المؤلف: مهنّد مبيضين

مراجعة: عامر سلمان أبو مُحارب

الناشر: بيروت: الدار العربية للعلوم – ناشرون

سنة النشر: 2009

عدد الصفحات: 263

 

عتبة أولى: تاريخ اللهو
ولهو التاريخ

يرتكنُ المؤرّخُ والأكاديميُّ الأردنيُّ مهنّد مبيضين، في كتابه ثقافة الترفيه، إلى مبدأٍ جديدٍ من مبادئ الكتابة التّاريخيّة، هو مبدأُ تدوين التّاريخ اليوميّ والهامشيّ، حيثُ يتأسَّسُ هذا المنزعُ على رُؤْيةٍ تأويليّةٍ تقرأُ «التّاريخ من أسفل»‏[1]، لا من علٍ، في محاولةٍ لاستنقاذ المهمل والمنسيّ من حيّز العاديّ واليوميّ، وإضفاء دلالاتٍ ثقافيّةٍ عليه تجعلُهُ في مرتبة الوثيقة القادرة على تمثيل روح العصر، وهموم الجماعة، لا يُسطّر تأريخًا للهزل أو الترويح، بقدر ما يُقدّم تاريخًا بديلًا للمدينة، يُفكّك سلطويّة الأرشيف، ويُنصت إلى ما لم يُدوَّن بالحبر، بل بالرقصة، والنغمة، والزينة العابرة، وما خُطّ على أرصفة المقاهي وفي ثنايا الحارات.

تنطلق هذه المقالة من فرضيّة أساسيّة مفادها أنّ الترفيه، في منظور مبيضين، ليس ترفًا عارضًا، بل هو نظامٌ ثقافيٌّ رمزيّ يكشف عن ديناميّات ثقافيّة تؤطّر المجتمع الدمشقيّ في العصر العثمانيّ، وعن تماهي السلطة بالجسد، وتداخُل الدين باللعب، والتحام اليوميّ بالاحتفاليّ؛ فكلّ فصلٍ من فصول الكتاب الستّة لا يُقدَّم بوصفه بابًا وصفيًّا فحسب، بل بوصفه مرآةً رمزيّة تعكس وجوه المدينة التي أغفلها السجلّ الرسميّ، وتُظهرُ ما طُمِسَ تحت سطوة الفتوى وهيمنة النصّ السلطويّ.

من هذا المنظور، تسعى هذه المقالة إلى تحليل البنية التأويليّة لفصول الكتاب، بالاستناد إلى مفاهيم الأنثروبولوجيا الثقافيّة، والقراءة الأرشيفيّة، والاشتغال الإثنوغرافيّ، بوصفها أدوات معرفيّة تتيح إعادة تأويل السلوك الترفيهيّ، لا كعلامة فراغ، بل كـخطاب مَدِيْنيّ، وكمتنٍ رمزيّ يُعيد إنتاج الذاكرة، ويُدوِّنُ الحياة من هوامشها لا من مؤسّساتها.

لقراءة الورقة كاملة يمكنكم اقتناء العدد 559 (ورقي او الكتروني) عبر هذا الرابط:

مجلة المستقبل العربي العدد 559 أيلول/سبتمبر 2025

المصادر:

نُشرت هذه المراجعة في مجلة المستقبل العربي العدد 559 في أيلول/سبتمبر 2025.

عامر سلمان أبو مُحارب: باحث وناقد أردنيّ، دكتوراه في الأدب العربيّ ونقده، الزّرقاء – الأردن.

[1] يُقصدُ بـ «التاريخ من أسفل» (History from Below) ذلك المنظور التأريخيّ الذي يُعيد الاعتبار للفاعلين الصغار في المجتمع، ولا سيّما المهمّشين، بوصفهم حَمَلةً للمعنى، وصُنّاعًا لتجارب بديلة تتجاوز السرديات الرسميّة للنُخَب. وقد تبلور هذا التوجّه مع مدرسة «المؤرخين الجدد» البريطانيين، وفي طليعتهم إدوارد تومبسون، الذي دعا إلى تأريخ الطبقات العاملة من خلال أصواتهم، مؤكدًا على مركزية «الخبرة المعيشة» و«الوعي الطبقيّ» في تشكيل الأحداث، وهو ما يلتقي مع الطروحات الثقافيّة التي ترى في اليوميّ والهامشيّ والأرشيف الصامت موارد تأويلية بديلة لصوغ التّاريخ. انظر: Peter Burke, What is Cultural History?, 2nd ed. (Cambridge, Uk: Polity Press, 2008), and E. P. Thompson, The Making of the English Working Class (London: Penguin Books, 1968).

 


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز