يعتبر هيغل أن الفلسفة بنت زمانها، وأن كلاً منا ابن عصره وربيب زمانه[1]! ولذلك لم يعد بالإمكان الاشتغال على أي قضية فلسفية، بمعزل عن «روح عصرها»، وعن شرطها التاريخي باعتبار أهميته البالغة في تبين شروط «التفلسف» وسياقات إنتاجه، هذا إن توافقنا على اعتبار الفلسفة – في جزء كبير منها – بمنزلة مقترحات تشخيصية لإشكالات راهنة، أو على الأقل أنها قد تبدو كذلك.

كتاب المفكر المغربي محمد نور الدين أفاية في النقد الفلسفي المعاصر: مصادره الغربية وتجلياته العربية، ليس بمنأى عن هذه التوطئة، إذ إن القراءة الحذرة والمتأنية لمتنه، تتيح للقارئ التعرف إلى ملابسات كتابته، وراهنية موضوعه، وجدية إشكالاته، التي تحتاج إلى تفكيرٍ يضفي عليه الكاتب توصيفات متعددة، لعل أقواها أنه تفكير نقدي منتبه ويقظ. لذلك فهو يعول عليه لتصفية الحساب مع عديد المآسي التي صارت تجثم على قلوبنا، وتتسيد على حركاتنا كما على سكناتنا.

ويبدو أن زمن نشر الكتاب ذو بعد مزدوج: زمن الوعود الكبرى، وزمن الوصايا المخذولة بصدد حرية الإنسان؛ زمن الأحلام أو الثورات المجهضة، والأصوليات المتعددة. ويولي أفاية اهتماماً خاصاً ببعضها من قبيل: «أصولية السوق» و«أصولية التقنية»، و«أصولية الدين». تجتمع الأصوليات الثلاث في ممارسة عنف وحشي على الإنسان، وهي في ذلك لا تميز بين الـ «نحن» والـ «هم»، حيث تحول العالم تحت وطأة اجتياحها العارم إلى دولاب لصنع آلهة جديدة، تكرس مظاهر استعباد – بل واستبلاد – الناس. آلهة جديدة تختلف عن آلهة بادئ الرأي، فيها نوع من الحنين الرومانسي إلى عبادة مصنوعات اليد. لقد صار عالمنا، عالم نشر الكتاب، عالم أشياء تقودنا. ما صنعناه هو من يرسم خارطة طريقنا، كما لمح إلى ذلك إريك فروم في كتابه حول «الإنسان المستلب وآفاق تحرره».

يقول إريك فروم، وهو أحد رواد مدرسة فرنكفورت: «في القرن 19 كان بإمكان المرء أن يقول: مات الله. ويجب على المرء أن يقول في القرن 20: مات الإنسان. وما وصلنا إليه اليوم هو: لقد مات الإنسان، لتحيا الأشياء، لقد مات الإنسان، ليحيا منتوجه. ليس هناك أحسن مثال على اللاإنسانية الجديدة خير من فكرة القنبلة النيترونية. ماذا سيعمله السلاح النيتروني؟ سيقضي على كل ما هو حي، وسيبقي على ما هو غير حي: الأشياء، المنازل، الطرقات»[2].

فهل يوجد اغتيال أفظع من هذا للأحلام التي بشر بها أنبياء آلهتنا الجدد (المال والعلم والدين)؟ وكما سعى الأنبياء التقليديون إلى تعميم رؤيتهم للخلاص الإنساني، فإن سعي أنبياء الآلهة الجدد، لنشر «تعاليم» معبوداتهم – الجديدة كذلك – قد تكلل بإبداعهم لـ «استراتيجيات» حديثة، للعنف والموت والمرض والمال. إننا بصدد أخلاقيات جديدة، تستفيد مما يسميه أفاية «الضجيج» الذي يشهده الكون، ويستدعي مفاهيم متعددة في ذاتها وفي مصادرها، لتشخيص الحالة الراهنة لهذا الضجيج، فهي حالة «تأجيج لملكات الإدراك، واكتساح لمختلف خدام الآلة النيوليبرالية، حالة استلاب، ومنع مقنع وتعليب لعقول الناشئة…»[3]. العالم اليوم في نظر الكاتب عالم استراتيجيات متعددة «للسيطرة على العقول والأرواح بسبب الاجتياح اللامحدود للسمعي – البصري، ومظاهر العبودية الطوعية، التي تقترحها، بإغراء استثنائي، تقنيات التواصل الجديدة»[4] .

وكأني به، بالإنسان المعاصر، بطلاً (بروكس) لرواية/فيلم «وداعاً شاوشانيك». فنضاله الطويل الأمد من أجل الحرية، قد قاومته سلطة «ألفة القيد»، ما أدى به إلى «اختيار العبودية»، لاعتبارات كثيرة، تخترق معظم فصول الكتاب. وتعكس الخلفيات الفكرية لصاحبه، التي تستند في جزء منها إلى العدة الاستدلالية والمفاهيم الإجرائية للمدرسة النقدية. ولا غرابة في ذلك، ما دامت المدرسة هي الوريث الشرعي لنمطين اعتبرهما أفاية مركزيين في التأسيس للنقد: النمط الكانطي الإيبيستيمولوجي والنمط الماركسي السوسيولوجي.

بغاية تبيان السلط اللامحدودة للسائد، وعنف المألوف، يحكي أفلاطون في الباب السابع من الجمهورية، عن وجود أفراد في كهف لا يرون غير الظلال، ظلال الأشياء، بعد أن ألفوا القيود التي تحرمهم النظر إلى ما دون الظلال. يستعيد المفكر المغربي أفاية رمزية هذه الأسطورة في خلاصة مكثفة[5] أوردها في خاتمة الكتاب، قد تعفينا من توسيع دائرة الاستطرادات والإشارات إلى زمنية المؤَلَف وراهنية النقد، يؤكد فيها حالة «التيه» التي صارت تحياها جموع غفيرة من الكائنات الإنسانية، بسبب إبهار العالم الرقمي. هذا لا يعني أن صاحبنا يرفض حاضره، حاضر اجتياح الرقمي والتقنية، لمصلحة حاضر آخر قد يكون وقد لا يكون، ولكنه رغم إشادته بفتوحاته (العالم الرقمي)، إلا أنه ينبه إلى دوره في سلب الإنسان لحريته حيناً، وتفضيله «العبودية المختارة» عليها أحياناً.

العالم اليوم مستلب، وهي خلاصة من الخلاصات القوية للكتاب. فمفهوم «الاستلاب، مفهوم أساسي، جلي الحضور بين مختلف ثنايا الكتاب، إن تلميحاً أو تصريحاً، سواء في سياق الحديث عن أساسيات الفكر النقدي في مصادره الغربية، أو في تجلياته في أدبيات الفكر العربي المعاصر.

لن ندخل في الخلاصات العميقة للكتاب حول المفهوم وحركيته داخل الفلسفة الماركسية أو من يدور في فلكها، والفهم العميق للنقاش الذي أحدثه المفهوم مع الماركسيين وغير الماركسيين بعد ماركس، لكن الذي يهمنا في هذه المساهمة، هو أشكال توظيف المفهوم، لتشخيص الراهن والحاضر، باعتباره حاضراً لضياع الذات. يقول أفاية في مقام آخر، إن «مشكلة الزمن الحديث هي المحافظة على الذات في الوقت الذي لم تبقَ هناك ذات للمحافظة عليها. واعتباراً لهذا الواقع يتعين التساؤل عن موقع الفرد في المجتمع الحديث واستقصاء طبيعة انشطاره الوجودي الذي ولدته مفعولات الحداثة والعقلانية»[6].

سؤال الذات سؤال مركزي منذ الفلسفة الحديثة، ونحن بحاجة إلى استعادة ذواتنا، بالتخلص من تفاصيل الأنا المستلبة والتحرر من العادات المقررة سلفاً، كما يقول الكاتب، حتى لو تطلب الأمر نقد نقد العقل ومراجعة ثوابته. ففي زمننا لا شيء يجب أن ينفلت من النقد، حتى لو كانت أداة النقد ذاتها، وكأننا نردد على لسان محمد نور الدين أفاية لازمة كانط في هامشه حول نقد العقل المحض: «عصرنا عصر النقد بامتياز». الأكيد أنه ما من مدخل لاستعادة الذوات الضائعة، وفضح الآلهة المستبدة، ومواجهة الأنبياء المبشرين، إلا الحياة بشكل فلسفي، وكشف تواطآت الوجود بالنقد والمساءلة وخلخلة الثوابت، بالإنصات إلى حركية الوجود المنساب، علنا نخرج من هذا الوجود أقل غباء مما ولجناه، على حد تعبير ميلان كونديرا[7].

وهنا ينتصب سؤال الفلسفة: هل يمكن الاستمرار في التفلسف الآن؟ وهل يمكن التفكير فلسفياً في وقت اكتسب فيه العلم (أحد أنبياء العهد الجديد) قوة هائلة؟ وهل يجوز الحفاظ على التقاليد الفلسفية في انشغالها المعروف بالعقل والكائن والزمن؟ وكيف نفكر في الزمن راهناً؟ وهل الحديث اللامتوقف عن تجاوز الفلسفة سواء بإلغائها أو بتطبيقها حديث يمكن الدفاع عنه[8]؟

أسئلة طرحها مفكرنا منذ زمن ولّى، ونجدها تخترق كتاب النقد الفلسفي المعاصر من مبتدئه إلى منتهاه أيضاً. تمتح مشروعيتها (الأسئلة) من سابق كلامنا عن مختلف أشكال التأليه الجديد، وكذا من انتباه القارئ إلى شعور الفيلسوف بالمسؤولية التاريخية التي ما فتئ يذكر بها، ملمحاً في مناسبات عدة، إلى ذلك الخيط الرفيع الذي يربط المتفلسف بزمنه وقضاياه، مستلهماً مساهمات العديد من الفلاسفة (أبيقور ونيتشه وفوكو ودولوز، وسبونفيل، وانفتاحات بيار آدو، وروجيه بول دروا، وحوار الصديقين العدوين سارتر وميرلوبونتي وغيرهم) لتأكيد تلك العلاقة الحميمة التي تربط الفلسفة بالحياة. ففي عصر الكسل والجبن، عصر رغبة الإنسان في أن يحل محله من يقوم مقامه في التفكير، من يتحمل عنه عناء هذا العمل المضني، كما يقول كانط – في نصه الشهير حول الأنوار -. في عصر كهذا، يطرح كاتبنا أفاية راهنية «أن نتفلسف (أن نفكر)، اعتماداً على ذواتنا»، لا يعني ذلك إقصاء الآخر، لأنه هو حالّ فينا، لكن لا بد من تحمل المسؤولية الشخصية في فعل التفكير، وتفجير ممكنات الحياة. والأمر سيكون أجمل لو تحقق بشكل فلسفي، في إطار مونولوج بينذاتي، بين الذات وذاتها.

أن نحيا فلسفياً اليوم، معناه أن نستمتع بالوجود حد الثمالة، أن نسكر من رحيقه، حتى لا يمر الغد ذات يوم دون أن ننتبه له (محمود درويش). ومن شروط فلسفة الحياة، الالتزام بهموم الراهن دون أن ترهننا كلياً. في الكتاب إشارات متعددة للعلاقة المفترضة بين الفيلسوف والمجتمع. يقول في إحداها وبشكل قوي «إن الحياة الفلسفية لا يمكن أن تتخذ شكل انطواء على الذات بقدر ما تؤدي، على العكس من ذلك، إلى التزام ملموس بالنضالات السياسية داخل المجتمع»[9]، قوة الكلمات تذكرنا بقول لروجيه بول دروا نفسه حول الفلاسفة، إذ يرى فيه أنهم «ليسوا مجرد أسماء على أغلفة الكتب، بل هم نبرات صوت، وأساليب نظر، وطرائق في التصرف، وحني الرأس والمصافحة»، إنهم أنماط عيش.

رغم الحفاوة التي يستقبل بها كاتبنا احتفاء الفلسفة بالحياة، إلا أنه يعود ليذكر بمأساتنا، نحن المحسوبين على الفلسفة في جبتها العربية، تفاصيل المأساة تتجلى في ما سماه المؤلف «الغربة المزدوجة» للخطاب الفلسفي، فزيادة على الصعوبات التي تطرحها البيئة العربية التي ما زالت تتحرك ضمن إرث، يصفه أفاية، بكونه يتبرم من الثقافة والفكر الذي يحض على السؤال والإبداع وإعمال العقل، فإن الفلسفة، في شكلها العربي، عانت أيضاً مختلف أشكال «التمويت»، الذي مورس عليها منذ زمن مضى، لطبيعتها السابقة الذكر. ولكن أيضاً، خوفاً من الارتجاجات التي يمكن أن تحدثها على عشاق الثبات الأبدي، والكسل المعرفي، والطمأنينة المرجأة إلى عالم الخلاص (الآخرة)، الشيء الذي جعل فيلسوفنا يستنتج صعوبة الحديث عن «فلسفة» بصيغة الضاد، يقول في هذا الباب: «حتى إن الحديث عن «فلسفة عربية» يبدو بحاجة إلى تدقيق ومساءلة، لأن الأمر يتعلق أكثر، ربما، بما يسميه هشام جعيط «فلسفة الثقافة» التي تتخذ من التراث والهوية، وعلاقة الشرق والغرب، موضوعات لها»[10]، أفلا يهدد هذا القول، كل قول بوجود «روح نقدية» في الكتابات العربية؟

الفلسفة والنقد سيّان، حضوره من حضورها، وغيابها من غيابه. ليست الفلسفة مجرد نقد، ولن تكون إلا كذلك، وهو ما يفتأ مفكرنا يقرره بين ثنايا كتابه في كل لحظة يتحدث فيها عن النقد. وإذا أردنا أن نقود مقدمات كلامه إلى أقصاها، فإننا لن نجد حرجاً في القول إن النقد فلسفة، ولن يكون إلا كذلك. قد نغالي ونقول إن النقد على الحصر وقف على الخطاب الفلسفي. لذلك نجد صاحب النقد الفلسفي المعاصر يستدرك خلاصته حول قول جعيط، بإشارته إلى وجود «وعي عربي ذو طبيعة نقدية»[11]، أخذ على عاتقه، مسؤولية التفلسف بصدد الإشكالات التي أملتها عليه شروط لها صلة بالسياسة والاقتصاد والتحولات التي يشهدها العالم على كل المستويات، والتي سبق لنا ذكر بعض ملامحها. لكن الانتقال من الغرب إلى الشرق، يفرض مساءلة العلاقة بين وعي الشرق ولاوعيه، بين واقعه ومتخيله، وهو الأمر الذي سيعمل الكاتب على استنطاق صمته قبل نطقه ومحظوره قبل مباحه في القسم الثالث من الكتاب.

العرب وفكرهم، كانوا دوماً وأبداً، ومنذ القرن التاسع عشر، محط ارتجاجات مهولة، ونكبات مرعبة. وعوض التفكير الجدي النقدي اليقظ والمتيقظ في ملابسات هذه الأحداث ومختلف تجلياتها وانعكاساتها على الوعي العربي، أخلفنا الموعد في البداية، «وعينا بأشياء غير التي كان علينا الوعي بها» على حد تعبير الكاتب. صار البعض يبحث في ما يسميه العروي – الذي يشيد الكاتب بأعماله أيّما إشادة – المستقبل الماضي، ففقد الحاضر حضوره وحاضريته، لمصلحة ماضٍ مضى، وما زال مصرّاً على المضي، في حين توجه البعض إلى استيراد «مقولات جاهزة»، واستهلاك بضاعة رائجة، لم ينتبه «تجارها» إلى فارق الزمن والتاريخ، بسبب التخمة الأيديولوجية التي أعاقت سيرها وحركتها، فأضاعوا على دولهم/دولنا فرصاً جديدة، لابتكار وإبداع حلول لثقافة يغلب عليها طابع التلقين والحفظ، ويتمتع فيها الفقيه والمفتي والواعظ والمرشد بحظوة تفوق كثيراً مكانة المفكر والفيلسوف النقدي.

في واقع كهذا، يشير الباحث إلى اضطلاع بعض المفكرين بأدوار طلائعية، لمساءلة «الوجود العربي» وهمومه المختلفة، مسائلين بداهاته، ومخلخلين سواكنه، من خلال الدفاع والمرافعة على قيم النقد والعقل. وبعد «أبهة الأمراء»، التي عاشتها البديهة في ضيافة «القوى الارتكاسية» بلغة دولوز في قراءته الشهيرة لنيتشه، حل، أو لندقق ونقول، ظهرت بوادر البرهانيات في سماء الكتابات العربية. «والبرهان متعطش لنهب البديهة تعطش القرصان إلى سفينة ضالة؟ البديهة عزلاء كظبي مطعون بالأمان»[12]، يقول محمود درويش في حضرة غيابه.

رغم إغراء كلمات درويش، إلا أن «بدائه العرب»، لم تكن بالعزلة المرجوة، بل لقد كان لمعبدها حراس وجلّادون. مسرور سياف الرشيد يكاد يستغرق تاريخنا الدموي منذ القدم، ما يفتأ يعود بمسميات مختلفة لـ «قطف» الرقاب. سياف البداهة، صار أكثر تهديداً لرقابنا، وآننَا العربي الإسلامي آنٌ لتغول البداهة، بسبب مفعولات ثقافة الإدراك وغرور التراث، والاختيارات غير المسؤولة للسلط، اختيارات أبدَت استبداد الحسيات وتسلط المطلقات وتجنيد الجماعات بمشروعيات مختلفة: دينية وحضارية وثقافية، ومعها أبدت شروط اختيار العبودية (الطوعية) على التحرر.

في سياق حديثه عن سوء الفهم الذي تعرضت له تاريخانية العروي، أو ما اعتقد العروي نفسه أنه كذلك، يشخص لنا أفاية «التشويش» الذي لحق التفكير، بسبب ما سبق أن أسميناه «اختيارات سياسية» غير مسؤولة. يقول: «عملت السلطة السياسية، منذ ما يقرب من أربعة عقود، على منع التفكير، وشوشت على العلوم الاجتماعية والإنسانية، وحاصرت الفلسفة وكل مصادر الفكر النقدي، وانخرطت في عملية مزدوجة تقضي بتنشيط ثقافة التقليد، و«أسلمة» برامج التعليم، وبناء مؤسسات ذات طابع حديث مع إفراغها، في الآن نفسه، من مضامينها ووظائفها التحديثية. الأمر الذي يدعو إلى الملاحظة أن عقل السلطة في الصراع المحتدم على البقاء، لم يكتف بتكريس ما يعوق تحديث الدولة والمجتمع، وإنما استند إلى آليات أيديولوجية ومؤسسية عملت على «تحديث» هذه العوائق باستدعائها مرجعيات حديثة في تكريس التقليد، أو مستندات تقليدية لتدبير المؤسسات الحديثة»[13].

لن نجد خيراً من هذا النص القوي من حيث المعنى والمبنى للدلالة على إشاراتنا السابقة إلى محاولات تأبيد وضع الحجر والوصاية؛ فالسلطة لم تعمل فقط على محاصرة النقد وثقافة السؤال، بل وظفت لصالحها منتجات هذه الثقافة للحيلولة دونها. ورغم هذا فالباحث لا يخفي أمله في وجود اجتهادات، أو «أنوية شابة»[14] كما يحلو له أن يسميها، لا تدخر جهداً في مقاومة هذه النزوعات النكوصية، من خلال التحفيز على ممارسة السؤال والنقد والمساءلة. والمؤسسات مطالبة بتشجيع مبادرات كهذه، لأن سلوك الطريق المعاكس، معناه الارتماء في أحضان النزعات المضادة. ولربما ما يشهده الآن العربي اليوم، لا يخرج عن هذا السياق. إنه يحصد ما زرع منذ سنوات، عندما اعتقد أن الفلسفة خطر على المؤسسة، وأنها تهديد لثوابت السلطة، ففسح ذلك المجال لانتعاش حركات تهدد الوجود ككل، وتلغي قيم التسامح والاعتراف والمواطنة، وهي قيم لها حضورها الوازن في فعل التفلسف وأحلامه التربوية، التي يتغيّا تحقيقها.

لربما كانت الخلاصات أعلاه سبباً من جملة الأسباب، التي دفعت الباحث إلى الحذر والتأني عند استحضار ما حدث في سنة 2011. عديدة هي الإحالات إلى هذا «الارتباك التاريخي»، عندما أمسكت «شعوب الهامش» بمقود التاريخ، أو ظن أن ذلك كذلك. يرفض الكاتب نعت «الحدث» بما درجت أقلام الصحافة على نعته بمجاز «فصول السنة»، ويضع كلمة الثورة بين مزدوجين، ويستخدم حيناً كلمة «انتفاضة»، وأحياناً كلمتي «ارتجاجات واهتزازات»، للتعبير عن الحدث. فليس من اليسير التخلص من تراكمات مأسسة الغباء والضحالة، حتى يأتي الربيع، وتخضر أوراق الخريف. المهم في نظر فيلسوفنا أن ما حدث كان علامة، «علامات على مختلف أشكال التعبير المتشنج عن الانتماءات المتنوعة التي عملت التسلطية طوال عقود على كبتها ومحاصرتها»[15]، والمكبوت. علّمنا التحليل النفسي أنه عندما يعود يكون مدمراً، فما القول، في من عاد إليه مكبوته، بعد عمليات خصي وإخصاء متعددة؟

كلمة الخصي، من بين أبرز المفردات التي نجدها في متن الكتاب، وإذا علمنا أن ما يميز صاحبه هو القدرة على انتقاء «الألفاظ والمفاهيم» بشكل دقيق للتعبير عن رؤاه بصدد إشكالات النقد والتاريخ والجسد والهوية والقيم والتاريخ، وغيرها من القضايا التي عمل المؤلف على تناولها من وجهة نظر النقد الفلسفي، إذا علمنا هذا، علمنا مشروعية حديثه عن تعرض الذات العربية لأشكال مختلفة من الخصي، وهي الذات التي تدور حول مركزية القضيب وهيمنة «براديغم» الذكورة والفحولة والرجولة، فإذا بهذه الذات تلجأ إلى خصي ذاتها، فتكتشف أن ما كانت تفاخر به الأمم والدول، لم يعد منتجاً، فقد فعله في التاريخ، وأثره في الزمن شاخ، وانتهت صلاحياته.

من تجليات هذا الخصي الذاتي، بالإضافة إلى ما اصطلحنا على تسميته «مأسسة الغباء»، نجد كاتبنا يتحدث عن إنسان عربي تائه مستسلم، شبيه بحمار بوريدان الذي لم يستطع أن يختار بين الماء والتبن، فمات من شدتهما معاً، تيه تعمق من شدة الجراحات التي يتعرض له «نحن»نا منذ القرن التاسع عشر. يتحدث الكاتب عن شقاء الوعي واضطراب علاقة الذات بذاتها من جهة وبالواقع من جهة ثانية. ولقد فرضت حالة التيه هذه اختيارات غير منسجمة، بل متضادة ومتناقضة في أغلب الأوقات، ولا تنفقد خاصية التناقض إلا عند اشتراكها في اغتيال العقل وإقالة الوعي، وفي أفضل الحالات تسطيحه، والمساهمة في تسييد ثقافة التكرار والاجترار.

من مظاهر العجز عن إبداع ممكنات جديدة، للخروج من عالم «التيه العربي»، إغراق فئة في تبرير «التخلف» بمبرر الابتعاد عن «الأصل الطاهر». واحدة تقتات على «وهم ماضوي» حول «مجد الذات» في زمن مضى وولى. لهذا حصرت كل جهودها للتعبئة من أجل «الهجرة» إلى الماضي. ويلاحظ عليها أفاية أنها صارت تعرف انحداراً فظيعاً على مستواها التنظيري، مقابل تجريبيتها الحركية. في حين هناك فئة ثانية عملت على مواجهة «صدمات الخصي»، باختيار استنبات نظريات جاهزة أثبتت فاعليتها في سياق ما. ومن هنا ملاحظة هيمنة الأيديولوجي على تحليلاتها. وفئة ثالثة، اختارت بديلاً وسطاً: نزعة توفيقية تلفيقية بين الإثنين. المهم أن إفرازات الخصي الذاتي كانت لها انعكاسات مهولة على مستوى الممارسة النقدية والإبداع الفلسفي.

حتى إن مثقفينا ومفكرينا، الذين يرهن العروي صلاح أمرنا بصلاحهم، لم يسلم معظمهم من تأثيرات هذا الخصي: الإحباط والاجترار والتضخم الأيديولوجي في كتاباتهم، سمات أفقدت النقد العربي أبرز مقوماته، كما نظر لها رواد النقدي الفلسفي منذ كانط حتى فلاسفة الاختلاف. ولقد أغرق فيلسوفنا في الحديث عن هذه المقومات في الجزء الأول من الكتاب، راصداً تجليات الثابت والمتحول فيها من خلال تتبع مسيرتها الطويلة.

الملاحظ لديه، أن الكتابات العربية اللاحقة عن فترة «الصدمة الأيديولوجية»، قد عملت على تجاوز هذا الهاجس الأيديولوجي، رغم أنها ظلت مسكونة ببعض توابعه، والملاحظ أيضاً أنه لا يمكن الحديث عن «الخصي ولواحقه»، دون الحديث عن الآخر، وهنا نتحول من «خصي الذات لذاتها» إلى إخصاء الآخر لها. نوع من العنف تجاه الآخر. المقاومة لم تكن في مستوى العنف الممارس. واستناداً إلى خلاصات هشام شرابي، يتحدث الكتاب عن هيمنة الغرب على كل أشكال الوجود والموت والحياة لذات العرب، لم يعودوا أحراراً حتى في اختيار موتهم. لنستطرد ونقول إن محمود درويش لم يعد له حق اختيار قبره، إلا إذا لجأ إلى سحر اللغة ووجدانيات الشعر، «أما الموت فلا شيء يهينه كالغدر… فلأذهب إلى موعدي فور عثوري على قبر لا ينازعني عليه أحد من أسلافي»[16]. عندما يصل الألم إلى أقصاه، وتشتد درجات التعذيب، «تنتعش الميتافيزيقا، ويزدهر الشعر والأدب»[17]، يلاحظ الكاتب بنباهة.

سابق حديثنا، لا يعني أن صاحبنا مسكون بثنائيات الشرق والغرب، الذات والآخر، النَّحن والهُم، بالصيغة الميكانيكية التي يتحدث بها البعض. إن هذه الثنائية قد فقدت حجيتها فلسفياً، فمصير العالم مصير كوني جماعي، والأخطار تهددنا جميعاً غرباً وشرقاً، والذات تنفلت من ذاتها للانفتاح على الآخر، فيصير الـ «هنا» هناك و«الهناك» «هنا» بلغة الفينومينولوجيين، حتى تستقيم قواعد ما يسمى «العيش المشترك»، وتفادي أخطار الصراعات الهوياتية والانغلاقات المذهبية، من خلال المراهنة على بيداغوجيا التسامح والتعدد والاعتراف والوفاء لقيم الحياة والعقل الكوني والمجتمع والمحبة، كما يؤكد أفاية في معرض حديثه عن القيم لدى أندريه كونت سبونفيل.

«ولدنا معاً لا توأمين ولا جارين، بل واحد في اثنين، أو اثنين في واحد (…) ومن حق النافذة أن تنظر إلى العابرين» (درويش)، والوجود رحب بما يكفي ليسع الاثنين باختلافاتهما. تنتفي التقابلات الميتافيزيقية، ليحل الآخر محل الذات والذات محل الآخر في زمن عولمة العنف والإرهاب والمرض والموت، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. الغر هو من يعتقد أنه بمنأى عن المخاطر المحدقة بالكون والإنسان، المصير مصير مشترك والفكر النقدي من شأنه عقلنة الحوارات القائمة بين الثقافات والحضارات، لاجتثات أسباب الخلافات، والتفكير بشكل مشترك في تجاوز ضنك العيش.

ولأن حصول تمرين الاعتراف لا يمر إلا عبر الذات أيضاً، كما يؤكد بول ريكور، فإن تحصيل الاعتراف بالذات، يقتضي من ضمن مقتضياته القيام بتمرين نقد الذات، قبل نقد الآخر، «يتعين القيام بنقد مزدوج» ينصب علينا كما ينصب على الغرب، و«يأخذ طريقه بيننا وبينه»[18] يصرح المؤلف، في سياق حديثه عن أوشام الخطيبي في الفكر المعاصر: غربيه وعربيه.

وفي هذا الإطار، إطار النقد المزدوج، يتحدث الكاتب عن مشروطية النهضة العربية بصيغتيها الأولى والثانية بفعل النقد، مشروطيتها بمساءلة كلام وصمت العرب، واستنطاق زلات ألسنتهم قبل رفوف كتبهم. فالمسكوت عنه والهامشي قد يترجمان حقائق غير معلنة، لذلك وجب طرح «الأسئلة الصامتة التي تعاني فينا» – كما يقول الخطيبي – حتى نستحق موتنا، على اعتبار الصلات الوثيقة التي تربط خلخلة الثوابت بسؤال الموت والحياة.

اختصاراً، ما دام مقام القول لا يسمح بالكثير من التفصيل، فإن أفاية، ومن خلال استحضار العديد من المفكرين الذين كان لهم الفضل في ولوج هذه الأبواب الخلفية للأسئلة السالفة الذكر من قبيل: محمد عبده، والجابري، والعروي، وزكي نجيب محمود، وحسن حنفي، وحسن صعب، وناصيف نصار، وعبد الكبير الخطيبي وآخرين غيرهم، من خلال هؤلاء جميعاً، فإنه يغوص في إشكالات العقل العربي وتنوع تسميات مشاريع مقاربته بين مسميات التحديث والتجديد والنقد، وما يتعالق معها من قضايا الهوية والثقافة والتاريخ والوعي، والمتخيل، والاستقلال الفلسفي. وما يتطلبه هذا الأخير من ضرورات مفاهيمية، ومن أسئلة وجودية حول اللغة والكتابة وعلاقة الإبداع الفلسفي بتاريخ الفلسفة. ليخلص كاتبنا إلى الأهمية البالغة لمشروعين فلسفيين نقديين قائمَي الذات، لكل من ناصيف نصار وعبد الكبير الخطيبي، اللذين نجحا بشكل كبير من الانفلات من قدر التكرار والنفس الأيديولوجي حتى في كتاباتهما عن الأيديولوجيا أو في كتاباتهما ذات النفس الأيديولوجي.

يزعم الكاتب أن الأول: «أقام معماراً فلسفياً استثنائياً في الفكر العربي المعاصر(…) اختار القطع مع الاجترار الفكري العربي بالانخراط في الفلسفة بالفعل، والتبرم من التبعية لتاريخ الفلاسفة، من خلال نحته مفاهيم خاصة به من نوع التجسد، والتوقعن، والانوجاد»[19].

والثاني يخصص له أفاية فصلاً كاملاً، محاوراً بلْور نصوصه، ومستوقفاً وقفاته مع كبار الفلسفة الأوروبية، شارحاً، بل مشرِّحاً لطريقة استشكال الخطيبي لإشكالات الذات والآخر والذاكرة والمتخيل. يقول عنه، بعد إيراد بعض المآخذات عليه، والمتعلقة باختياراته على مستوى نمط الكتابة، وعلاقةُ ذلك بسؤالي التوطن أدبياً، والضيافة غيرياً «ومهما كانت الانتقادات (بعد توجيهها إليه من طرف أفاية نفسه)، التي يمكن توجيهها إلى الخطيبي في موضوع علاقته بالمسألة اللغوية وبالأدب الفرنسي، فإنه يبقى أحد أبرز المفكرين العرب الذين ساهموا في إدخال ثقافة السؤال والنقد في المجال الثقافي العربي، والمغربي على وجه الخصوص، واقترحوا انفتاحات نظرية في غاية الابتكار والجرأة الفكرية»[20].

عندما يعمل الكاتب على استعادة هؤلاء لمصلحته، فلا يعني ذلك «استنهاض نهضة» قد نشعر إزاءها بنوع من الحنين؛ إذ من شأن ذلك أن يجعلنا نخذل من جديد، وأن يوقفنا على مشهد خسارة معركة التاريخ، لعدم التنبه إلى ما يسميه عبد الله العروي «المتاح للبشرية» في زمن ما. وكتاب النقد الفلسفي المعاصر: مصادره الغربية وتجلياته العربية، يؤكد في غير ما موضع، استحالة القبض على المنساب بالثابت، على استحالة وجود «مرجع جاهز» للإجابة عن مشاكل العصر. أكيد أن الكتاب يعكس رغبة صاحبه في استثمار دروس التاريخ، والاستفادة من خصوبة أشكال حضور النقد الفلسفي في مقاربات إشكالات حاضر الماضي، لاجتراح آفاق رحبة للإنسانية، والأكيد أيضاً، أن من مستلزمات مطلب توسيع رحبة الوجود، الوعي براهنية النقد، واستثماره لتناول رهانات الآن الإنساني، وكسب رهان التعدد والاختلاف والغيرية والسؤال والإبداع. رهان الأمل في أن نخرج من الوجود أقل غباء مما ولجناه به، كما ذكرنا ذلك سلفاً على لسان كونديرا.

 

قد يهمكم أيضاً  القراءة الإبستيمولوجية للتراث عند محمد عابد الجابري: بحث في التفكير النقدي

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #الفلسفة #النقد #فكر #حال_الأمة #النقد_الفلسفي_المعاصر #محمد_نور_الدين_أفاية #دراسات

المصادر:

(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 440 في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.

(**) عبد الواحد آيت الزين: باحث في الفلسفة.

[1] جورج فريدريش هيكل، أصول فلسفة الحق، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996)، ص 116.

[2] إريك فروم، الإنسان المستلب وآفاق تحرره، ترجمة وتعليق حميد الأشهب (الرباط: فيديبرانت، [د. ت.])، ص 52.

[3] انظر: محمد نور الدين أفاية، في النقد الفلسفي المعاصر: مصادره الغربية وتجلياته العربية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2014)، ص 10، 105 و274، وصفحات أخرى.

[4] المصدر نفسه، ص 105.

[5] المصدر نفسه، ص 274.

[6] محمد نور الدين أفاية، الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة: نموذج هابرماس (الدار البيضاء: أفريقيا الشرق، 1991)، ص 34.

[7] أوردها: محمد موهوب، ترجمان الفلسفة (مراكش: المطبعة والوراقة الوطنية، 2011).

[8] أفاية، الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة: نموذج هابرماس، ص 9.

[9] أفاية، في النقد الفلسفي المعاصر: مصادره الغربية وتجلياته العربية، ص 106.

[10] المصدر نفسه، ص 151، وقد سبق للكاتب الإشارة إلى هذه الفكرة في الصفحة 121 أيضاً، يقول: «(إن) المشتغلين بها (الفلسفة)، قد تناولوا موضوعات وقضايا بأساليب أقرب إلى ما يسميه هشام جعيط «فلسفة الثقافة»، أكثر مما هي في صلب التفكير الفلسفي».

[11] المصدر نفسه، ص 151.

[12] محمود درويش، في حضرة الغياب، ط 2 (بيروت: رياض الريس للكتب والنشر، 2009)، ص 13 – 14.

[13] أفاية، في النقد الفلسفي المعاصر: مصادره الغربية وتجلياته العربية، ص 180 – 181.

[14] المصدر نفسه، ص 124.

[15] المصدر نفسه، ص 150.

[16] درويش، في حضرة الغياب، ص 10.

[17] أفاية، في النقد الفلسفي المعاصر: مصادره الغربية وتجلياته العربية، ص 149.

[18] المصدر نفسه، ص 227.

[19] المصدر نفسه، ص 194.

[20] المصدر نفسه، ص 267.


عبد الواحد آيت الزين

أُﺳﺘﺎذ ﻣﺎدّة اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨَﺔ اﺑﻦ ﺟﺮِﻳﺮ، اﻟﻤﻐﺮِب. ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﺒﺮ »اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﺸﺄن اﻟﻌﺎم« ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺔ اﻵداب واﻟﻌُﻠﻮم اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ، ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺤَﺴَ ﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻓﻲ اﺑْﻦ ﻣﺴِ ﻴﻚ، اﻟﺪّار اﻟﺒَﻴﻀﺎء. ﻧﺸﺮ ﻣَﻘﺎﻻَت ودِراﺳَ ﺎت ﻓﻲ ﻋَﺪَد ﻣﻦ اﻟﻤَﺠﻼت اﻟﻔِﻜﺮﻳﺔ اﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺤَﻜّﻤﺔ، وﻟﻪُ ﻣُﺴﺎﻫﻤَﺎت ﻋِﻠﻤﻴَﺔ ﻓﻲ ﻧَﺪوات ﻓﻜﺮﻳّﺔ، وﻣُﺸﺎرﻛﺎت ﻓﻲ ﻛُﺘُﺐ ﺟﻤﺎﻋﻴّﺔ. ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻋُﻀﻮ ﻣُﺆﺳّ ﺲٌ ﻓﻲ ﺟَﻤﻌﻴّﺔ »اﺗّﺤﺎد أﺻﺪﻗﺎء اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ«، وﻳﺸﺘﻐﻞُ ﻣُﻨﺴّ ﻘﺎً ﻟِﺒَﺮاﻣﺠﻬﺎ وﻧﺪَواﺗِﻬﺎ.

مقالات الكاتب
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز