عقد مركز دراسات الوحدة العربية حلقة نقاشية حول اقتصاد الإمبريالية والهدر: تدمير المجتمعات في مقرّه في بيروت يوم الثلاثاء في 4 كانون الأول/ ديسمبر 2018، بحضور نخبة من الباحثين والخبراء والكتّاب والأكاديميين والإعلاميين. وقدمت للحلقة وأدارتها المديرة العامة للمركز لونا أبوسويرح.
رحبت المديرة العامة في البداية بالحضور، ثم قدّمت للموضوع قائلةً إن “ما نشهده في المنطقة العربية منذ احتلال فلسطين هو سلسلة من عمليات القتل والنهب والتهجير في دورة مستمرة من الهدر، هدر الأرواح والأموال والبيئة، هدر عربي يتم توظيفه في ربح وفائض للرأسمالية الغربية”. وأضافت أن تبعات الحروب لا تنتهي بوقف إطلاق النار بل تستمر بأبعاد اجتماعية واقتصادية بهدف “تشكيل الدول كما تريدها الدول الغربية الرأسمالية”، قائلةً إن “الصراعات التي تعيشها المنطقة مع التحولات في النظام الدولي والتحديات الإقليمية لها انعكاسات مدمرة على مئات الملايين من المواطنين العرب، بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون مباشرة تحت القصف أو كانوا مستهلكين لنتائج الحرب وتبعاتها”، معتبرةً أن أسوأ ما أنتجته الحروب وتستمر في إنتاجه هو “خلل في البنية الاجتماعية وتهميش لهويتنا العربية وإضعاف قدرتنا على الصمود والاستمرار”.
وقدّمت أبوسويرح الدكتور علي القادري، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الوطنية في سنغافورة وزميل زائر في كلية لندن للاقتصاد، الذي تكلّم مطولاً عن الرأسمالية والحرب وكيف يتم استخدام الحروب والتهجير والهدم والدمار من أجل تحقيق الإنتاج ذي العائد العالي للقوى الاستعمارية والرأسمالية!
وقدّم القادري تعريفاً مفصلاً بالإمبريالية معتبراً أنها “ليست ظاهرة حديثة… فكل الإمبراطوريات عبر التاريخ مارست الإمبريالية” لكن “مرحلة القرن العشرين مرحلة فاصلة؛ فالإمبراطوريات ما قبل رأسمالية، حيث كانت التقنية ثابتة المردود، دائماً ما كانت تسعى لأن تبقي على حياة الإنسان والبيئة وأن تستثمر في الزراعة والري من أجل زيادة المردود…، فكانت الأزمات أزمات نقص في الاستهلاك والإنتاج، لأن التقانة آنذاك كانت محدودة، لذا كانوا بحاجة إلى الحفاظ على حياة الإنسان والبيئة…”، ولكن مع دخول القرن العشرين الذي يتميز بتقنياته العالية التي زادت من الإنتاج، تفاقمت الأزمة الرئيسية للمنظومة الرأسمالية ألا وهي فائض الإنتاج، الأمر الذي لا يحلّ إلا بالحرب لتأمين الأسواق ومنع الغير من الإنتاج والنمو خشية من المنافسة، وهذه المرحلة الجديدة للرأسمالية تسمى الإمبريالية، كما شرح القادري.
وقال القادري إننا “وصلنا إلى مرحلة تاريخية كان لينين قد رأى أنها الإمبريالية بوصفها آخر مراحل الرأسمالية… بحيث إن الهدر والدمار الإمبريالي ودمار البيئة التي أصبحت اليوم في وضع يرثى له أصبحت تمثل جميعها أزمة وجودية… وبالتالي كانت مقولته إلى حد ما صائبة ولو لأسباب مغايرة، ألا وهي أننا في مرحلة تدمير الذات كعملية إنتاجية…”. واعتبر القادري أن موضوع تدمير البيئة يصبح اليوم الموضوع الأكثر خطورة لأن “بهذه الأزمة الوجودية، أثبت رأس المال نهمه بالتركيز على معدل الأرباح التي تنظم الحياة الاجتماعية والعلاقات الأخرى، إذ تم هضم أكثر مما يجب هضمه من البيئة وبات الإنسان يستهلك على نحو همجي”، على حد قوله.
وتخلل الحلقة مداخلات من الحضور الذين حاول كل منهم الإجابة عن سؤال “ما العمل؟” الذي طرحته أبوسويرح في تقديمها للحلقة النقاشية.
للإطلاع على أعمال الحلقة النقاشية كاملة، ومنها كلمة الدكتور القادري مفصّلة، يمكنكم الحصول على العدد 481 من مجلة المستقبل العربي حيث نُشرت أعمال الحلقة أو مشاهدة فيديو الحلقة:
صدر للدكتور علي القادري مؤخراً عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب تفكيك الاشتراكية العربية.. اضغطوا على الرابط للحصول عليه
من الكتب المهمة ذات الصلّة، والصادرة عن المركز، احصلوا على كتاب الخروج من جهنم: انتفاضة وعي بيئي كوني جديد او الانقراض
المصادر:
(*) نُشرت أعمال هذه الحلقة النقاشية في مجلة المستقبل العربي العدد 481 في آذار/ مارس 2019.
مركز دراسات الوحدة العربية
فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.