مقدمة

يحتل الذكاء الاصطناعي في الحقبة الراهنة مكانة مهمة في سلّم التطور التكنولوجي ويتصدر أهم المنجزات العلمية في عصر الانتقال الرقمي كما بات يسيطر على مختلف مجالات الحياة وهو أصبح ركنًا أساسيًّا لا غنى عنه في ميادين الاجتماع والاقتصاد والطب والتعليم والهندسة والخدمات وغيرها، الأمر الذي جعل كل المشاغل العلمية والإنسانية تابعة له بالضرورة، لا تستطيع التحرك والتطور خارج فلكه، نظرًا إلى ما يقدمه من آليات تقنية فائقة السرعة والدقة. ومع تواصل عمليات التطوير الذاتي لمنتجات الذكاء الاصطناعي عبر تطوير أنواع الروبوتات والذاكرات العملاقة، ومزيد من تحسين جودة الخدمات الرقمية في المدن الذكية، ومضاعفة سرعة تدفق الإنترنت، وتنمية قدرات الألياف البصرية والاتصال من بُعد، احتل الذكاء الاصطناعي مكانة أوسع داخل الفضاء الحضاري الجديد كما عوّض الإنسان في كثير من الميادين.

أمام هذه المخاطر المحدقة بالإنسان في زمن السيطرة الرقمية والاستعباد الذكي للإنسان، حريٌّ بنا أن نتساءل عما بقي للإنسان في زمن ما بعد الوجود البشري؟ وما أهمية القيم والأديان والتشريعات في ظل وجود آلي ذكي تطغى عليه فقط القيم المادية والحديدية الباردة من ناحية الإحساس والمُحرقة من ناحية المنجز التكنولوجي؟ وهل يمكن الإنسان أن يستعيد مكانته وأولويته في الفضاء العام وفي الكون؟ أم أنه سيعلن وفاته وخضوعه نهائيًّا للآلة ونهاية العالم معه؟ وهل يمكن الدين والفن والأخلاق أن تكون محاور الفرصة الأخيرة لإنقاذ الكائن البشري من براثن الآلة الذكية التي يسّرت حياة الإنسان ومكنته من مساحات شاسعة من الرفاه، وفي المقابل سحبت منه بساط الوجود وأمل البقاء، وبخاصة إذا أسيء استخدامها وخرجت عن السيطرة وتمكنت من أخذ القرار بصفة فردية؟

أولًا: سيطرة منتجات الذكاء الاصطناعي

1 – سرعة التشبيك والانتقال الرقمي في المدينة الذكية

أ – تعزيز قدرات تدفق الإنترنت في المدينة الذكية

«ظل مفهوم الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة يمثّل هاجسًا مستمرًا لدى مخططي المدن لما له من انعكاسات جوهريّة على واقع تخطيط المدينة ومستقبلها»‏[1]، وأصبح هذا التوجه مصدر قلق لدى مختلف دول العالم المتقدم، بل حتى الدول التي تعاني اتساع الفجوة الرقمية، بسبب نقص إمكانياتها في هذا المجال، راهنت على تدارك ما فاتها في الميدان الرقمي، ما دام مصيرها وتطورها مرتبطين بقدراتها الرقمية. في المدينة الذكيّة يقع دمج تكنولوجيا المعلومات بالبنى التحتيّة القديمة بتدفق عال للأنظمة الإلكترونيّة الحديثة بما يجعل الخدمات الاتصالية متاحة لجميع المتساكنين، وهو ما ييسر التخطيط الحضري والعمراني بما يسمح لجعل المدينة مرنة من النواحي الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئية. وتتطور المدن الذكية تدريجًا لتصبح «بلدانًا ذكيّة»، تمارس فيها الحياة من خلال برمجيات سيبرانية وشبكات عالية السرعة.

«إن التخطيط المحكم للمدن والقرى والمتسق مع اتجاهات تطور هذا المجال في العالم سيساهم بصورة مباشرةٍ في تحسين البيئة الحضرية بشكلٍ عام، والبيئة السكنية بشكلٍ خاص»‏[2]. لذلك ستختفي تدريجًا المدن التقليدية، أي ما قبل الذكية، وسيجد الإنسان نفسه في المستقبل محاطًا بالذكاء الاصطناعي من كل جانب، بل إن مساحة حريته الشخصية ومعطياته الخاصة ستزداد تقلصًا ومحاصرة، وهو ما يشي بأزمة وجودية حقيقية بسبب هذا التزاحم والمنافسة غير المتكافئة بين هذين النوعين من الذكاء.

ب – تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجالات البحث العلمي والتصنيع

إن الذكاء الاصطناعي هو مدار علوم الكمبيوتر المهتم بحل المشاكل المعرفية المتصلة بالذكاء البشري، كالتعليم والإبداع وكشف الصور من طريق تجميع كمياتٍ كبيرةٍ من البيانات من مصادر مختلفة، كأجهزة الاستشعار الذكية ومنتوجات صناعة المحتوى الرقمي وأدوات المراقبة وسجلات النظام. ويتمثل الهدف من الذكاء الاصطناعي بتكوين أنظمة ذاتية التعلم تستخلص المعاني من البيانات ثم تطبق تلك المعرفة لحل المشكلات الطارئة بطريقة تحاكي العمل الإنساني أو تفوقه في الدقة والجودة وسرعة الإنجاز. يمكن تقنية الذكاء الاصطناعي استخدام تعلّم الآلة وشبكات التعليم العميق في حل المشكلات المعقدة بذكاء يشبه ذكاء العنصر البشري. ويمكنه معالجة المعلومات على نطاق واسع، من طريق مواجهة الأنماط وتحديد المعلومات وتقديم الإجابات‏[3].

لعل هذا الغزو المستمر للذكاء الاصطناعي لمختلف مجالات الحياة التي أصبحت في مجملها محاطة بالمنتجات الرقمية من كل جانب سيسحب البساط من تحت القدرات الإنسانية للاستجابة لحاجات الإنسان المتطورة مع هذا النوع الجديد من المنجزات الرقمية، وهو ما ينبئ بتعويض الإنسان تدريجًا بالآلة الذكية في مختلف الميادين.

2 – تعويض الإنسان بالآلات الذكية في عدة وظائف

أ – الروبوتات البديلة للإنسان في المدن الذكية

إن الإفراط في رقمنة المدن والوظائف الحيوية في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب، سيؤدي حتمًا إلى ضرورة التعايش مع الروبوتات في مختلف مجالات الحياة، لأن منتجات الرقمنة والذكاء المصنع سترافقنا في البيوت ووسائل النقل والمدارس والأسواق والمستشفيات وأينما حللنا، بل إنها ستلازمنا إلى درجة تتشابه فيها بمستلزمات العيش الضرورية كالماء والغذاء والأكسيجين.

اقتحمت الروبوتات اليوم جميع المجالات الخاصة والعامة، وهو ما كشفته دراسة لجامعة أكسفورد بينت أن الروبوتات ستعوض الإنسان بعد أقل من عشرين سنة. كما أكد المنتدى الاقتصادي العالمي أن العالم سيخسر أكثر من خمس وسبعين مليون وظيفة تقليدية لمصلحة الروبوتات بعد عشرين سنة.

ب – اقتحام الروبوتات للوظائف الآدمية

تعيش المدينة الذكية اليوم تعويضًا سريعًا للإنسان بالروبوتات في مستوى المهن والوظائف؛ ففي المجال الخاص أصبحنا نتعايش مع روبوتات المنازل التي تساعد على طهي الطعام وترتيب البيت واللعب مع الأطفال، والعناية بالحديقة، بل إن الروبوت قد يقود السيارة ويعالج المرضى ويرافق المسنين في دور العجزة ويرفِّه عنهم؛ فالمقيمين في دار المتقاعدين «تسوكوي» (Tsukui)، في مدينة كاوازاكي باليابان، مثلًا، يمارسون قليلًا من الرياضة بصحبة مدرّبهم الآلي بايبر (Paper). وفي اليابان أيضًا مثلًا، تمكن المصنعون من إتمام عقد زواج ياباني يقود مراسمه «روبوت آي – فيري» (I-Fairy Robot). أما في المجال العام فقد شغلت الروبوتات وظائف الطبخ في مطاعم الصين، كما تكاثرت في رياض الأطفال، ونشطت في مجال خدمة العملاء والبنوك والتسويق، وعوضت عمال البناء. ويمثل الروبوت الذكي «hrp-5p» نموذجًا من مستقبل الجيل القادم من البنائين. وفي هذا السياق كشفت تقارير صينية حول شركة فوكسكون (Foxconn) المُصنّعة لهواتف (Iphone) أنها خفضت القوى العاملة من 110 آلاف إلى 50 ألف عامل فقط، بسبب استبدالهم بالروبوتات لأنها أكثر دقة وكفاءة وأقل تكلفة. أما في الميدان الصحي فيعَدّ الطبيب الروبوت ثورة في علوم الطب، من خلال قدرته على إجراء العمليات الجراحية ومعالجة المرضى، والتخدير والصيدلة‏[4]. وهكذا تدخلت الروبوتات وسيطرت على جميع الميادين الحياتية.

3 – تمدد مساحة الحضور الرقمي في المجالين الخاص والعام

أ – حتمية الانتقال الإلكتروني إلى المدينة الحديثة

سيؤول التطور الرقمي المتسارع اليوم حتمًا إلى تعميم انتشار المدن الذكية التي يمكن تعريفها من خلال تحقيق أربعة أهداف كبرى هي على التوالي: التوسع الحضري، والاحتواء الرقمي، ونظام الإدارة العامة، ووسائل النقل. يقول لويس زاشاريلا (Louis Zacharella)، مؤسس منتدى المجتمع الذكي: «احتفظ بهويتك لكن واكب تطور الأدوات والتقنيات الحديثة»‏[5]. يجب إذًا أن تتمتع المدينة الذكية بضمان القدرة على الاتصال من طريق الإنترنت لا على أساس تكنولوجي فقط، بل بوصفها وسيلة للاشتمال الاجتماعي، حتى لا تكون سبيلًا لعزل المدينة عن محيطها. فاستخدام المعرفة هو أداة محورية للتنمية الاقتصادية.

إن استعمال التقنيات الحديثة بمفردها لا يؤهل المدينة لأن تكون «أكثر ذكاء». ويرى كارلو راتي (Carlo Ratti)، مدير «مختبرات مدينة الاستشعار» في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن تصميم «المدينة الذكية» يجب أن يستجيب لحاجات المواطن. كما أوضح راتي أن التحدي الأكبر هو كيفية إدخال تحسينات على المدينة الحديثة ما قبل الرقمية، على نحوٍ تراكمي حتى تبلغ درجة الذكاء الاصطناعي والآلي المطلوب الذي يحترم خصوصيات الذات الإنسانية‏[6].

تلازم بروز مفهوم المدينة الذكية (Smart City) في القرن الحادي والعشرين مع منتجات تكنولوجية متطورة يوحي بولادة عصر جديد محكوم بوسائل تقنية ورقمية، وبأدوات إلكترونية ذات أداءٍ عال، وقد رافق كل ذلك تعاظم في شبكة الاتصالات (ICT)، التي أسهمت في زيادة مفهوم الرفاهية والنمو الاقتصادي العالمي. إن التطور الرقمي الحاد الذي شهدته المنظومة الاتصالية المعاصرة قد أثر بقدرٍ كبير في طريقة انتقال الإنسان عبر منظومتَي الزمان والمكان، وذلك بعد الواقع الجديد الذي صنعه المجال الافتراضي القائم على منظومة معلوماتية شديدة السرعة والتحكم‏[7]. ورغم إلغاء العالم الافتراضي سلطتي المكان والزمان التقليديتين فإن الصلة الوثيقة بين المكان والتأثير الاجتماعي يجعل هذا المعطى أساسيًّا في تكوين المدينة على الصعيد الواقعي، وأي محاولة لمحوه وإلغائه قد يخلق آثارًا سلبية في تكوين المدينة وتطورها وتخطيطها. لهذا السبب تحركت الجمعيات المناصرة للبيئة والمحيط لأجل مزيد من الدفاع عن البيئة المستدامة والواقع الأرضي المشترك، فأصبحت منتجات «اللاند سكيب» (Landscape) الطبيعية تحتل مكانة مركزية‏[8]. أما منظمة المعايير الدولية (ISO) فقد عرّفت المدينة الذكية على أنها نمط حضري جديد ينبني أساسًا على تكنولوجيا المعلومات المتكونة من: «الإنترنت، الحواسيب، البيانات الرقمية، الفضاء الافتراضي، نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، منهجًا للتخطيط والبناء والإدارة الحضرية فيها»‏[9].

من أوكد المهمات الموكولة للمدينة الذكية والإدارات الحضرية، تحقيق الرفاه والخدمات المتطورة للمواطنين في ظل اقتصاد قائم على المعرفة ومتحرك ضمن الآليات الرقمية والسيبرانية‏[10].

تعدّ سرعة تدفق المعلومات وإتاحتها للجميع من أهم أذرع المدينة الذكية، فضلًا عن أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تمتين نجاعة مؤسساتها وهياكلها، من أجل ضمان سرعة التحول الرقمي في مختلف مجالات الحياة، وهو ما أتاح إيجاد فرص جديدة «لاندماج مؤسسات المدينة الحضرية وأنظمتها عبر وسائل الاتصالات المرئية وأصبحت للمدينة شخصية أخرى غير شخصيتها الفيزيائية على الأرض، وتمتاز بنوعية بيانات عالية الدقة والمصداقية»‏[11].

ب – مرتكزات المدينة الذكية

تتنافس المدن الرقمية اليوم على إنشاء أصول للمدينة الأكثر ذكاءً واندماجًا من خلال قدرتها على توظيف الوسائط السريعة لنقل المعلومات، عبر الآليات الافتراضية المتنوعة والمرتبطة بشبكة من المعلومات والتدفقات الرقمية المختلفة وعلى رأسها الإنترنت. ومن ناحية التعامل مع الزمان توفر المدينة الذكية إمكانيات خارقة من ناحية السرعة في نقل المعلومة عبر الخط الزماني مثلمًا توفر خدمات رقمية مسترسلة سنكرونيّا من دون انقطاع وعلى مدار الساعة والسنة. فذكاء المدن يقوم على مدى تعاملها مع وسائل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في المجالات الحضرية، وهنا يمكن رسم ملامح للمدينة الذكية، أبرزها: لها حسابات ومواقع إلكترونية متعددة، تحقق تواصلًا إلكترونيًا مستمرًا بين المستهلكين، جميع بياناتها رقمية ضمن حزم معلوماتية مختلفة، تمتلك قاعدة بيانات (حضرية، وسكانية، وتخطيطية… إلخ) متطورة ومحدثة، تمتلك إدارة رقمية تشرف على عملية التحول الرقمي فيها‏[12].

ثانيًا: خطورة الانفلات الرقمي

1 -قدرة المنتج الرقمي الفائق الذكاء
على التفوق على الذكاء البشري

أ – توظيف منتجات الذكاء الاصطناعي في المدينة الذكية

الانتقال نحو إنشاء المدن الذكية وتقويتها حتى تصير أكثر ذكاء عبر إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، لتحل محل المدينة التقليدية، أمر حتمته حاجات الإنسان الجديدة في عصر الرقمنة والتحول المعلوماتي.

ولتحقيق شروط تكوين المدينة الذكية وإقامة مدن أكثر ذكاءً دعا علماء الذكاء الاصطناعي إلى توفير المعطيات الآتية:

حكومة ذكية، وبنية تحتية ذكية: «ويعرف هذا النوع من الخدمات بـ «الخدمات التّليماتيّة»»‏[13]؛ تنقل ذكي؛ مستخدم ذكي؛ برمجيات المدينة الذكية، من أهمها: تقنية الاستشعار من بعد (Remote Sensing)؛ نظام تحديد المواقع العالمية (Global Positioning System)؛ نظم المعلومات الجغرافية (Geographic Information System)‏[14]؛ تقنيات المراقبة والتحكم في المدينة من بعد.

يحقق أنموذج المدينة الذكية المتعددة المزايا الحضرية إحداث تواصل واندماج حضاري سريع مع بقية المجتمعات الإنسانية وبسرعة فائقة عبر المنصات الرقمية المختلفة. كما يضمن ذكاء المدن مشاركة سكانها في صنع القرار التخطيطي لها. «وبذلك تخلق المدينة الذكية حالة متقدّمة من الوعي المجتمعي الذي يقوم على إشاعة الثقافة المعلوماتية بين سكانها من خلال طرق تعاملهم مع تقنياتها المتاحة وطرق الوصول إليها بما يضمن تحقيق درجة كبيرة من التواصل والاندماج الحضاري مع العالم»‏[15]. لقد خلقت المدينة الذكية نتيجة التطور التكنولوجي – الرقمي الذي يعيشه عالمنا اليوم بفضل الثورة المعلوماتية التي نتجت من تطور ثورة المعرفة الرقمية‏[16].

ب – تهديد الروبوتات والآلات الذكية للوجود البشري

يذهب الكثير من الخبراء في «سيليكون فالي» إلى أن التكنولوجيا الرقمية المتطورة لن تكون في المستقبل مجرد أداة مساعدة للإنسان فقط بل ستكون بديلًا حياتيًا ملحًّا ومدعومًا بالذكاء الاصطناعي. فعندما أُطلق «تشات جي بي تي» (Chat GPT) سنة 2022، كان ذلك إعلانًا لانبثاق الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي ستنطلق من خلاله التطورات العميقة والفائقة للمنتج الرقمي الذكي الذي سيسود العالم‏[17].

إحدى المخاوف الكبيرة هي أن يؤدي الذكاء الاصطناعي، إلى جانب انهيار الرقابة في شركات وسائل التواصل الاجتماعي، استخدامه لإغراق المنطقة بما وصفه أورين إيتزيوني (Oren Etzioni) بأنه «تسونامي من المعلومات المضللة» وذلك بخاصة في الحملات الانتخابية أو المناكفات السياسية والعسكرية وفي المنافسات الاقتصادية.

2 -تزايد ثقة الإنسان المعاصر بالقدرات الروبوتية والمنتجات الذكية

أ -المخاطر الاجتماعية الناجمة عن رقمنة العلاقات الإنسانية

لقد افتك منا الجوار الرقمي اليوم إنسانيتنا إلى حد بعيد تحت عناوين مختلفة، لعل أهمها: تطوير الإمكانيات الذاتية، وتوفير الرفاه، وبلوغ منتهى درجات الدقة والتقدم، وتحسين القدرات التقنية الضرورية لبناء القرية التقنية وإنجاح ثورة المعلومات والاتصال، وفي مقابل ذلك أوقع الإنسان نفسه في خانة المنافسة غير المتكافئة مع الآلة الذكية، فتحول الجوار الفيزيائي التقليدي والحقيقي إلى جوار افتراضي وهمي ومزيف. تقول بشرى زكاع: «إن تفاعلات النظم المجتمعية سواء ما تعلق منها بالنظام السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي وتزايد أشكال التضامن والتبادل خارج المجتمعات المحلية النمطية، وخارج قيود الزمان والمكان يؤكد أن المجتمع… لم يعد يتحرك بفعل السرعة الخطية وإنما التشكل الجديد الذي يحدُث فيه يعود لكونه تحول إلى فضاء تواصلي وتفاعلي يسيّره زمن ميكانيكي يستمده سلطانه الذي جعل منه ثورة حقيقية من تقاطع الزمنين المشار إليهما»‏[18].

ب – الخطر الوجودي للرقمنة على الإنسان

أصبح التحول الشبكي للمجتمعات يهدد وجودنا الإنساني نفسه، فالتسارع في المنجَز الاتصالي الشبكي فرض انعكاسات اجتماعية وثقافية وتحديات كبرى على علم الاجتماع، ولعل أبرزها تحوُّلُ تعاملِنا مع تكنولوجيا المعلومات من مجرد تواصل وتفاعل مع الآخرين إلى تواصل مع أدوات انقلبت قوى تنشئ واقعَينا الشخصي والاجتماعي وتكوّنهما، وتغيّر فهمَنا لذواتِنا، وكيفيةَ تعامُل بعضنا مع بعض، وتبتدع واقعًا افتراضيًا بعيدًا تمامًا من الحقيقة. وأمام تطور المجتمعات الشبكية والافتراضية الجديدة، بات علم الاجتماع الرقمي من المباحث الأساسية التي يجب أن تتطور لبحث ميكانيزمات هذه الأنماط الجديدة من العلاقات البشرية التي تقوم على الآلة الذكية، وذلك قصد الاهتمام بالمواطنة الرقمية، والتنظيمات الرقمية، والثقافة الرقمية، والعلاقات الرقمية، والبحوث الرقمية، والفضاءات الرقمية والمستقبل الرقمي، والمدينة الرقمية، والمساواة وعدم المساواة الرقمية ‏[19].

علينا أن ننبّه أيضًا إلى أن التواصل الرقمي لا يحمل مقومات حمائية ودفاعية مهمة وضامنة لاستمراره والدفاع اللامشروط عن أولوية احترام الجانب الإنساني على سطح الأرض والدفاع عن ديمومة حياته وكرامة عيشه. ولعل ذلك يعود إلى انحسار المنظومة التشريعية والضوابط القيمية التي يجب أن تحدّ من سرعة الانفجار الرقمي وسيطرة الذكاء الاصطناعي على مختلف مجالات الحياة.

3 – إهمال الجوانب الإنسانية والقيمية في المدينة الذكية

أ – أفول المجتمعات التقليدية وضرورة الانتصار إلى الأنسنة

إن جميع هذه التحولات تنذر بنشوء عصر جديد قائم على نمط آخر للتمدن المرقمن. ولقد أدت هذه التغيرات إلى تزايد تعداد سكان المدن الذي تجاوز سنة 2017 الأربعة مليارات نسمة، في حين كان سنة 2010 نحو ثلاثة مليارات نسمة، وسيبلغ سنة 2050 أكثر من 7 مليارات، أي ثلثي سكان العالم في هذا الوقت (البيانات مأخوذة من موقع ourworldindata.org. وهذه المدن تقوم أساسًا على عالم تكنولوجيا الاتصال المرقمن الذي أفرز تجمعات بشرية جديدة تسمّى المدن المرقمنة (Digital Cities) أو المدن الذكية (Smart Cities)‏[20].

ب – انحسار مفهوم السعادة الروحية في عصر ما بعد الإنسانية

يثير ظهور المدن الذكية أسئلة كثيرة حول طبيعة الحياة الاجتماعية فيها، وهل تستطيع بالفعل أن تحقق السعادة لسكانها في الوقت الذي يفقدون فيه الكثير من تفاعلاتهم اليومية الحية؟ ويفتح مثل هذا السؤال الأفق نحو التفكير في مستقبل التحضر، ومستقبل المدن، وهل ستمكِّن التكنولوجيا الرقمية الذكية البشرَ من تحقيق حياة سعيدة ونوعية حياة متميزة، أم أنها يمكن أن تتحوّل إلى مدن ميتة لا كلام فيها ولا صوت ولا تفاعل إلا عبر الآلة، أو لنقل: سياج بلا روح؟ قد يكون لهذا النوع من المدن مزايا لأنها توفر لسكانها مطالبهم بسهولة وربما تكون مدن سلام وهدوء لا عنف فيها ولا جريمة، ولكنها بالتأكيد سوف تكون مدنًا مسلوبة الروح، وقد يهجرها سكانها إلى هدوء الريف وصفائه القديم. لقد بات التنازع في عصر المدينة الذكية على من يمتلك أحقية الوجود على سطح الأرض، الإنسان أم الآلة الذكية، منذرًا بصراع وتنافس حاد حول تحديد المجال وإعادة تركيب أنساق الجوار والجماعات، وهو ما ينبئ بأخطار محدقة ومهددة لوجود لإنسان نفسه.

ثالثًا: أي فرص للتعايش بين الإنسان والروبوتات؟

1 -التعايش بين الروبوتات والإنسان المهمش

أ – مخاطر انفلات الذكاء الاصطناعي التوليدي

أحد أهم الأسباب التي دفعت المشرعين في مختلف أنحاء العالم إلى التدافع لتنظيم الذكاء الاصطناعي هو خطورة نشر المعلومات المضللة، وقد انتشرت هذه الأخبار الزائفة في جائحة وباء كورونا. لذلك أصبح مجال التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي مدار مناقشات لدى المنظمات الدولية والقمم العالمية، فقد تصدّر مناقشات القمة العالمية للحكومات في دبي سنة 2024. كما انبرى خبراء التعليم لوضع قوانين لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس التحدي الأكبر الذي يواجهنا اليوم هو في كيفية استغلال الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية (أدوب ستوك) نحو أخلقة الذكاء الاصطناعي.

هذا التفاعل بين الذكاء الاصطناعي والبشري ينطوي على تحديات وفرص هائلة لمستقبلنا المشترك، قصد تحقيق التعايش والتكامل بينهما من أجل تحقيق مستقبل أفضل. لذا يجب الإفادة من نقاط قوة كليهما، وتطوير هذه التقنيات بحكمة وأخلاق عالية وإبداع خلّاق قصد بناء عالم أكثر ازدهارًا وعدلًا وإنسانية. لذلك لا ينبغي التعامل مع الذكاء الاصطناعي كتهديد للإنسانية، بل يجب استغلاله كفرصة لتحقيق خطوات عملاقة خادمة للإنسان وضامنة لسعادته الأرضية‏[21]. يتم ذلك من خلال التفاعل بين الإنسان والوكلاء الأذكياء، في المجالات الحيوية كالبحث والإنقاذ، وكشف الألغام، والتطور العلمي، وإنفاذ القانون، والترفيه والرعاية الصحية‏[22].

ب -الخوف من الشراكة مع الروبوتات في تقاسم الوظائف الحياتية

تسبب تزايد حضور الآلات الذكية في حياتنا اليومية، وفي عدة اختصاصات، في تعمّق خوف الإنسان من إمكان تطوير رجال آليين يحاكون وظائفه بالطريقة البشرية نفسها وأفضل منها أحيانًا، لكن الواقع التقني الحالي لا يتّسع لهذه الأشكال، وخصوصًا أننا نستعين بأجهزة مثل الساعات الذكية أو الهواتف النقالة بصورة يومية. لذا فالأفضل أن يتم تحويل الذكاء الاصطناعي واستخدامه في الأجهزة المتوافرة بين يدي المُستخدم. «بمعنى آخر، ليس الشكل هو ما يدل على مستوى الذكاء الاصطناعي، بل النظام الذي يعمل به الجهاز أيًا كان نوعه»‏[23].

لقد تحول الذكاء الاصطناعي إلى سلاح خطير قادر على التلاعب بالحقائق، ففي آذار/مارس 2022، «ظهر مقطع فيديو من إنتاج الذكاء الاصطناعي شوهد فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وكأنه يستسلم للقوات الروسية. وتبين مثل هذه الأحداث كيف يمكن تحويل الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى سلاح للتلاعب بالسياسة والأسواق والرأي العام»‏[24].

كما طرَح استفحال سيطرة الذكاء الاصطناعي على المجال العام مسائل أخلاقية مزعجة للناشئة والشباب من قبيل الغش في الامتحانات المدرسية، فالمحرك الذكي (تشات جي بي تي)، أصبح يقدم الأجوبة الصحيحة والمثالية عن مختلف الأسئلة التي تطرح عليه بوصفه موسوعة متعددة الاختصاصات وفائقة التكوين. ورغم كل ذلك يمكننا عند إحكام توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي أن نحصل على الذكاء النافع الذي لا يهدد إنسانية الإنسان‏[25]. ستعمل كل هذه الأنواع من القدرات على تحسين الإنتاجية وتطوير جودة الحياة فكيف يمكن تقديم الضمانات لأن يكون الاستغلال الذكي للآلات منتجًا للذكاء النافع ولجودة الحياة وهل تكفي التشريعات لكبح جماح الذكاء التخريبي المصنع؟‏[26].

2 -إسراع الإنسان إلى بلوغ نهايته

أ – صناعة الزيف وفقدان الخصوصية الآدمية

يعَدّ الذكاء الاصطناعي الفائق أو المتفوق اليوم سلاحًا ذا حدين، كما قال مالك «تويتر» الأمريكي إيلون ماسك، الذي نشر سنة 2017 صحبة مجموعة من الخبراء في هذا المجال عريضة يطالبون من خلالها بأن يكون دور الأبحاث العلمية هو خلق ذكاء صناعي مفيد. فالمتفرّدة التقنية (Technological Singularity) التي تبشّرُ بها التطورات العلمية الإلكترونية المتسارعة في ميادين الذكاء الصناعي، وتصنيع آلات تختزن قدرات «أدائية ذكية» مشابهة للقدرات البشرية من حيث التفكير التحليلي والمساءلة المنطقية وإمكان التعامل مع المعطيات واستخلاص القدرات العملياتية القيمة والمفيدة، يمكن تصنيفها ضمن الذكاء المفيد إذا استغلت لمصلحة الإنسانية، والضد ممكن أيضًا. يقول آلان تورنغ: «إذا ما كان البشر يتعاملون مع مصدر ما عبر جهاز حاسوب ولم يستطيعوا معرفة أنّ ما نضع بين أيدينا على مصدر ذكاءٍ أعظم بكثيرٍ مما لدينا، فسيكون هذا حدثًا فارقًا في تاريخ البشرية»‏[27]. هذه المخاوف المحتملة من تفوق العقل الصناعي على نظيره البشري تُفسِّر لماذا قد يكون ذلك الحدث هو آخر أحداث التاريخ البشري، وهي تدفعنا إلى طرح الأسئلة التالية: كيف يمكننا أن نعمل على ألَّا يكون حضور الذكاء المصنَّع في حياتنا هدّامًا؟، وكيف نميز بين الكائن البشري والآلة الذكية؟ عندئذ نستطيع الحديث عن عصر آلات ذكية مفيدة.

يهدد الذكاء الاصطناعي اليوم في وجهه المضر الخصوصيات الشخصية للآدميين، فالكاميرا الذكية يمكنها تحدد هويتك من نظرة واحدة إلى الوجه، وتحدد «بصمة الوجه»، بل إن قدرات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تصل إلى حد «التنبؤ بما يمكن أن يفعله الشخص»، و«تتبع حياة الأفراد والدخول بأدق تفاصيلهم اليومية من دون الحاجة إلى التدخل البشري». و«الأمر المرعب إذا استخدمت هذه التقنيات بطريقة خاطئة»‏[28].

أصبح الذكاء الاصطناعي اليوم خطرًا يهدد خصوصية الناس؛ فبعض الدول تستخدمه في تتبُّع مواطنيها، لذلك أصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان «الكثير من التقارير المرتبطة بالخصوصية في العصر الرقمي» للتصدي لعملية التجسس على الأفراد، لأن هذا التحيز قد يعزز التمييز ضد بعض الفئات الضعيفة في المجتمع ويكرس اللامساواة.

كما أن نشر المعلومات المضللة باستخدام الذكاء الاصطناعي يسهم في انتشار «البروباغندا» و«الأخبار الزائفة» والمحتوى المضلل، وهو ما يهدد مصداقية المعلومات ويشجع الانقسام والغموض بين المجتمعات، لذلك أصبح من الضروري اليوم الإسراع في وضع «إطار أخلاقي دولي» لفرض القوانين والتشريعات الموجهة لأنظمة الذكاء الاصطناعي.

ب – هل تهيمن الآلات الذكية على البشر؟

أمام تنامي المنتج الرقمي الذكي في الوقت الراهن بات من الضروري وضع نظام تحقُّق جديد من مستخدمي الآلات الرقمية للتمييز بين الروبوتات والبشر، وهو أحد أشكال اختبارات نظام ACAPTCH‏[29].

ويرى بعض الباحثين في المجال الرقمي أن الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي سيؤدي حتمًا إلى انقراض البشرية، كما حذَّر بعض الخبراء، ومن بينهم رئيسا شركتي «أوبن إيه آي» (OpenAI)، و«غوغل ديبمايند» (Google DeepMind)، من هيمنة الآلات على البشر، عن طريق محاكاتهم عبر النصوص (من المقالات والشعر والنكات إلى كود الكمبيوتر) والصور (كالرسوم البيانية واللقطات المصورة والأعمال الفنية) التي تنتجها أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل تشات جي بي تي (ChatGPT)، و«دال إي» (Dal E)، و«بارد» (Bard)، و«ألفاكود» (Alphacode)، ويصعب تمييزها من العمل البشري.

فعندما نصل إلى المرحلة الثانية من المنتج الذكي (AGI)، سننطلق نحو المرحلة النهائية المتمثلة بـ«الذكاء الاصطناعي الفائق»، الذي سيبلغ مرتبة أعلى من الذكاء البشري. ويُعرِّفه نيك بوستروم (Nick Bostrom)، الفيلسوف وخبير الذكاء الاصطناعي في جامعة أكسفورد، بأنه ذكاء «يتفوق كثيرًا على أفضل العقول البشرية في كل المجالات تقريبًا، بما يشمل الإبداع العلمي والحكمة العامة والمهارات الاجتماعية». لذلك يرى البعض أن «تطوير ذكاء اصطناعي بالكامل قد يعني نهاية الجنس البشري».

من جانب إيجابي يعتقد كورزويل (Kurzweil) أن الإنسان سيكون قادرًا على استخدام الذكاء الاصطناعي الفائق، للتغلب على الحواجز البيولوجية. متوقعًا أنه بحلول سنة 2030 سيكون البشر قادرين على تحقيق الخلود بفضل الروبوتات النانوية (الصغيرة جدًّا) التي تعمل داخل أجسامنا، لإصلاح أي ضرر أو مرض قد يصيبنا.

أمام اختلاف وجهات النظر حول توظيف الذكاء الفائق اصطناعيًّا يرى المختص غوتيريث (Gutierrez) أن الحل يكمن في إنشاء نظام حوكمة للذكاء الاصطناعي. في حين بقي البعض الآخر محذرًا من مستقبل يوجد فيه كيان يمتلك الكثير من المعلومات حول كل إنسان على هذا الكوكب وعاداته [بفضل عمليات البحث على الإنترنت] بما يمكِّنه من التحكم فينا بطرائق لا ندركها. إن «أسوأ سيناريو ليس اندلاع حروب بين البشر والروبوتات. الأسوأ هو أننا لا ندرك حدوث تلاعب بنا، لأننا نتشارك على هذا الكوكب مع كيان أشد منا ذكاءً». وهذا ما ينبئ بخلق توائم رقمية ومدن شبيهة بمدننا وهو ما يهدد المجال الواقعي والمعطيات الشخصية.

في هذا الإطار، حذَّر الكثير من العلماء من انفجار الذكاء. يقول عالم الاقتصاد روبن هانسون (Robin Hanson) «إن انفجار الذكاء الاصطناعي مرهون بأن يصبح الذكاء الاصطناعي أفضل كثيرًا في ابتكار البرامج من بقية العالم مجتمعًا، وهو أمر غير مرجَّح»‏[30]. في سيناريو «الإقلاع السريع»، يمكن أن يستغرق الانتقال من الذكاء العام إلى الذكاء الفائق أيامًا أو أشهرًا قليلة.

وتسمى الذكاءات الفائقة أحيانًا «العقول الفضائية»، في إشارة إلى فكرة أن طريقة تفكيرها ودوافعها قد تكون مختلفةً تمامًا عنا. وممتدة الحدود، وهو ما يؤهلها للتنبّؤ ببعض جوانب المستقبل‏[31]. كما أنها تكتسب قدرات خطيرة تمكنها من توليد مسببات أمراض محسنة أو هجمات إلكترونية أو من التلاعب الاجتماعي بالناس بتوجيه من بعض الجهات الفاعلة الخبيثة لتفتيت المجتمع وجعله مختلًا وظيفيًا‏[32]. وتعَدّ الهجمات الإلكترونية التي ينفذها الذكاء الاصطناعي على نحوٍ متزايد تهديدًا حاضرًا وخطيرًا. لكن وفقًا للمدير الفني للفضاء السيبراني، يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي للدفاع، وللعثور على الثغر الأمنية وإصلاحها بصورة استباقية، والكشف عن التهديدات‏[33].

إن الخطر الوجودي من الذكاء الاصطناعي العام هو الفرضية القائلة بأن التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي العام (AGI) يمكن أن يؤدي إلى انقراض الإنسان أو إلى كارثة عالمية أخرى لا رجعة فيها‏[34].

ج – خطورة الاستغلال العسكري للذكاء الاصطناعي

يتطلب فهم استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب دراسة متأنية لآثاره الإنسانية والقانونية والأخلاقية والأمنية في الإنسانية. فالدور الذي تؤديه الطائرات الذكية المسيَّرة والصواريخ الموجهة رقميًّا، وتفجير آلات الاتصال من بُعد والاغتيالات الدقيقة للقيادات الميدانية كلها علامات فارقة في الحروب الراهنة. فلمن ستكون الأولوية اليوم للتكنولوجيا أم للإنسان؟

إن عسكرة الذكاء الاصطناعي لها آثار خطيرة على الأمن العالمي، بما في ذلك تطوير ونشر أنظمة الأسلحة الفتاكة التي يمكن أن تعمل من دون تدخل بشري، وهو ما يزيد من الهيمنة العسكرية للبلدان المتقدمة تقنيًّا على بلدان العالم الثالث، وما ينذر بحروب روبوتية قادمة ضد البشر وصانعي الآلات الذكية.

تؤكد التقارير المهتمة بهذا المجال أن تطور الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى زيادة الهجمات السيبرانية، وستصبح القرصنة الإلكترونية أكثر فعالية في الحروب الراهنة. وبذلك يفرط الإنسان في إنسانيته تدريجًا لمصلحة الذكاء الاصطناعي، إلى أن يختفي تمامًا ويذوب من مجال السيطرة على المنتجات الإلكترونية.

يمثل الذكاء الاصطناعي قوة هائلة قادرة على تغيير وجه الحروب على نحو جذري، لذلك يجب استغلال هذه القوة بحكمة ووضع قواعد وضوابط صارمة لضمان استخدامها بصورة مسؤولة وأخلاقية. يمثل الذكاء الاصطناعي في حد ذاته قضية أمن قومي حيوية، لأن الـ AI يسهم إلى حد بعيد في توفير وتحليل المعلومات بسرعة، إضافة إلى قدرته على إنتاج نصوص ومواد ومستندات وخطط على نحوٍ يتناسب مع متغيرات الأوضاع المختلفة.

3 -تقلص فرص النجاة في زمن الذكاء المصنع

أ -أهمية تدقيق التشريعات المنظمة للمجال الرقمي
وتثمينها للجانب الإنساني

الحل الوحيد الذي بقي في الوقت الحاضر للحد من سرعة تدفق المنتجات الرقمية الذكية في شتى أنحاء العالم لمحاولة الحفاظ على ما بقي من آدمية الإنسان هو تدقيق التشريعات والقوانين الموجهة للمنتجات الذكية. وفي هذا السياق تندرج مبادرة الولايات المتحدة الأمريكية التي أصدرت في تشرين الأول/أكتوبر 2023 مرسومًا يهدف إلى الوقاية من المخاطر الناشئة عن الذكاء الاصطناعي. وبموجب المرسوم الذي أُعد بأمر من الرئيس الأمريكي جو بايدن، أُدخلت معايير جديدة لأمن الذكاء الاصطناعي.

وحذا الاتحاد الأوروبي الحذو نفسه، فقد توصلت مفوضية الاتحاد الأوروبي والبرلمان والدول الأعضاء، إلى اتفاق على أول قانون للذكاء الاصطناعي في كانون الأول/ديسمبر 2023، وستُفرض من خلاله قواعد أكثر صرامة على أنظمة الذكاء الاصطناعي العالية المخاطر. وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة «بافو» التركية المهتمة بمجال الذكاء الاصطناعي ألبير أوزبيلن: «إن تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي يوفر فرصًا ويخلق مخاطر في مجال الأمن»‏[35].

ب – ضرورة ضبط حدود للتطور التكنولوجي المفرط والفائق

بات ملحًّا آلية أمام الخطر الداهم للآلات الذكية المعوضة للبشر، التي باتت تهدد وجوده على البسيطة، بناء آلية أخلاقية كابحة ومحددة من أطماع هذا الانجراف الجنوني للتكنولوجيا نحو الذكاء المصنع. ترى الأستاذة المشاركة في مركز بيركمان كلاين (Berkman Klein) للإنترنت والمجتمع في جامعة هارفرد باولا ريكورتي (Harvard Paula Ricaurte)، أن الذكاء الاصطناعي المهيمن أصبح قوة قادرة على ارتكاب العنف من خلال ثلاث عمليات معرفية هي: تحويل البيانات عبر الاستخراج وانتزاع الملكية، والخوارزمية عبر الوساطة والحوكمة، والأتمتة عبر العنف وعدم المساواة وإزاحة المسؤولية.

لعل كل هذه التحولات العميقة من الآدمية إلى الآدمية المصنَّعة والمطورة رقميًّا هي التي دفعت جميع المبادرات التشريعية المؤطرة لهذا الواقع الجديد قصد أخلقته وتقنينه وتسييجه بمبادئ وضوابط قيمية، من هذه المبادرات ما كان فلسفيًّا أو أدبيًّا، فقد وَضعت قصص الروائي الأمريكي وأحد أشهر مفسري العلوم إسحاق أوزيموف، المبادئ الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، التي اختصرها في ثلاثة قوانين أساسية: الأول، أنه لا يجوز للروبوت أن يؤذي إنسانًا أو يسمح للإنسان أن يصاب بأذى. والثاني: أنه يتحتم على الروبوت أن يطيع الأوامر التي يعطيها له البشر إلا إذا كانت هذه الأوامر تتعارض مع القانون الأول. والثالث: يجب أن يحمي الروبوت وجوده من دون تعارض مع القانون 1و2‏[36].

يجب أن يسبق بناءُ الإنسان بناءَ الأوطان وسائر المصالح المادية المكتسبة من التطور التكنولوجي مهما كان. وأي تأسيس تشريعي وقانوني يفترض أن يكون فحواه وهدفه مصلحة الإنسان‏[37].

ومن أهم المحاذير الموجهة لروبوتات الذكاء الاصطناعي احتمال تعارض الأهداف المتوخاة من الروبوت مع القيم الإنسانية بسبب صعوبة التحكم في الأدمغة الصناعية لاحتمال تفوقها على البشر، وهو ما قد يؤدي إلى انقراض البشرية لاستمرارية تطوير الذكاء التوليدي. ويذهب في هذا الاتجاه كبار قادة الهندسة الرقمية على غرار ستيفن هوكينغ وبيل غيتس وإيلون ماسك.

إن عدم وجود قواعد أخلاقية تمنع الذكاء الاصطناعي من تحقيق أهدافه، وانحصار مهمة أجهزة الذكاء الاصطناعي بانتهاء مهمتها المبرمجة لها من دون إيلاء أي أهمية لوجود الإنسان، سيؤدي إلى دفع بعض البشر إلى ارتكاب جرائم الاحتيال الإلكتروني وإنشاء حسابات بريد ومواقع إلكترونية مزيفة إضافة إلى اختراقات أسرع للكشف عن البرمجيات.

ومن أهم المؤسسات التي تبحث في المخاطر الوجودية لروبوت الذكاء الاصطناعي: معهد استخبارات الآلات، ومعهد مستقبل الإنسانية، ومعهد مستقبل الحياة، ومركز دراسة المخاطر الوجودية‏[38]، وحتمية دعم التفكير النقدي في عصر الذكاء الاصطناعي، وتعميق الأنشطة لمواجهة التضليل والتحيز مع اتساع نطاق تأثير الواقع الافتراضي.

ج -أي دور للدين والفن والالتزام القيمي

لا توجد خيارات كثيرة اليوم أمام الإنسان المحاصر بالآلات الذكية من كل مكان، في البيت أو في الشارع، أو في المدرسة، أو في مقر العمل وسائر الفضاءات العامة، إلا بالحفاظ على ما تبقى له من آدمية والدفاع عنها، عبر التحصينات القانونية والقيمية لتنظيم المجال العام بإعطاء الأولوية للإنسان قبل الآلة في اتخاذ القرار وتحديد الأولويات الوجودية للإنسان على الأرض. أما على الصعيد الفردي فإن تقوية الالتزام الديني والقيمي وتنمية الطاقات الروحية والفنية للذات البشرية والعودة إلى الاستئناس بالحياة الطبيعية وبزمن البدايات في الغذاء واللباس وأنماط الترفيه وغيرها من السلوكات التي ترجع الإنسان إلى فطرته الإنسانية الأولى… وممارسة الرياضة والألعاب البدنية وتقوية الروابط الحسية والاجتماعية المباشرة والخالية من التركيب والتصنع والبعيدة كل البعد من العالم الافتراضي، كل ذلك من شأنه أن يغني الجانب الإنساني في كياننا الآدمي.

قد يبدو هذا الخيار طوباويًّا وحالمًا لكنه مع ذلك يُعد الملاذ الإنساني الوحيد الذي يحقق لنا المصلحة مع ذواتنا البشرية المنهكة بضغوط العالم الافتراضي والمهددة بتوحش الآلات الذكية وتمردها على الإنسان.

خاتمة

لعلّ نعومة شبكة الاتصال الرقمي واتساع رقعتها وتنوعها المذهل الذي يساعد على تمدد قاعدة الإناسة المتكوِّنة رقميًّا، وتسريع تكاثرها عدديًّا، وتنوع المنتمين إليها طائفيًّا وعرقيًّا وجغرافيًّا، نظرًا إلى تطور قدراتها الاتصالية الفائقة، لا يمكنه أن ينكر ما يمكن أن تؤول إليه العلاقات داخل المدن المتكونة رقميًّا أو في ما بين الجماعات الذكية التي تتركب منها من صراعات سيبرانية عنيفة ومدمرة في كثير من الأحيان، لأن القدرة الافتراضية على ضرب الإناسة الرقمية واختراقها وتشتيتها أو حتى نسفها تمامًا، أخطر كثيرًا من الصراعات بين الجماعات التقليدية المتشكلة واقعيًّا وبشريًا؛ فالمنتجات الذكية باتت تسيطر اليوم، وبصورة كلية ومتسارعة، على مختلف مجالات الحياة في تعاملاتها المالية والاقتصادية والعسكرية والفكرية والصناعية… وهو ما يجعل تخريب أنظمتها الشبكية بمجرد قرصنتها أو إفساد برمجياتها عبر فيروسات إلكترونية مدمرة أمرًا يسيرًا.

إن الإناسة الرقمية على هذا النحو قد تتحول إلى تكوين هش ووهمي إذا لم يصحبه تكوين واقعي وحقيقي أي بشري، لأن العنف السيبراني وحرب الجيلين الرابع والخامس للتكنولوجيا الحديثة القائمة على الذكاء الاصطناعي أصبحت قادرة على تفتيت المدن الرقمية وتخريب مختلف الشبكات المتحكمة في جميع شؤوننا الحياتية بعد أن أحكمت السيطرة عليها‏[39].

ينذر هذا الانتشار الرقمي السريع في المدينة الذكية بأخطار محدقة بالبشرية جمعاء إذا انفلتت منها القدرة على السيطرة على الذاكرات العملاقة التي تمتلك إمكانيات فائقة على تخزين المعلومات المسيِّرة لمختلف شؤون حياتنا، وإذا تحققت غلبة الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري. لذلك يصبح التساؤل عن شروط ضمان أولوية البشري على الاصطناعي في تحكيم الذكاء وبناء الإناسة مهمًّا قبل اندلاع المواجهة بين الآلة الذكية والإنسان ووقوع الانفلات السيبراني الوشيك.

كتب ذات صلة:

زمن الذكاء الاصطناعي: حوار ساخن بين إنسان آلي وإنسان عضوي

المصادر:

نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 560 في تشرين الأول/أكتوبر 2025.

حقوق الصورة محفوظة لمؤسسة مايو للتعليم والبحث الطبي.

عارف عليمي: باحث وأكاديمي تونسي، جامعة صفاقس،
وعضو في مخبر اللغة والمعالجة الآلية.

[1] المدن الذكية في ظل التغيرات الراهنة (واقع وآفاق): أعمال المؤتمر الدولي (برلين: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، 2019)، ص 11.

[2] آديلي بيترز، «كيف يمكننا إعادة تصميم المدن لمكافحة الأوبئة في المستقبل؟،» نون بوست، 26 آذار/مارس 2020، ص 1، <https://www.noonpost.com/36467/> (شوهد بتاريخ 22 حزيران/يونيو 2024).

[3] «ما هو الذكاء الاصطناعي،»        <https://aws.amazon.com/ar/what-is/artificial-intelligence/>.

[4] إسراء شاكر [وآخرون]، «عالم الروبوتات،» <https://robots2961999areyouhumantoo.site123.me/> (شوهد بتاريخ 14 أيلول/سبتمبر 2024).

[5] ميهرونيزا قيوم، «المدن الذكية في شمال أفريقيا: حوار محلي حول توجه عالمي،» مدونات البنك الدولي، 17 تموز/يوليو 2014، ص 1، <https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices/smart-cities-in-north-africa> (شوهد بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 2023).

[6] المصدر نفسه، ص 1.

[7] رياض كاظم سلمان الجميلي، «المدن الذكية: أسلوب التحول الرقمي للمدن،» موقع جامعة كربلاء، 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، ص 2، <https://uokerbala.edu.iq/archives/22069> (شوهد بتاريخ 28 آذار/مارس 2023).

[8] Leonidas G. Anthopoulos, Understanding Smart Cities: A Tool for Smart Government or an Industrial Trick?, Public Administration and Information Technology; vol. 22 (Cham, Switzerland: Springer International Publishing, 2017), p. 1, <https://link.springer.com/book/10.1007/978-3-319-57015-0> (accessed on 22 January 2023).

[9] ISO/IEC JTC 1, Information technology, Smart Cities Preliminary Report 2014 (Switzerland: Information technology, ISO Copyright Office, 2015), p. 2, <https://www.iso.org/files/live/sites/isoorg/files/developing_standards/docs/en/smart_cities_report-jtc1.pdf>. (accessed on 22 January 2023).

[10] Gamal Eid, Karim Abdelrady, Mohammed Al-Taher and Abdou Abdelaziz, #Turn_around_and_Go_back: Internet in the Arab World (Cairo: The Arabic Network for Human Rights Information, 2015), p. 1, <https://anhri.net/?p=144031&lang=en> (accessed on 5 December 2022).

[11] الجميلي، «المدن الذكية: أسلوب التحول الرقمي للمدن،» ص 2.

[12] Mitchell Moss and Anthony M. Townsend, «How Telecommunications Systems are Transforming Urban Spaces,» pp. 4-5, <https://www.academia.edu/908902/How_telecommunications_systems_are_transforming_urban_spaces> (accessed on 23 December 2022).

[13] Richard E. Schuler, «Transportation and Telecommunications Networks: Planning Urban Infrastructure for the 21st Century,» Urban Studies, vol. 29, no. 2 (April 1992), p. 297.

[14] ثائر مظهر العزاوي، مدخل إلى نظم المعلومات الجغرافية وبياناتها (عمّان: دار حامد للنشر والتوزيع، 2008)، ص 42.

[15] الجميلي، «المدن الذكية: أسلوب التحول الرقمي للمدن،» ص 2 – 3.

[16] للتوسع، انظر: عارف عليمي، «من الجوار المحلي إلى الجوار الرقمي (نحو تصور جديد لمفهوم الجماعة في المدينة الذكية)،» ورقة قدمت إلى: القرابة والجوار والجماعة (أو كيف نتدبر مجددًا الصلة بين المحلي والمشترك): ندوة علمية دولية، إشراف وتنسيق مهدي مبروك وعلي الهمامي (تونس: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2024).

[17] «الذكاء الاصطناعي.. هل خوف الإنسان من فقدان الوظائف «مبرر»؟،» جمعية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردنية، 18 أيار/مايو 2023،   <https://rebrand.ly/8c6b65>.

[18] بشرى زكاع، الشبكات الرقمية ودينامية الحقل الاجتماعي/السياسي بالمغرب (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2023)، ص 132؛ كيت أورتون – جونسون ونيك بريور، محرران، علم الاجتماع الرقمي: منظورات نقدية، ترجمة هاني خميس أحمد عبده، عالم المعرفة؛ 484 (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2021)، وميشيو كاكو، مستقبل العقل: الاجتهاد العلمي لفهم العقل وتطويره وتقويته، ترجمة سعد الدين خرفان، عالم المعرفة؛ 447 (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2017)، ولمزيد من التوسع، انظر: خالد الرويعي، الإنترنت بوصفها نصًا (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2006)، ص 29، وعلي حرب، أزمنة الحداثة الفائقة (الإصلاح، الإرهاب، الشراكة) (بيروت: المركز الثقافي العربي، 2006)، ص 47. انظر أيضًا: Deborah Lupton, Digital Sociology: An Introduction (Sydney: University of Sydney, 2012).

[19] محمد سامح سعيد، الاتصال الرقمي (القاهرة: مؤسسة الشروق الدولية، 2010)، ص 23 – 25. لمزيد من التوسع، انظر أيضًا: كليف جيفورد، العالم الرقمي: الأدوات الذكية والألعاب والروبوتات (القاهرة: دار نهضة مصر، 2013)، ص 122 – 124.

[20] جيفورد، المصدر نفسه، ص 185 – 186. التحولات الاجتماعية الافتراضية كانت كافية لنشأة الذات الإنسانية المرقمنة: هل تمنحها الرقمنة مزيدًا من الحرية؟ أم أنها تخلق ذاتًا مقيدة تسيجها المادة والتكنولوجيا؟ إنها الذات المرقمنة (Digital Sel)، أو المواطنة المرقمنة (Digital Citizenship). انظر: دافيدسون لورنس، الإبادة الثقافية، نقلته إلى العربية منار إبراهيم الشهابي (الرياض: دار العبيكان، 2015)، ص 68.

[21] عبد الله مثنى، «بين الذكاء الاصطناعي والبشري،» الجزيرة.نت، 16 تموز/يوليو 2024، <https://rebrand.ly/a3505e>.

[22] «التفاعل الروبوتي البشري: مستويات الحكم الذاتي،» ACM/المؤتمر الدولي IEEE، تشرين الأول/أكتوبر 2018 (شوهد بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر 2024). انظر أيضًا: معجم البيانات والذكاء الاصطناعي: إنجليزي – عربي (الرياض: الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، 2022)، ص 75، <https://sdaia.gov.sa/en/MediaCenter/KnowledgeCenter/ResearchLibrary/SDAIAPublications15.pdf>.

[23] فراس اللو، «لماذا يخاف البشر من الذكاء الاصطناعي؟،» الجزيرة.نت، 19 شباط/فبراير 2017، <https://rebrand.ly/64e9de> (شوهد بتاريخ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2024).

[24] هيرفيه تورب، «الذكاء الاصطناعي بين الوعود والمخاطر،» صندوق النقد الدولي، كانون الأول/ديسمبر 2023، <https://www.imf.org/ar/Publications/fandd/issues/2023/12/B2B-Artificial-Intelligence-promise-peril-Tourpe>.

[25]        <https://www.almayadeen.net/arts-culture>.

[26] الشرق الأوسط، 15/8/2024.

[27] أورده: محمود بري، «هل يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر؟،» الحرة، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2024،            <https://www.alhurra.com/tech/2024/10/28/>.

[28] معاذ فريحات، «كيف يهدد الذكاء الاصطناعي خصوصيتك؟،» الحرة، 14 نيسان/أبريل 2023.

[29] فيرونيكا سمينك، «هل يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى انقراض البشر؟،» بي بي سي عربي، 2 حزيران/يونيو 2023،            <https://rebrand.ly/c722de>.

[30] Vinod Aithal and Jasmin Silver, «Enhancing Learners’ Critical Thinking Skills with AI-assisted Technology,» Cambridge, 30 March 2023, <https://www.cambridge.org/elt/blog/2023/03/30/enhancing-learners-critical-thinking-skills-with-ai-assisted-technology/>.

[31] «How AI Can Help Fight Misinformation,» ITU News (2 May 2022), <https://www.itu.int/hub/2022/05/ai-can-help-fight-misinformation/>.

[32] Kathe Pelletier [et al.], 2021 EDUCAUSE Horizon Report Teaching and Learning Edition (Boulder, CO: EDU, 2021), <https://www.learntechlib.org/p/219489/>.

[33] United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO), Guidance for Generative AI in Education and Research (Paris: UNESCO, 2023), <https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000386693>.

[34] Julia Wong, «Fostering Creativity and Critical Thinking with AI in Education,» SpacesEDU, 23 May 2023, <https://spacesedu.com/en/blog/ai-in-education/>.

[35] «الذكاء الاصطناعي.. تكنولوجيا «منفلتة» تبحث عن «ضوابط»،» الجزيرة.نت، 3 شباط/فبراير 2024،            <https://rebrand.ly/0dc169>.

[36] جنى المسلماني، «الحرب والسلام في زمن الروبوتات والذكاء الاصطناعي،» الجزيرة نت، 14 شباط/فبراير 2024،       <https://rebrand.ly/e79924>.

[37] محمد العبادي، «مملكة إطلانتس الجديدة أرض الحكمة التي يسعى الجميع لمعرفتها،» أنباء بلدنا، 6 كانون الأول/ديسمبر 2022،     <https://www.anbabaldna.com/2022/06/blog-post_196.html>.

[38] لينا رحمة خير ورشا حالات، «تعزيز التفكير النقدي والأخلاقي في عصر الذكاء الاصطناعي: مقاربة عملية،» ترجمة ندين سامي جودي؛ تدقيق لارا الخطيب، تشرين الثاني/نوفمبر 2023، <https://rebrand.ly/0eacd6>. (شوهد بتاريخ 14 تشرين الأول/أكتوبر 2024).

[39] أورده: عبد الله أحمد القرني، «التفاعل الاجتماعي في المجتمعات الافتراضية: دراسة مسحية على أساتذة وطلاب التعليم عن بعد بجامعة الملك عبد العزيز،» مجلة القراءة والمعرفة (جامعة عين شمس)، العدد 179 (أيلول/سبتمبر 2016)، ص 6.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز