تعصف بمنطقة الشرق الأوسط تحولات جذرية لم تعرفها المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل؛ فالأنظمة العربية الاستبدادية من جهة راحت تتساقط، لا بفعل انقلابات عسكرية أو انقلابات من داخل القصر هذه المرة، بل بفعل انتفاض الشارع العربي وكسر قيود الخوف التي كبّلته على مدى عقود. والإمبراطورية الأمريكية من جهة أخرى، التي اعتادت تحمي تلك الأنظمة حماية لمصالحها، باتت عاجزةً عن توفير الدعم لأحجارها في رقعة الشرق الأوسط؛ فخوض الولايات المتحدة أكثر من حرب فاشلة على هذه الرقعة كان كفيلاً باستنزاف عسكرها، كما استنزاف اقتصادها المأزوم أصلاً بفعل بنيته ودينامياته الداخلية، فكان كل ذلك كفيلاً بإنجاب إدارة جديدة في الولايات المتحدة تعكس سياستها الخارجية، وبخاصة في الشرق الأوسط، كل تلك الإخفاقات. فكيف إذا كان العالم يقابل ذلك التهاوي الأمريكي بصعودٍ مثابر لعدد من القوى الجديدة أو المتجددة التي يوجه تعاونها وإرادتها المشتركة ضربة قاضية لعصر الأحادية القطبية التي أتاحت للولايات المتحدة الاستفراد بقيادة العالم في العقدين الأخيرين.
يقرأ هذا الكتاب كل تلك التحولات، ويعرض لمسيرة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط التي انتهى بها المطاف في عهد أوباما إلى الغروب عن المنطقة باحثة عن مكان، أو وهم، في المقلب الآخر من الكرة الأرضية تحقق فيه مطامعها الاقتصادية وتطلعاتها الاستراتيجية
إضافة مراجعة
يجب عليك تسجيل الدخول لنشر مراجعة.