مقدمة

تمثل عودة التنافسات بين القوى العظمى السمة المميزة للقرن الحادي والعشرين. منذ بداية الألفية الجديدة، قامت كل من روسيا والصين بتحدي الولايات المتحدة علنًا، وهو ما أدى إلى زعزعة استقرار النظام الليبرالي الدولي. بالنسبة إلى معظم الباحثين والمحللين، تمثل الصين التهديد الأكبر لمصالح الولايات المتحدة والنظام العالمي الذي تقوده. من الناحية المادية، تشترك روسيا والصين في السمات التي تمتلكها الولايات المتحدة والمطلوبة لتبوؤ مكانة القوة العظمى: أي كتلة جغرافية واسعة، ومنافذ بحرية، عدد سكاني كبير، وقدرة تكنولوجية على تطوير قدرة عسكرية تنافسية. في المستقبل المنظور، ستبقى كل الأنظار على الصين. كان النمو في المملكة الوسطى (كما كانت تسمى الصين) على الصعيدين الاقتصادي والعسكري مذهلًا، وتجاوز إلى حد كبير مستويات النمو الروسي. ربما يكون الأهم من ذلك، أن النمو الصيني، على عكس ما حققته روسيا، يتسم بكونه متعدد الأبعاد ولا يعتمد في الغالب على الموارد الطبيعية.

على الرغم من الاتفاق العام في شأن صعود الصين كخصم رئيسي للولايات المتحدة، فإن الخلاف الرئيسي ما زال يدور جله حول طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وكذلك حول أسباب وعواقب أي تنافس بينهما على مستقبل النظام العالمي. تقوم هذه الدراسة بتقييم «فخَّيْن»‏[1] مشهورين – فخ ثيوسيديدز (Thucydides Trap) وفخ كيندلبيرغر (Kindleberger Trap)؛ الأول شاع بعد دراسة عالم السياسة في هارفرد غراهام أليسون (Graham Allison)، بينما الثاني قام بوضعه ومنذ مدة طويلة زميله – الأشهر – جوزيف ناي (Joseph Nye)‏[2]. وحول الجدل بين القوى الكبرى، أقوم بتقديم فخين جديدين. الأول هو ما أسميه فخ كينيدي والثاني أسميه فخ ابن خلدون. وهدفي هنا تحليل أهمية هذه الفخاخ الأربعة لفهم التنافس بين الولايات المتحدة والصين.

أولًا: أربعة فِخاخ

تقوم الفِخاخ الأربعة على تناظرات تاريخية تجريبية (إمبيريقية). توجد اختلافات مهمة في مدى السهولة التي يمكن من خلالها نقل تأريخية هذه الفِخاخ إلى الوقت الحاضر. فاثنان منها – فخ ثيوسيديدس وفخ ابن خلدون – وضعا في القرن الخامس قبل الميلاد والقرن الرابع عشر على التوالي. على النقيض من ذلك، ولد فخ كيندلبيرغر وفخ كينيدي من رحم تجارب القرن العشرين، التي تنطبق بسهولة أكبر على القرن الحادي والعشرين، على الرغم من الكثير من التغييرات التكنولوجية والهيكلية. نظرًا إلى صعوبة تفسير النصوص الكلاسيكية خارج سياقاتها الاجتماعية والبيئية، والاهتمام المطلوب من علماء العلاقات الدولية من أجل تفسير نصوص فلسفية وسياسية تنتمي إلى العصور الكلاسيكية والوسطى، فإنني أعتمد على قراءات وتأويلات موثقة ورصينة لهذه الأعمال بدلًا من الاعتماد على تأويلي وفهمي الخاص‏[3].

1 – فخ ثيوسيديدز

أشهر المآزِقُ المعلومة في تاريخ العلاقات بين الدول هو الفخ اليوناني المميت الذي يشعل فيه الخوف الذي تشعر به القوة المهيمنة حربًا كارثية مع القوة الصاعدة المتحدية لها. في تاريخ الحرب البيلوبونيسية، كتب المؤرخ الأثيني ثوسيديدز (460 – 400 قبل الميلاد) «ما جعل الحرب أمرًا لا مفر منه هو تزايد القوة الأثينية والخوف الذي تسبب فيه ذلك التزايد لأسبرطة»‏[4]. على الرغم من مرور أكثر من 2000 عام ما زال يوجد قدر كبير من الجدل حول ما إذا كانت هذه المقولة تعكس حقًا ما يعنيه ثيوسيديدز. بغضّ النظر عما قصده ثيوسيديدز، يتحدى دونالد كاغان القول بأن قوة أثينا كانت في صعودها، وهو ما يحدث فجوة كبيرة في العامل السببي الرئيسي الذي يتأسس عليه «فخ ثيوسيديدز»‏[5].

في الحقيقة، يوجد عدم رضا متفشٍّ بين الباحثين حول طريقة قيام منظّري العلاقات الدولية بتأويل أعمال ثيوسيديدز وتفسيرها لأغراضهم الخاصة، من دون توافر المعرفة المطلوبة لديهم لفهم النصوص الكلاسيكية (ناهيك بصعود الصين)‏[6]. وسواء كانت مقولة ثيوسيديدز تعكس معناها الأصلي من عدمه، فقد تم اعتمادها على نطاق واسع، بوصفها كناية عن انتقال القوة العظمى، وتحديدًا أخطار هذا الانتقال. ترى كل من نظرية انتقال القوة لأورغانسكي والواقعية الغيلبينية (نسبة إلى روبرت غيلبين) أن الحروب بين القوى العظمى أكثر احتمالية للحدوث عندما توشك قوة منافس صاعد على تجاوز القوة المهيمنة الآخذة في التراجع‏[7]. كما يوجد بعض التنازع والجدل حول ما إذا كانت القوة الصاعدة تهاجم أولًا في محاولة لقلب الطاولة على القوة المهيمنة أو ما إذا كانت القوة المهيمنة تشن حربًا وقائية ضد القوة الصاعدة. يرتبط المنظور الأول بنظرية انتقال القوة لأورغانسكي وكوغلر، والأخير مع نظرية الواقعية الجديدة الغيلبينية‏[8]. ويشدد كلا المنظورين على دوافع ومحفزات القوى الصاعدة لتأسيس، ومن ثم الاستفادة من قواعد اللعبة الخاصة بها، التي يتم تصورها على نحو أكثر صراحة على أنها الشعور بعدم الرضا عن الوضع القائم في نظرية انتقال القوة عند كل من أورغانسكي وكوغلر.

2 – فخ كيندلبرغر

يشير هذا الفخ إلى فشل القوة الصاعدة في توفير المنفعة العامة الدولية (International Public Goods) بمجرد أن تفقد القوة المهيمنة القدرة على توفيرها بمفردها. ويمكن حصر ما يسمى المنفعة العامة في خاصيتين: مزايا غير تنافسية وعدم الاستبعاد‏[9]. إنها مصالح يمكن الجميع الانتفاع بها من دون التقليل من انتفاع أي طرف آخر. نظرًا إلى أنه لا يمكن استبعاد أي شخص من الحصول على هذه المزايا، فإن هذا يخلق معضلة؛ فعندما يكون جميع الأطراف قادرين على الإفادة من المنافع العامة من دون قيود، فلن يسهم أحد في تحقيقها. ولكن إذا لم يسهم أحد، فسوف تفشل هذه المنافع العامة. ومن أمثلة المنافع العامة الدولية منظومات وترتيبات التجارة الحرة، والأمن الدولي، والاستقرار المالي الدولي. وفي حين أن الجميع لديهم مصلحة في تحقيقها، فإن المدى الذي يمكن أن تتحمله أي دولة بمفردها سيتوقف على حجمها وقدراتها. على الرغم من وجود مصلحة في رؤية المنافع العامة تنجح وتتحقق، لا تستطيع البلدان الصغيرة تحمُّل أو توفير المساهمات الكبيرة المطلوبة على نحوٍ كامل. حتى لو ساهموا بأقصى قدراتهم، فلن تصبح هذه المنافع متاحًة لهم بالتساوي. فالدول الصغيرة ببساطة لا تستطيع التمتع بالمنافع العامة ما لم يساهم كبار الفاعلين في تحقيقها (وفي تحمل واجباتهم ومسؤوليتهم) أيضًا. ونظرًا إلى أن مساهمات الدول الصغيرة لا تؤثر بمقدار كبير في توافر وإتاحة هذه المنافع، فإنها تمتلك حوافز ضعيفة للمشاركة في مساهماتها الصغيرة، وفي الوقت نفسه لديها حوافز قوية حين يتعلق الأمر بالتخلص من تحمُّل أعباء المساهمات الكبيرة(*).

على النقيض من ذلك، فإن الأطراف الأكبر لديها ما يكفي لتقديم (على نحوٍ استثنائي) المساهمات الكبيرة المطلوبة لتوفير وتعزيز المنافع العامة الدولية. نظرًا إلى أن المساهمات المستقلة للقوى الكبرى على نحوٍ نظامي كافية للجميع للتمتع بالمنفعة العامة، فإن لديهم حوافز قوية للمساهمة وتحمل واجباتهم حتى مع قيام الدول الأصغر بالتخلي عن مساهماتها الكبيرة.

لقد ألهمت الدروس التي استخلصها تشارلز كيندلبيرغر حول عملية انتقال القوى المهيمنة الفاشلة خلال سنوات ما بين الحربين العالميتين (1919 – 1939) عالِمَ العلاقات الدولية جوزيف ناي لوضع ما سمّاه «فخ كيندلبيرغر»‏[10]. وفقًا لناي، ألقى كيندلبيرغر اللوم على عامل شدة الكساد الكبير (1929 – 1933) في إفشال محاولات الولايات المتحدة لقيادة النظام العالمي حين لم تعد بريطانيا العظمى المتعثرة قادرة على توفير المنفعة العامة اللازمة لتحقيق الاستقرار المالي العالمي‏[11]. فلو قامت الولايات المتحدة بالتدخل لتغطية عبء تحقيق المنفعة العامة المتمثلة بضمان الاستقرار المالي، لتمكنت من تحقيقه بالفعل، وربما حتى تمكنت من تجنب الكساد الكبير. بالتماثل، فمع تراجع الولايات المتحدة وعدم قدرتها على توفير المنافع العامة التي تدعم استقرار النظام الدولي المعاصر، وفقًا لهذا المنطق، يتوجب على الصين التدخل لضمان إمداداتها الكافية.

3 – فخ كينيدي

ربما كان المسمى الأشهر لهذا الفخ هو «أسطورة التوسع الإمبراطوري». هنا، قدمت مصيدة كينيدي، التي ترى أن الدور الذي يمارسه الفاعل المهيمن (أو القوى المهيمنة) في الأمن الدولي يؤدي إلى تدهوره الاقتصادي، حيث يؤدي في البداية إلى التدهور النسبي، وفي نهاية المطاف إلى التدهور المطلق‏[12]. وفقًا للمؤرخ البريطاني بول كينيدي (الأستاذ في جامعة ييل)، فإن جميع القوى العظمى في الغرب منذ القرن السادس عشر فصاعدًا قد استسلمت لمأزق مماثل مؤداه: أدى التوسع العسكري إلى دوامة من التدهور الأمني والاقتصادي وقاد هذه القوى الكبرى نحو الانحدار المطلق. رسم كينيدي في عمله المرجعي الشهير صعود وسقوط القوى العظمى المسار الذي دأبت القوى العظمى على اتباعه، حيث يؤدي التوسع العسكري المفرط إلى زيادة أعباء الدفاع على الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة عجز الميزانية والدَّين العام مع الضغط المستمر على الاستثمار المنتج‏[13].

تنتقل هذه العواقب الوخيمة إلى التدهور الاقتصادي اللاحق، الذي يستمر في التأثير سلبًا في القدرات العسكرية للبلاد. إن فخ كينيدي، بتشديده على التأثير الإيجابي لاقتصاد قوي في القوة العسكرية، مع التقليل من التأثير الإيجابي للقدرات العسكرية المتطورة في القوة الاقتصادية، يحكم على مصير القوة العسكرية المهيمنة بالفشل والانحدار. وقد تنبأ كينيدي بصورة لافتة للنظر بأن الولايات المتحدة ستقابل المصير نفسه حين نشر الكتاب أول مرة عام 1987.

4 – فخ ابن خلدون

طبقًا لفخ ابن خلدون (1332 – 1406)، تدعم الشبكات الاجتماعية (أو ما يسميه ابن خلدون العصبيات)(‏*) بعضها البعض وتصعد إلى السلطة تحت قيادة زعيم مهيمن، فقط لترى ولاء العصبيات يتراجع بينما يتقاتل أعضاؤها على غنائم الفتح ويسعى زعيمها إلى توطيد سلطته، وهو ما يؤدي إلى طرد العصبية من جانب شبكة (عصبية) أخرى ذات روابط اجتماعية أقوى. اقترح ابن خلدون نظرية دورية لشرح صعود وسقوط السلالات الحاكمة/العصبيات. يُعدّ مفهوم العصبية، أو الشعور الجماعي القوي وروح العمل الجماعي والإحساس بالهوية المشتركة، أمرًا محوريًا في نظريته. تقول هذه النظرية إنه ما إن يتم توحيد القبيلة عبر عصبية قوية تنتصر على نظام الحكم المنافس، ما تلبث العصبية القاهرة أن تستسلم للضعف والإسراف وتراجع التضامن، وهو ما يجعلها فريسة سهلة لقبيلة أكثر تماسكًا اجتماعيًا، وهكذا دواليك‏[14].

وفي رأي أغلبية باحثي الأدب العربي والإسلام، وكذلك الجغرافيين وعلماء الأنثروبولوجيا، القيادة جزء لا يتجزأ من نظرية العصبية عند ابن خلدون‏[15]. في نظر هؤلاء الباحثين، فإن القيادة مطلوبة من أجل الحفاظ على التماسك الاجتماعي. ويُعدّ القائد عاملًا حاسمًا لنجاح المجموعة/العصبية الصاعدة، التي ستفشل في «تكوين كلٍّ متناغم إلا عندما يتم ترتيبه بشكل هرمي مع وجود زعيم بلا منازع في القمة»‏[16]. ومع ذلك، بمجرد بلوغ قمة السلطة، فإن زعيم العصبية الغالبة (عصبية الرئاسة بلغة ابن خلدون) يدفع إلى الانحدار الأسري عبر تقويض «تضامن أنصاره بينما يسعى لتأكيد هيمنته الملكية»‏[17].

في الأكاديميات الغربية فسِّرت نظرية ابن خلدون الدورية على أنها تتعلق بالمجتمعات القبلية المرتبطة والمؤسسة على أساس «روابط الدم» أو «الروابط الأسرية»، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه العلاقات ضرورية أو منصوص عليها صراحة في نظرية ابن خلدون(*). وفقًا لأحمد الرفاعي ومايكل بورن، شدد ابن خلدون مرارًا وتكرارًا على أن التماسك الاجتماعي «مشتق من تاريخ طويل من الرفقة والجهود المشتركة أكثر من سلالات النسب القائمة على روابط الدم»‏[18]. وفي حين أنه من الواضح أن التماسك الاجتماعي لدى ابن خلدون لا يستبعد التقارب القائم على «روابط الدم»، فمن المحتمل أن تتضمن نظريته تقاربًا قائمًا على روابط أخرى غير الدم، ولا سيَّما «الروابط العرقية» بمعناها الأوسع، بما في ذلك الروابط التي لا تستند إلى القرابة وكذلك الروابط التي تتجاوز الإثنية القائمة على أشكال أخرى من التماسك الاجتماعي.

ثانيًا: أهمية وآثار الفِخاخ الأربعة

يناقش هذا القسم أهمية الفِخاخ الأربعة للعلاقات الدولية المعاصرة، ولا سيَّما التنافس بين الولايات المتحدة والصين، وتحديد ما هو على المحك عبر ما ينسب (صوابًا أو خطأ) لأي من هذه الفِخاخ حول الأحداث الدولية الجارية.

1 – تقييم فخ ثيوسيديدز

عرف العقد الماضي (2020 – 2010)، بصورة لا يمكن إنكارها، احتدام التنافس بين الولايات المتحدة والصين، وبلغ هذا التنافس نقطة الغليان في ظل رئاسة ترامب. في الحقيقة، إن المنافسة بين القوتين العظميين حقيقية، ولكن هل هي قاتلة بصورة حتميَّة؟ هناك الكثير من الأسباب التي تشير إلى عدم صحة مثل هذه الادعاءات. يعدّ فخ ثيوسيديدز وثيق الصلة بالموضوع بقدر ما لدينا قوة (مهيمنة) حالية واضحة (Incumbent Power)، أي الولايات المتحدة، ووفقًا لعدة مقاييس للقوى العظمى – القدرة العسكرية والتصنيع وكذلك القوة التجارية والشركات – لدينا أيضًا قوة صاعدة واضحة، أي الصين. ولكن حتى بغضّ النظر عن حقيقة أن القوة الحالية كانت القوة البرية الاستبدادية، أسبرطة، التي كانت تخشى صعود القوة البحرية الديمقراطية، أثينا، فإن التوافق غير المستقر في نوع النظام ليس المشكلة الكبرى في هذا التشبيه أو التماثل. وعليه، من أجل تطبيق مصيدة ثوسيديديز، يتعين على الصين تضييق فجوة القوة على نحو كبير مع الولايات المتحدة. من الواضح أن هذا ليس هو الوضع الحالي. ففي حين نجحت الصين في اللحاق بالولايات المتحدة في نواحٍ مهمة، فهي لم تلحق بها في أهم النواحي المطلوبة لتحقيق انتقال القوة.

مع ذلك، من أجل اختبار صحة فخ ثيوسيديدز بصورة كاملة، دعونا نفترض ببساطة أن الصين ستلحق بالولايات المتحدة ماديًا. وحتى بافتراض ذلك، فإن الاستيلاء على القوة (الدولية) يجب أن يحدث فقط إذا كانت الولايات المتحدة تخشى الصين، لأن الأخيرة تطمح إلى أن تحل محلها بوصفها القوة الحاكمة في العالم. قد يكون لدى الصين مثل هذه الطموحات للوصول إلى المركز الأول على سلم القوة العالمي، لأنه إذا كانت الصين تطمح إلى أن تصبح القوة العظمى في النظام الدولي (Primary Superpower)، فعليها بالفعل كبح جماح القوى الأساسية الحالية (Primary Power)، أي الولايات المتحدة. في ظل هذا السيناريو، وكون الولايات المتحدة لا تُظهر أي علامات على رغبتها في التخلي عن مركزها (الدولي) المتميِّز، فمن الواضح أن الصين لا بد أن تصطدم معها. لكن من الممكن أيضًا أن يكون لدى الصين طموحات محدودة، وستكون راضية ما دامت قادرة على تحقيق مصالحها الرئيسية.

في ظل السيناريو الثاني، يجب ألا ننتبه فقط إلى ما تريده الصين. في الحقيقة، لتقييم ما تريده الصين ينبغي أيضًا النظر إلى ما تفعله الصين، وبخاصة أنه قد تم تطوير مؤشرات لقياس السلوكيات التعديلية (Revisionism) والقانعة (Status-quo) للدول. إذا كانت الصين ذات ميول تعديلية (أي تسعى لتغيير الوضع القائم)، فعليها أن تسعى لتحدي القواعد المنصوص عليها في المؤسسات الدولية وسد فجوات القوة غير المواتية لها‏[19]. ومع ذلك، قد تكون هذه المؤشرات أقل فائدة وقدرة على تحديد ما إذا كانت الصين قوى تعديلية، سواء في ما يتعلق بالمساحة الإقليمية التي تسكنها الصين أو في ما يتعلق بالنظام العالمي. وبافتراض أن الصين دولة تعديلية، فإن محاولاتها لتأسيس هيمنة إقليمية يمكن أن تعدّ بالتأكيد شكلًا أكثر تقييدًا من التعديلية من دون أن يتم بالضرورة إثارة أو إشعال حرب بين القوى العظمى. يتضح ذلك جليًا في سياسات الصين تجاه تايوان وهونغ كونغ. لبعض الوقت، خلص خبراء السياسة الخارجية إلى أن الطموح المحدود للهيمنة الإقليمية هو بالضبط ما تسعى الصين إلى تحقيقه‏[20]. ومع ذلك، سيكون من الحماقة غض الطرف عن المواقف الأكثر حزمًا للصين خارج منطقة هيمنتها الإقليمية – مثل مبادرة الحزام والطريق (BRI)، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB)، وهجمات الأمن السيبراني التي تشنها.

إن فخ ثيوسيديدز هو تشبيه قوي للطريقة التي تتفاعل بها القوة المهيمنة مع القوة الصاعدة، وتأثيراتها المدمرة. ومع ذلك، بوجه عام، فإن الحرب بين الولايات المتحدة والصين تبدو غير مرجَّحة. بصرف النظر عن العامل المثبط الواضح للأسلحة النووية، هناك عدة أسباب أخرى تشير إلى عدم صحة الادعاءات القائلة بخلاف ذلك(*). من الواضح أن الولايات المتحدة والصين ليستا قريبتين من تكافؤ القوة الذي يُزعم أنه يجعل حرب القوى العظمى بينهما محتملة. ومع أنه لا يمكننا معرفة نيات الصين على وجه اليقين، لكن يمكننا الاستدلال عليها بناءً على سلوك الدولة، ويبدو أن الأهداف الأكثر عدوانية للصين موجهة أكثر نحو تكوين هيمنة إقليمية لا هيمنة عالمية (Global Hegemony).

2 – تقييم فخ كيندلبيرغر

صحيح أن فخ كيندلبيرغر مغرٍ جدًا، ويتمتع ببعض الأهمية في مجال التجارة، كتقييم شامل للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين، لكنه يعاني عيبين رئيسيين: أولهما، أن الصين لم تفشل أو تتلكأ حقًا في توفير المنافع العامة حين يُطلب منها ذلك. وتُعد الأزمة المالية لعام 2007 مثالًا بارزًا على مساعدة الصين للولايات المتحدة في توفير المنافع العامة العالمية‏[21]؛ ثانيهما، أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة قد فقدت بوضوح رغبتها في قيادة العالم في ظل رئاسة ترامب، فهي لم تفقد تمامًا القدرة على القيام بذلك؛ فما تزال الولايات المتحدة أقوى دولة منفردة في العالم، تتمتع بقدرة مستمرة على توفير المنافع العامة العالمية. ربما تكون الصين قد نمت بصوة كافية للمساهمة في مجالات معيَّنة، لكن الولايات المتحدة تظل قادرة تمامًا على توفير السلع العامة العالمية في أوقات الإكراه والضغط. حتى خلال اللحظة الراهنة التي تراجعت فيها الهيمنة الأمريكية، فقد حدّت القيادة النقدية الأمريكية من التداعيات الاقتصادية العالمية التي تسبب فيها وباء كوفيد – 19‏[22].

أفضل تجلٍّ لفخ كيندلبيرغر هو منطقة التجارة الحرة، حيث تراجعت قدرة الولايات المتحدة على توفير المنافع العامة، وقامت بفرض تعريفات جمركية على الصين ومجموعة من الدول الأخرى، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي وجيرانها في أمريكا الشمالية وكندا والمكسيك، وكذلك بعض الدول الآسيوية. ونظرًا إلى أن الصين قد تفوقت على الولايات المتحدة في حيازة بعض المقاييس التقليدية للقوة التجارية، مثل أداء الصادرات، فهناك حجة مفادها أن الصين يجب أن تتحمل المزيد من العبء ومسؤولية دعم التجارة المفتوحة، وأن فشلها في المساهمة في تلك الجهود بصورة أكبر يمثل خطرًا على مستقبل نظام التجارة الحرة. يسعى معرض بكين «صنع في الصين 2025»، الذي تم إطلاقه عام 2015، إلى تعزيز التصنيع والابتكار الصيني في مجال تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات، والروبوتات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي (AI) نحو الثورة الصناعية الرابعة‏[23]، حيث يُنظر إلى المشاركة المكثفة من جانب الدولة لتحقيق هذا الهدف على أنه تقويض للتجارة الحرة على غرار المنهج المتبع من جانب منظمة التجارة العالمية، على الرغم – كما أشار عدد من الباحثين في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك – من أن «المحاباة للإنتاج المحلي والابتكار الأصلي بدأ منذ عدة عقود»‏[24].

استهدفت الولايات المتحدة الشركات والكيانات الحكومية الصينية، على وجه الخصوص، من أجل التعامل مع سياسة الصين المتمثلة بإجبار الشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات على نقل التكنولوجيا إلى الشركاء المحليين مقابل السماح لهم بالوصول إلى السوق الصينية والتعامل مع فشل الصين في حماية الملكية الفكرية للشركات الأجنبية العاملة في الصين. كلتا العمليتين تتعارضان مع أحكام منظمة التجارة العالمية. وإذا لم يتم نقض هذه السياسات بالكامل، فإن كتمها سيزيد بالتأكيد من الشعور بتعزيز نظام التجارة الحرة العالمي بدلًا من تقويضه.

3 – تقييم فخ كينيدي

بالعودة إلى الستينيات، وبالتأكيد بحلول السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، بدأ العلماء في التخوُّف من أن الولايات المتحدة كانت تدخل دورة من تراجع هيمنتها‏[25]. وقد شارك الكثير منهم فرضية فخ كينيدي القائلة بأن النفقات الأمنية كانت طفيلية على الأداء الاقتصادي. مع تحمّل الولايات المتحدة التكاليف المتزايدة للحفاظ على دورها العالمي، حتى مع تراجع قدرتها الاقتصادية مقارنة بالمنافسين، فإن قوتها العسكرية ستقوض قوتها الاقتصادية في نهاية المطاف، إذ يمكن مع المقايضات الأمنية والاقتصادية القوية التي يعزز بعضها بعضًا أن يتم بالتأكيد التخلص من الميزات الاستراتيجية في ظل ظروف معينة. لكن كما جادلت من قبل، بالتعاون مع وليام ويلفورث، فإن المقايضات الأمنية والاقتصادية تقلل من القوة في جميع الظروف‏[26]. تتوقف المكاسب الصافية للهيمنة على المقايضات أو التكامل على شرطين يعتمدان على العلاقة بين الاقتصاد والأمن‏[27]. الشرط الأول هو الدرجة التي تكون فيها القوة العسكرية ضرورية للقوة الاقتصادية والدرجة التي تكون فيها القوة الاقتصادية ضرورية للقوة العسكرية. الشرط الثاني هو حساسية الاقتصاد العالمي تجاه انعدام الأمن.

قبل العصر الحديث، وفي الوقت الذي كانت القوة العسكرية ضرورية للحفاظ على مكاسب الاقتصاد الإنتاجي، لم يكن هذا الأخير ضروريًا لتحقق القوة العسكرية، إذ كان في إمكان الجهات الفاعلة ذات النفوذ العسكري ببساطة أن تأخذ الغنائم من الاقتصاد الإنتاجي، وبالتالي تشق طريقها نحو الحفاظ على التفوق العسكري. في نهاية المطاف، مع ذلك، فقد تفوقت الدول التي تعتمد على الغنائم في تمويل القوة العسكرية على الدول التي تداهم وتعتمد على اقتصاد مدني إنتاجي لتمويل القوة العسكرية. على الرغم من استمرار النهب حتى منتصف القرن العشرين، كان على إمبراطوريتي أثينا وروما وكذلك الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية، الحفاظ على اقتصاد إنتاجي من أجل أن تصبح قوى عظمى‏[28]. أما في النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية فلم تعد القوى الدولية تتسامح مع اقتصاد النهب، بحيث أصبح الاقتصاد المدني الإنتاجي من حيث المبدأ هو شرط الحفاظ على القوة العسكرية.

على الرغم من كون الاتحاد السوفياتي اقتصادًا غير إنتاجي، فقد تمكن من الاحتفاظ بمكانته كقوة عظمى من خلال استخراج النفط والغاز الطبيعي. لكن بمرور الوقت أصبح هذا الأمر غير ذي جدوى. فمع انهيار الاتحاد السوفياتي، أصبح واضحًا أن الاقتصاد الإنتاجي كان حاسمًا للحفاظ على قوة عسكرية عالمية متطورة. وهذا يعني أن أي موارد تُنفق من أجل الحفاظ على القوة العسكرية يتم تحويلها من النشاط الإنتاجي. في النظام الدولي الذي ظهر عقب نهاية الحرب الباردة، افترض الكثير من الباحثين أن جميع القوى الدولية ستخضع في النهاية لهذه المقايضة الأمنية والاقتصادية مع الزوال المصاحب لها. فضلًا عن ذلك، اعتقد هؤلاء الباحثون أن القوى العظمى كانت معرضة بوجه خاص لفخ كينيدي، لأن تكاليف الحفاظ على القوة العسكرية ستزداد بصورة طبيعية مع حجم النشاط والحماية التي تقوم به أو تتعهد القيام به، وهو ما يزيد من المخاطر الاقتصادية المستقبلية لهذه القوى. وعليه، كانت الاستنتاجات الأكاديمية والتوصيات السياسية تنص على ضرورة عمل الولايات المتحدة على تجنب مصيدة كينيدي من خلال تقليص أجهزتها العسكرية والتزاماتها الأمنية‏[29].

لقد فشل هؤلاء الباحثون في إدراك أن فخ كينيدي يتوقف على مجموعة الشروط الموضحة أعلاه. على سبيل المثال، يعتمد ما إذا كان التقليص العسكري منطقيًا من الناحية الاقتصادية على ما إذا كان سيؤدي في النهاية إلى زيادة التكاليف الاقتصادية. ففي عالم يتسم بالاعتماد الاقتصادي المتبادل المركب، وحيث الاقتصاد الدولي شديد الحساسية لانعدام الأمن والاضطراب، يفشل التقليص العسكري في حماية الاقتصاد الدولي من انعدام الأمن، وهو ما يقلل المكاسب الاقتصادية المتوقع جنيها من التبادل الدولي. بالطبع، يختلف عصر الترابط الاقتصادي الدولي عن البيئات الأخرى – سواء في الاقتصادات المغلقة في الغالب كما في العالم القديم أو في القرن التاسع عشر من الاعتماد المتبادل حيث كانت الحساسية لانعدام الأمن منخفضة. في ذلك الوقت، لم تكن القوة العسكرية الواسعة النطاق مطلوبة لحماية الاقتصاد الدولي من انعدام الأمن ومن ثم المكاسب من التبادل المفتوح، إما بسبب عدم وجود «اقتصاد دولي مفتوح» وإما لأن هذا «الاقتصاد الدولي المفتوح» لم يكن حساسًا بوجه خاص للاضطرابات الأمنية. أما في عالم اليوم، فيعدّ «الاقتصاد الدولي المفتوح» حساسًا للاضطرابات الأمنية ويتطلب مستوى أعلى من توفير الحماية المسلحة، إذ يتميز عالمنا الحالي بالتكامل الأمني ​​والاقتصادي، كما أن الحفاظ على القوة العسكرية يقلل من صافي تكاليف الأمن على المدى الطويل مع تسهيل زيادة الإنتاج والتبادل. نتيجة لذلك، لا يمكن رفض الإنفاق على القوة العسكرية بوصفها استنزافًا تامًا للاقتصاد.

بصرف النظر عن محدودية وعدم قابلية تطبيق هذا الفخ في ظل ظروف الاعتماد الاقتصادي الدولي المتبادل، هناك مشكلة أخرى تحد من قدرة فخ كينيدي على التنبؤ بتراجع قدرات الولايات المتحدة. يؤكد الكثير من الجدل الدائر في مجتمع الأمن الدولي، الذي يستدعي ضمنيًا فخ كينيدي ويستشهد به، ويركز على القنبلة الموقوتة للديون، واحتمالات الإفلاس المالي الناشئ عن زيادة الإنفاق العسكري‏[30]. ومع ذلك، فإن هذه المناقشات تتخطى تمامًا ميزة أخرى لحقبة ما بعد الحرب العالمية، وهي الصعود المنقطع النظير للدولار الأمريكي إلى الصدارة الدولية في سلة العملات الدولية، والمزايا التي يوفرها للولايات المتحدة في ما يتعلق بإصدار سندات الديون وقيود الإنفاق المتساهلة‏[31].

كل هذا لا يعني أنه لا توجد قيود على الإنفاق العسكري الأمريكي ونزوعها إلى التوسع، ولا أن جميع أوجه الإنفاق والتوسع تكون مصحوبة بمكاسب اقتصادية إيجابية. لكن هذا يعني أن الباحثين كانوا متشائمين جدًا في ما يتعلق باستدامة الهيمنة الأمريكية الناشئة عن هذه الديناميات الخاصة. أما اليوم، فهناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى الخوف من أن تكون الولايات المتحدة في خطر، لكن فخ كينيدي الذي يحركه الأمن ليس واحدًا منها.

4 – تقييم فخ ابن خلدون

يعدّ فخ ابن خلدون أكثر الفِخاخ وضوحًا في استخدام التشابه المحلي بين الدورات السابقة للحكم الأسري في العصر الذهبي الإسلامي ودورات حكم الجمهورية في الولايات المتحدة، وبخاصة في ما يتعلق بعواقب التنافس بين الولايات المتحدة والصين. كما هي الحال مع التشابهات الأخرى، فإن ملاءمته ما زالت غير كاملة بقدر ما هي مثيرة للذكريات (Evocative). لكن فخ ابن خلدون يتحدث عن لحظتنا الحالية أكثر من الفِخاخ الأخرى. بمرور الوقت، أصبحت النخب السياسية في الولايات المتحدة مستقطبة على نحو متزايد، بما في ذلك نشوب صراعات القيم الاجتماعية والثقافية إضافة إلى خط التقسيم المحافظ الليبرالي الأكثر تقليدية‏[32]. في ما يتعلق بالأحزاب الأمريكية، فقد أصبحت الانتخابات عبارة عن «منافسات عصبوية» (Group Competitions) في خضم صراع للحفاظ على الهوية الحزبية‏[33].

لقد تصاعدت العداوة العِرقية بحدة خلال العهدة الرئاسية الأولى للرئيس أوباما لتصبح حزبية بصورة متزايدة، على الرغم من أن فوزه في انتخابات عام 2008 عادة ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه كان بداية لمجتمع أمريكي ما بعد عِرقي‏[34]. وفي حين يمكن أن تتأسس الهويات السياسية على العِرق فالأفضل ألّا تكون كذلك. فقد ثبت أن قوة الاستقطاب الحزبي القائم على التأثير مماثلة لقوة الاستقطاب القائم على العِرق، كما أن التمييز بين الأحزاب (Cross-party Discrimination) ظهر أنه أكبر من التمييز على أساس العِرق (Race‑based Discrimination)‏[35]. ومهما كان أساس الهويات الحزبية القوية – العرق والطبقة والأيديولوجيا – فهي تطرح مشاكل كبيرة بسبب قدرتها على تقسيم المجتمع حول قضايا لا يوجد فيها استقطاب قوي من الناحية الموضوعية‏[36].

جسّد صعود دونالد ترامب إلى سدة السلطة كيف أن سمتين أساسيتين في نظرية ابن خلدون عن دور صعود وانهيار الأسر الحاكمة أو العصبيات تسهلان التوسع (Facilitate Conquest): هاتان السمتان هما: التلاحم/الغراء الاجتماعي القائم على الشعور العصبوي (Social Glue) والمطالبة بالاحترام من جانب القادة الجريئين. كان الجانب الأكثر وضوحًا في حملة ترامب ومدة ولايته الرئاسية، الذي ميَّزه من جميع الرؤساء السابقين، هو عداوته العرقية العلنية (Overt Racial Animus). فلم يصدر عن الرؤساء السابقين تصريحات عنصرية علنية، بل استخدموا استعارات وكلمات مشفرة مثل «صفارات الكلاب» للإشارة إلى معاداة السواد، لجذب جمهور (أبيض) مستهدف. هذه الإشارات العنصرية ربما لا يفهمها أو ينتبه إليها جمهور أوسع لا يلمّ بالسياقات السياسية أو الاجتماعية لمثل هذه التعبيرات (وبخاصة في الجنوب الأمريكي)، أو يمكن أن يختار تجاهلها. والمثال الكلاسيكي على ذلك هو دعوة رونالد ريغان لخفض الرعاية الاجتماعية من خلال استحضار مفهوم «ملكة الرفاهية»(‏*)، مشيرًا إلى كيفية قيام النساء السود بخداع النظام‏[37]، حيث تكمن فعالية تعابير مثل «صفارات الكلاب» في قدرتها المتزامنة على جعل الصور العنصرية تتعمق وفي الوقت نفسه إنكار مسؤولية القيام بأية سلوكيات عنصرية مقصودة. ومع ذلك، فإن تسريبات أشرطة نيكسون – ريغان التي نُشرت مؤخرًا (2019)، أكدت أن كلًا من الرئيسين السابقين نيكسون وريغان كانا يحملان مشاعر عنصرية على الرغم من أنهما كانا حريصَين على عدم التعبير عنها علنًا‏[38].

يكمن الإبداع في استراتيجية حملة دونالد ترامب الانتخابية في كونها اعتمدت على العنصرية غير المبرَّرة. وبينما كانت هذه الاستراتيجية، التي استمرت طوال مدة رئاسته، قد استبعدت بعض الجمهوريين، إلا أنها في الوقت نفسه حظيت بقبول عدد كافٍ منهم، بل كانت أيضًا جذابة لبعض الديمقراطيين. إن الغراء الذي يربط التحالف الذي يقف وراءه هو «الثورة الجاكسونية» (نسبة إلى الرئيس الأمريكي السابع أندرو جاكسون 1829 – 1837) القائمة على أسس هوياتية لحماية «الهوية البيضاء» من التحالفات الأخرى القائمة (أيضًا) على أسس هوياتية (أو عصبوية بلغة ابن خلدون) التي تتعدى (من وجهة نظر الجاكسونيين) على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية‏[39]. مبكرًا جدًا، حصل ترامب على دعم اليمين المتطرف والمسيحيين الإنجيليين. أما أغلب مؤيديه فكانوا من جماعات اليمين المتطرف التي يهيمن عليها القوميون البيض (White Nationalist)‏[40]. وربما تُعد جماعات المسيحيين الإنجيليين الأكثر عرضة لإنكار التمييز العنصري أكثر من أي مجموعة دينية أخرى من أهم مؤيديه‏[41].

في ما يأتي أعرض بعض الأمثلة على عنصرية دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية وخلال رئاسته الولايات المتحدة 2017 – 2021. خلال الحملة الانتخابية ووجوده في البيت الأبيض، أصبحت سياسات الهجرة الصارمة ضد البلدان ذات الأغلبية السكانية من ذوي البشرة الداكنة حجر الزاوية لترامب. حتى قبل إعلانه رسميًا عن ترشحه للرئاسة، أعلن ترامب عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر في عام 2014 عن تطلعه إلى إطلاق فكرة الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث غرد ترامب قائلًا: «تأمين الحدود! لنبني الجدار» (Secure the Border! Build a Wall!)‏[42]. وبعدما أعلن ترشحه في حزيران/يونيو 2015، نعت ترامب المكسيكيين بالمغتصبين والبلطجية‏[43]. وفي شباط/فبراير 2016، انتظر كثيرًا قبل أن يعلن تنصله من الدعم الذي قدمه إليه السياسي النازي ومعادي السامية ديفيد ديوك (David Duke) أحد زعماء جماعة كوكلوكس كلان العنصرية (KKK). ولم يفعل ذلك إلا بعد تلقيه عددًا هائلًا من التوبيخ والاستنكار‏[44]. حتى سبتمبر/أيلول 2016 خلال حملته الانتخابية، استمر ترامب في زرع الشكوك حول أكذوبة «محل الولادة» التي ساعد على نشرها منذ عام 2011، زاعمًا أن الرئيس باراك أوباما ولد خارج الولايات المتحدة الأمريكية (في كينيا تحديدًا)، وبالتالي فهو غير مؤهل ليكون رئيسًا بموجب أحكام دستور الولايات المتحدة‏[45].

تحرك الرئيس ترامب مسرعًا بمجرد انتخابه، لوضع سياسات هجرة قاسية، بما في ذلك أمر رئاسي لبناء جدار على الحدود المكسيكية. في غضون ذلك، استمر نهجه الناعم في التقرب إلى البيض العنصريين (White Supremacy). في آب/أغسطس 2017 أصر على التكافؤ الأخلاقي بين المتظاهرين، في الإشارة إلى المتظاهرين اليساريين الذين عارضوا المسيرة العنصرية لأنصار تفوق البيض في مدينة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا‏[46].

وفي أيلول/سبتمبر 2017، دعا ترامب الاتحاد الوطني لكرة القدم (اتحاد كرة القدم الأمريكي) لطرد لاعب الوسط كولين كايبرنيك وآخرين ممن أعلنوا عن مساندتهم للاحتجاجات السلمية ضد قمع ووحشية الشرطة الأمريكية ضد المواطنين الملونين (People of Color)‏(*) عبر الركوع الرمزي على الركبة‏[47].

وفي كانون الثاني/يناير 2018، عارض ترامب هجرة المواطنين القادمين من السلفادور وهندوراس والدول الأفريقية، واصفًا إياها بـ «بلدان قذرة»‏[48]. كما استمر في ترديد نظرية مؤامرة «محل الولادة» لأوباما. ففي تموز/يوليو 2019، طلب ترامب من أربع عضوات منتخبات حديثًا في الكونغرس العودة من حيث أتين، على الرغم من أن أغلبهن ولدن في الولايات المتحدة(**).

عادت مثل هذه الاتهامات الوهمية إلى الوجود بمجرد أن تم وضع اسم كاميليا هاريس على التذكرة الرئاسية لعام 2020 (كنائب للمرشح الديمقراطي جو بايدن)، حيث أثار أستاذ القانون جون إيستمان (العميد السابق لكلية الحقوق في جامعة شابمان في ولاية كاليفورنيا) والسياسي الجمهوري المحافظ، شكوكًا حول ما إذا كانت هاريس مواطنة أمريكية «مولودة بشكل طبيعي» (أي داخل الأراضي الأمريكية) ومن ثم ما إذا كانت مؤهلة لشغل منصب نائب الرئيس‏[49]. سرعان ما اغتنم ترامب الفرصة للتشكيك في شأن استحقاقية هاريس لمنصب نائب الرئيس، حتى بعدما فنّد أساتذة القانون الدستوري مثل هذه الادعاءات‏[50]. ومع ذلك، وأكثر من أي حدث أخر، كانت اللحظة الفاصلة في أيار/مايو 2020 عندما قتل ضابط شرطة (أبيض) المواطنَ الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد على مرأى من الجميع، جنبًا إلى جنب مع الممارسات الوحشية للشرطة التي تلت تلك الحادثة، واستخدام الحرس الوطني لقمع احتجاجات حركة «حياة السود مهمة BLM» خلال الصحوة العرقية في البلاد تلخص سياسات الهوية العنصرية لإدارة ترامب.

من خلال الالتفاف حول شعار «أمريكا البيضاء» (White America) اشتهر أنصار الرئيس ترامب بالولاء الشديد وخلق مجموعة متماسكة قائمة على الهوية. أوضح ترامب، قبل مجيئه إلى واشنطن، مدى تقديره لقيمة الولاء. «أقدر الولاء فوق أي شيء آخر – أكثر من العقول، أكثر من القيادة وأكثر من الحماسة»‏[51]. على سبيل المثال، ذكر ترامب بعد مدة وجيزة من تنصيبه، لجيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي حينها، «أنا بحاجة إلى الولاء، أتوقع الولاء»‏[52]. من المعروف أن الرئيس ترامب لديه قاعدة مخلصة، وأنه يحيط نفسه بمعينين ومستشارين مخلصين، وبعضهم من أفراد الأسرة. لقد نجح ترامب على نحوٍ ملحوظ في تأمين ولاء الحزب الجمهوري له، ولا سيما خلال العامين الأولين من ولايته‏[53]. أفسح هذا التماسك الأولي المجال في النهاية للانهيار واشتداد الصراعات المريرة على السلطة. وانتهى الاقتتال الداخلي باستقالة عدد من المؤيدين السابقين، بعضهم طواعية، والبعض الآخر تم طردهم. كما تميَّزت حقبة رئاسته بالفضيحة والفجور. فقد استقالت مستشارته المقربة منه، هوب هيكس (Hope Hicks)، بعد أن سرب عشيقها السابق ومدير الحملة السابق، كوري ليفاندوفسكي، مزاعم عن حوادث اعتداء وتعنيف ضد عشيقها آنذاك، رئيس موظفي البيت الأبيض السابق روبرت بورتر‏[54]. ووفقًا لمصدر لم يُكشف عنه، «فقد تم تخطيطه وتصميمه وتنسيقه وكان معروفًا مسبقًا بمدة طويلة من جانب مجموعة من الأشخاص الساعين للانغماس في ممارسة المناورات السياسية»‏[55]، فكان معدل التغيير داخل الدائرة الداخلية لإدارة ترامب غير مسبوق. تشمل أمثلة الأشخاص الذين استقالوا أو طُردوا من مناصبهم أربعة مستشارين للأمن القومي الأمريكي (ستيفن بانون، ومايكل فلين، وإتش آر ماكماستر، وجون بولتون) وريكس تيلرسون (وزير الخارجية الأمريكي) وجيمس ماتيس (وزير الدفاع الأمريكي) ونيكي هايلي (سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة) وجيفري بيرمان (المدعي العام الأمريكي للمقاطعة الجنوبية لولاية نيويورك) وآخرين مثل محامي ترامب الشخصي مايكل دين كوهين.

على الصعيد الدولي، تجلت الطبيعة التمييزية لرئاسة ترامب في تفشي إحساس «نحن في مواجهة الآخرين» تجاه العلاقة بالدول الأخرى. وتعَدّ العلاقات الأمريكية – الصينية المثال الأساسي وضحية هذا المنحى من التفكير الصفري (Zero-sum Thinking). على الرغم من حديث ترامب الصارم، لم ينجح في إدارة تنافس القوى العظمى مع الصين، من الناحية الاقتصادية والأمنية على السواء.

على الصعيد الاقتصادي، فشلت حروب ترامب التجارية في سد العجز التجاري الثنائي مع الصين، وخلق طفرة صناعية، أو تحفيز الصين على تغيير سياساتها التجارية غير المتسقة مع منظمة التجارة العالمية في شأن الدعم الحكومي وحقوق الملكية الفكرية وعمليات النقل القسري للتكنولوجيا‏[56]. ويزعم البعض أن حروب التكنولوجيا تمزج بين المخاوف الاقتصادية والأمنية من جانب، وأن نتائجها غير مؤكدة من جانب آخر. على سبيل المثال، يشير حظر إدارة ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي مثل تيك توك (TikTok) ووي تشات (WeChat) في الولايات المتحدة إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي. في الحقيقة، لا تتعلق هذه الإجراءات بتهديدات الأمن السيبراني بقدر ما تتعلق بالتهديدات الاقتصادية. حيث تعد تهديدات الأمن السيبراني تهديدات محتملة بالمقدار نفسه، بمعزل عن جنسية الشركة التي تقوم بجمع البيانات وتخزينها‏[57]. لذلك فإن التعامل معها يتطلب معايير صارمة واجبة التنفيذ لحماية هذه البيانات‏[58].

وعليه، من المرجح أن يكون الدافع وراء الحظر إغراءً بردود الفعل الصينية، وبالتالي يُظهر للشركات الأمريكية المخاطر السياسية لممارسة الأعمال التجارية في الصين‏[59]. وقد تكون أيضًا محاولة لردع شركات التكنولوجيا الصينية عن الاستثمار في الولايات المتحدة‏[60]. في كلتا الحالتين تهدف الاستراتيجية إلى فرض الانفصال عن الصين، وإدارة الاعتماد الاقتصادي العالمي المتبادل بالإكراه. تنطوي هذه الاستراتيجية على أخطار كبيرة لأن «تفكيك سلاسل التوريد الدولية سيجعل قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة تتراجع، وسيضعف من ميزتها التكنولوجية العالمية»‏[61]. في حال تفكك الاعتماد الاقتصادي العالمي المتبادل، سيصبح الاقتصاد الدولي أقل حساسية لانعدام الأمن، وهذا ما يجعل الحرب أقل تكلفة من الناحية الاقتصادية، وبالتالي تتم إزالة قيد رئيسي على الحرب بما في ذلك حرب القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين. وطبقًا لمنطق فخ كينيدي، ستضعف الحوافز الأمريكية لحماية الاقتصاد الدولي عسكريًا من أجل جني أرباح اقتصادية، حتى مع تكثيف الحوافز لحماية نفسها من هجوم القوى العظمى.

في أبعاد أخرى لكشف حسابها الأمني​​، وصفت الولايات المتحدة في استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية الصين بأنها «منافس استراتيجي»‏[62]. مستشهدة بمخاوف اقتصادية وأمنية، تتهم هذه الوثيقة (الرسمية) الصين «باستخدام اقتصادات مفترسة لترهيب جيرانها عبر مؤشرات عسكرية في بحر الصين الجنوبي»‏[63]، بحيث كانت الصين تتنافس على السيطرة في آسيا. ومع استمرار توسعها في بحر الصين الجنوبي، مع استمرار تدريبات حرية الملاحة، اندلع نزاع حدودي بين الصين والهند في حزيران/يونيو 2020‏[64]. وفي حين كثفت إدارة ترامب من إرسال البحرية الأمريكية إلى بحر الصين الجنوبي من خلال تدريبات حرية الملاحة، فإنها لم تبذل أي محاولة مستمرة لبناء تحالف دولي(*)، الذي تعدّه الصين ذريعة وضرورة لوقف توسعها البحري‏[65]. يتمثل الخطر الواضح هنا بوقوع تصادم مميت بين الرئيس ترامب والرئيس القوي شي جين بينغ، حيث تكون عبادة الشخصية أكثر قيمة من التعاون المتبادل كما ذكر ابن خلدون.

جاء صعود الرئيس ترامب إلى المنصب كنتيجة لمقاومة سياسات الهوية المتصورة لرئاسة أوباما؛ فكانت المعارضة شرسة على الرغم من اهتمام الرئيس أوباما بإنشاء تحالفات واسعة وإعلان التزامه الواضح بانتهاج «سياسات غير خاصة بالعِرق»‏[66]. أدت أربع سنوات من سياسات الرئيس ترامب إلى تصفية الحسابات. حيث شجعت سياساته وسلوكه بزوغ ثورة مضادة لحركة مناهضة العنصرية (Anti-racist counter-Movement)‏[67]. ومع ذلك، في حين أن رد الفعل الليبرالي ضد إدارة ترامب ظل في طور التكوين مدة طويلة، فإن التركيز على المساواة العرقية من غير المحتمل أن يكون قد تم توجيهه من دون دعوة الاستيقاظ التي أشعلت جذوتها حادثة مقتل جورج فلويد. وعليه، فإذا أصبح العرق نقطة اشتعال رئيسية في المستقبل، فمن المرجح أن تستمر هذه الدورات، مع تأرجح القوة بين المجموعات/العصبيات «الداخلية» و«الخارجية»، وهو ما يسفر عن تقلبات حادة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. نتيجة لذلك، فإن سياسة خارجية أكثر استقرارًا تتطلب إحداث قطيعة مع فخ ابن خلدون حول كيفية بناء تحالفات أوسع نطاقًا‏[68].

ثالثًا: زعيم جديد: هل يستطيع بايدن كسر الفخ‏[69]؟

مثل الإدارات التي سبقت عهد ترامب، تتبنى إدارة بايدن نهج الانخراط الأمريكي في نظام دولي ليبرالي. في محاولة واعية لمعالجة الانقسامات التي أثارتها رئاسة ترامب، كان شعار حملة بايدن – هاريس هو «رئاسة لجميع الأمريكيين». أعلن نائب الرئيس السابق في إدارة أوباما، جو بايدن، عن حملته في نيسان/أبريل 2019 واختار حاكمة كاليفورنيا كاميلا هاريس نائبةً له في آب/أغسطس 2019. يعَدّ اختيار هاريس، وهي امرأة أمريكية من أصول أفريقية وآسيوية كنائبة للرئيس، إهانة للأمريكيين المحافظين الذين يدعمون تقليد «نحن في مواجهة الآخرين» السابق الإشارة اليه، وربما حتى بصورة أكثر نفورًا من الرمزية المرتبطة بتولي رجل أسود (باراك أوباما) منصب الرئاسة أول مرة.

كما عكس الكثير من ترشيحات بايدن الأخرى تنوع أمريكا، ومن المتوقع أن تثير غضب الجمهوريين اليمينيين. في حين أن تعيينات غير البيض من جانب الرئيسين السابقين كلينتون وأوباما تجاوزت تعيينات بايدن لغير البيض ابتداءً من منتصف كانون الثاني/يناير 2021. ويخفي إحصاء الأرقام أهمية جهود الإدارة الحالية لمنح غير البيض الحق في الوصول إلى المناصب الرئيسية التي كانت بعيدة المنال منهم في السابق‏[70]. على سبيل المثال، تم ترشيح أربعة أمريكيين من أصل أفريقي لتولي مناصب وزارية – بما في ذلك وزير الدفاع (لويد أوستن) ورئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين (سيسيليا روس) – إضافة إلى اثنين من ذوي الأصول الإسبانية، مثل وزير الأمن الداخلي (أليخاندرو مايوركاس) واثنين من الأمريكيين الآسيويين بما في ذلك ممثل التجارة الأمريكي (كاثرين تاي) وأمريكي من الشعوب الأصلية (Native American) لمنصب وزير الداخلية (ديب هالاند).

إن الوفاء بالوعد الانتخابي الذي قطعه بايدن بـ «تعيين الفريق الأكثر تنوعًا في التاريخ الأمريكي» لجهة التنوع العرقي في المناصب الوزارية الرئيسية، أمر عملي يرسل إشارة قوية حول القيمة والتقدير الذي توليه الإدارة لقيم التنوع. ومع ذلك، سيكون التحدي الحقيقي القادم لإدارة بايدن هو تجاوز سياسات التنوع التجميلي (Cosmetic Diversity) كأسلوب لمعالجة «التمييز في الإقراض، والتوظيف، والتعليم، والعدالة الجنائية، أو أي من الأنظمة التي لا تعدّ ولا تحصى التي تعامل الأشخاص ذوي البشرة الملونة بصورة غير عادلة» كما ذكر المؤلف والمعلق السياسي سولومون جونز‏[71].

إن تأطير الأشخاص من أصول أجنبية داخل الولايات المتحدة، فضلًا عن البلدان التي تتعامل معها الولايات المتحدة، كأعداء يجعل السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية رهينة لمنطق الحصيلة الصفرية، والحلول السابقة لتعزيز الرخاء المتبادل. تقدم نظرية ابن خلدون عن صعود وسقوط العصبيات القائمة على الهوية، مدفوعةً بالانقسام الاجتماعي الداخلي، تحذيرات جادة من التحديات والتهديدات المحلية على الديمقراطية الأمريكية، والاستمرارية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وعدم الاستقرار عند التنافس مع القوى العظمى الأخرى.

من خلال تقويض أسس القوة الأمريكية نفسها – أي استقرار النموذج المثالي للمؤسسات السياسية الأمريكية، والقوة الناعمة للولايات المتحدة، والمشاركة الاقتصادية الدولية العميقة – تخاطر الولايات المتحدة بالتورط بالوقوع في فخ ابن خلدون والتنازل عن أرضيتها ومكاسبها للصين، المنافس الأول لأمريكا. إذا استسلمت الولايات المتحدة لهذا الفخ، سوف تتمكن الصين من استغلال حالة عدم اليقين في العلاقات الاقتصادية والأمنية الأمريكية. أصبحت الصين بالفعل أكثر جرأة، مدعومة بالتوسع الاقتصادي المستمر منذ عقود، والشبكات التجارية، والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والقوة البحرية، وقوة الصواريخ الاستراتيجية. تستخدم الصين نفوذها الاقتصادي لمزيد من التوسع، من خلال مبادرة الحزام والطريق والاستثمارات الأوروبية التي تستهدف عمليات الاستحواذ الاستراتيجية والبحث والتطوير. من الناحية الأمنية، بدأت الصين في التفكير في إعادة خطوط الترسيم في بحر الصين الجنوبي وعلى طول الحدود الهندية، بينما تتابع سباقًا بحريًا وجويًا وتسلحًا مع الولايات المتحدة. والخلاصة، أن الانقسامات الداخلية للولايات المتحدة وأسلوب تجريح الحلفاء الاستراتيجيين والشركاء الاقتصاديين في السنوات الأربع الماضية تحت إدارة ترامب يمكن أن يضع الولايات المتحدة على طريق الانحدار النهائي، ما لم يمثل فريق بايدن – هاريس ائتلافًا وطنيًا لكسر الفخ الخلدوني لحلقة السلالات المتحاربة.

كتب ذات صلة:

ابن خلدون : سيرة فكرية

المصادر:

نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 552 في شباط/فبراير 2025.

كـارلا نورلـوف: أستاذة الـعـلاقات الدولـيـة، جـامعة تـورنتـو – كـنـدا.

أحمد محمد أبو زيد: أستاذ دراسات الأمـن الـدولي المساعـد، ـجامعة ساوثهامبتون – المملـكة المتحدة.

[1] يوجد أكثر من مرادف في اللغة العربية لكلمة (Trap) الإنكليزية. على سبيل المثال هناك: مأزق، ورطة، فخ، مصيدة. والمترجم اختار استخدام مفردة فخ.

[2] Graham Allison, «The Thucydides Trap: Are the U.S. And China Headed for War?», The Atlantic, 15/9/2015, <https://rebrand.ly/j6r2gqq>; Graham T. Allison, Destined for War: Can America and China Escape Thucydides’s Trap? (Boston, MA: Houghton Mifflin Harcourt, 2017), and Joseph S. Nye, «The Kindleberger Trap,» Project Syndicate (Prague), 9 January 2017.

[3] David A. Welch, «Why International Relations Theorists Should Stop Reading Thucydides,» Review of International Studies, vol. 29, no. 3 (2003), pp. 301–319.

[4] Thucydides, History of the Peloponnesian War, translated by Rex Warner with an Introduction and Notes by M. I. Finley (New York: Penguin, 1972).

[5] Donald Kagan, The Outbreak of the Peloponnesian War (Ithaca, NY: Cornell University Press, 1969), pp. 345–346.

[6] Welch, «Why International Relations Theorists Should Stop Reading Thucydides,» and James Lee, ««Did Thucydides Believe in Thucydides» Trap? The History of the Peloponnesian War and Its Relevance to U.S.-China Relations,» Journal of Chinese Political Science, vol. 24, no. 1 (2019), pp. 67–86.

[7] A. F. K. Organski, World Politics (New York: Alfred A. Knopf, 1968), and Robert Gilpin, War and Change in World Politics (Cambridge, MA: Cambridge University Press, 1981).

[8] Organski, Ibid.; Gilpin, Ibid., and A. F. K. Organski, and Jacek Kugler, The War Ledger (Chicago, IL: Chicago University Press, 1980).

[9] Mancur Olson, The Logic of Collective Action (Cambridge, MA: Harvard University Press, 1965).

(*) تعرف مثل هذه الميول الاستراتيجية بــــــ «تبديل الأعباء» Burden-shifting أو «مشاركة الأعباء» Burden-sharing أو حتى تمرير الأعباء أو لعبة لوم الآخرين «Passed Bucks»، وأسوأ صورها هي استراتيجية «الراكب المجاني» Free-riders (المترجم). للمزيد عن هذه الاسترايتيجيات، انظر: Thomas J. Christensen and Jack Snyder, «Chain Gangs and Passed Bucks: Predicting Alliance Patterns in Multipolarity,» International Organization, vol. 44, no. 2 (1990), pp. 137-168.

[10]  Nye, «The Kindleberger Trap».

[11] Charles P. Kindleberger, The World in Depression 1929-1939 (Berkeley, CA: University of California Press, 1973).

[12] لاحظت أن البعض استخدم مصطلح «فخ كينيدي»، وعلى الرغم من اختلافه تمامًا عن استخدامي له هنا، ومع أنه قد تم تطبيقه على صعود الصين، إلا أنه تم التركيز فقط على حدود هذا الصعود. للمزيد، انظر: Yaqing Qin, «Major-Country Diplomacy Must Steer Clear of Three Traps That Could Hinder China’s Rise,» Chinese Social Sciences Today (Beijing), 11 June 2015, <http://www.csstoday.com/Item/2179.aspx>.

[13] Paul Kennedy, The Rise and Fall of the Great Powers: Economic Change and Military Conflict from 1500 to 2000 (New York: Random House, 1987).

[14](*) في كل الأجزاء المتعلقة بابن خلدون، قام المترجم بتغيير النص وتبديله بالألفاظ والمفاهيم الأصلية التي استخدمها ابن خلدون في كتاب المقدمة، كمفهوم العصبية والغلبة والرياسة (المترجم).

Ibn Khaldun, The Muqaddimah: An Introduction to History, translated from the Arabic by Franz Rosenthal, Abridged Edition (Princeton, NJ: Princeton University Press, 2005).

[15] Muhsin Mahdi, Ibn Khaldun’s Philosophy of History: A Study in the Philosophic Foundation of the Science of Culture (Chicago, IL: University of Chicago Press, 1964); Yves Lacoste, Ibn Khaldoun: Naissance de l’histoire, Passé du Tiers Monde (Paris: Maspéro, 1966); Franz Rosenthal, «Ibn Khaldun,» in: Mircea Eliade, ed., The Encyclopedia of Religion (New York: Macmillan, 1987), p. 566, and Lawrence Rosen, «Theorizing from Within: Ibn Khaldun and His Political Culture,» Contemporary Sociology, vol. 34, no. 6 (November 2005).

[16]  Mahdi, Ibid., p. 197.

[17]  Rosen, Ibid., p. 598.

(*) الجدير بالذكر أن ابن خلدون يُقرّ بأن هذه الروابط (أي القائمة على رابطة الدم أو القرابة) غالبًا ما تكون متخيلة، أسطورية، وليست بالضرورة تعني روابط حقيقية، أو يجب الإصرار عليها كأساس لبناء وتأسيس العصبيات. للمزيد، انظر: إيليا حريق، «نشوء نظام الدولة في الوطن العربي،» ص 27 – 48، ومحمد عبد الباقي الهرماسي، «المدخل الثقافي الاجتماعي إلى دراسة الدولة،» ص 73 – 88، في: غسان سلامة، محرر، الأمة والدولة والاندماج في الوطن العربي، 2 ج (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1989)، ج 1، ونزيه الأيوبي، العرب ومشكلة الدولة (بيروت: دار الساقي، 1993) (المترجم).

[18] Ahmed Alrefai and Michael Brun (1994), «Ibn Khaldun: Dynastic Change and Its Economic Consequences», Arab Studies Quarterly, vol. 16, no. 2 (Spring 1964), pp. 73–86.

[19] Alastair Iain Johnston, «Is China a Status Quo Power?,» International Security, vol. 27, no. 4 (Spring 2003), pp. 5–56.

[20] Aaron L. Freidberg, «The Future of U.S.-China Relations: Is Conflict Inevitable?,» Inter­national Security, vol. 30, no. 2 (Fall 2005), pp. 7–45.

(*) رأس الحربة في القول بحتمية الحرب المستقبلية بين الصين والولايات المتحدة هو عالم السياسة الأمريكي جون ميرشايمر، صاحب الاتجاه الواقعي الهجومي في نظرية العلاقات الدولية (المترجم). انظر: John Mearsheimer, The Tragedy of Great Power Politics (New York: W.W. Norton, 2001).

[21] Carla Norrlof and Simon Reich, «American and Chinese Leadership during the Global Financial Crisis: Testing Kindleberger’s Stabilization Functions,» International Area Studies Review, vol. 18, no. 3 (2015), pp. 227–250.

[22] Carla Norrlof, «Is Covid-19 the End of US Hegemony? Public Bads, Domestic Failures and Global Monetary Leadership,» International Affairs, vol. 96, no. 5 (2020), pp. 1281-1303.

[23] The People’s Republic of China, ««Made in China 2025» Plan Issued,» The State Council, The People’s Republic of China, Beijing, 2015.

[24] The People’s Republic of China, «The National Medium and Long-Term Program for Science and Technology Development (2006-2020),» Beijing: The State Council, The People’s Republic of China, 2006; James McBride and Andrew Chatzky, «Is «Made in China 2025» a Threat to Global Trade?,» Council on Foreign Relations, 13 May 2019, <https://rebrand.ly/efipeo6>.

[25] Gilpin, War and Change in World Politics; David P. Calleo, The Imperious Economy (Cambridge, MA: Harvard University Press, 1982); Immanuel Wallerstein, The Capitalist World-Economy (Cambridge, MA: Cambridge University Press, 1984); Kennedy, The Rise and Fall of the Great Powers: Economic Change and Military Conflict from 1500 to 2000.

فيما يتعلق بالنقاط المشتركة والاختلافات بين هذه المدارس، انظر: William R. Thompson, On Global War: Historical-Structural Approaches to World Politics (Columbia: University of South Carolina Press, 1988), chaps. 2–3.

[26] Carla Norrlof and William C. Wohlforth, «Is US Grand Strategy Self-Defeating? Deep Engagement, Military Spending and Sovereign Debt,» Conflict Management and Peace Science, vol. 36, no. 3 (2019), pp. 227–247, and Carla Norrlof, «Raison de l’hégémonie (the Hegemon’s Interest): Theory of the Costs and Benefits of Hegemony,» Security Studies, vol. 28, no. 3 (2019), pp. 422–450.

[27]  Norrlof, Ibid.

[28] Kevin O’Rourke and Ronald Findlay, Power and Plenty: Trade, War, and the World Economy in the Second Millennium (Princeton, NJ: Princeton University Press, 2009).

[29] Christopher Layne, «From Preponderance to Offshore Balancing: America’s Future Grand Strategy,» International Security, vol. 22, no. 1 (Summer 1997), pp. 86–124; Eugene Gholz, Daryl G. Press and Harvey M. Sapolsky, «Come Home, America: The Strategy of Restraint in the Face of Temptation,» International Security, vol. 21, no. 4 (1997) pp. 5–48; Barry Posen, «The Case for Restraint,» The American Interest, vol. 3, no. 1 (2007), pp. 7–17; Christopher Layne, «Graceful Decline: The End of Pax Americana,» The American Conservative, vol. 9, no. 5 (2010), pp. 30–33, and John J. Mearsheimer and Stephen M. Walt, «The Case for Offshore Balancing: A Superior U.S. Grand Strategy,» Foreign Affairs, vol. 95, no. 4 (July-August 2016), pp. 70–83.

[30] Eugene Gholz and Daryl G. Press, «The Effects of Wars on Neutral Countries: Why It Doesn’t Pay to Preserve the Peace,» Security Studies, vol. 10, no. 4 (2001), pp. 1–57; Layne, «Graceful Decline: The End of Pax Americana»; Paul MacDonald and Joseph M. Parent, «Graceful Decline? The Surprising Success of Great Power Retrenchment,» International Security, vol. 35, no. 4 (Spring 2011), pp. 7–44.

[31] Carla Norrlof, America’s Global Advantage: US Hegemony and International Cooperation (Cambridge, MA: Cambridge University Press, 2010); Daniel McDowell, «The US as «Sovereign International Last-Resort Lender»: The Fed’s Currency Swap Programme during the Great Panic of 2007–09,» New Political Economy, vol. 17, no. 2 (2012), pp. 157–178; Thomas Oatley [et al.], «The Political Economy of Global Finance: A Network Model,» Perspectives on Politics, vol. 11, no. 1 (2013), pp. 133–153; Carla Norrlof, «Dollar Hegemony: A Power Analysis,» Review of International Political Economy, vol. 21, no. 5 (2014), pp. 1042–1070, and Norrlof and Wohlforth, «Is US Grand Strategy Self-Defeating? Deep Engagement, Military Spending and Sovereign Debt».

[32] Christopher Hare and Keith T. Poole, «The Polarization of Contemporary American Politics,» Polity, vol. 46, no. 3 (July 2014), pp. 411–429.

[33] Patrick R. Miller and Pamela Johnston Conover, «Red and Blue States of Mind: Partisan Hostility and Voting in the United States,» Political Research Quarterly, vol. 68, no. 2 (June 2015), pp. 225–239.

[34] Monika L. McDermott and Cornell Belcher, ««Barack Obama and Americans» Racial Attitudes: Rallying and Polarization,» Polity, vol. 46, no. 3 (July 2014), pp. 449–469.

[35] Shanto Iyengar and Sean J. Westwood, «Fear and Loathing across Party Lines: New Evidence on Group Polarization,» American Journal of Political Science, vol. 59, no. 3 (July 2015), pp. 690–707.

[36] Lilliana Mason, ««I Disrespectfully Agree»: The Differential Effects of Partisan Sorting on Social and Issue Polarization,» American Journal of Political Science, vol. 59, no. 1 (2015), pp. 128–145.

[37](*) مصطلح «ملكة الرفاه» هو مصطلح ازدرائي، يُستخدم في الولايات المتحدة كوصمة عار (Stigmatizing) ضد النساء (والأمهات العازبات من أصول أفريقية في الغالب) اللائي يُزعم أنهن يسئن استخدام أو يجمعن أموال الرعاية الاجتماعية المفرطة من خلال الاحتيال أو تعريض الأطفال للخطر أو عبر التحايل والتلاعب بالقوانين. وقد بدأ الإبلاغ عن هذا النوع من الاحتيال (ربما يكون الأفضل أن تُحتسب نوعًا من ما أسماه جيمس سكوت «المقاومة بالحيلة» في ظل نظام سياسي واجتماعي واقتصادي عنصري وتمييزي مثل النظام الأمريكي) في مجال الرعاية الاجتماعية في أوائل الستينيات (المترجم). للمزيد، انظر: Sharon Hays, Flat Broke with Children: Women in the Age of Welfare Reform (New York: Oxford University Press, 2004), and John Blake, «Return of the «Welfare Queen»,» CNN (23 January 2012), <https://rebrand.ly/5c4s45z>.

Ian Haney López, Dog Whistle Politics: How Coded Racial Appeals Have Reinvented Racism and Wrecked the Middle Class (Oxford: Oxford University Press, 2014).

[38] Tim Naftali, «Ronald Reagan’s Long-Hidden Racist Conversation with Richard Nixon,» The Atlantic, 30/7/2019, <https://rebrand.ly/zi1cq61>.

[39] Walter Russel Mead, «The Jacksonian Revolt: American Populism and the Liberal Order,» Foreign Affairs, vol. 96, no. 2 (January 2017), pp. 2–7.

[40] J. M. Berger, «Trump Is the Glue That Binds the Far Right,» The Atlantic, 29/10/2018, <https://rebrand.ly/878krvz>.

[41] Robert P Jones, Daniel Cox, and Rachel Lienesch, «Who Sees Discrimination? Attitudes on Sexual Orientation, Gender Identity, Race, and Immigration Status: Findings from American Values Atlas,» Public Religion Research Institute (PRRI), Washington, DC, June 2017.

[42]  Donald J. Trump, «Secure the Border! Build a Wall!,» in @realDonaldTrump, Twitter, 2014.

[43] Michelle Ye Hee Lee, «Donald Trump’s False Comments Connecting Mexican Immigrants and Crime,» Washington Post, 8/7/2015, <https://rebrand.ly/t64b37m>.

[44] Eric Bradner, «Donald Trump Stumbles on David Duke, KKK,» CNN, 29 February 2016, <https://rebrand.ly/n8cr01k>.

[45] Gregory Krieg, «14 of Trump’s Most Outrageous «Birther» Claims – Half from after 2011,» CNN, 16 September 2016, <https://rebrand.ly/9vya0xt>.

[46] Michael D. Shear and Maggie Haberman, «Trump Defends Initial Remarks on Charlottesville; Again Blames «Both Sides»,» The New York Times, 15/8/2017, <https://rebrand.ly/ehg8b7w>.

[47](*) في ما أعلم، لا توجد في اللغة العربية مفردة صائبة سياسيًا وملائمة اجتماعيًا وثقافيًا للإشارة إلى الاشخاص غير البيض مكافئة لمفردة «people of color» الإنكليزية. فتعبير «الملونين» يحمل وصمة وتحاملًا عرقيًا (خفي وعلني معًا) (المترجم).

Juan Carlos Guerrero, «Timeline: Colin Kaepernick’s Journey from San Francisco 49ers Star to Kneeling to Protest Racial Injustice,» ABC 7 News, 27 August 2020, <https://rebrand.ly/nic6da3>.

[48] Lauren Gambino, «Trump Pans Immigration Proposal as Bringing People from «Shithole Countries»,» The Guardian, 12/1/2018, <https://rebrand.ly/5h1eehw>.

(**) المقصودات هن: ألكساندريا أوكاسيو كورتيز (الحزب الديمقراطي – نيويورك) رشيدة طليب (الحزب الديمقراطي – ميتشغان) أيانا بريسلي (الحزب الديمقراطي – ماساتشوستس) وإلهان عمر (Ilhan Omar) (الحزب الديمقراطي – مينيسوتا). وهن أعضاء الكونغرس التي أطلقت عليهن وسائل الإعلام اسمًا هوليووديًا هو «الفرقة» (The Squad). وقد استنكرت عضوات الكونغرس (والكثير من السياسيين الديمقراطيين ووسائل الإعلام الأمريكية) هذه التصريحات العنصرية والمتحيزة على أساس عرقي وجندري (المترجم). للمزيد، انظر: Katie Rogers and Nicholas Fandos, «Trump Tells Congresswomen to «Go Back» to the Countries They Came From,» The New York Times, 14/7/2019, <https://rebrand.ly/29xdiav>; Julie Hirshfeild Davis, «After Trump Accuses Four Democratic Congresswomen of Hating U.S., They Fire Back,» The New York Times, 15/7/2019, <https://rebrand.ly/4ng4ml9>, and «AOC, Omar, Pressley, Tlaib: Who are «the Squad» of Congresswomen?,» BBC, 18 July 2019, <https://rebrand.ly/ci601l1>.

[49] John C. Eastman, «Some Questions for Kamala Harris about Eligibility,» Newsweek (12 August 2020), <https://rebrand.ly/va2bv0n>.

[50] Katie Rogers, «Trump Encourages Racist Conspiracy Theory About Kamala Harris», The New York Times, 13/8/2020, <https://rebrand.ly/rw047sy>.

[51] D. J. Trump and Bill Zanker, Think Big and Kick Ass in Business and Life (New York: Harper Collins, 2007).

[52]  Michael Kruse, «I Need Loyalty,» Politico (March-April 2018), <https://rebrand.ly/j58abhn>.

[53] Sarah Frostenson, «Republicans in Congress Have Been Very Loyal to Trump. Will It Last?,» FiveThirtyEight, 3 January 2019, <https://rebrand.ly/s4up1fh>.

[54] Eliza Relman, «Everyone’s Blaming Corey Lewandowski for the Rob Porter Scandal – Because He Still Had «Raw Feelings» for Hope Hicks and Thought He Should «Control» Her,» Business Insider (28 March 2018), <https://rebrand.ly/c98mc1j>.

[55]  Ibid.

[56] Philip H. Gordon, «What Should Come after Trump’s Failed China Policy?,» War on the Rocks, Texas: Texas National Security Review, 6 July 2020, <https://rebrand.ly/ghwapyj>.

[57] Josephine Wolff, «So What Does Trump Have against TikTok?,» The New York Times, 7/8/2020, <https://rebrand.ly/g708wkn>.

[58]  Ibid.

[59] James Palmer, «Why Is the United States Effectively Banning WeChat and TikTok?,» Foreign Policy, 7 August 2020, <https://rebrand.ly/jiwgucy>.

[60] Geoffrey Gertz, «Why Is the Trump Administration Banning TikTok and WeChat?,» Brookings, 7 August 2020, <https://rebrand.ly/rp798n2>.

[61] Shannon K. O’Neil, «How to Pandemic-Proof Globalization Redundancy, Not Reshoring, Is the Key to Supply Chain Security,» Foreign Affairs, 1 April 2020, <https://www.cfr.org/blog/how-pandemic-proof-globalization>.

[62] Jim Mattis, «Summary of the 2018 National Defense Strategy of the United States of America,» Department of Defense, Washington DC, 2018.

[63]  Ibid.

[64]  Gordon, «What Should Come after Trump’s Failed China Policy?».

[65](*) من المستغرب أن المؤلفة لم تذكر شيئًا عن الحوار الاستراتيجي غير الرسمي بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، المعروف باسم «الحوار الأمني الرباعي»، كواد (Quad) الذي بدأ في عام 2007. حيث تم خلال مؤتمرات القمة لرابطة بلدان جنوب شرق آسيا لعام 2017 تنشيط مفاوضات إحياء التحالف الرباعي، بحيث اتفق وقتها كل من رئيس وزراء أستراليا مالكولم تورنبول، ورئيس وزراء اليابان شينزو آبي، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ورئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، في مدينة مانيلا على إحياء الاتفاقية الأمنية ضمن التوترات السياسية في بحر الصين الجنوبي التي سببتها الصين وطموحاتها الإقليمية على نحوٍ رئيسي (المترجم). للمزيد، انظر: Naveed Jamali and Tom O’Connor, «US, China’s Geopolitical Battle for Asia Shapes New Power Dynamic for Region,» Newsweek (22 October 2020), <https://rebrand.ly/tbanbia>; Richard Heydarian, «Quad Summit Next Step towards an Asian NATO,» Asia Times, 13/3/2021, <https://rebrand.ly/fjq9818>, and Zaheena Rasheed, «What is the Quad and Can It Counter China’s Rise?,» Al Jazeera, 25 November 2020, <https://shorturl.at/uvXN8>.

Michael Schuman, «Why China Wants Trump to Win,» The Atlantic, 7/7/2020, <https://shorturl.at/B6iOs>.

[66] Andra Gillespie, Race and the Obama Administration: Substance, Symbols and Hope (Man­chester: Manchester University Press, 2019).

[67] Ibram X. Kendi, «Is This the Beginning of the End of American Racism?,» The Atlantic, September 2020, <https://shorturl.at/2ecSy>.

[68] بعد نشرها هذه الدراسة، قامت نورلوف عقب فوز الرئيس جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية بنشر دراسة محدثة عن كيف يمكن ما سمَّته «فخ ابن خلدون» مساعدتنا على فهم كل من سقوط ترامب من جانب، وفهم حدة التنافس الدولي بين الولايات المتحدة والصين اعتمادًا على عامل العصبية الخلدونية. للمزيد، انظر:        Norrlöf, «The Ibn Khaldûn Trap and Great Power Competition with China,» pp. 7-28.

[69] هذه الجزئية هي خاتمة دراسة البروفيسور نورلوف المنشورة في دورية واشنطن كوارتيللي السابق الإشارة إليها.

[70] Kathryn Dunn Tempas, «Just How Diverse Is President Biden’s Prospective Cabinet?,» Brookings, 13 January 2021, <https://shorturl.at/SlMPx>.

[71] Nesrine Malik, «Joe Biden’s Drive for Diversity in Top Political Jobs Is Only an Illusion of Change,» The Guardian, 7/12/2020, <https://shorturl.at/VWed3>.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز