تقديم
تشير آخر التطورات في ليبيا إلى احتمال اندلاع الصراع مجددًا بعد رفض حكومة الوحدة الوطنية المعفاة من البرلمان، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة إلى حكومة الاستقرار الوطني التي كلفها البرلمان مؤخرًا برئاسة فتحي باشاغا. ومع أن أطرافًا كثيرة رأت في ما قام به البرلمان عملًا مهددًا للاستقرار وإزاحةً للانتخابات لحساب مرحلة انتقالية جديدة، واتهمت رئاسة البرلمان بعدم الشفافية وبمخالفة التشريعات بما في ذلك لائحته الداخلية، فإن ما قامت به حكومة الدبيبة المنحلة فاق كل التوقعات؛ فهي لم تقم بمجرد رفض الاعتراف بالحكومة الجديدة واتهام البرلمان بالتزوير، بل قامت بخطى تصعيدية كثيرة ضد البرلمان مطالبة بإسقاطه والحكومة الجديدة التي رأتها تمكينًا للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي وصفته بمجرم الحرب والمعتدي على العاصمة، بعد أن كان الدبيبة يتواصل وينسق معه قبل تأليف حكومة الوحدة الوطنية وبعد تأليفها، وسعى للتعاون معه لإطالة مدة ولايتها.
هكذا تستمر الأزمة الليبية وبمستويات مختلفة من الصراع والتدخل الأجنبي. فشلت المساعي لتحقيق الانتقال إلى الاستقرار والديمقراطية رغم جهود متواصلة للأمم المتحدة وعدد من الفاعلين الدوليين كان آخرها مؤتمر برلين( كانون الثاني/ يناير 2020 وحزيران/ يونيو 2021) وانعقاد ملتقى الحوار السياسي في جنيف (تموز/ يوليو 2021) وما تمخض عنه من ولادة حكومة سميت “حكومة الوحدة الوطنية” برئاسة عبد الحميد الدبيبة كان من أولى مهماتها تحضير البيئة المناسبة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بما من شأنه أن يبعد شبح القتال ويحقق وحدة مؤسسات الدولة ويطلق مسار مصالحة وطنية. إلا أن حكومة الدبيبة جعلت نفسها طرفًا مباشرًا في الصراع فواجهت بقية الأطراف لإطالة عمر ولايتها وفرض ما تراه وما يخدم مصالحها وطموحات رئيسها الذي رشح نفسه للانتخابات التي كان مقررًا إجراؤها في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021، مخالفًا بذلك كل التعهدات ومضامين الاتفاق السياسي، وهو ما قاد في النهاية إلى تأجيل الانتخابات.
لم يكتف عبد الحميد الدبيبة وحكومته بذلك، فتم تحشيد عدد من الميليشيات المسلحة وراءها بالمال وعروض السلطة والمنافع وبتحريك دعاوي سياسية وتوجهات أيديولوجية، وبخاصة ضمن التيار الإسلاموي المتشدد؛ بل إنها اتخذت إجراءات لتصعيد الأزمة، فمنعت رئيس الحكومة الجديدة من دخول العاصمة، كما قامت إحدى ميليشياتها بخطف وزيرين كانا في طريقهما برًا إلى مدينة طبرق لأداء اليمين أمام البرلمان بعدما أقفلت الحكومة الأجواء ومنعت الطيران الداخلي. كما أصدر الدبيبة قرارًا بوصفه وزير الدفاع بإعلان ما يماثل حالة الطوارئ وآخر بإلقاء القبض على رئيس وأعضاء حكومة الاستقرار بتهمة تهديد النظام العام والادعاء بشغل مناصب حكومية.
فما الذي أوصل البلاد إلى هذه الحالة؟ وما خلفيات الأزمة المتواصلة؟ وما القضايا أو التحديات الرئيسية التي تعترض سبيل الاستقرار وتحقيق الانتقال الآمن إلى وضع أفضل؟
سياق ما بعد القذافي
في مرحلة ما بعد القذافي، تفاعل الضعف المتأصل في الثقافة المدنية والتأثير المتزايد للأطراف على حساب المركز مع تسييس الإدارة العامة الحكومية والاستبعاد وعدم الثقة لتنتج مشهدًا متأزمًا وصراعيًا. شاركت كل هذه العوامل في إنهاء الوجود الفعلي، وأحيانًا الرمزي أو المعنوي، للدولة ومؤسساتها مع تصاعد وتيرة انتهاك حقوق الإنسان والحريات. ازداد عدد وسطوة الميليشيات المسلحة واختُطفت المؤسسات وتم تسخيرها لمصالح أمراء الحرب أو بعض التيارات السياسية أو القبلية والجهوية. لقد أدى إجراء العملية الانتخابية في 2012 و2014 ما تلاها قبل التوصل إلى اتفاق على رؤية موحدة للدولة إلى حدوث استقطاب اجتماعي أفقيًا وعموديًا وحلقات من العنف. لقد كان من أهم أسباب الأزمة ذلك الاعتقاد الخاطئ أن ما حدث في 2011 كان مجرد انتفاضة للسكان في مواجهة ديكتاتور عتيد! هذه السردية تتجاهل حقيقة أن نظام القذافي كان له مناصرون في أجزاء كثيرة من البلاد، وتتجاهل بقاء القسم الأعظم من السكان وكبريات القبائل محايدًا بخاصة بعد التدخل المباشر لقوات حلف الأطلسي. وعلاوة على الجوانب المتعلقة بإرث القذافي وكيف يمكن التعامل معه، فإن الأزمة السياسية والاقتصادية السائدة تثير تحديين أساسيين إضافيين؛ فالجماعات التي تدعو إلى تبني نموذج لامركزي أو فدرالي تنتهز المرحلة الانتقالية الصراعية وتعدّها اللحظة المواتية للمطالبة بذلك أمام ضعف السلطة المركزية وتشتت المؤسسات. كما أن ذلك يحدث في ظل غياب وتجاهل كبير لأهمية الحوار الوطني والمصالحة الشاملة.
فشل جهود الأمم المتحدة
تبنى الممثلون الخاصون للأمين العام الذين تداولوا على رئاسة البعثة الأممية نهجًا مختلفًا لعدم وجود استراتيجية موحدة، إضافة إلى العيوب المتأصلة في التصميم وتضارب الاستراتيجية والأسلوب والتأثير السلبي للأطراف الفاعلة الإقليمية والدولية المتنافسة. منذ توقيع اتفاق الصخيرات في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وما تلاه من لقاءات وحوارات ومؤتمرات دولية أثبتت العملية التي قادتها الأمم المتحدة عجزًا تامًا عن إنجاز حل مستدام يحقق إجماعًا أو توافقًا لليبيين. هكذا أصبحت ترتيبات تقاسمِ السلطة مدخلًا لمزيد من الصراع، وهدر الموارد والفساد، بل صارت اليوم مهددًا للوحدة الوطنية والسيادة وسلامة الكيان وحرمة الحدود.
وفقًا لما تم الاتفاق عليه في ملتقى الحوار، كانت ليبيا على موعد مع انتخابات عامة في 24 كانون الأول/ ديسمبر2021، لكن ذلك لم يتحقق أساسًا لعدم رغبة حكومة الوحدة الوطنية – والأطراف التي تقف وراءها – التنحي عن السلطة والتخلي عن القوة والتأثير الذي تتيحه السيطرة على موارد البلاد لتحقيق أغراض سياسية. لكن الأهم هو أن الأمم المتحدة فشلت لا في حل المعضلة الأمنية ووضع ترتيبات ملزمة تحترمها الأطراف مع قوة ردع قانوني مناسب، فقط، بل أخفقت تمامًا أيضًا في معالجة التحدي المتعلق بالأسس القانونية التي سيتم وفقًا لها إجراء الانتخابات. هكذا تقف ليبيا اليوم على شفا مرحلة جديدة من الصراع بينما تعجز الأمم المتحدة عن تفعيل بعثتها وتطوير عملها وتكليف رئيس لها، وتبدو مكتفية بالتعبير عن القلق ودعوة الأطراف إلى الحوار بينما تتغاضى عن أعمال الميليشيات أو الانتهاكات وعن مخالفات حكومة الدبيبة والبرلمان ومجلس الدولة ولغة العنف وخطاب الكراهية والتقسيم السائد.
المعضلة الأمنية: الميليشيات والتدخل الأجنبي
بسطوة الميليشيات والجماعات المسلحة على اختلاف مسمياتها وأوضاعها وتذرعها بشرعيات مختلفة شرقًا وغربًا، تواجه البلاد انهيارًا تامًا للقطاع الأمني. وعلاوة على كون ذلك مؤشرًا على فشل الأمم المتحدة وعمق التدخل الخارجي، فإن عدم التمكن من إقامة نظام أمني يتخطى العقبات والتحديات التي خلّفها الصراع وما تضمنه إرث النظام السابق، يمثل المشهد الأكثر خطورة. ليبيا اليوم هي مثال لسلام المنتصر وتشهد حربًا أهلية مستمرة بصيغ مختلفة. وبينما تستمر الانتهاكات تواصل السلطات الانتقالية والميليشيات استخدام آليات العدالة الانتقائية. هناك تساؤلات جدية حول ما إذا كان القضاة والمدّعون العامون يمكن أن يكونوا مستقلين حقًا حيث تسود الفوضى المطلقة، حيث إن الإفلات من العقاب هو اسم اللعبة مع من يسمون بالثوار محميين بلا خجل من العدالة بحكم القانون والممارسة.
رغم ما تم التوصل إليه في أواخر 2021 من وقف هش لإطلاق النار وما يبدو من إجماع لفظي للأطراف الليبية والدعم الدولي في شأن إجراء الانتخابات، فمن الجلي أن ذلك يبقى بعيد المنال ما استمرت الحاجة إلى إصلاح متعدد المستويات لمختلف وظائف الدولة. يشكل إصلاح قطاع الأمن عقبة وذريعة لتأخير الإصلاحات المطلوبة اللازمة لإقامة نظام ديمقراطي. ورغم ما يبدو من غلبة الجوانب التقنية أو الفنية، فهو عملية ذات طابع سياسي كونها تتصل بمؤسسات السيادة وفرض سلطة الدولة ويقتضي البدء بعملية إصلاح شاملة انطلاقًا من مبادئ عامة مشتركة ومتفق عليها بين الأطراف بما يسهم مباشرة في استتباب الأمن وإعادة إطلاق الاقتصاد والعبور نحو وضع إيجابي ضمن مصالحة وطنية وهي الشروط الكفيلة بالحفاظ على وحدة البلاد وسلامة كيانها الاقليمي ووحدتها. يسود التوجس بين الأطراف وتستمر هوة عدم الثقة وهو ما يزيد من حدته تضاؤل احتمالات جلاء جميع المقاتلين والقوات الأجنبية عن كل أرجاء البلاد. ورغم أولوية التحدي الأمني فإن هناك تحديات أخرى وفي مقدمتها ما يتعلق بالمسار الدستوري.
المسار الدستوري: حق يراد به باطل
يحرص أطراف المعادلة الليبية على إظهار أن الأمر يتعلق بالخلاف حول المسار الدستوري ومضامينه وعدم احترام الطرف المقابل للدستور والتشريعات. لكن حقيقة الأمر تجاوز مسألة الأساس الدستوري أو القانوني لتشمل ما إذا كان ينبغي إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة، أو الاكتفاء بإجراء انتخابات برلمانية فقط كما تطالب حكومة الوحدة الوطنية المنحلة وحلفاؤها، أو أن يتم إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور قبل إجراء أي انتخابات.
انطلق المسار الدستوري في شباط/ فبراير 2014 بانتخاب هيئة لصوغ مشروع دستور يخضع للاستفتاء الشعبي. لكن المسار الدستوري واجه العديد من التحديات وامتد الخلاف والانقسام إلى الهيئة ذاتها فصارت هي وعملها مثار تنازع بين أعضائها إثر عرضها لبعض نصوص المسودة الأولى لمشروع الدستور في 2016. كما تعمّق الخلاف والرفض بعد إقرار أغلبية أعضاء الهيئة مسودة جديدة في تموز/ يوليو 2017 حيث استمرت مقاطعة ممثلي بعض الجماعات الثقافية للهيئة واجتماعاتها، وأعلن ممثلو الطوارق والتبو رفضهم للنصوص المتعلقة بالهوية الليبية، وأعلنوا مقاطعتهم لأعمال الهيئة، وسبقتها مقاطعة معلنة من جانب ممثلي الأمازيغ الذين طالبوا بضرورة دسترة لغتهم بجانب اللغة العربية، بينما كانت أقوى الاحتجاجات ضد المشروع تنطلق من ميله إلى تمكين رجال الدين من إحكام السيطرة على التشريعات إضافة إلى ضعف المحتوى الحقوقي والمركزية. بينما ترى أطراف أخرى أنه يعكس صوغ دستور في ظل الانقسام والصراع واستبعاد أو تهميش فئات وقطاعات عريضة من السكان.
ومع استئناف الحوار واتفاق ملتقى الحوار السياسي الليبي على إجراء انتخابات عامة، برز اهتمام متجدد بالمسار الدستوري وشملت المناقشات إمكان الاعتماد على مشروع الدستور الحالي في ظل الحاجة إلى أساس أو قاعدة دستورية أو قانونية لإجراء الانتخابات المقبلة. لكن سواءٌ طُرح المشروع النهائي لهيئة صياغة الدستور على ما هو عليه للاستفتاء العام، أو تم اعتماده من جانب البرلمان ومجلس الدولة (أو عبر اللجنة التي دعت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لتشكيلها مؤخرًا) كأساس مؤقت لإجراء الانتخابات في مرحلة لاحقة، فذلك لا يحول دون الحاجة إلى معالجة القضايا الخلافية العالقة في المشروع والاستجابة لمخاوف معارضيه عبر توافق سياسي من خلال اعتماد أطر سياسية بديلة لمناقشة هذه القضايا وإعادة ربط عملية صوغ الدستور بالمسار السياسي الأوسع، فالمشكلة سياسية الطابع. أما إجراء الانتخابات أو الاستفتاء بالوضع القائم فيفتح الباب على مصراعيه للخلاف القائم بشأن القانون الذي يحكم العملية وضمانات تنفيذها وشمولها كامل البلاد ناهيك بالمهجرين في الخارج وضآلة احتمالات نجاحها.
الحاجة إلى مصالحة وطنية شاملة ورؤية مشتركة
لا تزال الصعوبات تواجه تبنّي الفرقاء رؤية مشتركة لنقل ليبيا إلى ما بعد إرث القذافي والصراع الذي حدث بعده وسط الانقسامات الداخلية والتدخل الخارجي. وكما تشير التطورات الأخيرة والخطوات التصعيدية لعبد الحميد الدبيبة في مواجهة الحكومة المعتمدة من البرلمان، تعيش البلاد حالة من عدم الاستقرار والهشاشة، مع احتمال أن يتطور الأمر إلى ما هو أكثر سوءًا. وبينما تؤثر الأزمة والصراع القائم سلبًا في التماسك الداخلي لجميع الأطراف، يتأكد أن أية تسوية تعتمد على وعي الأطراف الليبية بضرورة المصالحة والسلام وحشد المكونات الاجتماعية والسياسية لتحقيق هذا الهدف وإطلاق عملية شاملة لبناء الدولة والحؤول دون وقوع المزيد من التشرذم والضرر بالنسيج الاجتماعي.
لكي ينجح أي حوار في تحقيق حل مستدام للأزمة الليبية فيجب أن يكون تحويليًا وقابلًا للتكيّف وتوسيع المشاركة ودعم ملكية الليبيين لأي عملية وكذلك الحد من التدخل الأجنبي. التحدي الحقيقي هو جعل الليبيين يطورون اتفاق سلام ومصالحة من خلال عملية يتفقون فيها على حسبان القضايا الصراعية والمسائل الخلافية مشاكل وتحديات مشتركة. إن هذا من شأنه أن يمهد الطريق للالتزام بما يتم التوصل إليه من اتفاقات ويضمن التنفيذ على أسس المنافع المتبادلة المشتركة وليس على أسس الاستبعاد والإقصاء، وليس مجرد أداة لتقاسم السلطة التي تمنح امتيازات لبعض الأطراف أو القوى.
تحرص حكومة الوحدة الوطنية المنحلة وحلفاؤها على إرباك المشهد وتجاوز البرلمان الذي أعفاها من مهماتها بترسيخ القناعة بأن الانتخابات البرلمانية هي الحل، لا الرئاسية كما تحدد خارطة الطريق، متجاهلة كيف أسهمت هي نفسها مباشرة في إعاقة إجرائها في كانون الأول/ ديسمبر 2021. تعمل الحكومة وحلفاؤها على تسويق خطاب مفاده أن الأمر يتوقف فقط على إنجاز قاعدة قانونية يتم إجراء الانتخابات وفقها، وتدعو في أحيان أخرى إلى الاستفتاء على الدستور، بل أعلنت أنها ستعِد قانونًا تُجري هي الانتخابات وفقًا له، وإذا ما تعذر ذلك في كامل البلاد فيمكن الاكتفاء بانتخابات في الدوائر التي تسيطر عليها هذه الحكومة ويمكن فيها إجراء الانتخابات. وبينما تشير المناقشات الدائرة إلى أن الأساس القانوني يمكن توفيره بتشريع خاص يصدره البرلمان أو بالاستناد على مشروع الدستور الدائم الذي أعدته هيئة منتخبة لهذا الغرض بعد أن يتم إقراره في استفتاء عام، أو بقوانين الانتخابات السابقة، فإن الدافع الحقيقي يبدو في الرغبة في إطالة عمر الحكومة في مقابل البرلمان ومجلس الدولة اللذين يُشك أيضًا في صدق نواياهما تجاه الانتخابات.
ما لم تتمكن حكومة باشاغا من تولّي زمام الأمور، أو لم تتمكن اللجنة التي طلبت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز تشكيلها قريبًا من التوافق على قاعدة دستورية أو قانونية لهذا الغرض، يبدو الطريق شائكًا ومحفوفًا بالمخاطر أمام اتساع هوة الخلافات واستمرار التدخل الخارجي. وبينما لا يتوقع أن تؤدي الوساطات القبلية أو مساعي الحكماء والقادة المجتمعيون وبخاصة من مدينة مصراتة التي ينتمي إليها رئيسا الحكومتين إلى رأب الصدع والتوصل إلى حل وسط أو توافق يجنّب البلاد خطر ما ستؤدي إليه أعمال حكومة الوحدة الوطنية المنحلة وتمسك البرلمان بقراره والانتهازية الواضحة لمجلس الدولة، وتواصل التدخل الخارجي، فإن ليبيا مقبلة على انقسام جديد كالذي حصل عقب انتخابات 2014.
الوضع ينذر بترد كبير ما لم يتم احتواء الأزمة الحالية، لكن إيجاد حل لا بد أن ينطلق من إدراك دروس أهم محطات الصراع والأزمة، وأن تجرِبة عقد من الزمن، تثبت أن ترتيباتِ تقاسم السلطة لم، ولن، تؤدي إلا إلى المزيد من الصراع واستمرار الأزمة، وتهديد كل ما يربط الليبيين ويجمعهم. الدرس الواضح المستفاد هو ضرورة الانطلاق من مسار المصالحة الوطنية الشاملة، والاتفاق على القيم والمبادئ التي تحكم الدولة الجديدة، من دون أي إقصاء أو استبعاد مهما كانت مبرراته.
مركز دراسات الوحدة العربية
فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.