عقد المؤتمر القومي العربي دورته الثانية والثلاثين، في بيروت العروبة، عاصمة المقاومة والحرية والتحرير، يومَي الأحد والاثنين 30 – 31 تموز/يوليو 2023، بمشاركة 250 من أعضائه والضيوف والإعلاميين، وقد بدأ أعماله باتخاذ اسم جنين اسمًا للدورة، ثم ناقش التقرير السياسي الذي أضاء على المشهد الدولي والإقليمي والعربي، ورصد متغيراته بدقة وموضوعية، كما ناقش القضيتين الخاصتين بهذه الدورة، الأولى هي قضية «نحو جبهة عربية عالمية من أجل حق الشعوب بالاستقلال والنهوض والتنمية»، والثانية هي «التطورات في السودان»، كما ناقش حال الأمة من خلال عناصر المشروع النهضوي العربي الستة، إضافة إلى المبادرات والنشاطات التي قام بها في الفترة ما بين دورتي الانعقاد في معرض مواجهته للتحديات والمستجدات، واتخاذه المواقف التي تنسجم مع حرصه على المصلحة العربية العليا.

خلص المؤتمر إلى تأكيد قراءاته للمستجدات العربية والإقليمية والدولية وقضايا الأمة، ولا سيّما قضيته المركزية، القضية الفلسطينية، من خلال أوراق العمل التي قُدمت والمناقشات التي أعقبتها بكل جدية واهتمام خاصة في المسائل التالية:

أولًا: فلسطين والمقاومة

أكد المؤتمر أن الويلات التي تحل بالأمة ترتبط بشكل رئيس بالعدوان عليها، وهذا العدوان الذي يتمثل بوجود الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين الذي يقتطع أرضًا عربية ويشتت شعبها، وبالتالي فلا خلاص ولا سلام للأمة إلا بمواجهة هذا العدوان لوقفه واقتلاعه، وقد أكدت المقاومة في كل تشكيلاتها أنها قادرة على تلبية احتياجات الأمة الدفاعية بدءًا من الانجاز الكبير في العام 2000 في جنوب لبنان ثم 2005 في غزة ثم 2006 في جنوب لبنان وتتوالى الانتصارات التي سجلت وجوهها الأخيرة في جنين ومخيمها ونابلس ومحيطها مع إرهاصات تمدد هذه المقاومة إلى كامل الضفة لتتعانق بفعالية مع المقاومة في غزة وجنوب لبنان والجولان حيث باتت المقاومة في كل الموازين والمعايير الدولية مكونًا إقليميًا أساسيًا ورقمًا صعبًا في المعادلة، وموضع ثقة وطمأنينة لما تحققه في المستقبل.

وعلى ذلك فإن المؤتمر يتمسك بالمقاومة بوصفها الخيار الاستراتيجي لاستنقاذ الحقوق والدفاع عن الأمة، ويدعو إلى دعمها بشتى الطرق واحتضانها بشتى الأساليب لأنها هي الأمل الباقي الذي يستعيد ما اغتصب ويدافع عمّا في اليد.

ولأن المقاومة هذا شأنها، فإنها تتعرض من أركان المشروع الاستعماري وأبواقه للهجوم والتشنيع والمحاصرة لأنهم يعلمون أن نهاية مشروعهم في المنطقة ستحدده المقاومة وتدفنه المقاومة في قوتها ويتجذر في الإقليم في حال ضعفت، لكن المقاومة التي باتت تملك القدرات والطاقات التي تمكنها من الانتقال من استراتيجية دفاعية محدودة إلى استراتيجية اقتحامية هجومية شاملة فرضت نفسها على المسرح، وأرعبت العدو وأشّرت إلى المستقبل الواعد لاستعادة الحقوق العربية في فلسطين ولبنان وسورية وأي مكان ينتهك فيه حق عربي سعيًا لإقامة الأمة القوية القادرة المستقلة.

واستنكر المؤتمر تمسك بعض الدول العربية باتفاقيات التطبيع مع العدو الصهيوني، وسقوط دول أخرى في مصيدة اتفاقيات أبراهام وفتح الباب أمام العدو لاجتياح مواطن القوى في الوطن العربي من خلال المناورات العسكرية المشتركة، ووضع اليد على المرافق الاقتصادية والثروات الطبيعية، واستغلال تلك الثروات لانتهاك الحق العربي ولتعزيز قدرات العدو. وهنا ينوّه المؤتمر بمواقف أبناء الأمة العربية ضد التطبيع، خاصة في الأقطار التي جرى فيها، وتوجه المؤتمرون لروح الشهيد محمد صلاح بالتحية والاعتزاز، الذي أكد باستشهاده البطولي أنه إذا كان اختيار بعض الأنظمة العربية التطبيع مع العدو الصهيوني، فإن اختيار الشعب العربي هو رفض كافة أشكال التطبيع مع العدو.

يشيد المؤتمر بنضالات فلسطينيي أبناء أراضي 1948، ودورهم البطولي في مناهضة الاحتلال الصهيوني ومقاومته، وخاصة في انتفاضتهم لأجل القدس ورفض مصادرة الصهاينة لبيوت وأراضي الضفة، ومساندتهم لمعركة سيف القدس وما بعدها، وبهذا رفع الشعب الفلسطيني السقف مطالبًا بكل فلسطين.

يشيد المؤتمر بدور الجزائر في مناهضة مشروع التغلغل الصهيوني في القارة الأفريقية، ويحيي جهودها الداعمة لفلسطين وتوحيد كلمة أهلها خدمة للمقاومة، كما يثمّن دور الجزائر في لمّ الشمل الفلسطيني، ويثمّن دور مصر في رعاية مصالحة فلسطينية، يعتقد المؤتمر أن الشعب الفلسطيني بحاجة ماسّة إلى انعقادها تحت برنامج المقاومة والتحرير الكامل، من البحر إلى النهر، والتخلص من كل الاتفاقيات والتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني.

يدعم المؤتمر لبنان في مطالبته بإنهاء العدو الصهيوني لاحتلاله لاراضيه، خاصة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبالاخص القسم اللبناني من قرية الغجر الذي  يستمر العدو  باحتلاله  منذ العام 2006 رغم يقينه بأنه أرض لبنانية دون نزاع  وعليه إخلاؤها بمقتضى الحق والقرارات الدولية.

يؤكد المؤتمر دعمه للجزائر في مواجهة المخاطر الصهيونية في القارة الأفريقية، وبشكل خاص ما يهدد أمنها القومي وأمن الدول العربية في القارة الأفريقية.

يستنكر المؤتمر الجرائم الصهيونية المرتكبة بحق الأسرى والاعتقال التعسفي، ويحيي بطولات الأسرى في سجونهم ويدعو إلى تضافر الجهود لتحريرهم.

يندد المؤتمر بالتنسيق الأمني، ويستنكر اعتقال السلطة للمقاومين ويطالبها بالإفراج عنهم ووقف التنسيق الأمني.

يدعم المؤتمر جهود بعض القانونيين الذين أقاموا دعاوى أمام المحاكمة الدولية ضد القادة الصهاينة الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأقطار العربية لمنع إفلاتهم من العقاب.

يدعو المؤتمر إلى تبنّي مبادرة المقاومة الخضراء، حملة المليون شجرة التي أطلقتها «العربية لحماية الطبيعة» تحت شعار «يقلعون شجرة نزرع عشرًا».

ثانيًا: السودان

توقف المؤتمر عند طبيعة الحرب الكارثية التي نشبت في السودان وعليه بعناوين متعددة للهيمنة الخارجية عليه، ولطمس هويته واجتثاثها ومسح ذاكرته الوطنية وإحداث التغيير الديمغرافي وإعادة تشكيل مجتمعه بشكل يغاير طبيعته وهويته وتاريخه، مترافقًا مع تهجير وتوطين وإحلال وتدمير للبنى التحتية حتى يتحول السودان من دولة واعدة إلى منصة للاستعمار تنهب ثرواتها وينطلق منها لبسط النفوذ في أفريقيا والوطن العربي.

إن المؤتمر الذي هاله ما يعاني السودان من مآسي خلفتها الحرب على أرضه وفيها، يحذر من أن تتشكل مأساة عربية جديدة تحاكي مأساة فلسطين جراء مخاطر الاستعمار والاستيطان والتهجير واغتصاب الثروات.

يدعو المؤتمر إلى وقف التدخل الخارجي والمسارعة العربية للمساهمة في إنقاذ السودان وإنهاء الحرب فيه ثم دعم شعبه للمحافظة على كيان الدولة، التي تمتلك المناعة في مواجهة التدخل والتبعية والعدوان الخارجي مع التنويه إلى أهمية دعم المؤسسات الوطنية وفي مقدمتها مؤسسة الجيش للحفاظ على الدولة.

يؤكد المؤتمر دعمه للشعب السوداني في مواجهة آلة الحرب التي فرضها الخارج عليه، ويؤكد تضامنه الكامل مع السودان وهو يواجه حملات التصفية والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي حدثت في غرب دارفور، ويجدد دعمه للسودانيين الذين طردوا من بيوتهم ومدنهم وقراهم، ويحذر بشدة من خطورة ذلك، كونه يذكر بما حدث في فلسطين قبل عام 1948، حيث هجرت عصابات أرغون والهاجانة السكان الأصليين واستبدلتهم بمهجرين جيء بهم من بلدان أخرى.

ثالثًا: سورية

يؤكد المؤتمر مواقفه الثابتة تجاه استقلال سورية وأمنها واستقرارها ووحدة إنسانها وترابها، ويجدد رفضه القاطع للاحتلال الأمريكي والتركي والصهيوني لأجزاء من أراضيه، ويدعو إلى أوسع مساندة شعبية عربية لسورية في جهودها المبذولة لاستعادة تلك الأراضي، كما يؤكد رفضه القاطع لمشروع تهويد الجولان المحتل.

يجدد المؤتمر رفضه للحصار والعقوبات الغربية المفروضة على سورية، ورفضه لما سمي «قانون قيصر».

والمؤتمرون إذ يثمنون جهود المؤتمر العربي العام المبذولة في إطار «الحملة الشعبية العربية والدولية لكسر الحصار على سورية»، فإنه يدعو إلى تعزيز هذه الحملة ومثيلاتها بمزيد من العمل. ويدعو الحكومات العربية، ورجال الأعمال العرب لتحمُّل مسؤولياتهم الكاملة في دعم سورية والتصدي لكافة المؤامرات التي تحاك ضدها والعمل على تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات، وخاصة المجالات الاقتصادية، كما يدعو إلى تشجيع العمل الشعبي الذي يعزز إمكاناتها في مواجهة الحصار والعقوبات عبر إعمارها وتشجيع تقوية العلاقات في كافة المجالات التجارية والسياحية والثقافية والرياضية، على المستويين الرسمي والشعبي، وصولًا إلى عودة هذه العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

يؤكد المؤتمرون الأهمية القصوى للوحدة الوطنية في سورية، والتي يُعتبر الحوار بين مختلف المكونات، بما فيها المعارضة الوطنية السلمية التي لم تمارس العنف ولم تحرّض عليه، طريقًا لتحقيق وتمتين هذه الوحدة الوطنية.

رابعًا: الجبهة العربية العالمية من أجل حق الشعوب بالاستقلال والنهوض والتنمية

في ظل إعادة تشكل النظام العالمي على أساس تعددي تبدو الحاجة ملحة إلى عقد التفاهمات والتحالفات والاتفاقات بين الشعب العربي والشعوب في آسيا وأفريقيا وجنوب أمريكا ومع كل أحرار العالم، من أجل تحشيد الطاقات وتعزيز القدرات ورص الصفوف لمواجهة المشروعات الاستعمارية العدوانية ومقاومتها.

في هذا الإطار يرى المؤتمر أن المصلحة العربية العليا تقتضي إطلاق جبهة عربية عالمية لمناهضة الهيمنة الإمبريالية والعنصرية الصهيونية، والاستفادة من التأييد الذي تبديه تلك القوى للقضية العربية واستعدادها للتعاون في شتى الوجوه الاقتصادية وعلى صعيد النهوض والتنمية الاجتماعية والاقتصادية فضلًا عن التبادل الحضاري والثقافي.

ورأى المؤتمر أن اجتماع الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي في دمشق، دعمًا لسورية في مواجهة الحصار في مواجهة الحصار والاحتلال والعدوان، هو تعبير عن مواقف المؤتمر الداعمة لوحدة أقطارنا العربية وسيادتها واستقرارها ودورها القومي.

خامسًا: الصراع الدولي والعلاقات الإقليمية

في ظل انقسام عالمي، وإعادة تشكل القوى الدولية، يبدو الصراع على المنطقة بشكل عام، وعلى الوطن العربي والأمة العربية بشكل خاص قائمًا، يقوده محور منظم بقيادة أمريكية يمارس سياسة هجومية من خلال الحلف الأطلسي، تتعدد فيها أشكال الهجوم والعناوين، بما في ذلك الحرب الإعلامية والنفسية والحرب الميدانية البديلة والإرهاب الدولي والحرب الاقتصادية والعقوبات، كما يستهدف هذا الهجوم الأمة في مبادئها وقيمها وهويتها وثقافتها بشكل متنوع، وما حرق نسخ من القران الكريم وغيرها من الكتب المقدسة أو الترويج للمثلية أو تفشي الإرهاب والتفتيت والنزاعات إلا وجوهًا من هذه الحرب، وقد توقف المؤتمر عند المقاومة والممانعة التي تبديها الأمة، ونشر ثقافة التمسك بالهوية والدفاع عن القيم والمبادئ، مقاومةً باتت تمثل الخيار المضمون الأساسي للدفاع عن الأمة وقيمها وثرواتها ودورها الحضاري، منوهًا بما حققته عمليات الدفاع المتعددة من إنجازات على هذا الصعيد وهنا نميز بين نجاح الدفاع وكلفة الانتصار، فتصنف الأمة في واقعها القائم أمة متماسكة بشكل يؤهلها لتشكيل المجموعة الاستراتيجية التي تدخل مكونًا من مكونات العالم المتعدد الأقطاب وما يفرض على النخب في هذه الأمة المحافظة على هذه الإنجازات واختيار التحالفات التي تقوي موقعها، وينوه المؤتمر بالبيئة التصالحية التي تبدو على الصعيد القومي والإقليمي لتجاوز الخلافات وتشابك الأيدي، وينظر المؤتمر إلى اتفاق بكين بين السعودية وايران واستعادة سورية مقعدها في جامعة الدول العربية ومحاولات تصفية النزاعات الإقليمية الأخرى، خطوة على الطريق الصحيح يشجع عليها ويجب إنجاحها.

سادسًا: عناصر المشروع النهضوي العربي

ناقش المؤتمر المشروع النهضوي العربي المعتمد من قبله في دورات سابقة في عناوينه الستة الرئيسة الوحدة العربية والاستقلال الوطني والقومي والتنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والتجدد الحضاري وأكد أن الوحدة العربية هدف استراتيجي لا مناص من السير باتجاهه وأن الاستقلال الوطني والقومي أمر يبدأ بالتصدي بالعدوان على الأمة واقتلاع الغدة السرطانية التي تشل طاقاتها ووضع حد لكل احتلال يستهدف أرض الأمة بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك الاحتلال الصهيوني والاحتلال الأميركي والاحتلال التركي وسيطرة الإرهاب على مناطق بغية تشكيل الحالات الانفصالية، مؤكدًا على كرامة وحقوق الإنسان العربي في السياسة والأمن، معتبرًا أن الديمقراطية في تطبيقها الصحيح تشكل رافعة للأمة تمكنها من تجديد ذاتها بذاتها تجديدًا حضاريًا يُركن إليه.

وقد توقف المؤتمر في عرضه لحال الأمة في العناوين المتقدمة الذكر مسجلًا وهنًا في مسألة الوحدة، بالإضافة إلى تراجع على الصعد الرسمية، لكن شهدت تصاعدًا هامًا على المستوى الشعبي تمثّل بما شهدته الملاعب الرياضية، لا سيّما في الملاعب الرياضية في المغرب والمشرق، لا سيّما في مونديال قطر الذي نجح في إبراز الهوية العربية وكشف تعلّق الجماهير العربية بفلسطين ووحدة الأمة، ومحدودية في مسألة الديمقراطية وتراخٍ في مسألة التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية والتجدد الحضاري والاستقلال الوطني في ظل تكثيف التبعية للخارج ما يستدعي تحشيد الطاقات لمعالجة الثغرات المسجلة وردم الهوة داخل الأقطار العربية وبشكل خاص في مجال التنمية البشرية، وشرائح الشعب بما يعزز الثقة بالمستقبل.

سابعًا: الحرية
والكرامة الإنسانية

إن الحرية والكرامة الإنسانية هما حق كفلته الأديان السماوية والمواثيق والشرائع الدولية، وهي حقوق لا بد من امتلاكها وممارستها من أجل قيام الفرد الصالح والمجتمع القوي، فلا قوة مع مهانة واستعباد، ومن حق الإنسان العربي وهو إنسان متأصل في عنفوانه وكرامته أن يكون متمتعًا بحريته وفاخرًا بكرامته. عليه يرى المؤتمر أن من حق الشعوب على حكوماتها أن تبادر إلى تمكين أفرادها ومجتمعاتها من ممارسة تلك الحقوق لتفشي السلام والأمن الاجتماعي وتقيم الثقة بين الحاكم والمحكوم وتعزز الانتماء الوطني والقومي فمجتمع الأحرار الكرام هو مجتمع الأقوياء.

إن الحرية ومناهضة الاستبداد هي المدخل لمكافحة الفساد السياسي والاقتصادي، والحرية هي رافعة من روافع المجتمعات وضامن لوحدتها، وكافل لاستقرارها، وحامية للسلم الأهلي.

وعلى هذا الأساس يدعو المؤتمر إلى المسارعة الحكومات العربية إلى اطلاق الحريات والتوقف عن سياسة كم الأفواه والمبادرة إلى الإفراج عن المعتقلين وسجناء الرأي والمختفين والمختطفين، فحق الإنسان أن يعرف وحقه أن يعبّر عن رأيه فالرأي الحرّ دليل إرشاد إلى الحقيقة.

ثامنًا: المصالحة الوطنية

يدعو المؤتمر القومي العربي إلى مصالحة شاملة داخل الأقطار العربية، مصالحة لا تقوم على المغالبة والإقصاء والإلغاء، بل على مشاركة الجميع في صناعة حاضر ومستقبل بلداننا العربية على أسس الثوابت الوطنية والقومية.

ويدعو المؤتمر القومي العربي إلى تبني مبادرات من شأنها تعزيز اللحمة الوطنية والوحدة الوطنية على أسس وثوابت وطنية تستمر بين العرب وحركة العمالة العربية – العربية.

تاسعًا: الأمن المائي العربي

يجدد المؤتمر دعمه لسورية والعراق في حقهما المشروع في مياه نهر الفرات التي حجبتها السدود والسياسات التركية.

يجدد المؤتمر على موقف الثابت والداعم للسودان ومصر وحقهما الطبيعي في مياه النيل، كما يجدد رفضه للسياسات والمشروعات الإثيوبية في هذا الشأن.

عاشرًا: السياسات الاقتصادية والاجتماعية

يرى المؤتمر القومي العربي خطر السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمدها الدول العربية، والتي أحدثت خللًا كبيرًا في طبيعة الحياة على المستوى الاجتماعي، حيث ازدادت حدة الفقر، وضعفت الطبقة الوسطى، وازداد الفقراء فقرًا، كما ازداد الأغنياء غنًى على حساب الطبقات والشرائح الشعبية الضعيفة، وقد ألقى ذلك بظلاله على قدرة المجتمعات العربية في التماسك، كما أثرت على منظومة قيم تلك المجتمعات.

عليه يدعو المؤتمر الحكومات العربية إلى مراجعات شاملة لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية لتدارك خطرها على المجتمعات، ولانتهاج سياسات جديدة تقلل نسبة الفقر، وتخاطب حاجات المجتمع الرئيسة في التعليم والصحة والسكن، ولتخاطب حق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة، ولبناء مجتمع الكفاية والكرامة.

ينبّه المؤتمر إلى مخاطر المشروع النيولبرالي على المجتمعات العربية، وعلى هويتها وقيمها، ويدعو الحكومات والشعوب العربية إلى الانتباه لتلك المخاطر وبشكل خاص في أبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ويدعو المؤتمر إلى مناهضة هذا المشروع الذي يستهدف الإنسان العربي بشكل مباشر وخطير، لا سيّما عبر محاولات توطين المثلية الجنسية والاستلاب الثقافي.