المؤلف: كريم مروة

مراجعة: قسم التوثيق والمعلومات في مركز دراسات الوحدة العربية

الناشر: الدار العربية للعلوم – ناشرون، بيروت

سنة النشر: 2018

عدد الصفحات: 254

 

يضم هذا الكتاب حوارات صحافية ومحاضرات وذكريات، يقدم المؤلف من خلالها قراءة نقدية لمختلف الأزمات التي يعيشها الإنسان العربي، متناولاً أسبابها والحلول الممكنة لتجاوزها. وهو يسعى – من منظور ثقافي يساري جديد – إلى قراءة الأحداث في حاضرها لبنانياً وعربياً وعالمياً، وصولاً إلى تقديم رؤية لمستقبل مختلف تستند إلى تيار مدني عابر للطوائف، وإلى برنامج واقعي وعقلاني من أجل التغيير الديمقراطي في لبنان والمنطقة.

وتكمن أهمية الكتاب في تقديمه للقارئ صورة كاملة عن التحولات التي قادت المؤلف إلى الموقع الذي هو فيه الآن فكرياً وسياسياً وعلاقات إنسانية. وهو موقع قرر فيه أن يكون فيه مستقلاً عن أي جهة سياسة، محتفظاً في الوقت ذاته بانتمائه إلى القيم التي عبّرت عنها الاشتراكية في فكر ماركس وكبار الماركسيين الذين جاؤوا بعده، وذلك من دون أن تتحول هذه القيم إلى عقيدة.

ويتضح ذلك في بحثه عن «يسار جديد» لمستقبل أفضل؛ إذ يعرب عن قلقه من أن الشروط كما بدا له لم تنضج بعد من أجل الوصول بواقعية وعقلانية إلى مستقبل مختلف في البلدان العربية، وبخاصة لبنان، حيث لم يجد تجاوباً من اليساريين والديمقراطيين مع ما عبَّر عنه في بيانين أصدرهما من أجل قيام «يسار لبناني جديد» له القدرة على الجمع والتجميع في إطار من التنوع والتعدد اللذين يشكلان شرطاً ضرورياً من شروط هذا اليسار الجديد ومن شروط الانتظام في صفوفه من أجل قيام تيار ديمقراطي مدني عابر للطوائف. وهنا لا يدّعي المؤلف أن ما قدمه من رؤية للمستقبل هو الحقيقة، بل هي محاولة قابلة للنقاش، مع التمسك بالقيم الجوهرية التي دعا إليها ماركس. وتتلخص هذه القيم في ثلاثة أمور، يتعلق الأول منها بالموقف من الإنسان الذي يشكل القيمة الأصلية في الوجود مع ما يتطلب ذلك من نضال دائم من أجل صون حريته وحقوقه وكرامته وعيشه الكريم وتحريره من كل أنواع العبوديات. ويؤكد الأمر الثاني، أن النضال من أجل تحقيق الأمر الأول إنما يقوم، بصيغ ووسائل عديدة من أجل رفع الظلم والقهر والاستعباد والاستغلال عن الإنسان، سواء في القوانين التعسفية التي تضعها الأنظمة السياسية بأنواعها المختلفة أو قوى الاستبداد في السلطة من أجل تعزيز هيمنتها على الدولة والمجتمع، أم في النماذج الهجينة التي تستخدم الدين وتسيء إليه في الوقت ذاته، مثل «القاعدة» و«النصرة» و«داعش» وغيرها من التنظيمات المتطرفة التي تسعى إلى نشر الفوضى وممارسات شريعة الغاب. ويتمثل الأمر الثالث، بالنضال الدائم لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في مختلف صيغها الواقعية.