ينطلق هذا الكتاب – كما يأتي في مقدمته – من اعتبارات أساسية أبرزها، أن المديونية الخارجية للدول النامية هي قضية في التنمية الدولية، وليست مجرد مسألة مقتصرة على هذه الدول لوحدها. وإذ تتأثر هذه المديونية بالبيئة الدولية عموماً والاقتصادية خصوصاً، فقد شكلت «معضلة» للدول المدينة بحكم الأعباء الثقيلة التي تتحملها ومنها – أعباء خدمة الديون التي تنمو بمعدلات مرتفعة تحول دون تحقيق معدلات نمو اقتصادية فعلية -، وتأثيرها السلبي في مسار التنمية فيها – الذي يصل إلى حد الشلل وما يترتب على ذلك من انعكاسات اجتماعية وسياسية تعمِّق تبعية الدول المدينة للجهات الدائنة -.

من هنا يقدم الكتاب دراسة تحليلية لأزمة المديونية الخارجية التي انفجرت في مطلع الثمانينيات وباتت تهدد بانهيار شامل لقواعد النظام الاقتصادي والمالي الدولي. ويبين بالوقائع التاريخية أن الإجراءات العلاجية التي اعتمدتها الحاكمية الاقتصادية الدولية ممثلة بكل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كانت سبباً مباشراً في تعميق الأزمة بما فيها المعاناة الإنسانية لملايين البشر في الدول النامية المدينة.

وكسبيل لتجاوز معضلة المديونية، يؤكد المؤلف ضرورة إحداث نقلة نوعية في فلسفة وقواعد ممارسات مؤسسات الحاكمية الدولية نحو تحقيق عدالة ومساواة أكبر للأغلبية الساحقة للدول المشاركة في المسرح العالمي للتنمية الإنسانية، وذلك كي لا تصبح التنمية بدلاً من أن تكون للإنسان، ويتحول هو لأجلها، فيفقد ذاته ويفقدها.