ملخص:

يهدف هذا البحث إلى بيان وضع المجتمع العربي والإسلامي المعاصر من حيث جوانب التخلف والنهوض الحضاري باستخدام مؤشرات معتمدة عالميًا تشمل مؤشرات اقتصادية، اجتماعية، سياسية، تقنية، ومقارنتها ببعض الدول المتقدمة بوصفها معيارًا لمعرفة الوضع الراهن.

تم اختيار نماذج من الدول العربية والإسلامية لدراسة أوضاعها وبيان حالاتها. هذه الدول هي السعودية، مصر، المغرب، العراق، ليبيا، تركيا، ماليزيا، وإيران، وتمت مقارنتها ببعض الدول الصناعية المحسوبة على الدول المُتقدمة مثل الصين، اليابان، فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا، وذلك للفترة الممتدة من 2010 حتى 2018. ولعرض بيانات المؤشرات، تمّ استخدام أدوات التحليل الوصفي مثل الجداول والرسومات البيانية من أجل سهولة بيان أوضاع هذه الدول، ومقارنتها، ومعرفة مدى التقدّم أو التراجع في كل مؤشر من المؤشرات.

وخلص البحث إلى أن الوضع الراهن للدول العربية والإسلامية في حالة تراجع وضعف في أغلب المؤشرات، على الرغم من أن هذه الدول تمتلك عوامل الحركة والنهوض ومقوماتهما- باستثناء دولتيّ تركيا وماليزيا اللتين حققتا تقدمًا ملحوظًا في بعض المؤشرات، وذلك لانتهاجهما سياسات أكثر فاعلية في تحقيق الاكتفاء الذاتي في أغلب المجالات.

وأبرز ما يوصي به البحث ضرورة التنسيق والتكامل بين الدول العربية والإسلامية، وتوحيد القرار السياسي، وإنشاء أسواق اقتصادية مشتركة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاكتفاء الذاتي، والاتجاه نحو الوحدة وحماية الأمن القومي العربي الإسلامي.

الكلمات المفتاحية: مؤشرات النهوض الحضاري، النهوض الحضاري، التخلف الحضاري.

مقدمة:

ظهر الاهتمام بدراسة قضايا التخلف والنهوض الحضاري في المجتمع العربي والإسلامي منذ نهاية القرن التاسع عشر، وأصبحت هذه القضايا محلّ اهتمامٍ كبيرٍ لدى نخبة من المفكرين العرب والمسلمين المعاصرين، الذين قدّموا العديد من الدراسات والأبحاث والطروحات التي تدور حول إيجاد المقترحات والحلول لمعالجة التراجع والركود والأزمات ذات الأبعاد الحضارية المختلفة التي يمرّ بها المجتمع العربي والإسلامي.

باستخدام منهج وصفي ـــــ تحليلي ـــــ نقدي مقارن، يحاول هذا البحث أن يقف على جُملة من العوامل والمكوّنات المادية للتقدّم والنهوض الحضاري في المجتمع العربي والإسلامي المعاصر مقارنةً ببعض دول العالم المُتقدمة في العصر الحاضر- عصر تربع الدول الكبرى من الغرب والشرق على عرش الحضارة العالمية المعاصرة؛ وفي الوقت نفسه باعتبار تلك المكونات المادّية هي نفسها قد تُمثل عوائق للنهوض وسببًا في التخلف الحضاري المعاصر، وفق مقاييس ومؤشرات اعتمد عليها البحث العلمي المعاصر لتقييم حالة التقدم والتخلّف في المجتمعات المعاصرة.

وقد اقتصر البحث هنا على حصر مؤشرات التقدم والتخلف في المجتمع العربي والإسلامي وعرضها مقارنةً ببعض الدول المتقدمة بوصفها معيارًا لمعرفة وضعنا الراهن تاركين المؤشرات المعنوية الأخرى لدراسات لاحقة.

أولًا: مشكلة البحث

نظرًا للواقع المرير الذي يمر به المجتمع العربي والإسلامي والتراجع والتخلف والركود الذي شمل جميع المستويات، فقد تعددت وجهات نظر المفكرين والمثقفين العرب والمسلمين المعاصرين المُهتمين بدراسة قضايا التخلف والتقدم حول آليات وعوامل النهوض الحضاري. يحاول البحث أن يقف على جُملة من العوامل والمقومات المادّية للتقدم والنهوض الحضاري وفق مقاييس ومؤشرات معتمدة عالميًا في قياس التقدم والتخلف؛ كونها تعتمد على نسب وأرقام محددة. وتكمن مشكلة البحث في الإجابة عن التساؤلات الآتية:

1- ماهي العوامل المادّية للتقدم والنهوض الحضاري ومؤشراتها؟

2- ما هو واقع المجتمع العربي والإسلامي من حيث العوامل المادّية للتقدم والنهوض الحضاري حسب المؤشرات العالمية مقارنة ببعض الدول المتقدمة؟

ثانيًا: أهمية البحث

تبرز أهمية البحث من خلال الآتي:

1- يُناقش قضية من أهم القضايا التي شغلت الفكر الإنساني المعاصر وهي تأخر المجتمعات العربية والإسلامية وتقدّم غيرها.

2- الحاجة إلى دراسة واقع المجتمع العربي والإسلامي وفق مؤشرات معتمدة عالميًا لبيان حالات التخلف والنهوض ومقارنتها ببعض الدول المتقدمة لمعرفة الفجوة الحاصلة بين الطرفين في بعض الجوانب المادّية.

3- حاجة المجتمع العربي والإسلامي المعاصر إلى تشخيص واقعه الحضاري، ومعرفة أسباب التخلف، وبيان أثرها، وكذلك التعرف على عوامل النهوض الحضاري ومقوماته.

ثالثًا: أهداف البحث

يهدف البحث إلى تحقيق الأهداف الآتية:

1- عرض مؤشرات قياس حالات التقدم والتخلف في المجتمع العربي والإسلامي مقارنة ببعض الدول المتقدمة بوصفها معيارًا لمعرفة وضعنا الراهن.

2- دراسة حالة بعض الدول العربية والإسلامية المعاصرة من حيث التقدّم والتخلّف خلال الفترة الممتدة من 2010 حتى 2018، ومقارنتها ببعض الدول الصناعية المصنفة على أنها من الدول المتقدمة.

3- بيان أبرز أسباب تراجع الدول العربية والإسلامية المعاصرة وضعفها في أغلب المؤشرات رغم امتلاكها إمكانية النهوض وتوافر عوامله المادية.

4- تقديم بعض المقترحات.

رابعًا: حدود البحث

الحدود الموضوعية: بيان حالات التخلف والنهوض الحضاري باستخدام مؤشرات معتمدة عالميًا تشمل المؤشرات المادّية (الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، التقنية). وتم استبعاد المؤشرات المعنوية (الفكرية والقيمية والدينية).

الحدود المكانية والزمانية: تم اختيار بعض الدول العربية والإسلامية أنموذجًا للبحث والدراسة، وتمثلت هذه الدول بــالسعودية، مصر، المغرب، العراق، ليبيا، تركيا، ماليزيا، إيران، ومقارنتها ببعض الدول الصناعية المُتقدمة مثل الصين، اليابان، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا. وذلك خلال الفترة الممتدة بين 2010 حتى 2018.

خامسًا: مصطلحات البحث

1- التخلّف:

أ- التخلّف لغًة:

جاء في معجم مقاييس اللغة ولسان العرب: “الخلف ضد قدام، وخلفه يخلفه صار خلفه، وخلّفه وأخلفه جعله خلفه، وجلست خلف فلان أي بعده، والتخلف: التأخر. والخلف يجيء بمعنى التخلف عمن تقدم”[1].

ب- التخلّف اصطلاحًا:

جاء في معجم العلوم الاجتماعية أنّ التخلّف هو: “ارتفاع نسبة الوفيات، وانخفاض متوسط العمر للفرد، وسوء التغذية وارتفاع نسبة الأمية، وتفوق المشتغلين بالزراعة بنسبة كبيرة عن عدد المشتغلين بالصناعة وانخفاض نسبة تشغيل الأيدي العاملة وانحطاط المستوى الاجتماعي للمرأة، وعدم وجود طبقة وسطى لها وزنها الاقتصادي في المجتمع، والخضوع لنظام حُكم أوتوقراطي تعسفي”[2].

ويميل البعض إلى تعريف التخلّف من الجانب الاقتصادي بأنه “اصطلاح يوصف به كثير من الدول التي يكشف تطورها على مدار الزمن عن ركود، أو تدهور اقتصادي، من مظاهره: ندرة رأس المال، انخفاض الأهمية النسبية لقطاع الصناعة، ضآلة دخل الفرد في المتوسط؛ مما تنعكس آثاره على انخفاض مستوى المعيشة”[3].

ونُعرّف التخلّف بأنه “التأخر والتراجع في شتى مجالات وجوانب الحياة (العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتقنية)، وله آثارٌ بارزة تظهر في المجتمع منها: الجهل والفقر والبطالة، وانتشار الفساد، وتدهور أوضاع المجتمع الاقتصادية، واهمال قدرات الموارد البشرية وتعطيلها”.

وبناءً على ما سبق فإن مشكلة التخلّف هي مشكلة حضارة. وهذا ما أشار إليه المفكر مالك بن نبي بقوله: “إن المشاكل العديدة التي تطلق على مجموعها مصطلح التخلف، هي في الواقع تعبيرات مختلفة عن مشكلة واحدة ومفردة تواجه كل بلاد متخلفة، أي أنها مشكلة حضارة”[4]. وتقدّم أي مجتمع في تصور مالك بن نبي مرتبط بفهم العوامل التي تبني الحضارة أو تهدمها[5].

2- النهوض:

أ- النهوض لغًة:

جاء في المعجم الوسيط أن النهو “بمعنى الوثبة في سبيل التقدم الاجتماعي أو غيره، ويقال: نهض من مكانه إلى كذا، ونهض إلى العدو: أسرع إلى ملاقاته، والنّهاض: الدؤوب على أن يسلك سبيل التقدم والكثير النهوض”[6].

ب- النهوض اصطلاحاً:

النهوض هو “عمل وفكر جماعي، فلا يمكن لأي إنسان مهما بلغ من قدرات أن يقوم بنهضة بمفرده، بل إن الفكر النهضوي وكل الأفكار العظيمة هي أفكار تتناقل وتنضج من جيل إلى جيل، لكي تستطيع أن تصنع التغير المرجو”[7].

وللنهوض معنيان، أحدهما: “تجدّد الأمة في مجموع أحوالها بعامل أو عوامل استفزتها وتغلبت على العوامل الأخرى”، أمّا المعنى الآخر فهو “الانتباه لوجوب إحداث التغير والشعور بابتداء وقوع ذلك التغير”[8].

والنهوض الحضاري يعني “ثمرة تفاعل أبناء الأمة مع واقعهم، وسعيهم لتطوير هذا الواقع، بلوغاً لأهداف قاموا ببلورتها، ووضعوا تحقيقها نصب أعينهم، وهذه البلورة تتم من خلال مسيرة جهاد ونضال، وكفاح، وتشهد حواراً متصلاً في المجتمع بين مختلف تياراته الفكرية وشرائحه الاجتماعية، وتتعلق هذه الأهداف بحياة الناس، وأحلامهم في ضوء ما يعيشونه، ويعانونه، ويأملونه”[9].

ويرى جاسم سلطان أن “النهوض الحضاري عبارة عن حركة فكرية عامة منتشرة في أغلب بلدان العالم العربي والإسلامي تتقدم باستمرار في فضاء القرن وتطرح الجديد دون قطيعة مع التراث، وتعمل في كل الميادين الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية”[10].

وبناءً على ما سبق يُمكن تعريف النهوض الحضاري بأنه: “الوقوف على أسباب التخلف وإيجاد الحلول الملائمة لها، والعمل على بناء مشروع شامل ينطلق من رؤية موحدة وأهداف مشتركة لتحقيق التنمية المستدامة والاكتفاء الذاتي في كافة المجالات، والاتجاه نحو التقارب والحوار بين مختلف التيارات الفكرية في المجتمع والسعي نحو مواكبة العصر ومتطلباته ومقتضياته وما وصل إليه من تقدم وتطور دون القطيعة مع التراث”.

3- المجتمع العربي والإسلامي:

هو “تآلف معقد يشمل بين مقوماته الأساسية الأفراد والجماعات والوطن… البيئة والسُكان والتنظيم الاجتماعي والمؤسسات والبُنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بمختلف تفرعاتها واتجاهاتها، متفاعلة فيما بينها ومع المجتمعات الأخرى عبر التاريخ”[11].

سادساً: مدخل

تعددت مؤشرات التخلف والنهوض الحضاري ومقاييسهما التي اعتمد عليها الباحثون والمُتخصصون في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتقني، نظرًا لاختلاف تصوراتهم للتخلف والنهوض. وبإمكاننا هنا طرح أهم المؤشرات المعتمدة عالميًا من قِبل الأمم المتحدة ومنظمات أخرى مُعترف بها دوليًا، وتشمل مؤشرات اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وتقنية، مع بيان المعايير المُنبثقة من هذه المؤشرات ومقارنتها ببعض الدول المتقدمة بوصفها معيارًا لمعرفة الوضع الحالي للمجتمع العربي والإسلامي.

مُبررات اختيار الدول المدروسة والمقارنة:

تم اختيار بعض الدول العربية والإسلامية وبعض الدول الصناعية المُتقدمة؛ لأنها تمتلك بعض الصفات والخصائص المشتركة في المقومات (سواء في مواردها الطبيعية أو في موقعها الجغرافي أو التاريخي وغير ذلك) وبإمكاننا إيجاز تلك المُبررات بالآتي:

  • تم اختيار دولتين عربيتين مطلتين على الخليج العربي (السعودية، العراق)، لأن كليهما تمتلكان موارد نفطية كبيرة، وقامت عدّة دويلات إسلامية فيهما، وتمتلكان موقعًا جُغرافيًا مناسبًا، ولديهما تاريخان حضاريان متفاوتان في الزمن ويُمثلان جزءًا آسيوياً مهماً في الوطن العربي. وأمّا الدول (مصر، ليبيا، المغرب) فتم اختيارها لما تملكه جميعًا من الموقع الجُغرافي المُهم على سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر. كما اقتصر البحث على الدول الثلاث لامتلاكها تاريخًا حضاريًا مؤثرًا في القِدم والمُمتد إلى العصر الإسلامي الوسيط وصولاً إلى العصر الحديث، فضلًا عن توافر العديد من العوامل المادّية والبشرية والعلمية التي تشكل مقياسًا للتخلف أو النهوض الحضاري في العصر الحاضر.
  • تم اختيار نماذج من الدول الإسلامية غير العربية كـدولتيّ (إيران، تركيا) لأن كلتيهما تمتلكان حضارة قديمة امتدت لآلاف السنين، وتمتلكان موقعًا جغرافيًا مناسباً، وموارد نفطية كـإيران أو خبرات بشرية وصناعية وتقنية مناسبة كـتركيا. وأيضًا تم اختيار دولة ماليزيا؛ لأنها شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة في أغلب المجالات، للاستفادة من تجاربها الناجحة على الرغم من قلّة امتلاكها لموارد الطاقة.
  • تم اختيار بعض الدول الصناعية المتقدمة مثل (الصين، فرنسا، إيطاليا) لامتلاكها جميعًا موقعًا جغرافيًا مناسبًا ومتنوعًا ومن قارتي آسيا وأوروبا، ومرت بأحداث تاريخية مختلفة، وتمتلك إرثًا حضاريًا قديمًا، وتمتلك خبرات بشرية وصناعية وتقنية مناسبة. وتم اختيار دولتيّ (ألمانيا، اليابان) لأنهما شهدتا تطورًا كبيرًا وتقدمًا ونهوضًا على مرّ السنوات بالرغم من أنهما هُزمتا في الحرب العالمية الأولى والثانية.

سابعاً: المبحث الأول: المؤشرات الاقتصادية لدول البحث والمقارنة

أولاً: مؤشر الناتج المحلي الإجمالي[12]

جدول (1-1) يُبيّن مؤشر الناتج المحلي في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

 

ومن الجدول (1-1) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ انخفاض الناتج المحلي في أغلب الدول العربية والإسلامية باستثناء دولة تركيا؛ حيث نجد ارتفاعًا ملحوظًا في ناتجها المحلي خلال الفترة (2010م – 2018م)، بينما لوحظ ارتفاعًا كبيرًا في الناتج المحلي لمجموعة الدول الصناعية. وهنا تظهر مدى الفجوة بينها وبين الدول العربية والإسلامية.

ثانيًا: مؤشر دخل الفرد سنويًا[13]

جدول (2-1) يُبيّن مؤشر دخل الفرد في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (2-1) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ انخفاض دخل الفرد السنوي في الدول العربية والإسلامية باستثناء تركيا والسعودية، بينما في مجموعة الدول الصناعية لوحظ ارتفاعًا كبيرًا لدخل الفرد السنوي باستثناء الصين كون عدد سكانها يتجاوز المليار والثلث مليار نسمة أيّ ما يُعادل  سُكان العالم بأسره.

ثالثًا: مؤشر حجم الصادرات[14]

جدول (3-1) يُبيّن مؤشر الصادرات في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (3-1) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ تراجع حجم الصادرات في الدول العربية والإسلامية باستثناء تركيا التي شهدت ارتفاعًا في حجم صادراتها عمّا كانت عليه في السنوات السابقة، والجدير بالذكر أن الانخفاض الشديد في حجم الصادرات لدولة إيران يرجع إلى العقوبات الاقتصادية التي تمّ فرضها من قِبل أمريكا على صادراتها النفطية. بينما لوحظ أيضًا تراجعٌ في حجم الصادرات لمجموعة الدول الصناعية عما كانت عليه في السنوات السابقة، لكنها لا تزال في الصدارة في قائمة مجموعة البلدان العربية والإسلامية موضوع البحث.

رابعًا: مؤشر حجم الواردات[15]

جدول (4-1) يُبيّن مؤشر الواردات في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (4-1) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ انخفاضًا ملحوظًا في حجم الواردات لدولة تركيا التي اعتمدت على نفسها مؤخرًا في مجال التصنيع وتحقيق الاكتفاء الذاتي في أغلب المجالات. بينما لوحظ انخفاضٌ في حجم الواردات لمجموعة الدول الصناعية عمّا كانت عليه في السنوات السابقة، وهذا يدلّ على أن هذه الدول تعتمد في سياساتها الاقتصادية على تحقيق الاكتفاء الذاتي في أغلب المجالات باستثناء بعض الواردات كالنفط والغاز.

 

خامسًا: مؤشر الاستثمار[16]

جدول (5-1) يُبيّن مؤشر الاستثمار في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (5-1) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ تذبذبًا بين انخفاض وارتفاع في نسب الاستثمار من إجمالي الناتج المحلي للدول العربية والإسلامية خلال الفترة (2010 – 2018)، باستثناء تركيا التي سجلت ارتفاعًا متواليًا خلال الفترة نفسها، بينما لوحظ في مجموعة الدول الصناعية ارتفاعٌ متوالٍ في نسب الاستثمار مقارنة بالسنوات السابقة، باستثناء الصين وايطاليا.

سادسًا- مؤشر التضخم[17]

جدول (6-1) يُبيّن مؤشر التضخم في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (6-1) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ ازديادًا ملحوظًا في نسبة التضخم، لعام 2018 في كلّ من (إيران، ليبيا، مصر، تركيا) مقارنةً بما كانت عليه في الأعوام السابقة، بينما لوحظ في مجموعة الدول الصناعية ازديادٌ ضئيلٌ في نسبة التضخم خلال الفترة (2010 – 2018)، وهذا يدل على أن هذه الدول مستقرة سياسيًا واقتصادًيا.

سابعًا- مؤشر الزراعة[18]

جدول (7-1) يُبيّن مؤشر قيم الزراعة في اقتصاد مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

 

ومن الجدول (7-1) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ أنه على الرغم من امتلاك الدول العربية أراضٍ واسعة وصالحة للزراعة مثل مصر والمغرب فإن نسبة الإنتاج الزراعي فيها لم يتجاوز 13%. ونلاحظ انخفاضًا في نسبة الإنتاج الزراعي لمجموعة الدول الصناعية نظرًا للظروف البيئية والجوية.

ثامنًا- مؤشر الصناعة[19]

جدول (8-1) يُبيّن مؤشر قيم الصناعة في اقتصاد مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (8-1) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ انخفاض نسبة القيمة المضافة للتصنيع من إجمالي الناتج المحلي في الدول العربية والإسلامية باستثناء ماليزيا وتركيا اللتان سجلتا أعلى النسب؛ وذلك لأن هذه الدول اعتمدت على نفسها مؤخرًا في مجال التصنيع وتحقيق الاكتفاء الذاتي في أغلب المجالات، بينما لوحظ ارتفاعٌ في نسبة القيمة المضافة للتصنيع في مجموعة الدول الصناعية باستثناء فرنسا.

تاسعًا: مؤشر إنتـاج الطاقــة، ومُعدل الاكتفاء الذاتي للطاقة[20]

جدول (9-1) يُبيّن مؤشر الإنتاج والاكتفاء الذاتي للطاقة في الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

وبعد عرض المؤشرات الاقتصادية للدول العربية والإسلامية للفترة بين (2010-2018)، ومقارنتها ببعض الدول الصناعية المتقدمة يُمكننا أن نستنج ما يلي:

1- تراجع أغلب الدول العربية والإسلامية بين عامي (2010-2018) وهذا يعني أن الفجوة تزداد بين الدول العربية والإسلامية وبين الدول الصناعية المتقدمة نتيجة لهذا التراجع.

2- ضعف منافسة الدول العربية والإسلامية للعالم المتقدم، ولم يؤثر عامل الزمن إيجابيًا بالدفع بهذه الدول نحو النهوض؛ حيث تبقى عملية اللحاق بالعالم المتقدم في مكانها رغم إمكانية الحركة وتوافر عواملها.

3- تراجع الاستثمار وضعفه في أغلب الدول العربية والإسلامية من أسباب ضعف وتأخر اقتصاد هذه الدول وتراجع دخلها القومي، فضلًا عن ضعف قُدرتها على استيعاب القوى العاملة وإيجاد فرص جديدة للشباب لرفع مستوى المعيشة ومعالجة البطالة والقضاء على الفقر.

4- عدم استقرار نسب التضخم في أغلب الدول العربية والإسلامية، ويرجع ذلك إلى ضعف الدعم الحكومي للسلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة عُملاتها مقابل الدولار الأمريكي، ويؤثر ارتفاع نسب التضخم على ارتفاع نسبة الفقر، ولا سيما على أصحاب الدخل الثابت.

5- انشغال بعض الدول العربية والإسلامية بالتدخل في شؤون الدول الأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر، مما جعلها تدفع فواتير الصراعات والحروب من مواردها المالية، وأدى ذلك إلى تراجعها بشكل ملحوظ.

6- تمكّنت الدول الكبرى والمهيمنة عالميًا من توجيه بوصلة الدول العربية والإسلامية نحو مزيد من التمزق والتنازع والتنافس، بدلاً من اتجاه هذه الدول نحو التكامل والوحدة في وجه تلك القوى الكبرى ومنافستها كما فعلت الصين وغيرها.

7- زيادة الاستهلاك بفارق ملحوظ عن الاستثمار في الإنتاج والادخار بسبب الزيادة السكانية التي لم ترافقها زيادة في البحث عن فرص للاستثمار في الإنتاج الصناعي والسلعي والخدمي، خلافًا لما كان متوقعًا من الدول العربية والإسلامية، وبخاصة في هذه الفترة الممتدة بين عامي 2010 و2018. وبالنظر إلى واقع المجتمع العربي والإسلامي في هذه الفترة، ووقوع جملة من الثورات والنزاعات العسكرية، ووقوع الدول في التجاذب الإقليمي الدولي، والمنازعة على الزعامة ولعب الدور المحوري، بدلاً من توجّهها نحو تشكيل كتلة اقتصادية وسياسية وعسكرية لحماية أمنها القومي وموقعها الجيوسياسي داخل الجغرافية الطبيعية والسياسية في العالم.

8- أغلب الدول العربية والإسلامية لا تتوفر فيها بيئة محفزة للاستثمارات الداخلية والأجنبية، ناهيك عن الفساد الإداري والمالي والسياسي، وهو ما يدفع بالمستثمرين إلى ضخّ أموالهم واستثمارها في الخارج، ومن ثم تلجأ الدول للاقتراض الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع مُعدل الديون الخارجية، ونتيجة لذلك تقبل هذه الدول بالشروط المفروضة عليها وتظل في تبعية دائمة للغرب.

9- ضعف الإنتاج الزراعي في أغلب الدول العربية والإسلامية- على الرغم من امتلاكها أراضٍ واسعة وصالحة للزراعة، وهذا يرجع إلى تدني الكفاءة الإدارية والسياسات الاقتصادية في هذه الدول، ناهيك عن ضعف الاستفادة من الآليات والتقنيات الزراعية الحديثة، حيث لو تم استغلال هذه الأراضي بشكل أفضل لاستطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية حاجاتها من الأمن الغذائي.

10- حققت دولتا (تركيا وماليزيا) نجاحًا ملحوظًا في مجال التصنيع والاقتصاد، بالرغم من أنهما لا تمتلكان موارد مالية كتلك الدول المصدرة للنفط والغاز؛ إذ إنها أولت اهتمامها بتنمية الجانب البشري علميًا وتقنيًا، فضلًا عن انتهاجهما سياسات اقتصادية أكثر فاعلية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في أغلب المجالات.

11- نجد غياب التكامل والتنسيق المشترك بين الدول العربية والإسلامية في مجال التصنيع، وخاصة أن بعض الدول تمتلك ميزانيات مالية ضخمة وفائضة من إيراداتها النفطية، فبدلاً من ضخ أموالها واستثمارها في الخارج، ينبغي التنسيق والاشتراك فيما بينها في مجال الصناعات الثقيلة، على سبيل المثال نجد أن بعض الدول الأوربية اجتمعت واشتركت في مجال تصنيع الطائرات والسفن والمركبات وغيرها، الأمر الذي جعلها تتميز وتنفرد في جانب الصناعات الثقيلة.

12- بالرغم من توافر الموارد والثروات الطبيعية في بعض الدول العربية والإسلامية المُصدرة للنفط والغاز، لكنها ليست من أوائل الدول في مجال الطاقة، ويرجع ذلك إلى أنها لم تُحسن استخدام واستغلال هذه الموارد بما يعود على التنمية والنهوض الاقتصادي لبُلدانها؛ إذ إنها تدفع مبالغ باهظة للشركات الأجنبية والعمالة الأجنبية لعدم امتلاكها الآلات والتقنيات اللازمة، وأيضا ضعف الُقدرات والمهارات الفنية لدى عُمّالها.

13- يرجع سبب التدني في الاكتفاء الذاتي للطاقة في (تركيا) إلى منعها من التنقيب عن البترول في أراضيها والسماح لها باستيراده فقط، بناء على معاهدة (لوزان 1923م)[21].

14- تبقى الوحدة العربية والإسلامية هي العامل المهم في تجاوز التخلف وسدّ الفجوة بين العالم المتقدم على الأقل في الجانب الاقتصادي والأمن القومي العربي والإسلامي.

ثامناً: المبحث الثاني: المؤشرات الاجتماعية والعلمية لدول البحث والمقارنة

أولاً: مؤشر الإنفاق العام على التعليم[22]

جدول (1-2) يُبيّن مؤشر الإنفاق على التعليم في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (1-2) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ أنه خلال هذه الفترة لم يطرأ أي تغيير في نسبة الإنفاق على التعليم العام التي تُخصصها الدول العربية من إجمالي دخلها القومي، بينما لوحظ وجود تغيير(ارتفاع وانخفاض) في الدول الإسلامية. ويلاحظ وجود تقارب بين مجموعة الدول العربية والإسلامية وبين الدول الصناعية فيما يتمّ تخصيصه للإنفاق على التعليم باستثناء السعودية، وهذا لا يعني وجود علاقة بين الإنفاق على التعليم العام وجودة التعليم في هذه الدول.

ثانيًا: مؤشر الإنفاق على البحث والتطوير[23]

جدول (2-2) يُبيّن مؤشر الإنفاق على البحث والتطوير في الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (2-2) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ ضآلة ما يتم تخصيصه في الدول العربية والإسلامية من إجمالي الناتج المحلي للإنفاق على البحث العلمي والتطوير، باستثناء دولة ماليزيا التي سجلت تقدمًا في هذا المؤشر، ولكن لو تمّت مقارنتها مع دولة اليابان على سبيل المثال لوجدنا أن الأخيرة تُنفق على البحث والتطوير ضعف ما تُنفقه ماليزيا. وأيضًا نلاحظ وجود فجوة كبيرة بين مجموعة الدول العربية والإسلامية وبين مجموعة الدول الصناعية في هذا المؤشر.

ثالثًا: مؤشر مُعدل معرفة القراءة والكتابة لدى البالغين (٪ من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 15 عامًا، (إناث/ذكور)[24]

جدول (3-2) يُبيّن مؤشر معرفة القراءة والكتابة في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (3-2) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ انخفاض مُعدل معرفة القراءة والكتابة بشكل عام في الدول العربية لا سيما العراق، ووجود فجوة بين الإناث والذكور، بينما نلاحظ ارتفاع المعدل ذاته في الدول العربية والإسلامية الأخرى فضلاً عن انحسار الفجوة بين الذكور والإناث. وبالنظر إلى دولتيّ الصين وإيطاليا نلاحظ الارتفاع العالي للمعدل فضلاً عن التساوي بين الذكور والإناث في معرفة القراءة والكتابة.

رابعًا: مؤشر البطالة % من القوى العاملة[25]

جدول (4-2) يُبيّن مؤشر البطالة في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (4-2) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ ارتفاع نسب مُعدلات البطالة بشكل ملحوظ في الدول العربية والإسلامية باستثناء السعودية وماليزيا. ونلاحظ انخفاض وتراجع نسب مُعدلات البطالة في مجموعة الدول الصناعية باستثناء فرنسا وإيطاليا وهذا يُشير إلى وجود فجوة بينها وبين الدول العربية والإسلامية في هذا المؤشر.

 

خامسًا: مؤشر مشاركة القوى العاملة (% من السكان إناث/ذكور الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر)[26]

جدول (5-2) يُبيّن مؤشر مشاركة القوى العاملة في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (5-2) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ انخفاض المتوسط الإجمالي لمعدل مشاركة القوى العاملة من الإناث في الدول العربية والإسلامية خلال الفترة (2010 – 2018)، ويتضح جليًا وجود تفاوت كبير بين مشاركة الإناث والذكور، وقد يرجع ذلك إلى خصائص المجتمع الذكوري السائد في هذه الدول الذي ينعكس على تهميش دور المرأة في التنمية، بينما نلاحظ في مجموعة الدول الصناعية ارتفاع نسبة مشاركة القوى العاملة من الإناث، وهذا يعكس اهتمامهم بتفعيل دور المرأة وإشراكها في التنمية.

سادسًا: مؤشر الإنفاق على الصحة[27]

جدول (6-2) يُبيّن مؤشر الإنفاق على الصحة في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (6-2) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ انخفاض نسبة الإنفاق على الصحة من إجمالي الناتج المحلي في أغلب الدول العربية والإسلامية، باستثناء إيران التي سجلت تقدمًا ملحوظًا. بينما نلاحظ في مجموعة الدول الصناعية ارتفاعا عاليًا في نسبة الإنفاق على الصحة باستثناء الصين، وهذا يُشير إلى وجود فجوة كبيرة بينها وبين الدول العربية والإسلامية في هذا المؤشر.

سابعًا: مؤشر نسبة الأطباء لكل 10.000 من السكان للفترة من (2007م–2017م)[28]

جدول (7-2) يُبيّن مؤشر نسبة الأطباء من السكان في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ومن الجدول (7-2) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ انخفاض نسبة عدد الأطباء في الدول العربية والإسلامية، وقد يرجع ذلك إلى هجرة العديد من الأطباء المتخصصين إلى الدول الأجنبية بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعانون منها في بُلدانهم، بينما نجد ارتفاع نسبة عدد الأطباء بشكل ملحوظ في مجموعة الدول الصناعية، نتيجة لما تتميز به بُلدانهم من تشجيع ودعم الكوادر الطبية وتوفير البيئة الملائمة لهم من أجل تحفيزهم للاستمرار في العمل وتنمية القطاع الصحي.

وبعد عرض المؤشرات الاجتماعية للدول العربية والإسلامية للفترة بين (2010-2018)، ومقارنتها ببعض الدول الصناعية المتقدمة يُمكننا أن نستنج ما يأتي:

1- بعض الدول تُنفق نسبًا كبيرة من إجمالي دخلها القومي على التعليم العام ومع ذلك لا تزال متأخرة في مؤشر جودة التعليم مقارنةً بدول أخرى تُنفق نسبًا أقل منها وجودة التعليم فيها مرتفعة، وهذا يعني عدم وجود علاقة بين ارتفاع نسب الإنفاق على التعليم وجودة التعليم. على سبيل المثال السعودية والمغرب تُنفقان من إجمالي الدخل القومي نسبًا أكثر من بعض الدول لكن ترتيبهما في مؤشر جودة التعليم (لعام 2019) لايزال متأخرًا؛ حيث إن ترتيب السعودية عالميًا (54)، وترتيب المغرب عالميًا (101)[29].

2- ضعف دعم أغلب الدول العربية والإسلامية لمراكز الأبحاث العلمية، وإغفالها لدور الأبحاث العلمية في مجال التنمية الاقتصادية؛ إذ إنه لو تم ربط هذه المراكز البحثية بسوق العمل لتحوّلت إنجازاتها العلمية إلى تقنيات إنتاجية تساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي، والقدرة على المنافسة.

3- غياب اهتمام الدول العربية والإسلامية بمجال البحث العلمي والتطوير، وإنفاقها الضئيل والمحدود على هذا المجال جعلها تتأخر في الجانب التقني وأصبحت تعتمد على التقنيات الحديثة الواردة من الدول المتقدمة.

4- بالنسبة للمرأة فقد تمّ تغييب دورها الفعّال في تنمية المجتمع، حيث لوحظ انخفاض مشاركتها في القوى العاملة مقارنة بالذكور، فضلاً عن ارتفاع نسبة الأمية لدى الإناث، وقد يرجع ذلك إلى عوامل اجتماعية وثقافية خاصة بالدول العربية والإسلامية تحول دون تمكين المرأة.

5- إن ارتفاع مُعدّلات البطالة في أغلب الدول العربية والإسلامية يرجع إلى عدة أسباب منها: ضعف التوسع في الاستثمارات داخل البلد، وإغفال دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة، وأيضًا ضعف بعض الدول المُنتجة للنفط والغاز في استغلال مواردها نظرًا لغياب الكفاءات الإدارية والسياسات الاقتصادية، ومن ثم عجزها عن إيجاد فرص عمل للمواطنين ولا سيما أصحاب المؤهلات العلمية ومن يملكون الخبرات والقدرات المهنية.

6- إن دولة ماليزيا هي الدولة الوحيدة بين مجموعة الدول العربية والإسلامية التي ينخفض فيها مُعدل البطالة انخفاضًا ملحوظًا، وذلك نظرًا لأنها اهتمت بالتخطيط والتنمية البشرية وركزت على دور اقتصاد المعرفة في النهوض باقتصاد بلدها.

7- ازدياد عدد المهاجرين العرب والمسلمين من ذوي العقول والكفاءات والخبرات العلمية يرجع إلى ضعف الدعم المادّي والمعنوي فضلاً عن تهميش دورهم وسوء استغلالهم في تنمية المجتمع والتضييق عليهم وجعلهم يعيشون في ظروف قاسية يصعب فيها الإبداع والابتكار.

8- إن ضعف الاهتمام بجانب الصحة في الدول العربية والإسلامية يظهر من خلال: ضعف نسبة الإنفاق على البنية التحتية للقطاعات الصحية، وندرة الكوادر الطبية المتخصصة نظرًا لهجرة الكثير منهم بسبب عدم توفر البيئة الملائمة والمحفزة ماديًا ومعنويًا في هذه الدول.

9- إن انتشار ظاهرة الفقر في أغلب الدول العربية والإسلامية هو نتيجة لعوامل داخلية وخارجية؛ حيث يرتبط بالسياسة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية لهذه الدول. وقد أشار تقرير الأمم المتحدة ومبادرة (أكسفورد) للفقر والتنمية البشرية عن مؤشر الفقر العالمي المتعدد الأبعاد للدول النامية لعام 2019 إلى أن “نسبة (%) السُكان الذين يعيشون تحت خط الفقر الوطني بلغ على سبيل المثال في مصر (27.8%) وفي العراق (18.9%)”[30].

تاسعاً: المؤشرات السياسية لدول البحث والمقارنة

 يحتوي مؤشر ايكونوميست الديمقراطي[31] على خمسة مؤشرات: (العملية الانتخابية والتعددية، وأداء الحكومة، والمشاركة السياسية، والثقافة السياسية، والحريات المدنية)، ويتم تصنيف الدول وفق هذه المؤشرات بحسب ما أشار إليه الباحثون إلى خمسة أنواع كما يلي[32]:

أ- الديمقراطية الكاملة: هي تصنيف للدول التي تتمتع بحريات سياسية وحريات مدنية بشكل شبه كامل، فضلاً عن أنها مدعومة بثقافة سياسية تؤدي إلى ازدهار الديمقراطية، وتتمتع بأداء حكومي فعّال ومتوازن؛ وسائل الإعلام فيها مستقلة ومتنوعة، وأيضًا هناك استقلال للسلطات القضائية وتنفيذ القرارات القضائية.

ب – الديمقراطية المعيبة: هي تصنيف للدول التي تتمتع بوجود انتخابات حرة ونزيهة، ويتم فيها أيضًا احترام الحريات المدنية الأساسية، لكن مع بعض الضغوطات على حرية وسائل الإعلام، ووجود نقاط ضعف في نظام الحُكم والثقافة السياسية وانخفاض مستويات المشاركة السياسية.

ج- الأنظمة الهجينة: هي تصنيف للدول التي توجد فيها مخالفات كبيرة تمنع حرية ونزاهة الانتخابات، مع وجود ضغوطات من الحكومة على أحزاب المعارضة والمرشحين، وأيضًا أداء الحكومة والثقافة السياسية والمشاركة السياسية أكثر ضعفًا مما هي عليه في الديمقراطيات المعيبة، بالإضافة إلى انتشار الفساد وضعف سيادة القانون، وغياب القضاء المستقل، ووجود ضغوطات على حرية وسائل الإعلام ومضايقات الصحفيين.

د- الأنظمة الاستبدادية: هي تصنيف للدول التي تتصف بغياب التعددية السياسية في الدولة، مع عدم وجود حرية أو نزاهة في الانتخابات، بالإضافة إلى التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان والحريات المدنية، ووسائل الإعلام فيها مملوكة للدولة أو تسيطر عليها مجموعات تابعة للنظام الحاكم، كما أن أيّ انتقاد للدولة ونظام الحكم يواجه بالقمع، وهناك غياب شبه تام للقضاء المستقل.

وسيتم بيان مؤشرات قياس الوضع الديمقراطي للدول على النحو الآتي:

أولاً: مؤشر العملية الانتخابية والتعددية[33]

جدول (1-3) يُبيّن مؤشر العملية الانتخابية حسب مؤشر (ايكونوميست الديمقراطي) في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ثانيًا: مؤشر أداء الحكومة[34]

جدول (2-3) يُبيّن مؤشر أداء حسب مؤشر (ايكونوميست الديمقراطي) في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

ثالثًا: مؤشر المشاركة السياسية[35]

جدول (3-3) يُبيّن مؤشر المشاركة السياسية حسب مؤشر (ايكونوميست الديمقراطي) في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

رابعًا: مؤشر الثقافة السياسية[36]

جدول (4-3) يُبيّن مؤشر العملية الانتخابية حسب مؤشر (ايكونوميست الديمقراطي) في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

 

خامسًا: مؤشر الحريات المدنية[37]

جدول (5-3) يُبيّن مؤشر الحريات المدنية حسب مؤشر (ايكونوميست الديمقراطي) في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م).

جدول (6-3) يُبيّن نتيجة المؤشرات السياسية حسب مؤشر (ايكونوميست الديمقراطي) في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2010-2018م)

ومن الجدول (6-3) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ: غياب الديمقراطية الكاملة في مجموعة الدول العربية والإسلامية، حيث صُنفت مجموعة الدول العربية بأنها أنظمة استبدادية، بالإضافة إلى إيران. ولوحظ تحسنٌ في الجانب الديمقراطي لدولتيّ تركيا وماليزيا، حيث صُنفت تركيا بـ “أنظمة هجينية”، وماليزيا بـ “ديمقراطية معيبة”. بينما لوحظ في مجموعة الدول الصناعية تحقق الديمقراطية الكاملة في دولتيّ ألمانيا واليابان؛ وأمّا فرنسا وإيطاليا فقد صُنفت بــ “ديمقراطية معيبة”، وصُنفت الصين بـ”الاستبدادية”.

وبعد عرض المؤشرات السياسية للدول العربية والإسلامية للفترة بين (2010-2018) باستخدام مؤشر إيكونوميست الديمقراطي ومقارنتها ببعض الدول الصناعية المتقدمة، يُمكننا أن نستنج ما يلي:  

1- غياب التعددية السياسية في أغلب الدول العربية والإسلامية، مع وجود أزمة في حرية الانتخابات ونزاهتها، بالإضافة إلى التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان والحريات المدنية، ووسائل الإعلام فيها مملوكة للدولة أو تسيطر عليها مجموعات تابعة للنظام الحاكم.

2- غياب القيم السياسية في أغلب الأنظمة العربية والإسلامية، ومنها: العدل والحرية والشورى، حيث تقوم هذه الأنظمة على القوة والمال وقمع الرأي الآخر والاستبداد؛ بالإضافة إلى ضعف أداء الحكومات، وانتشار الفساد، وضعف سيادة القانون، وغياب القضاء المستقل.

3- فشل أغلب الأنظمة العربية في إيجاد الحلول المجتمعية والدولية وعجزها عن حماية نفسها ومواجهة الأخطار التي تواجهها، وهو ما جعلها تقبل بوجود قوات أجنبية في بُلدانها وتقبل بكل ما تفرضه عليها من شروط أفقدتها سيادتها على بلدانها، وبهذا أصبحت عاجزة عن القيام بأي دور للنهوض الاقتصادي أو الاجتماعي وتجاوز مرحلة التخلّف وسدّ الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة.

4- تعاني أغلب الدول العربية والإسلامية من إشكالية غياب إرادة سياسية موحدة وقرار موحد يُمكن من خلاله الوصول إلى رؤى موحدة وأهداف مشتركة، ثم العمل على بناء مؤسسات فاعلة تستهدف الاستقلال والتخلص من التبعية للقوى العالمية المُسيطرة سياسيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا وعسكريًا عليها وعلى العالم بأسره.

5- من المؤكد أن مدى تأثير الجانب السياسي في أمن الدول واستقرارها وتقدمها كبير، لذا فإن أنظمة الدول العربية والإسلامية بحاجة إلى إصلاح الديمقراطية وتقويمها وتفعيلها بمعنى أن يكون للشعب الحقّ في اختيار من يُمثله، وأن تمارس الأغلبية المنتخبة الحُكم بحرية، مع تحديد سياسات وآليات العمل الحكومي بدون أي قيود، وأن يكون للشعب الحق بالمشاركة في الحياة العامة، والانضمام إلى الأحزاب السياسية، وأن تُصان الحريات العامة للمجتمع، منها: حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الاجتماع.

عاشراً: المؤشرات التقنية لدول البحث والمقارنة

أولاً: مؤشر البنية التحتية للاتصالات[38]

جدول (1-4) يُبيّن مؤشر البنية التحتية للاتصالات في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2016-2018م).

ثانيًا: مؤشر الخدمات عبر الإنترنت[39]

جدول (2-4) يُبيّن مؤشر الخدمات عبر الإنترنت في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2016-2018م).

ثالثًا: مؤشر رأس المال البشري[40]

جدول (3-4) يُبيّن مؤشر رأس المال البشري في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2016-2018م).

رابعًا: مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية[41]

جدول (4-4) يُبيّن مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية في مجموعة الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية للفترة (2016-2018م).

من الجدول (4-4) والرسم البياني المُلحق به نلاحظ وجود فجوة كبيرة في مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية بين الدول العربية والإسلامية والدول الصناعية خلال الفترة (2016م – 2018م).

وبعد عرض المؤشرات التقنية للدول العربية والإسلامية للفترة بين (2016-2018) باستخدام المؤشرات التي تم اختيارها من قبل الأمم المتحدة ومقارنتها ببعض الدول الصناعية المتقدمة يُمكننا أن نستنج ما يلي:

1- التمويل غير الكافي للمراكز البحثية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات وصناعة البرمجيات أدّى إلى الاعتماد المتزايد على الخبراء الأجانب، ما يجعل الدول العربية والإسلامية مستوردًا لأغلب التقنيات الحديثة.

2- نقص الكوادر المُدربة الماهرة والقادرة على التعامل مع التقنيات الحديثة، بالإضافة إلى ضعف نشر الثقافة الإلكترونية في جميع مراحل التعليم الأساسي والثانوي.

3- إن الشركات الأجنبية لا تزال تتحكم في مجال تقنيات الربط الشبكي بين الدول، وأيضًا أغلب مراكز البيانات في العالم تمتلكها هذه الشركات الأمر الذي يجعل الدول العربية والإسلامية تعتمد اعتمادًا كليًا في اتصالاتها واستضافة بياناتها على هذه الشركات وهذا يعرض أمنها القومي للخطر ناهيك عن التكلفة الباهظة.

4- مما لا شك فيه أن الجانب التقني يؤثر في البنية التحتية للدولة فتقنية المعلومات والاتصالات أدّت إلى ثورة في الجوانب الاقتصادية والصحية والعلمية وغيرها، وينبغي على الدول العربية والإسلامية أن تُعطي أولوية للاستثمار والتنسيق والتكامل بينها لتمويل وإيجاد بنية تحتية لشبكات اتصالات خاصة بها والاستثمار في صناعة تقنيات مُستقلة ودعم الموارد البشرية وتدريبها بحيث تكون قادرة على التركيب والتشغيل والصيانة وعدم اللجوء إلى الخارج.

الخاتمة

حاول البحث وفق المنهج الذي رسمه لنفسه في البداية أن يقف على جُملة العوامل والمكونات المادّية للنهوض والتخلف الحضاري وفق جدلية حضارية ارتآها ابن خلدون في مُقدمته وهي أن عوامل النهوض نفسها يُمكن أن تكون عوامل تخلف ليس بذاتها وإنما بجدلها الصاعد والهابط، وفق مقاييس ومؤشرات اعتمد عليها البحث العلمي المُعاصر في قياس ظاهرة التخلف والتقدم الحضاري لهذا المجتمع أو ذاك أو لهذه الأمة أو تلك. وبناءً على ما تقدّم عرضه من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتقنية لدول البحث والدراسة لبيان الفرق في حالات النهوض والتقدم وفق هذه المؤشرات بعد أن استبعدنا المؤشرات المعنوية (الفكرية والقيمية والدينية) لأبحاث أخرى يُمكن للبحث الخروج بأهم النتائج والتوصيات على النحو الآتي:

أولاً: النتائج

1- تراجع الدول العربية والإسلامية في الجانب الاقتصادي للفترة بين (2010-2018)، رغم إمكانية الحركة والنهوض وتوافر عواملها، باستثناء (تركيا وماليزيا) لانتهاجهما سياسات اقتصادية أكثر فاعلية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في أغلب المجالات.

2- إهمال أغلب الدول العربية والإسلامية للمراكز العلمية والبحثية، وإغفالها لدور الأبحاث العلمية في مجال التنمية الاقتصادية والتقنية.

3- تردي الوضع الاجتماعي في أغلب الدول العربية والإسلامية، وارتفاع مُعدلات البطالة والفقر وانتشار الفساد بسبب النظم الاجتماعية والسياسية غير العادلة السائدة في هذه الدول.

4- غياب القيم السياسية والديمقراطية في أغلب أنظمة الدول العربية والإسلامية، وهو ما أثّر في أمنها واستقرارها السياسي وانعكس ذلك على تأخر وتراجع هذه الدول.

5- تأخّر أغلب الدول العربية والإسلامية في المجال التقني، وإهمال دعم الحكومات لهذا الجانب أثرّ في البنية التحتية للدولة. هذا الأمر يجعلها تعتمد في اتصالاتها واستضافة بياناتها على شركات أجنبية وهذا يُعرّض أمنها القومي للخطر- ناهيك عن التكلفة الباهظة.

ثانيًا: التوصيات

نظرًا لأن الوضع الراهن للدول العربية والإسلامية في حالة تراجع وضعف في أغلب المؤشرات يوصي البحث بالآتي:

1- ينبغي أن يكون هناك تنسيق بين الدول العربية والإسلامية وإنشاء أسواق اقتصادية مشتركة بينها، والاتجاه نحو الوحدة والتكامل وحماية الأمن القومي العربي الإسلامي.

2- يجب على الحكومات في الدول العربية والإسلامية الاهتمام بدعم المراكز البحثية وربطها بسوق العمل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاكتفاء الذاتي.

3- ينبغي على قيادات الدول العربية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسساته المختلفة الاهتمام بدعم الموارد البشرية ماديًا ومعنويًا، لا سيما ذوي العقول والكفاءات والخبرات العلمية.

4- يجب على القادة السياسيين في الدول العربية والإسلامية العمل على إصلاح وتقويم أنظمة الحُكم وتفعيل الديمقراطية.

5- ينبغي على الدول العربية والإسلامية أن تُعطي أولوية للاستثمار والتنسيق والتكامل بينها لتمويل وإيجاد بنية تحتية لشبكات اتصالات خاصة بها والاستثمار في صناعة تقنيات حديثة ومستقلة.

6- يجب على الدول العربية والإسلامية الاستفادة من خبرات وتجارب الدول الناجحة التي شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة في أغلب المجالات برغم قلّة امتلاكها لموارد الطاقة.

 

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #النهوض #التخلف #التنمية #النمو #التخلف_في_المجتمعات_العربية #البلدان_العربية_والإسلامية #البلدان_الصناعية #مؤشرات_النمو