مقدمة:

ارتبط مفهوم المواءمة بمفهوم الجودة كون الجودة تشمل مجموعة الصفات المميزة للمنتج أو النشاط أو العملية أو المؤسسة أو الشخص، التي تجعله ملبياً الحاجات المعلنة والمتوقعة أو قادراً على تلبيتها‏[1]، وعليه فجودة مخرجات التعليم تتحقق عندما تطابق أو توائم شروط وحاجات سوق العمل؛ فالعلاقة بين الاثنين علاقة تناسبية طردية، بمعنى أن مخرجات التعليم يجب أن تتناسب كماً وكيفاً مع حاجات سوق العمل؛ فالتغيير الدائم في سوق العمل الذي تفرضه المتغيرات الاقتصادية والسياسية يحتم استدامة المواءمة ويجعل المواكبة تقتضي المتابعة اللصيقة، وتحقيق هذه الشروط يقتضي وجود نظام تعليمي يتمتع بمرونة كبيرة لكي يستطيع مواكبة التغييرات المتلاحقة في سوق العمل، وتوفير تسهيلات التعليم والتدريب الملائمة وتنمية الوعي لدى قطاع الأعمال حول المشاركة الإيجابية والفاعلة في عملية تدريب وتأهيل القوى العاملة، بما يمهد السبيل لتحقيق المطابقة، وعندما يخفق النظام التعليمي في تلبية الشروط المطلوبة في سوق العمل أو الاستجابة لحاجات الجهاز الإنتاجي فإنه بالتأكيد لا يتمتع بالمرونة الكافية المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، وقد يعجز النظام الإنتاجي ذاته عن مواكبة التطورات المتلاحقة في النظام التعليمي عندما يفتقد المرونة التشغيلية الكافية لاستيعاب مخرجات النظام التعليمي، ويسفر ذلك عن ارتفاع في نسبة البطالة بين مخرجات التعليم‏[2].

وتتأثر الدرجة التي تتحقق فيها المواءمة بالتغيرات في ظروف النشاط الاقتصادي، وتوجهات السياسة الاقتصادية من ناحية، والتغيرات في النظام التعليمي وبمدى مرونة السياسة التعليمية في مواكبة التطورات في سوق العمل من ناحية ثانية. وتتضمن تلك العملية تشابكاً معقداً بين المتغيرات والعلاقات التي تعكس واقع التنمية، بكل ما يتضمنه هذا الواقع من تغيرات هيكلية وإنتاجية ومؤسسية وتنظيمية وتكنولوجية وأنظمة سوقية واحتياطيات موردية. ويشير سجل التطور الاقتصادي والاجتماعي للدول المتقدمة، إلى استمرار العمل الجاد (فكراً وتطبيقاً) من أجل رفع مستوى ومجالات المواءمة. وقد أسفرت تلك الجهود عن زيادة مستوى التقارب بين اتجاهات التشغيل واتجاهات التعليم والتدريب، اقترن بنوع من التفاعل المنتظم بين اتجاهات التوسع في الطاقات الإنتاجية واتجاهات التراكم في رأس المال البشري، ونوع من الارتباط الإيجابي بين معدلات النمو في إنتاجية العمل ومعدلات النمو التشغيلي، كما أسهم النضج الصناعي والاندماج الهيكلي، والاحتياطي الكافي من رأس المال البشري في سرعة الوصول إلى هذه النتيجة‏[3].

في مقابل ذلك يشير الوضع السائد في معظم الدول النامية إلى تعمق الفجوة بين التغيرات في اتجاهات الطلب على العمل واتجاهات التعليم، اقترن بحالة عامة شبه مستقلة على المدى البعيد بين توجهات السياسة التعليمية ومتطلبات سوق العمل، وقد تعاظمت فجوة المهارات كنتيجة لضعف مرونة الجهاز الإنتاجي وارتباط حلقاته بالمراكز التقنية والإنتاجية في الدول المتقدمة، فضـلاً عن ضعف إمكانات الاختيار التكنولوجي، وانخفاض مستويات البحث والتطوير وتدهور كفاءات المنظمين، ونقص المعلومات عن أسواق العمل، التي تخضع في الغالب للمضاربين والوسطاء، والقصور في برامج ومناهج التعليم والتدريب التي غالباً ما تهمل النواحي المتعلقة بتحسين جودة المهارات.

من هنا ينبغي أن تحظى قضية التوفيق بين المهارات وفرص العمل بالأولوية في سياسات واستراتيجيات التشغيل للحد من ظاهرة بطالة الخرِّيجين، من خلال التشديد على تقليص الفجوة بين الجانب المعرفي المكتسب من النظام التعليمي والمهارات المطلوبة في سوق العمل، والاهتمام بالعمال ذوي المهارات المنخفضة، الذين يمثلون نسبة عالية من السكان، من خلال تشجيع التدريب المستمر أثناء دورة حياة العمل لتطوير المهارات، وتشجيع الشركات الكبيرة في القطاع الخاص للإسهام في هذا الموضوع‏[4].

تجدر الإشارة إلى أن مشكلة عدم المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وما تسفر عنه من بطالة الخريجين آخذة بالتفاقم بفعل عوامل عديدة من أبرزها: طبيعة سوق العمل التي تتطور بسرعة أكبر من التطور في نظام التعليم والتدريب؛ توجه معظم حكومات الدول النامية نحو تقليص الإنفاق على التعليم والتركيز على التوسع الكمي في التعليم، الذي أسهم في زيادة أعداد غير المؤهلين وبروز مشكلة فجوة المهارات؛ تقليص الإنفاق الاستثماري الذي أسهم في خفض معدلات النمو الاقتصادي، وبالتالي في خفض معدلات استيعاب القوى العاملة في القطاع المنظم، وفتح المجال نحو توسع القطاع غير المنظم والأنشطة الهامشية، وهو ما اسهم في ارتفاع معدلات البطالة الناقصة. فضـلاً عن ذلك أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى تراجع العائد على التعليم وإضعاف الحافز لدى هيئات التدريس على تطوير التعليم، وتراجع قناعة الأفراد عموماً بأهمية التعليم في تحسين مستوى الدخل ورفع مستوى المعيشة، كما أدت العولمة وما رافقها من تقدم تكنولوجي، إلى تغيير الشروط التكنيكية والمهنية للتوظيف وتغيير أنماط الطلب على العمل، وأسهم تطبيق الخصخصة في تقليص فرص التوظيف وبخاصة في القطاع العام والأجهزة الحكومية التي كانت تشكل أنشطة الاستيعاب الرئيسية للقوى العاملة، وأدت ظروف الحروب وعدم الاستقرار السياسي في الدول النامية بوجه عام والمنطقة العربية بوجه خاص إلى تقليص قدرات الأنشطة الاقتصادية على التوظيف، وقد أدت تلك الظروف أيضاً إلى التخلي عن وضع الخطط التفصيلية لربط التوسع في التعليم بحاجات سوق العمل، وأضعفت الاهتمام ببرامج التدريب المهني. يضاف إلى كل ذلك الدور السلبي للعادات والتقاليد التي وضعت العديد من القيود على مشاركة المرأة في سوق العمل‏[5].

هدف الدراسة: تهدف هذه الدراسة إلى التشديد على أهمية إصلاح وإعادة هيكلة النظام التعليمي في ليبيا، إضفاء المزيد من المرونة على هذا القطاع، ليكون قادراً على تلبية حاجات سوق العمل ومواجهة مشكلة النقص في المهارات في هذه السوق، أما في مجال السياسات الاقتصادية فتؤكد الدراسة الحاجة إلى حشد جميع الموارد للنهوض بقطاعات الإنتاج غير النفطي لتحقيق هدف تنويع الإنتاج وتقليص الاعتماد على قطاع النفط والغاز، من خلال النهوض بدور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتأكيد أهمية المشاركة الإيجابية والفاعلة لهذا القطاع في عملية تدريب وتأهيل القوى العاملة، لضمان زيادة المرونة التشغيلية لقطاعات الإنتاج غير النفطي وزيادة قابليتها على استيعاب مخرجات النظام التعليمي.

فرضية الدراسة: تتوقف درجة المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل على كفاءة النظام التعليمي؛ فالأنظمة التعليمية التي تتميز بارتفاع الكفاءة ستتمكن من مواكبة المستجدات وامتصاص الصدمات الخارجية والداخلية التي يمكن أن تظهر في سوق العمل، أما الأنظمة التعليمية التي تنقصها الكفاءة فستواجه تحديات ومحددات عديدة ستعقد من مهمة المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل.

مشكلة الدراسة: واجهت عملية المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في ليبيا نوعين من التحديات أو المحددات أسهمت في رفع معدلات البطالة الصريحة والمقنعة بين مخرجات التعليم: النوع الأول يمكن أن نسميه التحديات التقليدية، وهي التي برزت خلال ظروف الاستقرار السياسي والأمني النسبي خلال مرحلة حكم العقيد القذافي (1969 – 2011)؛ أما النوع الثاني فهو التحديات الجديدة التي برزت في ظروف التوتر السياسي والأمني الذي أعقب نجاح الثورة التي انطلقت في 17 شباط/فبراير واستمرت لغاية 20 تشرين الأول/أكتوبر عام 2011. وعليه سيركز البحث على مناقشة أبرز تلك المحددات والتحديات التي يمكن حصرها بـ: فشل جهود التخطيط الهادفة إلى زيادة رأس المال البشري؛ وتدهور الجانب النوعي في التعليم وتبني سياسات التوسع الكمي وتضخم فئة المشاركين من الشباب في سوق العمل؛ وضعف مشاركة الخريجين في سوق العمل؛ وتفضيل الطلبة وصانعي السياسة التعليمية للأقسام النظرية على الأقسام العلمية؛ واختلال الهيكل المهني لقوة العمل، والاختلال الاقتصادي وتراجع قابلية قطاعات الإنتاج على استيعاب القوى العاملة؛ والتحول في أنماط الطلب على القوى العاملة، وارتفاع معدلات البطالة في سوق العمل، إلى جانب التحديات الجديدة التي برزت في مرحلة ما بعد ثورة فبراير 2011.

أولاً: فشل جهود التخطيط الهادفة إلى زيادة رأس المال البشري

تمثل وفرة رأس المال البشري أحد الشروط الأساسية لضمان عنصر التواصل في عملية النمو الاقتصادي، التي تسلتزم توافر الكفاءات التكنيكية والإدارية، والقوى العاملة الماهرة المؤهلة لرفع معدلات استغلال الطاقات الإنتاجية في كل الأنشطة الاقتصادية. من هنا تظهر الحاجة إلى وجود نظام تعليمي كفء يتمع بالمرونة على مواكبة التغيرات في أسواق العمل والقابلية على امتصاص الصدمات الخارجية الناجمة عن ظروف التقلب في الأسواق الدولية والصدمات الداخلية الناجمة عن ظروف عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي‏[6].

ومن أجل تحقيق تلك الأهداف تبنت الحكومة الليبية – في بداية السبعينيات من القرن العشرين – مبدأ التخطيط الشامل لكل القطاعات بما في ذلك التخطيط لقطاع التعليم والتدريب، كوسيلة لزيادة عنصر رأس المال البشري ولرفد الأنشطة الاقتصادية بالكوادر المؤهلة التي تغطي حاجات سوق العمل، وتوزعت الرؤية الإنمائية على عدد من الخطط وكالآتي‏[7]:

1 – الخطة الثلاثية (1973 – 1976)

دعت إلى منح التعليم والتدريب وتكوين المهارات على المستويين الثانوي والعالي أولوية مرتفعة في التخصيصات لإعداد القوى البشرية من مختلف المستويات والتخصصات وتنويع برامج التعليم.

2 – الخطة الخمسية الأولى (1976 – 1980)

دعت إلى رفع الكفاءة الإنتاجية لعوامل الإنتاج والكفاءة في استغلال الموارد الإنتاجية، من خلال منح التعليم والتدريب أولوية مطلقة، بالإضافة إلى الاهتمام بالبحث العلمي وتنمية العلوم التقنية وانتهاج الأساليب العلمية المتطورة في تنفيذ برامج ومشروعات التحول.

3 – الخطة الخمسية الثانية (1981 – 1985)

ربطت القصور في تنفيذ مستهدفات الخطط السابقة بمحدودية الطاقة الاستيعابية للاستثمار في الاقتصاد الليبي، كنتيجة للعجز المتراكم في رأس المال البشري، ولخطورة استمرار هذا الوضع على مسار التنمية، وأكدت أهمية إعادة النظر في النظام التعليمي بمختلف مراحله والتحول من التعليم الثانوي العام إلى التعليم المتخصص، وإعادة تنظيم الجامعات على أساس الأقسام العلمية، والتركيز على نوعية مخرجات التعليم ومحاولة مواءمتها مع متطلبات سوق العمل.

ومع أول صدمة خارجية تعرض لها الاقتصاد الليبي – بعد فرض العقوبات الدولية عام 1986 وما نجم عنها من تدني العوائد النفطية – تخلت الحكومة الليبية عن معظم الخطط السابقة الهادفة إلى زيادة رأس المال البشري، وعلقت العمل بالخطط الإنمائية، وتحولت نحو البرامج الاستثمارية السنوية ودعت إلى الخصخصة واقتصاد السوق، كما قلصت الإنفاق على التعليم، بما في ذلك التخصيصات المالية التي كانت مرصودة لتنفيذ البرامج والخطط السابقة التي كانت تهدف رفع جودة التعليم وربط التوسع في مؤسسات التعليم العالي بحاجات سوق العمل.

وأدى التراجع عن تلك التوجهات إلى التوجه صراحة نحو التوسع الأفقي بإصدار الأوامر بزيادة أعداد ومؤسسات التعليم العالي من دون أي مراعاة لاعتبارات الجودة والمواءمة، فأصبح هناك ما يزيد على 40 جامعة أهلية، إضافة إلى 20 جامعة أقسام و7 جامعات أساسية، ناهيك بالمعاهد والمراكز العليا العامة والخاصة التي تربو على 120 معهداً ومركزاً عالياً، كما توضح بيانات الجدولين الرقمين (1) و(2). ترافق هذا التوسع الأفقي مع تراجع مستوى الإنفاق على التعليم والعجز عن توفير حاجات هذه المؤسسات من مستلزمات العملية التعليمية من هيئات تدريس ومعامل ومختبرات علمية ومواد تشغيل وكتب ودوريات علمية.

الجدول الرقم (1)

تطور أعداد مؤسسات التعليم العالي في ليبيا خلال الفترة 1970 – 2010

نوع المؤسسة19701980199520002010
جامعة عامة (أساسية)11111137
جامعة أقسام20
جامعة أهلية40
جامعة مفتوحة1111
معهد أو مركز عالٍ (عام أو خاص)4155484120

المصدر: الهيئة العامة للمعلومات، التقرير السنوي 2010 (طرابلس 2010).

الجدول الرقم (2)

التعليم في لـيبـيا لعام 2010

مرحلة التعليمالعددالنسبة المئوية
التعليم الأساسي1.019.87665.4
التعليم المتوسط198.00712.7
التعليم العالي342.68721.9
مجموع الطلبة1.558.570100
مجموع السكان5.680.540
نسبة الطلبة إلى السكان27.4

المصدر: المصدر نفسه.

ثانياً: تدهور نوعية التعليم

أدى التوجه نحو التوسع الكمي في نظام التعليم إلى خفض مرونة هذا النظام في امتصاص أثر الصدمات الخارجية (Vulnerability) المتكررة الناجمة عن تراجع إيرادات النفط على سوق العمل في ظل حالة الاحتكار شبه المطلق من قبل القطاع العام، ونجم عن هذا الخيار تحمل المجتمع لخسارتين، الأولى تتمثل بالمبالغ التي تم تخصيصها للإنفاق على تعليم يتسم بنوعية منخفضة؛ والثانية المبالغ التي تحملها المجتمع لدفع الأجور والرواتب للأعداد الهائلة من الخريجين الذين تم توظيفهم في أنشطة تتسم بانخفاض الإنتاجية. وبالتالي فإن التوسع الذي طرأ على التعليم بجميع مراحلة، قد انطوى على قدر كبير من مبادلة النوعية بالكمِّ. فقد اقترن هذا النمط من التوسع بإهمال كبير للجوانب النوعية، وقد أشار إلى تلك النقطة بوضوح تقرير التنافسية العالمي لعام 2011، كما مبين في الجدول الرقم (3)، ويمكن أن نعزو هذا التراجع المذكور إلى العوامل الآتية:

1 – تدهور التعليم الأكاديمي

لتحديد قدر التدهور في نوعية التعليم الاكاديمي نستعين بنتائج تقرير التنافسية العالمي لعام 2011 الذي يحدد ترتيب نوعية التعليم في ليبيا في العام الدراسي 2009 – 2010 من بين 139 دولة في العالم و15 دولة عربية كالآتي:

أ – في نوعية النظام التعليمي جاءت ليبيا في الترتيب الأخير عالمياً وعربياً.

ب – في نوعية تعليم الرياضيات جاءت ليبيا في الترتيب 113 عالمياً والترتيب قبل الأخير عربياً.

ج – في نوعية مدارس (كليات) الإدارة جاءت ليبيا في الترتيب 137 وفي الترتيب الأخير عربياً.

د – في النفاذ إلى الإنترنت في المدارس جاءت ليبيا في الترتيب 129 عالمياً والترتيب 13 عربياً.

هـ – ضعف الاهتمام بالتدريب أثناء العمل؛ ويشمل:

  • الأبحاث التخصصية والخدمات التدريبية المحلية، وجاءت ليبيا في الترتيب 134 عالمياً والترتيب قبل الأخير عربياً.
  • تدريب المعلمين: جاءت ليبيا في الترتيب 110 عالمياً و12 عربياً.

2 – تدهور أداء مؤسسات التدريب المهني

يعود تدني نوعية مخرجات مؤسسات التدريب المهني إلى أن تلك المؤسسات رسمت لنفسها دوراً متواضعاً تقدم خلاله مجموعة من البرامج الجامدة وغير الفاعلة وترتب على ذلك‏[8]:

  • تصنيف تلك المؤسسات رسمياً ضمن مستويات التعليم الأضعف.
  • النظرة الاجتماعية الدونية لمؤسسات التدريب المهني ولمخرجاتها.
  • عزوف الطلبة عن التعليم المهني وتفضيلهم التخصصات الإنسانية الأسهل.
  • ضعف الحافز على الالتحاق بالتعليم الفني والتخصصي العلمي.
  • تراجع التخصصات.
  • ضعف مستوى التدريب الفعّال لأسباب رئيسية، منها:

– تحمل الحكومة العبء الأكبر لبرامج التدريب وضعف مساهمة القطاع الخاص.

– نجاح الطلبة يعتمد على التزام الطالب بالحضور، أكثر من اعتماده على كفاءة الأداء.

– ضعف إمكان التحول نحو المستويات التعليمية والتأهيلية الأعلى كالجامعات والمعاهد، جعل الشهادات المهنية ذات قيمة علمية واقتصادية واجتماعية محدودة.

– المؤسسات الخاصة ظلت محكومة بمبدأ تحقيق الربح وغير ملتزمة بمعايير الجودة أو الملاءمة مع سوق العمل.

الجدول الرقم (3)

مؤشرات التعليم في ليبيا 2010

رمز المؤشرالمؤشرقيمة المؤشر (1 – 7) أو نسبة مئويةموقع ليبيا دولياً

(1 – 139)

موقع ليبيا عربياً

(1 – 15)

4.09نوعية التعليم الابتدائي2.512815
4.10نسبة الالتحاق بالتعليم الابتدائي
5.01نسبة الالتحاق بالتعليم الثانوي93.5484
5.02نسبة الالتحاق بتعليم المرحلة الثالثة55.7371
5.03نوعية النظام التعليمي22.013815
5.04نوعية تعليم الرياضيات والعلوم3.111314
5.05نوعية مدارس الإدارة2.213715
5.06النفاذ إلى الإنترنت في المدارس2.312913
5.07توافر الأبحاث التخصصية والخدمات التدريبية محلياً2.713414
5.08مدى تدريب المعلمين3.411012

المصدر: تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للقدرة التنافسية العالمية (2011 – 2012).

3 – تزايد الفجوة بين الإنفاق على التعليم والتدريب وأعداد الطلبة

انخفضت نسبة الإنفاق على التعليم والتدريب إلى الناتج المحلي في ليبيا بصورة حادة وبلغت 1 بالمئة في الفترة 1970 – 2010، وهي نسبة منخفضة جداً إذا ما قورنت بالأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع من ناحية وعند مقارنتها ببقية البلدان العربية كمجموعة التي بلغت فيها 4 بالمئة والدول المتقدمة التي بلغت 6 بالمئة والدول النامية التي بلغت 4.13 بالمئة والعالم 4.8 بالمئة. كما تميزت بانخفاضها نسبة إلى الإنفاق العام، فبلغت 10.5 بالمئة كمتوسط عن الفترة 1970 – 2010 وتعد هذه النسبة منخفضة عند مقارنتها بالمستويات السائدة في البلدان العربية كمجموعة، التي بلغت 17.2 بالمئة.

الجدول الرقم (4)

الإنفاق على التعليم والتدريب إلى الناتج المحلي
والإنفاق العام في ليبيا (1970 – 2010)

(نسب مئوية)

الفترةنسبة الإنفاق على التعليم والتدريب
إلى الإنفاق الإنمائي
نسبة الإنفاق على التعليم والتدريب
إلى الناتج المحلي
1987 – 19707.21.6
1997 – 198811.80.8
2004 – 199816.51.4
2010 – 20055.92.2
2010 – 197010.41

المصدر: احتسبت من قبل الباحث بالاعتماد على التقارير السنوية لمصرف ليبيا المركزي والهيئة العامة للمعلومات.

في مقابل ذلك اعتمدت السياسة التعليمية سياسة التوسع الأفقي في التعليم بمختلف مراحله، استجابة للاعتبارات الاقتصادية والديمغرافية كالزيادة الطبيعية في حجم السكان والحاجة إلى توفير متطلبات التنمية من القوى العاملة المؤهلة في التخصصات كافة. وبقدر تعلق الأمر بالتعليم الجامعي فإن اعتماد هذه السياسة أدى إلى زيادة عدد الجامعات إلى 14 جامعة في مختلف المدن الليبية، وخلقت هذه الزيادة الكبيرة في عدد الجامعات مشاكل عديدة كانت لها آثارها السلبية في مستوى التعليم الجامعي، نظراً إلى افتتاح هذه المؤسسات من دون استكمال التجهيزات الضرورية المطلوبة، سواء من النواحي المادية أو الفنية أو اختيار الإدارات الجيدة. وبذلك أصبحت بعض الكليات العلمية والهندسية، تخرج الطلبة من دون التركيز على التدريب والنواحي العملية في مجال تخصصهم، ما أدى إلى انخفاض كفاءاتهم ومؤهلاتهم. كما أفضى هذا الاتجاه إلى ضعف كفاءة التعليم وتفعيل أداء المؤسسات الجامعية وضعف الاهتمام بجوانب تطوير المناهج التعليمية، واستحداث تخصصات نادرة وإدخال معايير ضبط الجودة في التعليم العالي عموماً‏[9].

ويبين الجدول الرقم (5) معدل نمو الإنفاق على التعليم والتدريب ومعدل نمو أعداد الطلاب في الجامعات الليبية خلال الفترة 1970 – 2010 ومنها نلاحظ أن الفترة 1980 – 1970 قد شهدت تصاعداً ملحوظاً في معدل نمو الإنفاق بلغ 31 بالمئة مقارنة بمعدل نمو أعداد الطلاب الذي بلغ 13 بالمئة كمتوسط عن نفس الفترة، إلا أن هذا الاتجاه تراجع بشكل ملحوظ في الفترة 1995 – 1981 وسجل الإنفاق على التعليم والتدريب معدلاً سالباً للنمو بلغ 10.3 -، مقابل استمرار الاتجاه التصاعدي في إعداد الطلبة، أما في الفترة 1996 – 2010 فقد شهدت عودة إيرادات النفط للانتعاش وعودة مسار الإنفاق نحو التصاعد مقارنة بمعدل نمو أعداد الطلاب، إلا أن الفجوة بين الإنفاق وأعداد الطلبة لم تنخفض عن 30 بالمئة إلا في الفترة الأخيرة التي حصل فيها انخفاض كبير في الفجوة بلغ 3 بالمئة.

إن متابعة مسار حركة الإنفاق على التعليم (وهو متغير تابع لإيرادات النفط)، ومسار أعداد الطلبة (وهو متغير تابع لمعدل نمو السكان) تشير إلى أن الاتجاه التصاعدي في معدلات نمو أعداد الطلاب قابله اتجاه تنازلي في معدلات النمو في الإنفاق على التعليم والتدريب، ما أسهم في تعميق الفجوة بين هذين المسارين. ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك تراجعاً في كفاءة الإنفاق على التعليم والتدريب وانخفاض نوعية مخرجات التعليم.

الجدول الرقم (5)

الفجوة بين الإنفاق وأعداد الطلبة في الجامعات الليبية للفترة 1970 – 2010

الفترةمعدل نمو الإنفاق على التعليم والتدريبمعدل نمو أعداد الطلاب في الجامعات الليبيةالفجوة بين الإنفاق على التعليم والتدريب وأعداد الطلبة
1975 – 1970491930
1980 – 19761376
1985 – 1981−2413−36
1990 – 1986−311−13
1995 – 1991−415−19
2000 – 199635530
2005 – 200134331
2010 – 200515123

المصدر: احتسبت من قبل الباحث بالاعتماد على التقارير السنوية لمصرف ليبيا المركزي والهيئة العامة للمعلومات.

 

4 – انخفاض حصة الطالب الجامعي من الإنفاق على التعليم والتدريب

أخذت حصة الطالب الجامعي من إجمالي الإنفاق على التعليم والتدريب نفس اتجاهات المؤشرات السابقة، أي أنها تصاعدت خلال الفترة 1975 – 1980 متأثرة بالزيادات المنتظمة في الإنفاق الاستثماري للتعليم الجامعي التي شهدتها هذه الفترة التي ارتبطت بإنشاء الجامعات الجديدة أو إجراء التوسيع في فروع الكليات القائمة أو التوسع في المباني والتجهيزات، ثم تراجعت على نحو ملحوظ خلال الفترة التالية 1991 – 2000 لتصل إلى 87 ديناراً فقط لكل طالب، ثم عادت نحو الارتفاع مجدداً خلال الفترة 2001 – 2005 لتصل إلى 553 ديناراً لكل طالب، لتتراجع قليـلاً في الفترة الأخيرة (2006 – 2010) لتصل إلى 387 ديناراً لكل طالب كما يتبين من الجدول الرقم (6). وقد تأثرت تلك التغييرات بظروف الموازنة العامة التي سبقت الإشارة إليها في الفقرات السابقة. وتجدر الإشارة إلى أن معظم تلك الزيادات هي زيادات نقدية وليست حقيقة، جاءت لتواكب الارتفاع في معدلات التضخم والارتفاع في نسبة أعداد الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس، فقد شهدت هذه النسبة ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة التي سجل فيها الإنفاق معدلات نمو سالبة وهي الفترة 1985 – 2000. وإذا تأملنا الشكل الرقم (1) نلاحظ أن متوسط عدد الطلبة قد ارتفع من 40 طالباً خلال الفترة 1992 – 1994 إلى 57 طالباً خلال الفترة 1994 – 1999 ثم تراجع إلى 19 طالباً كمتوسط عن الفترة 2001 – 2005 بعد الارتفاع الذي حدث في معدلات نمو الإنفاق العام خلال تلك الفترة.

الجدول الرقم (6)

حصة الطالب الجامعي من الإنفاق على التعليم والتدريب في ليبيا للفترة 2010 – 1970

(دينار ليبي)

الفترةحصة الطالب الجامعي من الإنفاق على التعليم والتدريب
1970 – 1974300
1975 – 1980935.5
1981 – 1990337
1991 – 200087.3
2001 – 2005553
2006 – 2010387.42

المصدر: التقارير السنوية لمصرف ليبيا المركزي والهيئة العامة للمعلومات.

الشكل الرقم (1)

نسبة الطلاب الجامعيين إلى أعضاء هيئة التدريس
في الجامعات الليبية للفترة 1992 – 2010

المصدر: رسم من قبل الباحث بالاعتماد على بيانات بالاعتماد على الهيئة العامة للمعلومات.

ثالثاً: تضخم فئة المشاركين في سوق العمل

التحول في الهيكل العمري خلال الفترة 1973 – 2006 جاء لمصلحة السكان النشطين اقتصادياً، الفئة العمرية (15 – 64) التي اتخذت مساراً تصاعدياً، فبعد أن كانت نسبتها نحو 44 بالمئة من السكان عام 1973 ارتفعت إلى نحو 47 بالمئة عام 1984 ثم إلى 57 بالمئة عام 1995 ثم وصلت إلى 63 بالمئة عام 2006. ويعد هذا التحول الديمغرافي إيجابياً إذا نظرنا إلى الأمور من زاوية الأمد القصير، لكونه يسهم في رفع نسبة المشاركة في قوة العمل وخفض نسبة الإعالة.

كما أدى هذا التحول إلى زيادة العنصر الشبابي من الأفراد العاملين اقتصادياً من حوالى 424 ألفاً عام 1973 إلى 681 الفاً عام 1984 ووصلت إلى 1,025 مليون عام 1995 وارتفعت إلى 1,636 مليون عام 2006، إلا أن تلك الزيادة في العنصر الشبابي شكلت ضغطاً إضافياً على سوق العمل، الضعيف الاستيعاب للقوى العاملة، كما يتبين من الأرقام الواردة في الجدول الرقم (7).

الجدول الرقم (7)

التوزُّع النسبي للسكان الليبيين بحسب الفئات العمرية خلال الفترة 1973 – 2006

الفئات العمريةالمجموع
14 – 064 – 1565 فأكثر
1973ذكور51.044.74.3100
إناث52.043.94.1100
جملة51.444.34.2100
1984ذكور49.646.83.6100
إناث50.146.33.6100
جملة49.946.53.6100
1995ذكور39.057.13.9100
إناث39.157.03.9100
جملة39.157.03.9100
2006ذكور31.463.94.6100
إناث33.262.44.4100
جملة32.363.24.5100

المصدر: (1) أمانة التخطيط، مصلحة الإحصاء والتعداد، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان للأعوام 1973 – 1984؛ (2) الهيئة العامة للمعلومات، الكتاب الإحصائي 2006.

كما شهدت سوق العمل ارتفاعاً في نسبة مشاركة المرأة، وصلت إلى نحو 20 بالمئة من مجموع الإناث عام 2006، إلا أن تلك الزيادة رافقها انخفاض في فرص العمل المتاحة للمرأة، من ناحية، ورغبة النساء في العمل في أنشطة الخدمات الحكومية وبخاصة في قطاع التعليم من ناحية ثانية، ما أدى إلى تركز الجزء الأعظم من النساء المشاركات في سوق العمل في هذه الأنشطة. كما أدت تلك التحولات إلى انخفاض نسبة الإعالة وكما يتبين من الجدول الرقم (8).

الجدول الرقم (8)

تطور نسبة المشاركة في سوق العمل الليبي خلال الفترة 1973 – 2006

السنةالسكان

1

العاملون اقتصادياً

2

غير العاملين اقتصادياً

3

نسبة المشاركة بالمئةالمجموعنسبة الإعالة

2/3

ذكورإناث
19732,052,372423,6141,628,75837.3320.63.8
19843,231,059680,9942,550,065365.621.13.7
19954,389,7391,025,0853,364,65437.48.823.43.3
20065,323,9911,635,7833,688,20841.519.730.72.3

المصدر: (1) أمانة التخطيط، مصلحة الإحصاء والتعداد، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان للأعوام 1973 – 1984؛ (2) الهيئة العامة للمعلومات، الكتاب الإحصائي 2006.

رابعاً: ضعف مشاركة الخريجين في سوق العمل

نلاحظ من الجدول الرقم (9) أن الاتجاه التنازلي الذي شهدته نسبة السكان الأميين وذوي المستوى الابتدائي قابله اتجاه تصاعدي في المستوى الإعدادي والثانوي والعالي، وعند تتبع تفاصيل تلك البيانات، نلاحظ أن نسبة السكان الأميين قد انخفضت من 51.6 بالمئة عام 1973، إلى 39.9 بالمئة عام 1984، واستمرت بالانخفاض إلى 18.7 بالمئة و11.5 بالمئة خلال عامي 1995 و2006 على الترتيب. وفي ما يخص حملة الشهادة المتوسطة أو الإعدادية فإن نسبتهم إلى إجمالي السكان الليبيين قد تحسنت، فارتفعت من 9.8 بالمئة عام 1973 إلى 18.7 بالمئة عام 1984، واستمرت بالارتفاع إلى أن بلغت 22.2 بالمئة عام 1995، إلا أنها تراجعت عام 2006 لتبلغ 17.7 بالمئة. كما شهدت نسبة حملة الشهادة الثانوية تحسناً ملحوظاً فارتفعت من 5.8 بالمئة عام 1973 إلى 25.4 بالمئة عام 1984، ثم بلغت 37.4 بالمئة عام 1995 إلى أن وصلت أعلى مستوى لها عام 2006 وبلغت 45 بالمئة. وفضـلاً عن ذلك تحسنت نسبة حملة شهادات التعليم العالي بشكل ملحوظ، فبعد أن كانت تبلغ 0.6 بالمئة عام 1973، ارتفعت إلى 1.9 بالمئة عام 1984، وواصلت ارتفاعها إلى 3.5 بالمئة و15.5 بالمئة خلال عامي 1995 و2006 على الترتيب. نستنتج من تلك الأرقام أن نسبة تمثيل مخرجات التعليم العالي في سوق العمل لا تزال منخفضة جداً مقارنة بالمستويات التعليمية الأدنى وبخاصة التعليم الثانوي والابتدائي، الذي يتمتع بنسبة تمثيل تفوق نسبة تمثيل خريجي الجامعات. بعبارة أخرى فإن نسبة تمثيل مخرجات التعليم العالي في معدلات البطالة أكبر كثيراً من نسبة مشاركتهم في سوق العمل. وقد تعمقت هذه الظاهرة بفعل عوامل أدت إلى تفاقم حالة عدم المواءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل في ظل ضيق مسار التعليم الثانوي، والتخصص المبكر، وانعدام الفرص تعلُّم مهارات متعددة والحصول على فرص ثانية، وانعدام خدمات التوجيه للمستقبل الوظيفي، وعدم إجراء مسوح منتظمة لتحديد توجهات الخريجين.

الجدول الرقم (9)

معدلات المشاركة في سوق العمل حسب المستوى التعليمي للسكان الليبيين خلال الفترة 1973 – 2006

المستوى التعليمي1973198419952006معدل النمو للفترة 1973 – 2006
الأميون51.639.918.711.5−4.55
الابتدائية32.114.118.210.3−3.44
الإعدادية9.818.722.217.71.79
الثانوية5.825.437.4456.21
التعليم العالي0.71.93.515.59.39
المجموع100100100100

المصدر: (1) أمانة التخطيط، مصلحة الإحصاء والتعداد، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان للأعوام 1973 – 1984؛ (2) الهيئة العامة للمعلومات، الكتاب الإحصائي 2006.

خامساً: تفضيل الأقسام النظرية على الأقسام التطبيقية

تشير بيانات الجدول الرقم (10) إلى ميل الطلاب الليبيين إلى تفضيل الأقسام النظرية (الكليات الإنسانية) على الأقسام التطبيقية (الكليات العلمية)، إذ اقتربت نسبة الملتحقين بالأقسام الإنسانية خلال الفترة 1970 – 2000 من 70 بالمئة مقابل 30 بالمئة للعلوم التطبيقية، إلا أن هذه النسبة بدأت بالتراجع بعد بدء العمل بنظام الثانويات التخصصية، فوصلت خلال الفترة 2000 – 2004 إلى نحو 60 بالمئة، ومع ذلك فإن هذه النسبة ظلت مرتفعة مقارنة بحاجات سوق العمل لهذه التخصصات. وغذى هذا التوجه مجموعة من العوامل أبرزها:

  • ضعف التحصيل العلمي لمعظم هؤلاء الطلاب.
  • انخفاض العائد الاقتصادي للتعليم مقارنة بجهود الطالب في الأقسام العلمية.
  • العادات والتقاليد والعوامل الاجتماعية التي تدفع بقسم كبير من الإناث إلى تفضيل الأقسام الإنسانية.
  • كما دفع تقليص الإنفاق على التعليم مقارنة بالتوسع في معدلات الالتحاق بالتعليم العالي، إلى تفضيل التوسع في الكليات الإنسانية التي تستوعب المئات من الطلاب وتعمل بعدد محدود من أعضاء هيئة التدريس، ولا تحتاج إلى مباني ذات مواصفات خاصة، مزودة بالورش والمعامل والتجهيزات المعملية‏[10].

وقد أسهم الاتجاه المذكور في تعميق حالة الاختلال بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل ومستوى التنمية الاقتصادية، كما أفضى إلى انخفاض إنتاجية العمل واختلال هيكل وتراجع العائد الاقتصادي الفردي الاجتماعي للتعليم، ويعود ذلك إلى ما يأتي:

(1) ارتفاع نسبة خريجي العلوم الإنسانية مقارنة بحاجات سوق العمل يقابلها نقص شديد في الكوادر الهندسية والفنية من خريجي الأقسام العلمية والفنية والتطبيقية.

(2) يشكل العنصر النسائي نحو 50 بالمئة من مجموع الخريجين، وتفرض الظروف الاجتماعية توظيف هذا العنصر في الأعمال الإدارية والخدمية الحكومية، وفي أعمال ربما لا تتناسب ومستوى تأهيلهم وتدريبهم، ما فاقم من مشكلة البطالة المقنعة في الأجهزة الخدمية الحكومية‏[11].

(3) على الرغم من قلة عدد خريجي الأقسام العلمية والفنية والتطبيقية، فإن هؤلاء الخريجين يواجهون صعوبات عديدة في الدخول إلى سوق العمل ولا سيّما في القطاع الخاص لنقص خبرتهم وضعف تحصيلهم العلمي والتطبيقي في الأمور ذات الصلة بالمهنة، ويعود ذلك في الغالب إلى هيمنة التعليم والتدريب النظري وضعف التطبيقات العملية في مجال دراستهم بسبب النقص في الورش والمعامل والمواد المعملية اللازمة لإجراء التطبيقات، فضـلاً عن المنافسة الشديدة من العمالة الوافدة‏[12].

الجدول الرقم (10)

تطور أعداد الخريجين من الجامعات الليبية (حسب التخصص)
خلال الفترة 1969 – 2004

العام الجامعيالعلوم الإنسانيةالعلوم التطبيقيةالإجماليالإنسانية بالمئةالتطبيقية بالمئة
1970 – 196939911551477.6322.37
1975 – 19741027278130578.7021.30
  
1980 – 19791184896208056.9243.08
1985 – 198412921060235254.9345.07
1990 – 198923561073342968.7131.29
1995 – 1994726329451020871.1528.85
2001 – 200019254126403189460.3739.63
2002 – 200121728139423567060.9139.09
2004 – 200223400152383863860.5639.44
2004 – 200325472165384201060.6339.37
متوسط الفترة 1969 – 200410337.56472.51681061.5038.50

المصدر: (1) اللجنة الشعبية العامة للتعليم والبحث العلمي (بيانات غير منشورة)، و(2) علي الشريف، «مخرجات التعليم والتدريب والتنمية البشرية» مؤتمر التعليم والتدريب والتنمية، النقابة العامة للمعلمين، طرابلس، ربيع 2007.

سادساً: اختلال الهيكل المهني لقوة العمل

يعكس الهيكل المهني لقوة العمل طبيعة العلاقة بين مخرجات التعليم والتدريب والقوى العاملة، ومستوى التنسيق بين متطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم. ولتحليل الهيكل المهني لقوة العمل نستعين بمجموعة من الجداول وكالآتي:

1 – توزُّع المشتغلين الليبيين وفق المهن

من الجدول الرقم (11) نلاحظ ما يأتي:

أ – المهن العلمية والفنية بلغت نسبة العاملين فيها من حملة الشهادة الثانوية 46 بالمئة، وجاء بالمرتبة الثانية حملة الشهادة الجامعية بنسبة 24 بالمئة يليهم خريجو المعاهد المتوسطة بنسبة 16 بالمئة.

ب – أمناء المؤتمرات ورؤساء اللجان الفنية وكبار الإداريين والمشرفين التنفيذيين، بلغت نسبة حملة الشهادة الجامعية 36 بالمئة؛ وجاء حملة الشهادة الثانوية بالمرتبة الثانية ونسبتهم 24 بالمئة؛ يليهم خريجو المعاهد المتوسطة بنسبة بلغت 12 بالمئة.

ج – الموظفون الإداريون والكتبة معظمهم من حملة الشهادة الثانوية وبلغت نسبتهم 33 بالمئة، ويأتي بالمرتبة الثانية حملة الشهادة الإعدادية بنسبة 20 بالمئة، يليهم حملة شهادة المعاهد المتوسطة ونسبتهم 18 بالمئة.

د – العاملون بالبيع والشراء من حملة الشهادة الثانوية ونسبتهم نحو 22 بالمئة، يليهم حاملو الشهادة الإعدادية (نحو 21 بالمئة) ثم حاملو الشهادة الابتدائية وبلغت نسبتهم 13 بالمئة.

هـ – العاملون في الخدمات أغلبهم أميّون وبلغت نسبتهم 24 بالمئة، وإذا أضفنا إليهم من لا يحملون الشهادة الابتدائية ومنهم في مستويات تعليمية منخفضة ودون الشهادة الابتدائية فتبلغ النسبة 37 بالمئة.

و – العاملون في الزراعة أغلبهم أميّون وتبلغ نسبتهم 58 بالمئة، أما نسبة المستوى التعليمي المنخفض ودون المستوى الابتدائي فبلغت 77 بالمئة من مجموع العاملين في هذا القطاع التنموي المهم.

ز – العاملون في المهن الإنتاجية معظمهم في مستوى تعليمي يراوح بين الشهادة الثانوية والابتدائية والإعدادية وشهادة المعهد المتوسط وبلغت نسبتهم نحو 70 بالمئة.

أما من هم في مستويات تعليمية منخفضة – دون الابتدائي – فبلغت نحو 28 بالمئة، في حين لم تتجاوز نسبة حملة الشهادة الجامعية 2 بالمئة. بحسب ما ورد في النسب المذكورة، يمكن القول إن معظم مخرجات التعليم العالي، قد تم استيعابها في الأنشطة الإدارية وفي المجالات المنخفضة الإنتاجية وابتعدت إلى حد ما عن المجالات الإنتاجية.

الجدول الرقم (11)

التوزيع النسبي الإجمالي المشتغلين الليبيين حسب المهن خلال الفترة 1995 – 2006

الحالة

التعليمية

أصحاب المهن العلمية والفنيةأمناء المؤتمرات

وكبار الإداريين

الموظفون الإداريون

والكتبة

العاملون بالبيع والشراءالعاملون بالخدماتالعاملون بالزراعةالعاملون

بالإنتاج

أمي0.11صفر0.1010.8624.9358.9012.76
دون الابتدائية0.580.262.4011.4613.5519.7914.71
ابتدائية1.516.2610.0913.7320.297.6018.60
إعدادية2.1411.2020.7020.9619.945.5018.60
معهد متوسط16.8212.1418.2511.767.043.9616.46
الثانوية46.4124.1833.2521.8810.503.0415.30
فوق الثانوية5.275.293.472.361.590.201.60
شهادة جامعية24.8036.3111.406.812.130.971.92
ماجستير ودكتوراه2.364.360.340.180.030.040.05
المجموع100100100100100100100

المصدر: الهيئة الوطنية للتوثيق والمعلومات، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان لعام 1995 ولعام 2006.

 

سابعاً: الاختلال الاقتصادي واختلال سوق العمل

تمثل سوق العمل حصيلة لما يمكن أن تكون عليه حركة القطاعات الاقتصادية كافة، سواء كانت قطاعات إنتاجية واستثمارية (القطاع الإنتاجي) أو قطاعات خدمية ومالية (القطاع الحكومي والقطاع المصرفي) أو قطاعات تجارية (قطاع العالم الخارجي) أو قطاعات استهلاكية وادّخارية (القطاع العائلي) ترتبط بشكل أو بآخر بالأسواق الاقتصادية جميعاً، وهي بذلك تشكل في مجموعها (قطاعات وأسواق) صورة تفصيلية وإن كانت مبسطة للنشاط الاقتصادي.

من هذه الزاوية يمكن أن نربط بين حالة الجمود التي أصابت قطاعات وأنشطة الناتج غير النفطي وبخاصة أنشطة الخدمات – المشغل الرئيس لأكثر من نصف القوى العاملة – بارتفاع معدلات البطالة في ليبيا بعد التسعينيات.

كان اقتصاد ليبيا – في الخمسينيات من القرن الماضي قبل اكتشاف النفط والغاز – يعتمد أساساً على الزراعة التي كانت تشغل أكثر من 70 بالمئة من اليد العاملة، وتشكِّل نحو 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، غير أن اكتشاف كميات كبيرة من النفط عام 1961، جعل القطاع النفطي يتحكم بقوة في الاقتصاد الليبي. وشهدت حصة النفط هبوطاً ملحوظاً خلال التسعينيات، نتيجة للعقوبات التي كانت مفروضة على ليبيا وللتراجع الكبير في مستوى الاستثمار في القطاع النفطي، إلا أن الإنتاج عاد إلى الارتفاع بعد رفع العقوبات، ووصل إلى 32 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2004 ثم أخذ بالزيادة بمعدل ثابت، تجاوز نسبة 75 بالمئة خلال السنوات 2005 – 2009. ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على الإيرادات العامة التي تجاوزت نسبة الإيرادات النفطية فيها 90 بالمئة كما تجاوزت نسبة مساهمته في إجمالي الصادرات 95 بالمئة. وحينما يُقاس حجم الناتج النفطي بالناتج غير النفطي، تبدو ليبيا أحد أقل الاقتصادات النفطية تنوعاً.

فقد تراجع قطاع الخدمات الذي يمتل ثاني أهم قطاعات النشاط الاقتصادي. وانخفضت نسبة المساهمة في الناتج من 46 بالمئة كمعدل وسطي للفترة الممتدة من 1990 إلى 1999، إلى نحو 40 بالمئة كمعدل وسطي للفترة 2000 – 2009 وحظي كل من قطاع البناء والصناعة التحويلية بنحو 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة بقيت ثابتة إلى حد كبير على مر الزمن. هذا ويسهم القطاع الزراعي بنسبة 8 بالمئة من الناتج نفسه.

وظلت كل من قطاعات البناء والخدمات والكهرباء والغاز والمياه والتجارة والفنادق والنقل أكثر القطاعات نشاطاً في الاقتصاد الليبي، بينما ظل النمو في قطاعي التصنيع والزراعة بطيئاً وشهد تراجعاً كبيراً وبخاصة خلال السنوات 2000 – 2009 بعد تخلي الحكومة عن تقديم الدعم لهذين القطاعين.

الشكل الرقم (2)

مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي خلال الفترة (1990 – 2009)

المصدر: رسمت من قبل الباحث بالاعتماد على التقارير السنوية لمصرف ليبيا المركزي والهيئة العامة للمعلومات.

وبوجه عام فإن النمو الضعيف للناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير النفطي يعود إلى تدني الاستثمارات وضعف إنتاجية عنصر العمل وعنصر رأس المال بسبب قيود الطاقة الاستيعابية للاستثمار.

وعليه فإن التحدي الرئيسي الذي يواجه الاقتصاد الليبي يتمثل بتعزيز نمو القطاع غير النفطي لتنويع مصادر الناتج المحلي الاجمالي وتعزيز فرص التشغيل، ما سيسمح بخفض معدل البطالة بين الخريجين.

ويمكن تحقيق التنويع في الاقتصاد وزيادة فرص تحقيق المواءمة ومعدلات التشغيل إذا ما تم القيام بإصلاح اقتصادي يسمح بتوسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية. هذا القطاع الذي تم استبعاده بصورة شبه تامة عن النشاط الاقتصادي مع صدور الإجراءات التي ألغت حقوق الملكية الخاصة عام 1978. وتطبيق سياسات القمع الاقتصادي والمالي الذي كان أدى إلى مغادرة عدد كبير من المنظمين ورجال الأعمال والكفاءات الفنية والإدارية والعمال المؤهلين البلاد.

وفي غياب فرص العمل في القطاع الخاص، يفضل الليبيون الأمان الوظيفي والمنافع الإضافية التي يقدمها القطاع العام، برغم الأجور المتدنية التي يقدمها هذا القطاع. ولم تفضِ محاولات إعادة بعث الروح في ثقافة المبادرة الفردية التي أخذت تطبق، بعد أن تعرضت ليبيا للعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة عام 1986، التي سمحت بإحياء نشاط القطاع الخاص وتبني خطوات باتجاه الانفتاح، مع التركيز على المؤسسات الخاصة لممارسة نشاطاتها في مجال تجارة التجزئة والمشروعات الصغيرة، إضافة إلى الاستثمار في مجال الزراعة. وفي عام 1992 تمت المصادقة على قانون الخصخصة إلا أنه لم يكن لهذه المبادرة تأثير ملحوظ في أداء الاقتصاد الكلي. فلا تزال ملكية القطاع العام مهيمنة على الاقتصاد بحيث يحتل القطاع العام ثلاثة أرباع العمالة، ولا تزال نسبة الاستثمار الخاص عند حدود 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي هذا الإطار، تُبذل حالياً جهود كبيرة لدعم الإصلاح الاقتصادي بهدف تشجيع التحول إلى اقتصاد السوق والاندماج مع بقية العالم.

ثامناً: التحول في أنماط الطلب على القوى العاملة

يتأثر الطلب على القوى العاملة بظروف القطاع الإنتاجي وبحالة النشاط الاقتصادي وبمستوى الطلب الكلي وبالظروف الاجتماعية السائدة والمحيط الخارجي، ناهيك بتأثره بأسلوب الإنتاج المستخدم، وبمستوى الإنتاجية وبالأطراف المشاركة في سوق العمل. ويستخدم مستوى الطلب على العمل كمؤشر للحكم على نوعية مخرجات التعليم والتدريب ودرجة الانتفاع بها في تغطية حاجات سوق العمل من العناصر المتخصصة الفنية والإدارية والأيدي العاملة الماهرة وشبه الماهرة، ومن ثم فإن نوعية تلك المخرجات ستكشف عن مستوى التوافق بين متطلبات سوق العمل ومخرجات النظام التعليمي أو مدى الارتباط بين التخطيط المادي وتخطيط الموارد البشرية والقوى العاملة.

ولتحليل العلاقة بين مخرجات التعليم وجانب الطلب على العمل الليبي المتمثل بحجم المشتغلين في القطاعات الاقتصادية المكونة لهيكل الناتج المحلي في الاقتصاد الليبي خلال الفترة 1970 – 2010 كما وردت في الجدول الرقم (12) حيث نلاحظ ما يأتي:

إن قطاع الخدمات قد جاء بالمرتبة الأولى من حيث استيعاب القوى العاملة، وبلغ متوسط استيعابه النسبي40.5 بالمئة خلال الفترة 1995 – 2010 مرتفعاً عن النسبة التي سجلها في الفترة الأولى (1970 – 1990) التي بلغت 33.7 بالمئة.

وجاء قطاع الزراعة في الترتيب الثاني بمتوسط استيعاب بلغ13.9 بالمئة مسجـلاً انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالنسبة التي سجلها خلال الفترة الأولى (1970 – 1990) التي بلغت24.3 بالمئة، أما قطاع البناء والتشييد فجاء بالمرتبة الثالثة، وبمتوسط قدره 12.7 بالمئة، منخفضاً عن النسبة التي سجلها خلال الفترة الاولى (1970 – 1990) التي بلغت 15.3 بالمئة، وجاء قطاع الصناعات التحويلية في المرتبة الرابعة، بمتوسط استيعاب بلغ 11.2 بالمئة مرتفعاً عن النسبة التي سجلها خلال الفترة الأولى (1970 – 1990) التي بلغت 6.3 بالمئة، وجاء قطاع النقل والمواصلات في المرتبة الخامسة بنسبة بلغت 7.3 بالمئة منخفضاً عن النسبة التي سجلها خلال الفترة الأولى (1970 – 1990) التي بلغت 8.3 بالمئة أما قطاع النفط والغاز والتعدين فبالرغم من مساهمته بالنصيب الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه يستخدم نسبة ضئيلة من القوى العاملة بلغت 2.4 بالمئة، فضـلاً عن اعتماده على نوع معين من المهارات، ربما لا يتوافر معظمها في سوق العمل، لذا ظلت حصته من إجمالي القوى العاملة منخفضة وثابتة تقريباً ولم تطرأ عليها تغييرات مهمة.

ونظراً إلى هيمنة أنشطة القطاع العام على سوق العمل الليبي وضعف مشاركة القطاع الخاص، فمن الطبيعي أن تتأثر اتجاهات الطلب على العمل بتوجهات السياسة الاقتصادية التوسعية والانكماشية التي تتأثر بدورها بظروف الموازنة العامة ونسب مساهمة الإيرادات النفطية فيها. وقادت تلك الظروف إلى تضاؤل فرصة التوظيف وبخاصة في الأنشطة الإنتاجية، التي شهدت تخصيصاتها الاستثمارية تراجعاً ملحوظاً أدى إلى تراجع معدلات استيعابها القوى العاملة وبخاصة في قطاع الزراعة والتشييد. ودفعت تلك التحولات قسماً كبيراً من مخرجات النظام التعليمي إلى البحث عن أنشطة استيعاب تتناسب مع مؤهلاتها التعليمية والتدريبية المتواضعة نسبياً، فتوجهت نحو أنشطة الخدمات العامة الحكومية وبخاصة قطاع التعليم والأمن والدفاع التي أصبحت مجال الاستيعاب الرئيسي للمتخرجين الجدد، أما القسم الذي توجه نحو القطاع الخاص فتم استيعابه في الأنشطة الهامشية المنخفضة الإنتاجية‏[13].

الجدول الرقم (12)

التوزع النسبي الإجمالي للمشتغلين حسب الأنشطة الاقتصادية في ليبيا للفترة 1970 – 2010

القطاعات الاقتصادية1990 – 19702010 – 1991
الزراعة24.313.9
استخرج النفط والغاز1.82.4
التعدين والمحاجر1.01.3
الصناعات التحويلية11.26.3
الكهرباء والغاز والمياه2.33.1
التشييد والبناء15.312.7
التجارة والفنادق والمطاعم6.17.2
النقل والمواصلات8.37.3
المال والتأمين والمصارف1.42.2
الإدارة العامة8.910.9
الخدمات التعليمية12.618.0
الخدمات الصحية5.17.6
خدمات أخرى7.13.9
مجموع الخدمات33.740.5
مواطنون80.389.9
وافدون19.810.1
مجموع التوظيف100.0100.0

المصدر: التقارير السنوية لمصرف ليبيا المركزي للسنوات المذكورة.

تاسعاً: ارتفاع معدلات البطالة في سوق العمل

شكل ارتفاع معدلات البطالة الصريحة أحد أبرز مظاهر اختلال التوازن في سوق العمل الليبية، فقد شهد هذا النوع من البطالة ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة 1995 – 2011 كما تشير النسب الواردة في الجدول الرقم (13)؛ فبعد أن كانت نسبتها 11 بالمئة من القوى العاملة عام 1995، ارتفعت عام 2011 إلى 26 بالمئة. وتركز هذا النوع من البطالة بين الخريجين وبوجه خاص بين الإناث، حيث بلغت نسبتها 34.26 بالمئة، أما لدى الذكور فبلغت نسبتها 28.34 بالمئة، ولدى الجنسين 27.35 بالمئة. تؤكد النسب المذكورة مدى تفاقم معدلات البطالة بين الشباب وحاملي الشهادات العلمية وهي بطالة الهيكلية، في معظمها، ظهرت نتيجة لضعف مرونة عرض القوى العاملة الماهرة في سوق العمل، والتغيرات في أساليب الإنتاج وفي توجهات السياسة الاقتصادية بعد العام 2008 التي أخذت تتجه نحو الإصلاح الاقتصادي وتقليص دور القطاع العام في الحياة الاقتصادية، واتجهت هذه المعدلات نحو التفاقم بصورة أكبر بعد الثورة نتيجة لظروف عدم الاستقرار السياسي والأمني وتراجع معدلات إنتاج النفط وتراجع الاستثمار وعجز الموازنات وضعف فرص العمل المتاحة في القطاعين العام.

يأتي ذلك في ظل ثقافة اجتماعية تميل نحو تفضيل العمل في الوظائف الحكومية والعمل المكتبي على الأنشطة التي تحتاج إلى جهود مضنية ومهارات، كنشاط البناء والتشييد والصيانة والتصليح، التي تمثل مجالات العمل المتاحة من قبل القطاع الخاص، أن إغلاق أغلب الدوائر والمؤسسات الحكومية بعد سقوط النظام قد دفع أغلب الشباب الخريجين نحو الانخراط في الكتائب والميليشيات المسلحة بسبب الفقر والبطالة، ويمكن تلمس هذه الظاهرة بصورة واضحة في المناطق الشرقية من البلاد التي انطلقت منها شرارة الثورة التي ظلت فيها أغلب المؤسسات والمصالح الحكومية مغلقة تماماً وفي مقدمتها المؤسسات الأمنية والمحاكم والدوائر البلدية التي ظلت مغلقة حتى نهاية العام 2014، أما الجامعات والمدارس الحكومية بمختلف مراحل التعليم فتميز الدوام فيها بالتأرجح وعدم الانتظام. ونلاحظ من الجدول الرقم (14) الاتجاه التصاعدي في معدلات البطالة وخصوصاً بعد عام 2010.

الجدول الرقم (13)

نسب البطالة في ليبيا خلال الفترة (1995 – 2011)

السنة
19952004200520102011
معدل البطالة بالمئة11.217.517.219.526

المصدر: منظمة العمل العربية، الكتاب الدوري لإحصاءات العمل في البلدان العربية للسنوات المذكورة.

الجدول الرقم (14)

معدلات البطالة بين الخريجين حسب الجنس في ليبيا عام 2005

السنةالذكور بالمئةالإناث بالمئةكلا الجنسين بالمئة
200528.3434.2627.35

المصدر: منظمة العمل العربية، الكتاب الدوري لإحصاءات العمل في البلدان العربية 2005.

تاسعاً: تحديات الاقتصاد الليبي بعد الثورة

شهد العام 2011 ظروف الانتفاضة المسلحة، التي أطاحت نظام القذافي في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2011، ورافق تلك الظروف تدهور ملحوظ في إنتاج وتصدير النفط فبلغ 51.0 مليون برميل عام 2011 مقابل 1.77 مليون برميل في 2010، وأدى ذلك إلى تراجع مساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي بواقع 69 بالمئة تقريباً بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فانخفض الناتج المحلي الإجمالي من 74.8 مليار دولار في عام2010 إلى 34.7 مليار دولار في 2011، محققاً نمواً سلبياً بلغ 62 بالمئة، وهذا الأمر، يوضح مدى هشاشة الاقتصاد الليبي، فبمجرد تعطل الآبار المنتجة ومعامل التكرير أو حتى موانئ التصدير انهار الاقتصاد بصورة شبه فورية، وهو ما حدث بالفعل في أثناء المعارك المسلحة‏[14].

وعام 2012 وفور الاستقرار النسبي للأوضاع واستئناف إنتاج وتصدير النفط، قفز الناتج المحلي الإجمالي الليبي إلى مستويات فاقت حجمه قبل قيام الثورة في2011، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي 81.920 مليار دولار محققاً نمواً وصل إلى 104.5 بالمئة في ذلك العام، وذلك بالأساس لعودة الإنتاج إلى مستوياته السابقة بصورة شبه فورية، حيث أنتجت ليبيا 1.45 مليون برميل يومياً في 2012. وإلى جانب ذلك فقد استفادت من الارتفاع الكبير في أسعار النفط في2011 الذي كانت الثورات العربية السبب الأساسي وراءه نظراً إلى المخاوف من انتقال الاضطرابات إلى بلدان الخليج العربي وبالتالي تهديد إمدادت النفط من المنطقة، فوصل سعر سلة أوبك إلى 107.5 دولار في 2011 ثم إلى109.5 دولار في2012‏[15].

ورغم هذا التحسن، إلا أن الأوضاع الأمنية اتجهت نحو التدهور عام 2013 وعام 2014، بعد أن عادت الصراعات المسلحة مرة أخرى إلى الساحة الليبية، سواء بين الجماعات المسلحة التي قاتلت القذافي في 2011 أو بينها وبين أخرى موالية لنظام القذافي، إما لتحقيق مكاسب خاصة أو السعي للسيطرة على البلاد مستغلة التفكك العام وانتشار التسليح. وكانت أولى خطوات بعض الجماعات كما هو متوقع السيطرة على آبار النفط وموانئ التصدير الواقعة في منطقة نفوذها، خاصة في شرق البلاد، ليدخل الاقتصاد الليبي الهش مرة أخرى في مرحلة من التباطؤ، حيث انخفض الإنتاج مرة أخرى في عام 2013 إلى 993 ألف برميل يومياً، وانخفضت الصادرات الليبية بنسبة 39.6 بالمئة عن عام 2012، وبالتالي حقق الناتج المحلي الليبي نمواً سلبياً في عام 2013 بنسبة 9.3 بالمئة مع توقعات بتحقيقه نمواً سلبياً في العام 2014 أيضاً بمعدل 7.8 بالمئة؛ فاستمرار الاضطرابات السياسية والأمنية أدى إلى خفض التوقعات حول إنتاج النفط عام 2014 إلى 0.6 مليون برميل يومياً، أي بانخفاض نسبته 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2013 ‏[16].

إن استمرار تعطل طاقات إنتاج النفط والغاز واستمرار الأزمات في موانئ التصدير من ناحية، المصحوب بزيادة كبيرة في الإنفاقين العام والخاص، وتراجع أسعار النفط عالمياً في نهاية عام 2014، قد أدى إلى استفحال ظاهرة العجز في الموازنة العامة التي تشكل الإيرادات النفطية فيها نحو 96 بالمئة من إجمالي إيراداتها، ونتيجة لذلك حذر المصرف المركزي الليبي من التداعيات والانعكاسات السلبية المباشرة على المالية العامة واحتياطيات الدولة من النقد الأجنبي، معترفاً بصورة غير مباشرة باستنزاف احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية لتعويض النقص في العوائد النفطية.

كما أن تفاقم المشكلات التي واجهت الإنتاج النفطي خلال السنوات الأربع الماضية (2011 – 2014) قد أسهمت في تتحلل البنية الإنتاجية والبنية الأساسية في ليبيا. ومن المرجح أن يزيد ضعف الدولة ومؤسساتها وتآكل الثقة في الحكومة، وتفاقم النقص في الخدمات الأساسية، ولا سيّما القانون والنظام‏[17].

ومن الطبيعي في ظل تلك الظروف أن ترتفع معدلات البطالة وأن تنخفض معدلات استيعاب مخرجات النظام التعليمي إلى حدٍ كبير، مع استمرار التراجع في إمكانية القطاع العام على التوظيف وركود التوظيف في القطاع الخاص. وما لحق بالنشاط الاقتصادي غير النفطي من اضرار من جراء التدمير الذي لحق البنية الإنتاجية والبنية التحتية، واضطراب الأنشطة المصرفية، ومحدودية القدرة على الحصول على التمويل والنقـد الأجنبي، ورحيل الأيدي العاملة الوافـدة.

ومع تفاقم حالة عدم الاستقرار السياسي والعجز في الموازنة العامة وتعطل الطاقات الإنتاجية والخدمية في القطاع العام وتوقف معظم أنشطة القطاع الخاص التي كانت تستوعب قسماً كبيراً من المشتغلين، ازداد الضغط على سوق العمل الليبي. وبدأت السلطات تواجه تحدياً كبيراً في مسألة توليد فرص العمل، للأعداد الكبيرة من الشباب العاطلين من العمل ولا سيّما من مخرجات التعليم، فضـلاً عن الضغط الذي سيولده دخول المرأة إلى سوق العمل بمعدلات أعلى من السابق، واحتمالات عودة العمالة الوافدة إلى التدفق من دول الجوار مع ظهور أي بوادر للاستقرار الأمني والسياسي‏[18].

عاشراً: الاستنتاجات

واجهت عملية المواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل عدداً من التحديات أبرزها:

1 – التخلي عن تخطيط التعليم وتخطيط القوى العاملة والتخطيط الاقتصادي والتوجه نحو تبني سياسات التوسع الكمي في مؤسسات التعليم العالي من دون مراعاة اعتبارات الجودة والمواءمة مع متطلبات سوق العمل.

2 – تدهور نوعية التعليم الأكاديمي: فقد جاءت ليبيا في الترتيب الأخير عالمياً وقبل الأخير عربياً في معظم المؤشرات الخاصة بنوعية التعليم والخاصة بالعام الدراسي 2009 – 2010.

3 – تدهور أداء مؤسسات التدريب المهني التي ظلت تقدم مجموعة من برامج التدريب الجامدة والروتينية وغير الفاعلة مقارنة بالتغييرات المستمرة في شروط ومتطلبات سوق العمل.

4 – هنالك نوع من التعارض بين مسار حركة الإنفاق التابع لإيرادات النفط ومسار أعداد الطلبة التابع لمعدل نمو السكان، أدى إلى تراجع كفاءة الإنفاق على التعليم والتدريب وانخفاض نوعية مخرجات التعليم، وقد ترتب على ذلك انخفاض حصة الطالب الجامعي من الإنفاق على التعليم والتدريب وارتفاع في نسبة أعداد الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس.

5 – أسهم التحول في الهيكل العمري خلال الفترة 1973 – 2006 في زيادة العنصر الشبابي من الأفراد العاملين، وشكلت تلك الزيادة في العنصر الشبابي ضغطاً إضافياً على سوق العمل، الضعيف الاستيعاب للقوى العاملة.

6 – نسبة تمثيل مخرجات التعليم العالي في سوق العمل لا تزال منخفضة جداً مقارنة بالمستويات التعليمية الأدنى وبخاصة التعليم الثانوي والابتدائي، اللذان يتمتعان بنسبة تمثيل تفوق نسبة تمثيل خريجي الجامعات. بعبارة أخرى، فإن نسبة تمثيل مخرجات التعليم العالي في معدلات البطالة أكبر كثيراً من نسبة مشاركتهم في سوق العمل.

7 – يفضل الطلبة الليبيون الأقسام النظرية (الكليات الإنسانية) على الأقسام التطبيقية (الكليات العلمية)، وأسهم هذا الاتجاه في تعميق حالة الاختلال بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، كما أفضى إلى انخفاض إنتاجية العمل وتراجع العائد الاقتصادي الفردي والاجتماعي للتعليم، فضـلاً عن الآثار السلبية التي تركتها على الموازنة بعد أن أضيفت إليها أعباء جديدة نتيجة التزام الدولة بتعيين هؤلاء الخريجين الذين لا يتم استيعابهم في سوق العمل. وفي النهاية فإن التوجه نحو التوسع في الأقسام الإنسانية قد عمّق مشكلة الاختلال في الموازنة العامة بين النفقات التشغيلية والنفقات الاستثمارية.

8 – أدت هيمنة القطاع النفطي على المساهمة الرئيسة في الناتج المحلي وضعف مساهمة قطاعات الإنتاج غير النفطي إلى بروز ظاهرة النمو الضعيف للناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير النفطي، وقد تفاقم هذا الاتجاه نتيجة تدني الاستثمارات وضعف إنتاجية عنصر العمل وعنصر رأس المال بسبب قيود الطاقة الاستيعابية للاستثمار.

9 – أدت هيمنة القطاع العام على سوق العمل والضمانات الوظيفية التي يمنحها هذا القطاع، إلى انقسام هذه السوق وظهور الطلب المفرط على وظائف القطاع العام، ما أدى إلى تخصص النظام التعليمي بتجهيز الكوادر الوظيفية المطلوبة للالتحاق بجهاز الخدمة المدنية، وأسهم ذلك التوجه في النهاية في ارتفاع معدلات البطالة المقنَّعة والصريحة، وانخفاض إنتاجية العمل، وظهور الاختلالات الكمية في تركيب القوى العاملة، وبخاصة الاختلال في توزيعها بين القطاعين العام والخاص، والاختلال في توزيعها بين الأنشطة السلعية والخدمية، فضـلاً عن ضعف معدلات مشاركة المرأة الليبية.

10 – تبين من نتائج الدراسة أن النسبة الكبرى من مخرجات التعليم قد أسهمت في تكريس ظاهرة الاختلال في سوق العمل وتعميق حالة التوسع غير الإنتاجي للأنشطة الخدمية والهامشية، وشيوع ظاهرة البطالة المقنعة. ويرتبط استفحال هذا الاتجاه بالعوامل الآتية: (أ) الصعوبات التي واجهت القسم الأعظم من مخرجات العلوم الإنسانية والاجتماعية في الدخول إلى سوق العمل. (ب) دفعت العادات والتقاليد الاجتماعية بقسم كبير من القوى العاملة إلى العزوف عن العمل في القطاع الخاص وتفضيل الأنشطة الخدمية في القطاع العام. (ج) وصول طاقات استيعاب الأنشطة الخدمية الحكومية إلى نقطة التشبع. (د) إن عملية التوظيف في الأنشطة الخدمية الحكومية لا تقوم على الحساب الاقتصادي للعوائد والتكاليف، وتعطي الأولوية للاعتبارات الاجتماعية، وأدت هذه العوامل إلى تراكم خريجي الجامعات، بمختلف اختصاصاتهم في الأنشطة الخدمية الحكومية وبخاصة قطاع الإدارة العامة والدفاع وقطاع التعليم.

11 – تبين من نتائج الدراسة وجود اختلال في التركيب المهني، يعود إلى تركز معظم المشتغلين في المهن الإدارية والكتابية وقلة وجودهم في المهن الإنتاجية.

12 – تأثرت توجهات السياسة التعليمية بظروف الموازنة العامة التي تأثرت بدورها بظروف الإيرادات النفطية، ما أدى إلى تراجع التخصيصات الاستثمارية لجميع القطاعات بما في ذلك قطاع التعليم، والتركيز على الإنفاق على تغطية متطلبات الشق الجاري من الإنفاق المتمثل بمرتبات المعلمين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، وضعف معدلات الإنفاق على النواحي ذات الصلة برفع مستوى كفاءة التعليم.

13 – أدت التوترات السياسية والاضطراب الأمني في مرحلة ما بعد الثورة في عام 2011 وما رافقها من تراجع في إنتاج النفط والغاز وتعطل موانئ التصدير وركود أغلب الأنشطة في القطاعين العام والخاص، إلى فرض المزيد من الضغوط على سوق العمل، فضـلاً عن الضغط المستقبلي الذي سيتولد من دخول المرأة إلى هذه السوق بمعدلات أعلى من السابق، واحتمالات عودة العمالة الوافدة إلى التدفق من دول الجوار مع ظهور أي بوادر للاستقرار الأمني والسياسي.

مقترحات

إن أي رؤية مستقبلية تهدف إلى التغلب على التحديات التي تواجه مخرجات التعليم في سوق العمل الليبي، تـستوجب اتخاذ الإجراءات والتـدابير الكفيلة بتحقيق مجموعة الإصـلاحات الاقتصادية الهيكلية التي من شأنها تقليل الاعتماد على قطاع النفط والغاز وتنويع أنشطة الاقتصاد وصولاً إلى زيادة المرونة التشغيلية للأنشطة الاقتصادية، لزيادة قابليتها على استيعاب مخرجات النظام التعليمي في المجالات المرتفعة الإنتاجية، ولأجل المساهمة في هذا التوجه تتقدم الدراسة بعدد من المقترحات التي يمكن أن يسترشد بها صانع القرار، ومن أهمها:

1 – اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة برفع معدلات النمو في قطاعات الإنتاج غير النفطي لضمان تنويع مصادر الناتج المحلي الإجمالي وزيادة المرونة التشغيلية لقطاعات الإنتاج لتعزيز فرص التشغيل، لخفض معدلات البطالة بين الخريجين.

2 – اتخاذ التدابير والإجراءات الكفيلة بتصحيح الاختلال الحالي بين التوسع في التخصصات الإنسانية والتخصصات العلمية، ومراعاة حاجات سوق العمل من الكوادر الفنية المتخصصة.

3 – تدعيم نظام المعلومات عن القوى العاملة وتنشيط دور مكاتب التشغيل التي تتولى مهمة التنسيق بين الأجهزة الحكومية والأنشطة الاقتصادية لتحديد حاجات سوق العمل من مختلف التخصصات والمهن الجديدة.

4 – التنسيق المستمر بين عملية التخطيط للتعليم وتخطيط القوى العاملة والتخطيط الاقتصادي لصياغة المقترحات الكفيلة بتحقيق التوافق بين شروط سوق العمل ومخرجات النظام التعليمي.

5 – الاهتمام بالنواحي النوعية للتعليم ورفع كفاءته الداخلية وعدم التركيز على التوسع الكمي.

6 – دعم القطاع الخاص إلى رفع نسبة مشاركته في النشاط الاقتصادي وزيادة قابليته على استيعاب القوى العاملة.

7 – النهوض بدور المشروعات الصغيرة لقابليتها لاستيعاب القوى العاملة.

8 – إتاحة فرص التدريب والتأهيل للقوى العاملة لممارسة المهن الإنتاجية في القطاع الخاص.

9 – بذل الجهود لتطوير آليات عمل القطاع غير المنظم، لزيادة استيعاب القوى العاملة لامتصاص جزء من البطالة التي ستنجم عن إعادة الهيكلة في الاقتصاد الليبي.

10 – ضرورة العمل على إعادة تأهيل قوة العمل المتراكمة في قطاعات الخدمة المدنية وفي أنشطة القطاع العام وتوزيعها على المواقع الإنتاجية وتخليص سوق العمل من البطالة المقنّعة، إلى جانب إعادة النظر في سياسات التعيين في القطاع العام لضمان عدم تجاوز التعيينات للحاجات و/أو القدرات المالية لدى هذا القطاع. تمهيداً للتخلص التدريجي من نموذج دور القطاع العام كصاحب العمل الأول والأخير، ولتحفيز الداخلين المرتقبين إلى سوق العمل على التوجه بصورة متزايدة نحو سوق العمل الخاص.

11 – تحسين وإعادة توجيه النظام التعليمي لمعالجة أوجه عدم التوافق بين مهارات ومؤهلات المتخرجين وحاجات سوق العمل. من خلال تحسين درجة اتساق المناهج الدراسية مع حاجات القطاع الخاص من المهارات والمؤهلات، ويمكن في هذا الصدد اتخاذ منهج للشراكة مع مجتمع الأعمال من أجل إصلاح المناهج الدراسية، وزيادة تحفيزها عن طريق زيادة المساءلة العامة للمدارس بمنح المواطنين آليات كافية للتأثير في أهداف التعليم وأولوياته وتخصيص الموارد إضافة إلى ربط تعيين موظفي الحكومة بالإنتاجية والمهارات الفردية بقدر أكبر من ربطه بالشهادات الذي سيوفر الحوافز لإعادة توجيه النظام التعليمي نحو مناهج دراسية أكثر إنتاجية.

12 – إن القدرة على مواجهة التحديات التي برزت بعد الثورة ستعتمـد علـى مدى قدرة وجدية القادة الجدد في معالجة عدد مـن القضايا المهمة من أبرزها:

أ – مواجهة التكلفة الاقتصادية والبـشرية للثورة وإعـادة الأمن والخـدمات الأساسية في جميع أنحاء البلاد، فهذه التحركات سوف تخلـق الثقـة فـي الحكومة الجديدة.

ب – تسخير موارد الدولة النفطية بنجـاح وإنشاء نظام شفاف لمنـع الـصراع عليها.

ج – التغلب على التركـة الاقتـصادية التي ورثتها الثورة مـن النظام السابق، التي تتمثل بسياسة الاعتماد المفرط علـى إيرادات النفط من خلال تبني استراتيجية للتنمية الشاملة والتنويع الاقتصادي، وإرساء بيئة اقتصادية محفزة لنمو اكثر استدامة تسمح بتوسيع مشاركة القطاع الخاص وبقوة في النشاط الإنتاجي من أجل النهوض بدور قطاع الإنتاج غير النفطي.

د – تنفيذ منظومة إصلاحات من خلال بناء مؤسسات جديدة على أسس قوية ترسخ دولة مؤسـسات ذات سيادة للقانون وحريات فـي جميـع المجــالات السياســية والاجتماعيــة والاقتصادية.

هـ – مواجهة تحدي إصلاح النظام التعليمي، والاهتمام بالتنمية البشرية لتوليد رأس مال بشري وطني يقود الدولة نحو الازدهار الاقتصادي والتقدم الاجتماعي. وهذا الأمر يستلزم التشديد على نواحي الجودة والنواحي النوعية.

 

قد يهمكم أيضاً  ليبيا من الثورة إلى اللّادولة

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #التعليم_في_دول_المغرب_العربي #النظام_التعليمي_في_ليبيا #البطالة_في_ليبيا #العمل_في_ليبيا #الشغل_في_ليبيا #الاقتصاد_الليبي