مقدمة:
حاولنا في هذه الورقة التطرق إلى النقاط الأساسية في عملية طوفان الأقصى، منها التحولات الاستراتيجية المناهضة للصهيونية وإلى فهم فلسفة العقل الإسرائيلي في ارتكاب المجازر، ومحاربته لكل المنظمات الإنسانية التي تحاول بقاء القضية الفلسطينية في الوجود – الأونروا كنموذج – وحاولنا كذلك دحض كل سرديات الكيان المضللة التي يمارسها في وسائل الإعلام، أي حاولنا وضع عملية طوفان الأقصى في مشهدها الصحيح بعيدًا كل البعد من الافتراء والأكاذيب الصهيونية وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية.
أولًا: طوفان الأحرار ضد الصهيونية العالمية
كشفت عمليات طوفان الأقصى الغطاء على أن القضية الفلسطينية أصبحت قضية دولية تجاوزت المفهوم التقليدي للصراع من كونه عربيًا – إسرائيليًا إلى عالمي تحرري، وأصبحت مشروع كل شرفاء العالم، وبالتالي شكلت رأيًا عامًا عالميًا ضد الهيمنة الصهيونية والإمبريالية.
تجلى ذلك من خلال الاحتجاجات والمواقف البطولية عبر كل الدول الغربية وحتى الأمريكية، وصل الأمر إلى من أحرق نفسه ومنهم من اعتقل، ومنهم من هدد بالقتل ومنهم من أوقفوه عن الجامعة، و… .
شهد قطاع غزة قبل عمليات طوفان الأقصى عدة اعتداءات اسرئيلية، حيث تشكلت عدة لجان دولية لتقصّى الحقائق عما يجري في كل عدوان يرتكبه الاحتلال، على سبيل المثال اعتداءات 2014 حيث أنشأ مجلس حقوق الإنسان لجنة تقصّي للحقائق بهدف تحديد المسؤولين عنها.
تشكلت من وليام تشاباس (كندا) وماري ماكغوان ديفيدس (الولايات المتحدة الأمريكية) في شهر أيلول/سبتمبر 2014 للتحقيق في الانتهاكات التي تمت خلال الحرب على قطاع غزة، إلا أنه في فبراير2015 تقدم وليام تشاباس بالاستقالة من اللجنة بعد أن أعلن عن تعرضه لتهديدات بالقتل من دول معروفة وتولت ماري ماكغوان رئاسة اللجنة من بعده، على أن تقدم اللجنة تقريرها إلى المجلس في دورته في29 حزيران/يونيو 2015، وقد تأخر تقديم التقرير عن موعده الأول بسبب استقالة رئيس اللجنة تشاباس، ومن بين الاستنتاجات التي توصلت إليها اللجنة وهي: أن أهم مميزات القتال في النزاع المسلح للعدوان الإسرائيلي لعام 2014 أنه عكس نمطًا جديدًا اعتمدت فيه إسرائيل على شن هجمات على المباني السكنية، والتي أدت إلى مقتل عائلات بأكملها. وقد ظهر ذلك جليًا في زيادة أعداد المدنيين القتلى والجرحى عن أية عملية عسكرية قد شنتها إسرائيل في الماضي، وأن الهجمات الإسرائيلية قد سوت أحياء حضرية كاملة بالأرض وحجم الدمار كان هائلًا ولم يسبق له مثيل”[1].
كشف هذا التقرير أن هناك أحرارًا في العالم لا يهمهم إرضاء الصهيونية، ينتقدونها ويقدمون تقارير موضوعية بغضّ النظر عن رضاها أو انزعاجها، هم شرفاء العالم وما وليام تشاباس وماري ماكغوان ديفيدس إلا عيّنة صغيرة على ذلك.
وفي ما يخص الاعتداءات الإسرائيلية 2006، صدرت تقارير مشرفة عن أحرار العالم هو ما قام به الطبيبان مادمن غيلرت و إيريك فوس في نقل 15 فلسطينيًا مصابين بجروح خطيرة جراء استخدام تلك الأسلحة إلى خارج القطاع عبر معبر رفح بعدما تعرُّض موكبيهما لنيران قوات الإسرائيلية وأكدا أن الحالات التي عاينها أثناء وجودهما في مستشفى الشفاء بغزة تدعوهما إلى الجزم بأن القوات الإسرائيلية استخدمت أنواعًا جديدة من الأسلحة ضد سكان قطاع غزة، حيث أكد الطبيبان اللذان يقومان بمهمات في الشرق الأوسط مند عشرين عامًا مع منظمة “نورواك” النرويجية غير الحكومية، أن تجارب أجريت على فئران بينت أن جزيئات للكرات المتفجرة التي تضل في أجساد الضحايا تؤدي إلى إصاباتهم بالسرطان. وتساءل الطبيبان في الختام عمّا إذا كانت غزة مختبرًا لصانعي الموت، كما تساءل عما إذا كان مسموحًا في القرن الحادي والعشرين بمحاصرة 1.5 مليون إنسان وقصفهم بهده الطريقة بزعم أنهم “إرهابيون”[2].
ومن خلال المجازر والإبادة الجماعية التي يشهدها قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 تبين أن هناك حركة عالمية كبيرة على كل المستويات الأكاديمية والسياسية والعلمية والرياضية تنادي بالحرية للفلسطينيين وأخذت شعار”فلسطين حرة” -Free-Free Palestine وبالتالي أصبحت القضية الفلسطينية قضية عالمية تهم كل الأحرار العالم ضد الصهيونية.
سنأخذ بعض الأمثلة بإيجاز لأننا لا يمكن أن نعطي حق هذه الحركة – حركة “فلسطين حرة العالمية”:
الجندي آن ستفيانك عنصر في القوات الجوية الأمريكية أحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بواشنطن، وقبل أن يشعل النار في جسده قال “لن أكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية في غزة ثم ردد قائلًا “فلسطين حرة”، والبريطاني ديفيد ميلر أستاذ جامعي في علم الاجتماع السياسي الذي أوقف من منصبه بتهمة معاداته السامية، تعرّض للمضايقات من طرف اللوبي الصهيوني في بريطانيا حيث صرح لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “أن ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين والمؤسسات الدولية عمل إرهابي وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بوقفة جادة في وجه تلك الممارسات وأبرزها الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني”.
وموقف الرئيس البرازيلي لولا داس يلفا في خطابه حول غزة صرح قائلًا: “ما تقوم يه إسرائيل ليس حربًا، إنها إبادة لأنها تقتل النساء والأطفال، ما يحدث في إسرائيل [غزة] هو إبادة، ما يحدث هو آلاف الأطفال يقتلون ومفقودون، وليس الجنود الذين يموتون، بل الأطفال والنساء الذين يموتون في المستشفيات، إذا كان هذا ليس إبادة فما هي الإبادة؟”.
وموقف الرئيس الكولومبي الذي قطع علاقات بلاده مع إسرائيل وجاء في خطابه حول أحداث غزة: “ما يحدث في غزة هو قرار حكومة الإسرائيلية بتدمير الشعب بشكل كامل من خلال التدمير المستمر والقصف المستمر للمدنيين الذين ليس لهم مكان يحتمون فيه، وهو قتل الآلاف للأطفال، وللأبرياء والنساء والسيدات، إذًا هذه ليست حربًا هذه إبادة هي جريمة ضد الإنسانية” وصرح على منصة إكس ينتقد فيها نتنياهو “أن إلقاء القنابل على ألاف الأطفال والنساء وكبار السن والأبرياء، لا تجعلك بطلًا، التاريخ سيجعلك مرتكبًا للإبادة الجماعية”.
منظمة Forzing-Architecture حيث كشفت خطط إسرائيل في هندسة الإبادة الجماعية بغزة قامت بعرض فيلم وثائقي بينت أن الإبادة مقصودة وليست كما يقول الجيش الإسرائيلي وفق “الضرورة العسكرية” عن طريق ما يسمى بإرهاب الجغرافيا كما يسميه الجيش الإسرائيلي ويقصد به استخدام عمليات الإخلاء والممرات الآمنة لتوسيع الاستهدافات”.
هذه عينة صغيرة جدًا من شرفاء العالم الذين أبدوا عداءهم للصهيونية العالمية ولإسرائيل إضافة إلى الآلاف من المظاهرات التي جابت شوارع لندن، وبرلين، وباريس، تحت شعار” فلسطين حرة –Free-Free Palestine” وهناك دول أوروبية اعترفت بدولة فلسطين كإسبانيا والنرويج وجمهورية إيرلندا، وهناك دول أخرى قاطعت الكيان الإسرائيلي مثل دولة كولومبيا وفنزويلا وجنوب أفريقيا التي قدمت ملفًا كاملًا حول المجازر الإسرائيلية إلى محكمة العدل الدولية. فطوفان الأقصى بالفعل كان طوفانًا للمواقف البطولية التي عبر عنها العالم بشكل واضح رفضًا لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد شعب أعزل.
ثانيًا: طوفان الأقصى محطة من محطات اجتثاث الشعب الفلسطيني من أرضه
إن المجازر والدمار الهائل الذي طال كل قطاع غزة عقب عمليات الطوفان الأقصى ليس الهدف منها القضاء على حركة حماس وتحقيق النصر المطلق كما يقول قادة إسرائيل.
هذه المجازر هي امتداد لمشروع يبدأ منذ ولادة الكيان الصهيوني أي قبل ميلاد الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين، فكرته الأساسية قائمة على أساس اجتثاث الشعب فلسطيني بأكمله سواء كان منتميًا لحماس أم لا، عقيدته مبنية على شعار: شعب بلا أرض، لأرض بلا شعب.
وبالعودة إلى خطابات دافيد بن غوريون نجد أن التطهير العرقي هو من أهم مرتكزات تنفيذ المشروع الصهيوني، فقد صرح في 1938 “أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئًا لا أخلاقيًا، وصرح في سنة 1947 بأن التطهير العرقي يشكل وسيلة نبيلة من أجل أن تكون الدولة الجديدة يهودية محضة، وفي نهاية سنة 1947 بيّن بن غوريون كيفية التعامل مع قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة بأن هناك 40 بالمئة من غير اليهود في المناطق المخصصة للدولة اليهودية، بأن على اليهود مواجهة الواقع الجديد بكل قسوته ووضوحه، وأن الدولة المكونة من 80 بالمئة على الأقل من اليهود يمكن أن تكون قابلة للحياة ومستقرة[3].
إن نفي وجود الشعب الفلسطيني هو أساس الفكرة الصهيونية، وبدون هذا الزعم تفقد الصهيونية أهميتها ومبرر وجودها، فمن أجل اختراع شعب كالشعب اليهودي، كان لا بد من طمس وجود شعب آخر، وهكذا عمل القادة الصهاينة على تجاهل وجود الشعب الفلسطيني وعلى ترحيله كما حدث في سنة 1948، ولم يتوقف هذا التجاهل[4].
كتب هرتزل في كتابه دولة اليهود في الوقت الذي أريد فيه بناء بيت جديد بمكان قديم على أن أقوم بالهدم في البداية ومن ثم البناء، سأحافظ إذًا على هذا الترتيب المنطقي. تمثل هذه المقولة جوهر العلاقة بين الصهيونية والاستعمار وتعكس الخطاب الاستعماري الإحلالي الكامن في الفكر الصهيوني، فبناء البيت الجديد أي إقامة الدولة الصهيونية تقتضي هدم ما هو قائم من مدن وبلديات وقرى، وإزاحة سكان المكان حتى يتسنى للدولة العتيدة أن تبني نفسها.
على الطراز الغربي الاستعماري وتسير بخطاها على ذات النسق في إبادة وطرد السكان الأصليين، وهذا ما أقدمت عليه العصابات الصهيونية سنة 1948، حين قامت بتدمير أكثر من 350 بلدة وحيًا عربيًا وتهجير أكثر من 800 فلسطيني، وترافقت هذه العملية مع ارتكاب عشرات المذابح كما جرى في دير ياسين والطنطورة واللد، ومنذ ذلك الحين وعلى مدى أكثر من 70سنة ظلت الدولة العبرية على خطابها وممارساتها نفسها في الحروب والهدم والتهجير، وما انفكت الدعوات الهستيرية داخل هذه الدولة الترانفسير، تعكس ما يعانيه الإسرائيلي من هاجس العربي الفلسطيني، الذي بات أشبه بالكابوس الوجودي الذي يهدد مستقبل المشروع الصهيوني الأمر الذي يستدعي القيام بخطوات تنطوي على تغييب الآخر والقضاء عليه تمامًا[5].
كتبت المؤلفة الإسرائيلية ناعومي راغان ” كثيرون منا – ربما معظمنا – أعلنوا أن كل الفلسطينيين وكل اللبنانيين هم العدو، يهددون وجودنا، أي إسرائيل والشعب اليهودي، كل واحد نقتله، وكل بيت نزيله هو بالتالي هدف عسكري مشروع ويستحق، الإرهاب جزء من ثقافاتهم ويتعين علينا أن نقوي قدراتنا على ردمهم[6].
في كل اعتداء إسرائيلي على قطاع غزة يسعى قادة الكيان لتحقيق هدفين رئيسين:
أولًا، قتل اكبر عدد من الفلسطينيين بتعمد وليس كما يدعي “للضرورة العسكرية” كلما أتيحت له الفرصة أو التسبب في هذه الفرصة أو خلق ذرائع لهده الفرصة .
ثانيًا، تهدف هذه المجازر إلى خلق بيئة غير قابلة للحياة حتى يقتنع الفلسطيني من تلقاء نفسه أن الحياة في فلسطين “جحيم لا يطاق”، فهي حرب نفسية كذلك، والسبب في ذلك هو الرعب الديمغرافي كما يطرح في الدوائر الفكرية والعسكرية والسياسية في إسرائيل.
فإسرائيل تدق ناقوس الخطر الديمغرافي الذي يعني بالنسبة إليها تهديد مشروعها الصهيوني القائم على نقاء الأرض من العنصر الفلسطيني، فمنذ نشأة هذه الأيديولوجية، والقادة الصهاينة يقض مضجعهم السكان الأصليون في فلسطين وتزايدهم الطبيعي وكيفية التعامل معهم، فمفهوم الترانسفير هو من ابتكار الصهيونيين يستعملونه بدلًا من كلمة طرد المحمّلة بشحنتها الأخلاقية ويقصد به تنقية عرقية تنتظر إسرائيل الفرصة لتحقيقها[7].
كتب يوسف فابتس مسؤول الصندوق القومي اليهودي سنة 1940 يقول: “لا يوجد متسع من المكان لكلا الشعبين في هذه البلاد، ولا توجد طريقة أخرى سوى طرد العرب إلى البلدان المجاورة ، وذلك بشكل جماعي دون الإبقاء على قرية واحدة أو قبيلة واحدة، وقد كان فابتس مستشارًا مقربًا لِبن غورين الذي عهد إليه بعد نكبة 1948 الإشراف على تدمير مئات القرى العربية التي جرى تهجير أهلها وتحولوا إلى لاجئين[8].
في حربها التي أسمتها إسرائيل عملية الرصاص المصوب2014 قامت بقتل ما لا يقل على 1450 فلسطينيًا، 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال وجرح أكثر من خمسة آلاف فلسطيني وتدمير نحو عشرين ألف منزل، وتدمير 800 منشاة صناعية ومدرسة، وكذلك قامت باستهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف الطبية، ودور العبادة، ومباني للأمم المتحدة.
ومؤسسات إعلامية، والدفاع المدني بالإضافة إلى تدمير 60 مقرًا للشرطة الفلسطينية وتجريف الآلاف من الكيلومترات من الأراضي الزراعية[9].
أما حجم الدمار والجرائم التي قامت بها إسرائيل، وما زالت بعد عمليات طوفان الأقصى فقد فاقت كل التوقعات، حيث صرحت قناة CNN الناطقة باللغة العربية في 20 كانون الثاني/يناير 2024، أي بعد ثلاثة أشهر فقط بعد عمليات طوفان الأقصى”في تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة: 70 بالمئة من الضحايا هم من النساء والأطفال 951 ألف و490 من النساء والفتيات نزحن من منازلهن، وأنّ هناك 1.9 مليون نازح و قرابة مليون امرأة وفتاة يبحثن عن ملجأ في ظروف إيواء محفوفة بالمخاطر، ولا يوجد مكان آمن في غزة. وتشير تقديرات هيئة الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن 3,000 امرأة ربما أصبحن أرامل، وفي حاجة ماسة إلى الحماية والمساعدة الغذائية، ويحتمل أن ما لا يقل عن 10,000 طفل فقدوا آباءهم.
وتشير وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 06 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 أن الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 43391 شهيدًا و102347 جريحًا. أما وزراة الصحة اللبنانية فصرحت بالتاريخ نفسه عن 3050 شهيدًا، و13658 جريحًا. إذا لم تكن هذه إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية فما هي الإبادة وما هي الجرائم ضد الإنسانية؟.
إن التركيز على استهداف الأطفال والنساء ليس عشوائيًا وإنما هو مقصود ومخطط له من قبل العقل الإسرائيلي، فالطفل الفلسطيني ويمثل للكيان” المستقبل” وهي تريد أن تمحو مستقبل فلسطين ومن الوجود والنساء تمثل استمرارية الحياة، وبالتالي ما دام هناك أطفال ونساء ورجال في فلسطين على قيد حياة يعني وجود شعب فلسطيني يعني وجود أمل يعني أن القضية الفلسطينية ما زالت تهدد مشروع الصهيوني.
ثالثًا: هل طوفان الأقصى جاء من فراغ؟
بررت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الموالية لها الهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة بصريح العبارة “من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل كان سكان القطاع يعيشون حياة طبيعية؟ هل كانت حياتهم كريمة؟ فما هو الوضع الذي كان سائدًا في غزة قبل عمليات طوفان الأقصى؟
شنت القوات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال الخمسة عشر عامًا الماضية أربع هجمات عسكرية واسعة النطاق خلال الأعوام 2008-2009 و2012 و2014 و2021 إلى جانب عشرات الهجمات الجوية سنذكر على سبيل المثال: عملية حارس الأسوار2021 بدأت هذه العملية بتاريخ 10 مايو/أيار 2021 واستمرت لمدة 11 يوما، لتنتهي في21 مايو/أيار تميز هذا الهجوم بتركيز الجيش الإسرائيلي هجماته الجوية والمدفعية على البنية التحتية في قطاع غزة ولا سيما الشوارع وآبار المياه والمرافق العامة إلى جانب المقدرات الاقتصادية والإنتاجية، وهذا ما سبب خسائر مادية فادحة في هذه القطاعات، أسفر الهجوم عن مقتل 254 فلسطينيا بينهم 66 طفلًا و39 أمرآة و17 مسنًا، إضافة إلى إصابة نحو 1.948 آخرين بجروح مختلفة، حسب وزارة الصحة الفلسطينية وفقًا للإحصاء الميداني لفريق المرصد الأورومتوسطي وصل عدد الجرحى 2.212 [10]، فسكان غزة عاشوا قبل السابع من أكتوبر تحت ضغط عسكري إسرائيلي رهيب.
فحسب تقرير للأونكاد صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 فإن التكلفة الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال العقد الماضي قدرت بـ16.7 مليار دولار، وهو ما يعني أن نصيب الفرد الواحد من الخسائر الاقتصادية بفعل الحصار بلغ نحو 9 آلاف دولار، وذلك بسبب الإغلاق طويل الأمد والعمليات العسكرية التي تعرض لها القطاع خلال مدة الحصار وبقيت نسبة البطالة في قطاع غزة من بين الأعلى في العالم، فبعد أن كانت 23.6 بالمئة عام 2005، وصلت في 2022 إلى حوالي 47 بالمئة ، هذه الأزمات الاقتصادية صاحبها انكماش في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع معدلات الفقر من40 بالمئة في عام 2005 إلى 61.6 بالمئة خلال عام 2021[11].
أما في القطاع الزراعي، فقد عمدت القوات الإسرائيلية إلى رش المبيدات الحشرية على طول السياج الأمني الممتد على طول 40 كيلو مترًا شرقي قطاع غزة، فيما يبدو بهدف منع نمو الأشجار لكشف المنطقة لاعتبارات أمنية بزعمه، وتكبد عملية الرش المزارعين خسائر باهظة تقدر بمئات ألوف الدولارات على مدار العام. خلال عام 2022، تكبد المزارعون خسائر كبيرة نتيجة الهجمات الإسرائيلية التي أتلفت عبّارات مياه الأمطار شرقي قطاع، حيث أغرقت مياه الأمطار نحو300 دونم زراعي، فسببت خسائر كبيرة للمزارعين، وبشكل عام قدرت قيمة خسائر القطاع جراء الحصار الإسرائيلي والهجمات العسكرية المتعمدة منذ 2006 وحتى فبراير/شباط بما يزيد على 13 مليار دولار، ولم تتلق الأطراف المعنية تعويضات عن تلك الخسائر سوى ما يعادل 30 بالمئة منها. أما في قطاع الصيد البحري ونظرًا للتقيد والاعتداءات الدورية والمنع إدخال المستلزمات الضرورية لاستمرار الصيادين في ممارسة عملهم، انخفض عدد العاملين في مجال الصيد البحري من نحو 10.000، سنة 2005 إلى نحو 4.000 صياد في عام 2020 يعيلون أُسرًا تضمن نحو 40 ألف فرد، وهو ما يعني أن التأثير على مورد رزق هؤلاء الصيادين من شأنه أن يهدد حياة عشرات الآلاف من المواطنين في غزة[12].
في ما يخص الرعاية الصحية، ونتيجة للتضييفات المستمرة على القطاع الصحي خلال 17عامًا الماضية، فقد تراجعت خدمات الرعاية الصحية في قطاع غزة بنسبة 66 بالمئة، وخدمة الطورىء والعمليات بنسبة 23 بالمئة، وخدمات الكلى وغسيل الكلى بنسبة 42 بالمئة وخدمات عمليات القسطرة القلبية والقلب المفتوح بنسبة 66 بالمئة وخدمات جراحة القطاع بنسبة 13 بالمئة[13].
كما ترتكب إسرائيل جرائم ضد البيئة، بحيث نجد المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في قمم الجبال تصب مياه المجاري الخاصة بها في المناطق الفلسطينية المنخفضة المجاورة لها، بل يتم تكرارها لاستخدامها كمياه شرب لتزويد بعض المدن مثل مدينة رام الله، وبخاصة بعض أحيائها، كما أهملت شبكات صرف المياه وتلويث التربة الزراعية وتلويث المياه بالنفايات الكيماوية، وتقوم بتدمير صحة السكان الفلسطينيين عن طريق إلقاء مخلفات المصانع السامة[14].
تعتبر الأمم المتحدة ومعظم الدول أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكن منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بعد حرب عام 1967، استمر عدد المستوطنات اليهودية في الارتفاع وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 700 ألف يهودي كانوا يعيشون في المنطقة المحتلة في عام 2012[15].
إضافة إلى صفقة القرن وكان القصد منها هو تصفية القضية الفلسطينية، وملخص هذه الصفقة هو ضم الضفة الغربية بدون القدس والمستوطنات إلى الأردن، وتسليم أهل غزة إلى مصر للسيطرة عليهم وإنهاء الوجود الفلسطيني في فلسطين، ووضع نهاية فكرة الدولة الفلسطينية، وكان هدفها الأساسي هو دمج إسرائيل الكامل في المنطقة، بوصفها شريكا استراتيجيا مع البلدان العربية وحليفًا لمواجهة الخطر الإيراني، ومن خلال ما سبق تأكد أن حركة حماس كان لديها رؤية واضحة حول ما يسعى إليه الكيان الصهيوني من صفقة القرن حيث ثبت بعد عملية طوفان الأقصى أن من أهداف إسرائيل وأمريكا من عملية السيوف الحديدية هو تهجير سكان غزة إلى سيناء وهو ما رفضته مصر وأغلب دول العالم الحر وبالتالي مثلت عملية طوفان الأقصى عرقلة لمشروع صفقة القرن[16].
وهذا ما أكده محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس عن أسباب بداية عملية طوفان الأقصى، حيث قال في تسجيل صوتي: “نعلن بدء معركة طوفان الأقصى بضرب مواقع للعدو وتحصيناته بأكثر من 5 ألاف صاروخ وقذيفة، وقد جاءت ردًا على مئات المجازر التي ارتكبها العدو بحق المدنيين الفلسطينيين، وسبق أن حذرنا من قبل، لكنه دنس المسجد الأقصى وتجرأ على مسرى الرسول، وهو ينتهك حريات حقوق الأسرى، فيما يعربد المستوطنون ويسرقون ممتلكات المواطنين بالضفة والقدس”[17]. وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش خلال جلسة مجلس الأمن الدولي”إن الشعب الفلسطيني يخضع لاحتلال خانق منذ 56عامًا، مشيرًا إلى أن”هجوم حماس لم يأت من فراغ”[18].
رابعا: فلسفة المجازر في العقل الصهيوني
فرّق عبد الوهاب المسيري بين نوعين من الاستعمار الاستيطاني، الأول تتمثل أهدافه في استغلال الأرض وسكانها معًا، وهو استعمار ترتكز أسسه على التفرقة اللونية، وتعتبر جنوب أفريقيا مثالًا حيًا على هذا النوع من الاستعمار، وتعتبر أمريكا أحد المستعمرين الذين يمارسون هذا النوع من الاستعمار. أما النوع الثاني من الاستعمار فأهدافه تتمثل في استغلال الأرض دون سكان، يعني الدعوة إلى الإبادة والاستبعاد للسكان الحقيقيين، ويسمى الاستعمار الاستيطاني بالاستعمار الإحلالي حيث يحل المستوطنون الوافدون مكان السكان الأصليين من خلال الطرد والإبادة والاستعباد، ومثلت الحركة الصهيونية مثالًا في دولة فلسطين، يرسخ هذا النوع من الاستعمار الاستيطاني، حيث كانت الإبادة أداة ريادية في حربها على الدولة الفلسطينية، ومارست الاستبعاد للفلسطينيين، فنلاحظ الهجرة المتواصلة للسكان الفلسطينيين.
ومن ثم، فإن الصهاينة يدركون طبيعتهم الاستعمارية الاستيطانية الإحلالية لمشروعهم تحت شعار شعب بلا أرض لأرض بلا شعب، ويسعى المشروع الصهيوني إلى إبادة العرب الفلسطينيين من خلال التقتيل والقصف بالقنابل والإعدام والأُسر في السجون، ونقل المستوطنين وتوطينهم في بلدان أخرى من خلال تضييق الخناق عليهم ليستطيع الصهاينة تحويل الأرض الفلسطينية إلى وطن قوم اليهود، وحسب الرواية الصهيونية فإن فلسطين، لا تحمل مكانًا للشعبين العربي واليهودي الصهيوني، لأن من أهداف الصهيونية هو مد جذور- الشعب اليهودي المهاجر من الدول الأوروبية إلى داخل فلسطين خال من العرب، وبات وجوبًا حسب المشروع الصهيوني الإحلالي، نقل العرب من فلسطين إلى دول مجاورة، ومن ثم تستطيع الدولة الصهيونية استيعاب الملايين من اليهود المهاجرين، حيث كان هناك اتفاق كلي من طرف الأطراف[19].
فالاستعمار الصهيوني هو استعمار اجتثاثي يلغي الوجود الفلسطيني ويعدّه أكذوبة تاريخية اخترعها العرب، فكل مؤسسي الصهيونية أمثال جابوتنسكي وهرتزل وبن غوريون… يرون كلمة الفلسطيني ليس لها وجود في التاريخ وإنما هي من اختراع العرب.
ولهذا لا يتردد قادة إسرائيل في ممارسة كل الجرائم الإنسانية والإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني من تقتيل وتجويع وحصار و…، من أجل تحقيق معادلة “الدولة النقية” الخالية من الأغيار أي تحقيق مشروع الدولة الصافية، “فالاستراتيجية الصهيونية ما تزال ثابتة: استغلال الحروب والظروف لإفراغ البلاد من سكانها الأصليين”[20].
فالتجويع جريمة من جرائم الحرب التي وصفتها اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية في تقريرها بأنها تشتمل على عدة أركان تتمثل في أن يحرم مرتكب الجريمة الضحايا من مواد لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، وأن يتعمد مرتكب الجريمة تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، وأن يصدر السلوك في سياق نزاع دولي ويكون مقترنًا به، وقد تم تضمين هذا المبدأ أيضًا في سياق تحديد أركان جريمة الإبادة من خلال حظر الإبادة الجماعية بفرض أحوال معيشية يقصد بها التسبب عمدًا في إهلاك مادي، وحدد اللجنة التحضيرية أركان هذا الجرم في أن يفوض مرتكب الجريمة أحوالًا معيشية على شخص أو أكثر، وأن يكون الشخص أو الأشخاص منتمين إلى جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية معينة، وأن ينوي مرتكب الجريمة إهلاك تلك الجماعة القومية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية كليًا أو جزئيًا بصفتها تلك، وحددت اللجنة التحضيرية مفهوم الأحوال المعيشية بأنها تتضمن على سبيل المثال لا الحصر، تعمد الحرمان من الموارد التي لا غنى عنها للبقاء مثل الأغذية أو الخدمات الطبية أو الطرد المنهجي من المنازل[21].
في تقرير أعدته قناة الجزيرة عن المنظمات العالمية حول الوضع الإنساني في غزة في بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع بعد عمليات طوفان الأقصى، حيث حذرت من كارثة إنسانية كبيرة، ومن بينها:
1- منظمة الغداء العالمي حيث صرحت هذه المنظمة “من أن ربع مليون من السكان في قطاع غزة يواجهون الموت الأكيد بسبب الجوع”.
2- أكدت منظمة اليونيسيف أن 90 بالمئة من الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد، وفي الشمال يعاني 1 من كل 6 يعانون سوء التغذية، أما 3 بالمئة فيعانون من الهزال.
3- وكذاك منظمة انقذوا الأطفال أكدت أن المساعدات الغذائية رفضتها إسرائيل بشكل منهجي، ومنظمة أوكساف قالت هناك حملة تجويع ممنهجة داخل القطاع تتمثل في عدم السماح لإدخال مساعدات كافية لديه لافتة إلى أن ما يتوافر من مواد غدائية لدى الأسواق يفوق سعره قدرة الناس على شرائه.
4- الأونروا بدورها حذرت من المجاعة في شمال القطاع بعد إغلاق معبر رفح، كما حذرت منظمات إنسانية عالمية في بيان مشترك من المجاعة في غزة وتزايد المجاعة يوميًا، وأشارت أن واحدًا من 4 أُسر أي أكثر من نصف مليون شخص يواجه ظروفًا كارثية وتقضي أُسر بكاملها أيامًا وليالي بدون مأكل ومشرب، وقالت هذه المنظمة أن تجويع المدنيين يخالف كل القوانين الإنسانية الدولية.
5- منظمة الأمم المتحدة أشارت أن أكثر من25 بالمئة من سكان القطاع يعاني الجوع الشديد وأن كل سكان قطاع غزة أي 2 مليون ومئتي ألف.
أما في ما يخص أزمة المياه في قطاع غزة فقد أدى تدمير ما لا يقل عن12 بئرًا بفعل القصف الإسرائيلي إلى نقص حاد وغير مسبوق في المياه حيث كانت في مدينة غزة تضخ ما يقارب ثلاثة ملايين من المياه، حيث كان يتم توفير 700 ألف كوب يوميًا من خط “ماكروت” الإسرائيلي، ما يمثل 25 بالمئة، فيما كان يتم توفير 10 بالمئة من محطة التحلية، ونحو مليونين و200 ألف كوب من الآبار المحلية في المدينة، وقد باتت جميع تلك المصادر متوقفة تقريبًا.
وبحسب سلطة المياه الفلسطينية، فإن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة دمرت البنية التحتية المائية في قطاع غزة بما لا يقل عن 65 بالمئة من آبار المياه في مدينة غزة وشمال القطاع.
وتتواصل المحنة مع مواصلة السلطات الإسرائيلية فرض قيود مشددة على وصول الإمدادت الإنسانية إلى قطاع غزة ولا سيما مناطق شمال القطاع بما في ذلك كميات الوقود اللازمة لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي. بحسب المرصد الأورومتوسطي.
فما علاقة تجويع قطاع غزة وحرمانه من المياه بـ”النصر المطلق” ضد حركة حماس كما صرح نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي حيث قال: لا طعام، لا ماء، ولا كهرباء، أم أن المقصود بالنصر المطلق “هو تحقيق مشروع الاجتثاث لكل ما هو فلسطيني” الذي بدأ مع مشروع هاغانا، فالعمليات العسكرية لجيش الاحتلال هي امتداد “للخطة داليت التي تقرر تطبيقها في 10 آذار/ مارس 1948 واستغرق ستة أشهر، ومع اكتمال التنفيذ كان أكثر من نصف سكان فلسطين الأصليين، أي ما يقارب 800 ألف نسمة، قد اقتلعوا من أماكن عيشهم، و531 قرية دمرت، و11 حيًّا مدنيًا أخلي من سكانه، تشكل مثالًا واضحًا جدًا لعملية التطهير العرقي والاسم الرسمي للخطة هو يهوشواع على اسم يهوشواع غلوبرمان وهو أحد قادة الهاغاناة القاتلة، حيث قتل في أحد المعارك في عام 1947”[22].
خامسًا: استهداف الأونروا بوصفها عقبة أمام تصفية القضية الفلسطينية
لم تكتفِ إسرائيل بحرب الإبادة التي شنتها على الشعب الفلسطيني فحسب، بل طالت كل سبب يمد لهذا الشعب بصيص الأمل من الحياة، ومن بين المنظمات التي اعتبرتها إسرائيل خارجة عن القانون هي
منظمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين )الأونروا(، ووصل بها الأمر إلى تصنيفها منظمة إرهابية من قبل جيش الكيان، ولكن هذه الصورة العدائية للمجتمع المدني الفلسطيني لم يكن وليد عمليات طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، بل سبق وأن سنّت إسرائيل قوانين تدين هذه المنظمات.
في 19 تشرين الأول/أكتوبر2021، أصدرت وزارة الدفاع الإسرائيلية أمرًا عسكريًا يعلن أن ست منظمات مجتمع مدني في فلسطين صنفت على أنها كيانات إرهابية جميعها والذي أدى إلى منعها من العمل بشكل قانوني، فقامت السلطات الإسرائيلية بإغلاق مكاتبها، ومصادرة أصولها واعتقال موظفيها كما حظر التعبير علنًا عن دعم أنشطتها أو تمويلها وقد تم إدانة هذا التصنيف على نطاق واسع، بما في ذلك من قبل منظمة العفو الدولية[23].
وعقب عملية الطوفان الأقصى عادت إسرائيل لتتهم منظمة الأونروا بعدة تهم بوصفها منظمة إرهابية كما صرح الناطق باسم الكيان تحوي على 12 عضوًا من حركة حماس، وتسمح لها باستخدام مدارسها ومستشفياتها،مساجدها لمهاجمة الجيش الإسرائيلي.
هذه الاتهامات باطلة عارية من الصحة تهدف إلى تصفية المنظمة باعتبارها تمثل بقاء ملف اللاجئين وحق العودة على طاولة هيئة الأمم المتحدة وهذا ما يرفضه الكيان الإسرائيلي.
يرى غاريت وهو من المسؤوليين الإسرائيليين أن حل قضية اللاجئين لا يعتمد السماح لهم بالعودة، بل يأتي عن طريق توطينهم في الدول العربية وتعويضهم عن أملاكهم التي فقدوها، وفي اطار مفاوضات الوضع النهائي يضع غاريت عدة مطالب على إسرائيل أن تطلبها وهي:
أن يصدروا بيان يتخلون فيه عن العودة، وإنهاء عمليات وكالة الغوث “الأونروا” في قطاع غزة والضفة الغربية، وإلغاء الوضع الخاص اللاجئين، واستيعاب اللاجئين في الضفة الغربية وغزة وتأهيلهم[24].
فتجريم منظمة الأونروا هي استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تندرج ضمن صفقة القرن حيث سعى ترامب وفريقه إلى تصفية القضية الفلسطينية وفرض الاستسلام على الفلسطينيين، ثم الضغط عليهم بشدة بإجراءات مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ووقف المساعدات للفلسطينيين بما يشمل السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ووكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونوروا وإقناع دول غربية وعربية بوقف المساعدات للفلسطينيين وإقناعهم أو الضغط عليهم لتوقيع اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل[25].
بمجرد اتهام الكيان الإسرائيلي منظمة الأونروا بالتهم سابقة الذكر،شكلت هيئة الأمم المتحدة لجنة مستقلة بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيرش، حيث ترأست هذه اللجنة السيدة كاترين كولونيا وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة وهي دبلوماسية مخضرمة ورصينة، وتضم هذه اللجنة ثلاث منظمات محايدة وهي:
– معهد روؤل ولدب رغ بالسويد، ومعهد سشتاين لحقوق الإنسان بالنرويج، ومعهد الدانمركي لحقوق الإنسان.
انتهى تقرير هذه اللجنة إلى ما يلي: “بأن الحكومة الإسرائيلية لم توفر بعد أي أدلة على ارتباط أي من موظفي أنووروا بحماس أو الجهاد الإسلامي، ووفق التقرير ذاته أن إسرائيل لم تبدِ أي مخاوف إزاء قوائم للموظفين كانت تتوفر منذ عام 2011، وأفاد التقرير كذلك أن لدى الأونروا عددًا محددًا من الآليات والإجراءات لضمان كلية المبدأ الإنساني والعمل بالحياد وانتهت رئيسة اللجنة المستقلة للتحقيق بالقول: “اؤكد لكم أن لديها نظامًا أكثر تطورًا من وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة”.
وقال المفوض الأممي رئيس منظمة الأونروا فيليب لازاريني: إن المنظمة تشهد أكبر خسارة منذ تأسيسها حيث ارتفع عدد قتلى موظفي الأونروا إلى 200 عضو منذ بدء الحرب بسبب استمرار الغارات على قطاع غزة حيث أكد أن عددًا كبيرًا من موظفي الوكالة قتلوا مع أسرهم وآخرين قتلوا أثناء تأدية مهامهم، ودعا إلى المساءلة الكاملة عن كل قتيل من قتلى موظفيها.
محاربة إسرائيل لهذه المنظمة لأنها تشكل ذاكرة النكبة التي يحاول الكيان محوها وتعتبر المرافق الحقيقي للاجئين الفلسطينيين الدين هُجروا من فلسطين سنة 1948، فمشروع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي هو تصفية القضية الفلسطينية، أما مشروع الأونروا فهو العمل على منح الحق الفلسطينيين في الحياة وحق العودة وبقاء القضية الفلسطينية حية على أروقة المحاكم الدولية وهذا هو جوهر المشكلة الحقيقية بين إسرائيل ومنظمة الأونروا.
من غرائب منطق الكيان أنه يدمر البنايات من مدراس ومستشفيات ومساجد وكنائس ويبيد شعبًا بأكمله ويحاصر ويمنع الغذاء والماء والكهرباء بنيّة واضحة وعبر تصريحات صريحة تدعو إلى الإبادة ويمارس الإرهاب بكل ما للكلمة من معنى ويتهم من يعمل على تقليل حجم خسائر الإبادة بالإرهاب هل هذا منطق؟ ألا يخجل هذا الكيان من نفسه.
سادسًا: طوفان الأقصى ومعركة السرديات الإسرائيلية
بمجرد بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، بدأ بعض الحكومات الغربية والحكومة الإسرائيلية بشرعنة العدوان حيث صرح بايدن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها” فهل هذه السردية صحيحة ؟ حسب الأمم المتحدة فإن احتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة غير شرعي، وعمل عدائي يجب أن ينتهي، وصرحت أكثر من ذلك على وجوب إنهاء هذا الاحتلال، وشرعت لكل الشعوب أن تناضل من أجل تحرير شعوبها وأراضيها من الاحتلال، بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح.
فهذا النص يسمح للمقاومة الفلسطينية واللبنانية بممارسة كل أنواع المقاومة من أجل تحرير أراضيها، وفي هذا السياق صرحت السيدة فرنشيسكا ألبانيز مقررة الأمم المتحدة الخاصة المستقلة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة “لا يمكن لإسرائيل أن تطالب بحق الدفاع عن النفس ضد التهديد الذي يأتي من الأراضي التي تحتلها”.
سردية “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها” تشبه فكرة السارق )الإسرائيلي( الذي يدخل إلى المنزل قصد سرقة المجوهرات فيقول لصاحب المنزل (الفلسطيني) دعني أسرقك ولو اعترضت طريقي فمن حقي الدفاع عن نفسي في أخذ أموالك.
سردية أن كتائب القسام قامت بذبح أطفال الرضع واغتصاب النساء هي فكرة مضللة للرأي العام العالمي ومحاولة بائسة لشيطنة المقاومة لماذا؟ لأن الاحتلال لم يعرض صورًا وبراهين على مزاعمه ، فهي مجرد سردية كاذبة. يقول الصحافي دومينيك واغون (Dominique Waghon) بقناة سكاي نيوز البريطانية:”قصة رؤوس الأطفال المقطوعة في كفر عزة اعتمدت على تقارير مراسلة إسرائيلية واحدة ولم تتأكد صحتها من قبل أي جهة رسمية لكنها للأسف تقبلت من صحافيين ذوي خبرة حول العالم على أنها وقائع”، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم يبين الجيش الإسرائيلي أية صور لأطفال مقطوعة رؤوسهم، ولا لنساء ادعين تعرضهن للاغتصاب.
على العكس من هذا، تروي مستوطنة إسرائيلية كانت رفقة أطفالها تفاصيل معاملة كتائب القسام معها أثناء عملية طوفان الأقصى عند اقتحام منزلها في الساعات الأولى من عملية طوفان الأقصى فنقول: “قالوا: “لا تقلقي نحن مسلمون لن نؤذيكم”، تعقب على هذا الكلام تقول: “من جهة فاجأني ومن جهة أخرى طمئنني”… جلست مع أطفالي وهم جلبوا كرسي من المطبخ، كان أحدهم معنا مسلح والآخرين تجولوا في البيت، أحدهم شاهد في المطبخ موز قال لي:” هل أستطيع أكل قطعة” فقلت له “نعم بإمكانك” وعندما سألها الصحافي الإسرائيلي كم مدة بقوا معك أجابت: “ساعتين”، فلماذا لم يقتل كتائب القسام أطفال هذه المستوطنة علما كان لهم الوقت الكافي لذلك؟ لمادا لم يغتصبوها هي كذلك؟ فهل من المعقول عناصر في موقف قوة مع محتل يستأذن للأكل موز؟ فهل هؤلاء يقتلون الأطفال، أو يغتصبون؟ لماذا لا يصبحن أسيرات الإسرائيليات ممن كن محتجزات في غزة ثلاثة أسابيع عند عناصر حماس قبل أن يفرج عنهن بصفقة تبادل، فلا واحدة منهن صرحت أنها تعرضت للاغتصاب؟ فهل من معقول أن يطرأ في عقول كتائب القسام أن يغتصبوا النساء وهو في محاولة شبة انتحارية في عملية طوفان الأقصى، ولا يغتصبوا النساء وهن عندهم أسيرات في غزة؟ وفي حالة نفسية أكثر أمانًا بالمقارنة مع بداية مهمة الاجتياح؟ فهذه حرب دعائية زائفة فشل جيش الاحتلال في إقناع شرفاء العالم بها، فلم يقتنع بهذه السردية إلا الحكومات الغربية الإمبريالية.
سردية “الضرورة العسكرية”: من بين المبررات التي تستند إليها دولة الكيان في ارتكاب مجازرها هو مفهوم “الضرورة العسكرية” باعتبار عناصر كتائب القسام وعناصر حزب الله تستعمل المستشفيات ومراكز الإيواء ومساكن المدنيين و … لقصف الجيش الإسرائيلي، وبالتالي هناك مبرر يتيح لها قصف تلك المباني أيًا كانت نوعيتها باعتبارها هدفًا عسكريًا ؟ لنأخذ مثال ما وقع في مجمع الشفاء الطبي، كان المبرر للقصف هو وجود عناصر من كتائب القسام حسب سردية الكيان وبعد تلك المجزرة التي شهدت جثثًا مبعثرة في محيط المستشفى لم يتضح وجود أي عنصر من عناصر القسام، وفي الأخير خرج الناطق باسم الجيش الإسرائيلي وقال” لقد عثرنا على حذاء القيادي السنوار”، وفي النهاية كانت مجرد مزاعم كاذبة الهدف منها الوصول إلى معادلة “قطاع غزة مقبرة للحياة” لمواصلة مشروع الترانسفير والاجتثاث والقضاء على كل ما هو فلسطيني، فإلى كم يحتاج جيش الكيان لقتل الأبرياء من أجل الحصول على بدلة كاملة للسنوار، وفي نهاية الأمر استشهد السنوار في ساحة الميدان والشرف وهو يقاوم إلى آخر لحظة في حياته بكل شجاعة وإقدام.
والسؤال المطروح لقيادة الكيان وللمجتمع الدولي الصامت الذي يتعامل بازدواجية المعايير لو فدائيي كتائب القسام أو عناصر من حزب الله قاموا بعملية في مجمع طبي بمدينة حيفا أو نهاريا ولجأوا إلى عمارة يسكنها المستوطنون للاختباء فيها، فهل سيقصف جيش الكيان ذلك المجمع أو العمارة بحجة” الضرورة العسكرية”. أم سيعلن أنها منطقة عازلة ويتعامل معها وفق معادلة “صفر مستوطن مقتول” و”صفر مستوطن مجروح” ويأخذ الوقت الكافي وكل الطرق السلمية من الحوار مع “المخربين” كما يسمهم ويساومهم من تخفيف العقوبات أو فسح لهم الممر لكي ينسحبوا إن تعذر القبض عليهم أحياء أو ….، هذا إذا كان “الهدف العسكري” موجودًا أصلًا فما بالك بنتائج العملية التي لم يعثر عليها الكيان في كل مجزرة على أي عنصر من عناصر المقاومة، وتكرر هذا المشهد في غزة وفي لبنان بحجة”الضرورة العسكرية”.
يمكن أن نعرف انتهاكات قوانين وأعراف الحرب بأنها “المخالفات والانتهاكات لقوانين وأعراف الحرب من قبل المقاتلين وأفراد الجيوش النظامية”، وقد نصت المادة الثالثة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة على هاته الطائفة من جرائم الحرب بقولها: “للمحكمة الدولية سلطة متابعة الأشخاص الدين ينتهكون قوانين وأعراف الحرب وتشمل هذه الانتهاكات دون حصر ما يأتي:
أ- استخدام أسلحة سامة وأسلحة أخرى من أجل التسبب في معاناة لا داعي لها.
ب- التدمير العشوائي للمدن أو البلدات أو القرى دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك.
ج- الهجوم أو القصف وبأية وسيلة كانت على مدن أو قرى أو مساكن أو مبانٍ غير رسمية.
د – الحجز او التدمير أو الإضرار المتعمد للمؤسسات المكرسة للأغراض الدينية والأعمال الخيرية والتعليمية والفنية والعلمية، والآثار التاريخية والأعمال الفنية والعلمية.
هـ – نهب الممتلكات العامة أو الخاصة”[26].
من يحاسب إسرائيل على انفجارات هواتف البيجر في لبنان الذي أرادت إسرائيل قتل4000 من مواطنين أبرياء في لبنان؟ راح ضحيتها مواطنون عاديون وعشرات الجرحى.
من يحاسب إسرائيل عن تدمير ثماني عمارات مأهولة بالسكان في الضاحية الجنوبية في لبنان دون سابق إنذار بالإخلاء بهدف اغتيال سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، فعندما تعذر على الجيش الإسرائيلي في أي مبنى من البنايات يجتمع فيها سماحته مع قادة الحزب، بكل بساطة وبدون أدنى ضمير قام بنسف البنايات كلها. هذه ليست عمليات وفق “الضرورة العسكرية” هذه أعمال إبادة وجريمة كاملة الأركان وفق القانون الدولي والقانون الإنساني.
فالاحتلال الإسرائيلي ارتكب في أقل من عام من تاريخ بداية طوفان الأقصى حسب المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني: 3.471 مجزرة و43 ألف شهيد وخلف 172 مركزًا للإيواء وتدمير 452 مدرسة وجامعة دمرت بشكل جزئي أو كلي، و821 مسجد كليًا أو جزئيًا و3 كنائس و162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف.
والأرقام في ارتفاع في كل يوم وهي في ازدياد حتى الآن، فهذه الحصيلة توضح الكيان في مهمة إبادة سكان غزة ولبنان، فحسب الخبراء العسكريين جيش الاحتلال كان يقتل ولم يكن يقاتل ، لم تكن له خطة استراتيجية في بلوغ الأهداف المعلن عنها حيث فشل في تحقيقها جميعًا.
أما حصيلة خسائر الكيان فحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية بلغ عدد قتلى الاحتلال 689 عسكريًا، أما عدد الجرحى فارتفع إلى 4284 بين ضباط وجنود مند بداية الحرب، وما يزال 213جنديا يتلقون العلاج في المستشفيات. هذا ما أعلن عنه جيش الاحتلال وما سمح له بالنشر أما الأرقام فهي أكبر كثيرًا من المصرح به حسب الخبراء العسكريين سواء في غزة أو جنوب لبنان، فالمقاومة كانت تقاتل وتركز على الأهداف العسكرية: دبابات وجنود وآليات عسكرية، أما الاحتلال فكان يقتل بكل عشوائية شعارهم في ذلك: “العربي الجيد هو العربي الميت”.
خاتمة
ما يجب قوله في الختام أن ما تدّعيه إسرائيل من كونها ضحية اعتداء كتائب القسام في عملية طوفان الأقصى هو محض افتراء، فالعلمية جاءت نتيجة احتقان الأوضاع في غزة واحتلال دام لسنوات وما زال قائمًا ونتيجة لحصار دائر، ونتيجة لعدم وفاء الكيان بمخرجات أوسلو ومنها البند المتعلق بحل الدولتين، فالكيان ما زال يحتل مناطق في لبنان وسورية ويحتل فلسطين بأكملها.
عمليات طوفان الأقصى تمثل صراعًا بين مشروع الشرق الأوسط الجديد تريده إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية منصاع لها ومنفذ لأجندتها وهي: السيطرة العسكرية لإسرائيل على المنطقة، وخالي من أية مقاومة وأية ممانعة؛ وبين مشروع مقاوم شكل صمودًا حقيقيًا وأسطوري أمام الإرهاب الإسرائيلي والصمت المجتمع الدولي – أقصد هناك الحكومات الموالية للكيان – مشروع رافض للهيمنة الصهيونية يحاول أن يؤسس لمشروع شرق أوسط جديد بطريقته الخاصة.
وجب أن يدخل في قاموسنا اللغوي العربي المثال الآتي: “نتنياهو وغالانت وهاليفي يتحدثون عن الإرهاب” تقال عن كل سفاك ومجرم يتحدث عن الإنسانية والحضارة، وهو عدو الإنسانية وعدو الحضارة. تقال عن كل مجرم يتحدث عن السلام.
كتب ذات صلة:
المصادر:
بن عطية حاج ميلود: أستاذ محاضر أ – جامعة معسكر، قسم علم الاجتماع.
[1] ارزقي (سعدية)، لعرج( سمير)، كيفية محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، مجلة السياسة العالمية، جامعة بومرداس – الجزائر- المجلد 7 ، العدد 2، 2023، ص134.
[2] سي علي( أحمد )، المسؤولية الجنائية الدولية عن الجرائم الناجمة عن العدوان على غزة ، مجلة المفكر،العدد الخامس، جامعة محمد خيضر- بسكرة، الجزائر،2010،ص269.
[3] صلاح (عقل) ، الترانسفير: السياسية الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين، مجلة الأبحاث القانونية والسياسية، جامعة محمد لمين دباغين، سطيف ، المجلد3 ، العدد3 ،2011 . ص88
[4] صلاح (عقل) ، الترانسفير: السياسية الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين، ص86
[5] كميل (أبو حنيش)، إشكالية الآخر في الفكر الصهيوني، مجلة المستقبل العربي، لبنان، العدد 485، ص52
[6] روي (سارا) ، إسرائيل شعب لا شعوري، مجلة مستقبل العربي، لبنان، العدد 339، 2007، ص53
[7] قويدري (الشاذلي)، القضية الفلسطينية والبحث عن الحل، المجلد 34، العدد1، حوليات جامعة الجزائر1 بن يوسف بن خدة، 2020، ص 589.
[8] كميل (أبو حنيش)، إشكالية الأخر في الفكر الصهيوني، مجلة المستقبل العربي، لبنان، العدد 485، ص52.
[9] ارزقي (سعدية)، لعرج ( سمير)، كيفية محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ص 131.
[10] المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان، جيل تحت الحصار تداعيات الإسرائيلي على قطاع غزة، كانون الثاني، 2023، ص7.
[11] المرصد الأورو- متوسطي لحقوق الإنسان، جيل تحت الحصار تداعيات الإسرائيلي على قطاع غزة، كانون الثاني، 2023 ، ص 16.
[12] المرصد الأورو- متوسطي لحقوق الإنسان، جيل تحت الحصار تداعيات الإسرائيلي على قطاع غزة ، كانون الثاني، 2023، ص18 .
[13] المرصد الأورو- متوسطي لحقوق الإنسان، جيل تحت الحصار تداعيات الإسرائيلي على قطاع غزة ، كانون الثاني، 2023، ص18 .
[14] فريجة(محمد هشام)، سياسة إسرائيل وعجز المجتمع الدولي عن تحقيق الشرعية الدولية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية، جامعة محمد بوضياف، المسيلة، المجلد 58، العدد 03 ،2021
[15] بدر الدين (نبيل محسن)، تداعيات طوفان الأقصى على القضية الفلسطينية، مجلة جامعة الملكة أروى 2023، ص 6.
[16] بدر الدين (نبيل محسن)، تداعيات طوفان الأقصى على القضية الفلسطينية،مجلة جامعة الملكة أروى 2023، ص7.
[17] بدر الدين (نبيل محسن)، تداعيات طوفان الأقصى على القضية الفلسطينية، ص5.
[18] قروي (سعيد)، الثقافة الصهيونية: إشكالية المفهوم والنشأة حسب محمد عبد الوهاب المسيري، ص 113.
[19] قروي (سعيد)، الثقافة الصهيونية: إشكالية المفهوم والنشأة حسب محمد عبد الوهاب المسيري، ص109.
[20] قويدري (الشاذلي)، القضية الفلسطينية والبحث عن الحل، ص593.
[21] صدقي (محمود)، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد 22، بيروت، لبنان، ص 83.
[22] صلاح (عقل) ، الترانسفير: السياسة الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين، ص89.
[23] جرادات (وسيم عبد الكريم)، قراءة في المجازر الإسرائيلية في فلسطين وفق القانون الدولي الإنساني مجلة القانون الدستوري والمؤسسات السياسية،المجلد السابع، العدد الأول، جامعة أمحمد بوقره، بومرداس الجزائر 2023، ص318.
[24] مقدم (رشيد)، الأونوروا ومشكلة اللاجئين في العالم اللاجئين الفلسطينيين نموذجًا، مجلة الباحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، المجلد12، العدد2، جوان2020، جامعة قصدي مرباح ورقلة، الجزائر، ص69.
[25] عزم (أحمد)، التطبيع وما بعد ترامب – إعادة ضبط أم تغيير قواعد -، شؤون فلسطينية، العدد 281، 2020، ص06، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، فلسطين.
[26] بن حفاف (إسماعيل)، تعريف جرائم الحرب وبيان أصنافها في ظل المحاكم الجنائية الدولية الخاصة،، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، مجلة زيان عاشور، الجلفة – المجلد الرابع – العدد الخامس، 2011، ص25.
مركز دراسات الوحدة العربية
فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.