عندما ذهبت الشاعرة الإماراتية نجوم الغانم لدراسة الإنتاج والإخراج التلفزيوني، والتخرّج بهذا الاختصاص في جامعة أوهايو، في أمريكا، في العام 1996، لم يكن ثمة أحاديث متداولة عن «السينما الإماراتية» بعد. حينها، كان ثمة تجارب سينمائية إماراتية أوّلية، لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، أبرزها فيلم «عابر سبيل» لعلي العبدول (1989)، وفيلم «رمرام» لمسعود أمر الله (1994). وعندما حققت نجوم الغانم فيلميها «الحديقة»، و«آيس كريم»، الروائيين القصيرين (لم نشاهدهما)، في العام 1997، قبل أن تحصل على شهادة الماجستير في الإخراج السينمائي، من جامعة غريفيث في أستراليا، في العام 1999، كانت كتبت اسمها وحفرته في تاريخ السينما الإماراتية، بوصفها المخرجة السينمائية الإماراتية الأولى، ولتبدأ مسيرتها الرسمية سينمائياً، منذ فيلمها الوثائقي الأول «ما بين ضفتين»، في العام 1999. وعندما نالت نجوم الغانم، أخيراً، جائزة أفضل فيلم «غير روائي» (وثائقي)، في المسابقة الرسمية في الدورة الأخيرة من «مهرجان دبي السينمائي الدولي» (2014)، عن فيلمها «سماء قريبة»، كانت الدائرة اكتملت، ما بين البدايات الأولى، القلقة والمترددة وغير الواثقة، ولحظة الصعود إلى منصة التتويج في «مهرجان سينمائي دولي»، في أول جائزة من نوعها، وعلى مستواها، أمكن للسينما الإماراتية الحصول عليها، حتى الآن، إذ كانت السينما الإماراتية قبل هذا، وعلى مدى قرابة 15 سنة، تكتفي بشرف الحضور والمنافسة، من دون التمكّن من نيل جائزة تتفوّق بها على أفلام عربية من بلدان عريقة في مجال السينما.

نجوم الغانم… شاعرة السينما الإماراتية

تكاد مسيرة المخرجة نجوم الغانم تختصر الكثير من سيرة السينما الإماراتية، فضلاً عن تكثيفها لحضور المرأة، بوصفها صانعة أفلام، في الإمارات خاصة، وفي الخليج عموماً. نجوم الغانم (1962) شاعرة أصلاً وأولاً، سبق لها أن حقّقت حضوراً أدبياً على مستوى الوطن العربي، منذ ثمانينيات القرن العشرين (أصدرت أول دواوينها الشعرية مساء الجنة (1989))، أصابها عشق السينما، فذهبت مبكراً جداً (وتماماً) إلى دراسة السينما، ومنذ أن عادت تكاد لا تتوقف عن صناعة الفيلم تلو الآخر.

سيبدو فيلم «ما بين ضفتين»، في العام 1999، محاولة أولى ومبكّرة في السينما الإماراتية، حيث ثمة وثائقي يرصد وقائع وتفاصيل من الحياة اليومية في دبي، متخذاً من منطقة الخور، الشهيرة في دبي، واستخدام «العبرة» (مركب خشبي قديم وربما بدائي) للانتقال ما بين جناحي دبي (ديرة، برّ دبي)، على ضفتي الخور، فكرة وتكئة. الصورة السينمائية (الفيديوية) الغائمة الآن، ربما بسبب بدائية الكاميرا حينها، تأتي من الفيلم، كأنها صورة من زمن آخر، أو وثائق بصرية عتيقة، ترينا حال دبي في ذاك الوقت. تفاصيل الأمكنة، ووجوه العمال والموظفين والعابرين، المنتقلين من هنا إلى هناك. صورة دبي قبل نحو 15 سنة وأكثر، تتركك تتأمل في التغييرات التي حدثت، وفي الأشياء التي بقيت معاندة مرور الزمن، في دبي التي لا تركن ولا تهدأ.

لا ندري سبب غياب نجوم الغانم قرابة عقد من السنوات عن صناعة الأفلام، ريثما تعود إلى إنتاج وإخراج فيلمها الوثائقي الطويل «المريد»، (100 دقيقة، 2008) عن الشيخ عبد الرحيم المريد (1902 – 2007)، أحد أبرز أعلام المتصوفة في منطقة الخليج العربي، من الإمارات إلى عُمان إلى الكويت. «المريد» فيلم أخير في المرحلة الأولى من حياة المخرجة الغانم، إذ ستحقق بعده انتقالة مختلفة تماماً، تتمثل بالإتقان والمهارة والحرفية، ما يجعلها تبني طابقاً خاصاً بها في السينما الإماراتية. عموماً، يمكن لوثائقي «حمامة» (64 دقيقة، 2010) أن يكون نموذجه الأول، متصاعداً من فيلم إلى آخر، ليصل إلى أفضل مستوياتها في «سماء قريبة» (85 دقيقة، 2014)، بعد المرور مع «أمل» (88 دقيقة، 2011)، و«أحمر أزرق أصفر» (92 دقيقة، 2013)، و«صوت البحر» (2014).

أتت نجوم الغانم إلى السينما من عالم الشعر، مثل غيرها من أبرز السينمائيين الإماراتيين: مسعود أمر الله، وأحمد راشد ثاني، وأحمد سالمين، ومحمد حسن أحمد، ومنال بن عمرو… وغيرهم. ومن الجدير ذكر أن الشاعرة نجوم الغانم، وإن احتفظت بنكهة الشعر في بناء ورهافة أفلامها، إلا أنها اهتمت جوهرياً بتفاصيل الحياة اليومية الواقعية، وتناول شخصيات إنسانية من دم ولحم، مبتعدةً تماماً عن سياق تعمّم على كثير من الأفلام الإماراتية، إلى درجة أن صار مثلباً، كالتجريب، والتهويم في عوالم الخيالات، والتغنّى الأدبي بالماضي والتراث، منتصراً للأصالة، نافراً من الحداثة.

في أفلامها كافة، ستجد الإمارات الآن وهنا – الأمس والحاضر – ونجوم الغانم تعتني بالانتقاء، وتختار في دراية. شخصياتها: من العمال والموظفين والعابرين، إلى الشيخ عبد الرحيم المريد، إلى ممارسة الطب الشعبي: حمامة الطنيجي، والفنانة المسرحية أمل حويجة، والفنانة التشكيلية نجاة مكي، ومنشد البحّارة سيف الزبادي، وفاطمة الهاملي؛ أول سيدة إماراتية تدخل مجال «مزاينة الإبل»… كما تتنوّع الغانم في اختيار أمكنتها: من خور دبي، إلى الذيد، وأبوظبي، ودبي، والعين، وأم القيوين، وليوا… انتقالات ما بين الحيّ (الفريج)، إلى المدينة والقرية، ومن الصحراء، إلى البحر. صورة سينمائية شاسعة، لا تكاد تترك (أو تهمل) تفصيلاً يمكن التقاطه سينمائياً في الإمارات؛ المكان والناس والفاعلية البشرية والتعبير الإبداعي. من مواطنين ومقيمين، صور لأناس عاديين، ولآخرين أبدعوا في مجالاتهم، كانت شاشة السينما فرصة اللقاء بهم، والتعرّف إليهم، ونقش صورهم مرة وإلى الأبد.

أصبحت نجوم الغانم شاعرة السينما الإماراتية، وربما سفيرتها، عبر أفلامها الوثائقية التي باتت حاضرة في غير مهرجان عربي، وغير عربي، ومن خلال قصصها التي تهتم بالإنسان (المرأة عنواناً عريضاً)، وتنسجها في براعة سينمائية، يمكن أن تكون مفاجئة لمن لا يعرف جيداً عن تطوّر السينما في الخليج عموماً، والإمارات خصوصاً، أو لمن ما زال محكوماً للصورة النمطية عن الخليج والخليجيين.

نايلة الخاجة… ناشطة ومنشطة سينمائية

ستبدو المخرجة نايلة الخاجة الأكثر شهرة بين السينمائيات الإمارات، وربما الأكثر حضوراً في وسائل الإعلام والاتصال والمناسبات، بما يفيض عمّا قدّمته من أفلام روائية قصيرة، في غالبيتها الأعمّ. نايلة الخاجة هي الأقرب إلى صفة الناشطة والمنشطة السينمائية، خاصة مع اشتغالها الدؤوب على فعاليات تأخذ طابعاً إنتاجياً، تارة، من خلال شركتها، وتأخذ طابعاً تنموياً تنشيطياً توعوياً، تارة أخرى، من خلال نادٍ سينمائي أسسته، يتولى عروض أفلام شهيرة، في «قرية المعرفة»، في دبي، وأيضاً من خلال شراكات الخاجة وتعاونها مع عدد من الشركات والمؤسسات، المحلية وغير المحلية، الحكومية وغير الحكومية، ومهرجانات سينمائية، وفعاليات مختلفة.

على هذا، لم يكن غريباً أن تحظى نايلة الخاجة بالحضور، وجهاً إعلامياً، وإعلانياً، ومخرجة ومنتجة سينمائية، واسماً مؤثراً، ما جعل البعض يذهب إلى اعتبارها «أول إماراتية تخوض مجال صناعة الأفلام»، وخاصة أن أبرز ظهور لها كان في الدورة الأولى من «مهرجان دبي السينمائي الدولي» (2004)، من خلال فيلمها الوثائقي «اكتشاف دبي»، في شكل سلّط الضوء على حضور سينمائية إماراتية شابة، في حدث سينمائي على هذا القدر من الترقّب والاهتمام.

لا شك في أن نايلة الخاجة سينمائية مجتهدة، ذات رؤية تتكامل في جوانب العمل السينمائي، جميعها، من الإنتاج إلى الإخراج، وصولاً إلى العرض، وربما التسويق والتوزيع، مما يجعلها فاعلة متميزة في مجالها. فهي التي حازت شهادة في الاتصال الجماهيري، من كلية دبي للطالبات (1999)، ومن ثم تخرّجت في جامعة رايرسون الكندية. وفي مجال إخراج وصناعة الأفلام (2005)، بادرت إلى تأسيس شركة إنتاج «دي – سفن» (D-SEVEN)، كما أسست ناد سينمائي «نادي المشهد»، لتتحوّل إلى مؤسسة سينمائية محترفة.

تعاونت نايلة الخاجة في أول أفلامها؛ الوثائقي «اكتشاف دبي» (43 دقيقة، 2004)، مع السينمائي الألماني نيكولاس دولدينغر، في مسعى لرسم صورة دبي سينمائياً، من خلال عيني سينمائي أجنبي، وكاميرا سينمائية مواطنة، في وقت كانت دبي ترسم ملامح أكثر نضوجاً من مشروعها ونموذجها، الذي سيغدو جاذباً على نحو عالمي، بمقدار ما هو جدالي وإشكالي، على نحو لا يقلّ عن جاذبيته.

سرعان ما ستتحول نايلة الخاجة من هذا السياق العام، إلى سياق آخر خاص، يتصل بالشأن الاجتماعي المحلي، والقضايا الاجتماعية المتشابكة، منظوراً إليها من زاوية عالم المرأة والأسرة والعلاقات. يظهر هذا أولاً في فيلمها الروائي القصير «عربانة» (6 دقائق، 2006)، الذي يتناول قضية غاية في الحساسية، والحذر، في المجتمع الإماراتي، والخليجي. هنا ثمة أمٌ لاهية عن ابنتها الطفلة، وفي المكان رجل أجنبي (عامل آسيوي) يمكن له دخول البيت، كما يمكن للطفلة أن تذهب إلى غرفته المُلحقة بالفيلا.

لا يلمّح فيلم «عربانة»، في وضوح، إلى انتهاك ما تتعرّض له الطفلة من قبل الرجل الغريب، ولا يكتفي بالقول إن الطفلة تلجأ إلى الغريب في عالم الصدود والإهمال الذي تعيشه من قبل والدتها اللاهية، ووالدها الغائب… ولكن في غمرة الإشارات، الواضحة والخفية، ثمة ما ينبئ بخطر وتحذير ينبغي له أن يصل إلى الأسرة الإماراتية (والخليجية). فيلم مشغول سينمائياً، أهميته من ناحية الموضوع تتفوّق، ليغدو رسالة إنذار وتنبيه.

الفيلم الروائي القصير «مرة» (15 دقيقة، 2009)، الذي كان قد عُرض من قبل بعنوان «قبلة الفراشة»، يأخذ المنحى نفسه. هنا ثمة فتاة في مقتبل العمر، وغمرة المراهقة، تسعى إلى لقاء شاب ترى فيه حبيباً… فتاة تريد عبور الحاجز من الطفولة إلى عالم الأنثى، ولكن في تهوّر، يقودها إلى لقاء الشاب، في شقة منعزلة ومنفردة… تنحرف قصة الفيلم من واقعة اجتماعية، إلى حادثة فردية، مع حضور الأب بشكل مباغت، لتنجو الفتاة، وينجو المشاهد معها.

الأمر ذاته يتكرر في الفيلم الروائي القصير «ملل» (15 دقيقة، 2010)، الذي جرى تصويره في ولاية كيرلا الهندية. الفيلم يكشف عن مشاعر الزوجة بسبب انشغال الزوج، على رغم أنهما في شهر العسل، على ما يبدو. وهو إيحاء أوّلي بثلاثية الزوج والزوجة والعاشق (غسان الكثيري، نايلة الخاجة، هرمز مهتا)، على حافة الاتهام بالخيانة الزوجية، أو الوقوع في إثمها. تجد الزوجة نفسها منقادة إلى رفقة الشاب الهندي، في مشاوير بريئة، أو قل سياحية، في ثنايا الطبيعة الساحرة في كيرلا. الزوج الإماراتي منشغل بتسيير أعماله، والزوجة الإماراتية في قبضة الوحدة و«الملل»، ورفقة شاب غريب. والفيلم يدقّ جرس الإنذار. أيها الرجل!

لا يعدو «لمحة» (2013) أن يكون أكثر من «لمحة» ذات علاقة بثيمة الوحدة، التي كانت عنوان ورشة العمل التي أشرف عليها المخرج الإيراني عباس كياروستامي في «مهرجان الخليج السينمائي». إنه فيلم أقرب إلى كليب بصري، مشغول بمهارة واضحة، من ناحية الصورة والأداء والمونتاج. وهو فيلم يصحّ أن يكون هارباً من إعلان تجاريّ، عن امرأة جميلة، ومستحضراتها الباذخة، وثرائها الفاحش، ووحدتها القاتلة، والفتى الموعود، أو الشاب المُشتهى، يتلامح من وراء النافذة.

نعبر فيلم «ثلاثة» (11 دقيقة، 2013)، الذي لم نشاهده، لنتوقف عند جديد نايلة الخاجة في فيلمها «الجارة» (24 دقيقة، 2013)، أطول أفلامها الروائية القصيرة حتى الآن. فيلم «الجارة» يتناول، في قدر من الطرافة، العلاقة ما بين أسرة إماراتية، مكوّنة من امرأة متقدّمة في السنّ وحفيدتها، من جهة، والجارة الأجنبية سارة، التي انتقلت أخيراً للعيش في دبي، من جهة أخرى. علاقة تتسم بالالتباس، نتيجة اختلاف كبير بين ثقافتين تتجاوران في البناء نفسه. لا بد من أن يكون النفور فاتحة العلاقة، ريثما تتضح ملامح الشخصيات، وخلفياتها، وتتكشّف عن بُعد إنساني، يمكن له أن يكون جامعاً وناظماً، على رغم الاختلاف في الثقافات بين البشر.

النظرة العامة لأفلام نايلة الخاجة تؤكد ما قدمنا له من أنها سينمائية مهتمة، على صعيد موضوع أفلامها، بالسؤال الاجتماعي، ما يجعل من أفلامها عموماً أفلاماً «رسولية»، ذات رسالة اجتماعية تربوية تنموية توعوية، ربما بما يتناسق مع رؤية الخاجة للسينما التي تريد التوقيع باسمها على أفلامها، في وقت تنظر إلى السينما عموماً باعتبارها حيزاً للفعل العام، ما تؤيده من خلال سعيها إلى الإنتاجات التي تتولى العمل معها، واختياراتها للعروض التي نشاهدها في «نادي المشهد».

سينمائيات هاربات من السينما

كما أتين من حقول الإبداع، وعلى رأسها الشعر، وربما التصوير الفوتوغرافي، سرعان ما سيهربن من عالم السينما إلى حقول إبداعية أخرى، أو ينصرفن إلى شؤون حياتية. لمياء حسين قرقاش التي أنجزت فيلمها «الأرضية المبتلة» (8 دقائق، 2003)، «عندما كانت طالبة في قسم الإعلام المرئي في الجامعة الأميركية في الشارقة»، والذي عُرض في «مسابقة أفلام من الإمارات» (2003)، ومن ثم في «مهرجان السينما العربية في باريس» (2004)، نموذج مبكّر عمّا نقصد.

لكن المخرجة منال بن عمرو (منال علي بن عمرو)، التي تألقت في فيلم «وجه عالق» (6 دقائق، 2007)، ونالت جائزة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» لأفضل موهبة سينمائية محلية عنه، ذاك العام، سوف تذهب إلى عالم كتابة الأدب، من رواية ونصوص نثرية، وإلى التصوير الفوتوغرافي، مغادرةً السينما والمسرح الذي نالت فيه جائزة أفضل إخراج مسرحي عن «بورتيا»، في «مهرجان الشباب المسرحي» (2007).

منال بن عمرو (1978)، التي تخرّجت في اختصاص اتصال جماهيري، من جامعة الإمارات (2000)، والتي صدر كتابها الأول بعيداً عن أيادي المومسات، نصوص نثرية (2012)، والتي أخرجت وكتبت تسعة أفلام قصيرة، أهمّها على الإطلاق «وجه عالق»، بما في ذلك عملها في مجالات صناعة الفيلم كافة، من مصورة، ومونتيرة، وممثلة، وكاتبة، ومنتجة، وموزعة… خسارة حقيقية للسينما الإماراتية، في انشغالها عنها.

وتنشغل المخرجة هناء الشاطري، من جهتها، في هذا الوقت، في عملها معدّة برامج في التلفزيون (أبوظبي). هذا لا يغفلنا عن أفلامها التي قدّمتها: «شيء ما» (8 دقائق، 2008)، و«أحلام بالأرز» بالاشتراك مع المخرج ياسر النيادي (28 دقيقة، 2011)، وفيلمها الجميل «انتظار» (14 دقيقة، 2012)، الذي اختارت تقديمه بتقنية ثلاثي الأبعاد، بالأبيض والأسود، وجرى تصوير غالبية أحداثه في «مترو دبي». مبدية مهارة لمخرجة شابة واعدة يمكنها تقديم المميز.

وعد سينمائي مقبل

المشاهدة الأولى للفيلم الروائي القصير «البُعد الآخر»، إخراج عائشة الزعابي (11 دقيقة، 2014)، تنبئ بولادة مخرجة سينمائية إماراتية واعدة. في ما بعد يمكنك معرفة أن عائشة الزعابي طالبة في السنة الثالثة، في «كلية التقنية العليا»، تخصص إعلام. وأن فيلم «البُعد الآخر»، هو أولى تجاربها الإخراجية. ولن تنتهي الدورة الأخيرة من «مهرجان دبي السينمائي الدولي» حتى يتوّج هذا الفيلم بجائزة أفضل فيلم في «المهر الإماراتي» (2014).

قبل ذلك، كانت المخرجة راوية عبد الله، خريجة قسم الاتصال الجماهيري في جامعة الإمارات، قدّمت نفسها من خلال «قبل أن أكبر» (17 دقيقة، 2008)، و«غيمة أمل» (9 دقائق، 2009)، و«اللون المفقود» (10 دقائق، 2011)، و«مكتوب» (20 دقيقة، 2012). وبرزت المخرجة منى العلي في «إعادة» (5 دقائق، 2010)، و«دوربين» (8 دقائق، 2012)، و«كتمان» (10 دقائق، 2013). واشتركت علياء المهيري، وأسماء أحمد، في فيلمهما «مشروع أمل» (21 دقيقة، 2008)، وهند الحمادي وإلهام شرف في «البحث عن الشريك المثالي: ستايل دبي» (20 دقيقة، 2009)، واشتركت علياء الشامسي مع طلال المحمود في «عطر المطر» (19 دقيقة، 2012)،

وفي السنوات الأخيرة، شهدت السينما الإماراتية مساهمات ملفتة لمخرجات، مثل سارة العقروبي في «الفاكهة المُحرّمة» (10 دقائق، 2011)، وشقيقتها أمل العقروبي في «نصف إماراتي» (10 دقائق، 2012)، و«أنشودة العقل» (61 دقيقة، 2013)، ومريم السركال في «لندن بعيون امرأة محجبة» (17 دقيقة، 2011)، و«شجرة البلح القديمة» لإيمان السويدي (6 دقائق، 2011)، و«رذاذ الحياة» للمخرجة فاطمة عبد الله (7 دقائق، 2012)، التي تدرس الإعلام التطبيقي في «كلية التقنية العليا»، في رأس الخيمة، والمخرجة علويه ثاني في عودة إلى جديدها «الإيمان بالحب» (18 دقيقة، 2013)، وهي التي سبق أن قدّمت، وفق ما يذكر موقع «دبي السينمائي» أفلاماً منها: «من التراب إلى التراب» (2005)، و«تناهيد» (35 دقيقة، 2011)، و«المصيدة» (2011)، كما شاهدنا فيلم «الدرب» لمريم النعيمي (10 دقائق، 2014)، التي سبق أن قدمت «أنيغما» (2 دقيقة، 2009)، و«لهجتنا» (12 دقيقة، 2011)، و«غروب» (20 دقيقة، 2013)، وما بينها مثل «التجارة بالبشر» 2011، و«أناس جميلة» 2012، كما صوّرت «الزوجة الثانية»، بتوقيع موزة الشريف (14 دقيقة، 2010).

خاتمة

أسّست «مسابقة أفلام من الإمارات» (2001) لثورة سينمائية إماراتية، أو لنقل في مجال صناعة الأفلام، كان من أبرز عناوينها أن من كانوا يجدون محلاً للإبداع بالكلمة؛ شعراً أو قصة أو رواية، أو إبداعاً بالصورة الفوتوغرافية أو الرسم، أمكن لهم أن يجدوا هذه المرة فرصة للإبداع من خلال «صورة الحركة»؛ سينمائياً أو «فيديوياً». ولم يتأخّر جيل كامل عن الانخراط في هذه الانعطافة التاريخية التي كان لا بد لها من أن تؤسس لولادة سينما إماراتية، خلال عقد من الزمن بات من أبرز ملامحه حضور المرأة الإماراتية التي لم تتردّد في المساهمة الجوهرية في هذه الفعالية الإبداعية.

ما بين الهواية والاحتراف. ما بين اللهو والمتعة، أو الشعور بالمسؤولية، وما بين الغوص في عمق التجربة، أو السباحة على ضفافها… يتنوّع حضور المرأة الإماراتية بوصفها صانعاً للأفلام، منهن من أخذتها شؤون الحياة، وأخريات بقين على وعد بسينما صافية، ولا بد للمرأة من أن تقول عبر شاشاتها شيئاً ينبغي أن يُقال.