نبذة تعريفية:

ولد وصفي قبها في 19حزيران/يونيو 1959، في بلدة برطعة غرب مدينة جنين شمال الضفة، درس الهندسة المدنية في جامعة ديترويت بالولايات المتحدة وحصل على شهادة الدراسات العليا في دراسات المياه. ويعد أحد قادة حركة حماس السياسيين البارزين في فلسطين، اعتقل العديد من المرات معظمها اعتقالًا إدارياً. وقد بدأت رحلة عذاب الاعتقال سنة 1989 حيث أمضى حتى تاريخه مايقارب من 15سنة اعتقال. فكان يمضي في الاعتقال الإداري سنتين أو ثلاث سنين دون تهمة وتحت بند الملف السري ويشكل خطرًا على أمن إسرائيل، ويذكر أنه تحرر من الاعتقال الإداري حديثًا بعد قضاء سنة تقريبًا.

شغل قبها في الحكومة العاشرة منصب وزير شؤون الأسرى والمحررين، وهو من الوجوه المعروفة ومن رجال الاصلاح في الضفة، ويذكر أن إسرائيل تمنعه من العودة إلى قريته برطعة الغربية وأجبرته على العيش في مدينة جنين، وعندما انتهى عمله في الوزارة، لم يترك مجال الاهتمام في قضية الأسرى بل بقي الصوت المدافع الأمين عن الأسرى وقضيتهم وبالأخص الأسرى المرضى.

عند الحديث عن الأسرى المرضى في السجون الإسرائيلية، فإن الأمر يدور حول سياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها سلطات الاحتلال وهي تتعامل مع الأسرى الفلسطينيين، أجرت المستقبل العربي الحوار الآتي معه:

ما هو هدف سلطات الإحتلال من وراء سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى بشكل عام والأسرى المصابين بأمراض مزمنة أو خطيرة بشكل خاص؟

قبها: الحقيقة تكمن في أن الاحتلال يهدف إلى معاقبة الأسير الفلسطيني على ممارسته حقه المشروع في مقاومته، هذا الحق الذي كفلته الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، ونداء الواجب الوطني بضرورة التخلص من نير هذا الاحتلال. إذن الهدف من الاهمال الطبي هو عقوبة إضافية تفرضها سلطات الإحتلال على الأسرى المرضى ليعيشوا المعاناة المركبة والحقيقية، فالأسير المريض يجتمع عليه ألم القيد، وألم الجسد معاً، وألم القيد أهون بكثير من ألم الجسد داخل المعتقل الذي سببه الأول والأخير “الإهمال الطبي” حيث يمكن أن يُفهم في إطار عدم تشخيص المرض في الوقت المناسب ومن ثم وصف العلاج المناسب في الوقت المناسب.

هل تقوم قيادة الحركة الأسيرة بدورها في التصدي لسياسة الإهمال الطبي المتعمد؟

قبها: لا شك أن الحركة الأسيرة تضطلع بمهام عديدة وكثيرة وتقع على عاتقها مسؤوليات تنوء عن حملها الجبال، هذه المهام والمسؤوليات على درجة عالية من الأهمية والخطورة معًا، حيث يعتبر “الإهمال الطبي” أحد الملفات التي يتم التعامل معها في هذا السياق لأن الأمر يتعلق بأرواح الأسرى وحياتهم، وتأخذ المتابعات صوراً وأشكالاً عديدة تبدأ بمناقشة ملف الأسير المريض مع إدارة السجن والطلب منها التسريع في نقله إلى المستشفى أو التعجيل في إجراء العملية، ومنها المطالبة بالإفراج المبكر عن الأسير المريض نظراً لخطورة حالته الصحية. وإذا لم تستجب إدارة السجن يقوم ممثلو الأسرى بالحديث مع الضباط المسؤولين من إدارة مصلحة السجون المركزية، وأمام المماطلة يقوم ممثلو الأسرى برفع الكتب الرسمية وتضمينها تحذيرات من سياسة المماطلة والتسويف. وقد تقوم الحركة الأسيرة في السجن أو على صعيد مختلف السجون بعدم استلام وجبات الطعام، وإذا ما تفاقمت الأمور يلجأ الأسرى إلى خطوات نضالية أكثر تصعيدًا، كالإضراب ليوم أو أكثر، وقد تصل الأمور إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، وهنا نلاحظ أن كافة الإضرابات المفتوحة عن الطعام كان من صلب مطالبها وأهدافها وقف سياسة “الإهمال الطبي” وتوفير العلاجات المناسبة في الأوقات المناسبة وعدم الإنتظار حتى تتدهور الحالة الصحية للمريض، والتسريع في إجراء العمليات الجراحية للأسرى، التي تتابعها الحركة الأسيرة وباستمرار .

إلى أين وصلت حوارات ممثلي الحركة الأسيرة مع إدارة السجون فيما يتعلق بتقديم العلاج المناسب للأسرى المرضى؟

قبها: لا يمكن القول بأن الحركة الأسيرة قد توصلت إلى حلول جذرية مع إدارة مصلحة السجون حول ملف “الإهمال الطبي”، حيث تنكر مصلحة السجون أصلًا وجود إهمال طبي بل تتدعي أنها تقدم أفضل الخدمات الطبية للأسرى وفق احتياجاتهم، وهذا بالطبع تفنده الوقائع والحالات والأمثلة الكثيرة. في نفس الوقت، لقد تمكنت قيادة الحركة الأسيرة من معالجة العديد من الحالات كلٍّ على انفراد لأنه وكما ذكرت في المقدمة بأن الإهمال الطبي سياسة احتلالية ممنهجة لا يتم الإعلان والإفصاح عنها وتأتي في سياق فرض عقوبة إضافية على الأسير الفلسطيني خارج إطار القانون وإجراءات المحاكم.

ماهي الادعاءات التي تتحجج بها إدارة مصلحة السجون لامتناعها عن تقديم العلاج المناسب للأسرى المرضى في سجونها؟

قبها: مصلحة سجون الاحتلال لا تعترف بالمطلق بوجود إهمال طبي، وللأسف توظف بعض مواقف الأسرى لتدعيم موقفها، فعلى سبيل المثال يتم تحديد موعد للأسير في عيادة خارجية تابعة لسجن الرملة أو سجن جلبوع، ولأن الأسير لديه قناعة بأنه لن يستفيد من الذهاب إلى العيادة المذكورة يرفض الخروج في البوسطة حيث عذابات ومشقة السفر ويحسبها الأسير في حال خروجه سيعود مريضًا وسيكون طريح الفراش لأسبوع، لذلك عندما يعتذر الأسير عن الخروج تقوم إدارة السجن بتوقيعه على ورقة بأنه لا يريد الخروج من تلقاء نفسه وبقراره المسبق، وقد وقع العشرات في هذه المصيدة، حيث تقوم مصلحة السجون بتجميع هذه الأوراق الموقعة من الأسرى الذين رفضوا الخروج في بوسطة لعيادة خارجية، وتضمنها في تقاريرها بأن مصلحة السجون تحدد مواعيد للأسرى لمقابلة الأطباء، والأسرى يرفضون. من هنا فقد حذرت قيادة الحركة الأسيرة ومن خلال التعميمات النضالية بضرورة خروج كل أسير يتم تحديد موعد له في عيادة خارجية حتى لو تكبد التعب والمشقة حتى نسحب البساط من تحت إقدام مصلحة السجون لتوظيف هذه المواقف وتحميل الأسرى مسؤولية عدم الخروج إلى العيادات. والشيء بالشيء يُذكر، فمصلحة السجون وفي كافة الجوانب تحرص بأن تحصل على توقيع الأسير الذي يرفض الخروج إلى عيادة داخلية أو خارجية، أو حتى إذا رفض الخروج لزيارة محامي لتعب أو مرض.

إن مصلحة السجون وهي تنتهج سياسة الاهمال الطبي بأبشع صورها بحق الأسرى فهي وبطريقة لا أخلاقية تتقن وبشكل كبير توظيف بعض المواقف عند الأسرى سواء كانت هذه المواقف ناجمة عن جهل أو نتيجة عدم مقدرة على تحمل أعباء ومشقة السفر لإدانة الأسرى وتحميلهم مسؤولية عدم الخروج للعيادات. من هنا كان تحذير قيادة الأسرى بضرورة الإلتزام وسحب بساط الذرائع من تحت أقدام مصلحة السجون.

ومن جهة أخرى، تتذرع مصلحة السجون أحيانًا بعدم وجود ميزانيات لبعض العمليات المكلفة، وفي مرحلة سابقة طلبت من الأسرى المرضى تحويل مبالغ مالية عالية من أجل إجراء العملية، مثل زراعة كلية للأسير أحمد يوسف عودة التميمي الذي كان محكومًا بالمؤبد، وقد أصرت الحركة الأسيرة على رفض مبدأ الدفع حتى لا تكون سابقة وذريعة للإحتلال لتكون علاجات الأسرى المرضى على نفقتهم الخاصة. وعلى مدار 4 سنوات، عاني التميمي خلالها كثيرًا قبل أن يتم استصدار أمر قضائي يلزم مصلحة سجون الاحتلال بإجراء العملية على نفقة مصلحة السجون، وكان يومها الوضع الصحي للأسير التميمي قد وصل لحالة صعبة جدًا وخطيرة جدًا وكان وضعه الصحي جدُّ مقلق، وبالفعل فقد تمكن من زراعة الكلية في 3 آب/أغسطس2008، بعد أن تبرع له أحد أقاربه “أمين محمد عوض التميمي” بإحدى كليتيه. إن تكاليف العلاج لا يستطيع الأسير تحملها وخاصة أن العلاج في المستشفيات الإسرائيلية عالي التكاليف، فزراعة الأعضاء على سبيل المثال غير واردة في خدمات مصلحة السجون الطبية، وحتى زراعة الأسنان وقرنية العين. والتميمي قد أجريت له زراعة الكلية بأمر قضائي وبعد مماطلات وتسويف وبعد أن تدهورت حالته الصحية والمتبرع من أقاربه، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن ما يقوم به الأسرى من تركيب أطقم أسنان فإن ذلك يتم بين الصليب الأحمر والمؤسسات العاملة في مجال الأسرى لتوفير التكاليف، أو لإدخال طبيب خاص توافق عليه مصلحة سجون الإحتلال وهذا لا يتم خلال سنة أو سنتين، وإنما عبر مشوار طويل جدًا وسلسلة من الإجراءات المملة وحيث يستوجب الأمر موافقة أمنية التي قد يطول انتظارها.

ماهي الخطوات التي تقوم بها الحركة الأسيرة ضد إدارة السجون عندما يستشهد أسير مريض؟

قبها: هناك عدة خطوات وفعاليات نضالية، فما أن يتم سماع نبأ استشهاد أسير حتى يبدأ الأسرى بالضرب على الأبواب والتكبير، وهنا لا بد من الاشارة بأن مصلحة السجون وقبل أن يتسرب نبأ استشهاد الأسير تقوم بنشر تعزيزات أمنية مكثفة حول السجن وأقسامه. وتدخل مصلحة السجون في حالة من الاستنفار العام حتى تحول دون سيطرة الأسرى على أبواب السجن، وقد تغض إدارة السجون النظر عن ما يجري داخل الأقسام من ضرب على الأبواب وإطلاق صيحات الله أكبر والهتافات وحرق بعض الفرشات لإمتصاص النقمة وتنفيس الاحتقانات لدى الأسرى. ولكن قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة تتدخل وحدات القمع الصهيوينة وتبدأ برش الغاز والقنابل الصوتية وإخراج بعض الأسرى إلى زنازين العزل.

وعادة يقدم ممثلو الأسرى احتجاجات شفوية، وأخرى مكتوبة إلى كل الجهات ذات الإختصاص، وقد يتفق الأسرى على وضع برنامج نضالي تصعيدي يبدأ بإرجاع وجبة عن الطعام يتوج بإضراب مفتوح عن الطعام، وذلك من أجل توظيف حالة الاستشهاد لتحقيق بعض المطالب على صعيد ملف “الاهمال الطبي” أو تحسين اشتراطات الحياة اليومية.

وقد يقوم الأسرى بمقاطعة العيادات ورفض تناول الدواء وما إلى ذلك من خطوات نضالية الهدف منها الضغط على إدارة السجون لإدخال بعض التحسينات ” ولسان الحال مصائب قوم عند قوم فوائد”.

هل يعتبر مشفى سجن الرملة صالح لتقديم العلاج المناسب للأسرى المرضى؟

قبها: إن ما يُطلق عليه “مشفى الرملة” ومن وجهة نظري لا يمكن تسميته ولا بأيِّ حال من الأحوال “مشفى” لأنه يفتقد إلى أبسط متطلبات معايير المشفى، بل يمكن اعتباره كأي قسم من أقسام أيِّ سجن، فهو في حقيقة الأمر سجن تنطبق عليه شروط السجن الأمنية والاجراءات والمعاملة القاسية للمرضى مع الاختلاف النسبي بالمتابعة الطبية حيث يمر الطبيب يوميًا مرتين ليسأل الأسير المريض القابع في هذا القسم “المراش” عن ما يشعر ويعطيه الدواء الذي يجب أن يأخذه. وللعلم فهو القسم الوحيد الذي يمكن التراخي في بعض الاجراءات من حيث ساعات فتح الغرف حيث تكون أكثر من باقي السجون فهو غير مناسب لتقديم العلاجات ولكنه قد يكون ويعتبر محطة سهل الوصول منها إلى المستشفيات دون معاناة كبيرة حيث تؤخذ فيه بعض الخصوصية للقابعين فيه، وعادة ما يتواجد فيه عدد من الأسرى يزيد أو ينخفض وقد يتراوح العدد حول 25 اسيراً، وهنا لا بد من التنويه بأنه لا يوجد قسم مشابه له خاص بالأسيرات.

ما هو دور هيئة شؤون الأسرى والمحررين تجاه متابعة ملف الأسرى المرضى؟

قبها: إن دور هيئة شؤون الأسرى والمحررين لا يتجاوز المتابعة القانونية وتقديم الإلتماسات  الفردية (لكل أسير على حدة ) لدى محاكم الاحتلال للسماح لها بإدخال طبيب مختص على سبيل المثال لمعاينة الأسير المريض، وإعداد تقرير طبي قد يساعد في جلسات محاكم تعقد خصيصًا للإفراج المبكر عن الأسير المريض نظرًا لتردي حالته الصحية، أو السماح بإدخال أدوية محددة، أو أطراف صناعية، أو كراسي متحركة، أو طبيب أسنان وما إلى ذلك.

كما أن الهيئة تقوم بإرسال محامين لزيارة الأسرى المرضى والإستماع إليهم وإلى معاناتهم وتوثيقها بكل التفاصيل، وقد تحصل على شهادات مشفوعة بالقسم لبعض الحالات حتى تتمكن الهيئة من متابعة ذلك قانونيًا.

هل تقوم السلطة الفلسطينية بمسؤوليتها على المستوى القانوني والدولي تجاه ملف الإهمال الطبي المتعمد الذي أدى إلى زيادة عدد الأسرى الشهداء ؟

قبها: من المؤسف جدًا أن السلطة الفلسطينية هي ظاهرة صوتية فقط حيث لا يوجد هناك تحرك فاعل على المستوى القانوني والدولي وخاصة أن ملف “الإهمال الطبي” قضية رابحة في إدانة الكيان الصهيوني المحتل، فالأصل أن تكون هناك لجان تشريح دولية عند استشهاد أي أسير نتيجة الاهمال الطبي تقف على حقيقة ما يجري. كما أن السلطة لم تقم بالدور المطلوب في تفعيل ومتابعة منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود، حتى يكون لهذه الجهات الدولية وقفة جادة في حماية الأسرى الفلسطينيين المرضى من جرائم الاحتلال، وإنقاذ حياتهم حيث عدم القيام بالدور الدبلوماسي أيضًا واللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية أعتبره نوعًا من الصمت على سياسة الاحتلال التي تهدف لقتل أسرانا المرضى من خلال عدم تقديم العلاج المناسب لهم، والاستهتار بحياتهم، لذلك لا بد لهذه السلطة من القيام والإضطلاع بالمسؤليات والمهام الملقاة على عاتقها والتحرك قانونيًا وإنسانيًا ودبلوماسيًا لتشكيل رأي عام عالمي وإقليمي ومحلي ضاغط على الاحتلال لتقديم العلاج اللازم للأسرى قبل انعدام الأمل في شفائهم.

وهنا لا بد من التوضيح  بأن سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى أدت إلى استشهاد أكثر من 58 أسيرًا منهم داخل السجون كان أولهم الأسير خليل الرشايدة من بيت لحم والذي توفي في عام 1968 بعد إصابته بنوبة قلبية حادة دون اتخاذ التدابير اللازمة لعلاجه.

وقد استشهد العديد من الأسرى أيضًا منهم الأسير ميسرة أبو حمدية من الخليل والذي توفي في عام 2013 جراء إصابته بمرض السرطان، بالإضافة إلى استشهاد العشرات من الأسرى بعد الافراج عنهم بفترة وجيزة بسبب إصابتهم بأمراض مزمنة خلال فترة اعتقالهم، أو من الذين مورست عليهم التجارب الطبية الأمر الذي أدى إلى انتكاسة صحية متدرجة حتى الاستشهاد ومنهم مجدي حماد، وأشرف أبو ذريع، وسيطان الولي من الجولان المحتل وزهير لبادة، ومراد أبو ساكوت وغيرهم. حيث وصل عدد شهداء الحركة الأسيرة مع مع استشهاد الأسير نصار عمر طقاطقة (31عامًا)، في 16تموز/يوليو2019، إلى 220 شهيد والعدد مرشح للزيادة بظل سياسة الإهمال الطبي التي تمارس من قبل مصلحة السجون بحق الأسرى المرضى.

ويبقى القول في هذا السياق بأن الإهمال الطبي المتعمد جعل بعض الأمراض البسيطة تتحول إلى أمراض مزمنة، حيث أن هناك العديد  من الأسرى والذين تم تحررهم من الأسر يعانون من تلك السياسات السادية .

هل تقوم المؤسسات التي ترعى شؤون الأسرى الفلسطينيين، ومؤسسات حقوق الإنسان بدورها في متابعة ملف الأسرى المرضى؟

قبها: بداية لا بد من الإشارة إلى أن صور الإهمال الطبي كثيرة ومتعددة وقد تأخذ مناح لوجستية أيضًا، وأشكالها كثيرة وقد تأتي متابعة المؤسسات التي تُعنى بشؤون الأسرى وفق هذا الشكل أو تلك الصورة وقد تنجح مع أسير وتخفق مع العشرات، لذلك يمكن تناول بعض الصور من الإهمال الطبي التي يمارسها الإحتلال بحق أسرانا:

  1. عدم إجراء الفحوصات اللازمة والمناسبة من صور أشعة وتصوير طبقي ورنين مغناطيسي وتحاليل طبية في الوقت المناسب لتشخيص الحالة المرضية، حيث أن عيادات السجون لا تتوفر فيها عيادات تخصصية بل عيادات عامة لا تتوفر فيها الأجهزة المناسبة لإجراء فحوصات أولية تعكس طبيعة الحالة المرضية التي تُمكن الطبيب من وصف العلاج المناسب، أو التحويل للجهة التخصصية المناسبة.
  2. عدم كفاءة أطباء السجون بالمجمل، وعند معاينة الحالات المرضية غالبًا ما تتم بالمعاينة بالنظر دون لمس الأسير، وأحيانًا يتم وصف العلاج وفق فهم الطبيب للأسير من خلال الحديث والحوار.
  3. تأخير إجراء العمليات الجراحية للأسرى المرضى، تارة لوجود قائمة انتظار طويلة قد تستغرق سنوات، أو لعدم وجود موازنات كافية لإجراء العملية، وقد تحدثت آنفاً عن مطالبة الأسير بتحمل تكاليف إجراء العملية وقدمت “التميمي” مثالًا على ذلك.
  4. عدم تقديم العلاجات المناسبة للأسرى المرضى وفق الحالة المرضية الحقيقية، وغالباً ما يتم تقديم العلاجات المُسكنة للآلام وليس العلاجات الموصوفة وقد تكون الحجة تكلفة الأدوية العالية.
  5. لقد تم توثيق مسألة خطيرة جدًا وهي ما يسمى “التجارب الطبية”، حيث ومن خلال عيادات السجون وتآمرها مع شركات صناعة الأدوية يتم صرف أدوية تحت الإختبار والتجربة للأسرى ويتم متابعة ومراقبة مفاعيل وتأثير هذه الأدوية على أجساد الأسرى في حالة من اللاأخلاقية واللاإنسانية البحتة، وذلك لصالح هذه الشركات، حيث أصبح الأسرى حقول تجارب للشركات الصهيونية.
  6. إن عدم وجود أطباء مختصين وعلى درجة عالية من الكفاءة والمهنية داخل السجون كأطباء العيون والأسنان والأنف والأذن والحنجرة، كذلك عدم وجود أطباء مناوبين ليلًا لعلاج الحالات الطارئة يعد شكلًا من أشكال عدم الإكتراث بصحة الأسرى وهو بحد ذاته صورة من صور الإهمال الطبي.
  7. نقل الأسرى المرضى لتلقي العلاج في المستشفيات والعيادات الخارجية وهم مكبلو الأيدي والأرجل في سيارات “البوسطة” التي هي بحد ذاتها قطعة من العذاب تزيد من خطورة الحالة المرضية، وسيارات النقل “البوسطة” عبارة عن سيارة شحن سيئة أو عديمة التهوية، والأصل أن يتم نقل الأسرى المرضى من خلال سيارات اسعاف تنطبق عليها مواصفات ومعايير سيارات الاسعاف الدولية.
  8. عدم توفير وجبات غذائية صحية مناسبة وملائمة للأسرى وفق الأمراض التي يعانون منها وخاصة الأمراض المزمنة كمرضي السكري والضغط حيث يتطلب أن تكون الوجبات تتماشي وهذه الأمراض، لأن الوجبات الملائمة هي جزء من العلاج لهذه الأمراض، هذا وناهيك عن أمراض القلب والكلى.
  9. عدم وجود رقابة صحية فاعلة على المطابخ وعمالها حيث تفتقد المطابخ العامة التي تُدار من قبل مصلحة السجون ومن خلال الأسرى المدنيين إلى النظافة، حيث حصلت حالات تسمم فردية وأخرى جماعية.
  10. يعاني الأسرى من ذوي الاحتياجات الخاصة من عدم توفر الأطراف الصناعية الملائمة والمناسبة وحتى النظارات الطبية، كما أن زراعة الأسنان وتقويم الأسنان لا تتوفر وكل ما هو متوفر هو الخلع والرقع المؤقتة فقط.
  11. عدم توفر الغرف المناسبة للأسرى الذين تتطلب حالتهم المرضية ذلك، فالعزل لمن يعانون من أمراض معدية غير متوفر في السجون. كما أن الغرف عديمة التهوية أو سيئة التهوية والرطوبة الشديدة والاكتظاظ كلها تشكل عوامل معاناة إضافية خاصة لمن يعانون من الضغط والربو.
  12. عدم توفير مواد التنظيف والمواد المعقمة والمطهرة يسبب أمراض كثيرة، كما أن عدم توفير المبيدات الحشرية أيضًا يساعد في انتشار الأمراض والأوبئة وقد مرت السجون في حالة من المعاناة الشديدة جراء انتشار الصراصير والفئران والجرذان.
  13. تعاني النساء من عدم توفر أخصائية نسائية الأمر الذي يسبب الحرج عند التعامل مع طبيب السجن.
  14. تأخر إدارة السجن في نقل الحالات الطارئة وخاصة في الليل حيث التعقيدات والإجراءات الأمنية والتأخر في إخراج المريض قد تودي بحياته، فعلى سبيل المثال في حال حصول جلطة مع أسير، وما أن ينتبه له زملاؤه ويتم مناداة الإدارة المناوبة حيث يحضر الممرض “الحوفيش” هذا قد يأخذ ثلث ساعة، ويتم معاينة المريض من خلف الشبك لأنه غير مسموح بفتح الأبواب في الليل. وإذا ما قرر الممرض ضرورة نقل لأسير إلى المشفى فإن فتح الغرفة يتطلب وجود الضابط المناوب وعدد من عناصر الأمن وهذا يتطلب ربع ساعة إضافية كما أن خروج الأسير من بوابة السجن باتجاه المشفى يكون ذلك أيضًا عبر إجراءات أمنية كلها تؤخر وصول الأسير المريض للمشفى في الوقت المناسب، وكل ذلك على حساب صحة الأسير وسلامته.
  15. وهناك شكل من أشكال الإهمال الطبي، حيث يقوم المحققون بالضغط على الأسرى المرضى والجرحى لإنتزاع اعترافات حيث يتم تهديدهم بعدم تقديم العلاج ما لم يتم الاعتراف أو الضغط على جرح الأسير حيث يزداد الألم من أجل الضغط على الأسير للإدلاء باعترافات.

أمام كل ما تقدم، فإن كل المؤسسات لم تحسن من واقع الأسرى المرضى، وحتى اللجوء إلى ما يسمى “محكمة العدل العليا” قد حقق نجاحات محدودة كما هو حال الأسير المحرر أحمد التميمي الذي حصل على قرار من المحكمة لاجراء عملية زرع الكلية دون أن يدفع مقابل ذلك.

 

عن الموضوع نفسه إقرؤوا  الأسرى المرضى في السجون الإسرائيلية… إلى أين؟

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #الأسرى_في_السجون_الاسرائيلية #المعتقلين_الفلسطينيين @الأسرى_المرضى #القضية_الفلسطينية #الأسرى #السجون_الاسرائيلية #المعتقلات #حوار #مقابلة #وصفي_قبها #الأسير_المحرر_وصفي_قبها