ظهرت ميكانيكا الكمّ في القرن العشرين وأحدثت ثورة عميقة في المفاهيم العلمية، ومن أبرز سماتها تأكيدها إمكان تَعايُش عِدّة واقعيات في لحظة زمنية واحدة[1]، وهذا المفهوم يحمل تداعيات فلسفية تتجاوز العلم الصرف، يمكن استحضارها لفهم تعقيد إنتاج الواقع في البيئات السياسية والإعلامية المعاصرة، وبخاصة في أوقات النزاع. وبالمثل، في عالم الإعلام الرقمي المعاصر، يمكن تكوين واقعيات متعددة، وأحيانًا متناقضة، بالاعتماد على روايات صادرة من مصادر موثوقة رسميًا. وفي ظل هذا التعدد السردي، تصبح مهمة الدبلوماسية أكثر تعقيدًا، إذ تتعامل مع أطراف يعتنق كلٌّ منها تصورًا خاصًا للواقع. ومع تطور أدوات النشر الرقمي وقدرات تزييف المحتوى، يتزايد صدى التعريف الذي يرى في الدبلوماسية لمحاولة التوصل إلى تعريف مشترك للواقع، يتفق الأطراف على التصرف بناءً عليه. تنعكس هذه الأزمة بوضوح في الجهود الدولية التي تسعى إلى وقف الحرب في غزة، حيث يمثّل غياب “واقع متفق عليه” بين الأطراف عائقًا رئيسيًا أمام الوصول إلى حلول سياسية أو تفاوضية.[2] ولفهم هذه الإشكالية المعاصرة بعمق أكبر، من المفيد التوقف عند أحد الأسس الفلسفية التي قدمتها ميكانيكا الكمّ لفهم طبيعة الواقع وتعدده.

جادل فيرنر هايزنبرغ في سياق مبدأ عدم اليقين أن تتبّع الجسيمات الكمّية بدقة تامة أمر غير ممكن، وذلك بسبب خضوعها لتقلبات جوهرية لا يمكن التنبؤ بها. ومن أبرز التعقيدات التي تقدمها ميكانيكا الكمّ أن الجسيمات، مثل الإلكترونات، لا تمتلك في الوقت نفسه قيمًأ محددة بدقة لكل من الموضع والزخم. وبدلًا من ذلك، توفّر النظرية إطارًا احتماليًا يُمكّننا من قياس أحد المتغيّرين (كالموضع مثلًا)، ثم تقديم مجموعة من التنبؤات حول قيمة الآخر (كالزخم)، وبالتالي حول الاتجاه الذي قد يسلكه الجسيم لاحقًا. ويمكن النظر إلى هذه التنبؤات كمجموعة من “الواقعيات المعقولة” التي تتعايش مؤقتًا في آنٍ واحد. فالإلكترون يمكن، من منظور كمّي، أن يتحرك عبر الغرفة، أو يبقى في مكانه، أو يتخذ مسارًا آخر، وكل احتمال منها يمثل واقعًا محتملًا مستقلًا تنبني عليه سلوكيات متمايزة. بهذه الطريقة، تفتح ميكانيكا الكمّ المجال أمام وجود تعدد في الواقعيات المتزامنة، لا بوصفها خيالًا، بل كمُخرجات إحصائية لنموذج علمي دقيق[3]. لكن هل يمكن تطبيق هذا التصور الكمّ ي للواقع في ميدان العلاقات الدولية؟

غير أن ما يبدو مدهشًا هو أن هذا المفهوم العلمي يجد صدى في فهم الواقع الجيوسياسي والإعلامي، حيث لا يعود هناك واقع واحد تتفق عليه الأطراف، بل مجموعة من الحقائق المتزامنة التي تُبنى عليها قرارات واستراتيجيات مختلفة. ففي العالم الواقعي يُفترض أن الوقائع تتمتع بتعريف مشترك ومُتّفق عليه: دونالد ترامب هو رئيس سابق للولايات المتحدة، المقاومة في غزة تخوض حربًا مع إسرائيل، والهند وباكستان تتنازعان حول إقليم كشمير. هذه أحداث مادية واضحة، لكن إدراكها وسردها لا يكون موحدًا بالضرورة، بل كثيرًا ما يختلف باختلاف الدول والمجتمعات. في الواقع، كثيرًا ما وُجدت تعريفات متعددة ومتعايشة للواقع. فمثلًا، يرى الاتحاد السوفياتي أن نهاية الحرب العالمية الثانية تجسدت عندما رفع جندي سوفياتي العلم الأحمر فوق الرايخستاغ في برلين، بينما تحتفي بريطانيا بلحظة استسلام القيادة العسكرية النازية غير المشروط كنهاية رمزية للحرب[4].

يُظهر هذا التباين أن الدول يمكن أن “تسكن” واقعيات سردية مختلفة في آنٍ واحد، من دون أن يكون هناك خلاف مادي حول الحدث نفسه. غير أن هذه الحالة من التعايش السردي لا تصلح كأساس للدبلوماسية. فلكي تكون العملية الدبلوماسية ممكنة، لا بد من توافر حدٍّ أدنى من “التعريف المشترك للواقع” يمكن للأطراف أن تتفاوض انطلاقًا منه[5]. في حالة الحرب في غزة، يبرز هذا التحدي بوضوح: فاختلاف الأطراف حول عدد الضحايا المدنيين، أو حول مدى السيطرة الإسرائيلية على الأرض، لا يعكس فقط خلافًا سياسيًا، بل يشير إلى واقعيات متضاربة تمنع بناء إجماع معرفي يمكّن من بدء تفاوض فاعل لوقف إطلاق النار.

تؤكد الأدبيات الحديثة في الدبلوماسية العامة الرقمية كما يطرحها إيلان مانور، أن التحول في وظائف التواصل الاجتماعي – من ساحات للحوار إلى منصات لانتاج واقعيات موجهة – قد ساهم في تقويض “أرضية التفاهم المشترك” التي تمثل جوهر العملية الدبلوماسية التقليدية. إذ أصبحت وسائل التواصل منصات لإنتاج سرديات متناقضة ومسيسة تهدف إلى تعبئة الرأي العام داخليًا وخارجيًا عبر تأطير استراتيجي للواقع وفق ما يخدم أهداف الدولة أو الفاعل السياسي. يُفضي هذا التحول إلى ما يسميه مانو بـ”تفتيت الواقع”، حيث ينتمي كل فرد إلى واقع رقمي خاص به، مدعوم بخوارزميات وعوالم سردية مغلقة[6].

تنطبق هذه الظاهرة بشكل صارخ على الحرب في غزة، إذ تسعى إسرائيل إلى خلق واقع متناقض حول ما يحدث على الأرض، وهذا ما يدمر الأرضية المشتركة التي يمكن البناء عليها سياسيًا. وبناءً على مانور، فإن هذه الممارسة تعطل الدبلوماسية نفسها، لأنها لا تتم في فراغ بل في منطقة وسطى تسمح للأطراف بتقليص الفجوة بين إدراكاتهم المختلفة للواقع والتوصل إلى صيغة عمل مشتركة. وفي ظل تعدد الواقعيات الرقمية وانعدام الثقة في المصادر، تبدو هذه “المنطقة الوسطى” في غزة أقرب إلى الفراغ التام، وهو ما يفسّر فشل كل جهود الوساطة حتى الآن في التوصل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار أو معالجة جذرية للأزمة. يقدّم هذا المقال قراءة علمية حرفية لميكانيكا الكمّ، بل يوظّف مفاهيمها كمجازات تحليلية لفهم تعقيد السرديات المتضاربة في النزاعات السياسية المعاصرة، وعلى رأسها الحرب في غزة.

أولًا: تعدد الواقعيات من ميكانيكا الكمّ إلى السياسة

تستمد المقالة تشبيهًا من عالم الفيزياء الحديثة، لفهم هذه الاشكالية المعقدة في توصيف الواقع. إذ ينص مفهوم التراكب الكمّ ي على أن الجسيم قد يوجد في حالتين أو أكثر بشكل متزامن قبل أن تقوم عملية القياس بتحديد الحالة الفعلية للجسيم[7]. إحدى أشهر هذه التجارب الفكرية لتوضيح هذا المفهوم هي “قطة شرودنجر”، إذ يفترض شرودنجر أن القطة حية وميتة في الوقت نفسه إلى أن يقوم الراصد بفتح الصندوق ومراقبتها فتنهار دالة الاحتمال إلى واقع واحد. أثارت ميكانيكا الكمّ نقاشات فلسفية عميقة حول طبيعة الواقع، هل هناك موضوعية واحدة أم أن واقعنا يتكون فقط عند الملاحظة؟

حذر سلافوي جيجك من إساءة استخدام استعارات الكمّ في الثقافات الشعبية والسياسية[8]. وعلى الرغم من ذلك، فإن استعارة تعدد الواقعيات تظل مفيدة في حالتنا لتوضيح ما يجري في الساحة السياسية. فتمامًا مثل ما يمكن لجسيم دون ذري أن يكون في أكثر من حالة محتملة قبل الرصد، يمكن لحدث سياسي أو عسكري معقّد أن يفسر بروايات متعددة متوازية قبل التحقق المستقل أو الوصول إلى أدلة دامغة. في عالم ما بعد الحقيقة الذي نعيشه، كثيرًا ما تتحول الوقائع إلى مادة هلامية يعاد تكوينها وفق منظار الأيديولوجيا والدعاية، وعليه تتعايش الروايات المختلفة كما لو كانت حقائق في كون موازٍ. كل طرف يتمسك بروايته التي تتناقض جذريًا مع الطرف الآخر، من دون توافر آلية مقبولة لدى الجميع لقياس الحقيقة وإسقاط الرواية الخاطئة.

النتيجة أشبه بحالة “قطة شرودنغر” سياسية، إذ ان الواقع في غزة حيّ وميت في آن معًا، إبادة جماعية بحق المدنيين من منظور، وعملية استئصال للارهاب من منظور آخر، إلى أن يتفق المجتمع الدولي على فتح الصندوق ومراقبة الحقيقة بشكل موضوعي. من زاوية الإيبيستيمولوجيا، يمكن القول إن كلتا الروايتين، الفلسطينية والإسرائيلية، ليستا مجرد أكاذيب أو حقائق مطلقة، بل هما بناء اجتماعي لواقع معين يخدم منظور الجماعة التي تتبناه. فما يجعل الوضع أخطر في مثل هذه النزاعات الدموية هو الاستغلال المتعمد لهذه القابلية لخلق واقع بديل. فليس الأمر مجرد اختلاف تلقائي في الإدراك، بل هناك حرب معلومات ممنهجة تدور رحاها بالتوازي مع الحرب العسكرية. تستخدم فيها الأدوات التقنية والإعلامية الحديثة لتشكيل الواقع الذي يريده كل طرف لجمهوره والعالم.

ثانيًا: الواقعان المتنازعان في غزة

1- الواقع الرسمي الإسرائيلي

تعتمد الرواية الإسرائيلية إطارًا للواقع ينكر أو يُهمش وقوع ضحايا مدنيين في غزة بنيران الجيش الإسرائيلي كما توثقه مصادر القطاع الصحية. تُحذر السلطات الإسرائيلية مرارًا من الثقة بأي معلومات صادرة عن حركة حماس أو المؤسسات التابعة لها. وذلك بسبب نظرة إسرائيل إلى وزارة الصحة في غزة على أنها مؤسسة “حمساوية” وتصفها بأنها جزء من الدعاية الخاصة بحركة حماس، والتي تصنفها إسرائيل ودول غربية أخرى كمنظمة ارهابية. بناء عليه تشكك الجهات الرسمية الإسرائيلية في مصداقية إحصاءات الضحايا الصادرة عن هذه الوزارة معتبرةً أنها ارقام “مبالغ فيها” أو “مُسيَّسة” تهدف إلى إدانة إسرائيل دوليًا. مثال على ذلك، عقب انفجار مستشفى المعمداني الأهلي في غزة في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو الحادث الذي أعلن فيه بدايةً عن مئات الضحايا، اتهمت إسرائيل وزارة الصحة في غزة بالتلاعب بالأرقام عند إعلانها سقوط نحو 500 قتيل، قبل أن تُخفض الوزارة العدد لاحقًا إلى 471. وقدّرت أجهزة الاستخبارات الامريكية أن عدد القتلى تراوح بين 100 و300 فقط في ذلك الحدث. بناءً عليه، استمر الإسرائيليون في الإصرار على أن رواية حماس مبالغ فيها وغير موثوقة[9].

على الرغم من ذلك، فان التشكيك الإسرائيلي لا يقتصر على حادثة واحدة بل هو توجه عام. عندما ارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين الإجمالية في غزة إلى عشرات الآلاف مع تواصل القصف، أصبحت الأرقام التي تصدرها وزارة الصحة في غزة بحد ذاتها ساحة معركة إعلامية. نفت إسرائيل صحة هذه الأرقام بحجة أنها صادرة عن جهة تخدم أجندة حماس. حتى الرئيس جو بايدن أعرب صراحة عن انعدام ثقته في الأعداد المعلنة من الجانب الفلسطيني[10]. وبدأت تروج تحليلات ومنافذ إعلامية موالية لإسرائيل مزاعم بأنه حصيلة قتلى غزة مفتعلة عمدًا وتهدف إلى تشويه صورة إسرائيل عالميًا. على سبيل المثال، نشر معهد أبحاث بريطاني دراسة حديثة تحت عنوان ” تقارير الضحايا الصادرة عن حماس شبكة من المشكلات الفنية المعقدة”، حظيت بتغطية إعلامية في منافذ مؤيدة لإسرائيل، تدّعي أن بيانات وزارة الصحة مضللة وأن قبول المجتمع الدولي لها مثّل نصرًا استراتيجيًّا لحماس في حرب المعلومات[11]. تستند مثل هذه الادعاءات إلى تفنيد منهجي مزعوم لإحصاءات الوزارة، وخلصت إلى أن حماس تُضخّم أعداد الضحايا عمدًا للإيحاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية.

ففي السياق الإسرائيلي لا يقتصر تعدد الواقعيات على تباين الروايات الدولية، بل يتجذر أيضًا داخل المنظومة الإعلامية الإسرائيلية نفسها، إذ تخضع التغطية الصحافية لرقابة عسكرية صارمة، وتمارس المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية نوعًا من الرقابة الذاتية المسبقة. وفقًا لما بيَّنه ياسر منّاع في دراسته، تُدار الصحافة الإسرائيلية ضمن معادلة معقدة تجمع بين متطلبات الأمن القومي، والاصطفاف الأيديولوجي، وهذا يؤدي إلى إنتاج واقع إعلامي محكوم بخطاب رسمي يعيد إنتاج صورة الحرب، ويعيد تكوين وعي الجمهور[12].

ضمن هذا الواقع الإسرائيلي الرسمي، تُصرّح القيادة السياسية والعسكرية أنها تستهدف مقاتلي حماس فقط وتبذل أقصى ما يمكن لتجنيب المدنيين ويلات الحرب. تختلف أرقام الضحايا التي تقدّمها إسرائيل جذريًا عن الرواية الفلسطينية؛ فالمتحدثون العسكريون يتحدثون عن آلاف من “الإرهابيين” تم القضاء عليهم مقابل عدد محدود جدًا، أو معدوم، من غير المقاتلين. على سبيل المثال، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في خطاب له خلال أيار/مايو 2024 أن الجيش الإسرائيلي قتل نحو 14 ألف “مقاتل”، مقابل ما قدّر أنه نحو 16 ألف مدني ربما قُتلوا خلال الحرب[13]. على الرغم من أن هذا التصريح يعني ضمنيًا سقوط ضحايا مدنيين بالآلاف، إلا أنه أظهرها على أنه استثناء نادر، إذ عادة ما تكون البيانات الإسرائيلية العامة أن كل من قتلوا هم من الإرهابيين أو من غير الأبرياء بحجة أن حماس تستخدم سكان غزة كدروع بشرية. وفي سياق اقتحامهم مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات القطاع، في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أعلنت إسرائيل أنها قتلت 90 شخصًا في محيط المستشفى خلال العملية العسكرية. وزعمت الرواية الإسرائيلية أن جميع الضحايا هم عناصر إرهابية تحصنوا بالمستشفى، وأن الجيش الإسرائيلي حرص على “منع إلحاق الضرر بالمدنيين والمرضى والفرق الطبية والمعدات الطبية”[14].

وكآلية أخرى تلجأ إليها إسرائيل في روايتها لتقويض معطيات غزة هي ربط المصادر الميدانية بحماس بشكل مباشر. فوزارة الصحة توصف رسميًا بأنها تابعة لحماس، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإعلاميين المحليين والمسعفين، وهو ما يجعل أي معلومات يصدرونها موضع ارتياب تلقائي. ترافق هذا التشكيك المنهجي مع منع الإعلام الدولي المستقل لدخول غزة من جانب إسرائيل منذ اندلاع الحرب، وهذا ما حوّل تغطية الحرب إلى مهمة مقتصرة على الصحافيين الفلسطينيين المحليين المحاصرين داخل القطاع. وهذا المنع المستمر منذ بداية الحرب، حرم الرأي العام العالمي من شهود محايدين يمكنهم تأكيد أو نفي الروايات المتضاربة[15]. يمثل هذا المنع جزءًا من استراتيجية أوسع للسيطرة على المعلومات، لجعل العالم أسيرًا للرواية الإسرائيلية أو على الأقل في حالة شك تجاه الرواية المقابلة، نظرًا إلى تغييب التحقق المستقل.

هناك سيطرة شبه مطلقة على تدفق المعلومات في الجانب الإسرائيلي، إذ تقطع إسرائيل الإنترنت والاتصالات والكهرباء عن غزة، وتمنع الصحافة الأجنبية من الدخول وتغطية الأحداث. كما تقوم إسرائيل بالضغط على شركات التواصل الاجتماعي لإزالة المحتوى المناصر للفلسطينيين بدعوى “الإرهاب”، واستهداف البنية التحتية الرقمية ضمن استهداف أوسع للبنية المدنية. خلال الأشهر الأولى للحرب، فرضت إسرائيل تعتيمًا إلكترونيًا شبه كامل في بعض الأحيان من خلال قطع التيار الكهربائي وإحداث انقطاعات إنترنت طويلة، وهو ما أدى إلى تعذر وصول صور وفيديوهات المجازر اليومية إلى العالم الخارجي. وثقت هيومن رايتس ووتش قيام منصة فيسبوك\ميتا بحذف نحو 1050 محتوى داعمًا لفلسطين، من خلال ترجمة الخوارزميات كلمة “فلسطيني” إلى “إرهابي” على إنستغرام، وهذا ما يبرز التشوه في الواقع الرقمي[16].

بناءً على هذا السياق السردي، تعمل الرواية الإسرائيلية الرسمية على إنتاج واقع أحادي، يعمل على إقصاء كل قراءة بديلة للأحداث. كما يبين هشام نفاع، فإن الاعلام الإسرائيلي تعامل مع هجوم 7 أكتوبر بوصفه “زلزالًا وجوديًا”، وجرى تأطير الحدث بمصطلحات دينية وقومية تعبوية، رافقها تغييب كامل للرواية الفلسطينية واختزلها في لغة “الإرهاب”. يسهم هذا النمط من الخطاب في تشكيل وعي جمعي مغلق، يجرّم الأسئلة ويمنع التشكيك، ويجعل من الرواية الأمنية والعسكرية مرجعية وحيدة للحقيقة. ومن خلال هذا النمط، يتم فرض واقع جديد لا يحتمل التعدد، بل يدار بمنطق الصدمة والاستثناء[17].

2- الواقع الفلسطيني الميداني

على الجانب الآخر، تنقل شهادات السكان المحليين والتقارير الصادرة من منظمات دولية وهيئات أممية رواية مختلفة لما يجري في غزة. فبحسب هذه المصادر، تشير المعطيات الميدانية إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية ألحقت دمارًا واسع النطاق في المناطق المدنية، ما أدّى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين. وتثير بعض التقارير تساؤلات حول اتساع نطاق الأهداف المعلنة، لتشمل ما يمكن وصفه سياسة تهجير ممنهجة أو إعادة تكوين ديمغرافي للمنطقة، تتجاوز الأهداف العسكرية المعلنة والمتمثلة باستعادة الرهائن أو القضاء على حماس.

تشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى وقوع ما يزيد على 42 ألف حالة وفاة حتى تشرين الأول/أكتوبر 2024، وهو الرقم الذي ارتفع إلى نحو 52 ألفًا بحلول أيار/مايو 2025، بحسب الإحصاءات الرسمية التي نشرتها الوزارة خلال مراحل مختلفة من الحملة العسكرية. وتفيد هذه البيانات بأن الأغلبية العظمى من الضحايا هم من المدنيين العزّل، بمن فيهم عشرات الألوف من النساء والأطفال. وقد قامت الوزارة، في محاولة لتعزيز مصداقية إحصاءاتها، بنشر قوائم مفصّلة تتضمن أسماء الضحايا وأعمارهم. على سبيل المثال، شملت قائمة نُشرت في أيلول/سبتمبر 2024 بيانات 34,344 اسمًا حتى 31 آب/أغسطس، أظهرت أن ما يزيد عن 60 بالمئة من القتلى هم من النساء والأطفال وكبار السن. وتأتي هذه المعطيات في ظل جدل واسع حول مدى موثوقية مصادر المعلومات داخل غزة، إلا أن منظمات دولية وصحافيين مستقلين أشاروا إلى عدم وجود بدائل موثوقة، بل إن بعض التحليلات الاستخباراتية الإسرائيلية أفادت بأن أرقام وزارة الصحة “عادةً ما تكون دقيقة”[18]. حظيت هذه الخطوة الشفافة بإشادة خبراء دوليين في توثيق النزاعات الذين اوصفوا ما تقوم به وزارة الصحة جهدًا منهجيًا موثوقًا لتسجيل الخسائر البشرية.

تؤكد تقارير الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية تصاعد الكارثة الإنسانية في غزة، حيث واظب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) على نشر إحصاءات محدثة اعتمادًا على مصادر طبية محلية. ورغم الجدل الذي أثير في أيار/مايو 2024 بشأن تغير نسب الضحايا من النساء والأطفال بعد تعديل طريقة عرض البيانات، أوضحت الأمم المتحدة أن المسألة تتعلق بإعادة تصنيف فنية، دون المساس بالمضمون الأساسي للكارثة. كما وثّقت منظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان استهدافًا مباشرًا للمرافق الطبية، أبرزها مستشفى الشفاء الذي وصفه تقرير أممي في نيسان/أبريل 2024 بأنه “هيكل فارغ” بعد حصار دام أسابيع، وظهرت في محيطه قبور سطحية وجثث لم يُسمح بدفنها بسبب القتال. وأفاد القائم بأعمال مدير المستشفى بوفاة مرضى نتيجة انقطاع الرعاية ونقلهم القسري تحت التهديد، في ظروف افتقرت إلى الطعام والدواء والماء[19].

تثير الرواية الفلسطينية، مدعومة بتحليلات خبراء مستقلين وبعض التصريحات الإسرائيلية الرسمية، تساؤلات جوهرية بشأن نوايا إسرائيل في الحرب على غزة. فبعيدًا من الهدف المعلن المتمثل بالقضاء على حماس، تشير معطيات متزايدة إلى وجود أهداف إسرائيلية من خلال سياستها إلى تقليص عدد السكان الفلسطينيين في القطاع، من خلال وسائل متعددة مثل، تشجيع النزوح الجماعي أو الدفع إليه بالقوة. ونُشرت تصريحات، عن بعض المسؤولين الإسرائيليين، صريحة بهذا المعنى، في حين كشفت تقارير صحافية في أيار/مايو 2025 أن المجلس الوزاري المصغر صادق على خطة تقضي بإعادة احتلال غزة لمدة غير محددة وتنفيذ عمليات هدم واسعة النطاق[20].

شملت الخطة المقترحة، وفق المصادر نفسها، جمع من تبقى من السكان في منطقة إنسانية محدودة جنوب القطاع، ومن جهة أخرى، دفع بقية السكان إلى مغادرة طوعية عبر الحدود. هذا السيناريو، الذي يطرح خيارًا بين التكدّس في منطقة مغلقة أو الخروج من الوطن، أثار إدانات من منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش، بوصفه انتهاكًا جسيمًا قد يرقى إلى التطهير العرقي. كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق، إذ حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان من خطط نقل السكان القسري، وأكدت المقررة الخاصة فرانشيسكا ألبانيز أن ما يجري يمثّل محاولة لإعادة تكوين التركيبة السكانية لغزة[21].

في خضم هذا الصراع على السرديات، تبرز مفارقة لافتة. على الرغم من الجهود الإسرائيلية الإعلامية لتشكيك المجتمع الدولي في أرقام وزارة الصحة في قطاع غزة، برزت تقارير استقصائية تُفيد بأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية نفسها تسخدم هذه الأرقام لتقدير الخسائر المدنية وتعدّها موثوقة إجمالًا. وفق تقرير نشر على موقع Vice، فإن الجيش الإسرائيلي لا يجري إحصاءات مستقلة بعد تنفيذ ضرباته، بل يعتمد على وزارة الصحة الغزية لكونها الأكثر شمولًا. هذا التباين بين الخطاب الرسمي والممارسة الميدانية، يعكس أزمة معرفية حقيقية. إذ لا يتعلق الأمر بتفسير مختلف للوقائع، بل بوجود واقعين متوازيين يتعامل معهما كل طرف من منطلق معلوماتي مستقل يكاد يكون منفصلًا عن الآخر[22].

قد يبدو للوهلة الأولى أن عالم فيزياء الكمّ وعالم السياسة عالمان متباعدان، لكن كلاهما يكشف ظاهرة تعدد الواقعيات. فميكانيكا  الكمّ تشير إلى أن نظامًا واحدًا قد يوجد في حالات متعددة متزامنة حتى يتم الرصد الذي يحدد نتيجة محددة، وبالمثل في السياسة الحديثة، ولا سيما في سياق الحروب، تتعايش سرديات معرفية متعددة حول الحدث نفسه من دون وجود جهة محايدة تحسم الحقيقة. وتتجلى هذه الدينامية بوضوح في الحرب على غزة، حيث نسج كل طرف واقعه السردي الخاص مدعومًا بمعلومات منتقاة وأحيانًا مضللة. فالأحداث المفصلية، مثل قصف المستشفيات أو أعداد الضحايا، تُروى بقصتين متناقضتين لا تلتقيان. فما تعدّه جهة “مجزرة متعمدة” تصفه الأخرى بأنه “حادث عرضي” أو “دعاية مضللة” . إن غياب أي واقع مشترك متفق عليه يشل المسارات الدبلوماسية: فكيف يمكن التفاوض على وقفٍ لإطلاق النار والأطراف لا تتفق حتى على الحقائق الأساسية للصراع؟ إن الدبلوماسية بطبيعتها مشروطة بالوصول إلى تعريف مشترك للواقع؛ فعندما يتمسك كل طرف بـ«حقيقة» تناقض الآخر، تغدو المفاوضات بالغة التعقيد أو مستحيلة تمامًا. لقد افترضت الدبلوماسية تقليديًا وجود فضاء معرفي مشترك تُبنى عليه الحلول، لكن عصر ما بعد الحقيقة أدى إلى انهيار هذه الفرضية، إذ أصبحت «حقيقة» كل طرف ذاتية ومحصّنة ضد التفنيد. في ضوء ذلك، لا يمكن لمساعٍ دبلوماسية جادّة أن تُكلَّل بالنجاح إلا بالاعتراف بهذه الهوّة السردية ومحاولة ردمها؛ وذلك عبر إرساء آليات تحقق مستقلة للمعلومات وبناء حدٍّ أدنى من الواقع المشترك، وهو ما يغدو شرطًا مسبقًا لأي وقفٍ مستدام لإطلاق النار.

كتب ذات صلة:

غزة: بحث في استشهادها

يمكنكم الاطلاع على مراجعة الكتاب عبر الرابط:

غزة: بحث في استشهادها

:المصادر 

معتصم حنني: باحث في الدراسات الدولية.

مصادر أجنبية

  • Accorsi, Alessandro, “How Israel Mastered Information Warfare in Gaza,” Foreign Policy, March 11, 2024, https://foreignpolicy.com/2024/03/11/israel-gaza-hamas-netanyahu-warfare-misinformation/.
  • Al Jazeera. “Israeli Military Says 90 People Killed in Gaza’s al-Shifa Hospital Raid.” Al Jazeera, March 20, 2024. https://www.aljazeera.com/news/2024/3/20/israeli-military-says-90-people-killed-in-gazas-al-shifa-hospital-raid.
  • Barak Ravid, “Israel Plans to Destroy Gaza and Kill Hamas Leadership after Hostages Released,” Axios, May 5, 2025, https://www.axios.com/2025/05/05/israel-gaza-destroy-trump-deal.
  • Binney, James, and David Skinner, “The Physics of Quantum Mechanics” (Oxford: Cappella Archive, 2008).
  • Griffiths, David J., “Introduction to Quantum Mechanics”. (Cambridge: Cambridge University Press, 2018).
  • Human Rights Watch, “Gaza: Latest Israeli Plan Inches Closer to Extermination,” Human Rights Watch, May 15, 2025, https://www.hrw.org/news/2025/05/15/gaza-latest-israeli-plan-inches-closer-extermination.
  • Lonsdorf, Kat, “Local Journalists in Gaza Report on the War as Foreign Journalists Still Lack Access,” NPR, April 3, 2025, https://www.npr.org/2025/04/03/nx-s1-5347395/local-journalists-in-gaza-report-on-the-war-as-foreign-journalists-still-lack-access.
  • Maad, Assma, “Why the Gaza Health Ministry’s Death Count Is Considered Reliable,” Le Monde, October 13, 2024, https://www.lemonde.fr/en/les-decodeurs/article/2024/10/13/why-the-gaza-health-ministry-s-death-count-is-considered-reliable_6729264_8.html.
  • Manor, Ilan, “Whose Reality Is It Anyway? The Decline and Fall of the Common Ground in Public Diplomacy,” Place Branding and Public Diplomacy 20, suppl. 1 (2024): S48–S51, https://doi.org/10.1057/s41254-024-00381-2.
  • Manor, Ilan, and Giles Strachan, “Quantum Mechanics, AI and the Future of Diplomacy,” Global Policy Journal, May 28, 2025, https://www.globalpolicyjournal.com/blog/28/05/2025/quantum-mechanics-ai-and-future-diplomacy.
  • Mitchell Prothero, “Israeli Intelligence Has Deemed Hamas-Run Health Ministry’s Death Toll Figures Generally Accurate,” VICE, January 25, 2024, https://www.vice.com/en/article/israeli-intelligence-health-ministry-death-toll/.
  • Prothero, Mitchell, “Israeli Intelligence Has Deemed Hamas-Run Health Ministry’s Death Toll Figures Generally Accurate,” VICE, January 25, 2024, https://www.vice.com/en/article/israeli-intelligence-health-ministry-death-toll/.
  • Spyer, Jonathan, and Sam Judah, “Hamas Casualty Reports: A Tool of War” (London: The Henry Jackson Society, 2024), https://henryjacksonsociety.org/wp-content/uploads/2025/05/HJS-Hamass-Human-Shield-Strategy-in-Gaza-Report-WEB.pdf.
  • World Health Organization, “Six Months of War Leave Al-Shifa Hospital in Ruins: WHO Mission Reports,” WHO, April 6, 2024, https://www.who.int/news/item/06-04-2024-six-months-of-war-leave-al-shifa-hospital-in-ruins–who-mission-reports.
  • Žižek, Slavoj, and Omari Edwards, “Žižek: Quantum Physics Shows Reality Is Incomplete,” IAI News, September 6, 2024, https://iai.tv/articles/zizek-quantum-physics-shows-reality-is-incomplete-auid-2940.

مصادر عربية

مناع، ياسر، “الخطاب والرقابة: كيف تُشكّل الصحافة الإسرائيلية سردية الحرب على غزة”، مجلة قضايا إسرائيلية، العدد 96 (2025): 97–110.

نفاع، هشام، “الخطاب والرواية الإسرائيليان لأحداث 7 أكتوبر”، قضايا إسرائيلية، العدد 93 (2024): 73–85.

[1] James Binney and David Skinner, “The Physics of Quantum Mechanics” (Oxford: Cappella Archive, 2008), p6.

[2] Ilan Manor, “Whose Reality Is It Anyway? The Decline and Fall of the Common Ground in Public Diplomacy,” Place Branding and Public Diplomacy 20, suppl. 1 (2024): S48–S51, https://doi.org/10.1057/s41254-024-00381-2.

[3] Binney and David Skinner. “The physics of quantum mechanics”, p28.

[4] Ilan Manor and Giles Strachan, “Quantum Mechanics, AI and the Future of Diplomacy,” Global Policy Journal, May 28, 2025, https://www.globalpolicyjournal.com/blog/28/05/2025/quantum-mechanics-ai-and-future-diplomacy.

[5] المرجع السابق

[6] Manor, “Whose Reality Is It Anyway? The Decline and Fall of the Common Ground in Public Diplomacy”.

[7] David J. Griffiths, “Introduction to Quantum Mechanics”. (Cambridge: Cambridge University Press, 2018), 216.

[8] Slavoj Žižek and Omari Edwards, “Žižek: Quantum Physics Shows Reality Is Incomplete,” IAI News, September 6, 2024, https://iai.tv/articles/zizek-quantum-physics-shows-reality-is-incomplete-auid-2940.

[9] Assma Maad, “Why the Gaza Health Ministry’s Death Count Is Considered Reliable,” Le Monde, October 13, 2024, https://www.lemonde.fr/en/les-decodeurs/article/2024/10/13/why-the-gaza-health-ministry-s-death-count-is-considered-reliable_6729264_8.html.

[10] Mitchell Prothero, “Israeli Intelligence Has Deemed Hamas-Run Health Ministry’s Death Toll Figures Generally Accurate,” VICE, January 25, 2024, https://www.vice.com/en/article/israeli-intelligence-health-ministry-death-toll/.

[11] Jonathan Spyer and Sam Judah, Hamas Casualty Reports: A Tool of War (London: The Henry Jackson Society, 2024), https://henryjacksonsociety.org/wp-content/uploads/2025/05/HJS-Hamass-Human-Shield-Strategy-in-Gaza-Report-WEB.pdf.

[12] ياسر مناع، “الخطاب والرقابة: كيف تُشكّل الصحافة الإسرائيلية سردية الحرب على غزة”، مجلة قضايا إسرائيلية، العدد 96 (2025): 97–110.

[13] Maad, “Why the Gaza Health Ministry’s Death Count Is Considered Reliable”.

[14] Al Jazeera. “Israeli Military Says 90 People Killed in Gaza’s al-Shifa Hospital Raid.” Al Jazeera, March 20, 2024. https://www.aljazeera.com/news/2024/3/20/israeli-military-says-90-people-killed-in-gazas-al-shifa-hospital-raid.

[15] Kat Lonsdorf, “Local Journalists in Gaza Report on the War as Foreign Journalists Still Lack Access,” NPR, April 3, 2025, https://www.npr.org/2025/04/03/nx-s1-5347395/local-journalists-in-gaza-report-on-the-war-as-foreign-journalists-still-lack-access.

[16] Alessandro Accorsi, “How Israel Mastered Information Warfare in Gaza,” Foreign Policy, March 11, 2024, https://foreignpolicy.com/2024/03/11/israel-gaza-hamas-netanyahu-warfare-misinformation/.

[17] هشام نفاع، “الخطاب والرواية الإسرائيليان لأحداث 7 أكتوبر”، قضايا إسرائيلية، العدد 93 (2024): 73–75.

[18] Maad, “Why the Gaza Health Ministry’s Death Count Is Considered Reliable”.

[19] World Health Organization, “Six Months of War Leave Al-Shifa Hospital in Ruins: WHO Mission Reports,” WHO, April 6, 2024, https://www.who.int/news/item/06-04-2024-six-months-of-war-leave-al-shifa-hospital-in-ruins–who-mission-reports.

[20] Barak Ravid, “Israel Plans to Destroy Gaza and Kill Hamas Leadership after Hostages Released,” Axios, May 5, 2025, https://www.axios.com/2025/05/05/israel-gaza-destroy-trump-deal.

[21] Human Rights Watch, “Gaza: Latest Israeli Plan Inches Closer to Extermination,” Human Rights Watch, May 15, 2025, https://www.hrw.org/news/2025/05/15/gaza-latest-israeli-plan-inches-closer-extermination.

[22] Prothero, “Israeli Intelligence Has Deemed Hamas-Run Health Ministry’s Death Toll Figures Generally Accurate”.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز