مقدمة:
لم يتم الاهتمام بالقانون الدولي للأنهار الدولية إلا حديثاً، عندما بدأت تتعقد العلاقات الدولية المتعلقة باستخدام مياه الأنهار الدولية، إذ لم تكن استخداماتها واستغلالها من الأهمية بحيث تتطلب تنظيماً دولياً؛ إذ كانت حاجات الناس محدودة، وكان التطور العلمي والفني في مراحله الأولى من التقدم، ومن ثم انحصرت الاتفاقيات التي أبرمت في تنظيم الملاحة في الأنهار الدولية. وبالنظر إلى اتفاقيات حوض النيل، لا يوجد إطار قانوني جامع مانع يحدد بوضوح ومتفق عليه مختلف المسائل الإجرائية، وينظم بدقة سائر الشؤون القانونية للنظام الهيدرولوجي لهذا الحوض[1].
تصاعدت وتيرة الخلافات بين دول «المنبع» ودول «المصبّ» عندما أعلنت دول المنبع توقيعها اتفاقية عنتيبي (2010) بأوغندا – في غياب دولتَي المصبّ – متَنَكّرةً لجميع الاتفاقيات المنظِمة والمقرِّرة لحقوق مصر التاريخية في تلك المياه، مع تحرك صهيوني ماكر ودائب في تلك الدول للتأثير في حصة مصر من مياه النيل، وقد تمثلت نقاط الخلاف الرئيسية بمطالبة دول المنبع إعادة النظر في الاتفاقيات القديمة، بدعوى أن الحكومات القومية لم تبرمها ولكن أبرمها الاحتلال نيابة عنها، بالإضافة إلى المطالبة بالاستغلال المتساوي لحوض النيل، والحاجات المائية المتزايد لبعض دولها، بل هددت بتنفيذ مشروعات مائية دون إخطار دول المصبّ، وفي المقابل كانت مواقف دول المصبّ تتمثل بعدم توقيعها الاتفاقية الإطارية عنتيبي (2010) حتى يؤخذ بنظر الاعتبار المطالب المصرية الثلاثة المتمثلة بالإخطار المسبق والإجماع على القرارات بأن تكون الأغلبية بوجود مصر والسودان واحترام الاتفاقيات التاريخية، بينما ترى دول المنبع هذه المطالب غير مقبولة وتمثل إجحافاً بحقوقها المائية.
إن غياب الإطار القانوني الجامع الذي يحظى بقبول الجميع يفتح مجالاً للصراع المائي الدولي بين دول حوض النيل. وسوف نستعرض ذلك من خلال عرض الاتفاقياتالمبرمة بين دول حوض النيل وتحليلها ثم بيان كيف يفتح ذلك مجالاً للصراع وما هي مجالاته وثمنه، وبالمقابل ما هي أثمان التنسيق والتعاون في حال الوصول لحلول ترضي جميع الأطراف المتنازعة؟
في ضوء ما سبق تحاول الدراسة البحث في تساؤل رئيسي حول تتبُّع مسار وتطوُّر النزاع القانوني القائم بين دول المنبع ودول المصبّ وحول مآلات هذا النزاع والتنبؤ باتجاهاته؛ وهل النزاع حقيقة متعلق بحاجة دول المنبع للمياه لمواجهة الجفاف والفقر كما تزعم؟ أم لأسباب مفتعلة تُستغل المياه فيه كورقة ضغط؟ وهل للقوى الخارجية دور حقيقي في إشعال نار النزاع؟ وهل بالإمكان التوصل إلى مقاربة حقيقية ترضي جميع الأطراف المتنازعة واتباع نهج رابح… رابح.
أولاً: القواعد والأطر المنظمة لاستخدام مياه الأنهار
مياه الأنهار العابرة للحدود هي تلك التي تقع في المجرى المائي الدولي، الذي يعبر حدوداً دولية لأكثر من دولة أو يفصل الحدود بينهما، فتصبح تلك المياه مشتركة بين الدول المتشاطئة بغرض الملاحة والشرب والري… إلخ، وهو ما تعارفت عليه دول الأنهار العابرة للحدود فلم تدعِ دولة أنها تمتلك النهر وتمنع الآخرين من استخدامه، لأن في ذلك تعدياً على حقوقها[2].
تعددت النظريات الفقهية الناظمة للانتفاع بالنهر الدولي التي حاولت أن تؤصل لحقوق الدول النهرية المتشاطئة، واختلفت فيما بينها، فمنها من حاول أن يُغلّب مصالح دول المنبع، ومنها من غلّب مصالح دول المصبّ، ومنها من حاول تحقيق مصالح الدول المشاركة في مياه النهر كافة.
لكن، على الرغم من هذا التعدد، يظل استغلال الأنهار الدولية، وتحديد حصص الدول المشاطئة للنهر، خاضعاً للأحكام العامة للقانون الدولي المكتوبة أو المستقرة عرفاً، ما لم تكن هناك اتفاقيات خاصة ثنائية أو جماعية بين دول مجرى النهر تنظم هذه الأمور، حيث تكون لها الأولوية في التطبيق، أخذاً بمبدأ أن الخاص يجبّ العام، والتزاماً بمبدأ قدسية العهود والمواثيق، ولما كان الواقع يشير إلى اختلافات لا حصر لها في الظروف والأحوال والاعتبارات المحيطة بكل نهر دولي عن سواه من الأنهار الدولية، بحيث إن كل نهر منها يعدّ نموذجاً فريداً في ذاته، وإنْ تشابه في بعض الجوانب مع غيره، فإنه يكون من البديهي ألّا تكون هناك قواعد قانونية دولية موحدة تصلح للتطبيق على كل الأنهار الدولية في آن واحد، وإنما قواعد عامة يأخذ منها ذوو المصلحة ما يرونه ملائماً، ويدَعون ما يرونه غير ملائم، ومن ثم، فقد كان العرف الدولي هو المصدر الأكثر قدرة على تقديم هذه القواعد العامة[3].
ثانياً: الإطار القانوني لتنظيم مياه النيل
إن الشراكة في استخدام المياه هي المبدأ الذي تعارفت عليه شعوب حوض نهر النيل منذ حقبة قديمة، إذ لم تكن هناك دولة تدّعي ملكية النهر وتمنع الآخرين من استخدامه.
وقد عانت دول الحوض من الاحتلال الأجنبي، الذي عمل خلال فترة الاحتلال على تنظيم استخدام مياه نهر النيل، وبطبيعة الحال فقد وَقَّع نيابة عن الدول الواقعة تحت الاحتلال بعض الاتفاقيات والمعاهدات لتنظيم استخدام المياه، وبعد فترة الاستقلال، قامت الدول المستقلة إما باستكمال تنظيم استخدام مياه النهر، طبقاً للاتفاقيات الموقعة خلال الفترة السابقة على استقلالها، وإما بتوقيع اتفاقيات بعد استقلالها مع باقي دول الحوض، لتحقيق أفضل استفادة ممكنة من النهر، أو بغرض إقامة منشآت مائية عليه[4].
1 – الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة بين دول حوض النيل
تتناول هذه الاتفاقيات الوضع الإقليمي والجغرافي للدول المتعاقدة، والدول الموقعة عليها تكون دولاً أوروبية من أصحاب المستعمرات، ووقعت هذه المعاهدات باسم الدولة أو الإقليم الأفريقي الخاضع لحكمها، ومن مبادئ العرف والفقه الدوليين، أن مثل هذه الاتفاقيات الخاصة بالوضع الإقليمي والجغرافي، تشكل التزاماً وقيداً على إقليم الدولة المتعاقدة، وأن انتقال السيادة عن ذلك الإقليم لا تمس منها شيئاً، وأن القانون الدولي يعترف باستمرار سريان مفعول هذه الوثائق، وفقاً لقواعد توارث الدول، وتبعاً للالتزامات ذات الطبيعة الإقليمية والجغرافية، التي التزمت بها الدول الداخلة في هذه الاتفاقيات، وقد أكد هذا المبدأ ما جاء باتفاقية فيينا لسنة 1978، بشأن التوارث الدولي والمعاهدات، حيث تنص المادتان (11) و(12) من تلك الاتفاقية على أن المعاهدات الخاصة برسم الحدود الدولية أو بالوضع الجغرافي والإقليمي، لا يمسّها التوارث الدولي، وتظل تلك المعاهدات سارية المفعول، وتظل تمثل التزاماً وقيداً على الدولة الوارثة، إذ لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها إلا باتفاق الدول الموقعة عليها، أو وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في اتفاقية فيينا عن قانون المعاهدات لسنة 1969[5].
لكن نظراً إلى المستجدات المستمرة ولطبيعة الدول الإحدى عشرة المشاطئة لحوض النيل وما شهدته من تطورات بعد زوال الاستعمار، أصبح من الضروري إيجاد آليات جديدة للتعاون الإقليمي بين دول الحوض إلى جانب الاتفاقيات الثنائية الموقعة بينها، وقد بدأت بالفعل هذه الآليات منذ الستينيات من القرن العشرين وحتى أوائل القرن الحالي.
نشبت أزمة مائية بين دول الحوض نظراً إلى ثبات حصص المياه، وتزايد عدد السكان واتساع مشروعات التنمية الزراعية والصناعية وتوليد الطاقة التي تتطلع إليها دول المنبع وتتطلب إنشاء سدود وخزانات حول البحيرات وعلى بعض روافد النهر، إضافة إلى تدخل جهات أجنبية وفي مقدمها «إسرائيل»، وهو ما أدى إلى تأجيج الصراع بين دول الحوض، وهذا ربما يقود إلى كارثة مائية في المستقبل.
2 – اتفاقية عنتيبي (14 أيار/مايو 2010)
تصاعدت حدة الأزمة، حينما قررت دول منابع النيل التوقيع في مدينة عنتيبي الأوغندية على معاهدة جديدة لاقتسام موارد نهر النيل، ومنحت الدول المجتمعة كـلاً من القاهرة والخرطوم مهلة عام واحد للانضمام إلى المعاهدة إذا رغبتا في ذلك. وصفت مصر الاتفاقية حينها بالمخالفة للقانون الدولي وللقواعد المعمول بها في الجهات الدولية المانحة، وخاطبت الأطراف المانحة للتنبيه بعدم قانونية تمويل أي مشروعات مائية، سواء على مجرى النيل أو منابعه، تؤثر سلباً في الأمن المائي لدولتي المصبّ مصر والسودان[6]. والمؤسف في الاتفاقية أنها تنص على أنه بمجرد سريانها تنتهي الحصص التاريخية لدولتي مصر والسودان، مع ملاحظة أن سبب اعتراض مصر والسودان هو عدم اعتراف إثيوبيا بحصة مصر المائية، حيث كانت إثيوبيا تلوّح بأنها لن تضر بحصة مصر، وقد وقّع على الاتفاقية 6 دول هي: إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي؛ وبقيت ثلاث دول لم توقع وهي مصر وشمال السودان والكونغو الديمقراطية[7].
أ – الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل (عنتيبي)(***)
تصاعدت معارضة بعض دول حوض النيل للاتفاقيات القائمة بين دول حوض النيل لأكثر من سبب، أبرزها عدم التوصل إلى اتفاق حول الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة حوض النيل، حيث تتحفظ كل من مصر والسودان على بعض بنود الاتفاقية الحالية، التي وقعتها كل من إثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، وتنزانيا، ورواندا، في 14 أيار 2010، وأخيراً بوروندي التي وقّعتها، في أول آذار/مارس 2011، ما سيؤدي إلى دخول الاتفاق الإطاري حيز التنفيذ بعد تصديق برلمانات تلك الدول عليه.
تمثّلت أبرز نقاط الاختلاف بين دولتَي المصبّ (مصر والسودان) وباقي دول حوض النيل بالآتي[8]:
أ – عدم تضمين البند الرقم (14 ب) الخاص بالأمن المائي نصاً يقضي بالحفاظ على حقوق مصر التاريخية والمكتسبة من مياه النيل.
ب – عدم تضمين البند الرقم (8) من الاتفاقية، والخاص بالإخطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، على أن يتم إدراج هذه الإجراءات في نص الاتفاقية وليس في الملاحق الخاصة بها.
ج – طلب مصر تعديل البندين الرقم (34 – أ) و(34 – ب)، بحيث تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية أو الملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية، وفي حالة التمسك بالأغلبية فيجب أن تشمل الأغلبية دولتَي المصبّ (مصر والسودان) لتجنب عدم انقسام دول الحوض ما بين دول المنابع التي تمثل الأغلبية ودولتي المصبّ التي تمثل الأقلية.
د – اقتراح دول المنابع وضع البند الخاص بالأمن المائي، البند الرقم (14 ب) في ملحق للاتفاقية، وإعادة صياغته بما يضمن توافق دول الحوض حوله، خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع الاتفاقية، حيث رفضت مصر هذا المقترح وطرحت بدلاً منه اقتراحاً بتشكيل لجنة وزارية رباعية من كل من مصر والسودان وإثيوبيا وإحدى دول حوض النيل الاستوائية، إضافة إلى خبير أو اثنين من المنظمات الدولية، للتوصل إلى صيغة توافقية حول البند الرقم (14 ب) الخاص بالأمن المائي والحقوق التاريخية، والانتهاء من هذه الصيغة التوافقية خلال ستة أشهر.
ب – مجالات الخلاف بين دول حوض النيل[9]
هناك ثلاثة مجالات أساسية للخلاف المائي في حوض نهر النيل، هي:
(1) الخلاف حول اتفاقيات مياه حوض النيل: الموقف الثابت لدول المنبع منذ استقلال هذه الدول هو رفض جميع اتفاقيات النيل القائمة والمطالبة باتفاقيات جديدة بحجة أن جميع الاتفاقيات السابقة قد وُقِّعت في العهد الاستعماري، ومن ثُـمَّ هي في حِلٍّ من هذه الاتفاقيات. لكن الموقف المصري والسوداني يؤكد مشروعية كل الاتفاقيات السابقة استناداً إلى مبدأين مهمين في القانون الدولي:
المبدأ الأول: التوارث الدولي للمعاهدات: وهو مبدأ معروف أكدت عليه مجموعة من الاتفاقيات والأعراف الدولية، وعلى رأسها اتفاقية فيينا عام 1978.
المبدأ الثاني: الحق التاريخي المكتسب وهو أحد المبادئ المستوحاة من اتفاقية فيينا عام 1966.
(2) الخلاف بين دول المنبع وبين دولتي المصبّ حول تقاسم مياه النيل: تطالب دول المنبع بضرورة أن يكون هناك زيادة في حصصها المائية، ورَفْضِ استئثار دولتي المجرى والمصبّ بالإيراد المائي لنهر النيل كله. لكن مصر والسودان شدّدتا على مبدأ الانتفاع العادل والمنصف بموارد النهر، وذلك من خلال انتفاع كلِّ الدول بموارد النهر وليس فقط بالمفهوم الضيق لمياه النهر. من هنا كانت تأكيدات مصر والسودان الدائمة لضرورة تبنِّي مفهوم الحوض وليس مفهوم المجرى، ومن هنا أيضاً يُفهَم الموقف المصري في رفضه للاتفاقية الإطارية أو تحفُّظاته على الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة عام 1997، تلك التي انطلقت من تمزيق مفهوم الحوض والأخذ بمفهوم المجرى المائي وهو بكل المقاييس لصالح دول المنبع وليس دول المصبّ.
(3) شرط الإخطار المسبق: تؤكد مصر والسودان دوماً ضرورة الالتزام بشرط الإخطار المسبق عمـلاً بقاعدة قانونية أيضاً، هي قاعدة عدم التسبب في الضرر، وهذه أيضاً من القواعد غير الخلافية في القانون الدولي، وربما أحياناً يكون الخلاف حول مفهوم «ضرر أم ضرر جسيم؟». والمراد أن مصر والسودان تؤكدان ضرورة احترام هذا المبدأ، وإلزام دول المنبع بعدم القيام بأي مشروعات مائية إلا بعد إخطار مصر والسودان مسبقاً، وفي المقابل تؤكد دول المنبع عدم التقيد بهذا الشرط واعتباره مخـلاً بسيادة هذه الدول. إذاً هناك عدة نقاط اختلاف:
النقطة الأولى ترتبط بإصرار مصر والسودان إصراراً كامـلاً على أن الاتفاقية الإطارية يتعين أن تُوِرَد نصاً يحترم ما تتمتعان بهِ من حقوقٍ مضمونة من الناحية القانونية بموجب الاتفاقيات السابقة، وبموجب القواعد العرفية.
النقطة الثانية تتعلق بالإخطار المسبق: وهو مبدأ مستقر، فكل الوثائق الدولية التي تنظِّم استغلالاً لمياه أنهار دولية تتحدث عن مبدأ الإخطار المسبق.
النقطة الثالثة هي أن هذه الاتفاقية الإطارية من المفترَض أن تعتمد على التوافق العام، وهو ما يعني أن قواعد التصويت فيها تكون بالتوافق العام، وهو مثل فكرة الإجماع، لكنه إجماع سلبي وليس إجماعاً إيجابياً، وهذا يعني أن القبول فيه ليس وجوبياً ولكن الوجوبي هو عدم الرفض، وكأن السكوت علامة الرضا، وبناءً على ذلك قَبِلَت مصر بهذا، غير أن باقي الشركاء قالوا: إننا عندما نريد أن نعدِّل الاتفاقية أو نعدِّل ملاحق لها أو أي بروتوكول فيها، فإنه يتعين أن يكون ذلك بالأغلبية العادية وهنا قالت مصر والسودان: تتم مسألة التعديل إما بالتوافق العام وإما بأغلبية بسيطة شريطة أن يكون فيها مصر والسودان.
ج – سلبيات الاتفاقية الإطارية (عنتيبي) على دولتي المصبّ[10]
1 – لا تقر الاتفاقية بجميع الاتفاقيات السابقة مثل اتفاقية 1929 مع دول الهضبة الاستوائية و1902 مع إثيوبيا، ولا تقرّ بالحقوق المائية القانونية والتاريخية لدولتي المصبّ.
2 – تنص الاتفاقية على إعادة تقسيم موارد النهر المائية على دول الحوض بمعايير تميل إلى دول المنبع على حساب دولتي المصبّ، وذلك مقارنة بالمعايير الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997.
3 – لا تتضمن الاتفاقية الإجراءات التنفيذية للإخطار المسبق، التي شملتها اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، والتي تعطي الحق للدول المتضررة الاعتراض على مشروعات وسدود دول أعالي النهر إذا ثبت أنّ لها أضراراً جسيمة.
4 – تنص الاتفاقية على تعديل العديد من البنود والملاحق بالأغلبية (ثلثي الأعضاء) مما يمكّن دول المنبع من تغييرها دون الرجوع إلى دولتي المصبّ.
5 – لا تشمل الاتفاقية أي بند لزيادة إيراد النهر، بل تعمل على إعاقة مثل هذه المشاريع حيث تنص صراحة على المحافظة على أراضي البرك والمستنقعات في دول الحوض، التي تُفقد فيها كميات هائلة من إيراد النهر، والتي من خلال تنميتها يمكن زيادة إيراد النهر بما يكفي حاجات جميع دول الحوض.
6 – إن بند عدم الإضرار لا معنى له، وغير قابل للتطبيق من دون الإقرار بالممارسات والحقوق التاريخية لاستغلال مياه النهر لدول الحوض كافة لتكون هي المرجعية لتقدير أي ضرر قد يلحق بهذه الدول نتيجة لأي مشاريع تقوم بها دول أخرى في الحوض.
7 – لا تشمل الاتفاقية أي بنود تختص بالإدارة المشتركة للنهر، وتنظيم تدفقاته، وإقامة منشآت عليه، وذلك حتى لا يكون لدولتي المصبّ أي تدخل في شأن مشاريع أعالي النيل، وهذا يتعارض مع ما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة للأنهار المشتركة لعام 1997 في ثلاثة بنود كاملة (أرقام 24 و25 و26)، التي تختص بإدارة النهر، وتنظيم تدفقاته، وإقامة منشآت عليه على الترتيب.
لذا، الاتفاقية الإطارية لتعاون دول حوض النيل في شكلها الحالي لا يمكن لمصر توقيعها لنواقصها العديدة، التي تسمح بإعادة توزيع إيراد نهر النيل على دول المنبع خصماً من حصتي مصر والسودان، وهما ليسا طرفاً في هذه الاتفاقية الإطارية، لذلك فهي لا تلزمهما بأي التزامات قانونية أو مؤسسية. لكن من ناحية أخرى، لا تعفي هذه الاتفاقية دول المنبع من التزاماتها القانونية في الاتفاقيات التاريخية القائمة مع مصر والسودان والدول التي وقعت الاتفاقية الإطارية منها خمس في الهضبة الاستوائية، يجمعها بالفعل تجمع دول شرق أفريقيا، ولن تضيف هذه الاتفاقية لهذه الدول أي جديد، وهناك تجمع مماثل لدول بحيرة فكتوريا، ولكن لم تكن له الفاعلية المأمولة على الرغم من مرور سنوات طويلة على إنشائه[11].
لكن إذا كان الهدف الحقيقي من الاتفاقية الإطارية هو التوصل إلى إطار فاعل للتعاون بين دول الحوض، فإنه من مصلحة الجميع العودة إلى مائدة المفاوضات للاتفاق حول النقاط العالقة في هذه الاتفاقية لكي تحظى بتوافق جميع دول الحوض، ولتحقيق هذه العودة الحميدة للتفاوض يجب الاتفاق بين دول الحوض على تجميد الاتفاقية الإطارية لفترة زمنية معقولة، ويتم أثناء هذه الفترة التفاوض الجاد حول النقاط العالقة مع إعداد جيد لمسارات تفاوض محددة وأجندة تفصيلية، ومن المهم إيصال رسالة اطمئنان لدول الهضبة الاستوائية أن مصر لا تمانع ولا تعترض على مشاريعها المائية والزراعية لعدم تأثيرها السلبي الكبير في مصر، ومن الضروري العمل على محاولة إقناع دول الهضبة الاستوائية على فصل مفاوضات الهضبة الاستوائية عن الهضبة الإثيوبية لاختلاف الخصائص الهيدرولوجية وطبيعة المشاريع التنموية[12].
د – الأبعاد القانونية لاتفاقية عنتيبي
لا توجد اتفاقية جامعة لدول حوض النهر، وبناءً على ذلك ليس هناك إطار قانوني جامع، لكن هناك أُطُر وقواعد قانونية عرفية جامعة، وهي قواعد مستقرة أتت بها الاتفاقيات الثنائية، ومتعددة الأطراف، وحتى الجامعة في شأن أنهار دولية أخرى، وكذا المجامع الفقهية الدولية، وهي تؤصل للقواعد الحاكمة لاستغلال الأنهار الدولية في غير أغراض الملاحة، مثل: قواعد هلسنكي لعام 1966، وهي ليست اتفاقية، إنما مجموعة من القواعد التي وضعتها إحدى الجمعيات القانونية الدولية، وتُعَدُّ أشهر محاولة فقهية للتأصيل لقواعد قانونية خاصة بحكم استغلال الأنهار الدولية في غير أغراض الملاحة، وهناك أحكام قضائية عديدة تؤصل لهذه المسائل، إذ ذهبت محكمة العدل الدولية في أحدث أحكامها بشأن الأنهار الدولية في النزاع بين المجر وسلوفاكيا والنزاع بين الأرجنتين والأوروغواي بشأن نهر أوروغواي عام 2010[13] إلى التشديد على أن المعاهدات ذات الطابع الإقليمي ومنها المتعلق بالأنهار الدولية هي من المعاهدات التي لا يجوز المساس بها نتيجة التوارث الدولي، ولا يجوز التحلل منها لأي سبب من الأسباب[14]، وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لعام 1997، وقواعد برلين لعام 2004 الخاصة بتنظيم استغلال الأنهار الدولية. وإن لم يكن لدينا إطار قانوني اتفاقي يجمع بين دول حوض النيل، فإن ثمة إطاراً قانونياً دولياً عرفياً يحكم هذه المسائل، فهذه القواعد موجودة وكلها حاكمة ومتعارف عليها.
هـ – اتفاقيات حاكمة
هناك اتفاقيات كثيرة حكمت الأوضاع بين بعض دول حوض النيل، فهناك اتفاقيات ثنائية، واتفاقيات متعددة الأطراف، وأهم هذه الاتفاقيات بروتوكول عام 1891 بين إيطاليا وبريطانيا، وهو المنظم للحدود بين المستعمرات البريطانية والمستعمرات الإيطالية، ومعاهدة عام 1902 بين إمبراطور إثيوبيا ملك ملوك الحبشة (منليك الثاني) والإمبراطورية البريطانية، وهو كان يقسم الحدود بين السودان المصري – البريطاني من جانب وبعض أجزاء الإمبراطورية الحبشية من جانب آخر، واتفاقية عام 1929 التي تجمع بين مصر والسودان وأوغندا وكينيا وتنزانيا، واتفاقية عام 1959 ومِن قَبْلُ اتفاقية عام 1954 بين مصر وأوغندا التي أُعِيد التأكيد عليها مرة أخرى في عام 1991، وبروتوكول عُقِدَ بين مصر وإثيوبيا عام 1993. إذاً هناك خمس اتفاقيات كلها تنظم هذه المسائل، إلا أن الحجة الأساسية لدول المنبع، هي أن هذه الاتفاقيات عُقِدت في وقت الاستعمار، وانطلاقاً من مبدأ قانوني مستقر، هو مبدأ الصحيفة النظيفـة[15]، فإن الدولة التي تخرج من عباءة الاستعمار لا شأن لها بالاتفاقيات السابقة التي عُقِدَت، وبناءً على ذلك فإن كل ما جرى إبرامه أيام الاستعمار فإن دول المنبع غير ملزمة به، وهذا غير صحيح من الناحية القانونية لاعتبارات كثيرة، منها: أنه في عامي 1963 و1964 أكدت دول منظمة الوحدة الأفريقية بقاء الحدود المتوارثة عن الاستعمار حتى لا تدخل هذه الدول في خلافات، لأنه إذا فُتح المجال لتغيير الحدود المتوارَثة عن الاستعمار، فسيكون وقتَها الحديثُ عن مئة وخمسين أو مئتي دولة، وحفظاً للاستقرار، وحفاظاً على الأمن الدولي في القارة، أقرَّ المؤسسون لمنظمة الوحدة الأفريقية بمبدأ المعاهدات المتوارثة عن الاستعمار بصدد الحدود، أي تبقى وتُحتَرَم.
كما أن هناك اتفاقيتين دوليتين عقدهما المجتمع الدولي في مجمله وتُلزِمان كل من وقَّع ومن لم يوقِّع، الأولى هي اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، والثانية هي اتفاقية فيينا للتوارث الدولي بشأن المعاهدات سنة 1978.
تشير الاتفاقية الأولى إلى أن المعاهدات التي تُعقد بين دولتين أو أكثر يُعاد النظر فيها لتغيُّرٍ جوهري في الظروف، ربما يؤدي إلى اختلال كبير في الالتزامات بين اثنين من الأطراف، ففي هذه الحالة يمكن إعادة النظر في الاتفاقية لا إلغاؤها، بتوافق إن أمكن، وإن لم يمكن ذلك في حال تعسُّف أحد الأطراف فإنه يجوز للمتضرِّر ضرراً بالغاً أن يوقف سريان الاتفاقية في حقِّهِ. ويُستثنَى من هذا حاجتان أساسيتان: اتفاقيات الحدود، والاتفاقيات التي ترتِّب أوضاعاً عينية على الإقليم[16].
ثالثاً: القواعد والأحكام المنظمة لاستغلال مياه الأنهار
هناك مجموعة من المبادئ التي تنظم استغلال المياه الدولية المشتركة بين عدة دول، أبرزها: 1 – حُسن الجوار وحُسن النية؛ 2 – عدم الإضرار بالغير والتعاون فيما بينها؛ 3 – حق الدول المشتركة في حوض النهر الدولي في استخدام المياه بصورة عادلة ومقبولة من دول الحوض؛ 4 – عدم إلحاق الضرر بالغير، والتعويض عن الأضرار؛ 5 – اللجوء إلى التفاهم والمفاوضات والوساطة قبل اللجوء إلى القانون الدولي في حل المنازعات المائية، علماً بأنه لا يوجد في الوقت الحاضر قانون مقبول من جميع الدول ينظم استخدام مياه الأنهار الدولية، وإن كانت هناك اتفاقية لمثل هذا القانون أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها 51 (أيار/مايو 1997)، دعت فيها الدول والمنظمات الإقليمية للتكامل الاقتصادي، ولكن بعض الدول رفضت التوقيع، ووجدت أغلب الدول في بعض مواد هذه الاتفاقية ما يمكن أن يعارض أو يخلخل اتفاقياتها القائمة التي تعيش في ظلها.
يخضع حوض النيل للقوانين والقواعد والأعراف والاتفاقيات التي تتعلق باستخدام الأنهار وإدارتها، مثل كل الأنهار الدولية، كالآتي: أ – مبادئ القانون والعُرف الدولي؛ ب – قواعد اجتماع هلسنكي لجمعية القانون الدولي؛ ج – اتفاقية المحافظة على الطبيعة والموارد الطبيعية، التي أقرتها منظمة الوحدة الأفريقية عام 1968، والتي أعلنت أنه يجب أن تتشاور الدول التي تشترك في نهر دولي واحد، من خلال تأليف لجان لبحث المشكلات ووضع اتفاقيات مشتركة بشأن تنظيم استغلال المياه؛ د – اتفاقية عام 1997 للأغراض غير الملاحية.
أما القواعد والأحكام الدولية التي تُنظم استغلال المياه[17]:
1 – قاعدة المساواة القانونية بين الدول النهرية أو الحوضية، التي تقضي بتساوي الدول التي تشارك في نهر دولي أو حوض مائي دولي، وتقضي تلك المساواة بأنه لا يحق لدول الإحباس العليا التأثير في دول الإحباس المنخفض، وتلك مساواة قانونية وليس من الضروري أن تنتهي إلى مساواة فعلية واقعية.
2 – قاعدة السيادة الإقليمية المقيدة، التي يكون بمقتضاها لكل دولة نهرية أو حوضية أن تمارس حقوق السيادة على قطاع النهر أو الحوض الدولي الواقع في إقليمها، ولكن هذه السيادة ليست مطلقة بل مقيدة بالالتزام باحترام حقوق سائر الدول النهرية أو الحوضية المشاركة.
3 – قاعدة الاقتسام العادل، التي تفترض وجود حاجات فعلية لعدة دول في مياه النهر الدولي المشترك، ولكنها تتعارض فيما بينها، فيكون المعيار في ضوء ما استقر عليه العُرف الدولي من الاقتسام العادل للمنافع، والموازنة بين الحاجات الفعلية لكل دولة بالعدل، وهذه المسألة تتوقف على ظروف كل دولة، مثل عدد السكان، ومدى غزارة الأمطار أو ندرتها، ومدى اعتمادها على مياه النهر، ومدى توافر مصادر أخرى، وغيرها.
4 – قاعدة تحريم الضرر، التي تقضي بأنه لا يجوز لإحدى الدول النهرية الشريكة أن تسبب ضرراً لسائر شركائها في الحوض المشترك، فلا يجوز للدولة النهرية العليا تلويث المياه، بما يؤدي إلى تغيير تركيبه الطبيعي أو خواصه تغييراً ضاراً بأقاليم الدول النهرية المنخفضة أو بسكانها، كما لا يجوز للدولة النهرية المنخفضة أن تحجز المياه من طريق خزان يكون أمامه بحيرة صناعية فتسبب إلحاق الضرر بإقليم الدول الأعلى وسكانها.
5 – قاعدة احترام الحقوق التاريخية، وهي قاعدة عامة في القانون الدولي وليست قاصرة على الأنهار الدولية فقط، ويُشترط وجود ممارسة ظاهرة ومستمرة يقابلها موقف سلبي من جانب الدول الأخرى، وأن يستمر ذلك الموقف السلبي طوال فترة زمنية كافية لاستخلاص قرينة ما يُسمى التسامح العام من جانب الدول الأخرى.
6 – قاعدة الالتزام بالتشاور، عند تنفيذ مشروعات خاصة بالنهر تمس حقوق أو مصالح الدول الأخرى.
رابعاً: الدور الإسرائيلي في تحريض دول منابع النيل
تَتبع «إسرائيل» تجاه دول حوض النيل سياسة الاحتواء والالتفاف حول مصر، فمتى أرادت مصر أن تلتفت إلى دول المنابع تجد أنها محاصرة بالوجود الإسرائيلي المكثف الذي سبقها إلى هناك، من خلال أنشطة عسكرية وأمنية واقتصادية مكثفة بين «إسرائيل» ودول المنبع، وبخاصة إثيوبيا وأوغندا، وتنزانيا. وتتحرك «إسرائيل» في منابع النيل، بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تُعطي أولوية قصوى لدول منابع النيل، وربما يكون انحسار الدور المصري في أفريقيا أدّى دوراً في إتاحة الفرصة لدى «إسرائيل» نحو تنشيط علاقاتها التاريخية مع أفريقيا، عبر مداخل متعددة، وبخاصة المداخل التنموية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.
تستخدم «إسرائيل» علاقاتها بالقوى الدولية، مثل المانحين الجدد الدوليين، أو البنك الدولي، أو العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل إدخال مفاهيم جديدة في قواعد توزيع مياه النيل، وتنفيذ مشاريع في دول الحوض تخدم أهداف هذه الدول السياسية والاقتصادية، وتقوم شركات إسرائيلية بتقديم عروض فنية لإثيوبيا للإسهام في مشاريع بناء السدود على منابع النيل في الأراضي الإثيوبية، أو في مشاريع أخرى زراعية، مثل سد تيكيزي الذي افتتحته إثيوبيا عام 2010، وكذلك سد توليد الكهرباء، الذي افتتح عام 2009، في تانابليز في إثيوبيا، وهو الأمر الذي يمثل تحدياً كبيراً لمصر التي تحصل على 85 بالمئة من حصتها المائية من إثيوبيا، كما تقوم بتمويل مشاريع السدود الإثيوبية التي تسعى لتخزين ما يقرب من 74 مليون كم3 من المياه. وفي تموز/يوليو 2012، أبرمت أول اتفاقية للمياه مع دولة جنوب السودان الوليدة، وذلك باستخدام مياه النيل ومشروعات نقل المياه، ما يمثل خطراً على مستقبل حصة مصر من المياه، وقامت بتنفيذ مشاريع ري في عشر مقاطعات، معظمها شمال أوغندا، على حدود السودان وكينيا. وطورت البنية التحتية للمياه في أوغندا، الذي ستقوم الشركات بمقتضاه ببناء 11 سداً وخزاناً لتوفير المياه[18].
ومن هنا بدأت بعض الدول بالانقلاب على الاتفاقيات والمطالبة بالمحاصصة المتساوية في نهر النيل، ومطالبة مصر والسودان بدفع أثمان المياه القادمة من بحيرة فكتوريا حيث ينبع نهر النيل، وذلك بإيحاء من «إسرائيل» التي زرعت في هذه الدول هذه الثقافة كي تحذو حذوها في فلسطين، حيث يقوم هذا الكيان ببيع المياه المغتصبة إلى أصحابها الفلسطينيين بأسعار عالية، ويُعد ذلك مخالفاً لكل القوانين والأعراف الدولية[19].
في 8 تموز/يوليو 2016، اختتم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جولته الشرق الأفريقية التي شملت كلًّا من أوغندا وكينيا وإثيوبيا ورواندا، بهدف التغلغل في دول منابع النيل، نظراً إلى أهميتها الاقتصادية والاستراتيجية. تأتي الزيارة أيضاً في إطار سعي «إسرائيل» الدؤوب لتحريض دول المنبع ضد دول المصبّ وذلك من خلال تغذية الخلافات وتأجيجها مع دول حوض النيل كمحاولة من «إسرائيل» لزيادة نفوذها في الدول المتحكمة في منابع النيل، مع التركيز على إقامة مشروعات زراعية تهدف إلى سحب المياه من بحيرة فكتوريا التي تشترك في ملكيتها عدَّةُ دول في شرق أفريقيا، كما تسعى «إسرائيل» إلى تصوير مصر والسودان على أنهما المستفيدان الوحيدان من مياه النيل، وأن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست عادلة، كونها تقررت في وقت سابق على استقلال هذه الدول، كما تتكفل «إسرائيل» بأن تقدم لهذه الدول التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل وتوجيهه وفقاً لمصالحها[20].
لذلك سعت «إسرائيل» إلى تحريض دول الجوار الاستراتيجي المشارِكة في حوض النيل، ولا سيَّما إثيوبيا، على إعادة النظر في حصص المياه الخاصة بنهر النيل مستغلة عدم الاستقرار السياسي والمصالح المتضاربة في حوض النيل، وإثارة إثيوبيا بحجة ضعف حصتها من النهر، ولكن «إسرائيل» تسعى من وراء ذلك إلى تهديد الأمن القومي المصري من زاوية المياه[21].
خاتمة
لا يوجد حتى الآن نظام قانوني ومؤسسي شامل لنهر النيل، فقد أبرمت في فترة النفوذ الأوروبي اتفاقيات ومعاهدات، وتبودلت مذكرات لحماية مياه النيل من أي تحويلات قد تتم في أعالي النهر، ولكن أغلب الدول المشاطئة للنيل في أعاليه ترفض هذه الاتفاقيات، ولا تعترف بها، بحجج وذرائع لا سند لها في القانون الدولي، كذلك لم تعتمد القواعد القانونية وآراء الفقهاء الدوليين قاعدة تفصيلية واحدة لحل مشكلة اقتسام مياه الأنهار الدولية، وإنما تركت الأمر للمعاهدات الدولية التي توقعها الأطراف المتنازعة، لأن الأمم المتحدة لم تجد في تصنيف هذه النزاعات الدولية مثاراً لتهديد السلم العالمي، وإنما رأتها نزاعات إقليمية محلية من الأجدر أن تحلها الأعراف الدولية والمعاهدات الموقعة بين الأطراف المتنازعة. ومع تنامي الحاجة إلى المياه في المنطقة أصبح الصراع عليها نواة التوتر الدولي.
لا تحظى إثيوبيا بأي سند قانوني يمنحها حق عدم الاعتراف بتلك الاتفاقيات الدولية والتخلي عن الالتزام ببنودها، بل إن القوانين والأعراف الدولية تؤكد الحق التاريخي لكل من السودان ومصر في نهر النيل، ومن واجب الجميع التعاون العام وما يتفرع عنه من التزام بالإخطار والتشاور؛ ففي ضوء ما قررته الاتفاقات والمواثيق الدولية المختلفة، وفي ضوء أحكام القضاء الدولي، وما انتهى إليه الجانب الغالب من الفقه، يعد التعاون قيداً على سيادة الدول المشاطئة للأنهار الدولية لصالح بعضها بعضاً، ومن ثم لا يجوز لإحداها أن تدعي لنفسها حق التصرف منفردة وإقامة ما تشاء من أشغال على النهر الدولي أو استخدامه على أي نحو يضر بمصالح الدول المشاركة الأخرى، ويؤدي الخروج عن هذا الواجب القانوني إلى تحمل الدولة المخالفة له المسؤولية الدولية تجاه الدول الأخرى المعنية التي قد تصاب بضرر من جراء ذلك. وثمة اتفاق في الفقه والقضاء والممارسة الدولية على أن مبدأ الانتفاع المنصف بمياه الأنهار الدولية هو أحد أهم المبادئ التي يمكن من خلال الأخذ بها في علاقات الدول المشاطئة التغلب على ما قد ينشأ بينها من منازعات نتيجة لتعدد الاستعمالات وتعارضها من جانب، والندرة النسبية للمياه العذبة من جانب ثانٍ، وهو ما أكدته وفصلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 وبالتالي فإنّ الحل الوحيد المقبول والمرغوب فيه لحل هذه الأزمة هو التعاون بين دول الحوض واتباع نهج رابح – رابح.
استنتاجات
1 – يحتل موضوع المياه المشتركة مرتبة ذات أولوية ولا بد من إيجاد الحلول والتوصل إلى اتفاقيات تكفل الحقوق المائية للدول المتشاطئة عليها، وفقاً للقوانين الدولية النافذة والمعاهدات والأعراف حيث لا بد من أن يحل مبدأ الحوار والتفاهم والتعاون مكان مبدأ التصادم.
2 – ضرورة تمسك مصر بسلامة موقفها القانوني بشأن سريان الاتفاقيات الدولية السابقة التي تحدد حصتها المائية، والتي تحظر على الجانب الإثيوبي إقامة أي مشروعات على مجرى النيل الرئيسي وروافده، إلا بعد إخطارها بذلك مع شركائها الآخرين بالحوض، استناداً إلى السوابق القضائية لمحكمة العدل الدولية، وقواعد هلسنكي لعام 1966 بشأن الأنهار الملاحية وغير الملاحية، ومعاهدة فيينا الخاصة بخلافة الدولة، أو التوارث الدولي لعام 1978.
3 – بالرغم من وجود ما يزيد على عشر اتفاقيات مائية في حوض النيل إلا أن أياً من هذه الاتفاقيات لم تكن ذات طبيعة جماعية، فهي اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية على أحسن تقدير، ومن ثم فإن النظام الإقليمي المائي لحوض نهر النيل يعاني غياب الإطار القانوني الجامع المانع الذي يحظى بقبول جميع الدول النيلية، لذلك فالوضع القانوني في حوض النيل يمثل محدداً وحافزاً للصراع المائي بين مصر ودول حوض النيل.
4 – إن إثيوبيا لا تحظى بأي سند قانوني يمنحها حق عدم الاعتراف بتلك الاتفاقيات والتخلي عن الالتزام ببنودها، بل إن القوانين والأعراف الدولية تؤكد الحق التاريخي لكل من السودان ومصر في نهر النيل، كما أن القوانين والأعراف الدولية نفسها تؤكد ضرورة إخطار دول المصبّ في حال رغبة دول المنبع بإنشاء المشاريع على النهر وروافده.
5 – ليس هناك حل واحد للمشاكل العالقة بين دول حوض النيل يرضيها جميعاً، حيث إن لكل دولة ظروفها وتطلعاتها وحلولاً خاصة بها ربما لا تكون مقبولة لدى الآخرين، وبالتالي إن التحدي الرئيس الذي يواجه مصر اليوم هو تأكيد الحقوق التاريخية لمياه النيل وإقناع دول الحوض الأخرى بهذه الحقوق في ضوء حاجاتها المتزايدة لمواجهة ظروف الجفاف والتصحر والنمو السكاني. وفي المقابل نجد إثيوبيا تعمد إلى استقطاب دول المنابع الأخرى وتحرضها ضد مصر بحجة أنها تتحكم بمقدراتها، مطالبة بإلغاء الامتيازات المصرية؛ وهذا يحقق الكثير من الخير لها، في ظل فقدان مصر تأثيرها ومكانتها التاريخية في دول المنابع تاركة لإثيوبيا حشد التكتلات ضدها.
6 – إن ترسيخ حق دول المنبع في استغلال مياه النيل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقرير حق دول المصبّ في الحصة التاريخية من المياه، قاعدتان رئيسيتان، ينبغي مراعاتهما في أي مفاوضات تجرى للاتفاق حول النقاط العالقة.
7 – إن الخلافات بين دول الحوض تركزت حول تقاسم المياه المشتركة في حوض النيل، والدعوة إلى إعادة توزيع الحصص والأنصبة المائية بين الدول، ومدى «مشروعية» الاتفاقيات السابقة ومدى مرجعيتها كإطار قانوني ينظم المسائل الإجرائية والهيدرولوجية المتعلقة بالنهر، وكذلك حول مدى «لزومية» شرط الإخطار المسبق عند القيام بمشروعات مائية من قبل دول منابع النهر.
8 – آن الأوان بالتفكير الاستراتيجي لتناول ملف حوض النيل بمبادرات فنية وسياسية خلاقة والتنسيق بين دول المنبع والمصبّ، لأن الخلافات القائمة بينها لن يساعدها على الاستخدام الأمثل لمياه النيل وسيلحق الضرر ببعضها وسيزيد من توتر العلاقات فيما بينها، لذلك لا بد من التعاون والوصول إلى صيغه توافقيه والاتفاق على تنفيذ مشاريع مشتركة تقبلها كل دول الحوض .
9 – إن اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، رغم كونها اتفاقية إطارية، إلا أنها تقدم حلولاً عادلة لمشاكل الأنهار الدولية تبنى على مبدأ الانتفاع المنصف والعادل متى روعيت فيها الظروف والاعتبارات الخاصة بكل نهر دولي وحقوق الدول المشاطئة عليها بما فيها ما قد يكون لبعضها من حقوق تاريخية أصيلة على المياه.
10 – إن الخلافات الحادة بين دول حوض النيل لن تحل إلا بالتعاون الوثيق والشفاف بين جميع دول الحوض، ونقطة البداية لهذا التعاون هو الاعتراف بحقوق الكل وموازنة الاستعمالات القائمة بدولتي المصبّ بالحاجات المشروعة والمعقولة للدول المتشاطئة.
مقترحات
1 – ضرورة إحداث هيئة مصرية مستقلة معنية بحوض النيل تضم كل الاختصاصات ذات الصلة، مهمتها وضع استراتيجية جدية للتعامل مع دول الحوض، وبخاصة لجهة اتفاقية عنتيبي التي ألغت شرط الموافقة بالإجماع واستبداله بأغلبية الأصوات حيث هم يمثلون الأغلبية كي يستطيعوا إدارة أمور الحوض وفق مصالحهم.
2 – التعامل بمرونة مع الموقف القانوني والحجج المطروحة من جانب دول المنابع وتفهّم حيثيات مواقفها، وعدم التعامل معها ككتلة واحدة والتركيز على العلاقات الثنائية.
3 – من أجل تنمية مستدامة لحوض النيل العابر للحدود، لا بد من التعاون في المياه العابرة للحدود داخل دول الحوض، سواء بالتنظيم، أو الضبط، أو تقليل الفواقد، أو حسن الاستخدام، ومن ثم يتوجب على الدول المتشاطئة الوصول لشراكة جماعية في إيرادات النهر، دون جور أي منها على حقوق الدول الأخرى، لذلك على الجميع أن يأخذ في الحسبان القواعد والطرق المقبولة التي يمكن الاتفاق حولها من أجل إرساء أسس التعاون بينها منعاً للاختلاف.
4 – رغم تحصن مصر بعدد من الاتفاقيات التي تضمن لها حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل إلا أن هناك حاجة إلى إنشاء إطار قانوني ومؤسسي جديد يضم كل دول الحوض وذلك لتجاوز الخلافات القائمة حالياً التي تغذيها في كثير من الأحيان دول من خارج الحوض، وحتى يكون هذا الاتفاق بمنزلة المرجعية التي يحترمها الجميع ويتعامل في ظلها.
5 – يُعد القانون الدولي العام مبهماً فيما يتعلق باستخدام مياه الأنهار عابرة الحدود، وبالرغم من أن القانون الدولي يوضح أن المعاهدات الثنائية والخاصة بنهر النيل لا تزال سارية، فإن دول المنابع ترفضها، الأمر الذي يتطلب توضيح وتفسير نصوص القانون المطبق؛ ومن ثم فإن وجود نظام قانوني راسخ يقوم بتحديد وتنظيم الحقوق والالتزامات ربما يساعد على حل الخلافات حول استخدام مياه نهر النيل.
6 – إن مسلك تحقيق الفوز لجميع الأطراف أو تحقيق مكاسب متبادلة هو أفضل نموذج تطبيقي لتحقيق الفوائد والمزايا المتبادلة لجميع الدول التي تقع على ضفاف نهر النيل، وذلك من خلال التخصيص العادل لجميع استخدامات مياه نهر النيل، بحيث نعيد النظر في الحلول التعاونية التي تحقق المكاسب لجميع دول حوض النيل بدلاً من النزاع فيما بينها.
7 – إعادة النظر في اتفاقيات مياه نهر النيل، ووضع أسس متفق عليها بموافقة جميع دول حوض النيل، والإسراع بقطع الطرق كافة على الطامعين في مياه النيل مثل «إسرائيل»، ووضع آلية مقنعة لحل الصراع حول مياه حوض النيل.
8 – وضع استراتيجية مصرية متقنة تهدف إلى إعداد إطار مقبول للتعاون بين دول الحوض للإدارة المتكاملة لمياه النيل، وتحديد حصة كل دولة من المياه، والتعاون لتحسين أساليب استخدام المياه لتحقيق الفائدة لشعوب الحوض كافة.
9 – على الجانب الإثيوبي كونه الطرف المفتعل للأزمة التخفيف من خطابه الذرائعي والمتشدد تجاه مصر، والكف عن الادعاء بأنّ مصر ترفض التعاون والتفاهم من أجل تسوية الصراع حول تقسيم مياه النيل.
10 – استخدام الحوار والقوة الناعمة في التعامل مع دول المنبع مع ضرورة سرعة التحرك المصري في التعامل مع أزمة «عنتيبي» باللجوء إلى أدوات القانون الدولي المتعارف عليها في حل النزاعات الدولية، كالمساعي الحميدة، والوساطة، والتوفيق، والتحكيم الدولي، واللجوء إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي للبحث عن تسوية أفريقية للأزمة، والتحرك في مسارات متوازية دولية لإثبات أضرار هذه الاتفاقية عليها، واللجوء إلى محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن الدولي لإلزام إثيوبيا بعدم تنفيذ أي مشاريع مائية على حوض النهر حتى إيجاد صيغة توافقية ترضي الجميع.
قد يهمكم أيضاً توزع الإنسان في الشمال الأفريقي العربي ودور المناخ في تفاوت انتشاره المكاني
إقرؤوا أيضاً الثروة البترولية والأمن الاقتصادي العربي
#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #حوض_النيل #الثروة_المائية #اتفاقيات_حوض_النيل #الأنهار_الدولية #اتفاقية_ عنتيبي #دول_حوض_النيل #نهر_النيل #دراسات
المصادر:
(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 478 في كانون الأول/ديسمبر 2018.
(**) عصام شروف: باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي العام – سورية.
البريد الإلكتروني: aisamcharoof321321@gmail.com
[1] دول حوض النيل هي: إثيوبيا، أوغندا، تنزانيا، بوروندي، رواندا، كينيا، الكونغو، إريتريا، السودان، جنوب السودان، مصر.
[2] «إدارة مياه النيل كمحدد للتعاون والصراع بين دول حوض النيل،» موقع «مقاتل من الصحراء»،
<http://www.muqatel.com/openshare/Behoth/Siasia21/NileWater/sec06.doc_cvt.htm> (accessed on 30 July 2017).
[3] شوقي عبد العال، الانتفاع المنصف بمياه الأنهار الدولية (القاهرة: مركز الدراسات والبحوث المصرية، 2012)، ص 11.
للاطلاع على النظريات والاتفاقيات مع المراجع، انظر الرابط التالي: <http://www.mediafire.com/file/pmonenanh8mjhw5/%25D9%2587%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2585%25D8%25B4.docx/file>.
[4] صاحب الربيعي، صراع المياه وأزمة الحقوق بين دول حوض النيل (دمشق: دار الكلمة، 2001)، ص 109.
[5] «إدارة مياه النيل كمحدد للتعاون والصراع بين دول حوض النيل،» موقع «مقاتل من الصحراء».
[6] باهي حسن، «اتفاقية عنتيبي وسد النهضة.. محطات إثيوبية تهدد أمن مصر المائي،» المصري اليوم، 28/5/2013.
[7] ولاء حسين، «دول المنابع تبحث عن الشرعية.. مساع لاستقطاب دولة سادسة،» روز اليوسف (21 أيار/مايو 2010)، ص 3.
(***) تضم اتفاقية «عنتيبي» ثلاثة عشر بنداً، بينها بند «الانتفاع المنصف والمعقول»، الذي أثار جدلاً بين دول وقّعت، وأخرى رفضت التوقيع. هذا البند ينص على أن «دول مبادرة حوض النيل تنتفع انتفاعاً منصفاً ومعقولاً من موارد مياه المنظومة المائية لنهر النيل، على وجه الخصوص الموارد المائية التي يمكن تطويرها بواسطة دول مبادرة حوض النيل وفق رؤية لانتفاع معقول، آخذين في الاعتبار دول المبادرة، بما فيها المخاوف حول حماية الموارد المائية، وكل دولة من دول المبادرة لها حق الانتفاع من الموارد المائية للمنظومة المائية لنهر النيل». كما تنص الاتفاقية على «ضمان الاستخدام المنصف والمعقول لموارد المنظومة المائية لنهر النيل، على أن تأخذ دول المبادرة في اعتبارها الظروف المتعلقة بالموارد، بما فيها محدوديته». بموجب هذه البنود قررت مصر في تموز/يوليو 2010 عدم المشاركة في فعاليات مبادرة حوض النيل بكافة أنشطتها، نتيجة توقيع دول الحوض على الاتفاقية الإطارية «عنتيبي» المتفق عليها من معظم دول حوض النيل عدا مصر والسودان، والتي اشترطت وقتها تعديل 3 بنود ووضع نص صريح في البند الرقم (14) الخاص بالأمن المائي بعدم المساس بحصتها من مياه النيل، وحقوقها التاريخية التي أجحفت في حقوق دول الحوض كافة.
[8] «إدارة مياه النيل كمحدد للتعاون والصراع بين دول حوض النيل،» موقع «مقاتل من الصحراء».
[9] «أزمة مياه النيل بين الانفجار والانفراج،» مجلة البيان (11 حزيران/يونيو 2014)، <http://www.albayan.co.uk/text.aspx?id=343> (accessed on 24 July 2018).
[10] هاني سليمان، «مصر وأزمة المياه في حوض النيل،» المركز العربي للبحوث والدراسات، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2015، <http://www.acrseg.org/39526>.
[11] المصدر نفسه.
[12] المصدر نفسه.
[13] سمير منصور، «اتفاقات حوض النيل والقانون الدولي،» آفاق أفريقية (القاهرة)، العدد 39 (2012)، ص 11.
[14] المصدر نفسه، ص 11.
[15] «أزمة مياه النيل بين الانفجار والانفراج،» مجلة البيان.
[16] المصدر نفسه.
[17] «إدارة مياه النيل كمحدد للتعاون والصراع بين دول حوض النيل،» موقع «مقاتل من الصحراء».
[18] المصدر نفسه.
[19] محمد دامو، «الأطماع (الإسرائيلية) في المياه العربية، وانعكاساتها على الأمن القومي العربي،» موقع التاريخ، <http://www.altareekh.com/article/view> (accessed on 28 July 2017).
[20] فهد ياسين، «التغلغل الإسرائيلي في شرق أفريقيا: أهدافه ومخاطره،» موقع ريم أفريك، <http://rimafric.info/node/1099> (accessed on 2 August 2018).
[21] أشرف الفرا، «الأطماع الإسرائيلية في مياه النيل،» دنيا الوطن، 14/6/2014، <https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/332995.html>.
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.
مقالات ذات صلة
0 Comments
Add comment إلغاء الرد
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
رائع ويجب التوسع فى نشرة وتعزيزة فى المنتهج الدراسية