مقدمة

يؤدي العامل الاقتصادي (وبخاصةٍ منه العقوبات)، بوصفه وسيلة من وسائل السياسة الخارجية، دورًا مهمًّا في مجال العلاقات الدولية. وقد جادل كلّ من روبرت بلاكويل‏[1] وجنيفر هاريس‏[2]، في كتابهما الحرب بوسائل أخرى: الجغرافيا الاقتصادية وفن الحكم، في أهمية «الاقتصاد الجغرافي»، الذي يعني «استخدام الأدوات الاقتصادية لتعزيز المصالح الوطنية والدفاع عنها وتحقيق فوائد جيوسياسية من خلالها»‏[3]. تتمثل تلك الأدوات بما يلي: السياسة التجارية، سياسة الاستثمار، العقوبات الاقتصادية والمالية، السياسة الإلكترونية والمالية والنقدية، والطاقة والسلع. ويبيّن التاريخ الحديث أن مثل هذه السياسات يُمكن أن تكون فعالة أحيانًا، عندما تكون مُنتقاةً بعناية، وموجَّهة إلى قمع أنظمة بعينها في ظروف محدّدة، ولا سيَّما عندما تحظى التدابير المتّصلة بها بتأييد وتطبيق واسعَي النطاق من المجتمع الدولي‏[4].

انطلاقًا مما تَقدّم، تتناول هذه الدراسة العقوبات الاقتصادية كأداة من أدوات السياسة الخارجية الأمريكية ضدّ خصوم الولايات المتحدة، وهي تنقسم إلى جزءَين: أوّلهما نظري، يتمحور حول الأدبيات المتعلقة بالعقوبات الاقتصادية، بما يشمل تعريف هذه الأخيرة، والأهداف التي تسعى الدول إلى تحقيقها من ورائها، وتاريخ استخدامها في الفكر الاستراتيجي الأمريكي، والأدوات الأمريكية المنوطة بفرضها وتنفيذها (المؤسسات، القوانين)، ومحددات فاعليتها، ومشروعيتها في ظلّ قواعد القانون الدولي. وأما القسم الثاني، التطبيقي، فيتّخذ نموذجًا، العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على كلّ من روسيا والصين.

أولًا: الإطار النظري

1 – تعريف العقوبات الاقتصادية وأهدافها

أ – تعريف العقوبات الاقتصادية

لم يتفق العلماء على مفهوم محدَّد للعقوبات الاقتصادية؛ إذ تم تعريفها من جانب دايفيد بلادوين بأنها «أداة من أدوات فنّ الحكم، وهذا يعني أنها جزء من مجموعة أكبر من أدوات السياسة المتاحة لصانعي السياسات الخارجية، بما في ذلك الدبلوماسية الدعائية، وفن الحكم العسكري»‏[5]. كما عرّفها جوهان غالتونغ بأنها «إجراءات بدأها واحد أو أكثر من «المرسِلين»، ضدّ واحد أو أكثر من «المتسلِّمين»، وذلك بغرض معاقبة الأخيرين بحرمانهم بعض القيمة، أو جعْلهم يمتثلون قواعد معينة في المستقبل».

وبصورة عامة، تُعرَّف العقوبات بأنها نوع من أنواع الإجراءات التي تتّخذها دولة ما، أو من خلال عمل جماعي، للتأثير في دولة أخرى ودفعها إلى تغيير سلوكها، وهي تتضمن قيودًا على التجارة الخارجية، سواء على جميع السلع أو على سلع معيَّنة‏[6]. يستخدم صنّاع السياسات العقوبات الاقتصادية كجزء من الجهود «المتوازنة» التي تهدف إلى إضعاف المنافسين، إذ يُمكن هذه الأداةَ أن تلحق الضرر باقتصادات البلدان المستهدَفة أو حتى تعطّلها، وتستنزف الموارد المتاحة لديها لتنمية قوتها العسكرية‏[7]. يتمّ فرض تلك العقوبات على الدول طبقًا لميثاق الأمم المتحدة، ومن خلال مجلـس الأمن الدولي، وذلك على نحوٍ انفرادي أو جماعي، بحسب طبيعة العلاقات الدولية بين الأطراف‏[8].

تستهدف العقوبات الاقتصادية، على وجه التحديد، القطاعين الـمصرفي والمالي، وهي تفرض قيودًا على الأنشطة الاقتصادية للدولة المستهدَفة، ومنعها من استيراد سلع أو خدمات معيَّنة، بل ربما من تصدير مواردها الطبيعية أو منتجاتها الزراعية أو المصنعة‏[9]. لا أهداف العقوبات الاقتصادية

ب – أهداف العقوبات الاقتصادية

تهدف العقوبات الاقـتصادية إلى إحداث أثر سياسي في الدولة التي يتم فرضها عليها، وذلك من خلال تقليـص قدرات النظم الحاكمة فيها، وإحداث تغيير جذري في منظومة السيطرة العامة للسلطة لديها، وإفقادها حالة التوازن الاقتصادي التي تتمتع بها، وهو ما يسفر عن آثار اقتصادية واجتماعية‏[10].

ج – أدبيات العلاقات الدولية

تنظر بعض نظريات العلاقات الدولية إلى لعقوبات الاقتصادية على النحو التالي:

(1) الواقعية: تُعدّ العقوبات الاقتصادية، في ظلّ الطبيعة الفوضوية للنظام الدولي، إحدى أدوات القوة التي تستخدمها الدول الكبرى لتحقيق مصالحها القومية‏[11]. ويرى هانز مورغنثاو، في هذا الإطار، أن الدول القوية، على عكس تلك الضعيفة، تستطيع تحقيق مـصالحها وأهدافها، والحفـاظ على أمنها القومي، باستخدام القوة، وهو ما يجيز القول إن المـصلحة الوطنية هي القوة المحرّكة والمُحّددة لاتجاه السياسة الخارجية للدول‏[12]. كما يرى مورغنثاو أن المَثل الأعلى للحياة الدولية يتمثل فقط بـ«تقنيات الإقناع والتفاوض والضغط، وهي الأدوات التقليدية للدبلوماسية القديمة»، التي يسعى البعض لاستغلالها في محاولة منه للسيطرة على العالم، في حين يرفع البعض الآخر أيديه ويستسلم لآليات التدمير‏[13].

(2) الليبرالية: تتلـخّص المشكلة الأساسية، بالنسبة إلى الليبراليين، في سبل تطوير نظام سياسي يسمح للدول بحماية نفسها من التهديدات الأجنبية، من دون تقويـض الحرية الفردية لمواطنيها‏[14]. ويرى إيمانويل كانط، في هذا الصدد، أن التجارة المتدفقة بحرية هي وسيلة لتعزيز السلام، ولكنه ينبّه إلى أن على الدولة أن تسيطر على الواردات لمصلحة رعاياها، لا لمصلحة الغرباء، معلّلًا ذلك بأن الدولة غير المزدهرة لن يمتلك شـعبها القوة الكافية لمقاومة الأعداء الخارجيين أو الحفـاظ على نفسه كثروة عامة، وبأن التفاوت في القدرات الاقتصادية يمثل خطرًا، ويسبّب الخوف، ويؤدي إلى نشوب الحرب‏[15].

وتُعَدُّ العقوبات أداةً لفن الحكم الليبرالي، وهي اكتسبت أهمية كبيرة عقب الحرب العالمية الأولى، عندما حدّدت عصبة الأمم هذا الـصكّ بوصفه الوسيلة المفـضّلة لحلّ النزاعات وتعزيز الأمن الجماعي‏[16]. وبالمثل، أصبح ميثاق الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية أول معاهدة تسمح وتضع إجراءات لفرض العقوبات الاقتصادية. وهكذا، أصبح يُنظر إلى العقوبات الاقتصادية على أنها البديل الليبرالي للحرب‏[17]، إذ إنها غيرت الحدود بين الحرب والسلام، وأنتجت طرائق جديدة لرسم نسيج الاقتصاد العالمي والتلاعب به، وحوّرت تصوّر الليبرالية للإكراه، وبدّلت مسار القانون الدولي، وانتشرت بسرعة كفكرة طرحتها النـخب السياسية والمجتمعات المدنية والخبراء الفنيون في أكبر الديمقراطيات في أوروبا (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا) وفي الولايات المتحدة الأمريكية‏[18].

2 -العقوبات الاقتصادية في الفكر الاستراتيجي الأمريكي
والأدوات الأمريكية لفرضها

تُشير أدبيات العلاقات الدولية إلى أنه لا يُمكن النظر إلى العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على أية دولة، بمعزل عن طبيعة النظام السياسي الأمريكي والسياسة الداخلية الأمريكية، إذ ينظّم دستور الولايات المتحدة سلوك السياسة الخارجية الأمريكية من خلال نظام الـضوابط والتوازنات، وهو ينصّ على سلطة الكونغرس (السلطة التشريعية) والرئيس (السلطة التنفيذية) على التوالي، إلى جانب السلطة القانونية في تأسيس العلاقات مع الدول الأجنبية‏[19]. وبناءً على ذلك، سيتم التطرق إلى عدد من العوامل الداخلية التي تؤدي دورًا كبيرًا في سياسة فرض العقوبات الأمريكية:

أ – المؤسسات (الوكالات التنفيذية)

تتولّى عدة وكالات وإدارات مسؤولية تنفيذ العقوبات أو إدارتها، وهي:

(1) الرئيس الأمريكي: تُعدّ صلاحيات الرئيس في فرض العقوبات محدودة قياسًا على تلك التي يتمتّع الكونغرس بها، إذ على الرغم من السلطة الحقيقية التي يتمتع بها الأول في فرض عقوبات مالية وتجارية، فإنه يُفرَض عليه التشاور وتقديم التقارير المنتظمة إلى الأخير إذا تم اتخاذ خطوات من هذا النوع. وفي المجمل، تُفرض معظم العقوبات الاقتصادية باستخدام «تفويـض الكونغرس» الممنوح للرئيس في حالة الطوارئ الوطنية، وذلك من خلال قانون القوى الاقتصادية في حالات الطوارئ الدولية (IEEPA)، وقانون الطوارئ الوطني (NEA)‏[20].

(2) وزارة الخارجية الأمريكية: تشرف هذه الوزارة بدورها على عقوبات منع الدخول إلى أراضي الولايات المتحدة، إضافة إلى العقوبات في مجال الاستثمار والطاقة والتجارة، إذ تقوم البعثات الدبلوماسية الأمريكية برصد أنشطة المؤسسات الخاضعة للعقوبات وشركائها، إضافة إلى التعاون مع السلطات والنظام المـصرفي في البلد المـضيف. كما تدير وزارة الخارجية القيود، بما فيها تلك المتعلقة بإصدار التأشيرات والعلاقات الدبلوماسية ومبيعات الأسلحة والمساعدات العسكرية والمساعدات الخارجيةـ وهي تؤدي دورًا رئيسًا، أيضًا، في جمع المعلومات حول أهداف العقوبات المحتملة، عن طريق تحديد حالات السلوك الذي يُحتمل أن يستوجب العقوبة‏[21].

(3) وزارة الخزانة الأمريكية: تقوم هذه الوزارة بدور رئيس في تخطيط العقوبات ومراقبتها وتنفيذها، جنبًا إلى جنب وزارتي العدل والخارجية. كما تتولى مسؤولية تنسيق النشاط ضد الشخصيات والمؤسسات المستهدَفة بالعقوبات، وإعداد المقترحات والتغيرات في الأنظمة واللوائح الرئاسية، والتواصل مع الحكومات والمؤسسات المالية الأجنبية. وهي تعمل، أيضًا، على تنظيم المعاملات بين الأشخاص الأمريكيين والأشخاص الأجانب المستهدَفين بالعقوبات، والوصول إلى الأصول الموجودة في الولايات المتحدة، والوصول إلى الدولار الأمريكي أو استخدام النظام المـصرفي الأمريكي‏[22].

ومن بين أهم الوكالات والجهات الفاعلة داخل وزارة الخزانة: مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، بوصفه جزءًا من «مكتب الإرهاب والاستخبارات المالية» (TFI)، يُصدر «أوفاك» تـصنيفات العقوبات على نحوٍ متكرر، ويقوم بتحليل المعلومات المـصرفية المتاحة له، ويقيّم، إلى جانب مكاتـب أخرى، حالةَ المؤسسات الخاضعة للعقوبات. وإلى الآن، قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بمتابعة ومراقبة نشـاط أكثر من ستة آلاف مؤسسة يشتبه في انتهاكها العقوبات الأمريكية، علمًا أن جميع المواطنين الأمريكيين، وكلّ من يُقيم في الولايات المتحدة بصورة دائمة، وممثلي الشركات الأجنبية، يخضعون لقوانينه وأنظمته‏[23].

(4) وزارة التجارة الأمريكية: تشرف وزارة التجارة على تراخيـص التـصدير، وتنفذ الـضوابط المنسَّقة مع الدول الشريكة. كما تضمّ داخلها «مكتب الصناعة والأمن» (BIS)، المشرف على نظام مراقبة الصادرات الأمريكي، الذي يقيّد تصدير البرمجيات والتقنيات الناشئة والأسلحة التقليدية، والسلع والخدمات ذات الاستخدام المزدوج أو الحساسة للأمن القومي الأمريكي‏[24].

(5) وكالات ووزارات أخرى: اعتمادًا على طبيعة القيود أو أهداف السياسة الخارجية، يمكن المسؤولين التنفيذيين الأمريكيين الآخرين أو الوكالات أن يقوموا بتنفيذ العقوبات. على سبيل المثال، تفرض وزارة الأمن الداخلي، من خلال وكالة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، قيودًا على الواردات إلى الولايات المتحدة، في حين تحاكم وزارة العدل انتهاكات العقوبات وقوانين التـصدير، إلى جانب الجهود المبذولة للتهرب من لوائح العقوبات الأمريكية‏[25].

(6) المؤسسات التشريعية/القوانين (الكونغرس): تعدّد المادة الأولى من الدستور الكثير من صلاحيات الكونغرس في مجال الشؤون الخارجية، بما في ذلك صلاحيات «تنظيم التجارة مع الدول الأجنبية»، و«إعلان الحرب»، و«تكوين الجيوش ودعمها»، و«توفير القوات البرية والبحرية والحفـاظ عليها»، و«وضع القواعد للقوات المـسلحة». كما يرهن الدستور اثنتَين من صلاحيات الرئيس في الشؤون الخارجية (إبرام المعاهدات وتعيين الدبلوماسيين) بموافقة مجلس الشيوخ‏[26].

يعتمد التنسيق الكامل أو الجزئي للسياسة الخارجية الأمريكية بين رئيس الدولة والكونغرس، على التركيبة السياسية للأخير، وهو ما ينعكس بصورة مباشرة تعاونًا أو تنافسًا أو حتى صراعًا بينهما، وفقًا لهوية الحزب ذي الأغلبية في المؤسسة التشريعية، التي تملك صلاحية إقرار ميزانية المؤسسات والوكالات الأمريكية المختلفة. من هنا، يكون التعاون بينهما أمرًا ضروريًا في حال إقرار العقوبات. وتؤدي الحملات المنظَّمة من جانب جماعات الضغط واللوبيات المختلفة دورًا مهمًا داخل الكونغرس، الأمر الذي يتجلّى بوضوح، في مجال السياسة الخارجية، عند التصديق على الاتفاقيات الدولية، أو فرض العقوبات، أو تقديم مساعدات اقتصادية، أو حتى اختيار سفراء الولايات المتحدة‏[27].

يمكن الكونغرس كذلك أن يسنّ تشريعًا يأذن بفرض عقوبات أو يطـلب فرضها‏[28]، وهو نظر، بالفعل، في الدورة التشريعية الرقم 106 (1999 – 2001)، في أكثر من 150 مقترحًا تشريعيًا كان من شأنها فرض عقوبات جديدة مرتبطة بالسياسة الخارجية أو الأمن القومي، أو تعديل أو إنهاء أنظمة العقوبات الحالية، أو جعل بعـض جوانـب التجارة الأمريكية معفاةً من تطبيق مثل هذه العقوبات، أو إصلاح طرائق عمل الكونغرس والسلطة التنفيذية، واستخدام العقوبات لتعزيز السياسة الخارجية أو الأمن القومي‏[29]. وفي عام 2021، قدم أعضاء الكونغرس، في دورته الـ117 (2021 – 2023)، ما يزيد على 350 تشريعًا مرتبطًا بالعقوبات، سبعة منها تحولت إلى قوانين، وهي التالية‏[30]:

1 – قانون تعزيز التزام نيكاراغوا بشروط الإصلاح الانتخابي لعام 2021 (RENACER)‏[31].

2 – قانون منع العمل القسري للأويغور (UFLPA) لعام 2021‏[32].

3 – قانون تعليق العلاقات التجارية الطبيعية مع روسيا وبيلاروسيا‏[33].

4 – قانون وقـف استيراد النفط الروسي‏[34].

5 – قانون تعديل قانون عقوبات الفنتانيل (19 تشرين الأول/أكتوبر 2021)، الذي شمل تعديل بعض المواعيد النهائية المتعلقة بمكافحة الإتجار بالمواد الأفيونية الاصطناعية‏[35].

6 – قانون الاعتمادات الموحدة للسنة المالية 2022، الذي شمل تقديم المساعدة الطارئة إلى أوكرانيا‏[36].

7 – قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) للسنة المالية 2022، الذي يغطي الأنشطة العسكرية لوزارة الدفاع، والإنشاءات العسكرية، وأنشطة الدفاع لدى وزارة الطاقة، وقوام الأفراد العسكريين، وأغراضًا أخرى‏[37].

ب – محددات فعالية العقوبات وفقًا لأدبيات العلاقات الدولية

يرى آنج وبيكسن أن تصورات كلّ من المرسِل والمستهدَف مُهمّة في شرح فاعلية العقوبات، وهما يريان أيضًا أن للمعايير الثقافية للدول المستهَدفة دورًا رئيسًا في تفسير فاعليتها‏[38]. وغالبًا ما يكون للعقوبات أكثر من هدف، في حين يَجدر، عند قياس فاعليتها، وضع جميع الأهداف المراد تحقيقها من ورائها، سواء العامة أو الخاصة، الابتدائية أو الثانوية أو الثالثية، في الحسبان. إلاّ أن صانعي السياسات يميلون، في معظم الحالات، إلى المبالغة في تقدير الهدف الأساسي المعلَن من جانبهم، وهو الوصول إلى موقـف تفاوضي قوي يتيح تحقيق تسوية نهائية مع الدولة المستهدَفة، الأمر الذي يدفع بهم إلى الإفراط في التوقعات في شأن ما يمكن أن تحقّقه العقوبات‏[39].

يُعرّف دوسي العقوبات الفعالة بأنها تلك التي «تنجح في إنتاج الاستجابة السلوكية المرغوب فيها من الفرد أو المجموعة التي يتم تسليطها عليها»، في حين يقدم غاري كلايد هوفباور وجيفري شوت تعريفًا بديلًا للنجاح وصيغة للقياس والامتثال مكوَّنة من جزءين: «مدى تحقق نتائج السياسة التي يعتمدها البلد المرسِل، والمساهمة التي قدمتها العقوبات في تحقيق نتائج إيجابية»‏[40].

ج -مشروعية العقوبات الأمريكية في ظل قواعد القانون الدولي

يرى القانون الدولي أنه حين يتعلّق الأمر بفكرة الضرر، فإن التدابير المضادّة يجب أن تكون متناسبة مع الفعل (الأفعال) الأصلي، وقابلة للتراجع عنها، كما ينبغي أن يكون هدفها تحقيق امتثال القانون فقط. وفي هذا الإطار، تنـص المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة على ما يلي: «لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب من أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفًا جزئيًا أو كليًا وقطع العلاقات الدبلوماسية»‏[41].

كما حدّد الباحثون مجموعة من الشروط الدولية التي يجب توافرها لإنجاح العقوبات، لعلّ أبرزها: أن تكون العقوبات المفروضة قابلة للتطبيق والإلغاء؛ وأن ترتكز على قواعد ومعايير؛ وأن تحمل بعض القوة السلبية سواء كانت رمزية أو حقيقية؛ وأن تكون مؤقتة؛ وأن يعتمد فرضها على طابع قانوني بالأساس. إلا أن هذا الشرط الأخير يحيل، مباشرة، إلى مشكلة غياب السلطة على المستوى الدولي‏[42]، إذ تلجأ الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الكبرى إلى استخدام ما يسمى العقوبات الأحادية، وهذا ما يعرّضها لعدد من الانتقادات من الدول المستهدَفة، نظرًا إلى افتقار تلك العقوبات إلى المشروعية الدولية. في المقابل، تدافع الولايات المتحدة بأن العقوبات الأحادية تكون مشروعة عندما تبرز تهديدات للسلم الدولي، يعجز مجلس الأمن عن التعامل معها بسبب استخدام إحدى الدول حق النقض (الفيتو).

أما انتهاء مفعول العقوبات الدولية، فمرهون بإحدى الطرق التالية‏[43]:

– قرار من مجلس الأمن بإلغاء العقوبات المفروضة من خلاله.

– انقضاء المدة الزمنية للعقوبات والمحددة سلفًا.

– إصدار الدولة أو مجموع الدول المشترِکة في فرض العقوبات قرارًا بإلغائها.

ثانيًا: دراسة حالة العقوبات الاقتصادية على الصين كأداة للسياسة الخارجية الأمريكية

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية، منذ تولِّي دونالد ترامب زمام السلطة (إبان عُهدته الأولى)، بتغيير المعايير الأساسية للعلاقة بالصين. ففي أقلّ من عام واحد من تولّي إدارة ترامب الحكم، أصدرت عام 2017، استراتيجية جديدة للأمن القومي الأمريكي، تحوّلت الصين بموجبها من شريك استراتيجي إلى منافس استراتيجي، في حين لم يعد يُنظر إلى العلاقة بها على أنها منفعة متبادلة، بل على أنها علاقة صِفرية‏[44]. جاء ذلك في وقت قدّر خبراء، من بينهم كيو جين، أن الصين في عام 2040 ستكون قد وضعت لنفسها الأسس المتينة التي ستُحوّلها، بحلول العام المذكور، إلى أكبر اقتصاد في العالم، بدخل يراوح بين 60 بالمئة و70 بالمئة من مستوى دخل الولايات المتحدة‏[45].

1 -استخدام العقوبات الاقتصادية في الفكر
الاستراتيجي الأمريكي ضد الصين

أ – أهداف النهج الاقتصادي الأمريكي في التعامل مع الصين

هدفت الاستراتيجية الاقتصادية التي اتبعتها إدارة ترامب في التعامل مع الصين، إلى إعادة التوازن إلى العلاقات الاقتصادية بين البلدَين، من خلال شنّ حرب تجارية على بكين، وفرض ضوابط تكنولوجية عليها، واستهداف فائـضها التجاري الـضخم مقابل الولايات المتحدة. ورمت تلك السياسات إلى إجبار الصين على تغيير سلوكها التجاري، وفتح المزيد من الأسواق أمام التجارة والاستثمارات الأمريكية، ووقف النقل القسري للتكنولوجيا، ومنع تفريغ قاعدة التصنيع الأمريكية. وفي سبيل ما تَقدّم، فُرِضت تعريفات ثقيلة على مجموعة متنوعة من السلع الصينية، من أجل إرغام بكين على إعادة هيكلة اقتصادها المحلي، والقضاء على سرقة الملكية الفكرية، وزيادة وصول المنتوجات الأمريكية إلى الأسواق، والحد في النهاية من دور الشركات المملوكة للدولة في التجارة الدولية‏[46].

ب – أدوات الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات على الصين

(1) المؤسسات

(أ) وزارة الخارجية الأمريكية: في عام 2022، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات على شركة «Zhengzhou Nanbei Instrument Equipment Co. Ltd» التابعة لجمهورية الصين الشعبية، بسبب تزويدها سورية معدات خاضعة لسيطرة نظام حظر انتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية‏[47]. كما أُدرجت شركات صينية أخرى في القائمة بسبب «ارتباطها بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترعاها الحكومة، والتهرب من عقوبات الأمم المتحدة». تضاف إلى ذلك، العقوبات الأمريكية المرتبطة بأنشطة التجسس والصيد غير القانوني وغير المبلَّغ عنه وغير المنظَّم، التي فُرضت على عدد من الشركات الصينية‏[48].

(ب) وزارة الخزانة الأمريكية ومكتب مراقبة الأصول التابع لها: في عام 2021، صدر الأمر التنفيذي 14032، الذي يتناول التهديد الناجم عن استثمارات الأوراق المالية التي تمول شركات معينة في جمهورية الصين الشعبية، بما في ذلك التهديد الذي يشكله المجمع الصناعي العسكري الصيني (PRC)، ومشاركته في برامج البحث والتطوير العسكري، والاستخبارات الأمنية، وإنتاج الأسلحة والمعدات ذات الصلة‏[49].

وفي العام نفسه، فرضت وزارة الخزانة، من خلال «مكتب مراقبة الأصول»، قيودًا على الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المراقبة الصيني، على خلفية «انتهاكات حقوق الإنسان» التي مكّنت بكين من «الاستخدام الضار» للتكنولوجيا. كما وصَم المكتبُ عينه، مكتبَ الأمن العام في شينجيانغ (XPSB)، لدوره في «الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في شينجيانغ، منذ أواخر عام 2016، إذ قام مكتبَ الأمن العام بنشر منصة العمليات المشتركة المتكاملة (IJOP)، وهو نظام كمبيوتر مدعوم بالذكاء الاصطناعي (AI)، وأنشأ سجلات بيومترية لملايين الأويغور في منطقة شينجيانغ، وذلك لتتبع أنشطتهم وتحركاتهم»‏[50].

كذلك، فرضت وزارة الخزانة، عام 2023، عقوبات تستهدف «تعزيز المساءلة عن حقوق الإنسان، وحماية النظام المالي الأمريكي من أولئك الذين يرتكبون هذه الأفعال»‏[51].

(ج) وزارة التجارة الأمريكية: طبّقت هذه الوزارة، في تشرين الأول/أكتوبر 2022، من خلال مكتب الصناعة التابع لها، ضوابط التصدير على بعض الصادرات إلى الصين، من مثل معدات الحوسبة المتقدمة وأجزاء أشباه الموصلات، وذلك بسبب المخاوف المتّصلة بتحديث قطاع الدفاع الصيني‏[52].

(د) الكونغرس: تُعدّ العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين معقدة وواسعة النطاق، ذلك بأن الأخيرة تمثّل سوقًا عالمية مهمة بالنسبة إلى الأولى، لكن واشنطن ترى أن السياسات الاقتصادية الصينية تهدف إلى فرض حواجز تجارية كبيرة، وتنعدم فيها المعاملة بالمثل في المجالات الرئيسة للشركات الأمريكية. من هنا، وبهدف تقليل اعتماد الولايات المتحدة على سلاسل التوريد التي تشمل الصين، تبنّى الكونغرس، في تموز/يوليو 2022، مشروع قانون الرقائق والعلوم (CHIPS and Science Act)، الذي يُركز على القضايا النظامية الأساسية، من مثل دور الدولة في نشاط الشركات العاملة في الصين، والممارسات الصينية المتعلقة بالسياسات الصناعية والتكنولوجية وحقوق الإنسان. ومع توقيع الرئيس جو بايدن المشروع، وتحوّله إلى قانون نافذ في آب/أغسطس 2022، جرى تفعيل ضوابط التصدير إلى الصين، بما يشمل مراقبة استثمارات الشركات الأمريكية أو أنشطتها في هذا البلد، والاستثمارات الصينية في الأراضي الأمريكية، ومخاطر الخصوصية والأمن بالنسبة لمستخدمي تطبيقات الهواتف الذكية المملوكة للصين (من مثل TikTok) في الولايات المتحدة‏[53].

(2) التشريعات (القوانين)، منها:

– قانون فرض عقوبات على الكيانات في الصين لتقويض القواعد أو استغلال قانون الملكية الفكرية لعام 2019 (4/9/2019)‏[54].

– قانونا العقوبات على بحر الـصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي (23/5/2019 و26/6/2019‏[55] و28/10/2021‏[56] و3/1/2023)‏[57].

– قانون الحكم الذاتي «لهونغ كونغ» لعام 2020‏[58].

– قانون العقوبات على الشركات العسكرية والمراقبة الصينية (22/9/2021)‏[59].

– قانون ردع العدوان الصيني الشيوعي على تايوان (3/2/2022‏[60] و16/2/2023)‏[61].

– قانون العقوبات على الشركات العسكرية والمراقبة الصينية (2/2/2023)‏[62].

– قانون عقوبات الطاقة على الصين وإيران (10/11/2023)‏[63].

– التوجيه الرئاسي رقم H.R.3597 لسنة 2023 – 2024، بفرض عقوبات على جمهورية الصين الشعبية‏[64].

ج – قياس مدى فعالية العقوبات الأمريكية المفروضة على الصين

تسعى الـصين دائمًا إلى التغلّـب على العقوبات المفروضة عليها من خلال جملة أدوات، من بينها عرقلة القوانين التي تطبّقها الكثير من الدول، بما في ذلك قوانين امتثال العقوبات الأجنبية، التي تحظر بكين تطبيقها، بل وتعمد، بموجب «قانون مناهضة العقوبات الأجنبية»، إلى معاقبة الشركات التي تمتثل تلك العقوبات‏[65]، بإجراءات من مثل رفض إصدار التأشيرات، ومنع الدخول، والترحيل، والإغلاق بالشمع الأحمر، ومصادرة الممتلكات، وغيرها.

كذلك، لم تستسلم شركات التكنولوجيا الـصينية العملاقة للعقوبات الأمريكية على شرائح الذكاء الاصطناعي، وهي قدمت مؤخرًا طلبات بقيمة 5 مليارات دولار لشراء الشرائح الأمريكية غير الخاضعة للرقابة، في حين ثمة أسواق نشطة تحت الأرض لتلك الخاضعة للرقابة. وتتمتّع جمهورية الـصين الشعبية بتاريخ طويل في تحويل التكنولوجيا الأمريكية إلى استخدامات نهائية تتلاءم وسياساتها، على الرغم من قيود التصدير الأمريكية؛ ومن بين الأمثلة على ما تَقدّم، أن الكثير من البـضائع التي يتم تهريبها إلى روسيا، بما فيها البـضائع الموجَّهة إلى الجيـش الروسي، تمرّ عبر الصين. كما بيعت في عام 2022 رقائق أمريكية بقيمة نحو 570 مليون دولار إلى روسيا، من هونغ كونغ والبر الرئيسي للصين، وهو ما يدلّ على أن العقوبات الأمريكية لم تنجح في تغيير السلوك الصيني‏[66].

في المقابل، باتت التوترات السياسية بين واشنطن وبكين تؤثر سلبًا في الـصناعات والشركات الأمريكية التي تعتمد على قطاع الطاقة المُتجددة وسلاسل التوريد من الـصين، ذلك بأن الأخيرة تعمل، في ظلّ العقوبات المفروضة عليها، على الإفادة من مواردها ونهجها الاقتصادي لتحقيق أهداف سياستها الخارجية الطويلة المدى، وهي تردّ على واشنطن بتدابير مـضادة، بهدف الـضغط عليها وحملها على إلغاء العقوبات. في هذا الإطار، فرضت بكين قيودًا على تصدير الجرمانيوم والغاليوم إلى الولايات المتحدة في أوائل تموز/يوليو 2023، كما فرضت حظرًا على الاستيراد والاستثمار، من خلال قائمة الكيانات غير الموثوق بها التي تم استخدامها ضد كبار مقاولي الدفاع الأمريكيين. وفي آذار/مارس 2023، باشرت هيئة الأمن السيبراني الـصينية تحقيقًا ضد شركة تصنيع الرقائق الأمريكية، وفرضت في النهاية قيودًا على قدرة الشركة على إجراء المبيعات في الصين‏[67].

ثالثًا: دراسة حالة العقوبات الاقتصادية على روسيا كأداة للسياسة الخارجية الأمريكية

ركزت سياسة واشنطن تجاه موسكو على العقوبات الاقتصادية، وصولًا إلى ما يشبه الحرب التجارية بينهما إبان ولاية ترامب الأولى. وقد فرضت الولايات المتحدة أولى العقوبات من هذا النوع على روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي، في منتـصف كانون الأول/ديسمبر 2012، من خلال «قانون ماغنيتسكي» الذي أقرّه الكونغرس وصادق عليه الرئيس باراك أوباما، وهو يستهدف الأفراد بقيود على التأشيرات وتجميدٍ للأصول. كذلك، فُرضت مجموعة كبيرة من العقوبات في آذار/مارس 2014 بعد «الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم»، وبحلول نهاية عام 2019، كانت الولايات المتحدة قد طبّقت أكثر من 70 مجموعة من العقوبات على روسيا، ما بين تشريعات وأوامر تنفيذية‏[68].

1 -استخدام العقوبات الاقتصادية في الفكر
الاستراتيجي الأمريكي ضد روسيا

أ – أهداف النهج الاقتصادي الأمريكي في التعامل مع روسيا

تسعى الولايات المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي ودول أخرى من حلفائها المقربين، إلى استهداف الأصول الروسية والتجارة الدولية والقطاعات الاقـتصادية المشاركة في الحرب الروسية على أوكرانيا، إضافة إلى أفراد وكيانات محدّدين يشاركون في الأنشطة الخاضعة للعقوبات. كما تسعى العقوبات إلى إضعاف قدرة روسيا على شنّ الحرب، من خلال تقليص قدرتها المالية، ومنع قطاعات الاقتـصاد المختلفة، من مثل الـصناعة والدفاع والطاقة، من الوصول إلى التكنولوجيا، فضلًا عن معاقبة النخـب الروسية المتورطة في الحرب. يتم تطبيق تلك العقوبات بالتعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من خلال منتديات مختلفة من مثل: «مجلس التجارة والتكنولوجيا» الذي يركز على ضوابط التـصدير، و«مجموعة السبع» التي تم عبرها منع وصول البنوك الروسية إلى نظام المدفوعات «سويفت»، وإدخال سقف لسعر النفط‏[69].

ب – أدوات الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات على روسيا

(1) المؤسسات

(أ) السلطة التنفيذية: يُعدُّ نظامُ العقوبات الأمريكية الذي تم إنشاؤه في نيسان/أبريل 2021، بموجب الأمر التنفيذي الرقم 14024، والذي يجيز فرض عقوبات على أساس «قانون القوى الاقتصادية في حالات الطوارئ الدولية (IEEPA)» ضد الكيانات الروسية، في حالات «أنواع السلوك الدولي الخبيث» كافة، بدءًا من الفساد العابر للحدود الوطنية إلى تهديد الاستقرار الإقليمي، الوسيلةَ القانونيةَ الأساسية لمعظم الإجراءات التي تفرضها الولايات المتحدة على روسيا ردًا على غزو أوكرانيا‏[70]. وقد أصدر بايدن، بتاريخ 21 شباط/فبراير 2022، الأمر التنفيذي الرقم 14065، الذي يستند إلى قانون «IEEPA»، للحدّ من أي معاملات تجارية ومالية تتعلق بالمنطقتين الانفـصاليتين دونيتسك ولوغانسك. كما يعاقب الأمر الشخوص الذين يعملون في المنطقتَين المذكورتَين، بحظر أيّ أصول يمتلكونها داخل الولايات المتحدة أو المؤسسات المالية الأمريكية، ويحدّ من قدرتهم على دخول الولايات المتحدة‏[71]. كذلك، وقّع بايدن، في 22 كانون الأول/ديسمبر 2023، أمرًا تنفيذيًا جديدًا يعزز سلطات العقوبات الأمريكية ضد الميّسرين الماليين لآلة الحرب الروسية‏[72].

(ب) وزارة الخزانة الأمريكية ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها: في 19 أيار/مايو 2023، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC)، ومكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية (BIS)، المزيد من العقوبات الاقتصادية وضوابط التصدير على روسيا وبيلاروسيا‏[73]. وفي الوقت نفسه، أدرج المكتب 46 فردًا و194 كيانًا و7 سفن و76 طائرة، كمنافذ للتهرب من العقوبات‏[74].

(ج) وزارة الخارجية: في عام 2023، فرضت وزارة الخارجية حظرًا على الكيانات المتواطئة في التهرب من العقوبات والتحايل عليها، والحفاظ على قدرة روسيا على شن حربها ضد أوكرانيا، ودعم مصادر إيرادات الطاقة المستقبلية في روسيا. وإلى جانب تلك الإجراءات، تقوم الوزارة أيضًا بتصنيف الكثير من الأفراد والكيانات، لتعزيز «مساءلة» أولئك الذين يدعمون الحرب الروسية‏[75].

(د) الكونغرس: يقوم الكونغرس بمراقبة المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، بما في ذلك الإمدادات العسكرية، والنظر في الدور الأمريكي في المساهمة في تكلفة إعادة الإعمار، ورصد مستويات المساعدة الدولية وجهود التنسيق، إضافة إلى تقييم تأثير العقوبات في الاقتصاد الروسي والقدرات القتالية، وكذلك في الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي. كما يقوم بتحديد الشروط التي يمكن بموجبها فرض العقوبات (أو إبقاؤها أو تخفيفها أو تشديدها)، والنظر في ما إذا كان سيتم دعم الشركات الأمريكية وكيفية تنفيذ هذا الدعم، وإسناد الحلفاء المتأثرين سلبًا بالعقوبات، ومعالجة استجابات الولايات المتحدة للدول التي تسعى إلى التقارب مع روسيا، والنظر في جدوى استدامة دعم الحليف الأوروبي و«حلف شمال الأطلسي» لأوكرانيا، والانتشار العسكري في وسط أوروبا الشرقية‏[76].

(2) التشريعات (القوانين)، منها:

– قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA) لعام 2017، الذي يشتمل على بنود متصلة بمكافحة النفوذ الروسي في أوروبا وأوراسيا‏[77].

– قانون حماية أمن الطاقة الأوروبي لعام 2019‏[78].

– قانون مكافحة الإرهاب لعام 2018، الذي فرضت وزارة الخزانة الأمريكية بموجبه أولى عقوباتها المتعلقة بأوكرانيا.

– قانون مراقبة الكونغرس للعقوبات الروسية بتاريخ 03/03/2023‏[79].

– «قانون منتهكي السلامة النووية الروسية بتاريخ 5/11/2023‏[80].

– قانون العقوبات المالية على روسيا وبيلاروسيا بتاريخ 13/12/2023 ‏[81].

– القرار الرقم 227 (5/31/2023)، الذي يدعو الرئيس إلى دعم إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة العدوان الروسي على أوكرانيا‏[82].

2 – قياس مدى فعالية العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا

هدفت العقوبات المفروضة على روسيا إلى إضعاف قاعدتها الاقتصادية، وحرمانها التكنولوجيات والأسواق الحيوية، والحدّ كثيرًا من قدرتها على شن الحرب‏[83]. وعلى الرغم من أن العقوبات الأمريكية أدت إلى تأثيرات سلبية في الأداء الاقتـصادي للدولة الروسية، وفي مستوى معيشة المواطنين، وإن بدرجات مختلفة، فهي عجزت في الوقـت نفسه عن تحقيق أهم هدف سعت إليه الولايات المتحدة من ورائها، وهو تغيير النظام أو تغيير سلوكه بما يتمشَّى مع السياسات الأمريكية ويخـضع لـضوابطها، إذ لم تمنع الإجراءات العقابية استمرار غزو روسيا لأوكرانيا، التي سيطرت الأولى على ما يزيد على 20 بالمئة من أراضيها، أي تقريبًا ما يساوي 125.000 ألـف كم من مساحتها. وبغض النظر عن مستوى إضرار العقوبات الغربية بالاقتصاد الروسي، فهي لم تجبر موسكو على تغيير موقفها، وذلك مردّه أن حسابات روسيا الاستراتيجية في شأن مـصالحها وأمنها القومي في أوكرانيا، أكبر من حسابات الخسائـر الاقتـصادية التي يمكن أن تَلحق بها‏[84].

يُضاف إلى ما تقدّم، أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، كان لها فعلًا تأثير سلبي في الاقـتصاد الروسي، لكن هذا التأثير سوف يستغرق وقتًا، وخصوصًا أن موسكو وضعت تقديراتها حول احتمالات التحرك الأمريكي، ومن ثم استعدّت، ولو جزئيًا، لامـتصاص تأثير تلك العقوبات. ولعلّ ما ساعدها على ذلك كِبر حجم اقتـصادها الذي يعدّ السادس عالميًا، وسِعة دائرة نفوذها في عدد من القـضايا الدولية، ودورها الرئيس في صناعة النفط والغاز عالميًا، والإجراءات الاقتصادية والمالية التي سبق أن اتخذتها في السنوات السـت الماضية للتخفـيف من هيمنة الدولار على الاقتصاد الدولي، وتأثيره في تعاملاتها التجارية مع عدد من الدول‏[85].

كذلك، أدى الحـظر التجاري المفروض على روسيا في عام 2022، إلى خفـض الناتج المحلي الإجمالي الروسي نحو 14 بالمئة، ولكنه أثر في الناتج المحلي الإجمالي للدول التي تفرض عقوبات أيضًا، بنسبة انخفاض تراوح بين 0.1 بالمئة و1.6 بالمئة. كما أن العقوبات المـضادة التي فرضتها روسيا عام 2021 على الولايات المتحدة، تسبّبت في خفض التجارة (المنتوجات الغذائية المستوردة) مع الأخيرة بمقدار 12.6 مليار دولار أمريكي سنويًا. ولعلّ من أهم الإجراءات المضادة التي اتبعتها روسيا للتخفيـف من التأثيرات الاقتصادية والمالية للعقوبات المفروضة عليها‏[86]:

أ – إنشاء نظام مصرفي يُدعى «مير» يُتيح للأفراد إتمام معاملاتهم المالية بعيدًا من أنظمة الشركات الأمريكية.

ب – إنشاء نظام لتبادل المعلومات المـصرفية، بدلًا من النظام الغربي «سويفت».

ج – التخلي التام عن الدولار في إجمالي الاحتياطيات الروسية والاعتماد على الذهب واليورو.

خاتمة

توصـلت الدراسة إلى أن العقوبات الاقتصادية تُعدُّ من أهم الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة في سياستها الخارجية، وأن سلطة تطبيقها لا تقتصر على الرئيس فقط، بل يُشاركه فيها عدد من المؤسسات التنفيذية والتشريعية. كما توصلت إلى أهمية قياس محددات فاعلية العقوبات لمعرفة مدى جدواها في تحقيق أهداف السياسية الخارجية للطرف المرسِل، علمًا أن من أهمّ شروط نجاحها قابليتها للتطبيق واستنادها إلى قواعد ومعايير، وتَحـميلها بعـض القوة السلبية سواء كانت رمزية أو حقيقية.

وبتطبيق تلك المحدّدات على حالتَي الدراسة، تَبيّن للباحثة أن روسيا لن تكون الخاسر الوحيد في الحرب الاقتصادية الحالية التي تُـشنّ عليها، بعدما استطاعت أن تحافـظ على استقرار اقتـصادها نسبيًا. أما في ما يتعلق بالـصين، فإن العقوبات المفروضة عليها لم تحقّق الهدف المرجوّ منها إطلاقًا، لا بل دفعت بكين إلى اتخاذ موقف عدائي تجاه واشنطن، والردّ على الأخيرة بعقوبات مـضادة، فضلًا عن التمسك بسياستها تجاه قضايا حقوق الإنسان وتايوان وسرقة التكنولوجيا، وغيرها من القضايا الشائكة بين البلدين.

كتب ذات صلة:

نظريات العلاقات الدولية: من التأسيس إلى المراجعات الشاملة

التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي: الكتاب السنوي 2023

المصادر:

نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 551 في كانون الثاني/يناير 2025.

إنجي محمد مهدي: أستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة.

شيماء محمود كامل عبد الله: باحثة دكتوراه في العلوم السياسية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.

[1] روبرت بلاكويل: هو كبير زملاء هنري أ. كيسنجر للسياسة الخارجية الأمريكية في مجلس العلاقات الخارجية.

[2] جينيفر إم هاريس: هي زميلة أولى في مجلس العلاقات الخارجية.

[3] Robert D. Blackwill and Jennifer M. Harris, War by Other Means: Geoeconomics and Statecraft (Cambridge, MA: Harvard University Press Belknap Press, 2016).

[4] بول ويلكينسون، مقدمة قصيرة جدًا: العلاقات الدولية، ترجمة لبنى عماد تركي (القاهرة، مؤسسة هنداوي سي آي سي، 2007)، ص 38.

[5] David A. Baldwin and Robert A. Pape, «Evaluating Economic Sanctions,» International Security, vol. 23, no. 2 (1998).

لمزيد من التفاصيل، انظر: David A. Baldwin, Economic Statecraft (Princeton, NJ: Princeton Uni­versity Press, 2020).

[6] Johannes Blad, «Economic Sanctions and Repression: The Effect of Economic Sanctions on Repression Conditional on Levels of Democracy,» (Uppsala University, Disciplinary Domain of Humanities and Social Sciences, Faculty of Social Sciences, Department of Peace and Conflict Research, January 2019), <https://rebrand.ly/385b72> (accessed on 18 August 2023).

[7] Bryan R. Early and Keith Preble, «Grand Strategy and the Tools of Economic Statecraft,» in: Thierry Balzacq and Ronald R. Krebs (eds.), The Oxford Handbook of Grand Strategy (New York; Oxford: Oxford University Press, 2021), chap. 23.

[8] يونس محمد مصطفى، «النظرية العامة لعدم التدخل في شؤون الدول،» (أطروحة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 1985)، ص 22.

[9] Bernard Sitt [et al.], «Sanctions and Weapons of Mass Destruction in International Relations,» (International Group on Global Security IGGS, Geneva Centre for Security Policy, 2010), <https://www.files.ethz.ch/isn/120196/geneva_paper_16.pdf> (accessed on 16 December 2023).

[10] John Forrer, «Aligning Economic Sanctions,» Atlantic Council (October 2017), <http://www.jstor.com/stable/resrep16794> (accessed on 20 January 2023).

[11] Hans J. Morgenthau, Politics among Nations: The Struggle for Power and Peace (New York: Alfred A. Knopf, 1978).

[12] Martin Griffiths, Terry O’Callaghan and Steven C. Roach, International Relations: The Key Concepts (London; New York: Routledge, 2002).

[13] Norman J. Padelford, «Reviewed Work: Politics among Nations: The Struggle for Power and Peace. by Hans J. Morgenthau,» Political Science Quarterly, vol. 64, no. 2 (1949).

[14] جون ستيوارت ميل، أسس الليبرالية السياسية، ترجمة وتقديم وتعليق إمام عبد الفتاح إمام وميشيل متياس (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996)، ص 171.

[15] Kenneth N. Waltz, «Kant, Liberalism, and War,» The American Political Science Review, vol. 56, no. 2 (1962).

[16] Haans J. Freddy, «Sanctions as a Weapon of War: The European Experience,» ORF Special Report, no. 201 (December 2022), <https://www.orfonline.org/research/sanctions-as-a-weapon-of-war> (accessed on 26 February 2023).

[17] John Stremlau, «Sharpening International Sanctions: Toward a Stronger Role for the United Nations,» (A Report to the Carnegie Commission on Preventing Deadly Conflict Carnegie Corporation of New York, November 1996), <https://rebrand.ly/p9cez66> (accessed on 23 December 2023).

[18] Nicholas Mulder, The Economic Weapon: The Rise of Sanctions as Tool of Modern War (New Haven, CT: Yale University Press, 2022).

[19] Micaela Del Monte and Elena Lazarou, «How Congress and President Shape US Foreign Policy,» European Parliamentary Research Service (EPRS), March 2017, <https://rebrand.ly/76ed48>.

[20] Congressional Research Service, «Enforcement of Economic Sanctions: An Overview,» 18 March 2022, <https://crsreports.congress.gov/product/pdf/IF/IF12063> (accessed on 20 December 2023).

[21] Authenticated U.S. Government Information: GOP, «Foreign Assistance Act of 1961,» Public Law 87-195; Approved September 4, 1961, January 13, 2023, <https://www.govinfo.gov/content/pkg/COMPS-1071/pdf/COMPS-1071.pdf>, (accessed on 20 December 2023).

[22] National Archives and Records Administration, «31 C.F.R. 599, Appendix A to Chapter V,» Code of Fedral Regulations, 20 December 2022, <https://www.ecfr.gov/current/title-31/subtitle-B/chapter-V/part-599> (accessed on 20 December 2023).

[23]  Congressional Research Service, «Enforcement of Economic Sanctions: An Overview,» op cit.

[24] Congressional Research Service, «Sanctions Primer: How the United States Uses Restrictive Mechanisms to Advance Foreign Policy or National Security Objectives,» 6 November 2023, <https://crsreports.congress.gov/product/pdf/R/R47829>.

[25] 50 USC 4814: Administration of Export Controls, «50-War and National Defense: Chapter 58-Export Control Reform,» 21 December 2023, <https://rebrand.ly/kldkbdt> (accessed on 22 December 2023).

[26] Jonathan Masters, «U.S. Foreign Policy Powers: Congress and the President,» Council on Foreign Relations, 2 March 2017, <https://rebrand.ly/099py2o> (accessed on 22 December 2023).

[27] عاصم إميل برقان، «العقوبات في السياسة الدولية: العقوبات الأمريكية ضد جمهورية روسيا الاتحادية نموذجًا (2014 – 2016)،» مجلة المنارة للبحوث والدراسات (جامعة آل البيت)، السنة 26، العدد 1 (2020)، ص 137.

[28] Stanley L. Engerman, «Sanctions: Neither War nor Peace,» Journal of Economic Perspectives, vol. 17, no. 2 (March 2003).

[29] Congressional Research Service, «Economic Sanctions: Legislation in the 106th Congress,» CRS Report for Congress, 15 December 2000, <https://rebrand.ly/a164ae> (accessed on 23 December 2023).

[30] Members and Committees Congress, «U.S. Sanctions: Legislation in the 117th Congress,» Congressional Research Service, 20 December 2022.

[31] Authenticated U.S. Government Information (GPO), «Public Law 117-54-Nov. 10, 2021,» 117th Congress, 135 STAT. 413, 10 November 2021, <https://rebrand.ly/a2865b> (accessed on 23 December 2023).

[32] Authenticated U.S. Government Information (GPO), «PUBLIC LAW 117–78—Dec. 23, 2021,» 117th Congress, 135 STAT. 1525, 23 December 2021, <https://rebrand.ly/160e96> (accessed on 23 December 2023).

[33] Authenticated U.S. Government Information (GPO), «Public Law 117–110—Apr. 8, 2022,» 117th Congress, 136 STAT. 1159, 8 April 2022, <https://rebrand.ly/b98f10> (accessed on 23 December 2023).

[34] Authenticated U.S. Government Information (GPO), «Public Law 117–109—Apr. 8, 2022,» Ending Importation of Russian Oil Act, 117th Congress, 136 STAT. 1154, 8 April 2022, <https://rebrand.ly/729c54> (accessed on 23 December 2023).

[35] Authenticated U.S. Government Information (GPO), «Public Law 117–51,» 117th Congress, 135 STAT. 408, 19 October 2021, <https://rebrand.ly/7420ba> (accessed on 23 December 2023).

[36] Authenticated U.S. Government Information (GPO), «Public Law 117–103,» 117th Congress, 136 STAT. 49, 15 March 2022, <https://rebrand.ly/092a7a> (accessed on 23 December 2023).

[37] Authenticated U.S. Government Information (GPO), «Public Law 117–81,» 117th Congress, 135 STAT. 1541, 27 December 2021, <https://rebrand.ly/c07e0e> (accessed on 23 December 2023).

[38] Yitan Li, «US Economic Sanctions against China: A Cultural Explanation of Sanction Effectiveness,» Asian Perspective, vol. 38, no. 2 (April-June 2014).

[39] United States General Accounting Officer (GAO), «Economic Sanctions Effectiveness as Tools of Foreign Policy,» Report to the chairman, committee on foreign relations U.S. Senate, February 1992, <https://www.gao.gov/assets/nsiad-92-106.pdf> (accessed on 7 January 2024).

[40] Robert E. Looney and Craig Knouse, «Predicting the Success of Economic Sanctions,» Naval Postgraduate School (December 1998), <https://apps.dtic.mil/sti/pdfs/ADA359130.pdf> (accessed 1 July 2024).

[41] منظمة الأمم المتحدة، «ميثاق الأمم المتحدة الفصل السابع: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان،» المادة 41، <https://www.un.org/ar/about-us/un-charter/chapter-7> (تاريخ الدخول 1 أيار/مايو 2024).

[42] Margaret Doxey, «International Sanctions in Theory and Practice,» Case Western Reserve University School of Law Scholarly Commons, vol. 15, no. 2 (1983), <https://core.ac.uk/download/pdf/214080611.pdf> (accessed on 1 May 2024).

[43] محمد نور البصراتي، «استراتيجية العقوبات الدولية وانعکاساتها على سياسات الدول (العراق – إيران – روسيا) نموذجًا،» مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية (جامعة القاهرة)، السنة 23، العدد 3 (تموز/يوليو 2022).

[44] Weixing Hu, «The United States, China, and the Indo-Pacific Strategy: The Rise and Return of Strategic Competition,» China Review, vol. 20, no. 3 (August 2020).

[45] كيو جين، « صعود الصين: صعود الصين في العقود المقبلة سيكون له آثار بعيدة المدى وعلى العالم أن يستعد،» التمويل والتنمية (صندوق النقد الدولي)، السنة 56، العدد 2 (2019)، وكيو جين: هي مدير مركز الصين العالمي في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.

[46]  Weixing Hu, Ibid.

[47] Ned Price, «New Sanctions Under the Iran, North Korea, and Syria Nonproliferation Act (INKSNA),» US Department of the State, 24 March 2022, <https://rebrand.ly/7ybwkdh> (accessed on 30 December 2023).

[48] U.S. Department of the State, «2023 Investment Climate Statements: China,» <https://rebrand.ly/9y8mtxf> (accessed on 31 December 2023).

[49] U.S. Department of the Treasury, «Executive Order 14032 of June 3, 2021: Addressing the Threat from Securities Investments That Finance Certain Companies of the People’s Republic of China,» Presidential Documents, vol. 86, no. 107 (June 2021), <https://ofac.treasury.gov/media/99111/download?inline> (accessed on 30 December 2023).

[50] U.S. Department of the Treasury, «Treasury Sanctions Perpetrators of Serious Human Rights Abuse on International Human Rights Day,» 10 December 2021, available on: <https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy0526> (accessed on 30 December 2023).

[51] U.S. Department of the Treasury, «Treasury Designates Perpetrators of Human Rights Abuse and Commemorates the 75th Anniversary of the Universal Declaration of Human Rights,» 8 December 2023, <https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy1972> (accessed on 30 December 2023).

[52] CRS Report, «China: U.S. Economic Sanctions,» Congressional Research Service the Library of Congress, 1 October 1997, <https://www.everycrsreport.com/reports/96-272.html> (accessed on 2 August 2023).

[53] Members and Committees of Congress, «International Trade and Finance: Overview and Issues for the 118th Congress,» Congressional Research Service: CRS Report, 24 March 2023, <https://rebrand.ly/h44xldp> (accessed on 22 December 2023).

[54] Congress Gov, «S.1092 – SECURE IP Act of 2019,» 116th Congress (2019-2020), <https://www.congress.gov/bill/116th-congress/senate-bill/1092> (accessed on 1 January 2024).

[55] Congress Gov, «S.1634 – South China Sea and East China Sea Sanctions Act of 2019,» 116th Congress (2019-2020), <https://www.congress.gov/bill/116th-congress/senate-bill/1634> (accessed on 1 January 2024).

[56] Congress Gov, «S.1657 – South China Sea and East China Sea Sanctions Act of 2021,» 117th Congress (2021-2022), <https://www.congress.gov/bill/117th-congress/senate-bill/1657> (accessed on 1 January 2024).

[57] Congress Gov, «S.591 – South China Sea and East China Sea Sanctions Act of 2023,» 118th Congress (2023-2024), <https://www.congress.gov/bill/118th-congress/senate-bill/591> (accessed on 1 January 2024).

[58] Scott Neuman, «China Threatens Response After U.S. Sanctions over Crackdown on Hong Kong,» NPR, 15 July 2020, < https://rebrand.ly/m6ti2pn> (accessed on 4 August 2023).

[59] Congress Gov, «H.R.5326 – Chinese Military and Surveillance Company Sanctions Act of 2021,» 117th Congress (2021-2022), <https://www.congress.gov/bill/117th-congress/house-bill/5326> (accessed on 1 January 2024).

[60] Congress Gov, «S.3735 – Deterring Communist Chinese Aggression against Taiwan through Financial Sanctions Act of 2022,» 117th Congress (2021-2022), <https://www.congress.gov/bill/117th-congress/senate-bill/3735> (accessed on 5 January 2024).

[61] Congress Gov, «S.481 – Deterring Communist Chinese Aggression against Taiwan through Financial Sanctions Act of 2023,» 118th Congress (2023-2024), <https://www.congress.gov/bill/118th-congress/senate-bill/481> (accessed on 5 January 2024).

[62] Congress Gov, «H.R.760 – Chinese Military and Surveillance Company Sanctions Act of 2023,» 118th Congress (2023-2024), <https://www.congress.gov/bill/118th-congress/house-bill/760> (accessed on 1 January 2024).

[63] Congress Gov, «H.R.5923 – Iran-China Energy Sanctions Act of 2023,» 118th Congress (2023-2024), <https://www.congress.gov/bill/118th-congress/house-bill/5923> (accessed on 1 January 2024).

[64] Congress Gov, «H.R.3597 – To Direct the President to Impose Sanctions on the People’s Republic of China,» 118th Congress (2023-2024), <https://www.congress.gov/bill/118th-congress/house-bill/3597>, (accessed on 5 January 2024).

[65] Eckhard Janeba, «The Export of Sanction Policies: Extraterritorial Sanctions and Geopolitical Conflict,» EconPol Forum, vol. 24 (3 May 2023), <https://rebrand.ly/0khaa17> (accessed on 9 January 2024).

[66] Tim Fist and Erich Grunewald, «Preventing AI Chip Smuggling to China,» Center for a New American Security (CNAS), 24 October 2023, <https://rebrand.ly/m03wzua> (accessed on 12 January 2024).

[67] Public-Private Analytic Exchange Program, «Rapidly Evolving Sanctions: An Alternative Analysis of Sanction Impacts on the US-China Rare Earth Elements Extractive Sector,» 2023, <https://rebrand.ly/ugvns65> (accessed on 7 January 2024).

[68] C.E. Ziegler, «Sanctions in U.S.-Russia Relations,» Vestnik RUDN International Relations, vol. 20, no. 3 (December 2020), pp. 504-520, <https://journals.rudn.ru/international-relations/article/view/24624> (accessed on 29 September 2023).

لمزيد من التفاصيل، انظر: Susanne Oxenstierna and Per Olsson, «The Economic Sanctions against Russia: Impact and Prospects of Success,» FOL, September 2015, <https://rebrand.ly/42uzm9o> (accessed on 29 September 2023).

[69] Marcin Szczepański, «Russia’s War on Ukraine: US Sanctions,» European Parliamentary Research Service (February 2023), <https://rebrand.ly/w3kkjxs> (accessed on 29 September 2023).

[70] Scott R. Anderson [et al.], «What Sanctions Has the World Put on Russia?,» Law Fare, 4 March 2022, <https://rebrand.ly/axvnpfh> (accessed on 6 January 2024).

[71]  Ibid.

[72] The White House, «Fact Sheet: Biden Administration Expands U.S. Sanctions Authorities to Target Financial Facilitators of Russia’s War Machine,» 22 December 2023, <https://rebrand.ly/mqak78v> (accessed on 6 January 2024).

[73] Alexandra Kumar, Lise S. Test and Bart M. McMillan, «US Government Imposes Significant Sanctions on Russia and Adds 71 Entities to the Entity List,» 26 May 2023, <https://rebrand.ly/fcmeec9> (accessed on 6 January 2024).

[74]  Ibid.

[75] U. S. Department of the State, «United States Imposes Additional Sanctions and Export Controls on Russia in Coordination with International Partners,» 19 May 2023, <https://tinyurl.com/2jkh9y2d> (accessed on 6 January 2024).

[76] Congressional Research Service, «Russia’s War on Ukraine: U.S. Policy and the Role of Congress,» Updated 30 January 2023, <https://crsreports.congress.gov/product/pdf/IF/IF12277> (accessed on 7 January 2024).

[77] Congressional Research Service, «CRS Report: U.S. Sanctions on Russia,» <https://sgp.fas.org/crs/row/R45415.pdf> (accessed on 29 September 2023).

[78]  Ibid.

[79] Congress Gov, «H.R.1357 – Congressional Oversight of Russian Sanctions Act,» 118th Congress (2023-2024), <https://tinyurl.com/4x3tjvhf> (accessed on 6 January 2024).

[80] Congress Gov, «H.R.3246 – Sanction Russian Nuclear Safety Violators Act of 2023,» 118th Congress (2023-2024), < https://tinyurl.com/2pn2rjt6> (accessed on 22 December 2023).

[81] Congress Gov, «H.R.5512 – Russia and Belarus Financial Sanctions Act of 2023,» 118th Congress (2023-2024), <https://tinyurl.com/bdftp4bc> (accessed on 6 January 2024).

[82] Congress Gov, «S. Res. 227 – A Resolution Calling on the President to Support the Creation of an International Special Tribunal to Prosecute Russia’s Aggression against Ukraine,» 118th Congress (2023-2024), <https://tinyurl.com/bdfr55nk> (accessed on 6 January 2024).

[83] European Commission, «Sanctions Adopted Following Russia’s Military,» 5 November 2024, <https://tinyurl.com/2kkudtwc> (accessed on 19 November 2023).

[84] أحمد جلال محمود عبده، «السياسة الأمريكية تجاه التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا وانعكاساتها على حلف الناتو،» مجلة السياسة والاقتصاد (جامعة بني سويف)، السنة 17، العدد 16 (تشرين الأول/أكتوبر 2022)، <https://jocu.journals.ekb.eg/article_264002.html> (تاريخ الدخول 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2023).

[85] حسن أبو طالب، «سلاح العقوبات الأمريكية .. آفاق وتحديات،» مجلة آفاق استراتيجية، العدد 5 (آذار/مارس 2022).

[86] المصدر نفسه.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز