مقدمة

تمثّل الهجرة القسرية نقطة تحوّل مصيرية في حياة الشعوب، إذ تعني الانتقال قسرًا من حالة الاستقرار إلى حالة عدم الاستقرار والمصير المجهول. تنطبق هذه الحالة على الفلسطينيين الذين اقتُلعوا في سنة 1948 من «يقينهم»، بمعنى استقرارهم في أرضهم، ليبدأوا رحلة من «عدم اليقين» في المجهول.

وإذا كانت البلدان المجاورة، لبنان وسورية والأردن قد مثّلت محطة اللجوء الأولى إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن وضع الفلسطينيين في لبنان كان الأقسى والأصعب؛ فعلى مدى السنوات التي تلت النكبة، لم يعرف الفلسطينيون في لبنان استقرارًا، ويعود ذلك إلى أسباب متعددة في مقدمتها التناقضات السياسية اللبنانية التي أدت إلى حرمان الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية. وباتت حياتهم محفوفة بالمخاطر، وأوضاعهم الاقتصادية سيئة جدًا مع بطالة ونسب فقر مرتفعة. وقد أعاقت هذه الأوضاع فرص الفلسطينيين لتحسين أوضاعهم في العيش الكريم، فازدادت لديهم مشاعر التهميش والإحباط‏[1].

تنطبق حالات الهجرة القسرية الطويلة الأمد على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهي حالة يجد فيها اللاجئون أنفسهم في معيشة ضنك تمتد سنوات، يعانون خلالها أوضاعًا محفوفة بالمخاطر مددًا طويلة من الزمن من حيث وضعهم القانوني ونيل حقوقهم والقدرة على إعادة بناء حياتهم. وتعرّف مفوضية الأمم المتحدة للاجئين حالة اللجوء الطويل الأمد بأنها الحالة التي يوجد فيها 25 ألف لاجئ أو أكثر من الجنسية نفسها في المنفى مدة خمس سنين متتالية أو أكثر في بلد من بلدان اللجوء‏[2].

ومن سمات اللجوء الطويل الأمد أنه يُدخل مجموعات اللاجئين في حالات من صعوبة العيش تجبرهم على البحث عن لجوء جديد. ولطالما مثلت حالة الفلسطينيين في لبنان بيئة طاردة بكل معنى الكلمة، قادتهم إلى هجرات قسرية، أبرزها في المرحلة التي تلت الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982، عندما نجح آلاف منهم في الوصول إلى ألمانيا والبلدان الاسكندنافية.

تركّز هذه الورقة على حالة شتات الفلسطينيين في بلدين من البلدان الاسكندنافية هما الدنمارك‏[3] والسويد‏[4] اللذان استقبلا أعدادًا كبيرة من فلسطينيي لبنان في ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته. تهدف هذه الورقة إلى دراسة واقع تكيّف التجمعات الفلسطينية واندماجها في هذين البلدين، من خلال طرح إشكالية تتمحور حول جدلية الهوية والانتماء في مقابل الاندماج في مجتمعات مختلفة ثقافيًا وبعيدة جغرافيًا من فلسطين ومن المنطقة العربية. وهذا بدوره يقودنا إلى مجموعة أسئلة تناولت: أسباب الشتات الجديد؛ أسباب منح السويد والدنمارك حق اللجوء للفلسطينيين؛ كيفية الاندماج في مجتمعات مختلفة؛ الحفاظ على الهوية والانتماء؛ تأثير الشتات الجديد في هوية الأجيال الجديدة وانتمائها.

تعتمد هذه الورقة منهج دراسة الحالة الذي يسعى إلى دراسة نموذج معين كحالة دراسية في إطار موضوع أكثر شمولًا، فيكون شتات الفلسطينيين في الدنمارك والسويد نموذجًا لحالات الشتات والهجرة القسرية. تستند الورقة إلى مقابلات مع مجموعة من الفلسطينيين في الدولتين.

لقراءة الورقة كاملة يمكنكم اقتناء العدد 560 (ورقي او الكتروني) عبر هذا الرابط:

مجلة المستقبل العربي العدد 560 تشرين الأول/ أكتوبر 2025

المصادر:

نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 560 في تشرين الأول/أكتوبر 2025.

سناء حمودي: أكاديمية فلسطينية، وأستاذة مساعدة في
قسم العلوم السياسية، جامعة بيروت العربية.

[1] International Centre for Migration Policy Development (ICMPD), Trend Assessment, «Migration of Palestinian Refugees from Lebanon: Current Trends and Implications,» October 2019, <https://www.icmpd.org/file/download/55626/file/LB_Trend_Assessment_final_2.pdf> (accessed on 20 August 2023).

[2] ألبرت كرالر وبنيامين إتزلد ونونو فريرة، «فهم محركات النزوح طويل الأمد،» نشرة الهجرة القسرية، العدد 68 (تشرين الثاني/نوفمبر 2021)، <https://www.fmreview.org/kraler-etzold-ferreira>. (تاريخ الزيارة 15 آب/أغسطس 2023).

[3] تقع مملكة الدنمارك في شمال أوروبا بين بحر الشمال وبحر البلطيق، دولة اسكندنافية، وعضو في الاتحاد الأوروبي. عاصمتها كوبنهاغن، وتُعَدّ من أفضل الدول بالنسبة إلى مستوى المعيشة.

[4] تقع مملكة السويد في أقصى شمال أوروبا، دولة اسكندنافية، وعضو في الاتحاد الأوروبي، عاصمتها ستوكهولم، وتتمتع بأفضل مستويات المعيشة على مستوى العالم.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز