يعرض هذا الكتاب – كما يأتي في تعريفه – للمبادرة الصينية «طريق واحد حزام واحد»، مستلهماً القيمة الرمزية لطريق الحرير القديم الذي يمثل إطاراً مرجعياً للعلاقات الاقتصادية الدولية القائمة على التعاون السلمي وتبادل المنافع من دون نزوع للهيمنة من دولة على الدول الأخرى حتى في ظل التفاوت الكبير في القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية فيما بين هذه الدول. وتعكس المبادرة انتقال الصين من التكيف مع البيئة الاقتصادية الدولية الراهنة، إلى فاعل رئيسي في إصلاح تلك البيئة أو تشكيل بيئة دولية جديدة تتسق مع التغيرات في موازين القوى الاقتصادية في العالم ومع قيم التعايش السلمي والعلاقات القائمة على الاختيار الحر وليس الهيمنة.

من هنا، يتناول الكتاب ما أنجزته الصين في طريقها إلى عرش الاقتصاد العالمي كأكبر اقتصاد في العالم؛ إذا قيس ناتجها المحلي أو القومي الإجمالي طبقاً لتعادل القوى الشرائية (نحو19522 مليار دولار عام 2015، مقارنة بنحو 17947 مليار دولار للولايات المتحدة في العام نفسه)، أي بفارق 1575 مليار دولار لمصلحة الصين. كما يتناول محاولات الدول الغربية الكبرى – وعلى رأسها الولايات المتحدة – احتواء الاندفاع الصيني نحو تغيير النظام الاقتصادي الدولي من خلال إعطاء عملتها حصة في وحدة حقوق السحب الخاصة والاعتراف بها كعملة لتسوية الالتزامات المالية. لكن الصين ما زالت مستمرة في مبادرتها وفي تدعيم «مجموعة بريكس» التي تنضم إلى جانب روسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا. وتكتسب تلك المبادرة أهمية كبيرة لمصر والدول العربية والنامية التي تجد مصلحة حقيقية في تغيير النظام الاقتصادي الدولي والمؤسسات التي يقوم عليها، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، لتصبح مؤسسات أكثر استجابة لخيارات الشعوب ولضرورات التعاون السلمي والتنمية.

يحاول الكتاب تحليل المبادرة الصينية وكيفية إصلاح الاختلالات فيها لتصبح نموذجاً للعلاقات الدولية. وفي هذا السياق يطرح مقترحات لتطويرها كأساس لنظام اقتصادي دولي يتسم بالعدالة والتكافؤ، ويناقش مستقبل النموذج الصيني وما إذا كان سيستمر في التقدم على طريق الاشتراكية أم يتحلل إلى رأسمالية بيروقراطية أو رأسمالية خاصة، متناولاً تأثير ذلك في طبيعة المبادرة الصينية.

بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز

Privacy Preference Center