لم يكن الخلاف بين الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وليد توقيع اتفاقيات 3 كانون الثاني/يناير 1955 بقدر ما كان يعود إلى سنوات سابقة، إذ يقول الحسين التركي في هذا الشأن: «إن الخلاف الكبير الذي تفجر داخل الحزب والحركة الوطنية يعود إلى فترة 1947-1948، لكنه لم يجد فرصة للتعبير عن نفسه إلا في فترة لاحقة (1955-1956). وقد تمحور هذا الخلاف حول فلسفة قيادة الحزب، إذ تمكن الدكتور الحبيب ثامر عن طريق المكاتب السياسية للحزب التي حققناها في القاهرة من دفع المكتب السياسي للحزب في مسار مختلف عن ذلك الذي حدّده الحبيب بورقيبة»[1].

هذا الشاهد المطول يرجح كفة الرأي القائل بأن الخلاف بين الرجلين هو خلاف في التصورات والرؤى للحركة الوطنية بين «شق عروبي وحدوي» وآخر «قطري تفاوضي».

أولاً: الأطروحات المتناقضة بين صالح بن يوسف والحبيب بورقيبة

 

1 – طرح الحبيب بورقيبة «المهادن»

لقد نشأ صلب الحركة الوطنية التونسية خلال تلك الفترة جناح يرنو إلى إعادة المفاوضات مع فرنسا، ويرى في المتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية الفرنسية حلّاً لتسوية وضعية المستعمرات واستقلال البلاد التونسية. وضمّ هذا الجناح العديد من العناصر المتمرّسة بالفعل السياسي والقادرة على فهم ماجريات الأحداث والمناورات السياسية والدبلوماسية، ومن بين تلك العناصر تبرز شخصية الحبيب بورقيبة برصيده النضالي وحنكته السياسية؛ فهو لم يُخفِ انتقاداته للمواقف «الراديكالية» و«المتصلبة»، ولم يتردد في بسط يده لفرنسا معتبراً ذلك تمشياً واقعياً وبراغماتياً[2]؛ إذ يقول في هذا الشأن «إن من مصلحة فرنسا، أن تقبل كمحاور لها رجالاً عصريين لائكيين كونتهم بنفسها، ويعيشون حسب ثقافتها وحسب المبادئ التي علمتهم إياها»[3].

من هنا يبدو واضحاً وجلياً أن بورقيبة كان قد اختار لتونس توجهاً يبعدها تماماً من محيطها العربي والمغاربي ويقرّبها أكثر إلى فرنسا. وهذا ما نستشفّه من خلال تصريح له، عبَّر فيه عن ذلك بصراحة ووضوح، حيث قال في هذا الشأن: «إنّ ما يربطنا بالعرب ليس إلاّ من قبيل الذكريات التاريخية، وإنّ من مصلحة تونس أن ترتبط بأوروبا وبفرنسا بصورة خاصة… وإن مرسيليا لأقرب لنا من بغداد أو دمشق أو القاهرة»[4]. هذا التوجه يتناقض مع التوجهات العروبية والوحدوية لصالح بن يوسف ومن قبله أيضاً الحبيب ثامر، الذي ولئن عاجلته المنية في 1949 فإن أطروحاته ظلّت متواصلة في صلب الحزب الدستوري الجديد.

وكنتيجة لتضارب الآراء والتوجهات بين الجناحين، وبخاصة أثناء المفاوضات التي تخص الاستقلال الداخلي، اختارت السلطات الفرنسية التفاوض مع جناح الحبيب بورقيبة نظراً إلى تصوراته وأطروحاته التي تخدم مصالحها، واستثنت صالح بن يوسف الذي كانت ترى فيه أكثر تصلباً[5].

يتجلى لنا من هذا أن فرنسا قد راهنت على الحبيب بورقيبة لضمان تمرير الاتفاقيات، ورأت فيه الرجل المناسب لتحقيق مصالحها والحفاظ على امتيازاتها بالبلاد التونسية وربما في المنطقة ككل. هذه المراهنة على الرجل كانت قد تعمقت أكثر، عندما سجل الحبيب بورقيبة موقفاً يصب في خانة الحماية الفرنسية، وخصوصاً في ما يتعلق بالمقاومة المسلحة التي كانت عائقاً بالنسبة لفرنسا.

فقبل الدخول في المفاوضات في عهد الرئيس «منداس فرانس»، كان الحبيب بورقيبة يرى أن «الفلاقة» (المقاومين) وطنيون دفعت بهم سياسة المقيم العام الفرنسي «دي هوتكلوك» الظالمة إلى الفرار من التعسف والقمع؛ فلو أن فرنسا غيرت هذه السياسة وعاملتهم بالصفح فلن يكون لها بعد ذلك قتلى ولا جرحى[6]. هذا الموقف المساند للمقاومة في مرحلة أولى يمكن تفسيره برغبة الرجل في طمأنة فرنسا تجاه المقاومين وحثها على تغيير سياستها، مشيراً إلى نوع من السلطة التي يمتلكها عليهم إن هي ركنت إلى التفاوض معه. بذلك كان الحبيب بورقبية قبل الدخول في المفاوضات يحاول اعتماد المناورة السياسة، وذلك من خلال الإبقاء على علاقة جيدة بالمقاومين ليتمكن من تحويلهم إلى ورقة ضغط، والحفاظ على ولائه لفرنسا خاصة بعد التطورات الجديدة والمتمثلة برغبة الحكومة الفرنسية في طيِّ ملف المقاومة بصفة نهائية في إثر تنامي العمليات القتالية للمقاومين وتزايد أعدادهم بصفة ملحوظة[7].

وبعد الدخول في المفاوضات، تعهد بورقيبة في لقاء كان قد جمعه بالرئيس الفرنسي في تشرين الثاني/نوفمبر 1954 بتسليم الثوار لأسلحتهم. وتبعاً لذلك صدر في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1954 بيان مشترك بين الحكومة الفرنسية والوزارة التونسية دعا فيه الطرفان «الفلاقة» إلى تسليم أسلحتهم للسلط المعنية والتي سوف تتعهد بعدم مضايقتهم[8].

هذا الموقف التاريخي للحبيب بورقيبة من المقاومة المسلحة ساعد على تعميق علاقته بالدوائر الفرنسية التي أصبحت ترى فيه الرجل المناسب الذي يستطيع أن يحافظ على مصالحها في المنطقة في المرحلة القادمة. وبهذا الإجراء كان الحبيب بورقيبة قد قطع الطريق أمام إمكان توحد المقاومين التونسيين مع المقاومين الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي.

هذا الموقف من المقاومة والمقاومين سيزداد حدّة بعد حصول البلاد التونسية على استقلالها التام عام 1956. ففي خطاب لبورقيبة يوم 18 كانون الثاني/يناير 1963 قال: «لم يفهم هؤلاء البسطاء الذين كانوا في الجبال السبب الداعي إلى ذلك لأن حساباتي وحسابات الرجال المفكرين تقتضي ذلك». وفي نفس الخطاب قال أيضاً: «… هم أناس بسطاء استقر في ذهنهم أنهم هم الذين رفعوا السلاح وحاربوا في الجبال إلى أن خرجت فرنسا وهكذا أصبحوا يحسبون أنهم هم الذين أسسوا الدولة ومن ثم يجب أن تكون تحت تصرفهم وأن يكونوا هم الوزراء والسياسيين والقادة وأن تسند إليهم رخص النقل والامتيازات. وهكذا قلّ أن تجد مقاوماً لا يمنّ على هذه الدولة»[9].

نستنتج من هذا الشاهد، أن الحبيب بورقيبة بعد الحصول على الاستقلال مباشرة شرع في سحب البساط من تحت أرجل المقاومين الذين شكلوا رقماً صعباً إبان المفاوضات.

وبذلك نخلص إلى القول بأن الحبيب بورقيبة كانت له أطروحاته الخاصة وتصوراته الذاتية في ما تعلق بحاضر البلاد التونسية ومستقبلها في تلك الفترة. وهي أطروحات كان الهدف منها ربط تونس بالفضاء الغربي وتحديداً بفرنسا، الأمر الذي أدى إلى بروز أطروحات مناقضة ومعارضة له تمثلت بأطروحات صالح بن يوسف.

2 – البعد العروبي الوحدوي لصالح بن يوسف

إن السنوات التي قضاها صالح بن يوسف مقيماً في المشرق العربي قد أثرت فيه تأثيراً عميقاً وأعادت توليده ولادة جديدة[10]، جعلته في قطيعة تامة مع قناعاته الفكرية وأساليبه النضالية والسياسية السابقة. كما مثّل مؤتمر «باندونغ» بإندونيسيا سنة 1955 نقطة تحول في مسيرة الرّجل، حيث التقى بزعماء العالم الثالث آنذاك وفي مقدمتهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر وتأثّر بأفكاره وأطروحاته الوحدويّة.

وفي إثر ذلك بدأ صالح بن يوسف يعلن معارضته لاتفاقيات الاستقلال الداخلي من القاهرة، وأخذ يشهّر بها معتبراً إياها خطوة مضرة بمستقبل البلاد التونسية وواصفاً إياها بالتنازلات التي تجرد الاستقلال الداخلي من معناه وتسمح لفرنسا بالتصرف في مستقبل تونس ومصيرها[11]. كما كان يرى أن معالجة الوضع الدائر بين المعارضين للاتفاقيات والمؤيدين لها يجب أن يكون في إطار عربي ومغاربي. وكان يشدد على ذلك ويرى أن مصير تونس مرتبط بمصير المغرب العربي المرتبط بدوره بمحيطه العربي[12]. وقد سانده في ذلك الموقف كل من أعضاء مكتب المغرب العربي بالقاهرة، والجبهة المغربية؛ إذ صرح زعيم حزب الاستقلال المراكشي، علال الفاسي، معلقاً على هذه الاتفاقيات بقوله: «إن الاتفاق التونسي – الفرنسي الأخير أعظم خيانة وقعت في شمال أفريقيا»[13]. كما اعتبر عبد الكريم الخطابي أن توقيع الاتفاقيات قد «سوّد تاريخ تونس المناضلة»[14]. كما ساندته في ذلك الحكومة المصرية التي كانت ترى أن تحقيق السيادة لا يكون إلا بجلاء المستعمر مع ضرورة ربط تونس بمحيطها المغاربي والعربي وفك ارتباطها بالغرب[15]. هكذا تحولت العاصمة المصرية إلى مركز لمعارضة الديوان السياسي وللاتفاقيات، وسرعان ما دعّمت الحكومة المصرية رجوع صالح بن يوسف إلى البلاد التونسية لإعادة خلط الأوراق وفتح جبهة تونسية لمقاومة الاتفاقيات.

وعند عودة صالح بن يوسف إلى البلاد التونسية في أيلول/سبتمبر 1955، قاد معارضة للاتفاقيات بنَفَس «مغاربي – عروبي وحدوي». وهو التمشّي نفسه الذي اتبعه منذ أن كان موجوداً في القاهرة. ويعدّ الخطاب الذي ألقاه بن يوسف في جامع الزيتونة في تشرين الأول/أكتوبر 1955 تحولاً جذرياً في تاريخ الحركة الوطنية وتبايناً واضحاً مع توجهات الحبيب بورقيبة، إذ أكد فيه بن يوسف عروبة تونس وإسلامها وأصالة شعبها وارتباطها التاريخي والحضاري بمحيطها العربي[16]. ولعلّ اختيار الرجل لجامع الزيتونة ورمزيته رسالة واضحة لتوجهه ومساره. فخلال خطابه، تحدث صالح بن يوسف عن أصالة تونس، وحث شعبها على التمسك بهويته العربية الإسلامية داعياً إياه إلى التضحية بالغالي والنفيس من أجل الحفاظ على عروبة تونس ورفض كل المحاولات المهادنة إلى تغيير ذلك، بقوله :«… إن تحافظوا على رسالة الإسلام وتكافحوا وتعملوا وتضحوا بكل عزيز وغالٍ لتبقى هذه الأرض عربية مسلمة لا يدنسها شبح الاستعمار». كما ذكّر الحضور بمساندة الزعماء المغاربة والمصريين من خلال قوله: «… إخوان لكم في الدين والعروبة يساندوكم ويحثوكم على المضي قدماً في تحرير أرضكم»[17].

وكان في خطابه يستعمل كثيراً لفظ «الشعب التونسي المسلم العربي» ليؤكد عروبة البلاد التونسية وإسلامها من جهة، ويفند مزاعم الاستعمار التي طالما كانت تصف التونسيين والمراكشيين والجزائريين بالشمال الأفريقيين. كما أكد في خطابه أن تحرير تونس يجب أن يكون بتحرير كامل المغرب العربي بقوله: «نعتقد كما يعتقد إخواننا في الجزائر ومراكش أن حرية الشمال الإفريقي العربي المسلم حرية لا تتجزأ… ولا يمكن أن ينال الحرية بلد، ويبقى الآخر تحت السيطرة الاستعمارية»[18]. وهكذا كان صالح بن يوسف يرى وجوب وحدة النضال، ووحدة المصير بين جميع الأقطار المغاربية. واعتبر أن الاتفاقيات أبرمت في ظل «صراع دموي مع الجزائريين والمغاربة؛ فعلى هذا الأساس فهي اتفاقيات مفرغة من محتواها. وختم بن يوسف خطابه الشهير بتقديم تعهدات لأعضاء مؤتمر باندونغ وللعرب بأن أبناء تونس لن يرضوا مصيراً غير مصير إخوانهم، وأكد ضرورة ربط مصير تونس بمصيرها المغاربي والعربي»[19].

إذاً، من خلال هذا الخطاب العميق يتجلى التوجه العروبي لصالح بن يوسف في إثر عودته من القاهرة وإيمانه بضرورة ربط البلاد التونسية بمحيطها المغاربي والعربي لتحقيق استقلال فعلي وانعتاق لشعوب ناضلت طويلاً من أجل ذلك.

هذا التوجه الوحدوي في سياسة صالح بن يوسف لم يكن مجرّد حماسة أو شعارات وقتية، بل إن المتتبع لخطبه فيما بعد يلاحظ أنه كان ثابتاً في توجهاته وفي محافظته على هذا المنهج؛ فحتى بعد قرار طرده من الحزب وتجريده من جميع مسؤولياته في إثر مؤتمر صفاقس ظلّ وفياً لأطروحاته وتصوراته التي تنادي بربط البلاد التونسية بفضائها ومحيطها الطبيعي من خلال قوله أثناء مؤتمر الوحدة الطلابية: «في يوم وحدة الشباب تتجلى القوة الوطنية العظيمة التي ستحقق لتونس عزة عربية – إسلامية أصلها ثابت وفرعها في السماء»[20].

ويمكن لسائل أن يسأل: لماذا حدث هذا التحول في خط سير الرجل؟

ولماذا تبنّى الأطروحات الوحدوية؟

وما الظروف التي ساعدت على حدوث ذلك التحول؟

تفيدنا المصادر أن صالح بن يوسف حضر إلى القاهرة خلال شهر آذار/مارس 1955 في إثر هروبه من فرنسا بعد فشل «حكومة شنيق» ومحاولة تدويل قضية تونس واعتقال عدد من رموز الحزب الدستوري الجديد في تونس. وقد حضر بن يوسف إلى مصر وهي في فترة غليان تمثلت بوصول الضباط الأحرار إلى الحكم بعد إطاحة الملك فاروق. هذه الأحداث حولت مصر تدريجياً إلى عاصمة للعروبة وقاعدة للتحرر في العالم بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر. كما شكل انعقاد مؤتمر باندونغ بإندونيسيا في نيسان/أبريل 1955 محاكمة للاستعمار وسنداً قوياً لحركات التحرر، وكان من أبرز الدول المشاركة: الهند والصين ومصر ويوغسلافيا. وقد أقيم ذلك المؤتمر في وقت ازدادت فيه الضغوط على الاستعمار واشتدت فيه المقاومة وبخاصة في المغرب العربي.

وحضر بن يوسف المؤتمر رفقة وفد من المغرب العربي تركب من: محمد يزيد وحسين آيت أحمد (الجزائر) وعلال الفاسي وعبد المجيد بن جلون (المغرب) وصالح بن يوسف والطيب سليم والطاهر عميرة (تونس).

وحضر الوفد المغاربي المؤتمر بصفة مراقب، لأن دولهم ما زالت مستعمرة والعضوية كانت للدول المستقلة فقط، وكان صالح بن يوسف ناطقاً باسم الوفد.

وبعد مؤتمر باندونغ ترسخت لدى صالح بن يوسف فكرة وحدة نضال شعوب المغرب العربي وفكرة أن المجال العربي هو الحاضنة الطبيعية والحضارية لتونس، خاصة بعد تشديد عبد الناصر أثناء كلمته في المؤتمر على ضرورة تحرير بلدان المغرب العربي مجتمعة، أمّا أهمّ ما دفع بصالح بن يوسف إلى تبني الخيارات الوحدوية فكان تأثره بأطروحات عبد الناصر أثناء فترة إقامته بالقاهرة.

ثانياً: الصراع اليوسفي – البورقيبي: الوجه التعبوي والوجه الدموي

إنّ الخلاف بين تصورات الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وأطروحاتهما لم يبق مقتصراً على الجدل الفكري والطرح النظري الاستقطابي والتعبوي، بل تطور إلى صراع تصادمي دامٍ بين أنصار الرجلين.

1 – الوجه التعبوي للصراع اليوسفي – البورقيبي

كانت «التعبئة السياسية» بين الجناحين، وتحديداً الجناح اليوسفي، قد بدأت ضد اتفاقيات الاستقلال الداخلي والطرح البورقيبي مذ كان صالح بن يوسف في القاهرة، وذلك عبر البيانات التي كان يصدرها والتصريحات الصحافية التي كان يدلي بها. ولكن الاتصال المباشر بالجماهير كانت استراتيجية صالح يوسف بعد عودته إلى البلاد التونسية وبخاصة بعد صدور قرار طرده من الحزب في إثر مؤتمر صفاقس.

ويعد خطاب صالح بن يوسف في جامع الزيتونة الشرارة الأولى التي أججت نار الصراع من جهة، والخطوة الأولى لبداية التعبئة اليوسفية لمواجهة الحبيب بورقيبة ومشروعه من جهة أخرى.

ولعل اختياره لجامع الزيتونة برمزيته كمنطلق لحملته تضع النقاط على الحروف وتحدّد نهجه الرامي إلى تجذير تونس في هويتها العربية – الإسلامية وإلى معارضة التوجه البورقيبي[21]. وتأكيداً للمسار الذي اختاره في مواجهة الحبيب بورقيبة والديوان السياسي، استدعى صالح بن يوسف أحد كبار علماء المسلمين وهو أحمد حسن الباقوري، ووزير الأوقاف المصري. وقد بدأ بن يوسف في حشد الجماهير ببلاغته التعبيرية لإقناعهم برفض اتفاقيات الاستقلال الداخلي وممانعة رأي الحبيب بورقيبة الذي يريد فرضه وتطبيقه على البلاد التونسية.

ولم يقتصر في اتصاله بالجماهير على العاصمة تونس بل كان يقوم بالدعاية لمشروعه داخل أرجاء البلاد. كما نُشرت على أعمدة الصحف – وبخاصة تلك الموالية له – خطبه وتصوراته وآراؤه[22] ضد مشروع الاتفاقيات وضد نهج الحبيب بورقيبة. وهنا لا بدّ لنا من الإشارة إلى أن صالح بن يوسف أثناء حملاته «التعبوية» كان يريد من القضية أن تأخذ بعداً عربياً، لذلك استدعى الصحف والإذاعات العربية، وبخاصة المصرية، كإذاعة «صوت العرب» التي أصبحت منبراً دعائياً وتعبوياً للقضية الوطنية التونسية وللطرح اليوسفي بالتحديد[23]. وبالمقابل اعتمد الحبيب بورقيبة التمشّي عينه، ودخل هو الآخر في جولات عديدة بكامل أرجاء البلاد التونسية لاستقطاب الرأي العام التونسي وتعبئته ضد صالح بن يوسف و«الأمانة العامة». وخلال حملته التعبوية ركّز الحبيب بورقيبة على مدن الجنوب التونسي إدراكاً منه لأهمية المنطقة التي تعد «معقلاً» لبن يوسف ولأنصاره. فقام بزيارة مدنين في 12 كانون الأول/ديسمبر 1955 وتطاوين يوم 13 كانون الأول/ديسمبر وجرجيس يوم 14 كانون الأول/ديسمبر وجربة في 15 كانون الأول/ديسمبر وبنقردان يوم 16 كانون الأول/ديسمبر ومطماطة يوم كانون الأول/ديسمبر 1955. وكان يقوم بإلقاء الخطب في كل محطة يقف عندها.

وقد جاءت زيارات الحبيب بورقيبة بعد عدة أسابيع من زيارات صالح بن يوسف. وحاول خلال تلك الزيارات استقطاب أكثر ما يمكن من السكان إلى صفه واحتواءهم. واتسمت تلك الزيارات بنوع من التشنج والفوضى في بعض الأحيان، ففي شهادة لعبد العزيز بن مختار بلحاج عون وهو من أنصار صالح بن يوسف والأمانة العامة في منطقة مدنين، أكد أنّ الأجواء كانت متشنجة للغاية خاصة بعد أن شاهد الأهالي الحراسة المشددة للحبيب بورقيبة من قبل حراسه الذين كانوا يحملون الرشاشات[24].

وخلال زياراته مدن الجنوب التونسي دعا الحبيب بورقيبة الأهالي إلى رفض أطروحات صالح بن يوسف وإلى عدم حضور أي اجتماع يعقده الرجل في المنطقة مستقبلاً[25]. كما ركز الحبيب بورقيبة في عدد من المدن سواء بشمال البلاد أو بجنوبها على صحة وجهة نظره «التفاوضية» ودحض الأطروحات التي تدعم الخيار المسلح، ففي خطاب ألقاه في البالماريوم يوم 1 كانون الثاني/يناير 1956، اعتبر الحبيب بورقيبة أن قبول فرنسا للتفاوض كان بضغط من أحرار تونس وليس بفعل ضغط المقاومة[26].

2 – الوجه الدموي للصراع

إلى جانب الصراع الفكري والتعبوي بين الحبيب بورقبية وصالح بن يوسف اتخذ الخلاف بين الرجلين «منحى دموياً» وصل إلى مرحلة الاقتتال بعدما وصل كل من الزعيمين إلى مرحلة اللاعودة. فقد قرر صالح بن يوسف التصدي للاتفاقيات وللمشروع البورقيبي التفاوضي بقوة السلاح حتى تنال البلاد الاستقلال التام. فأخذ يعد العدة لاستئناف النشاط العسكري والمقاومة المسلحة، وبادر بتجنيد المتطوعين وتسليحهم تمهيداً للقتال، حيث بلغ عدد المتطوعين في صفوف اليوسفية ما يزيد على 2000 متطوع أي ما يقارب عدد ثوار الثورة الأولى بين 1952 و1954 [27]. وقد ساهمت كل من ليبيا ومصر في تسليح «اليوسفيين». ورغم أن كمية من الأسلحة لم تصل وتمت مصادرتها من طرف القوات الاستعمارية إلا أنّ الجزء الأكبر منها وصل إلى أنصار الأمانة العامة، وهذه الأسلحة كانت تجمع على الحدود الليبية – أين يتسلمها الثوار – ويقع إدخالها إلى التراب التونسي وتوزيعها عبر مسالك مختلفة[28]. وتكفل الطاهر لسود بتوزيع السلاح على لجان فرعية: الأولى بليبيا تقوم بتحويلها إلى الحدود التونسية، والثانية بتونس؛ وأشرف على توزيعه بين الجهات المنتشرة بالداخل في شكل حمولات وقوافل وفي صناديق عليها أرقام وبداخلها أسلحة أوتوماتيكية ومدافع «الهاون» وآلات للاتصال وأقراص للمتفجرات. وكان المركز العام لتجميع الأسلحة والذخيرة بمدينة «الحامة»[29].

وفي إثر ذلك دارت العديد من المعارك بين اليوسفيين والفرنسيين وكانت أشدها بالجنوب التونسي. نذكر منها:

– معركة «غار الجاني» بين منطقة غمراسن ومنطقة بني خداش يوم 16 آذار/مارس 1956؛

– معركة «العشرات» ببني خداش يومي 12 و13 آذار/مارس 1956 التي أسقط المقاومون بها طائرة استطلاع فرنسية؛

– معركة «مڤر» ببني خداش يوم 20 آذار/مارس 1956 وقتل فيها 3 فرنسيين وجرح 4 آخرون [30].

وفي مقابل ذلك شكّل الحبيب بورقيبة «ميليشيات» قصد اغتيال قيادات الأمانة العامة وتصفيتهم بهدف إضعافها والحيلولة دون تحقيقها لأهدافها. فكانت هذه «العصابات» الذراع الطويلة للحبيب بورقيبة والديوان السياسي لإرهاب أنصار الأمانة العامة. وقد نفذت العديد من الاغتيالات في صفوف اليوسفيين، وبإيعاز من السلطات الفرنسية. على سبيل الذكر لا الحصر اغتيل أحد مؤسسي «صوت الطالب الزيتوني»، عبد الكريم قمحة، الذي كان ينتمي إلى الحزب الدستوري القديم في مدينة سوسة، كما تم اغتيال السائق الشخصي لصالح بن يوسف وهو علي بن إسماعيل بعد أن رفض تنفيذ أوامر الديوان السياسي باستدراج صالح بن يوسف وعلي الزليطني واغتيالهما[31].

نفذت تلك العصابات كذلك عملية اغتيال المصور المرافق لصالح بن يوسف «محمد بن عمار» وذلك كمحاولة للحد من الإشعاع الإعلامي للأمانة العامة.

كما اغتيل عدد كبير من أنصار الأمانة العامة وقادتها بالجنوب التونسي من قبل ميليشيات الديوان السياسي ورئيسه الحبيب بورقيبة، على غرار «علي بن خضر» رئيس جامعة الأمانة العامة بحامة قابس. وفي مدينة جمّال أيضاً وقع اغتيال «علي بن خليفة» رئيس شعبة الأمانة العامة بالمنطقة. كذلك طالت عمليات الاغتيال أنصار الأمانة العامة ومؤيديها في الخارج؛ إذ نفذت هذه العصابات محاولة اغتيال «إبراهيم طوبال» الموجود في القاهرة في تلك الفترة والذي كان يشغل خطة مندوب تونس في لجنة تحرير المغرب العربي[32] ومحاولة اغتيال «عبد العزيز شوشان» مندوب الأمانة العامة في ليبيا.

وفي مطلع كانون الثاني/يناير 1956 أصدر الحبيب بورقيبة قراراً يقضي بإلقاء القبض على جميع اليوسفيين أينما وجدوا؛ وقد كان ذلك القرار بدعم من سلط الحماية الفرنسية التي تجنّدت بدورها مع عصابات الديوان السياسي في حملة اعتقالات واسعة النطاق في حق أنصار الأمانة العامة للحد من انتشارهم. وكانت أكبر هذه الحملات بالجنوب التونسي أين وقع اعتقال العديد من أنصار ابن يوسف واغتيالهم. على سبيل المثال:

– أُوقف «محمود النجاري» بمدنين، وهو أحد أعضاء الأمانة العامة بالمنطقة.

– اعتُقل فرج بن حبيب رئيس جامعة مدنين في شباط/فبراير 1956.

– أُغلقت كل مقارّ الأمانة العامة بتطاوين يوم 31 كانون الثاني/يناير 1956 [33].

–  تمت تصفية العديد من اليوسفيين بعد تعذيبهم، منهم: سعد بعر والبشير قريسيعة وحسين شندول ومحمد قرفة ومحمد بالناصر التطاويني وأحمد لزرق التطاويني وعلي بن أحمد الحوبري[34].

كما تتالت الإيقافات لأعضاء الأمانة العامة بمناطق تالة والقصرين وقفصة.

نلاحظ مما سبق أن الخلاف بين التيارين تحول إلى صراع دموي، وهذا الصراع الدموي كانت تقف وراءه السلطات الاستعمارية من خلال دعم الديوان السياسي؛ لأن فرنسا لم تكن لترغب في إيجاد حل للأزمة كي لا يعود صالح بن يوسف للحزب بل خططت لأكثر من ذلك بتصفية بن يوسف جسدياً ولم يكن الحبيب بورقيبة إلا أداة في ذلك. ففي يوم 28 كانون الثاني/يناير 1956 تسربت أخبار لأعضاء الأمانة العامة مفادها أن السلطات الاستعمارية والديوان السياسي تخطط لاغتيال صالح بن يوسف، فتسربت تلك المعلومات لعبد الحميد بالقاضي الذي اتصل ببن يوسف وأعلمه بالأمر فتم الإعداد لتهريب بن يوسف إلى ليبيا من طريق عبد الله نصر وحسين شندول[35]. وتم أيضاً تأمين عملية نقل الطاهر لسود وحسين التريكي بعد ذلك إلى ليبيا.

وبهروب رموز الأمانة العامة من البلاد التونسية، وبتوقيع اتفاقية 20 آذار/مارس 1956 انتهت الحركة اليوسفية على الأقل ميدانياً، وانصرف الحبيب بورقيبة إلى رسم ملامح النظام الجديد؛ فجمع حوله الفئات التي ساعدته على تجاوز العقبات الواقعة في طريق طموحاته وتصوراته.

ولم تنتظر هذه الفئة لتفسح في المجال للشعب التونسي حتى ينسى أحزانه من جراء لوعات الخلاف وزوابع التطاحن، حتى انقضّت هذه المجموعة على السلطة، وذلك بتنظيم انتخابات المجلس القومي التأسيسي في زمن قياسي لم يتعد أربعة أيام على إعلان الاستقلال. ولسائل أن يسأل لماذا هذه السرعة القياسية لتنظيم انتخابات المجلس التأسيسي؟

قد يكون الهدف من ذلك إقصاء المعارضة اليوسفية، التي وإن أُقصي أغلب رموزها إما بالتشريد أو السجن أو الإيقاف أو الترهيب فإن جانبها لا يؤتمن. فكثرة أنصارها لا تطمئن الحبيب بورقيبة، وإن فسح في المجال أمامها قد يعطيها الفرصة لتنظيم صفوفها من جديد.

3 – نهاية اليوسفية

مثّل إعلان بروتوكول 20 آذار/مارس 1956 نهاية للحركة اليوسفية حيث سلّم «اليوسفيون» أسلحتهم بعد تزايد عمليات القمع الممارسة ضدهم. وكان القمع مزدوجاً من طرف أنصار الديوان السياسي من جهة والقوات الفرنسية من جهة ثانية. وقد ساهم خروج صالح بن يوسف وأهم قيادات الأمانة العامة من البلاد التونسية في إضعاف هذه الحركة. وبعد إعلان «الاستقلال التام» وتشكيل أول حكومة تونسية برئاسة الحبيب بورقيبة، بادر هذا الأخير بتشكيل محكمة أمن الدولة أو ما أطلق عليها آنذاك اسم «محكمة الشعب» التي كانت عبارة عن جهاز ردعي أمني موجه ضد فئة معينة وهم أنصار الأمانة العامة. وجرت بها محاكمات كانت عبارة عن «مسرحيات» مكنت الحبيب بورقيبة من تصفية معارضيه «بالأساليب القانونية» حيث لم تضمن للمحاكمين أدنى درجات الحياد القانوني، ووقف المعارضون للتصور البورقيبي أمام هيئة قضائية صورية كانت الخصم والحكم.

وفي حديث للحبيب بورقيبة عن «محكمة الشعب» في خطاب له يوم 24 نيسان/أبريل 1956 قال «لقد أحدثنا محكمة القضاء العليا وراعينا في تركيبتها كل الملابسات التي بينتها لكم حتى تقتصّ بحزم من الإرهابيين مقترفي الجرائم البشعة ونحاكمهم في أسرع وقت وبروح شعبية متحمسة فلا تقتصر مهمتها على البحث في جزئيات لا طائل من ورائها لأن مهمتها تتمثل أساساً في حفظ الدولة الناشئة وإزاحة الأشرار من طريقها… وحماية البلاد ممن في قلوبهم مرض… أولئك الذين يلجأون إلى مغالطة الوطنيين وتشكيكهم في أولي الأمر متهمين إياهم بالخروج عن الرابطة العربية الإسلامية والانضمام إلى فرنسا»[36].

وقد نفذت هذه المحكمة فيما بين سنوات 1956 و1963، 27 محاكمة في حق عدد كبير من اليوسفيين قدرت أعدادهم بـ556 شخصاً. وتراوحت الأحكام الصادرة في حقهم بين السجن والسجن المؤبد مع الأعمال الشاقة وحتى عقوبة الإعدام[37].

أمام هذا الوضع ندد صالح بن يوسف بهذه الممارسات من القاهرة واعتبرها «تصرفات تجاوزت الأساليب الفاشستية التي كانت تتبع خصوصاً في إيطاليا وألمانيا النازية للتخلص من الخصم السياسي… ولذا اعتبر أن هذا الديوان قد «فقد رشده وأصبح لا يفكر إلا في اقتراف الجرائم»[38].

ونورد في هذا السياق نماذج من المحاكمات التي صدرت في حق بعض اليوسفيين:[39]

أ – محاكمة محمد ڤرفة

يقول المتهم «محمد ڤرفة» أثناء التحقيق معه أنه قام بدور رجل اتصالات بين الوطنيين، فكان يتنقل قاطعاً مئات الأميال ليؤمن الاتصال بين قيادات الحزب في الداخل ومكتب الحزب بطرابلس.

انخرط في الثورة الأولى (1952-1954) ثم كان قائداً للثوار في جيش اليوسفيين بمنطقة «ورغمة» سنة 1956. وحكمت عليه محكمة الشعب بالإعدام.

ب – محاكمة الطاهر المهداوي

أصدرت محكمة الشعب حكما بالإعدام في حق «الطاهر المهداوي» الذي كان يشغل خطة حارس شخصي للحبيب بورقيبة بتهمة التخطيط لقتله. ثم تحول هذا الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.

ج- محاكمة حسن شندول

أذّى هذا الرجل دوراً مميزاً في تسيير عملية هروب صالح بن يوسف وأحيل من أجل ذلك على محكمة الشعب التي أصدرت في شأنه حكماً بالإعدام شنقاً.

إذاً، ننتهي إلى القول إنّ الحركة اليوسفية تراجعت حدتها وفقدت إشعاعها بفعل توقيع بروتوكول 20 آذار/مارس 1956. ونتيجة للمحاكمات التي صفّت العديد من رموزها بالداخل، إلى جانب هروب قيادتها إلى خارج البلاد التونسية، مثل صالح بن يوسف وحسين التريكي والطاهر لسود، لتساهم بعض الأحداث الأخرى في القضاء عليها نهائياً. على غرار تحوّل الاستقلال التام من مجرد نص قانوني إلى حقيقة تاريخية بعد إتمام الجلاء العسكري، واسترجاع أراضي المعمرين، وتأميم أغلب الشركات الاستعمارية، ووقوف «النظام الجديد» عملياً وإجرائياً مع القضية الجزائرية.

ولعل أبرز حدث ساهم في القضاء على «الحركة اليوسفية» هو إقدام الحبيب بورقيبة على اغتيال صالح بن يوسف في 12 آب/أغسطس 1961 في فرنكفورت بألمانيا. هذا الحدث شكل ضربة قاصمة لليوسفيين وللمعارضة التي أصبحت فاقدة لمغزاها ووجودها بعد ذلك التاريخ؛ ففقدت قائدها و«مرشدها الفكري» وذابت – في إثر ذلك – قاعدتها الشعبية تدريجياً مع السائد، وانخرطت في العملية السياسية، ليلتحق البعض من أهم وجوهها بـــ«الجناح البورقيبي»، على غرار الطاهر عميرة الذي انضم لبورقيبة منذ شهر شباط/فبراير 1956، ويوسف الرويسي أحد مؤسسي الحزب الدستوري الجديد ومن مؤيدي الطرح اليوسفي، الذي عاد إلى تونس في سنة 1963 بعد أن عفا عنه الحبيب بورقيبة وأصبح نائباً في مجلس الأمة؛ في حين ظل إبراهيم طوبال وفياً لأطروحات بن يوسف وآثر الموت في الغربة على العودة إلى تونس.

ختاماً، يمكننا القول بأنّ «اليوسفية» شكلت الوجه السياسي وحتى العسكري للاتجاه القومي العربي في صلب الحركة الوطنية إبان صراعها مع أطروحات الديوان السياسي، وذلك من خلال تبنيها أطروحات مغاربية عروبية وحدوية. تنطلق من مقومات الذات الحضارية وتعتمد على العروبة كخيار للبلاد التونسية ضد محاولات المسخ والتغريب. وبرز صالح بن يوسف خلال تلك الفترة كرائد لهذا الاتجاه ومتزعمه.

هنا يمكننا أن نتساءل: هل وجدت شخصيات تونسية أخرى مثلت الوجه السياسي للاتجاه القومي العربي في صلب الحركة الوطنية أم لا؟ وإن وجدت فمن تلك الشخصيات؟

وما مرجعياتها الفكرية؟ وكيف كانت علاقتها بأطروحات بن يوسف؟

وما مواقفها من الأحداث التي جرت بالبلاد التونسية خلال تلك الفترة؟.

 

قد يهمكم أيضاً  مؤسسة الرئاسة في تونس بين الثابت والثورة الدستورية

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #تونس #الحبيب_بورقيبة #الحركة_اليوسفية #الصراع_البورقيبي_اليوسفي #اليوسفية #صالح_بن_يوسف