عقد مركز دراسات الوحدة العربية حلقة نقاشية عبر تطبيق زوم حول “انفجار بيروت وتداعياته الجيوسياسية”، وذلك نهار الأربعاء في 9 أيلول/سبتمبر 2020. قدّمت الحلقة المديرة العامة للمركز لونا أبوسويرح، وأدار الحوار مدير التحرير به فارس أبي صعب، بمشاركة مجموعة من الخبراء في السياسة والاقتصاد والجيولوجيا، منهم وزير المالية السابق الخبير الاقتصادي جورج قرم، والخبير الاقتصادي كمال حمدان، والأستاذ الجامعي الكاتب حسام مطر، والأستاذ الجامعي الكاتب هشام صفي الدين، والأستاذ الجامعي الاقتصادي زياد حافظ، والباحث الأكاديمي عقيل محفوض، وغيرهم من المتخصصين والأكاديميين.
تناول الحوار السياق السياسي والاقتصادي الذي جاء فيه الانفجار الذي تزامن مع أزمة سياسية ومالية غير مسبوقة وضغوط خارجية، فأتى “ليعزز الانقسامات الداخلية ويزيد الضغوط الأميركية”، على حد تعبير أبي صعب. وتكلم المشاركون عن أبعاد تدفق الوفود الأجنبية الديبلوماسية والعسكرية إلى لبنان، فركّزت أكثر من مداخلة على الدور الفرنسي البارز الذي تلا الانفجار والذي تبلور بزيارتين متتاليتين للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في أقل من شهر.
تكلم الخبير الاقتصادي جورج قرم عن سياق طويل من السياسات الاقتصادية الخاطئة “والمبذّرة” في لبنان من 30 سنة للآن، ولذلك دعا إلى التركيز على قضية “أكلاف” إعادة الإعمار. كما استبعد خيار “التوجه شرقاً”، متسائلاً عن مدى قدرة لبنان على الحفاظ على استقلاله النسبي المحدود أمام كل التحديات والضغوطات الأميركية-الفرنسية.
وتحدث الخبير الاقتصادي كمال حمدان عن كلفة الأضرار التي تسبب بها الانفجار والتي تتراوح ما بين 6 مليارات و600 مليون دولار كتقديرات منخفضة و8 مليارات و100 مليون بحسب تقديرات البنك الدولي. واعتبر حمدان أن الأخطر هو الضرر الذي طال حوالي 6000 مبنى ومسكن بينهم 600 مبنى تراثي، شارحأ أن أكثرية المساكن المتضررة تعود لمستأجرين قدامى ينتمون إلى فئات متوسطة الدخل وما دون، وبما أن القانون اللبناني يفرض على المستأجر والمالك أن يتشاركوا كلفة الترميم، فإن تأخّره سيجبر الأسر المتضررة على البحث عن مساكن بديلة مما “سيغير النسيج الاجتماعي” لهذه المناطق المتضررة من بيروت، مؤكداً أن “عدم قابلية الطبقة السياسية على التفاهم على الاصلاحات سيؤخر الدعم الخارجي وسيعزز سيناريو الفوضى”. وحذر حمدان من “العاطفة الغربية” اتجاه لبنان والتي تحاول من باب مساعدته “دفعه نحو المحور الأميركي-الاسرائيلي الذي يعبّر عنه مشروع صفقة القرن”.
واعتبر الأستاذ الجامعي والكاتب حسام مطر أن خيار التوجه شرقاً قد انكفأ وبدا ذلك جلياً بعد الانفجار لأن “الصينيين أنفسهم ليس لديهم مشروع مكتمل للمجيء إلى لبنان”، على حد قوله، شارحاً أنهم لا يريدون صداماً مع الأوروبيين أو الأميركيين خاصة أن المكاسب المتأتية من لبنان ضئيلة، فضلاً عن أنهم لا يحظون بالإجماع اللبناني، ولا يقدمون دعماً مالياً مباشراً وهو الذي يحتاجه لبنان. لكن بالمقابل، اعتبر مطر أن الانفجار أخاف الأميركيين والفرنسيين من فقدان السيطرة بسبب الانهيار السريع للوضع اللبناني مما دفعهم إلى “تطوير المقاربة الغربية في لبنان” واستبدال خيار الخنق والعقوبات ضد المقاومة بفكرة الاصلاحات مقابل منع الانهيار. وتشمل الاصلاحات برأيه “قضايا سيادية كالاستراتيجية الدفاعية ودور حزب الله الاقليمي، وضبط المعابر والحدود، ومرجعية الدولة بقرار السلم والحرب…”، مضيفاً “سيقدمون من يحاول إعاقة الحوار بهذا المجال للشعب اللبناني بأنه مسؤول عن الانهيار…وخلال أشهر قليلة سنبدأ بالاستماع للشروط السياسية لإنقاذ لبنان… ولكنها مرتبطة أيضاً بهوية الرئيس الأميركي العتيد”، على حد قوله.
ولخّص الأستاذ الجامعي والكاتب هشام صفي الدين المشهد بوجود “تحديان كبيران في المنطقة هما الأنظمة المستبدة والفاسدة من جهة والكيان الصهيوني الاستعماري التمددي من جهة أخرى”، متسائلاً “ما هو المشروع البديل؟”.
وتكلم الخبير بالشؤون الجيولوجية والمناخية ابراهيم شريديي حول تأثير الطاقة المتحررة من انفجار بيروت الذي امتدّ على قطر حوالي 220 كلم حتى شمال فلسطين المحتلة وجنوب غرب سورية وشمال الأردن وصولاً للعاصمة عمان، الأمر الذي أدى إلى تداعيات جيولوجية على كل منطقة المشرق العربي، مؤكداً أنه لولا امتصاص البحر لجزء كبير من هذه الطاقة لتدمرت كل بيروت، ومضيفاًَ أن قوة الهزة أدّت إلى حدوث نشاط تيكتاتوني بفالق اليمونة. وتكلم شريدي أيضاً عن تأثير الانفجار على المناخ بسبب السحابة التي تشكّلت بفعل نيترات الأمونيوم، والتي ستؤدي إلى أمطار حمضية، وتطرّف بكميات الأمطار وبالحرارة في الخريف والشتاء القادمين، مستدلاً بالموجة الحرارية التي ضربت المشرق العربي مؤخراً وهي الأطول خلال مائة عام.
كما تخلل الحلقة النقاشية مداخلات إضافية من مجموعة من المتخصصين والمهتمين وتعليقات وأسئلة مكتوبة من المشاهدين. وأذيعت مباشرة عبر تطبيق زوم وعلى الصفحة العامة لمركز دراسات الوحدة العربية على فيسبوك، وستنشر لاحقاً في مجلة المستقبل العربي.
يمكنكم مشاهدة الحلقة النقاشية كاملة بهذا الفيديو:
مركز دراسات الوحدة العربية
فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.