استضاف مركز دراسات الوحدة العربية الكاتب مجدي حماد عبر تطبيق زووم في حوار شيّق مع الصحافية منى سكرية حول كتابه السادات وإسرائيل: صراع الأساطير والأوهام، وذلك بعد ظهر الأربعاء 2 كانون الأول/ ديسمبر 2020. وتوّلت التحضير للقاء الباحثة في قسم الدراسات في المركز عبادة كَسَر، والتي قدمت للحوار الذي دام حوالي ساعة ونصف من الوقت.
وقبل البدء بطرح الأسئلة على الكاتب، وفي سياق التعريف بالكتاب وأهميته، قالت سكرية إن حماد اشتغل “بعقلية الباحث والأكاديمي وبالتأكيد الإنسان العربي المقهور، مثل حالنا جميعاً”، وذكرت محطات بارزة في حياة الرئيس المصري السابق أنور السادات – موضوع الكتاب – وهي تولّيه الرئاسة المصرية في تشرين الأول 1970 وحرب 1973 التي “أضاعها وبدّدها وقدّمها هدية للعدو الصهيوني”، على حد تعبيرها، وزيارته القدس في نوفمبر 1973 وتوقيعه لاتفاقية كامب دايفد عام 1979.
وكانت أولى أسئلة سكرية حول فكر جمال عبد الناصر الأيديولوجي والسياسي الذي رفض الحلول الجزئية متسائلةً “كيف ضاعت ثقافة هذه الأيديولوجيا في ظل معمعة وصول السادات للرئاسة المصرية؟ وبلمح البصر!”، فأجاب حماد أن “الموقف الأيديولوجي والسياسي لجمال عبد الناصر يمكن تلخيصه بأنه يعتبر الصراع العربي الاسرائيلي صراع وجود لا صراع حدود، بالمقابل السادات ومنذ الثورة الناصرية نجح في أن يواري حقيقته وكان خلال مرحلة عبد الناصر يس مان”، أي الذي يؤكد على كل ما يقوله عبد الناصر ولا يخالفه.
وكان من أبرز محاور اللقاء الافتراضي موضوع وصول السادات للحكم، فاستغربت سكرية سماح المجموعة الناصرية بوصوله لرئاسة الجمهورية مشيرةً إلى “عملية الدكتور عصفور” التي فضحت تآمر السادات وعلاقته بإسرائيل عبر السفارة الأميركية في مصر، فجاء رد حماد أن “المجموعة الناصرية ارتكبت خطأً تاريخياً في حق مصر وجمال عبد الناصر وبحق نفسها”، مضيفاً أن “المجموعة تصورت أنها بوصول السادات تضمن استمرار النظام.. إذ كان لديها تصور ساذج بأن السادات يمكن السيطرة عليه، على أساس أنهم يمسكون بكل مفاتيح الحكم.. لكنهم بالحقيقة أساؤوا تقدير مكر السادات وقدرته الشديدة على المناورة، وأنه رجل تآمر منذ ما قبل قيام الثورة”، موضحاً أن “عملية الدكتور عصفور” عُرفت بعد تولي السادات للرئاسة.
وتناول الحوار أحداثاً وشخصيات مؤثرة في مرحلة حكم السادات، منهم قادة عسكريين مصريين وغير مصريين، ممن استند الكتاب إلى مذكراتهم، بالإضافة إلى مذكرات الدبلوماسي الأميركي هنري كسينجر وبعض القادة العسكريين الإسرائيليين. واغتنى الحوار بتناول الكثير من الوجوه المصرية التي دار حولها الكثير من السجال مثل الصحافي محمد حسنين هيكل، والمسؤول عن التنظيم الطليعي شعراوي جمعة، والفريق أحمد اسماعيل، والسياسي ورجل الأعمال المصري صهر جمال عبد الناصر أشرف مروان، والمشير عبد الحكيم عامر. كما أخذت اتصالات السادات-كسينجر عبر مستشار الأمن القومي المصري حافظ إسماعيل حيزاً مهماً من الحوار.
وركزت أسئلة سكرية أيضاً على انتصار 1973 الذي أهداه السادات لـ”إسرائيل” بعدما أرسل رسالته “المشؤومة”، على حد قولها، لكسينجر والتي أعلن فيها عدم رغبته بالتوسع بالحرب مما كشف خطته وتوالت الأحداث بعدها لتضع العرب في حالة من “اللا-نصر واللا-هزيمة”. وقال حماد رداً على سؤال لسكرية حول إضاعة القيادات العربية للانتصارات العربية الميدانية إن “الكارثة الكبرى تكمن في كون الحكم في العالم العربي غالباً يمسك به رجل واحد هو الرئيس ولا أحد يجرؤ على معارضته”. كما تناول الكاتب خطة حرب الـ 1973 التي تمت بالتوافق مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وخيانة السادات لهذه الخطة.
وفي مقارنة سريعة بين حرب الـ 1973 وعدوان “إسرائيل” 2006 على لبنان، اعتبر حماد أن السياسة خذلت السلاح عام 1973 وطعنت الانتصار التاريخي الذي تحقق حتى يوم 11 تشرين الأول، مبيناً الفروقات العقائدية بين الجيش العربي النظامي من جهة والجيش العقائدي المتمثل بالمقاومين اللبنانيين في حرب 2006 من جهة ثانية.
وكان للباحثة في المركز عبادة كَسَر سؤالاً حول انعكاسات كامب دايفيد على الاقتصاد المصري والنمو الاقتصادي “المفترض” في الدول المطبّعة حديثاً! فاعتبر الكاتب أن التطبيع يُقدّم بلا مقابل من “إسرائيل” مستذكراً شعار السادات “السلام من أجل الطعام” الذي جعله مدخلاً لشعبيته ولعب على وتره كثيرا خلال سنوات حكمه.
ورداً على سؤال حول استشراف المستقبل وتداعيات صفقة القرن، تأسف حماد قائلاً: “أرد على الذين يقولون إننا وصلنا لقاع السوء.. السوء في العالم العربي لا قاع له والتردي لا نهاية له، ونحن نتقدم للخلف للأسف الشديد”.
وأوضح الكاتب أن هدفه من نشر الكتاب كان دحض الترويج الدعائي للسادات على أنه “بطل الحرب والسلم”، فقال: “حرصت على مناقشتها (المقولة) بمنهج المعلومات وليس الآراء، وحرصت على وضع أكبر كم ممكن من المعلومات في الكتاب”.
وكان كتاب السادات وإسرائيل: صراع الأساطير والأوهام قد صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية في آذار/ مارس 2019. يمكنكم الحصول على نسخة من الكتاب عند الضغط على السادات وإسرائيل: صراع الأساطير والأوهام
هذا ويمكنكم مشاهدة فيديو المقابلة كاملة عند الضغط على الرابط التالي
مجدي حماد في حوار حول كتابه “السادات وإسرائيل: صراع الأساطير والأوهام “- YouTube
مركز دراسات الوحدة العربية
فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.