مقدمة:

عرفت السنوات الأخيرة، وبخاصة مع بداية التسعينيات، نجاحات لافتة وغير متوقعة لأحزاب أقصى اليمين ـ أو ما يطلق عليها أحياناً أحزاب اليمين المتطرف، الراديكالي أو الشعبوي ـ في أغلب دول أوروبا الغربية وخصوصاً في النمسا، النرويج، الدنمارك، هولندا، سويسرا وفرنسا، سواء في انتخابات المحافظات المحلية أو في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وحتى في انتخابات البرلمان الأوروبي. وبالرغم من تفاوت النتائج التي أحرزها أقصى اليمين هناك، بين الوصول إلى الحكم أو المشاركة في تشكيل الحكومات، أو على الأقل المنافسة الجدية والاقتراب من تحصيل السلطة، إلا أنها تمكنت بالفعل من أن تخلق نوعاً من الفوضى ضمن الأنظمة السياسية الأوروبية التي تميزت غالباً بالاستقرار، بحيث أصبح من الصعب على الأحزاب التقليدية ضمن اليمين أو اليسار أن تحقق أغلبية مستقرة كما كانت عليه العادة، وأصبحت مجبرة على التعاون مع الأحزاب اليمينية المتطرفة بعدما كان مجرد حصول حزب يميني على عدد محدود من المقاعد في البرلمان حدثاً يحرك القارة بأكملها، مثلما حدث مع الحزب النمساوي المتطرف (FPÖ) سنة 1999 ـ حين تمكن من دخول البرلمان النمساوي فكان رد الفعل الأوروبي المقاطعة الدبلوماسية للسويد  ـ وهو ما جعل هذه الأحزاب تنتفض على ماضيها كمجرد أحزاب مناسبات، لتصبح فاعلاً مؤثراً ومنافساً ضمن الحياة السياسية الأوروبية، وترتقي لتكون أحد البدائل السياسية الجديرة بثقة الناخب الأوروبي عن القوى السياسية التقليدية ضمن اليمين واليسار.

اللافت في هذا الصعود أنه قد اقترن بظاهرة أخرى متزامنة، هي تصاعد الكراهية ضد المسلمين (Islamophobia)، أو ربما بتعبير غير لغوي، العداء للمسلمين، في أوروبا والمعبَّر عنها إعلامياً وأكاديمياً بظاهرة الإسلاموفوبيا. وهي ظاهرة فكرية بدأت تتقوى وتستشري في المجتمعات الأوروبية لتصبح أيديولوجية ترتبط بنظرة اختزالية وصورة نمطية للإسلام ومعتنقيه من المهاجرين في أوروبا، كمجموعة منغلقة على ذاتها ومحدودة، تؤمن بقيم رجعية تحض على العنف والاختزال والنظرة السلبية للآخر وترفض العقلانية والمنطق وحقوق الإنسان.

لا شك في أن هذا التزامن يؤشر إلى وجود علاقة بين الظاهرتين، ويبرر بالتالي طرح إشكالية ارتباط صعود اليمين المتطرف الأوروبي ـ وحظي بالقبول لدى الناخب الأوروبي ـ بالعداء للإسلام والمهاجرين المسلمين في برنامجه السياسي. فرغم تعدد المقاربات لظاهرة صعود اليمين المتطرف، إلا أن قليلاً منها ضمن الأدبيات الغربية استقصى هذه العلاقة.

أولاً: من هي أحزاب اليمين المتطرف؟

لا يوجد اتفاق واضح بين الذين تناولوا موضوع أحزاب أقصى اليمين حول تعريف جامع لليمين الراديكالي، رغم الاتفاق الحذر حول خصائصها المشتركة وسمتها المتطرفة، بحيث لا يزال هناك استعمال لمفردات قريبة في اللفظ لكن بعيدة في المعنى كمترادفات مع أقصى اليمين، ومن أمثلة ذلك «اليمين الجديد» و«المحافظون الجدد»[1]، رغم أنه تعبير عن نسق فكري مختلف؛ أما الأولى فتستعمل للإشارة إلى متبني أفكار الليبرالية المتطرفة التي تدافع عن تحييد تام لدور الدولة في الاقتصاد مع خوصصة كثيفة وسوق مفتوحة. بينما تشير الثانية إلى الذين يحملون مشروعاً تدخلياً في السياسة الخارجية الأمريكية يرتبط فيه الاعتقاد الديني بالمصالح السياسية.

أما أقصى اليمين، فيكاد يكون هناك إجماع بين الباحثين في هذا الشأن على أنه مقترن بالأيديولوجية الفاشية، بل يتم تصنيف المنتسبين إليه أحياناً تحت مسمى «الفاشيين الجدد». وتتسم الفاشية عموماً بكونها تلك الأيديولوجية التي تنكر قيم الليبرالية، العقلانية، الحداثة، الحرية والمساواة، كما ترفض الرأسمالية والشيوعية والديمقراطية، وتعتقد بمثالية الدولة وحتمية الصراع لتقدم التاريخ، وتؤمن بمبدأ القيادة البطولية والالتفاف حول القائد[2]. ويختصر بييرو إغنازي (Piero Ignazi) الخصائص المعرّفة للفاشية في ما يلي[3]:

ـ الاعتقاد بسلطة الدولة على حساب الفرد.

ـ التركيز على فكرة المجموعة الطبيعية.

ـ الشك في النظام التمثيلي والترتيبات البرلمانية.

ـ الحد من الحريات الفردية والجماعية.

ـ القبول بمبدأ الهرمية في التنظيم الاجتماعي.

ورغم أن بعض أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا لا تعتنق صراحة مبادئ الفاشية كما حال «الجبهة الوطنية» في فرنسا، ولأن جميع الأنظمة السياسية في أوروبا تمنع الأحزاب التي تتبنى أفكار هتلر أو موسوليني، فإن هذه الأحزاب تتبنى مع ذلك بصورة شكلية أفكار الديمقراطية والتقدم في تسمياتها دون أن تتبناها فعلياً.

بالرغم من وضوح الخلفية الأيديولوجية، يجد الباحث عن تحديد واقعي دقيق لما هو اليمين المتطرف مقارباتٍ مفاهميةً مختلفة؛ فـيقترح بييرو إغنازي[4] مثلاً ثلاثة معايير لتصنيف أحزاب اليمين المتطرف: أولها، أنها يجب أن تتموقع في موقع بعيد من النقاش التقليدي يمين ـ يسار؛ ثانيها، أنها يجب أن تمتلك روابط بالفاشية؛ ثالثها، أنها لا بد من أن تدافع عن قضايا وقيم وسياسات مناهضة للديمقراطية والرأسمالية؛ أي أنها يجب أن تكون ضد النظام (Anti-system).

ويقدم هانز جورج باتز (Hanz-George Betz)‏[5] مقاربة أقل صرامة وأكثر اتساعاً لليمين المتطرف، التي يطلق عليها أحزاب جناح اليمين الشعبوية. هذه الأحزاب ـ حسب باتز ـ هي تلك التي تنتقد السياسات الاقتصادية والاجتماعية للديمقراطيات الغربية دون مهاجمة أسسها؛ بحيث ترفض المساواة الفردية وتركز على التجانس الإثني وتمقت المهاجرين. وهي أحزاب تؤمن بمركزية عالية ونظام هرمي مرتكز على شخصية القائد الكارزمية، وتستعمل الشعبوية كأسلوب فعال للتسويق السياسي.

أما مات غولدر (Matt Golder)‏[6] فيميز بين ما يسميه الأحزاب الفاشية الجديدة والأحزاب الشعبوية، فالأولى هي أكثر تصورية في طبيعتها وبرامجها، أما الثانية، فهي شعبوية بسبب تركيزها على المسائل المادية مثل الربط بين الهجرة والبطالة. ويرى غولدر أن الأحزاب الشعبوية لا الفاشية الجديدة هي التي حصلت على نجاحات انتخابية مؤخراً.

ويجادل كاس ميد (Cas Mudd)‏[7] في أن الأسس الأيديولوجية المشتركة لليمين المتطرف الأوروبي هي أربعة: القومية أو الانتماء للوطن (Patriotism)، العداء للأجنبي (Xenophobia)، حفظ القانون والنظام، والنظرة الشوفينية للرفاهية (Welfare Chauvinism)؛ بحيث يجب على الدولة أن تضمن من خلال سياستها الاجتماعية رفاهية أفراد الأمة دون الأجانب.

غير أن أكثر المقاربات التي حظيت بالإجماع حول الخصائص المشتركة لأحزاب اليمين المتطرف الأوروبي هي التي قدمها مايندرت فينيما (Meindert Fennema)‏[8]، بحيث تنظر إلى هذه الأحزاب كنسق فكري موحد، من خلال برنامجها المعادي للهجرة والمهاجرين، لذا يطلق عليها أحزاب ضد الهجرة (Anti-Iimmigration Parties). فرغم بعض الاختلافات في الأولويات المحلية، فإن جميع الأحزاب في أقصى اليمين الأوروبي تشترك في موقف موحد تجاه الحد من الهجرة وخطر المهاجرين، بحيث تصور المهاجرين كأنهم مشكلة في أربع صور مختلفة[9]؛ كتهديد للهوية الإثنو ـ وطنية، كسبب رئيسي للبطالة وللجريمة ومظاهر أخرى للّاأمن الاجتماعي، وكمستغلين بسوء لما توفره دولة الرفاه. وهذا ما يؤكده الواقع، بحيث أكدت دراسة مقارنة في نتائج سبعة أحزاب يمينية متطرفة في انتخابات البرلمان الأوروبي سنتي 1994 و1999 أن العامل المرجِّح في التصويت لمصلحة هذه الأحزاب هو موقفها من سياسات الهجرة ودعوتها لتقييدها[10].

إذن يشكل العداء للأجانب، ورفض الأقليات وفكرة التعددية الثقافية، والدفاع عن هوية إثنو ـ وطنية وعن التقاليد القومية التاريخية، والدعوة إلى الحد من الهجرة، القاعدة المشتركة لأي برنامج سياسي لحزب يميني متطرف، وهذا ما يبرر ـ رغم بعض الاختلافات  ـ مقاربتها بشكل جماعي ضمن سياق السياسة الأوروبية والإشارة إليها كيمين أوروبي متطرف.

دون إنكار وجود قواسم مشتركة أخرى في برنامج أقصى اليمين، أهمها انتقاد سياسات الديمقراطية الاجتماعية لليسار وتشجيع الفردية لليمين، ورفض الاندماج الأوروبي، والدعوة لتقليص الضرائب ولتشديد عقوبات الجرائم، ورفض سياسات المساواة للنساء وسياسات حماية البيئة، تشترك أحزاب اليمين الجديد نظرياً في الاعتقاد بمفهوم الاستعلائية، وهو فكر إقصائي يرى أن التفوق والدونية حقيقة جبلية بين الأفراد والمجتمعات، مع رفض مطلق لمعيار المساواة الاجتماعية. وتؤيد عملياً هذا الاعتقاد ببرنامج سياسي ومجتمعي قوامه التمييز العنصري الواضح من خلال التبني الصريح لمفاهيم عنصرية أهمها: كره الاجانب، الانتماء للوطن، التمييز العنصري (Racism)‏[11]. في هذا السياق كيف تظهر صورة المهاجرين المسلمين لدى أقصى اليمين؟

ثانياً: الإسلام والمهاجرون المسلمون في خطاب أقصى اليمين

منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وبداية ما سمي الحرب على الإرهاب، أصبحت ظاهرة الإسلاموفوبيا واقعاً معاشاً في الغرب وفي أوروبا بخاصة، ليس فقط من خلال منظومة القوانين التي تنتهك حقوق المسلمين ـ قانون حظر الحجاب في فرنسا وبلجيكا، قانون حظر المآذن في سويسرا… ـ بل تعدى ذلك نحو الخطاب السياسي والإعلامي السائد؛ حين أصبح مقبولاً ومشروعاً انتقاد المجموعات المسلمة من المهاجرين في الغرب تحت غطاء القيم الليبرالية كحرية التعبير وحقوق المرأة، والمفارقة أن ذلك تم بتأييد واسع من الإعلام ليبدو خطاب العنصرية والعدائية ضد المسلمين وكأنه عادي ومقبول مجتمعياً وسياسياً، وليصبح التمييز ضد المسلمين جزءاً غير خافٍ من المناخ السياسي السائد في أوروبا[12].

إن هذا هو ما تؤكده التقارير الأوروبية نفسها؛ فعلى سبيل المثال، يؤكد «المكتب الأوروبي حول الحقوق الأساسية» أن واحداً من ثلاثة مسلمين في أوروبا يتعرض للتمييز العنصري، وحسب تقرير آخر لـمعهد المجتمع المنفتح فإن50 بالمئة من المسلمين، من بين الذين أجريت معهم مقابلة في إحدى عشرة مدينة أوروبية، قد تعرضوا للتمييز العنصري مقابل 9 بالمئة فقط من غير المسلمين[13].

كانت أحزاب اليمين المتطرف في مقدمة الأصوات التي تبنت هذا الخطاب الإسلاموفوبي في الغرب، بل إن مبادئها المذكورة سلفاً ترشحها لتكون أحزاباً إسلاموفوبية بامتياز. وقد أكد زيكيت (J. P Zuquete) في دراسته «اليمين الأوروبي المتطرف والإسلام» ـ ما يعتبر أصلاً حقيقة شائعة ـ أن هذه الأحزاب معادية للإسلام (Anti-Islam)، وأنه طوال العشريتين الماضيتين كان أحد أهم انشغالاتها ما تعتبره التهديدات المنبعثة من الإسلام والمسلمين المقيمين في أوروبا[14].

والملاحظ أن العديد من المبادرات تم تقديمها من قبل اليمين المتطرف في أوروبا عبر استراتيجيات مشتركة عبر وطنية ضد ما سَمَّوه أسلمة أوروبا.

لقد حظي مفهوم أسلمة أوروبا بنقاش واسع في الأدبيات اليمينية في الغرب، وهو يعني أن المسلمين الذين يمثلون حضارة «دونية» يحصلون على مزيد من التغلغل والنفوذ بما يكفي لتشكيل تهديد حقيقي للهوية الأوروبية، في حين يقوم الفكر اليميني المتطرف على فكرة «الاستعلائية» بين دعاته على أنهم أرفع وأفضل من نظرائهم المسلمين، وأن الهوية الأوروبية محل تهديد من قبل أولئك الأقل شأناً[15].

نتلمس هذا الموقف بشكل مباشر وصريح في برامج بعض الأحزاب اليمينية الأوروبية المتطرفة أو مواقف بعض قاداتها كما يلي[16]:

ـ الجبهة الوطنية الفرنسية: أول حـزب استخدم الإسلاموفوبيا في دعايته السيـاسية وحملته الانتخابية للتخويف من الإسلام والمسلمين.

ـ الحزب النمساوي اليميني الشعبي: وصـف الإسلام بـأنه «العدو الأول» للأمة النمسـاوية، لأوروبا والعالم أجمع.

ـ الحزب الدنماركي التقدمي: دعا إلى إيجاد «منطقة حرة للمسلمين»، وحذر من أسلمة أوروبا.

ـ الحزب اليميني الشعبي الدنماركي: حذر الجماهير في أثناء حملته الانتخـابية من الإسلام كمصدر تهديد لأوروبا، علاوة على أنه ضد الحضارة الغربية.

ـ «أومبرتو بوسي» زعيم حـزب ـ ليقا نورد ـ الإيطالي: وصف الإسلام بأنه أكبر مـصدر لتهديد الثقافة الأوروبية، ودعا إلى ضرورة الدفاع عن النصرانية الأوروبية.

ـ «خيرت فلدرس» زعيم حزب الشعب الهولندي: قارن الإسلام بالفاشية والقرآن بكتاب هتلر كفاحي، واعتبر المسلمين متخلفين؛ لذا وجب منع الهجرة من البلدان الإسلامية نحو هولندا[17].

ـ «ثيلو سارازين» الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني: رأى أن المهاجرين المسلمين يجعلون ألمانيا أغبى وأفقر؛ لأنهم جينياً أقل ذكاء، ولأنهم يزاحمون الألمان في الاستفادة من الموارد الاقتصادية[18].

تمثل هذه التصورات أساساً لتصرفات تمييزية ضد المسلمين، قد تأخذ شكل المطالبة بسياسات تحد من حقوق المهاجرين المسلمين وحرياتهم، كرفض بناء المساجد والمؤسسات الإسلامية، أو تخضعهم لمراقبة متزايدة من قبل السلطات الأمنية، وقد تأخذ صورة حملات دعائية لتشويه صورة المسلمين داخل المجتمعات الغربية، وهي تتخذ أحياناً صوراً أكثر وضوحاً كجرائم الكراهية والتمييز ضد المسلمين.

ثالثاً: المداخل التفسيرية لصعود اليمين المتطرف

طغت على المداخل التقليدية لتفسير صعود اليمين المتطرف في أوروبا التفسيرات الاقتصادية والسياسية مع قليل اهتمام بالأبعاد الثقافية، بحيث لم يتم الربط بين الإسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف الأوروبي إلا في حدود كون هذا الخطاب المعادي للإسلام وسيلة للتعبئة وكسب أصوات الناخبين مستغلاً الإحباط الاقتصادي للمواطن الأوروبي من المهاجرين والإحباط السياسي من السياسات الحكومية تجاههم. لأجل ذلك سنحاول في هذه المقالة تقديم وفحص تفسير آخر قائم على البعد الثقافي، ذلك الذي يقترح أن صعود اليمين الأوروبي المتطرف يجد تفسيره في تبنيه خطاباً معادياً للإسلام والمسلمين، وهو بذلك استطاع أن يلامس طموحات ومشاعر الناخبين الأوروبيين الذين هم أيضاً معادون للإسلام، وبالتالي فصعود هذا اليمين هو مكافأة له على مواقفه السابقة.

1 ـ مدخل الاقتصاد السياسي

ركز كثير من الأبحاث منذ ستينيات القرن الماضي على دراسة تأثير دينامية التغيير الاقتصادي والاجتماعي في القيم والتوجهات السياسية للناخبين، ولعل أشهر الدراسات تلك التي قدمها رونالد اينغلهارت (Ronald Inglehart) عن الثورة الهادئة (Silent Revolution)، حيث يقرر أن تغييراً تدريجياً حدث في أوروبا نحو بروز قيم ما بعد مادية أو فوق ـ مادية لدى طبقة الشباب والمثقفين وجيل المؤمنين مادياً عموماً، بما ساهم في ظهور أحزاب الخضر.

غير أنه من وجهة نظر مقابلة، كان هذا التحول الاقتصادي والاجتماعي نفسه سبباً لما سمّاه بييرو إغنازي الثورة الهادئة العكسية (Counter Silent Revolution)، التي ساهمت في رأيه في صعود اليمين المتطرف في الاتجاه المقابل[19]؛ حيث يفسر إغنازي الرواج المتزايد لخطاب اليمين لدى الناخبين في كون هذا الخطاب استطاع ملامسة الانشغالات المتغيرة لدى بعض أفراد المجتمع، والتي لم تستطع الاتجاهات السائدة اليمينية واليسارية مواكبتها. فصعود اليمين المتطرف هو نوع من رد الفعل الجماعي لطبقة معينة من الأفراد في المجتمعات الأوروبية ما بعد الصناعية، التي لم تستطع التكيف مع تحولات الاقتصاد المعولم الخدماتي أساساً، الذي لا يعترف بالانتماء والجنسيات؛ حيث وجدت هذه الطبقة نفسها في وضعية مهمشة مع تزايد نسب البطالة وتزايد الفشل والحرمان وتراجع الانسجام والتناسق المجتمعي. لذا فإن تزايد تدفق المهاجرين واستقبال طالبي اللجوء من دول العالم الثالث أساساً نحو أوروبا أحيى لدى هذه الفئة مفاهيم العنصرية وكره الأجانب، وهذا ما خلق بيئة ملائمة للقوى السياسية المتطرفة وظهور قادة متطرفين بشعبيات متزايدة، تبنوا برامج انتخابية للحد من الهجرة والبطالة والتشتت المجتمعي ومطالب أخرى للذين شعروا بالتهديد[20].

لقد لقي هذا الخطاب الشعبوي لأحزاب أقصى اليمين قبولاً لدى فئة العمال (الياقات الزرق) وأصحاب المستوى التعليمي والثقافي المحدود وأفراد المجتمع الأكثر عرضة للمخاطر الاجتماعية، الذين وجدوا أنفسهم خارج الاقتصاد الخدماتي، أو ضحايا الحداثة (Losers of Modernity) بتعبير إغنازي[21].

2 ـ مدخل المؤسسات السياسية

تقترح بعض المداخل التفسيرية الربط بين الصعود المتزايد لأحزاب اليمين المتطرف الأوروبي وعوامل متعلقة بالجانب الممارسي والمؤسسي للحياة السياسة، وبهذا الصدد نجد عدة مقاربات.

أولى تلك المقاربات هي نظرية التصويت العقابي أو الاحتجاجي، التي تفسر زيادة التصويت في مختلف الانتخابات الأوروبية لمصلحة قوى اليمين المتطرف تعبيراً عن اتساع دائرة السخط وعدم الرضا عن سياسات اليمين واليسار بخاصة، بما يؤدي إلى تشتت الموالاة التقليدية للأحزاب السياسية السائدة ويغير بالتالي قواعد الانتخاب الاعتيادية لدى جماهير الناخبين[22]. فيجد بذلك حصول اليمين المتطرف على مزيد من الأصوات تفسيره في رفض الناخبين لبرامج اليمين واليسار أكثر من كونه قناعة ببرامج أقصى اليمين.

يظهر تأكيد هذا الطرح عملياً حسب مؤيديه في عدد من المؤشرات الواقعية التي تؤكد حقيقة التشتت في آراء الناخبين؛ من بين تلك المؤشرات[23]: التغير السريع في الأنظمة السياسية الحاكمة؛ عدم الولاء في عضوية الأحزاب؛ التردد والتأخر في القرار التصويتي لدى الناخبين؛ وتزايد محورية رؤساء الأحزاب على حساب البرامج في الحملات الانتخابية.

تفسير مؤسسي آخر لصعود اليمين هو ذلك الذي يقدمه نوريس (Norris)‏[24]، بحيث يعزو هذا الصعود إلى استفادة أحزابه في بعض الدول الأوروبية من النظام الانتخابي الذي بإمكانه ضمان شروط متساوية للمنافسة الحزبية، حيث تشير المقارنة إلى أن أحزاب أقصى اليمين حققت نتائج أفضل في الدول التي تأخذ في انتخاباتها بنظام التمثيل النسبي؛ أي نظام الحصص.

عموماً، يعتقد متبنُّو المدخل السياسي أن اليمين المتطرف الأوروبي استفاد من بعض الظروف السياسية والمؤسسية التي ساهمت في ارتقاء قاعدته الانتخابية، وبخاصة دينامية النظام الحزبي والانتخابي؛ إضافة إلى ذلك، استفادته من الاهتمام البالغ الذي أضحى يوليه الإعلام الأوروبي لنجاحات اليمين، وهو ما ساهم في نشر دعاية عبر وطنية لأحزابه عبر أوروبا.

3 ـ المدخل الثقافي والحضاري

لم تحضر التفسيرات التي تقيم الصلة بين تزايد شعبية اليمين المتطرف، وتبنّيه خطاباً معادياً صريحاً للمهاجرين ـ وبخاصة المسلمون منهم ـ والدعوة إلى إحياء التراث الثقافي التقليدي للغرب، إلا بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، حيث بدأت مثل هذه التفسيرات تجد لها تأييداً واقعياً معتبراً. ومثل ما يذهب إليه جانس ريدغران (Jens Rydgren)، فإن اليمين المتطرف من خلال تبنيه مواضيع جديدة سوسيو ثقافية أساساً بدل المواضيع السوسيو اقتصادية التقليدية تمكن من جذب جماهير الناخبين[25]؛ إذ إن المعروف عن هذه الأحزاب أنها تروِّج لخطاب شعبوي مباشر دون أن يكون لها برامج عمل واضحة، فتلجأ إلى مواضيع كالخطر الإسلامي، وتهديد قيم الحياة الغربية وعبء المهاجرين، وهذا ما جعل ميد كاس (Mudde Cas) يصفها بأحزاب المسألة الواحدة (مسألة الهجرة).

يحيل هذا الطرح مباشرة نحو إمكانية اقتراح تفسير آخر لصعود اليمين المتطرف، ذلك الذي يفسر هذا الصعود كمجرد نتيجة حتمية لاحقة لعداء مجتمعي لاسياسي مستشرٍ لدى أغلبية الغربيين المتعاطفين مع اليمين المتطرف، من سياسيين ومواطنين، للإسلام ومعتنقيه يظهر في شكل نسق عقدي يصور الإسلام كأيديولوجية رجعية أدنى مرتبة من القيم الغربية، وكـ «بربري»، غير عقلاني، عدائي تجاه المرأة، داعم للإرهاب محرّض على صراع الحضارات. السؤال الجوهري الآن، هو كيف تظهر هذه العلاقة في سياق الوعي الجمعي الأوروبي من الإسلام والمسلمين؟

رابعاً: نحو مقاربة سوسيو ثقافية لفهم صعود اليمين المتطرف

إن التفسير الشائع الذي يربط حصرياً بين صعود اليمين الأوروبي المتطرف وبين الأزمة الاقتصادية وسياسات التقشف المفروضة على المواطنين الأوروبيين أخيراً، يبدو غير مقنع، فالعديد من المؤشرات تدحض مثل هذا الحصر؛ لأن الكثير من الأحزاب اليمينية المتطرفة حققت نجاحات انتخابية حتى قبل ظهور بوادر الأزمة الاقتصادية في أوروبا، ثم إن الدول التي شهدت صعوداً لافتاً لهذا التيار ليست بالضرورة ضمن مجموعة الدول التي عانت أو لا تزال تعاني الأزمة الاقتصادية، وخصوصاً إذا أشرنا إلى دول الرفاه في شمال أوروبا التي لم تشملها الأزمة. وأخيراً ـ وليس آخراً ـ فإن المصوّتين لليمين المتطرف لا ينتمون بالضرورة إلى طبقة العمال أو الطبقة الوسطى، بل يمثلون طبقات بمستويات اقتصادية وثقافية مختلفة، ولا سيما التجار، والعمال الذين يشتغلون لحسابهم الخاص، والبرجوازية الصغيرة[26].

الرسالة إذن تبدو واضحة؛ لا تتعلق المسألة كثيراً بالمخاوف الاقتصادية بقدر ما هي مخاوف حول الثقافة والهوية الوطنية بقناع اقتصادي. في عام 1993 ناقش صامويل هانتنغتون هذا البعد الحضاري حين اعتبر أن تحالفاً ممكناً بين الإسلام والكونفوشية يمكن أن يهدد المصالح والنفوذ والهوية الغربية، وفي هذه الحالة يبدو أن «التهديد الإسلامي» يأتي من الداخل؛ أي من المهاجرين الذين يمثلون هوية وثقافة مختلفتين[27]. ورغم أن هذه النظرية انتقدت كثيراً إلا أنها يمكن أن تزودنا باستبصار مفيد في فهم صعود اليمين المتطرف.

في ظل الانفتاح الاقتصادي والثقافي العالمي على الآخر، الذي تفرضه عمليات العولمة الجارية على نطاق واسع، خبرت أوروبا تزايد عدد المهاجرين وتدفق اللاجئين وطالبي العمل المنتمين إلى أقليات قومية ودينية وعرقية مختلفة، بما أدى إلى تنوع وتعددية ثقافية في المجتمعات الأوروبية (Multiculturalism). في سياق كهذا، لم يعد ينظر إلى المهاجرين فقط كمصدر تهديد لفرص العمل ولدولة الرفاه في أوروبا، ولكن كمصدر تهديد للهوية والثقافة الوطنية أيضاً من قبل الآخر (القادمين الجدد). لقد أضحت فئات واسعة من المجتمع الأوروبي تتجه نحو إظهار مزيد من عدم الثقة، وحتى العداء تجاه الأجانب وثقافتهم وقيمهم، التي أصبح ينظر إليها كثقافات غريبة تضفي مزيداً من التحدي على التماسك الوطني، والثقافة الوطنية وطريقة الحياة المحلية. إن عدم قدرة هؤلاء على التكيف مع هذه البيئة الجديدة جعلهم يميلون إلى اختيار اليمين المتطرف على حساب التيارات التقليدية، كأفضل بديل لمواجهة هذا التحدي[28].

تفترض بعض النظريات وجود علاقة بين صعود اليمين المتطرف وبين التحول الذي يعيشه المواطن الأوروبي في الغرب؛ تجادل بأن البنى الاجتماعية التقليدية في أوروبا المرتكزة على الطبقية وعلى الدين بدأت في الزوال تدريجاً مع الحداثة، ما جعل الأفراد يفتقدون الانتماء ويسعون للبحث عنه في مستويات أخرى كالقومية والإثنية، وحينها أصبح للأسرة والقيم التقليدية جاذبية أكثر لدى هؤلاء. هذا ما أدى، حسب ما تؤكده الدراسات النفسية، إلى مزيد من الأنانية والانغلاق على الذات في المجتمعات الأوروبية[29].

ورغم قيمة «الفردانية» التي تميز الشخصية الأوروبية، إلا أنه يظل هناك بعد نفسي لا يمكن إرضاؤه إلا بالانتماء إلى الجماعة، حيث تُتجاوز الفردانية من خلال الشعور بالانتماء إلى جماعة تتقاسم القيم والمصالح والأهداف نفسها، والالتفاف حول الهوية والثقافة الوطنية قادر على الاضطلاع بهذا الدور[30].

استطاع اليمين المتطرف أن يلتقط هذا الشعور بعدم الأمان وعدم الثقة لدى الأوروبي في عالم متغير بسرعة، وخاطبه من خلال خطاب سياسي يؤكد الحاجة إلى الحفاظ على الهوية الوطنية ضد التأثيرات الخارجية، قائم على التمييز بين الأنا والآخر، وقدم التزاماً بحماية الهوية الأوروبية من الثقافات الدخيلة، إذ إن أهم ما يميز اليمين المتطرف الأوروبي هو أنه استطاع النجاح حيث فشل اليمين واليسار التقليديان؛ أي التكيف مع التحولات الثقافية والاجتماعية التي فرضها نسق العولمة على المجتمعات الأوروبية، والتي أدت إلى انكفاء الهويات القومية والحد من الخصوصيات الثقافية، ليعيش الخبرات والمواقف والاهتمامات القيمية للفرد الأوروبي. وما ساعد أكثر على اقتناع المواطن الأوروبي بخطاب هذا اليمين، أن الأخير أصبح مرناً بما فيه الكفاية ليتموقع ضمن السياق السياسي والثقافي، واستطاع أن يحرر نفسه من الخطاب التقليدي الذي يركز على الفوقية والدونية والفروق البيولوجية والعداء للسامية؛ ليتبنى خطاباً جديداً يركز على الإثنو ـ قومية والوحدة الثقافية والتقاليد الوطنية.

لقد استطاع اليمين المتطرف تحقيق نجاحات انتخابية لافتة؛ لأنه نصّـب نفسه مرافعاً عن التميز الثقافي الإثني والديني الأوروبي، ونظـرته إلى المجتمع من خلال ثنـائية نحن وهم (Us versis Them)، ليصوّر مجموعات المهاجرين كتهديد للوحدة القومية والتماسك الوطني، وتحريف لنمط الحياة المحلية. حين التقى مثل هذا الخطاب مع مطلب مجتمعي واسع، جاءت النتيجة في شكل تصويت مكافئ من المواطن الأوروبي لليمين المتطرف الذي استطاع خفض الخوف والقلق لدى الأفراد من خطر المهاجرين.

خاتمة

لقد أدى التطور الاجتماعي والسياسي بعد عصر التنوير في أوروبا، إلى الاعتقاد ـ في الوعي الجمعي الأوروبي ـ بضرورة انسحاب الدين من الحياة العامة وبأن الحداثة تؤدي حتماً إلى العلمانية؛ لذا، وعلى الرغم من أن أوروبا قد قبلت بالمهاجرين المسلمين، إلا أنها لم تقبلهم كما هم بدينهم وثقافتهم التي يجادلون أنها تتعارض مبدئياً مع قيم الحرية والديمقراطية والعلمانية. وبالتالي، لا يعكس الحديث عن العداء للإسلام في أوروبا حرية التعبير والنقد؛ بل هو أقرب إلى تكوين نمطي مسبق ينطلق من فهم خاطئ للإسلام.

إن الارتباط الملاحظ بشكل متزايد بين العداء الصريح للإسلام والمهاجرين المسلمين في خطاب اليمين المتطرف الأوروبي، وزيادة شعبيته ونسب التصويت له، يعتبر مؤشراً جديراً بالثقة للاهتمام بالتفسيرات الحضارية والثقافية لصعود اليمين. فمثل هذا الخطاب يلقى رواجاً متزايداً لدى الناخب الأوروبي ليس لأنه برنامج سياسي مقنع بقدر ما هو استجابة لنسق فكري وتصور نمطي في عقل الأوروبي عن المسلمين في أوروبا تَرسّخ أكثر بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، وإن ساهمت عوامل خارجية يتحمل المسلمون جزءاً منها في تكوينه. فالإسلام بهذا التصور هو تهديد لقيم الغرب في الحرية والعلمانية والعقلانية… وبالتالي، حين وجد هذا العداء للإسلام طريقه إلى الظهور في برامج وخطابات اليمين المتطرف جاءت النتيجة مزدوجة، صعود مميز للأحزاب اليمينية المتطرفة في مختلف الانتخابات الأوروبية، وانتشار لظاهرة الإسلاموفوبيا على نطاق واسع.

 

قد يهمكم أيضاً  الحوار الإسلامي – العلماني في الوطن العربي بين أزمة التواصل وانتعاش العنف

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #اليمين_المتطرف_في_أوروبا #المهاجرون_المسلمون #العداء_للإسلام #العنصرية #الإسلاموفوبيا #التطرف #اليمين_المتطرف #المسلمون_في_أوروبا #التمييز_على_أساس_الدين #دراسات

المصادر:

(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 421 في آذار/ مارس 2014.

(**) رابح زغوني: أستاذ العلوم السياسية، جامعة 8 ماي 1945، وباحث في جامعة الحاج لخضر – باتنة – الجزائر.

[1] Nathan D. Price, «The Resurgence of the Far-Right in European Politics: Analysis of the French, Italian, Austrian, And Belgian Cases,» (A Thesis Submitted to the Graduate Faculty of the Louisiana State University in partial fulfillment of the requirements for the degree of Master of Arts B.A., Miami University, 2007), p. 4.

[2] Lubomír Kopeček, «The Far Right in Europe,» Central European Political Studies Review, vol. 9, no. 4 (Autumn 2007), p. 281.

[3]  Price, Ibid.

[4]  Kopeček, Ibid., pp. 284-285.

[5] المصدر نفسه، ص 286.

[6]  Price, Ibid., p. 5.

[7]  Kopeček, Ibid., pp. 287-288.

[8] Wouter van der Brug, «The Support Base of Radical Right Parties in the Enlarged European Union,» paper prepared for: The EES Spring Meeting 2006 on the European Parliament Election of 2004, Lisbon, 11-14 May 2006, p. 2.

[9] Kristian Voss, «Support for the Far Right: The Desire for Cultural Preservation in an Increasingly Globalized and Multicultural Europe,» Inter-University Consortium for Political and Social Research, 2007, p. 6.

[10]  Kopeček, «The Far Right in Europe,» p. 287.

[11]  «Far-right Politics,» <http://en.wikipedia.org/wiki/Far-right_politics>.

[12] Lisa Bjurwald, «The Extreme and Far Right in Europe,» FORES Policy Paper, Forum För Reformer och Entreprenörskap Stockholm, vol. 5 (2010), p. 5.

[13] المصدر نفسه، ص 2.

[14] Egdūnas Račius, «The Far Right in Lithuania – on the Margins of Marginality,» paper presented at: Conference «Far Right Networks in Northern and Eastern Europe», Uppsala University, 25-27 March 2010, p. 1.

[15] Magda Fahsi, «The Rise of Europe’s Far-Right: A Trivialization of Anti-Immigrant Discourse,» MintPress News (27 August 2012), <http://www.mintpress.net/the-rise-of-europes-far-right-a-trivialization-of-anti-immigrant-discourse>.

[16] «الإسلاموفوبيا في أوروبا،»    <http://www.al-hasany.com/vb/showthread.php?t=242533>.

[17] «Threat of the Far Right in Europe,» <http://socialistworker.org/2010/10/07/threat-of-the-right-in-europe>.

[18] «Are Muslim Immigrants Making Europe «Poorer and Stupider»,» <http://open.salon.com/blog/lost_in_berlin/2010/08/30/are_muslim_immigrants_making_europe_poorer_and_stupider>.

[19]  Kopeček, «The Far Right in Europe,» p. 283.

[20] المصدر نفسه.

[21] Voss, «Support for the Far Right: The Desire for Cultural Preservation in an Increasingly Globalized and Multicultural Europe,» p. 8.

[22] المصدر نفسه، ص 9.

[23] المصدر نفسه.

[24] المصدر نفسه.

[25] المصدر نفسه، ص 12.

[26] Montserrat Guibernau, «Migration and the Rise of the Radical Right: Social Malaise and the Failure of Mainstream Politics,» (Policy Network Paper, London, United Kingdom, March 2010), p 9.

[27]  Fahsi, «The Rise of Europe’s Far-Right: A Trivialization of Anti-Immigrant Discourse».

[28]  Guibernau, Ibid., p. 5.

[29] المصدر نفسه، ص 7.

[30] المصدر نفسه، ص 8.


رابح زغوني

أستاذ العلوم السياسية، جامعة 8 ماي 1945، وباحث في جامعة الحاج لخضر - باتنة- الجزائر.

مقالات الكاتب
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز