في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 1973، أي في اليوم الرابع لحرب العاشر من رمضان، وفي ذروة التقدم العسكري الذي كان الجيشان المصري والسوري يحققانه على الجبهتين الغربية والشرقية، قرّرت القيادة العليا في مصر آنذاك، إيقاف الهجوم على الجبهة المصرية، بعد عبور الجيش المصري قناة السويس مخترقًا خط بارليف إلى عمق نحو 10كم. وقد أدى هذا التوقف، الذي كان مفاجئًا لشريك مصر السوري في تلك الحرب، إلى تبدّل المشهد على كلتا الجبهتين المصرية والسورية، من بشائر نصر ممكن في معركة إزالة آثار العدوان واستعادة الأراضي المحتلة عام 1967 إلى فشل عسكري في استعادة الجولان وسيناء، مع تحقيق إنجاز محدود قام به الجيش المصري بعبور قناة السويس، إنجاز رمزي أراد منه الرئيس المصري أنور السادات أن يكون بابًا يعبر منه إلى «السلام» مع الكيان الصهيوني، ولو بحل منفرد، كان بمنزلة انقلاب في المشهد العربي دخل النظام الرسمي العربي معه في عصر من التراجعات الكبرى والانقسامات والحروب والتنازلات أدت إلى ما أدت إليه من استباحة للأرض العربية وقواها التحررية أو الممانعة للسياسة الأمريكية في المنطقة، ومن اندفاع نحو التطبيع المجاني مع إسرائيل من جانب دول باتت هي الممسكة بصنع القرار في هذا النظام الرسمي العربي، بعد تحييد مراكز الثقل العربية بطريقة أو بأخرى عن مركز القرار.

كان ذلك الخروج لمصر من الصراع العربي – الإسرائيلي فاتحة لاستقواء إسرائيل والولايات المتحدة على من تبقى من حكومات عربية متمسكة بتحرير الأراضي العربية المحتلة، أو الأراضي المحتلة عام 1967 على الأقل، ومن قوى تحرر عربية ما زالت تناضل من أجل تحرير فلسطين من البحر إلى النهر أو تدعم المقاومة الفلسطينية بطريقة أو بأخرى، فراحت إسرائيل تشن العدوان تلو العدوان، وتخوض الحرب تلو الحرب، فاستهدفت مواقع في السودان أكثر من مرة (2009، 2011، 2012) بحجة وجود أسلحة تنقل إلى المقاومة الفلسطينية، وهي تستبيح أرض سورية في السنوات العشر الأخيرة على الأقل، كما استباحت أرض العراق في تموز/ يوليو 1980 لمنعه من تحقيق أي تفوق تكنولوجي يمكن أن يكون له انعكاسات على قدراته العسكرية، وهي اجتاحت لبنان عام 1982 بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية، وإدخال لبنان في دائرة الدول العربية المطبِّعة معها، وبالتالي طعن سورية في خاصرتها الغربية وتضييق الحصار عليها للقضاء على أي تهديد لها في دول الطوق. نجحت إسرائيل في الهدف الأول، فأخرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان كآخر ساحة عربية متاحة أمام هذه المقاومة للاحتكاك العسكري المباشر مع إسرائيل. لكنها لم تنجح في تطبيع العلاقات مع لبنان أو في جعله كيانًا ملتحقًا بالمحور الغربي ومعاديًا لسورية ومهددًا لأمنها ودورها.

وما كانت إسرائيل تعجز عن تحقيقه في هذا الصراع كانت الولايات المتحدة تتكفل القيام به مباشرة، فكانت حرب الخليج الثانية وما استتبعها من مشاريع تسوية لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي وإنهاء القضية الفلسطينية. وأخطر ما حققته الولايات المتحدة وإسرائيل على هذا الصعيد كان إخراج الجيش العراقي من دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي كثاني قوة عسكرية عربية بعد مصر؛ ثم مسار التسوية الذي سِيْق العرب إليه، وما أسفر عنه من اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي تمثل حركة فتح عمودها الفقري، فأخرج هذا المسار حركة فتح وبعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية عمليًا من دائرة الصراع العربي – الإسرائيلي، بعدما اعترفت المنظمة بإسرائيل رسميًا وتخلت عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في أراضي الـ48، وفتحت الطريق أمام ما تبقى من دول صديقة للقضية الفلسطينية في العالم لكي تنكفئ وتقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل مانحة إيّاها شرعية دولية غير مسبوقة، على الرغم مما تمثله هذه الدولة من مشروع استيطاني عنصري أخذ يزداد عدوانية وإنكارًا لحقوق الشعب الفلسطيني، حتى في الأراضي المحتلة عام 1967. وانتهى الأمر بمسار أوسلو وما أنتجه من سلطة فلسطينية مسخٍ مسلوبةِ الإرادة والسيادة والقرار، أن تدحرجت كرة التطبيع العربي مع إسرائيل وصولًا إلى انخراط دول عربية في صفقة القرن التي كانت على وشك إعلان تصفية القضية الفلسطينية ومحو فلسطين كل فلسطين عن الخريطة السياسية للشرق الأوسط.

لكن في مقابل هذا الانحدار في النظام الرسمي العربي وانسحابه التدريجي من القضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي كانت الساحة العربية – الإسلامية تشهد على المستوى الشعبي ولادة نماذج جديدة من المقاومة الشعبية المسلحة للعدو الإسرائيلي والقوات الأمريكية والغربية في المنطقة، انطلاقًا من الساحة اللبنانية في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي وقوات الحلف الأطلسي التي اندحرت من لبنان مهزومة على مراحل وصولاً إلى عام 2000، حين أرغمت إسرائيل على الانسحاب من لبنان بعد خسائر فادحة أصابت الجيش الإسرائيلي بفعل عمليات المقاومة، بل كان ذلك الاجتياح  بمنزلة الانطلاقة لإعادة استنهاض وتجديد أدوات قوى التحرر والمقاومة في لبنان، ثم في فلسطين، ثم في العراق وفي ساحات عربية أخرى، لكن بدعم إيراني هذه المرة، بعد غياب عبد الناصر ودوره المحوري في دعم المشروع التحرري على الساحة العربية.

* * * * * * *

نحو نصف قرن مضت على هذا المشهد، لتندلع في فلسطين اليوم (أيار/ مايو 2021)، قبيل إعلان تصفية القضية الفلسطينية، من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية، حربُ رمضان الثانية، سيف القدس، ولتفرض معادلة جديدة على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية، ربما، إذا أُحسن البناء عليها، تُحدث انقلابًا جديدًا في المشهد الفلسطيني، يعيد إنعاش القضية الفلسطينية، ويغير، أو يضع حدًا على الأقل، للمسار الانحداري تجاه إسرائيل الذي دخل فيه النظام الرسمي العربي منذ حرب رمضان الأولى 1973.

فماذا حققت هذه الحرب، وكيف يمكن البناء عليها وما المخاطر التي تهدد إنجازاتها؟

صحيح أن حرب رمضان الثانية، أو عملية سيف القدس، ليست الحرب الأولى بين قوى المقاومة الفلسطينية في غزة والعدو الإسرائيلي، فقد سبق للمقاومة هناك أن واجهت أكثر من ثلاث حروب شنتها إسرائيل ضد القطاع (2008، 2012، 2014)، كانت المقاومة تخرج من كل منها بعزم أقوى وبخبرة أكبر، وتُراكِم بين الجولة والجولة عملًا تنجز المقاومة معه المزيد من التحصينات والسلاح والتنظيم والإدارة الأكثر تقدمًا كمًّا ونوعًا. لكن ما ميّز هذه الحرب الأخيرة أنها لم تكن مجرد رد على عدوان عسكري إسرائيلي، بل كانت ردًا على كل المسار الذي شهدته الساحة الفلسطينية والعربية في نصف القرن الماضي، منذ حرب رمضان الأولى (تشرين الأول/ أكتوبر 1973) حتى اليوم، وعلى كل ما سبّبه ذلك المسار من تهشيم وتحطيم في عناصر قوة القضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي. وإذا كان من الصعب تقديم عرض مفصّل لهذه النتائج في حدود هذه الافتتاحية فيمكن على الأقل تحديد العناوين العريضة لهذه الإنجازات:

– كشف زيف معادلة التفاوض السلمي كخيار وحيد لحل القضية الفلسطينية، وهي المعادلة التي أسست لها اتفاقية سيناء الثانية (1975) بين مصر وإسرائيل والتي تعهد كل من طرفيها بعدم استخدام القوة أو التهديد بها أو الحصار العسكري في مواجهة الطرف الآخر، وهي المعادلة التي أسست لكل مسار المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل وأدت إلى ابتلاع إسرائيل معظم الأراضي المحتلة عام 1967، وسيرها في إجراءات جعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وتهويد الأراضي المحتلة عام 1948 وقطع الطريق على أي كلام على حق العودة. وبالتالي تأكيد قاعدة أن المقاومة المسلحة هي الطريق الأقرب لتحرير الأراضي المحتلة.

– إعادة ترميم وتوحيد ساحات الشعب الفلسطيني، فهذا التشابك والتفاعل بين مختلف الساحات الفلسطينية مع ما يحدث في الشيخ جراح والقدس والمقاومة المسلحة في غزة وحرب سيف القدس، لم يكن على هذا المستوى من التكامل والاندفاع في أي حرب سابقة، سواء لناحية إعادة انخراط أبناء الأراضي المحتلة عام 1948 في الاحتجاج والتظاهر أم في ربط المقاومة في غزة إطلاقها الصواريخ بما يحدث في المسجد الأقصى والشيخ جراح. وإن دل هذا التشابك على شيء فهو يدل على تجذر الهوية الوطنية لدى الشعب الفلسطيني في كل ساحاته، من فلسطينيي الـ67 إلى فلسطينيي المخيمات والشتات وصولاً إلى فلسطينيي الـ48 تحديدًا، الذين رغم كونهم الأقرب جغرافيًا إلى فلسطين فهم كانوا بعيدين من مدارك القوى السياسية والمثقفين والأكاديميين ومراكز الدراسات الفلسطينية، أو العربية؛ فقد كان هناك شيء ينمو وينضج وسط فلسطينيي الداخل عجزت القوى والجهات عن رصده والتفاعل معه.

– تهشيم صورة إسرائيل كضحية وكدولة ديمقراطية، فإسرائيل طالما برعت في استخدام المنابر الثقافية والإعلامية والدبلوماسية والأكاديمية لتقديم نفسها إلى العالم بوصفها الضحية، سواء ضحية الهولوكوست من جهة، التي نجحت إسرائيل في صناعة سردية مضخمة إلى حد الخرافة حولها جعلت منها قضية خارج أي شك أو نقاش، أو ضحية العنف والتهديد الإرهابي الفلسطيني والعربي والإسلامي لها من جهة أخرى، ووقوفها الدائم موقف الدفاع عن النفس في وجه هذا التهديد… لكن هذه الحرب، مع إفراط إسرائيل في استهداف المدنيين  بمن فيهم النساء والأطفال في قطاع غزة، وإفراطها في قمع المتظاهرين الشباب في مختلف مناطق الـ67 والـ 48، وتهديد المواطنين الفلسطينيين في القدس بطردهم من أحيائهم وبيوتهم، ونجاح الجيل الشاب في فلسطين، وبخاصة في أراضي الـ48، في نقل صورة واضحة عن العدوانية الإسرائيلية إلى كل العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كل ذلك ساهم في إحداث تمزقات في الصورة المزيفة التي تقدمها إسرائيل عن نفسها بوصفها الضحية وبوصفها دولة ديمقراطية، وكشفت الوجه الحقيقي لها ولو جزئيًا حتى الآن، وهو وجه الجلاد العنصري الإرهابي المجرم المستعد لارتكاب أي عمل إجرامي إفرادي أو جماعي من دون الشعور بالذنب أو بالخشية من أي محاسبة دولية. إن العالم قد بدأ فعلاً يشهد تحولًا نوعياً في صناعة الرأي العام؛ والصورة النمطية التي قدمتها الاستشراقية الصهيونية في الغرب عن القضية الفلسطينية، ومن مقولة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» أصبح ممكنًا كسرها في عصر ما بعد وكالات الأنباء والعلاقة الأحادية البعد بين الإعلام والجمهور (مرسل - متلقٍّ) في عصر «السوشال ميديا».

كل ذلك فتح نافذة واسعة أمام القضية الفلسطينية على العالم، فاستكمالًا لما سبق نجحت أنشطة الشباب الفلسطيني في مختلف الساحات الداخلية والخارجية على وسائل التواصل الاجتماعي في إعادة تقديم القضية الفلسطينية كقضية محقة على الساحة العالمية وسط الكثير من وسائل الإعلام والناشطين ومنظمات المجتمع المدني.

– نقل الحرب إلى عمق الكيان الصهيوني وبالتالي انكشاف أمن الكيان الإسرائيلي مجتمعًا ومؤسسات وبنى تحتية، إذ لم تعد إسرائيل قادرة على خوض الحرب في أرض الخصم فقط، بفضل تطور القدرة الصاروخية لدى المقاومة إلى الحد الذي بات يهدد بإمكان استهداف أي منطقة جغرافية داخل الكيان الإسرائيلي، بما فيها من مواقع عسكرية وأمنية ومنشآت اقتصادية، ومواقع سكنية.

– كشف بعض نقاط ضعف الجيش الإسرائيلي: افتقاره إلى المعلومات وضعف بنك الأهداف العسكرية لديه عن المقاومة في غزة، وعدم تجرُّئه على خوض غمار حرب برية.

– توجيه ضربة قوية لخيار التطبيع، فكل الأجواء التي كانت سائدة في المنطقة في السنوات الماضية، التي كانت توحي بأن المناخ العام في المجتمعات العربية لم يعد يكترث للقضية الفلسطينية، وأن هذه القضية لم تعد تمثل القضية المركزية بالنسبة إلى العرب حكومات وشعوبًا، بعدما بات أكثرية العرب يرون أن العدو الحقيقي للعرب هو إيران لا إسرائيل، كل هذه الأجواء انكشف مدى زيفها والمبالغة المقصودة في تضخيمها، لتبرير سياسات التطبيع التي سارت بها بعض الدول العربية على مختلف الصعد الاقتصادية والسياسية والثقافية.

– إعادة تحريك الشارع العربي ولو في حدود: عقب الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية التي عمت الساحة العربية في السنوات العشر الأخيرة في ما يسمى الربيع العربي التي كان يُنتظر منها أن تصحِّح خطأ اتفاقية سيناء الثانية وما تبعها من مسار انحداري في الصراع العربي – الإسرائيلي، طغت القضايا المطلبية والمشكلات المجتمعية المحلية على اهتمامات المواطنين، وبخاصة الناشطون منهم في كل بلد عربي على حدة، وانكفأ الاهتمام أو التفاعل الجماهيري العربي مع القضايا الكبرى، وبخاصة القضية الفلسطينية، بعدما مثّلت القضايا المعيشية كالفقر والبطالة والحريات العامة، الدوافع الرئيسية لانطلاق تلك الاحتجاجات، وهو ما ساهم في خلق مزاج عام في كل مجتمع عربي تطغى عليه الهموم المحلية. لكن ما حدث في القدس وما تبعه من حرب في غزة دفاعًا عن القدس والأقصى، أعاد تحريك المشاعر العربية والحسّ الجماهيري المتعاطف مع القضايا العربية المركزية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقدس لما تحمله من رمزية دينية وقومية.

ماذا بعد؟

كل هذا الحراك الذي شهدته وتشهده الساحة الفلسطينية بكل مستوياتها، في الداخل (48، 67، الضفة، القدس الأقصى، غزة) والخارج (الشتات والمخيمات والحدود)، والذي تُوج بحرب سيف القدس، عبّر عن تحولات نوعية تشهدها الساحة الفلسطينية في الرؤية والوعي (وبخاصة على مستوى الـ 48) والموقف والقوة العسكرية وآليات العمل الشعبي والشبابي، فساهمت هذه التحولات في تحقيق إنجازات ميدانية مادية ومعنوية إذا ما أُحسن البناء عليها يمكن أن يتم الانتقال في القضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي من موقع إلى آخر أكثر تجذرًا وقوةً وأكثر قدرة على تحقيق الانتصارات وكسب التأييد على المستويين العربي والعالمي.

انطلاقًا من ذلك، وإذا ما اتفقنا على أن تحرير فلسطين وجميع الأراضي العربية المحتلة وإسقاط المشروع الصهيوني لا يمكن أن يتحقق من دون استخدام القوة المسلحة كعنصر أساسي في عناصر القوة الشاملة المطلوبة، فهذا يعني أن المقاومة الفلسطينية وجميع قوى المقاومة العربية والإسلامية، تحتاج إلى تحقيق مزيد من التقدم النوعي في ترسانتها العسكرية، وبخاصة في سلاح الدفاع الجوي بهدف تحييد سلاح الجو الإسرائيلي قدر الإمكان، مقابل تعزيز القوة الصاروخية والطائرات من دون طيار، التي يمكن أن تعوض النقص أمام التفوق الإسرائيلي في سلاح الجو. وقد أظهرت الحرب الأخيرة أن المقاومة في غزة تمتلك ترسانة صاروخية يغطي مداها أي نقطة في فلسطين المحتلة، وهو ما جعل كل المدن والمناطق في الأراضي المحتلة عرضة لصواريخ المقاومة، الأمر الذي وضع كل الكيان الصهيوني تحت التهديد. لكن أظهرت تجربة هذه الحرب أيضًا أن الترسانة الصاروخية في غزة يجب أن تتحول إلى الجيل الجديد من الصواريخ الموجّهة والدقيقة، التي يمكن أن تغير معادلة الحرب كليًا، فآلاف الصواريخ التي أطلقتها المقاومة في هذه الحرب لو كان جزء منها على الأقل من الجيل الجديد، الموجّه والدقيق، لكان مشهد الدمار في أهم المواقع الحساسة والاستراتيجية في الكيان الصهيوني مختلفًا كليًا، وبالتالي كان وجود الكيان مهدّدًا على مستوى مختلف.

كما أظهرت هذه الحرب أن الدور المتكامل بين القوة العسكرية والمواجهة الشعبية على الأرض، وبخاصة في الأراضي المحتلة عام 1948، المترافقة مع حملة دعائية شملت العالم كله على وسائل التواصل الاجتماعي، ومع حملة تضامن وتظاهرات غطت شوارع مئات المدن في العالم أعطت القضية الفلسطينية زخمًا عالميًا غير مسبوق في العقود الأخيرة، ومست بصورة إسرائيل المزيفة التي طالما عملت على بنائها وإقناع الرأي العام العالي بها، وبات من الضروري تنشيط هذه الحملة لتحطيم هذه الصورة، وهو أمر يفتح من دون شك آفاقًا جديدة واسعة أمام خلق رأي عام عالمي متعاطف مع القضية الفلسطينية سيؤثر مع الوقت في كثير من صناع القرار في مختلف بلدان العالم، وبخاصة أن هذه القضية محقة مقابل مشروع صهيوني عنصري استعماري اقتلاعي يعيش تناقضاته ومأزقه الذي لا بد أن يتعمق مع الوقت.

لكن نجاح هذا المشروع مرتبط بوجود السلطة الفلسطينية، التي ساهمت بتدمير القضية الفلسطينية على مدى نحو ثلاثة عقود، وهي اليوم باستمرار رهاناتها الخاطئة ستعيق أي محاولة لاستثمار ما يحصل في فلسطين من إنجازات وتحولات تاريخية، وبخاصة على مستوى تغير الوعي الشعبي في أوساط الشعب الفلسطيني في أراضي الـ 48، الذي أعطى القضية الفلسطينية آفاقًا جديدة تتجاوز كل المشاريع والرهانات التسووية المجتزأة وغير العادلة للقضية الفلسطينية. لذا إن إنهاء ما يسمى السلطة الفلسطينية التي تجاوزها الزمن بات مسألة ملحّة، لإطلاق ثورة فلسطينية جديدة، عسكرية ومدنية وثقافية وتربوية، تكون جزءًا من تحالف عربي – إسلامي – أممي واسع، قادر على وضع القضية على الطريق الصحيح نحو إسقاط المشروع الصهيوني وكيانه الاستعماري العنصري.

 

اقرؤوا أيضاً  انتفاضة القدس 

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #القضية_الفلسطينية #الصراع_العربي_الإسرائيلي #سيف_القدس #المقاومة_الفلسطينية #السلطة_الفلسطينية #دور_وسائل_التواصل_الاجتماعي_في_دعم_القضية_الفلسطينة

#الأراضي_المحتلة_48 #المقاومة_العربية #إطلاق_الصواريخ #الترسانة_الصاروخية_للمقاومة #الثورة_الفلسطينية