المؤلف: جورج فريدمان
ترجمة: أحمد محمود
مراجعة: محمد صلاح غازي(**)
الناشر: المركز القومي للترجمة، القاهرة
سنة النشر: 2016
يتناول جورج فريدمان، المفكر الاستراتيجي الأمريكي ورئيس مؤسسة ستراتفور في مجال الاستخبارات العالمية، في كتاب جديد بعنوان الإمبراطورية والجمهورية في عالم متغير، الذي نقله من الإنكليزية إلى العربية المترجم البارز أحمد محمود، والصادر عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة 2016، العلاقة بين الإمبراطورية والجمهورية وممارسة السلطة في السنوات العشر المقبلة في الولايات المتحدة الأمريكية. تلقي هذه المراجعة الضوء على عدد من فصول الكتاب دون غيرها كونها تقدم صورة كافية عن أطروحاته.
يطرح المؤلف سؤال كيف ينبغي للولايات المتحدة أن تتصرف في العالم، وهي تمارس قوتها، وتحافظ على الجمهورية في الوقت ذاته؟ في عهدَي الرئيسين بوش وأوباما، فقدت الولايات المتحدة رؤية الاستراتيجية طويلة المدى التي خدمتها جيداً معظم القرن الماضي. وبدلاً من ذلك انطلق الرؤساء الأخيرون في مغامرات عشوائية، إذ وضعوا أهدافاً لا يمكن تحقيقها، لأنهم تصوَّروا القضايا على نحو غير صحيح وكأنهم صدّقوا خطابهم.
البنية الأمريكية للهيمنة، على عكس الإمبراطورية الرومانية أو البريطانية، غير رسمية، ولكن هذا لا يقلل من كونها واقعاً، فالولايات المتحدة تسيطر على المحيطات، واقتصادها مسؤول عن ربع كل شيء منتج في العالم.
– 1 –
فى الفصل الأول بعنوان الإمبراطورية غير المتعمدة، يرى المؤلف أن الاقتصاد الأمريكي أشبة بالدوامة، حيث يسحب كل شيء إلى داخله، مع وجود دوامات غير ملحوظة، يمكن أن تدمر البلدان الصغيرة أو تثريها. وعندما يكون أداء الاقتصاد الأمريكي جيداً، يكون المحرك الذي يدير الآلة كلها حينئذ جيداً. وعندما «يتتعتع»، فإنه يمكن أن تتعطل الآلة كلها. ليس هناك اقتصاد يمكن أن يؤثر وحده في العالم بهذا العمق، أو يربطه ببعضه على النحو من الفاعلية.
عندما ننظر إلى العالم من وجهة نظر الصادرات والواردات، يذهلنا عدد البلدان التي تعتمد على الولايات المتحدة في 5 أو حتى 10 بالمئة من إجمالي ناتجها القومي، وهذا قدر هائل من الاعتماد المتبادل.
في غياب الحرب المدمرة الكبيرة، فإن أي إعادة اصطفاف للنفوذ الدولي تقوم على الاقتصاد سوف تستغرق أجيالاً، هذا إن تمت أصـلاً. ويقال إن الصين هي القوة القادمة، وربما يكون الأمر كذلك. لكن الاقتصاد الأمريكي أكبر من الاقتصاد الصيني بــ 3.3 مرة، ولا بد للصين من استدامة معدل النمو المرتفع على نحوٍ غير عادي زمناً طويـلاً، كي تسد الفجوة التي بينها وبين الولايات المتحدة. ففي عام 2009، كانت الولايات المتحدة مسؤولة عن 22.5 بالمئة من كل الاستثمار المباشر الأجنبي في العالم، وهو ما يجعلها – طبقاً لما ذكره مجلس التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة – مصدر الاستثمار الأكبر الوحيد في العالم – وكانت الصين في المقابل مسؤولة عن 4.4 بالمئة.
يمكن أن تكون الإمبراطوريات رسمية، مع وجود بنية واضحة للسلطة، ولكن بعض هذه الإمبراطوريات يمكن أن يكون أقل وضوحاً وأكثر تعقيداً، فقد سيطرت بريطانيا – على مصر، إلا أن سلطة بريطانيا الرسمية كانت أقل وضوحاً. ولدى الولايات المتحدة القدرة على تشكيل مسار بلدان كثيرة، ولكن لأنها ترفض التفكير في نفسها على أنها قوة إمبريالية، فإنها لم تخلق بنية عقلانية رسمية لإدارة القوة التي تمتلكها بوضوح.
– 2 –
الفصل الثاني بعنوان «الجمهورية والإمبراطورية والرئيس المكيافيلي»؛ أكبر تحدٍّ لإدارة إمبراطورية على مدى العقد المقبل سيكون التحدي نفسه الذي واجهته روما، وهو كيف يمكن الحفاظ على الجمهورية بعد أن تصبح إمبراطورية؟ كان مؤسسو الولايات المتحدة معادين للإمبريالية من خلال الاعتقاد الأخلاقي القوي، فقد تعهدوا بحياتهم وثرواتهم وشرفهم المقدس لهزيمة الإمبراطورية البريطانية، وأسسوا جمهورية تقوم على مبادئ تقرير المصير القومي والحقوق الطبيعية، وتمثل العلاقة الإمبراطورية مع البلدان الأخرى، سواء أكانت معتمدة أم لا، تحدياً لتلك المبادئ التأسيسية.
المشكلة هي أنه كما كان حال روما زمن القيصر، بلغت الولايات المتحدة نقطة لا خيار لها فيها بشأن أن تكون لها إمبراطورية أم لا، فاتساع الاقتصاد الأمريكي، وتورطه في بلدان في أنحاء العالم، وقوة الجيش الأمريكي ووجوده العالمي، هي – في واقع الأمر – إمبراطورية في حجمها. وتخليص الولايات المتحدة من هذا النظام العالمي مستحيل تقريباً، وإذا جرت محاولة لتخليصها، فلن يزعزع ذلك الاقتصاد الأمريكي فحسب، بل النظام العالمي كذلك. وعندما فُهم ثمن معاداة الإمبريالية، كان هناك تأييد ضئيل له، والواقع أن بلداناً أجنبية كثيرة كانت معارضتها للوجود الأمريكي أقل من معارضتها للطريقة التي يتم بها الشعور بذلك الوجود، فهي تقبل القوة الأمريكية، ولكنها تريدها أن تخدم مصالحها القومية.
في القرن العشرين، خاضت الولايات المتحدة حروباً 17 بالمئة من الزمن، ولم تكن تلك تدخلات صغيرة، بل كانت حروباً كبيرة شملت مئات الآلاف من الرجال. وفي القرن الحادي والعشرين، نخوض الحرب 100 بالمئة تقريباً من الزمن. وقد جعل المؤسسون الرئيس القائد العام لسبب، وهو أنهم قرأوا مكيافيلي بعناية وعرفوا أنه، كما كتب، «ليس هناك تجنب للحرب، فهي تؤجل فحسب لمصلحة الآخرين».
– 3 –
الفصل الثالث بعنوان «الأزمة المالية والدولة الناهضة»، يقول المؤلف، تنتهي كل دورة اقتصادية بانهيار، وعادة ما يكون أحد القطاعات في المقدمة، فقد انتهى انتعاش كلينتون في عام 2000، عندما انهارت شركات الدوت كوم. وانتهى انتعاش ريغان في الثمانينيات بطريقة مذهلة بانهيار المدخرات والقروض. ومن هذا المنظور، لم يكن هناك شيء غير عادي بالمرة بشأن ما حدث في عام 2008.
لم ينجح بوش أو أوباما في إدارة الروح القومية مثلما نجح روزفلت وريغان، إذ فقد بوش السيطرة على الحروب، وجاءته الأزمة المالية من حيث لا يحتسب. لقد بات غير مساير للأحداث في العراق ولم يمكنه اللحاق بها قط. وخلق أوباما توقعات لم يمكنه تحقيقها. ثم فشل في خلق وهم أنه يحققها، ولكن واقع الأمر أن ريغان واجهته مشكلات مشابهة في البداية.. والقضية غير المعروفة، التي ستؤثر في العقد المقبل بشدة، هي ما إذا كان بإمكان أوباما أن يتعافى ويتقدم أم لا. هل يمكن أن يفهم أنه عندما تحدث روزفلت عن الخوف من الخوف، كان يعني أن وظيفة الرئيس هي أن يبدو فعّالاً، سواء أكان كذلك أم لا؟ إذا كان أوباما لا يعلم ذلك فستنجو الدولة. والرؤساء يأتون ويذهبون، لكن هذا زمن هش، تكون فيه شرعية البلد نفسه عالقة بين مطالب الجماهير والإمبراطورية.
– 4 –
الفصل الرابع بعنوان «البحث عن توازن القوى» عرفت الولايات المتحدة، وكذلك القاعدة، ميدان المعركة الاستراتيجي تعريفاً واضحاً: قلوب المسلمين وعقولهم. ولكن الرئيس كان يرى أنه لا بد أولاً من تهدئة عقول الأمريكيين وقلوبهم وطمأنتها بأن الإجراءات تتخذ لحماية الوطن. وتحرك مكتب التحقيقات الفدرالي بجرأة لملاحقة أي شخص مشتبه به – ولو من بعيد – بكونه مرتبطاً بالقاعدة، مع تعزيز الأمن في المطارات، لكن أي الجهدين لم يكن فعالاً كثيراً في ذلك الحين. ومن نواح عديدة واصلت الولايات المتحدة العمل بموجب مبدأ ضخ الموارد الضخمة في إجراءات الأمن ذات الفاعلية المحدودة، لتهدئة المخاوف المشروعة للجماهير الأمريكية، وسوف يكون التوفيق بين الموارد والواقع العملياتي والتصور العام عمـلاً مهماً بالنسبة إلى العقد المقبل.
كذلك اقتضى الهجوم على إحساس أمريكا بالرفاهية إلقاء القبض على قادة القاعدة أو قتلهم. ومن الناحية الاستراتيجية كانت تلك أولوية مشكوكاً فيها، ولكن الرئيس كان يتعين عليه تلبية ليس الرغبة في الاطمئنان فحسب، بل الرغبة في الانتقام كذلك. وهذا الانتقام ضاعفته حقيقة أن القاعدة شبكة متناثرة منتشرة في أنحاء العالم، وتعمل بلا مقر مركزي أو سلسلة قيادة تقليدية – وتشجيع القاعدة المتعاطفين على أن يعملوا بشكل مستقل وأن يبتكروا – لذلك مع أنه من الممكن تنفيذ أعمال عقابية ضد هؤلاء الإرهابيين، فمن المستحيل تدمير القاعدة في واقع الأمر، لأنها ليست تنظيماً بالمعنى التقليدي، ولأنه ليست هناك بنية تحتية ولا سلسلة قيادة، فليس هناك رأس حقيقي يمكن قطعة.
– 5 –
الفصل الخامس بعنوان «فخ الإرهاب»؛ أسقط الرئيس أوباما مصطلح الحرب على الإرهاب، وكان محقاً في ذلك؛ فالإرهاب ليس عدواً وإنما هو نوع من الحروب يمكن للعدو تبنّيه أو عدم تبنّيه. تخيلوا لو أعلن الرئيس روزفلت، بعد بيرل هاربر، ذلك الهجوم الذي اعتمد على حاملات الطائرات، حرباً عالمية على الطيران البحري. وبالتركيز على الإرهاب بدلاً من القاعدة أو الإسلام المتشدد، ورفع بوش نوعاً بعينه من الهجوم إلى وضع شكّل الاستراتيجية العالمية الأمريكية، التي تركت الولايات المتحدة في حالة عدم اتزان استراتيجي.
فأمن الوطن الحقيقي في بلد كالولايات المتحدة مستحيل، وستظل المهمة مستحيلة في العقد المقبل، إذ ليست هناك حلول سحرية، والقضاء على الإرهاب الإسلاموي مستحيلة على نحو مشابه. ومن المستحيل كذلك الحد من التهديد، ولكن كلما كان التقليل الذي نأمل تحقيقه أكبر، كان الثمن أكبر. وفي ظل الإمكانات غير المحدودة والموارد غير المحدودة، فإنه من الأمان القول بأنه ستظل هناك هجمات إرهابية على الولايات المتحدة، بغض النظر عن الجهود المبذولة.
وفي حين يمكن لإرهاب قتل الأمريكيين خلق إحساس عميق بعدم الأمان، فإن الرغبة المستحوذة للقضاء على الإرهاب يمكن أن تدمر الولايات المتحدة استراتيجياً – كما فعلت في واقع الأمر. وهذه نقطة من المهم للقادة أخذها في حسبانهم في العقد المقبل.
– 6 –
الفصل السابع بعنوان انقلاب استراتيجي؛ يذهب المؤلف بقوله، سوف تتمتع إيران بمنطقة نفوذ تعتمد على تحالفها مع الولايات المتحدة بشأن قضايا أخرى، وهو ما يعني عدم عبورها أي خط يدفع إلى التدخل الأمريكي المباشر. وبمرور الزمن، سوف يفيد نمو القوة الإيرانية، داخل إطار هذه التفاهمات الواضحة، كـلاً من الولايات المتحدة وإيران. وكشأن الترتيبات مع ستالين وماو، سيكون هذا التحالف الأمريكي – الإيراني كريهاً لكنه ضروري، وسيكون مؤقتاً كذلك.
سيكون الخاسرون الكبار في هذا التحالف بطبيعة الحال، هم السنّة في جزيرة العرب، بمن في ذلك آل سعود، فهم من دون العراق عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم، وما دام النفط يتدفق ولا تسيطر قوة واحدة بشكل مباشر على المنطقة بكاملها، فلن يكون للولايات المتحدة اهتمام طويل المدى بمصلحتهم الاقتصادية والسياسية، وبذلك سوف يعيد الوفاق الأمريكي – الإيراني كذلك تحديد العلاقات التاريخية للولايات المتحدة مع السعوديين، وسوف يتعين على السعوديين النظر إلى الولايات المتحدة على أنها ضامن لمصالحها، بينما تحاول التوصل إلى تسوية سياسية مع إيران، وسوف تتغير الدينامية الجيوسياسية للخليج العربي بالنسبة إلى الجميع.
– 7 –
في الفصل الثامن يقول المؤلف، خلال القرن العشرين، تصرفت الولايات المتحدة ثلاث مرات لمنع حدوث الوفاق الروسي – الألماني الذي يمكن أن يوحد أوراسيا ويهدد المصالح الأمريكية الأساسية. وفي عام 1917 قلب سلام روسيا المنفرد مع الألمان الموازين ضد الإنكليز والفرنسيين في الحرب العالمية الأولى، وتدخلت الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، حيث بعثت بإمدادات إلى البريطانيين، وبوجه خاص إلى السوفيات، الذين استنزفوا القوات المسلحة الألمانية، ومنعوا الألمان من الاستيلاء على أراضِ روسية شاسعة. وفي عام 1944 غزت الولايات المتحدة غرب أوروبا، حيث لم تصد الألمان فحسب، بل السوفيات كذلك. ومن عام 1945 إلى 1999 خصصت الولايات المتحدة موارد ضخمة لمنع السوفيات من الهيمنة على أوراسيا.
لا بد من أن يكون رد الولايات المتحدة على الوفاق الروسي – الألماني، خلال السنوات العشر المقبلة، ردها نفسه في القرن العشرين. ولا بد من أن تواصل الولايات المتحدة عمل كل شيء يمكنها، لمنع الوفاق الروسي – الألماني، والحد من الأثر الذي يمكن أن يكون لمجال تأثير روسيا في أوروبا، لأن وجود روسيا القوية عسكرياً نفسه يغير الطريقة التي تتصرف بها أوروبا.
– 8 –
الفصل التاسع بعنوان عودة أوروبا إلى التاريخ؛ يرى المؤلف، أن هناك مشكلتين تصنعان المأزق الأوروبي في العقد المقبل: الأولى، هي تحديد نوع العلاقة التي ستكون لأوروبا مع روسيا الناهضة، والثانية هي تحديد الدور الذي ستقوم به ألمانيا، ذلك الاقتصاد الأكثر دينامية في أوروبا. وسوف تظل مفارقة روسيا – الاقتصاد الضعيف والقوة العسكرية الكبيرة – قائمة، وكذلك دينامية ألمانيا. ولا بد من أن تحدد بقية دول أوروبا علاقتها بهاتين القوتين كشرط لتحديد علاقتها بعضها ببعض، سوف يؤدي توتر هذه العملية إلى ظهور نوع مختلف جداً من أوروبا في العقد المقبل، وسوف يمثل تحدياً كبيراً للولايات المتحدة. ولفهم ما يجب عمله في ما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة، علينا أولاً التفكير في التاريخ، الذي أوصلنا إلى هذه الفترة الحاسمة.
ولا بد من أن تكون الاستراتيجية الأمريكية مرة أخرى خادعة بوعي، إذ يجب أن تدخل في روع أوروبا إحساساً بأن الولايات المتحدة تقترب فحسب من تلك البلدان التي تريد أن يقترب منها، وأن من بين هذه البلدان بولندا وبقية دول ما بين البحرين، ودول البلطيق. وأي إشارة إلى أن الولايات المتحدة تسعى بشكل مباشر إلى التصدي لألمانيا، أو خلق أزمة مع روسيا سوف يولد فعـلاً مضاداً داخل أوروبا يمكن أن يعيد الهامش إلى ذراعي الوسط، ولا تريد أوروبا – ككل أن تجر إلى مواجهة. وفي الوقت نفسه، سوف تكون هناك الرغبة في الحصول على بديل قوي لمحور باريس – برلين – موسكو، وإذا كان الثمن منخفضاً، فسوف يجتذب الهامش إلى الولايات المتحدة – أو بريطانيا – كبديل. ومهما كان الثمن، لا بد للولايات المتحدة من منع التجمع الجغرافي لروسيا وشبه الجزيرة الأوروبية، لأن ذلك سيخلق قوة تجد الولايات المتحدة صعوبة كبيرة في احتوائها.
– 9 –
الفصل الثالث عشر جاء بعنوان «الاختلال التكنولوجي والديمغرافي». يرى المؤلف أن على البلدان الصناعية في آسيا وأمريكا اللاتينية خفض استهلاكها من الطاقة لحل قضايا الطاقة أو منع غرق بلدان الجزر بمياه البحار الدافئة المرتفعة. ومن وجهة نظر هذه البلدان، فإن الحفاظ على البيئة سوف يحيلها بشكل دائم إلى وضع العالم الثالث، التي كافحت طويلاً وبقوة للفرار منه. وهي ترى أنه ينبغي على العالم الصناعي المتقدم في الولايات المتحدة وغرب أوروبا واليابان أن يخفض استخدامه الطاقة، كي يعوض مما يزيد على القرن من الاستهلاك المسرف.
في عام 2010 كانت هناك قمة كوبنهاغن لمعالجة مسألة استخدام الطاقة، أو على نحو أدق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وقد اقترح الحد من الانبعاثات. وفي الوقت الذي يزداد استهلاك الطاقة يمثل الحد من الانبعاثات تحدياً كبيراً. وفيما عدا مصدر جديد ضخم للطاقة، فإن هذا النوع من الحد يمكن التوصل إليه فقط بنقص هائل في استهلاك الوقود الأحفوري، فذهابك إلى العمل بالدراجة وإعادة التدوير لن يحقق ذلك.
– 10 –
هناك الكثيرون الذين كانوا سيقولون إن الولايات المتحدة توسعت أكثر من اللازم، وإن تلك التورطات الدولية المعقدة ليست في مصلحة الولايات المتحدة في آخر الأمر. وليست هذه مقولة غير مقنعة، سوى أنه ليس واضحاً كيف يمكن للولايات المتحدة تخليص نفسها من مصالحها العالمية. وخلال العقد المقبل، لا بد للولايات المتحدة من إدارة الفوضى في العالم الإسلامي، وروسيا الناهضة، وأوروبا العبوس والمقسمة، والصين الضخمة وشديدة الاضطراب. إضافة إلى ذلك، لا بد لها من العثور على سبيل للخروج من المشكلات الاقتصادية، ليس من أجل نفسها فحسب، بل من أجل العالم.
المصادر:
(*) نُشرت هذه المراجعة في مجلة المستقبل العربي العدد 456 في شباط/فبراير 2017.
(**) محمد صلاح غازي: كاتب وباحث في العلوم الاجتماعية – مصر.
مركز دراسات الوحدة العربية
فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية
بدعمكم نستمر
إدعم مركز دراسات الوحدة العربية
ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.