المؤلف: علي العبيدي
مراجعة: مركز التوثيق والمعلومات في مركز دراسات الوحدة العربية
الناشر: دار المنتدى للنشر، تونس
سنة النشر: 2018
عدد الصفحات: 350
هل تقود المقاربات المعتمدة، محلياً ودولياً إلى الوصول إلى مفهوم موحد ونهائي للإرهاب؟ وهل يمكن تطهير العالم من هذه الآفة؟
كيف يمكن «للإرهاب» باعتباره «حكم قيمة» – في أحسن الأحوال -، وليس مفهوماً علمياً ولا جريمة مستقلة، أن يتحول إلى حكم مطلق يوجب المساومة ويشرعن كل أشكال الهيمنة والاحتلال، ويعزز آليات الاستبداد؟
لماذا تحولت الحرب على «الإرهاب» إلى سلاح سياسي واستراتيجي يشهر منذ عقود ضد شعوب العالم العربي والإسلامي وأنظمته المتمردة على الإملاءات الغربية؟ وهل يكفي اللجوء إلى الإرهاب سبيلا للقضاء على «الإرهاب»؟
هذه عينة من الأسئلة المتداخلة التي يسعى مؤلف هذا الكتاب إلى الإجابة عنها، عارضاً للإشكاليات التي ما زالت تحول دون الوصول إلى تعريف متوافق عليه للإرهاب وتأثير ذلك في مقاربة الإرهاب الدولي، وذلك بعيداً من المعالجات المشبوهة التي تروج لها الآلة الدعائية لرعاة الحرب على «الإرهاب» من قوى الهيمنة والاحتلال وأنظمة الاستبداد الوظيفي التي غالباً ما تقوم مقام المحتل في تأدية دوره في القمع والاستبداد وتكريس التبعية والتخلف.
ويوضح المؤلف – كما يأتي في تعريفه للكتاب – أن الحرب على «الإرهاب» في معناها المجازي هي كل استراتيجية أو سياسة أو منظومة تستهدف عدواً حقيقياً أو مصطنعاً – أو أي آخر مختلف – يلصق به القائمون على هذه السياسات والاستراتيجيات تهمة «الإرهاب»، ليكون الإرهاب بذلك كل عائق حقيقي أو مصطنع يحول دون تحقيق الأهداف المعلنة أو الخفية لفرسان تلك الحرب سواء تمثل ذلك بصورة جماعة أو حزب أو نظام أو دولة أو شعب أو مجوعة ثقافية أو حضارية.
وبذلك يمكن الحديث عن مفهوم مركب، بنيوي ووظيفي للإرهاب؛ فهو بنيوي مرتبط بسلطة إمبراطورية أو سلطة احتلال أو سلطة استبداد تقوم مقام العدو المفترض دائماً، حقيقاً كان أو مصطنعاً. كما أنه مفهوم وظيفي بوصفه آلية إدانة واتهام للآخر على المستوى السياسي، والأخطر أنه أداة للتفكيك وإعادة البناء على المستويين الاستراتيجي والحضاري يمكن استخدامها عند الضرورة ضد كل مجال جيوسياسي أو حضاري مستعصٍ أو متمرد.
ولا يخفى أن الإرهاب بمفهومَيه المركَّب البنيوي والوظيفي وفي مقارباته الغربية، ولا سيما القانونية منها، وخلفياتها الثقافية والحضارية والسياسية والاستراتيجية رُبط بالأهداف الأمريكية والصهيونية التي تستهدف الآخر العربي والإسلامي. وهذا ما يؤكده المؤلف في البابين اللذين يضمهما الكتاب، إذ يتناول الباب الأول، إرهاب مقاربة مفهوم الإرهاب الذي يتمسك به الخطاب الأمريكي – الصهيوني، والذي يستهدف تشويه صور وأنشطة حركات المقاومة المسلحة للاحتلال الأجنبي وأسلمة وتعريب الإرهاب، في مقابل شطب إرهاب الدولة (دولة الاحتلال الإسرائيلي)، بينما يتناول الباب الثاني مفردات مفهوم الأمر الواقع للإرهاب، الذي صاغته الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وانخرطت فيه الدول الكبرى؛ ناهيك بأنظمة الاستبداد العربي الوظيفية التي غالباً ما تعنى بخدمة المصالح والأهداف الاستراتيجية لقوى الهيمنة والاستعمار مقابل فسح المجال لها في التوسع في تعريف الإرهاب لتستهدف كل معارضة لأنظمتها من أي نوع كانت. وبذلك يصبح إرهابياً – في القاموس الأمريكي – الصهيوني – كل من يطالب بالتحرر من الاستعمار والهيمنة ويدعم حركات المقاومة ضد الاحتلال، إضافة إلى مختلف المعارضات للأنظمة الوظيفية التي تدور في الفلك الأمريكي. وبطبيعة الحال، تتضمن لائحة الإرهاب كل «الأنظمة المتمردة» التي ترفض الإملاءات الأمريكية.
المصادر:
(*) نُشرت هذه المراجعة في مجلة المستقبل العربي العدد 481 في آذار/مارس 2019.
مركز دراسات الوحدة العربية
فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.