، المُستشرق الألماني الكبير ثيودور نولدكه (Theodor Nöldeke) (1836 – 1930)‏[8]، ومارتن فورستنر (Martin Forstner) (مولود عام 1940)‏[9]، وهارتموت بوبزين (Hartmut Bobzin) (مولود عام 1946)‏[10]. وهي لا تتبنَّى المبادئ المسيحية أساساً للدراسات الاستشراقية، كما هو في المدرسة السابقة.

أمَّا المنهج العلماني السياسي، فيُمثله أساساً المُستشرق سيمون ديريغ (Simon Dierig) أستاذ العلوم الإسلامية في كلِّية الفلسفة بجامعة هايدلبرغ؛ وتيلمان ناغل (Tilman Nagel) (مولود عام 1942)، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة غوتنغن؛ وهانز دايبر (Hans Daiber) (مولود عام 1942)، مدير المركز الشرقي بجامعة فرانكفورت‏[11]. ويُسمِّي بعض الباحثين هذهِ المدرسة «مدرسة المنهج الفيلولوجي» (Lehrplan Philologischen)، لاعتمادها الدراسات الأدبية واللغوية. تعتمد هذه المدرسة تفسير كثيرٍ من القضايا الفكرية والحضارية للمسلمين على أساسٍ سياسي، غير معتمدة الدين عامـلاً مُحدِّداً للحضارة الإسلامية‏[12].

المنهج الرابع هو «المنهج الحواري الاجتماعي»، الذي يعتمد إلى حدٍّ بعيد على الفكر السوسيولوجي الليبرالي أساساً لبحوثهِ ودراساتهِ. فهو منهج يربط نشأة المعتقدات وتكوينها بالمجتمع، وهو منهج مادي يرتبط بالمشاهدات والوقائع، وقد طُبِّق هذا المنهج على دراسة الأديان الوثنيَّة في أفريقيا وعلى دراسة اليهودية والنصرانية، وهو وإن صحَّ تطبيقه عليهم، إلا أنَّه لا يصح تطبيقه على الإسلام الذي لم يُحرَّف ولم يتغير أو يتأثر بغيره، بل الإسلام بمصادره الأصيلة قد حُفِظ، فالقرآن الكريم قد عهد الله بحفظهِ لنفسهِ، فقال: ﴿إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾‏[13].

وكذلك الأمر في السُنَّة النبوية الصحيحة، إذ حافظ عليها علماء المسلمين، وهذا الحِفظ لم يوجد في اليهودية والنصرانية، لذا تأثرت هذهِ الديانات بالبيئة وظروفها التي أبعدت عنها صفة الربَّانية، فإذا طُبِّق هذا المنهج عليها يكون مقبولاً، أمَّا الإسلام فصفة الربَّانية مُلازمة له، ثمَّ لا يصح تطبيق هذا المنهج عليه‏[14].

هنا تندرج مجموعة كبيرة من الباحثين والدارسين المعاصرين الذين يعتمدون أسلوب الحوار الميداني، ومن هؤلاء باحث كولونيا المعروف ماركو شولَّر (Marco Schüller) (مولود عام 1968)؛ وتيلمان ناغل (Tilman Nagel) (مولود عام 1942)؛ والكاتب والباحث المعروف بيتر شول – لاتور (Peter Scholl-Latour) (1924 – 2014)، الذي قضى نحو أربعين سنة من عمرهِ متجولاً في مختلف بلدان العالم الإسلامي‏[15]، ولمنهج هذا المُستشرق أهمية خاصة في البحث الألماني حول الدين الإسلامي ومُعتنقيه، إذ نجد أنَّ منهجه يعتمد عدَّة ركائز، أهمها: تصحيح النظرة الغربية للإسلام؛ وإبراز قواعد القوة في الدين الإسلامي؛ ودراسة أُسس بناء الحضارة الإسلامية؛ واستعمال المنبر الإعلامي لنشر البحوث والدراسات المتعلِّقة بهذا الشأن؛ واستعمال منهج الحوار الميداني، أي الدراسة الميدانية للعالم الإسلامي. وهذا الاتجاه، اعتمد النظرة الموضوعية والنقدية للرؤية الغربية للفكر العربي والإسلامي، إذ نجد أنَّ بيتر شول – لاتور وفي كثيرٍ من كتاباتهِ وأبحاثه ينتقد الدراسات الغربية عن الإسلام والتراث الفكري والحضاري للمسلمين، ويُشير إلى ضعف المسيحيَّة وانهيار الحضارة الغربية أخلاقياً وروحياً، مقابل قوة الإسلام الروحية على الرغم من بعض آرائهِ المردودة في ما يتعلَّق بانتشار الإسلام في العالم. وجنى شول – لاتور لآرائهِ الجريئة هذهِ، كثيراً من النقد من الجانبين الإسلامي والغربي‏[16].

كذلك لا يصح استعمال منهج «الشك الديكارتي»‏[17] في تفسير الإسلام ومبادئه، مثل ظاهرة النبوَّة والوحي، كونه يتطلب أن يتجرَّد المرء من المبادئ والمعتقدات ويلغيها جميعها، ثمَّ تخضع هذه العقائد للمنهج الشكِّي في انتظار تقرير مقدار صحَّتها على وفق ما تُسفر عنه هذه الدراسة‏[18]. فإذا تركنا منهج «الشك الديكارتي» واتجهنا إلى منهج «الأثر والتأثر» لوجدنا أنَّ المُستشرقين استعملوه بطريقةٍ مبتسرة بحيث فسَّروا الوحي الإلهي، والفلسفة الإسلامية، والفقه الإسلامي والسُنَّة النبوية بأنَّها مُستمدَّة من عوامل خارجية مارست عليها قواعد الأثر والتأثر فعلها، وكأنَّ هذه الحضارة مجتمعةً نابعة من تطبيق هذا المنهج الذي ينفي كلَّ أصالةٍ للدين الإسلامي. ذلك أنَّ هذا المنهج يقضي على الأفكار الإسلامية قضاءً مبرماً، ويُرجعها إلى مصادر ثقافية خارجية، وإصدار هذا الحكم التعسفي كلَّما وُجِدَ اتصال بين الحضارة الإسلامية والحضارات الأخرى، وكلَّما وُجِدَ تشابه بينها وبين الأفكار الإنسانية الأخرى مهما كان هذا التشابه كاذباً وغير حقيقي. فالمُستشرقون عندما يطبقون منهج «الأثر والتأثر» على التصوف فإنَّهم يُرجعونه إلى أصولٍ خارجية كالعنصر الإيراني أو الهندي لوجود عناصر متشابهة بين التصوف الإسلامي والتصوف الفارسي، ولا يؤمنون البتَّه بأنَّ التصوف الإسلامي مصدره الدين نفسه ولم يتأثر بعوامل خارجية ما دام هناك تشابه بينه وبين مظاهر التصوف في أصقاعٍ أخرى كفارس والهند‏[19].

وإذا دَرَس المُستشرق علم أصول الدين (علم الكلام) قال إنَّه خَضَع لمنهج الأثر والتأثر بدليل أنَّ الأحوال الثلاثة، وهي العِلم والقُدرة والحياة، عند أبي هاشم الصوفي‏[20] لا تبتعد من الأقانيم الثلاثة في الديانة المسيحيَّة. ولا يقتنع مهما حاولنا البرهنة عليه بأن هذا العلم قد نشأ في مدةٍ مبكِّرة سبقت عصر الترجمة، وأنَّه في حقيقة أمرهِ أول محاولة للتعبير عن النصوص وفهمها فهماً عقلياً خالصاً، ثمَّ تحويلها بعدئذٍ إلى معانٍ‏[21].

أمَّا في ما يتعلَّق بالمُستشرق، يخلق تأثره بالبيئة التي تربَّى فيها عائقاً واضحاً في دراستهِ الإسلام، فهو إمَّا متأثر بديانته وثقافته الفكرية التي يصعب أن يتجاوزها، وأن يكون موضوعياً في بحثهِ تجاه دين لا يؤمن بهِ وعقيدة يُنكرها. من هنا نجد المنهج الإسقاطي عند المُستشرقين، وهو منهج غير علمي يخضع فيه الباحث لهواه ولآثار بيئته وثقافته فلا يبحث إلّا بما يوافق النتيجة التي يحاول الوصول إليها؛ وهو إمَّا أن يكون متأثراً بالفكر الأوروبي المادي‏[22]، آخذاً منه مناهجه وطرائقه، ومن ذلك رفض كلّ قديمٍ وعدم اعتماده، ولا سيَّما بعدما عانته أوروبا مدةً من الزمن من الجانب الدِّيني والفكري والثقافي. من هنا رفض معظم المُستشرقين كلَّ مصدر سابق للمعرفة باسم الوحي أو الدين، واستبدل ذلك كلَّه بالإيمان المُطلق بالعقل البشري وقدرته التي لا حدود لها. فأصبحوا يعتمدون الدراسات العلمية المُجرَّدة لتفسير الظواهر والأفكار الإنسانية، وإخضاع هذه الدراسات الإنسانية لمناهج العلوم التجريبية، وهذه المناهج لا تؤدي بطبيعة الحال إلى نتائج صحيحة عند تطبيقها على الدراسات الإسلامية التي يمثل الجانب الروحي والإيماني بالغيب جزءاً مهماً فيها‏[23].

ومن المُرجَّح أنَّ الفكر الإسلامي قد نشأ وترعرع وتطور من اقتحامه عدَّة مجالاتٍ وآفاقٍ جديدة. منها التصوف والفلسفة، وعلم الكلام وسائر المؤثرات الفكرية الأخرى النابعة من الاتجاهات المذهبية والحزبية والسياسية المُعبِّرة عن الانقسامات السياسية، ولكن هذا الفكر الإسلامي قد شكَّل نفسه تشكيـلاً متميزاً مستقـلاً أصبحت له خصائص محددة تختلف جذرياً عن العوامل الخارجية التي احتك بها. فإذا جاء هؤلاء المستشرقون، وقصروا أنفسهم على تفسير الإسلام على قطاعٍ معين من فكره، أو طبقوا منهجاً معيناً لتحليله واستقرائه، أو اقتصروا على مرحلةٍ معينة من تطور هذا الفكر قبل اكتماله في صورته النهائية، فإنَّهم يرتكبون بذلك خطأً علمياً كبيراً عندما طبقوا على فهمه تلك المناهج العلمية التي أشرنا إليها‏[24].

تتميَّز مناهج البحث في العلوم الإسلامية بخصائص معينة، على الباحث اتباعها، والأخذ في ما جاءت به حتَّى تكون نتائجه العلمية صحيحة ومتفقة والأفكار الإسلامية، وهي مناهج تختلف كثيراً عن مناهج المُستشرقين التي طبقوها على الدراسات الإسلامية. ونحن حينما نطلع على كتابات علماء الكلام المسلمين في القرون الإسلامية الأولى نجد أنَّ المستوى الرفيع الذي حصّله هؤلاء «المُتكلِّمون» في ضبط المناهج العقلية والأخذ بالقويم من الأدلة المنطقية يفوق المستوى الذي بلغه من يقوم من المُستشرقين اليوم بالتصدي لدراسة المذاهب الفكرية الإسلامية، ويفوق مستوى من يتولَّى من مفكِّري العرب المعاصرين مهمة تجديد التنظير لمناهج البحث في الإنتاج الإسلامي؛ إذ استوعب المُتكلِّمون استيعاباً منهجياً كامـلاً مختلف أسباب عصرهم العلمية والتاريخية من وسائل نظرية وأوضاعٍ ظرفية، بينما لا نجد مثل هذا الاستيعاب المُنسَّق لوسائل العصر العلمية والمعطيات التاريخية في ما أُنجِزَ من الدراسات المعاصرة التي تحاول تطوير الفكر الإسلامي. كذلك فإنَّ المُتكلِّمين قد انتهجوا في أبحاثهم طرقاً استدلالية تمتاز بالتجريد والدقة، واتبعوا في تحليلاتهم أساليب تمتاز بالطرافة والعمق، بينما لا تستقيم للكتابات المعاصرة عن التراث مثل هذه القدرة على ممارسة مناهج التفكير المنطقي. إنَّ هذا الامتياز المنهجي والمنطقي لـ «علم الكلام» يجعل الطعن فيه جملةً وتفصيـلاً من لدن خصومه، من العرب والمُستشرقين، منطوياً على غلوٍّ وحيفٍ كبير، فضـلاً عمَّا يقع فيه من أخطاءٍ منهجية‏[25].

 

ثانياً: أهم بحوث المستشرقين ودراساتهم في علم الكلام الإسلامي

كتب الكثير من المُستشرقين عن علم الكلام الإسلامي، بل لا يكاد يخلو كتاب من كتبهم عن الدين الإسلامي إلّا وكتبوا فيه عن هذا العلم بوصفه علماً أساسياً في الإسلام يُقابله عندهم «علم اللاهوت»‏[26].

ولم تقتصر أعمال المُستشرقين على التأليف والكتابة، إذ تنوعت إلى عددٍ من الأشكال منها التدريس الجامعي، الذي لا تكاد تخلو جامعة منه، بل قد يوجد في بعض الجامعات الغربية تخصصات متنوعة تُعنى بالدراسات الإسلامية، منها ما يتناول دراسة اللغة العربية؛ ومنها ما يختص بدراسة تاريخ الإسلام وحضارته؛ تمد هذه الجامعات مكتباتٍ مليئة بالمصادر والمراجع العربية والإسلامية، إذ تقوم هذه الجامعات بتأهيل الدارسين ليواصلوا العمل في المجال الاستشراقي، هذا فضـلاً عن جمعهم المخطوطات والمحافظة عليها وصيانتها من التلف، وفهرستها فهرسةً علمية.

ولعلَّ من أبرز أعمال فهرسة المخطوطات التي قام بها المُستشرقون، هو العمل الكبير الذي أنجزه المُستشرق الألماني فيلهيلم آلفارت (Wilhelm Theodor Ahlwardt) (1828 – 1909) من وضع فهرس للمخطوطات العربية في مكتبة برلين في عشرةِ مجلَّدات، خلال الحقبة 1863 – 1899، وقد اشتمل على فهرسةِ نحو عشرة آلاف مخطوط‏[27].

أمَّا بالنسبة إلى اهتمام المُستشرقين بعلم الكلام الإسلامي، فسنحاول هنا أن نستعرض أبرز النِتاجات العلمية وأهمها التي تناولت هذا العلم بالبحث والدراسة.

كتب المُستشرق الألماني ماركس يوسف مُلَّر (Marcus Joseph Müller) (1809 – 1874م)، كتاباً عن الفلسفة والكلام عند ابن رشد (Philosophie und Theologie von Averroes)، مع تحقيق رسالتين لابن رشد (ت595هـ/1199م) هما: فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من اتصال وكشف مناهج الأدلة عن عقائد المِلَّة‏[28].

ومن المُستشرقين من عُني عنايةً خاصة بعلم الكلام الإسلامي، كالألماني أوتو برتسل (Otto Pretzl) (1893 – 1941)، الذي بدأ دراسته في علم الكلام الإسلامي ببحثٍ عن مذهب الذرَّة عند المتكلِّمين، واعتمد في ذلك كتاب مقالات الإسلاميين للأشعري. وقد انتهى إلى أنَّ القول بتأثير الفلسفة الإسلامية في المرحلةِ الأولى من علم الكلام قولٌ مبالغ فيه، وإنَّه يجب إعادة النظر في تاريخ علم الكلام قبل الأشعري، وكانت آخر أبحاثه عن صفات الله عند المتكلِّمين الأوائل (Die Frühislamische Attributenlehre) ‏[29].

واهتم المُستشرق الألماني يوسف شاخت (Joseph Schacht) (1902 – 1969) بعلم الكلام الإسلامي، إذ كانت له دراسة مهمة في هذا الموضوع، تحت عنوان: مصادر جديدة تتعلَّق بتاريخ علم الكلام الإسلامي ‏[30].

ولعلَّ من أبرز المُستشرقين الألمان الذين اهتموا بعلم الكلام والفِرَق الإسلامية، رودولف اشتروطمن (Rudolf Strothmann) (1877 – 1960م)‏[31]. فكان من أهم نتاجاته العلمية في هذا المجال كتاب العبادات في مذهب الزيدية (Kultus der Zaiditen) ؛ وكتاب القانون الدستوري لدى الزيدية (Das Staatsrecht der Zaiditen)؛ ودراسته الموسومة بـ: «فقه الإسماعيلية»‏[32]؛ ودراسته «علم العقائد الإسلامية وكتاب مقالات الإسلاميين للأشعري»‏[33]. هذا فضـلاً عن عددٍ من بحوثه ودراساته، التي تناول في مُجملها الفِرَق الإسلامية وما تميَّزت بهِ من فلسفةٍ عَقَدية‏[34].

كذلك فقد كان للمُستشرق الألماني هلموت ريتر (Hellmut Ritter) (1892 – 1971) الأثر البارز في تحقيق المخطوطات العربية والإسلامية التي تُعنى بعلم الكلام الإسلامي. هذا المُستشرق الذي عُيِّن في سنة 1927 مديراً للفرع الذي أنشأته الجمعية الشرقية الألمانية في إسطنبول. واستمر في هذا العمل حتَّى عام 1949. ولما كانت المهمة الرئيسة لفرع الجمعية الشرقية الألمانية في إسطنبول هي تحقيق المخطوطات العربية والفارسية والتركية ونشرها، فقد أشرف هلموت ريتر على مجموعةٍ ممتازة من المخطوطات المُحقَّقة تحقيقاً علمياً دقيقاً. وهو نفسه قد حقَّق وأصدر في هذهِ السلسلة عدداً كبيراً من المخطوطات، فكان منها ما يتعلَّق بموضوع علم الكلام، وهي: مقالات الإسلاميين واختلاف المُصلِّين لأبي الحسن الأشعري؛ فرق الشيعة للحسن بن موسى النوبختي؛ كما قام بترجمة كتاب الحارث المُحاسبي الموسوم بـ: كتاب من أناب إلى اللهِ تعالى. فضـلاً عن عشرات البحوث والدراسات التي تناول فيها رموز الكلام الإسلامي وعلمائه‏[35].

كذلك نجد أنَّ المُستشرق الألماني هانز هاينرش شيدر (Hans Heinrich Schaeder) (1896 – 1957) يُخصص جانباً من نشاطه العلمي في دراسة التصوُّف الإسلامي. فكتب ثلاث مقالات في مجلَّة الآداب الشرقية، هي: «رسائل ابن عربي الصغرى؛ «في تأويل التصوف الإسلامي»؛ أسطورة مؤسِّس الطريقة البكتاش ‏[36].

وللمُستشرق الألماني ماكس هورتن (Max Horten) (1874 – 1945) كذلك إسهاماته الجليلة في دراسة علم الكلام الإسلامي، إذ نجد أنَّ من أبرز نتاجاته العلمية في هذا المجال: كتاب المشاكل الفلسفية في علم الكلام النظري في الإسلام‏[37]؛ وكتاب المذاهب الفلسفية للمتكلمين النظريين في الإسلام‏[38]؛ وكتاب علم الكلام النظري والوضعي في الإسلام.. بحسب الرازي (ت1209م) ونقده عند الطوسي (ت1273م)‏[39].

ويُعد المُستشرق شلومو بينيس (Shlomo Pines) (1908 – 1990) من المهتمين بعلم الكلام الإسلامي، فكان من أهم مؤلَّفاته: كتاب المساهمات الإسلامية في النظرية الذرية، الذي تناول فيه علم الكلام لدى المسلمين وتأثره بالنظريات اليونانية والهندية‏[40]. فضـلاً عن عددٍ من الأبحاث التي تناول فيها مختلف الموضوعات العقائدية والكلاميَّة في الفكر الإسلامي‏[41].

ويُعد المُستشرق الألماني ولفريد مادلونغ (Wilferd Ferdinand Madelung) (مولود عام 1930) من أبرز المختصين المعاصرين بعلم الكلام الإسلامي، إذ جاءت مؤلَّفاته المتعددة لتناول هذا الاختصاص من عدَّة جوانب. ومن أبرز ما كتب في هذا المجال، كتاب المدارس والطوائف الدينيَّة في إسلام القرون الوسطى‏[42]؛ كتاب نصوص عربية تتعلَّق بتاريخ الأئمة الزيديين لطبرستان‏[43]؛ وكتاب الحركات الدِّينيَّة والإثنيَّة في إسلام القرون الوسطى‏[44] وكتاب الهرطقة الإسماعيلية‏[45].

وأخيراً، فقد كان – ولا يزال – للمُستشرق الكبير يوسف فان أس (Josef van Ess) (مولود عام 1934) الأثر الأعمق في تطور دراسة علم الكلام والعقائد الإسلامية في المدرسة الألمانية إلى مراحل متقدمة جداً. متوجاً جهوده العلمية الواسعة بوضع موسوعته المهمة ذات الستة مُجلَّدات التي تحمل عنوان: علم الكلام والمجتمع في القرنين الثاني والثالث للهجرة.. تاريخ الفكر الديني في الإسلام المبكِّر. هذه الدراسة التي ظهرت بين عامي 1991م و1997م، والتي تُعد مرجعاً لا يُستغنى عنه لكلِّ أولئك المهتمين بدراسة التاريخ الفكري والديني للإسلام المُبكِّر.

ثالثاً: علم الكلام الإسلامي في الجامعات الأوروبية.. دراسة مقارنة

يُناقش عدد من الجامعات الحكومية الأوروبية حالياً إمكان تقديم مناهج دراسية في علم الكلام الإسلامي بهدف تثقيف الأساتذة الأوروبيين وخلق جيل جديد متخصِّص في مجالِ العقائد الإسلامية‏[46].

تقدم هذهِ الدراسة تحليـلاً لمناقشة وجهات نظر ثلاث جامعات مختلفة في هولندا والدنمارك وألمانيا حول تأييدها أو رفضها تدريس علم الكلام الإسلامي بوصفهِ جزءاً قانونياً من النظام الجامعي. فما الحدود المنطقية – الموضوعية للجامعة العلمانية في تضمين أو استثناء مواضيع محددة وما كيفية ارتباط تلك الحدود بمجال البلدان المعنية القانوني والسياسي؟

كما تُحاول هذه الدراسة بيان أنَّ النظريات المُحدَّدة التي يُسلِّم بها الدين الإسلامي جدلاً ترتبط على نحوٍ وثيق بالكيفية التي يُفسِّر بها فئتي «الدين» و«العلم»، وبذلك يكون الدين الإسلامي علامة حدودية فارقة مثيرة للاهتمام في الجامعات الأوروبية‏[47].

يقدم عدد من الجامعات الأوروبية – الخاصة منها والعامة – مقرراتٍ دراسية في علم الكلام الإسلامي، في التخصصات مثل: الفقه (القانون الإسلامي)، الحديث النبوي، العقائد، والتفسير، إذ تستعمل المؤسَّسات الأكاديمية في أوروبا مصطلح علم الكلام الإسلامي (Islamic Theology) بصورةٍ رئيسةٍ بوصفهِ مكافئاً للمفهوم في السياق المسيحي، ويغطي مساحة واسعة من التخصصات، في مقابل المفهوم الضيِّق لمصطلح الكلام (kalâm) . فضـلاً على ذلك، فإنَّه عادةً ما تُدرَّس هذهِ المُقررات من منظور «الداخل» وعدم وضعها ضمن أقسام الدراسات الدِّينيَّة بل ضمن كلِّيات اللاهوت. هذا هو الحال في هولندا (الجامعة الحرة في أمستردام)، ألمانيا (جامعات إيرلانغن – نورمبرغ (Erlangen–Nuremberg)، فرانكفورت، مونستر (Münster) وأوسنابروك (Osnabrück)، النمسا (IRPA) والبوسنة (جامعة سراييفو)، إذ يكون مجال المقررات الدراسية في كثيرٍ من الأحيان موجَّهاً نحو إعداد الطلّاَب للتخصص في مجال المجتمعات والعقائد الإسلامية‏[48].

1 – جامعة كوبنهاغن: موقف سلبي

كان موضوع إيجاد مُقرَّر أكاديمي لإعداد باحثين متخصصين في الدراسات الإسلامية في الدنمارك مثار جدل لعدَّة سنواتٍ، فكان مؤتمر كوبنهاغن الذي عُقد في تشرين الثاني/نوفمبر، المناسبة التي قدَّم فيها ممثلو الجامعات آراءهم حول الموضوع في محفلٍ عام بحضور الصحافة والسياسيين. وهذا يعني أنَّه على الرغم من أنَّ الموضوع والمناقشات المرجعية ربما لا تكون ممثِلاً للجامعة على هذا النحو، فإنَّها تُشكِّل إسهاماً مهماً في إنتاج الخطاب الجاري حول الموضوع‏[49].

وقدمت الأحزاب السياسية في عدَّة مناسباتٍ اقتراحاتٍ لتأسيس تعليم جامعي كان آخرها في 14 آذار/مارس 2006. وكان رد فعل الحكومة الدنماركية حتَّى الآن أنَّ الجامعات ينبغي أن تطور المقررات التي تراها مناسبة، وهذا إجراء متَّبع في التعليم الجامعي‏[50].

وقد قدَّم عضوان من كلِّيتين في الجامعة أوراقهما البحثية: أحدهم من كلِّية اللاهوت‏[51] والآخر من الكلِّية الإنسانية‏[52]. اختير هذان المُناقشان لأنَّهما يمثلان أقساماً يمكن إدخال مثل هذا المُقرَر فيها. دافع كل منهما عن رفضهِ لوجود الدراسات الدِّينيَّة الإسلامية في الجامعة – مواصلين بشكلٍ مُثير للإعجاب المناقشات المشابهة. وأنَّ الخط العام هو أنَّ الجامعات ما زالت وستبقى مستقلة عن المؤسَّسات والمُعتقدات الدِّينيَّة وإلّا فإنَّها ستمثل تهديداً للحرية الأكاديمية والتزام الجامعة في ما يتعلَّق بمكافحة التمييز. ولا يمكن لأيِّ مجتمع ديني أن يكون له رأي في ما يُدرَّس في الجامعة، وأنَّ الجامعة لا يمكن أبداً أن تكون لها سلطة أيَّةِ مؤسَّسةٍ دينيَّة، لأنَّه أمر يعود إلى المجتمع الديني. كذلك، لا يمكن لملفٍّ ديني أن يكون معياراً لتعيين الأساتذة أو قبول طلّاَب في المُقرَر‏[53].

في هذه المناقشة، مُيِّز بوضوح بين التديُّن والبحث الأكاديمي لدراسة علم الكلام الإسلامي، وكذلك بين التديُّن والمؤهلات الأكاديمية للباحث الدنماركي الذي يحاول التخصص في مثلِ فرع ديني – عقائدي خالص كهذا.

كان تفسير مادة الدين هنا ضمنياً على الأغلب، إذ كان اهتمام المشاركين الأكبر هو عرض مهمات الجامعة وقيمها. ومع ذلك، يقع الجزء الرئيس من هذا العرض بالضبط ضمن الرفض المستمر لما يُطلق عليه «المنهج المُتديِّن للدين». ففي المناقشة، أصبحت مجموعة من الاعتراضات واضحة إلى درجة أنَّها أوجدت ما لم يكن يعنيه الدين، فلا يمكن للجامعة أن تشترك في التعليم الديني لأنَّه ليس أكاديمياً، ولا نقدياً، أو مستقـلاً أو إنسانياً، ولأنَّه لا يُعزِّز المنهج الحر في البحث والتعليم، كونه يُشجِّع ادعاءات بحقائق معينة تتناقض مع النقد العقلاني والموضوعي، وقد تسعى إلى قمعه. وأدَّى ذلك إلى تفسير الدين بوصفهِ موضوعاً للاستقصاء البحثي ولكن لا يمكن أبداً أن يكون جزءاً رئيساً من مجال السلطة الجامعية، فضـلاً عن أنَّ ذلك أدَّى إلى ظهور مفهوم للعلم محايد ومنيع بشكلٍ مثالي لتأثير الفئات الأخرى كالدين والسياسة‏[54].

وفي هذا الصدد، حمل تفسير الدين شبهاً لفكرة الدين في عددٍ من النظريات العلمانية الكلاسيكية بوصفه شيئاً يجب فصله عن العلم‏[55]. وترتبط هذه الفكرة في فهم الدين ارتباطاً بأمور خارج حدود التجربة – يمكن للمرء الاعتقاد بها فحسب – وهذا يُعارض الأساس التجريبي للعلوم – التي يمكن معرفتها‏[56]. هذا التمييز بين التديُّن ودراسة الدين الأكاديمية هو تمييز عملي بقدر ما هو تمييز مفاهيمي، وهذا ما يحدث في تشريع الجامعة نفسها وإقرارها بذلك‏[57].

2 – الجامعة الحرة في أمستردام وجامعة إيرلانغن – نورمبرغ في ألمانيا: موقفان إيجابيان

إذا كان هناك ميل في جامعة كوبنهاغن للتمييز بين المنظور الديني لدراسة علم الكلام الإسلامي الذي لا يمكن دمجه في جامعةٍ علمانية ودراسة الإسلام التي يمكن إدماجها (لأنَّها تتَّسم بالعلمية والأكاديمية، ولكونها مفتوحة ونقدية ومستقلة)، فإنَّ الوضع – إلى حدٍّ ما – مختلف في هولندا وألمانيا. ففي هولندا، ناقش الساسة ولمدةٍ طويلة إمكان إنشاء تدريب رسمي للباحثين المتخصصين في علم الكلام الإسلامي بوصفه جزءاً من النظام التعليمي المعمول به، وهو ما أدَّى إلى تبرع الدولة في شباط/فبراير 2005م بمبلغ 1.5 مليون يورو للجامعة الحرة في أمستردام، لغرض دعم الدراسات الإسلامية فيها، وهي في الأصل جامعة بروتستانتية مدعومة من الدولة وجزء من النظام الجامعي المعمول به. وتمنح الجامعة حالياً شهادة البكالوريوس في علم الكلام الإسلامي والماجستير في عبادات المسلمين (الفقه)‏[58].

وفي ألمانيا، ركَّزت المناقشات السياسية المكثفة على تدريب مُدرِّسي الفكر الإسلامي والعقائد في المدارس الحكومية أكثر مما ركَّزت على تدريب الباحثين الأكاديميين. نتيجةً لذلك، أُنشئت دراسات علم الكلام الإسلامي في أربع جامعات ألمانية مختلفة لهذا الغرض. كذلك فإنَّ كلتا المؤسَّستين – الجامعة الحرة في أمستردام (The Free University of Amsterdam) وجامعة إيرلانغن – نورمبرغ – تقدمان مقرراتهما على نحوٍ عقائدي، وتُشكِّل العقائدية جزءاً مهماً من مهمتهما الأكاديمية‏[59]. ويُستعمل مصطلح «العقائدية» (Confessional) هنا ليس بصيغة التمسك بفرعٍ مُعيَّن من الإسلام بل بوصفهِ موقفاً ينتشر على نطاقٍ واسع ضمن الاعتقاد بأنَّ القرآن هو كلام الله. وقد أوضح ذلك هندريك فروم (Hendrik Vroom) المُنسِّق العام في مركز فوور لدراسة علم الكلام الإسلامي (Voor Islamitische Theologie)، في الجامعة الحرة في أمستردام، بقولهِ: «لا يمكنك إجراء دراساتٍ لعلم الكلام الإسلامي من القرآن لمدة ثلاث سنوات بطريقةٍ مُحايدة – إذا فعلت سيكون ذلك فقط دروس في اللغة». هذا النوع من التعليم يمكن القيام بهِ بشكلٍ عقائدي فحسب وإلّا فإنَّها ستكون مقررات للغة العربية‏[60].

وبينما تُعزِّز الحالة الدنماركية فكرة العلم بوصفهِ كياناً موحَّداً يتميز بالاستقلال والحيادية والمشاركة ثمَّ يُميِّز حدود النظام الجامعي، نرى أنَّ الدراسات الهولندية والألمانية تقدم منهجاً للعلم أكثر تجزيئية وتفسيرية للكتب المقدسة. عليك أن «تبحث… عن العقلانية داخل كل التقاليد»‏[61]، سواء كانت علمانية أم مسلمة أم مسيحية. كما أثار مُنسِّق الدراسات العليا في جامعة إيرلانغن – نورمبرغ يوهانسن لينمان (Johannsen Lahnemann)، نقطة مماثلة، بقولهِ: «العقائدية تعني أن يكون المرء على تماسٍّ مع المضامين، ولا يعني هنا أن نمنح القيادة بالكامل للسلوك الإسلامي. ولكن يجب أن يتعلَّم الطلاب كيفية جعل هذا السلوك ذا صلةٍ بالحياة الاجتماعية»‏[62].

يُثير تفسير «العقائدية» بوصفها ضرورية للإجابة عن بعض الأسئلة المُثيرة للاهتمام؛ مثل ما الذي يكوِّن الحرية الأكاديمية؟ هل يمكنك تدريس مادة لا تتفق معها أو لا تعتقد بها؟ هل يمكن لأستاذ مُلحد تدريس مواضيع إسلامية؟ باتباع سير النقاش في المؤتمر الدنماركي السابق ذكره، يجب أن يكون الجواب بنعم.

فمن الأمور المُسلَّم بها أنَّ بإمكان الأستاذ الأكاديمي المتخصِّص في العقائد الدِّينيَّة تدريس وجهات النظر المختلفة. وفي هذه الحالة يأخذ الجواب شكـلاً آخر، إذ يتعلَّق بالمعرفة التي يُفترض بالأستاذ إيصالها. فإذا كان الإلتزام الديني شرعياً وإذا كان يُعد جزءاً بالغ الأهمية مما يُدرَّس، فليس بإمكان غير المسلم القيام بهذه المهمة، إذ إنَّه لا يملك مثل تلك الالتزامات. كما تُشير وجهات النظر تلك، الخاصة بالمؤهلات، لا إلى افتراضاتٍ مختلفة لما يُشكِّل العلم فحسب، ولكن إلى ما يُشكِّل الدين بحدِّ ذاته كذلك‏[63].

يميل الموقف الأول إلى تصنيف التدين بوصفه أمراً خاصاً – موقف ذاتي للأستاذ لا يؤثر بالضرورة في المعرفةِ المنقولة – إذ قد يؤثر الالتزام الديني في ما يُدرَّس لكنه لا يمثل معرفة ذات صلة قائمة بذاتها. في حين يميل الموقف الثاني أكثر نحو تصنيف الدين بوصفه «معرفة»، وبذلك فإنَّه جزء شرعي ورئيس مما يُدرَّس في الجامعة. وفي ضوء هذا، كان أحد أهم اهتمامات الأساتذة والمُنسِّقين في الجامعتين هو تأكيد شرعية مقرراتهم الدراسية من وجهة نظر إسلامية ليؤكِّدوا للطلبة والمجتمع المسلم أنَّهم سوف يقدمون تعليماً إسلامياً أصيـلاً‏[64].

وبينما كان هناك خلاف على مستوى الكيفية التي يُنظر بها إلى العلاقة بين ما هو ديني وما هو أكاديمي، كان هناك على مستوىً آخر بناء للمنهج الأكاديمي للإسلام في الجامعتين الهولندية والألمانية بطرائق مُشابهة لتلك التي قُدِّمت في مؤتمر الجامعة الدنماركية، دراسة نقدية تأملية. إنَّ السبب الذي يجعل لِزاماً على علم الكلام الإسلامي أن يحمل الصفة القانونية داخل نظام الجامعات هو أنَّ هذا المجال – أي القانونية – يؤمِّن حواراً أكاديمياً بين التعاليم (العقائد) الدِّينيَّة‏[65]. يبدو لنا هذا التمييز هنا مهتماً بالأشكال المختلفة للمعرفة التي يمكن بمُجملها أن تولِّد استقصاءاتٍ نقدية. هذا التفسير ينقل الدين من كونهِ موضوعاً للبحث إلى منهجٍ للبحث الذي يجعل من الجامعة الأوروبية بعامة والألمانية بخاصة مجالاً مؤسسياً للتنوع في الدراسات الاستشراقية، ولا سيَّما تلك التي تتناول العقائد الدِّينيَّة للأديان الشرقية المختلفة.

في جامعة أمستردام الحرة، وكذلك في جامعة إيرلانغن – نورمبرغ، كانت وجهة النظر التي ترى أنَّ المنهج العلماني حيادي وداعم الحرية الأكاديمية ترى في الدراسة الدينية نظرية أيديولوجية مُثيرة للتساؤل. ولا سيَّما في الجامعة الحرة، إذ فُنِّدت انتقادات الدراسة الدِّينيَّة بالإشارة إلى افتراض أكثر شمولاً يقوم على أنَّه ليس هناك علم خال من القِيَم‏[66].

إنَّ العلوم جميعها تنظيرية، وهي بهذا المعنى «دينيَّة»، وبذلك فإنَّ الواجب الأكاديمي يُحتِّم فهم تفسيرات الكتب المقدسة وصدق إدعاءات النظريات المختلفة. وهذا الجِدال يتناسب مع ما أسماه عالم اللاهوت الإنكليزي دايفيد جيثام: «… مسألة نقد موقع النظرية المعرفية لما بعد الحداثة في ما يتعلَّق بالجامعة العلمانية»‏[67]. يُشير جيثام، في وصفه الاتجاهات والصراعات داخل المجال الجامعي، إلى رفض البروتستانت الخلاصيين (أو التوحيديين)‏[68] (Universalistic) السَّرد الأكاديمي بوصفهِ أحد الميول الرئيسة التي تحتضن المدى الواسع لدراسات ما بعد الاستعمار، أي النظريات التفكيكية (Deconstructionist Theories) والاعتراضات الدِّينيَّة للمعيارية العلمانية. على هذا النحو، قُدِّم تكامل الدين الإسلامي كونه منفتحاً أمام وجهات النظر المعرفية ثمَّ نقل الجامعة إلى ما هو أبعد من العِرقية‏[69].

وهكذا كان رسم الحدود في كِلتا الحالتين الإيجابيتين يختلف عن الحالة الدنماركية، إذ يُعد الالتزام الديني جزءاً قانونياً للدراسة الأكاديمية، ويُعزى هذا إلى تفسير الدين على أساس أنَّ جوهره لا يُعارض المعرفة، ولكنه واحدٌ من أوجه عدَّة للمعرفة يجب أن تحتضنها الجامعات.

ممَّا تقدم يبدو أنَّ الموقف الفعلي لموضوع الدين بوصفه جزءاً شرعياً أو غير شرعي من النظام الجامعي يعتمد الإجابة عن التساؤل حول ماهيَّة الدين؟ وما الأثر الذي يجب أن يؤدِّيه؟ وهما تساؤلان يمثلان وجهين لعملةٍ واحدة.

الخط الفاصل في القضايا الراهنة يقع بصورةٍ رئيسة بين مفهوم الدين بوصفه نزعة يجب فصلها عن العمل الأكاديمي؛ كما في الحالة الدنماركية؛ ومفهوم الدين بوصفه موقفاً صائباً ضمن مواقف أخرى يُستقى البحث منها كما في الحالتين الهولندية والألمانية. فضـلاً عن ذلك، فقد منح الأول مفهوماً شامـلاً للعلم بوصفهِ مفهوماً قائماً بذاته يشد النظام الجامعي إلى بعضه – والمتمثل بمفهوم الاستقلال – بينما يميل الأخير إلى تأكيد عدم استمرار العلم كونه يكمن في التأويلات المختلفة للكتب المقدسة (المُتمثِّل بمفهوم المعرفة المطروحة).

وعموماً، هذه الاختلافات مُتناغمة مع الإطار القانوني والترتيبات المؤسسية التي أفرزتها النماذج المختلفة لكيفيَّة ربط الجامعات بمفهوم الدين والمُجتمعات الدِّينيَّة الفعلية.

 

رابعاً: الدراسات الإسلامية – الكلامية في ألمانيا في الوقت الحاضر

الدراسات الإسلامية في ألمانيا، المعروفة باسم «علم الإسلام» (Islamwissenschaft) – التي كانت تُعرف سابقاً باسم «الإسلاموية» (Islamistik) أو «معرفة الإسلام» (Islamkunde) – تشكَّلت من اختصاص الدراسات الشرقية في القرن التاسع عشر الميلادي، على الرغم من أنَّ دراسة اللغة العربية تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي في الأقل‏[70]. لقد اعتمدت الدراسات الإسلامية في ألمانيا علم اللغة (Philology) أو المعرفة بثقافات وتاريخ شمال أفريقيا وآسيا عن طريق دراسة النصوص الموثوق فيها. وفي أثناء المدة 1884 – 1918، أي في أثناء هيمنة ألمانيا على المُستعمرات، فقد تنامى الاهتمام بالعالم الإسلامي‏[71]. وتمكَّن المُستشرقون الألمان حتَّى عام 1933م من إنجاز البحوث والدراسات المُبتكرة، التي نادراً ما تلقوا الدعم لأجلها من مؤسَّساتهم الأكاديمية. وفي أثناء المدة 1933 – 1945، تعرضت حرية المتخصصين الأكاديمية إلى التقييد، إذ عمل الكثير منهم أساساً مع أجهزة الاستخبارات‏[72].

في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حصل تحول في المعرفة، فبعد أن رُكِّز التدريب الصارم على اللغة، كان الهدف العام للمتخصصين في هذا المجال اكتشاف الحقائق غير المعروفة والمصادر الجديدة. إنَّ التثبيت على الحقائق أعطى الدراسات الإسلامية توجهها الوضعي. فضـلاً عن ذلك، وبفضل المُستشرق الألماني كارل هاينرِش بيكر (Carl Heinrich Becker) (1876 – 1933)، بدأت الدراسات الإسلامية باتخاذ تركيزٍ ثقافي إلى جانب تأكيدها اللغة. كان التشديد على الثقافة والدين الإسلاميين مختلفين بالنسبة للثقافة الألمانية والأوروبية‏[73].

ظهرت في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين عدَّة مطالبات لتطوير الدراسات الشرقية. وضغط تقرير صادر في ستينيات القرن الماضي لاتحاد الأبحاث الألماني من أجل منح كراسي أكثر للأساتذة المتخصصين في الدراسات الشرقية، من بين عدَّة توصياتٍ أخرى. وأعطى تقرير صادر في سنة 1972 للجمعية الشرقية الألمانية عدداً من المقترحات لتعزيز دراسة علم الكلام الإسلامي بوصفهِ تخصصاً متميزاً، وتطوير مؤهلات اللغة وفهم الثقافات الإسلامية. وأكَّد التقرير مسألة الدراسات الشرقية التي تمتد إلى عدَّة تخصصاتٍ وبرامج، وهو ما شكَّل صعوبةً على الطلبة المتخرجين الباحثين عن عمل‏[74]. وما جرى بعد ذلك كان بالفعل تأكيداً أكبر لحقائق ضمن اهتماماتٍ لغويةٍ وأدبيةٍ وتاريخية. ومع أنَّ التقليد الفكري الألماني قوي نظرياً، إلّا أنَّ المحاولات القليلة للوصول إلى الدراسات الإسلامية عن طريق التفسير والرأي كانت قد ولَّدت اهتماماً أكاديمياً قليـلاً‏[75].

يُشار كذلك إلى أنَّه قبل عام 1990 كان هناك اختلاف كبير في المقاربات الألمانية للدراسات الإسلامية بين ألمانيا الغربية، حيث طريقة المُستشرقين كانت هي السائدة، وبين ألمانيا الشرقية حيث القضايا المعاصرة والاجتماعية هي محور الاهتمام، ربما بسبب تأثير الماركسية. وبعد عام 1990، ولا سيَّما مع متخصصين من ألمانيا الغربية – سابقاً – ممَّن شغلوا مناصب كراسي الأستاذية في ألمانيا الشرقية – سابقاً، بدأ الاتجاهان بالاندماج‏[76].

يشمل مجال الدراسات الإسلامية في ألمانيا حالياً الدين والثقافة الإسلاميين بوجه عام. وينصب التركيز تحديداً على طريقة تأثير الدين والثقافة بعضهما في بعض وكيفيَّة مقارنتهما بمجتمعاتٍ مختلفة، إذ بدأ الاهتمام واسع المجال، بمعنى أنَّ الدراسات الإسلامية لا تشمل معتقدات الناس وكيفيَّة تأثير المعتقدات في حياتهم ضمن «المشرق» أو الشرق «الأوسط» فحسب، بل إنَّ الأهم من ذلك هو تاريخ الإسلام والثقافة الإسلامية، والعلاقة بين الإسلام والأدب والفلسفة والقانون والسياسة والفن والهندسة المعمارية. من هنا، تمت دراسة العالم الإسلامي أصـلاً من طريق النصوص (القرآن والسُنَّة النبوية) والوثائق التاريخية (المراجع القانونية والأدب الكلاسيكي والتاريخ)‏[77]. ونجد أنَّ آخر بحث مُثير في ألمانيا عمَّا يُسمَّى «الأرشيف المفقود» يدَّعي أنَّه اكتشف تاريخاً جديداً بالكامل لكتابة النص القرآني‏[78]، وأنَّ الدراسات الإسلامية في ألمانيا لم تجرِ بوصفها محاولة لاهوتية عن طريق الأعمال الإسلامية المختصة – على العكس من تخصصاتٍ لاهوتيةٍ أخرى (مثل المسيحية) – على الرغم من وجود أساتذة على معرفةٍ تامَّة بعلم الكلام الإسلامي. وأوضح أساتذة الدراسات الإسلامية أنَّ طريقتهم في الدراسات الإسلامية هي من «الخارج» بوصفهم علماء إنسان واجتماع وسياسة، وليس من «الداخل»‏[79].

يستطيع الطلبة اليوم في الجامعات الألمانية دراسة «الدراسات الإسلامية» بوصفها موضوعاً رئيساً (Hauptstudium) أو موضوعاً ثانوياً (Nebenstudium). معادلاً البكالوريوس والماجستير، إذ تشمل هذه الدراسة ثمانية إلى تسعة فصول دراسية (فصلان في كلِّ سنة). فيقع التأكيد في أقسام الدراسات الإسلامية كافة على لغات «الشرق الأوسط». وعلى طالب الدراسات الإسلامية تعلُّم العربية وغالباً الفارسية أو التركية وربما الأوردو أو الإندونيسية. وبمعزلٍ عن اللغة، تغطي المناهج المطلوبة مجالاتٍ وموضوعات أوسع من التخصصات الأخرى التي تُركِّز على مناطق العالم، وتشمل دراسة عصور العالم الإسلامي ومناطقه، وتشكيلةٍ من التخصصات العلمية – الأكاديمية كالأدب والفلسفة والقانون والتاريخ أو علم الكلام‏[80].

تعرض اليوم أربع وعشرون جامعة ألمانية مناهج في الدراسات الإسلامية واللغات الشرقية، بالاشتراك مع تأكيداتٍ ثقافية أو دراساتٍ اجتماعية أخرى، إذ يوجد ثلاثة آلاف طالب مُسجَّل في هذهِ المناهج، بوصفها موضوعاً رئيساً أو ثانوياً. ويُركِّز ما مجموعه 34 كرسي أستاذية ومعهد أو ندوة على لغة العالم الإسلامي وتاريخهِ وثقافتهِ. فقد ارتفع عدد الطلبة في السنوات القليلة الماضية، بسبب تنامي الجوالي الإسلامية في ألمانيا. وقد حثَّ هذا النمو الآخرين على تعلُّم المزيد مما يتعلَّق بالممارسات العقائدية الإسلامية والتغطية الإعلامية للمسلمين والوطن العربي. واتسع عدد الطلبة كذلك بسبب اقتراب المنظمات الإسلامية من النظام الجامعي لتشجيع إندماج زعماء المسلمين وأئمتهم‏[81].

إنَّ قدرة الدراسات الإسلامية واسعة جداً، إذ إنَّها تُدرَّس تحت أسماءٍ مختلفة في عدة جامعاتٍ ألمانية، مثل الندوة الشرقية (Orientalistik) أو (Orientalosches Seminar)؛ والدراسات الإسلامية (معهد العلوم الإسلامية) (Institut für Islamwissenshaft)؛ والدراسات العربية، أو تاريخ وثقافة الشرق الأوسط، وتأتي هذهِ التخصصات الأكاديمية عادةً في كلِّيات الآداب وليس كلِّيات علم اللاهوت. ونظراً إلى أنَّ التخصُّص صغير نسبياً، فيمكن تدريسه في إحدى الجامعات ضمن الدراسات الفارسية وفي أخرى ضمن الدراسات التركية أو السامية، ويُركِّز كلٌّ منها على لغةٍ وثقافةٍ مُحدَّدة قبل «الإسلام»‏[82].

فضـلاً عن أقسام الجامعة التي تُعنى بالدراسات الإسلامية، هناك عدد كبير من المؤسَّسات غير الجامعية والمُمولة من المال العام ومراكز الدراسات ومنظَّماتٍ غير حكومية تتعاون مع البرامج الجامعية للدراسات الإسلامية. ويقع الكثير منها في المباني الجامعية. ويمكن أن يشمل تعاونها ألمانيا بأكملها والمستوى الدولي. ويأتي معظم التمويل من مصادر خارج الجامعات، مثل مؤسَّساتٍ ثقافية وعلمية، ومؤسَّساتٍ سياسية، ومن الدولة الألمانية، وفي حالاتٍ نادرة من الشركات الخاصة. وتشمل هذهِ المؤسَّسات البحثية ما يأتي:

  •  مؤسَّسة المشرق الألمانية في مدينة برلين (Deutsche Orient-Stiftung)، التي تأسَّست في عام 1960، وتُركِّز على سياسة مجتمعات الشرق الأوسط واقتصادها.
  •  معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في مدينة فرانكفورت (Institut für Geschichte der Arabisch-Islamischen Wissenschaften)، الذي تأسَّس في عام 1982.
  •  مركز الدراسات التركية في مدينة أسن (Zentrum für Türkeistudien)، الذي تأسَّس في عام 1985. ويُعنى بدراسة السياسة والاقتصاد والهجرة في تركيا.
  •  مركز الإنسانيات للدراسات الشرقية الحديثة في مدينة برلين في ألمانيا (Geisteswissenschaftliches Zentrum Moderner Orient)، تأسَّس سنة 1996، ويترأّسه مؤرِّخ الشرق الأوسط أولريكه فرايتاغ (Ulrike Freitag)، ويُركِّز على تاريخ العالم الإسلامي وأفريقيا وآسيا ودياناتهم ومجتمعاتهم‏[83].

ومن أجل أن نُقوِّم جانب الدراسات الإسلامية الصحي في ألمانيا – ونضع في الحسبان جذورها ومركز نشاطها المُبكِّر – ينبغي النظر في قدرة هذا التخصص على التحرك بموازاة طيف المقاربة الأوروبية الكلاسيكية الوضعية ذات المنحى النصِّي تجاه مقاربة أكثر شمولاً، إذ يجري فهم المجتمعات الإسلامية من «الداخل» من طريق دمج طرائق العلوم الاجتماعية والعمل الميداني. فما زالت المقاربة ذات المنحى النصي والأدبي هي الأكثر بروزاً من مقاربة العلوم الاجتماعية التي تشمل دراسة أنظمة القِيَم والبيانات النوعية. وبعامة، الآن وفي عهد ما بعد الجِدال الاستشراقي تعمل الجامعات الألمانية على تقليص أقسام الاستشراق فيها؛ إذ أُغلِق الكثير منها في خلال تسعينيات القرن العشرين، وهي تتبنَّى ببطء طرائق تشمل دراسة المجتمعات الإسلامية عن طريق العمل الميداني. وهناك أمثلة تشمل «معهد الشرق للجمعية الشرقية الألمانية» (Orient-Institut der Deutschen Morgenländischen Gesellschaft) في بيروت وإسطنبول، إذ يمكن للطلبة أن ينهلوا من الثقافات الشرقية وأن يمتلكوا حساسية تجاه بُعد هذه المجتمعات الإنساني، فضـلاً عن تزايد ميل الأساتذة إلى استبدال دراسة النصوص الكلاسيكية بأخرى حديثة‏[84]. على الرغم من أنَّ الدراسات لا تعتمد النصوص المُثيرة للإشكال كذلك، وبسبب التأثير المُستمر للاستشراق، فقد لَحَظَ الكثيرون أنَّ الدراسات الإسلامية في ألمانيا ما زالت تعتمد افتراض أنَّ كلَّ شيءٍ «إسلامي» تجب رؤيته بشكلٍ مختلف، وبعبارةٍ أكثر دقة، يهدد «الحضارة الغربية». وما يجدر انتقاده القول إنَّ الدراسات الإسلامية تتبع مقاربة تختلف عن أيِّةِ دراسةٍ أخرى وهي بذلك ليست «علمية». وتشمل الموضوعات الشائعة حالياً «صِدام الحضارات» و«الإرهاب»‏[85].

تتقرر السياسة التعليمية في الجامعات الألمانية على المستوى المحلِّي وليس على المستوى الاتحادي، وذلك من طريق المقاطعات الألمانية. مع أنَّ وزارة البحث والتعليم الاتحادية تستطيع اقتراح توجهات أو خطوطٍ عامة للمقاطعات حتَّى تتبعها، إلّا أنَّها لا تستطيع تنفيذ مبادرات على مستوى البلاد ضمن التعليم العالي. وتتلقى الجامعات بعض التمويل من الوزارة الاتحادية. وشجَّعت الوزارة حديثاً تطوير ما يُسمَّى «التخصصات الصغيرة» التي تشمل الدراسات الإسلامية والشرقية، وأعلنت عن أنَّ سنة 2007 يُعد «عاماً للعلوم الإنسانية». وقد أدَّت هذهِ المبادرة إلى إنشاء كلِّية برلين للدراسات العليا في الثقافات والمجتمعات الإسلامية في الجامعة الحرة وتمويلها. وشجَّع التمويل الاتحادي على تطوير البحث الجامعي باستعمال طرائق علمية اجتماعية لدراسة علم الكلام الإسلامي في ألمانيا‏[86].

على الرغم من حصول زيادة في عدد طلبة برامج الدراسات الإسلامية أو الشرقية منذ عام 2001، فهذهِ الزيادة لم تؤدِّ إلى تطوراتٍ كبيرة في عدد الأقسام أو درجات الأستاذية، إذ شَهِدَت بعض الجامعات الألمانية تأسيس معاهد ومراكز مُخصَّصة للدراسات الشرقية بالمعنى الواسع، مثل معهد آسيا – أفريقيا في هامبورغ ومركز دراسات الشرقين الأدنى والأوسط في ماربورغ. وتطورت كذلك المناهج التعاونية والمشاريع البحثية، على سبيل المثال بين جامعتي بامبرغ ونورمبرغ وجامعتي لايبزغ وهاله. أمَّا على المستوى الوطني، فالاتحادات والجمعيات الطلابية مثل الجمعية الشرقية الألمانية واتحاد دراسات الشرق الأوسط الألماني للبحث المعاصر والتوثيق (Deutsche Arbeitsgemeinschaft Vorderer Orient, DAVO) كانت المواقع الرئيسة لمناقشات الطرائق التخصصية الجديدة، لكن هذهِ المُنظَّمات، في الوقتِ نفسهِ، كانت لا تمتلك صلاحياتٍ كبيرة للمبادرة بسياساتٍ وطنية‏[87].

معهد العلوم الإسلامية (Institut für Islamwissenschaft)؛ أحد المؤسَّسات العلمية التابعة لجامعة برلين الحرة؛ هو مثال فريد في نوعهِ وريادي في هذا المجال في ألمانيا. ويمتلك إرثاً قوياً من التخصص في تاريخ المجتمعات الإسلامية. ويقود المعهد الطريق في تغطية أساس جديد من طريق دراستهِ الإسلام المعاصر. ويُنجز ذلك عِبرَ تقديرٍ أكبر لفرص العمل الميداني وتضمين النصوص الحديثة. فضـلاً عن ذلك، كان المعهد الأكثر نجاحاً في دمج دراسة العلوم الدِّينيَّة (علم الكلام الإسلامي)، الذي يُنظر إليه في ألمانيا على أنَّه تخصص وثقافة مستقلين. وعلى هذا النحو، دمج بعض أعضاء هيئته التدريسية مقاربةً لدراسة علم الكلام الإسلامي من النصوص الدِّينيَّة، وآراء رجال الدين ومراسيمهم، ونصوص ومخطوطات جوهرية أخرى. وصادق بعض تدريسييه على أنَّ دراسة علم الكلام الإسلامي يجب بقاء تحديدها ضمن التقليد الألماني في البحث عن الإسلام، أي من «الخارج» مجدداً، لكن المعرفة الجديدة تكسر هذا التقليد ببطء، إذ انخرط المعهد في بحثٍ متداخل الحقول المعرفية عن التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الحديثة في الشرق الأوسط. يعود جزء من ذلك إلى تذويب الأقسام المستقلة التي تتعامل مع جوانب الإسلام، و«اللغات الإسلامية» والثقافة بسبب ضغوط مالية. ومع ذلك، يُغطِّي المعهد أساساً جديداً في دمجهِ المجتمعات الإسلامية خارج شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ولا سيَّما مناطق أخرى من أفريقيا. ومن المهم كذلك تشديد المعهد حديثاً على تأثيرات العولمة في الشرق الأوسط وكيف تأثَّرت الممارسات والتقاليد والعقائد الإسلامية المحلية بذلك. وأُعطي تركيز خاص للعلاقات بين العالم الإسلامي وأوروبا‏[88].

في أواخر عام 2010 وأوائل عام 2011، اختارت وزارة التعليم والبحث في ألمانيا الاتحادية، خمس جامعاتٍ لتطوير أقسام علم الكلام الإسلامي ومؤسَّساتهِ. هذه الجامعات هي: جامعة دسلدورف (Universität Düsseldorf)؛ جامعة غوتنغن (Universität Göttingen)؛ جامعة فرانكفورت (Universität Frankfurt am Main)؛ جامعة إيرلنجن – نورمبرغ (Universität Erlamgen-Nürnberg)؛ جامعة هايدلبرغ (Universität Heidelberg). إذ سيغير هذا القرار، وعلى نحوٍ ملحوظ، المشهد الديني في ألمانيا وأوروبا، وسيظهر تأثير هذا التعريف في الوقتِ المناسب في المنهج الأكاديمي تجاه الإسلام حتَّى في البلدان الإسلامية‏[89].

إلّا أنَّه في المقابل، وضمن التعامل العلمي مع هذه القضية، نجد أنَّ باتريك فرانك (Patrick Franke)، أستاذ كرسي الدراسات الإسلامية في جامعة بامبرغ (Universität Bamberg)، الذي كان أول أستاذ للدراسات الإسلامية التقليدية في ألمانيا، يرد على توصيات مجلس العلوم والإنسانيات الألماني‏[90] (German Council of Science and Humanities (WR)) الصادرة في كانون الثاني/يناير 2010. وقد فعل ذلك علناً في رسالةٍ مفتوحة في شهر أيار/مايو من عام 2010. وكانت إحدى أهم النقاط التي أثارها والشائعة بين النقاد عن طريق الباحثين في الدراسات الإسلامية، هي إطلاق تسمية «الدراسات الإسلامية» على المؤسَّسات الأكاديمية التي تبحث في علم الكلام الإسلامي‏[91].

ففي ألمانيا، هناك فرق دلالي طفيف بين مصطلح (Islamische Studien) والمقصود بهِ «علم الكلام الإسلامي»، ومصطلح (Islamwissenschaft) الذي يُعطينا معنى الدراسات الإسلامية القديمة الأسلوب (النمطية). ولكن كِلا المصطلحين يُترجمان إلى اللغة الإنكليزية بـ «الدراسات الإسلامية»، وهو أمر موجود بالفعل في ورقة عمل مجلس العلوم والإنسانيات (WR). كذلك فإنَّ مجلس العلوم والإنسانيات (WR) دائماً ما يحاول تجنب استعمال مصطلح «اللاهوت» في سياق الدراسات الإسلامية، بسبب دلالته المسيحيَّة. وقد أكَّدت الجهة نفسها حقيقة أنَّ السياق الألماني لمصطلح الدراسات اليهودية (Jewish Studies) هو مصطلح لاهوتي، بينما يأتي مصطلح (Judaistik) للدلالة على المعنى العلماني لهذهِ الدراسات. إلّا أنَّ هذا الأمر لا ينطبق على السياق الأكاديمي في ما يتعلَّق بالإسلام. فمصطلح (Islamistik) لم يعد متداولاً هذهِ الأيام، إذ إنَّه أصبح في استعمالهِ الألماني مرادفاً للإرهاب. ومن أجل تحديد الاختلاف بين المنظور الداخلي (وهو ما تُركِّز عليه الدراسات الأكاديمية الحديثة) والمنظور الخارجي (وهو ما كانت تبحث فيه الدراسات النمطية) للإسلام، سيكون من المفترض استعمال مصطلح «علم الكلام الإسلامي» (Islamische Theologie) في أثناء تطبيق الدراسات الإسلامية في المؤسَّسات أو المعاهد الجديدة في الجامعات الألمانية، إذ إنَّ أغلبية الشعب الألماني والشعوب الناطقة بالإنكليزية لا تعرف التمييز بينهما‏[92].

إنَّ المؤسَّسات الألمانية، كونها ذات تمويلٍ جيد، سوف تكون، بالتأكيد، محطَّ اهتمامٍ دولي لتصبح نقطة التقاء مهمة للمتخصصين بعلم الأديان من أنحاء العالم كافة، إذ أنَّ أفضل علماء الدين الإسلامي تعليماً في أوروبا، وأكثرهم مهنية وأفضلهم أجوراً سوف يخرج من النظام الجامعي الألماني. وهذا لن يحدث بين ليلةٍ وضحاها؛ فلا تزال هناك عقبات في الطريق ولكنه سيحصل على المدى البعيد‏[93].

على الرغم من ذلك، فالعملية في الوقت الراهن أبعد ما تكون من الاكتمال. فضـلاً عن ذلك، فإنَّ تدخل عوامل محلية ودولية قد أدى إلى تعقد تلك المسألة الحساسة سياسياً. وقد تكون تلك الحساسية هي سبب تمتع التعريف بعلم الكلام الإسلامي بالشفافية التي يمكن أن تكون عائقاً أمام قبوله بعامة ضمن الحقول الأكاديمية القريبة وضمن المجتمع المسلم في ألمانيا‏[94].

 

قد يهمكم أيضاً  النثر الاستشراقي في الخطاب الفكري لمحمد أركون

للمزيد حول التراث الإسلامي، إقرؤوا  العمارة العربية – الإسلامية: التفسير التاريخي

 

المصادر:

(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 468 في شباط/فبراير 2018.

(**) حيدر قاسم مطر التميمي: بيت الحكمة – بغداد.

[1] عبد الله محمد الأمين النعيم، الاستشراق في السيرة النبوية.. دراسة تاريخية لآراء (وات – بروكلمان – فلهاوزن) مقارنةً بالرؤية الإسلامية، سلسلة الرسائل الجامعية؛ 21 (فيرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1997)، ص 34 – 35.

[2] لمزيد من التفاصيل، انظر: حسن عثمان، منهج البحث التاريخي، ط 8 (القاهرة: دار المعارف، 2000)؛ هاري إلمر بارنز، تاريخ الكتابة التاريخية، ترجمة محمد عبد الرحمن برج، 2 ج (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984)، وقاسم يزبك، التاريخ ومنهج البحث التاريخي (بيروت: دار الفكر اللبناني، 1990).

[3] سالم ساسي الحاج، نقد الخطاب الاستشراقي.. الظاهرة الاستشراقية وأثرها في الدراسات الإسلامية (بيروت: دار المدار الإسلامي، 2002)، ج 1، ص 166 – 168.

[4] Susannah Heschel, Abraham Geiger and the Jewish Jesus (Chicago, IL: University of Chicago Press, 1998), p. 31, and Susannah Heschel, «Abraham Geiger,» in: Encyclopaedia Judaica, editor in Chief Fred Skolink (New York: Thomson Gale, 2007), vol. 7, pp. 412‑415.

[5] النعيم، الاستشراق في السيرة النبوية.. دراسة تاريخية لآراء (وات – بروكلمان – فلهاوزن) مقارنةً بالرؤية الإسلامية، ص 63 – 66.

[6] انظر الموقع الإلكتروني:           <http://de.wikipedia.org/wiki/Udo_Steinbach>.

[7] انظر الموقع الإلكتروني:           <http://www.islamic-sciences.de>.

[8] C. Snouck Hurgronje, «Theodor Nöldeke,» Zeitschrift der Deutschen Morgenländischen Gesellschaft (ZDMG), Band 85 (1931), pp. 239‑281.

[9] مستشرق ألماني، دَرسَ في جامعاتٍ عدَّة، كجامعة إيرلانغن – نورنبيرغ (Universität Erlangen-Nüvnberg)؛ وجامعة فيينا (Universität Wien)؛ وجامعة كولونيا (Universität zu Köln)؛ وجامعة ماينز (Universität Mainz)؛ خلال المرحلة 1960 – 1968م فقه اللغة العربية والأنثروبولوجيا والدراسات الأفريقية. حصل على شهادة الدكتوراه سنة 1968م، وعلى شهادة التأهيل في 1975م. عمل في أثناء المدة 1968 – 1975م أستاذاً مساعداً في جامعة ماينز. وانتقل للعمل أستاذاً زائراً في جامعة تونس (1986 – 1988م) وجامعة الجزائر (1987 – 1991م). تناول في أبحاثه موضوعاتٍ تتعلَّق بـ: تاريخ الخلافة العباسية؛ التاريخ الثقافي في المغرب العربي؛ الإسلام وحقوق الإنسان؛ الشريعة الإسلامية؛ التواصل بين الثقافات. انظر الموقع الإلكتروني:          <http://www.fb06.uni-mainz.de/arabisch/130.php>.

[10] مستشرق ألماني، درس خلال المرحلة 1966 – 1973 اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والدراسات السامية والهنديات في جامعة هاربورغ الألمانية، حيث حصل على الدكتوراه عام 1974. درس اللغة العربية في دمشق في أثناء المدة 1975 – 1976. في عام 1986 أكمل دراسة التأهيل في فقه اللغات السامية والدراسات الإسلامية، من أطروحتهِ «القرآن في عصر الإصلاح» «(Der Koran im Zeialter der Reformation)». في عام 1992 أصبح أستاذاً للدراسات الإسلامية. كما تولَّى منصب نائب رئيس جامعة إيرلانغن – نورنبيرغ (Universität Erlangen-Nüvnberg) والمسؤول عن العلاقات الدولية خلال المدة 2002 – 2006. لمزيدٍ من التفاصيل، انظر الموقع الإلكتروني:  <http://de.wikipedia.org/wiki/Hartmut_Bobzin>.

[11] يُعنى معهد الدراسات الشرقية بلغات الشرق كافة والدراسات الثقافية المتعلِّقة بهذه المنطقة. وهو جزء من كلِّية فقه اللغات الشرقية وشرق آسيا، ضمن هيكلية جامعة يوهان فولفغانغ غوته في مدينة فرانكفورت (Johann Wolfgang Goethe-Universität in Frankfurt am Main). كما يتم تناول موضوعات الدراسات الإسلامية في هذا المعهد من طريق البحث والتدريس. انظر الموقع الإلكتروني: <http://de.wikipedia.org/wiki/Orientalisches_Seminar_der_Universität_Frankfurt_am_Main>

[12] Adam Falkenstein, Denkschrift zur lage der Orientalistik (Wiesbaden: Franz Steiner Verlag, 1996), pp. 33‑34.

[13] القرآن الكريم، «سورة الحجر،» الآية 9.

[14] عبد المنعم فؤاد، من افتراءات المستشرقين على الأصول العقدية في الإسلام.. عرض ونقد (الرياض: مكتبة العبيكان، 1422هـ/2001م)، ص 54 وما بعدها.

[15] بيتر شول لاتور، «جند الله،» عرض عيسى صيوده، مجلَّة العربي (الكويت)، العدد 508 (2001)، ص 193 – 195. انظر:       <http://en.wikipedia.org/wiki/Peter_Scholl-Latour>.

[16] Falkenstein, Denkschrift zur lage der Orientalistik, p. 37.

[17] يُنسب هذا المنهج الفلسفي إلى الفيلسوف والرياضي والفيزيائي الفرنسي رينيه ديكارت (René Descartes) (1596 – 1650م)، فكان كثير من الأطروحات الفلسفية الغربية التي جاءت بعده، انعكاسات لطروحاتهِ، التي ما زالت تُدرس حتَّى اليوم، ولا سيَّما كتاب تأملات في الفلسفة الأولى (Meditationes de prima Philosophia) الصادر سنة 1641، الذي ما زال يُشكِّل النص القياسي لمعظم كلِّيات الفلسفة. أمَّا منهج الشكِّ الذي نادى بهِ هذا الفيلسوف، فهو لم يكن إلّاَ وسيلة للوصول إلى يقينٍ أول واضح بذاته، ولا يأخذ الشك موقفاً نهائياً له. يقول ديكارت: «يجب النظر إلى كلِّ ما يمكن أن يوضع موضع الشك على أنَّه زائف». ولا يقصد ديكارت بذلك الحكم بزيف كلِّ شيء، أو بزيف كلِّ ما يوضع محل الشك، بل يقصد أنَّه لن يقبل بأيِّ شيءٍ على أنَّه حقيقي ما لم يخضع لامتحان الشك، الذي يستطيع بهِ الوصول إلى شيءٍ يقيني عن طريق برهان عقلي. انظر: B. F. Finkel, «Biography: René Descartes,» The American Mathematical Monthly, vol. 5, (1898), pp. 191‑195, and Hiram Caton, «The Theological of Cartesian Doubt,» International Journal for Philosophy of Religion, vol. 1, no. 4 (1970), pp. 220‑232.

[18] ساسي الحاج، نقد الخطاب الاستشراقي.. الظاهرة الاستشراقية وأثرها في الدراسات الإسلامية، ج 1، ص 165.

[19] المصدر نفسه، ج 1، ص 170.

[20] هو أبو هاشم عثمان بن شريك الكوفي الصوفي، وقد ذكر الجامي أنه كان في الشام وهو كوفي الأصل، وكان معاصراً لسفيان الثوري (97 – 161هـ)، ويُذكر أنَّ هذا قال فيه: «لولا أبو هاشم ما عرفت دقائق الرياء». ويُذكر أنَّه بنى أول خانقاه للصوفية في الرملة. كان يلبس لباساً طويـلاً من الصوف كفعل الرهبان وكان يقول بالحلول والاتحاد مثل النصارى، غير أنَّ النصارى أضافوا الحلول والاتحاد إلى النبي عيسى وأضافهما هو إلى نفسه وكان متردداً بين هاتين الدعويين، ولم يُعلم على أيَّهما استقر في النهاية. وكانت وفاته في بلاد الشام سنة 150 للهجرة. انظر: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (بيروت: دار الفكر، 1416هـ/1996م)، ج 10، ص 225؛ أبو البركات عبد الرحمن بن أحمد الدشتي الجامي، نفحات الأنس من حضرات القدس (القاهرة: جامعة الأزهر، 1409هـ/1989م)، ص 66 – 70، وكامل مصطفى الشيبي، الصلة بين التصوف والتشيع (بيروت: منشورات الجمل، 2011)، ج 1، ص 294 – 295.

[21] ساسي الحاج، المصدر نفسه، ج 1، ص 170.

[22] الفكر المادي: ركن أساسي من أركان الفلسفة الماركسية، يعتمد قوانين الديالكتيك وبناه كارل ماركس بالاستناد إلى جدلية فلسفة هيغل ومادية فلسفة لودفيغ فيورباخ (Ludwig Andreas Feuerbach) (1804 – 1872)، كُتب حوله الكثير من المؤلَّفات، وأبرز من كتب عنه كان جوزيف ستالين (Joseph Stalin) (1878 – 1953). أساس الفلسفة المادية (الجدلية) هو أنَّها تعتبر أنَّ الفكر هو نتاج المادة، وأنَّ المادة ليست نِتاج الفكر، ففكر الإنسان نِتاج مادي من عقله وليس الإنسان من نِتاج الفكر، وهو ما ينفيه الفلاسفة المثاليون. انظر الموقع الإلكتروني:        <http://en.wikipedia.org/wiki/Dialectical_materialism>.

[23] هدى بنت ناصر الشلالي، «موقف المستشرقين من علم الكلام والأشاعرة.. عرض ونقد في ضوء منهج أهل السُنَّة والجماعة،» (أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة الإمام مُحمَّد بن سعود الإسلامية، كلِّية أصول الدين، الرياض، 1428هـ/2007م)، ص 127 – 128.

[24] ساسي الحاج، المصدر نفسه، ج 1، ص 222.

[25] طه عبد الرحمن، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، ط 4 (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2010)، ص ص71 – 72.

[26] لويس غارديه وجورج قنواتي، فلسفة الفكر الديني بين الإسلام والمسيحيَّة، ترجمة صبحي الصالح (بيروت: دار العلم للملايين، [د. ت.])، ج 3، ص 15.

[27] صلاح الدين المنجد، المستشرقون الألمان.. تراجمهم وما أسهموا به في الدراسات العربية (بيروت: دار الكتاب الجديد، 1978)، ص 103.

[28] عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين، ط 3 (بيروت: دار العلم للملايين، 1993)، ص 567.

[29] المصدر نفسه، ص 82 – 83.

[30] Joseph Schacht, «Sources nouvelles concernant l’histoire de la théologie musulmane,» Nouvelle Clio, vol. 5 (1953), pp. 410‑426, and Jeanette Wakin, Remembering Joseph Schacht (1902‑1969), Occasional Publications; 4 (Cambridge, MA: Harvard College, 2003), p. 37.

[31] انظر ترجمته لدى: بدوي، المصدر نفسه، ص 34 – 36.

[32] Rudolf Strothmann, «Recht der Ismailiten,» Der Islam, vol. 31, nos. 2‑3 (1954).

[33] Rudolf Strothman, «Islamische Konfessionskunde und das Sektenbuch des Aś‘arī,» Des Islam, vol. 19, no. 4 (1930).

[34] Bertold Spuler, «Rodulf Strothmann,» Der Islam, vol. 36 (1960), pp. 1‑3, and Rudi Parer, «Rodulf Strothmann,» Zeitschrift der Deutschen Morgenländischen Gesellschaft (ZDMG), vol. 79 (1961), pp. 13‑15.

[35] Ernst A. Gruber, Verzeichnis der Schriften von Hellmut Ritter (Leiden: Brill, 1967), pp. 1‑32, and Josef van Ess, Im Halbschatten: der Orientalist Hellmut Ritter (1892‑1971) (Wiesbaden: Harrassowitz, 2013), pp. 29‑55.

[36] نجيب العقيقي، المستشرقون، ط 5 (القاهرة: دار المعارف، 2006)، ج 2، ص 464، وبدوي، موسوعة المستشرقين، ص 380 – 383.

[37] Max Horten, Die Philosophischen Probleme der spekulativen Theologie im Islam (Bonn: P. Hanstein, 1910).

[38] Max Horten, Die Philosophischen Systeme der spekulativen Theologen in Islam (Bonn: Hanstein, 1912).

[39] Max Horten, Die Spekulative und Positive Theologie des Islam nach Razi (-1209) und ihre Kritik durch Tusi (-1273) (Leipzig: O. Harrassowitz, 1912).

انظر أيضاً: بدوي، موسوعة المستشرقين، ص 618 – 620.

[40] Yehuda Landau, «Shlomo Pines,» Encyclopaedia Judaica, vol. 16, p. 167.

[41] انظر: العقيقي، المستشرقون، ج 2، ص 454 – 455.

[42] Wilferd F. Madelung, Religious School and Sects in Medieval Islam (London: Variorum Reprints, 1985).

[43] Wilferd F. Madelung, Arabic Texts Concerning the History of the Zaydi Imams of Tabaristan (Stuttgart: Franz Steiner, 1987).

[44] Wilferd F. Madelung, Religious and Ethnic Movements in Medieval Islam (Aldershot, Hampshire: Variorum; Brookfield, VT: Ashgate Pub Co., 1992).

[45] Wilferd F. Madelung, An Ismaili Heresiography (Leiden: Brill, 1998).

انظر أيضاً: Farhad Daftary, ed., Culture and Memory in Medieval Islam.. Essays in Honour of Wilferd Madelung (London: Institute of Ismaili Studies, 2003), pp. 5‑40.

[46] Birgitte Schepelern Johansen, Islamic Theology at the European Universities: Secularisation, Boundaries and the Role of Religion (Oslo: Nordic Journal of Religion and Society, 2006), vol. 19: 2, p. 93.

[47] المصدر نفسه، ص 93.

[48] Birgitte Schepelern Johansen, Islam at the European Universities (Copenhagen: University of Copenhagen Research Priority Area «Religion in the 21st Century», Report II, 2006), p. 15.

[49] المصدر نفسه، ص 97.

[50] المصدر نفسه، ص 96 – 97.

[51] هي: البروفيسور كريستين بوش نيلسون (Kristen Busch Nielson).

[52] هو: البروفيسور يورغن بايك سيمونسن (Jörgen Baek Simonsen).

[53] Kirsten B. Nielsen, Islam at the Universities of Europe: Religious Education and Education about Religion (Copenhagen: University of Copenhagen Press, 2005), p. 17.

[54] المصدر نفسه، ص 17.

[55] David Martin, The Religious and the Secular (London: Routledge and Kegan Paul, 1969), p. 116.

[56] Bryan Wilson, Religion in a Sociological Perspective (Oxford: Oxford University Press, 1982), p. 149.

[57] Nielsen, Islam at the Universities of Europe: Religious Education and Education about Religion, pp. 17‑18.

[58] Georg Auernheimer, Einführung in die interkulturelle Erziehung (Darmstadt: Wissenschaftliche Buchgesellschaft, 1995), p. 91.

[59] في جامعة فريجي (Vrije Universiteit Amsterdam) – الواقعة في مدينة أمستردام كذلك – لا نعمل مع أساتذة دراسات إسلامية، ولكن مع أساتذة في علم الأخلاق، إذ تنطوي الدراسة الدِّينيَّة على معرفةٍ لها علاقة بالالتزام الشخصي، وتهدف هذه المقررات إلى توفير المعرفة حول الدين الإسلامي بعامة وحول العقيدة المبني عليها هذا الدين بخاصة، وإلى جعل تلك المعرفة ذات صلةٍ أخلاقية وروحية بالعقيدة الإسلامية التي جُعل علم الكلام القشرة الخارجية لها. لذا فمن الأهمية بمكان ألّاَ يكون الالتزام الديني لدى الطلاب مثار شبهة أو عديم الصلة مع العمل الأكاديمي، بل يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ منه. انظر: Johansen, Islamic Theology at the European Universities: Secularisation, Boundaries and the Role of Religion, vol.19: 2, p. 100.

[60] Ibid., vol. 19: 2, p. 99.

[61] Auernheimer, Einführung in die interkulturelle Erziehung, p. 91.

[62] Johansen, Ibid., vol. 19: 2, p. 100.

[63] Ibid., vol.19: 2, pp. 100‑101.

[64] Ibid., vol.19: 2, p. 101.

[65] Ibid., vol.19: 2, p. 101.

[66] Auernheimer, Ibid., p. 91.

[67] David Cheetham, «The University and Interfaith Education,» Studies in Interreligious Dialogue Journal, vol. 15, no. 1 (June 2005), p. 17.

[68] حركة الشُّمُول – خلاصيَّة (Universalism): برزت بوصفها حركةٍ دينيَّة، من تأثيرات «التَّقويَّة الراديكالية» (Radical Pietism) التي كان لها شأنٌ في القرن الثامن عشر، وبدأت انشقاقاً داخل الكنائس المَعمَدانيَّة والأبرشانيَّة. كان الأسقف هوشيا باللو (Hosea Ballou) (1771 – 1852م) أبرز الكهنة الشُّمول – خلاصيِّين في أمريكا في القرن التاسع عشر، وقد كان لكتابهِ الشهير بحث حول عمل الفداء التكفيري للمسيح (A Treatise on Atonement) أثره في هداية قساوسة وكهَنَة الجماعة نحو عقيدةٍ توحيديَّة (Unitarian) في شأن الله وعقيدةٍ آريُوسيَّة حول المسيح. في عام 1953م، تبنَّى الشُّمول – الخلاصيون مبدأ عدم ضرورة الالتزام بعقيدةٍ معيَّنة لمن يُريد أن ينضمَّ إلى جماعتهم. ومنذ الستينيات أكَّد قادة هذهِ الحركة الإنسانية الدِّينيَّة، أهمية الإفادة من حكمة أديان العالم وتعاليمها الكبيرة. انظر: سعد رستم، الفِرَق والمذاهب المسيحيَّة منذ ظهور الإسلام حتى اليوم.. دراسة تاريخية دينيَّة سياسية اجتماعية، ط 2 (دمشق: الأوائل للنشر والتوزيع، 2005)، ص 315 – 316.

[69] Cheetham, Ibid., pp. 17‑18.

[70] لمزيدٍ من التفاصيل، انظر: يوهان فوك، تاريخ حركة الاستشراق.. الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا حتى بداية القرن العشرين، ترجمة: عمر لطفي العَالم، ط 2 (بيروت: دار المدار الإسلامي، 2001)، ص 55 – 57، ورضوان السيد، المستشرقون الألمان.. النشوء والتأثير والمصائر (بيروت: دار المدار الإسلامي، 2007)، ص 11 – 17.

[71] كان الألمان يملكون رغباتٍ استعمارية شرِهة ومُعلنة، لكنها ما صارت فاعلةً إلّا بعد الاتحاد الألماني عام 1870. وفي الوقت الذي اندفعوا فيه لخلق «مجالٍ حيوي» في أوروبا، التي زعموا أنَّهم كانوا يختنقون فيها تحت وطأة الحصارات البريطانية والفرنسية والنمساوية، اتجهوا صوب أفريقيا لانتزاع بعض الأقاليم، ثمَّ صوب آسيا العثمانية، لإقامة «علاقة استراتيجية» مع «الرجل المريض» في مواجهة الروس والبريطانيين والفرنسيين على حدٍّ سواء. انظر: السيد، المصدر نفسه، ص 7.

[72] Andrew Higgens, «The Lost Archive: Missing for Years, Cache of Photos Spurs Research on Islam’s Hallowed Text,» Wall Street Journal, 17/1/2008, p. 14.

[73] Ursula Wokoeck, German Orientalism: The Study of the Middle East and Islam from 1800 to 1945, Culture and Civilization in the Middle East; Book 16 (London: Routledge, 2009), p. 113.

[74] Jacques Waardenburg, «The Study of Islam in Dutch Scholarship,» in: Azim Nanji, ed., Mapping Islamic Studies: Genealogy, Continuity and Change (Berlin; New York: Mouton de Gruyter, 1997), p. 13.

[75] المصدر نفسه، ص 21.

[76] Ali Özgür Özdil, Islamische Theologie und Religionspädagogik in Europa (Stuttgart Kohlhammer, 2011), p. 48.

[77] Gudrun Krämer, «Islamwissenschaft,» <http://userpage.fu-berlin.de/~islamwi/invernizzi.htm> (accessed 18 February 2008).

[78] Higgens, «The Lost Archive: Missing for Years, Cache of Photos Spurs Research on Islam’s Hallowed Text,» pp. 14‑15.

[79] Krämer, Ibid.

[80] المصدر نفسه.

[81] Higgens, Ibid., p. 15.

[82] المصدر نفسه، ص 15.

[83] انظر الموقع الإلكتروني لجامعة برلين الحرة (Freie Universität Berlin): <http://www.geschkult.fuberlin.de/e/islamwiss/links/Forschungseinrichtungen_in_Deutschland.html>.

[84] Waardenburg, «The Study of Islam in Dutch Scholarship,» p. 22.

[85] المصدر نفسه، ص 21.

[86] Friedrich Paulsen, The German Universities: Their Character and Historical Development, translated by Edward D. Perry (Whitefish, MT: Kessinger Publishing, 2007), p. 123.

[87] «International Approaches to Islamic Studies in Higher Education,» (A Report to Higher Education Funding Council for England (HEFCE), June 2008), pp. 28‑29.

[88] انظر الموقع الإلكتروني الخاص بمعهد العلوم الإسلامية (جامعة برلين الحرة): <http://www.geschkult.fu-berlin.de/e/islamwiss>.

[89] Albrecht Fuess, «Introducing Islamic Theology at German Universities.. Aims and Procedures,» (Copenhagen University Islam Lecture Series, 2011), pp. 1 and 6.

[90] مجلس العلوم والإنسانيات الألماني (German Council of Science and Humanities) (بالألمانية: Wissenschaftsrat): وهو أهم هيئة استشارية علمية سياسية في ألمانيا. تأسَّس في الخامس من أيلول/سبتمبر سنة 1957، يعمل على تقديم الاستشارات للحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم في قضايا استمرار التطور مضموناً وبناءً لأنظمة المدارس العليا، وكذلك متطلبات تأسيس البحوث العلمية الرسمية. لمزيدٍ من التفاصيل، انظر الموقع الإلكتروني:       <http://de.wikipedia.org/wiki/Wissenschaftsrat>.

[91] Patrick Franke, «Uber die zukünftige Verortung des Islams an deutschen Universitäten – ein islamwissenschaftliches Positionspapier zu den Empfehlungen des Wissenschaftstrates vom 29 Januar 2010,» in: Hasan Karaca, hrsg., Bachelor-Imam berlegungen zur Einrichtung Islamisch-Theologischer Fakultäten in Deutschland (Köln: 2010) ss. 25‑39.

[92] المصدر نفسه، ص 29.

[93] Avinoam Shalem, «Öber die Notwendigkeit, zeitgenössisch zu sein: Die islamische Kunst im Schatten der europäischen Kunstgeschichte,» in: Burkhard Schnepel, Gunnar Brands, and Hanne Schönig, hrsg., Orient-Orientalistik-Orientalismus.. Geschichte und Aktualität einer Debatte (Bielefeld: Transcript Verlag, 2011), p. 249.

[94] المصدر نفسه، ص 251.


بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز