يعيد هذا الكتاب تشريح الوضع اللبناني الذي تتآكله الطائفية بإشراف زعماء الطوائف القاهرة التي تعيث بالبلد فساداً ومحاصصة، مشرعة أبوابه للخارج، تارة للاحتماء بهذا الخارج أو الاستقواء به لا فرق، وطوراً لتنفيذ أجندات يمكن القول فيها كل شيء إلّا أن تكون وطنية.

من هنا يرى مؤلف الكتاب – كما يأتي في تعريفه – «أن لبنان محاط بدول ومحاور متصارعة، فشعوبه عابرة للحدود، وحدوده رخوة تعبرها القضايا السياسية، والسياسات، والطوائف والمصالح، وتتدفق عليه الأموال بأثمان سياسية مكلفة».

ويرى المؤلف أن خطيئة لبنان الأصلية «تكوينية»؛ «لم ينشأ كوطن بل كموطئ طوائف، حبل به العقل الماروني ملجأ ومرفأ. دخله السنة بعد ممانعة، أُلحق به الشيعة بعد هزيمة. اختاروا أن تكون الدولة على قياساتهم المتباينة والمختلفة. سموا ذلك تعايشاً ولم يتعايشوا، لديهم دستور جديد أهملوه عن عمد. اختاروا أن يكون لكل طائفة أو قبيلة وعشيرة حصة. وباتت الدولة في خدمة الطوائف، إلى أن احتلت الطوائف الدولة. حدث مراراً في الحرب أولاً وفي السلم راهناً».

وكما يأتي أيضاً في تعريف الكتاب «لبنان ليس للبنانيين، يشبَّه أنه لهم. لكل محور حصة ولكل طائفة فروع خارجية، والدولة كرقاص الساعة. هي هنا وهناك في كل منعطف، ولأنه كذلك عاش ما يقارب المئة عام على حافة الدم، وانزلق مراراً. تذوَّق أهله مرارة القتل، ومذلة العيش حتى بلغ باكراً سن اليأس».

محاولات إصلاحه فشلت وتنبأ الرئيس فؤاد شهاب بانفجاره ولقد انفجر. ولبنان بعد نحو مئة عام من يتنبأ بصيرورته دولة؟ هذا الكتاب يسأل ويجيب، لعلّ أحداً يستجيب.