اليوم هو اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، المحدد في 29 تشرين الثاني/نوفمبر سنويًا، والذي يوافق ذكرى قرار تقسيم فلسطين الصادر عام 1947. ننتهز هذه الفرصة، في هذا اليوم، لكي نوجه التحية لشعبنا المقاوم في فلسطين المحتلة، والتحية لشهدائنا في فلسطين وخارجها، الذين استشهدوا في معارك الكرامة، سعيًا لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وتحرير بيت المقدس من دنس الصهاينة.

فالقضية الفلسطينية منذ صدور وعد بلفور عام 1917، وهي القضية التي تعَدّ السبيل الكاشف لتوجهات النظم والشعوب في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، بل والعالم كله. فهي الكاشفة عن وطنية الأفراد وعروبتهم، وانتمائهم إلى القومية العربية من عدمه. فمن يؤيد القضية الفلسطينية هو وطني عروبي قومي بدرجة امتياز، وأمين على مصالح الشعب العربي والإسلامي. ومن يقف ضد هذه القضية، أو حتى محايدًا إزاءها، فهو لا ينتسب إلى هذه الأمة، بل ويقع في موقع الخيانة. فلا فصال حول أهمية هذه القضية، وتداعياتها على الأمن القومي العربي، بل وعلى حاضر الأمة العربية ومستقبلها.

فالكيان الصهيوني أساسًا، تم زرعه في هذه المنطقة، ليكون خنجرًا مسمومًا في ظهر العرب، فيقصم هذا الظهر، ويحول دون أن تحقق وحدتها العربية، ومن ثم تقدمها ونهضتها. فمن يرضى بأن يعيش متخلفًا؟! وذليلاً؟! وعبدًا؟! ومن يرضى باستغلال الاستعمار الأمريكي امتدادًا للاستعمار الغربي في أوروبا، لموارد هذه الأمة واستنزاف قدراتها؟! وكأنه قد حُكم على هذه المنطقة الوسطى من العالم، وشعوبها بالتخلف والدونية، بعد أن كانت هي الحضارة ذاتها، والآخرون في سُبات، وفي تخلف، ويعيشون في العصور الحجرية وما قبل التاريخ؟!

إن الذي يريد الحرية والاستقلال والكرامة الإنسانية، ويتوق إلى التقدم والازدهار وبعث النهضة، هو من يدرك أن معركة تحقيق ذلك هي في مقاومة الكيان الصهيوني وإزالته من الوجود وتحرير كل فلسطين، وليس جزءًا منها على الإطلاق.

فما دامت هذه القضية بلا حل حاسم، يحرر كل الأرض الفلسطينية المغتصبة ويحرر بيت المقدس (أولى القبلتين وثالث الحرمين)، فإن التقدم والنهضة مستحيلان، بل إن السلام في المنطقة يستحيل تحقيقه.

لذلك فإن الأنظمة العربية بكل أسف، التي تتسارع من أجل تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني سواء بإرادتها أو تحت ضغوط أمريكية، إنما هي تسعى إلى ذلك من أجل ضمان استمرار قادتها في الحكم إلى الأبد، وهم خونة للقضية العربية المركزية وهي قضية تحرير فلسطين. ففلسطين وقضيتها هي الفاصلة بين الخيانة والانتماء إلى تراب العروبة، وهي الفاصلة بين التخلف والتقدم، وبين العار والشرف.

فباسمي وباسم الجمعية العربية للعلوم السياسية، التي حددت في ميثاق إنشائها عام 1985 أنها تتعهد بالدفاع عن القضية الفلسطينية، وعن العروبة، وعن نهضة هذه الأمة، والسعي لترسيخ الاستقلال والحرية والكرامة والدفاع عنها، فإننا ندين بكل قوة جميع الأنظمة التي طبّعت العلاقات مع الكيان الصهيوني، وكل الأنظمة التي وقعت اتفاقيات مع هذا الكيان بدءًا بمصر عام 1977 و1978 و1979، ثم الأردن، ثم دول الخليج العربية – باستثناء الكويت التي تحتفظ بهويتها ومبادئها في الدفاع عن القضية الفلسطينية – وندين التطبيع بصورة قانونية منذ عام 1965، وتم تجديد هذا القانون في العام الماضي، في ذات السنة التي انطلقت فيها قطارات التطبيع إلى الإمارات، وإلى البحرين وإلى السودان وإلى المغرب رسميًا، بينما فعليًا نرى السعودية وعُمان وقطر، على علاقات وثيقة بهذا الكيان الصهيوني، وفي اجتماعات رسمية وزيارات متبادلة.

في هذا اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، نقول للفلسطينيين، لستم وحدكم، فكل شعوب الوطن العربي تقف معكم، ومع تحرير كل الأراضي المغتصبة، بعيدًا من الحكام الذين آن أوان سقوطهم، وسقوط كل اتفاقيات التطبيع.

وفي حين يرى البعض أن تحرير فلسطين، بعيدًا، فإننا نراه قريبًا جدًا، بفضل شرفاء هذه الأمة ونخبها الثقافية العروبية بمختلف اتجاهاتها السياسية. فنحن مع كل اتجاه سياسي، إن كان مؤيدًا وداعمًا للقضية الفلسطينية، والعكس صحيح ضد من يقف ضد قضية فلسطين، وتحريرها من دنس الاستعمار الصهيوني- الأمريكي.

فليسقط المشروع الصهيوأمريكي، وليسقط المطبّعون مع الكيان الصهيوني، وليسقط كل عملاء الاستعمار.

عاشت فلسطين حُرّة أبيّة، وعاشت أمتنا العربية التي يتطلع شعبها نحو الاستقلال والنهضة، والحرية والتقدم.

القاهرة، 29/11/2021

 

قد يهمكم أيضاً  العملية السلمية الفلسطينية-الإسرائيلية بين مقاربتين متناقضتين

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #القضية_الفلسطينية #فلسطين_المحتلة #القدس #اليوم_العالمي_لدعم_القضية_الفلسطينية #التضامن_مع_الشعب_الفلسطيني #تحرير_فلسطين #الاحتلال_الصهيوني #المشروع_الصهيوأمريكي #التطبيع #تقسيم_فلسطين