يعرض هذا الكتاب – كما يأتي في تعريفه – للجوانب المختلفة للعلاقات التركية – الإسرائيلية، والمراحل والتطورات التي مرت بها خلال الحقبة 2002 – 2016، وكيفية التعامل من الطرفين في مراحل المد والجزر التي واجهت هذه العلاقات في مختلف الاتجاهات.

يضم الكتاب أربعة فصول؛ يقدم الأول منها نبذة تاريخية عن العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين منذ عام 1949 حتى عام 2002، متناولاً سياسات الرئاسة التركية واهتماماتها الخارجية التي أثرت في العلاقات بين الطرفين، وحرص الجانب التركي الرسمي على عدم قطعها كلياً. ويتوقف عند مواقف تركيا المؤيدة للعرب بعد حرب حزيران/يونيو 1967، وصولاً إلى تغير هذه المواقف لمصلحة إسرائيل بعد حرب الخليج الثانية بسبب المصالح التجارية لتركيا، إضافة إلى التعاون المائي والمشاريع الكبرى التي أُبرمت بين الجانبين.

ويعرض الفصل الثاني للمصالح المشتركة بين تركيا و«إسرائيل» في ظل الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية التركية، بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات سنة 2002؛ متناولاً أبرز المحطات التي مرت بها العلاقات على الصعيد الأمني والعسكري والاستخباري، واستمرار هذه العلاقات، على الرغم من التوترات السياسية، حيث نددت تركيا بشدة، على سبيل المثال، باغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين في آذار/مارس 2004، كما عارضت الحرب التي شنتها «إسرائيل» على لبنان في تموز/يوليو 2006. ويتوقف عند حجم التبادل التجاري الذي يسير بوتيرة عالية (تخطى الـ 5.5 مليار دولار عام 2015).

أما الفصل الثالث فيتوقف عند نقاط الخلاف بين البلدين، وتأثيرها في توتر العلاقات بينهما، متناولاً أبرز المواقف التي أدت إلى تدهور هذه العلاقات في بعض الأحيان؛ ومنها حادثة إهانة السفير التركي في تل أبيب، والاعتداء على السفينة التركية مرمرة عام 2010، وسقوط عشرة شهداء من ناشطي السلام الأتراك على متنها، مع ما رافق ذلك من مواقف تركية غاضبة طالبت إسرائيل بالاعتذار والتعويض، في وقت تسعى أنقرة إلى دور مؤثر في القضية الفلسطينية. كما يعرض هذا الفصل للمواقف التركية القلقة من تدخل «إسرائيل» في بعض الملفات الإقليمية مثل الحرب في سورية، وعلاقاتها بأكراد العراق، والتقارب الإسرائيلي – القبرصي، والتنافس على سوق الغاز الطبيعي، إضافة إلى ضغوط اللوبي اليهودي على الحكومة التركية من خلال إثارة مسألة تهجير الأرمن.

ويتابع الفصل الرابع والأخير عرض التطورات التي شهدتها العلاقات التركية – الإسرائيلية عامي 2015 و2016، في ظل سعي أنقرة لمد الجسور مع المشرق العربي والإسلامي، من دون أن يعيق ذلك استمرار التعاون التجاري والاقتصادي مع الجانب الإسرائيلي.

ويخلص المؤلف إلى أن العلاقات التركية – الإسرائيلية شهدت تقدماً بعد قطيعة دبلوماسية استمرت أكثر من ستة أعوام، مشيراً إلى أن أنقرة تدرك أن سعيها لتحقيق دورٍ مهم وفاعل لها في المنطقة يُحتم عليها تحسين علاقتها بـ «إسرائيل»، كما أن «إسرائيل» تدرك بدورها أن مصلحتها تفرض عليها تحسين هذه العلاقات، وذلك بما يحافظ على نوع من التوازن في العلاقات بين الطرفين مع بقاء التباين والاختلاف في ملفات مهمة وعلى رأسها مطالبة تركيا برفع الحصار عن غزة والتمسك بالعلاقة مع حركة حماس.