«لأنك كنت ساذجًّا حين أحببت
مكانًا واحدًا، فأنت الآن بلا مأوى…».

Louise Gluck, «Adult Grief»

مقدمة

لقرونٍ طويلة عاش اليهود جنبًا إلى جنب مع بقية العرب، قرونًا ظلّوا فيها جزءًا لا يتجزأ من نسيج الثقافة العربية. ومع بِدء الهِجرات اليهودية النشطة إلى إسرائيل عقب نكبة فلسطين عام 1948، وتمظهر قرائن النزعة الاستعلائية في تعامل يهود الشتات الأوروبي مع اليهود العرب إبان وصولهم؛ باتت ادعاءات إسرائيل بأنها «ملاذُ يهود العالم» أمرًا بحاجة إلى إعادة النظر والتمحيص. إذ لم تكن هجرات اليهود العرب آنذاك إلى إسرائيل «هجرة إنقاذٍ» من جَور المنفى – كما تُحب أن تزعم الرواية الصهيونية – أكثر من كونه قرارًا يصبو إلى زيادة عدد السكان اليهود، وملء القرى الفلسطينية – التي أُخليت أعقاب النكبّة – بالسكان لضمان عدم عودة المُهجّرين إليها.

رحّب اليهود الأوروبيون بفكرة هجرة يهود العالم إلى إسرائيل لكونها ضرورةً لا بد منها لبناء الدولة واختراع الشعب؛ إلا أن تعاطيَهم مع اليهود العرب عبر سياسات الاستيعاب والصَّهر لم يُكن يوحي بذلك الترحيب. وعليه، تطرح هذه الورقة السؤال التالي: هل تأتى عن تأكيد اليهود الأشكناز على أمنهم الأنطولوجي تقويضٌ للأمن الأنطولوجي لليهود العرب؟ وإن كان كذلك، فكيف استجاب اليهود العرب لذلك الأمر؟ للإجابة عن هذا السؤال، تتناول الورقة في مبحثها الأول الإطار النظري والمفاهيمي الملائم للتباحث في تلك المسألة، عبر استعراضٍ لأهم الأدبيات التي تناولت مفهوم «الأمن الأنطولوجي» في حقول العلوم الاجتماعية والإنسانية، وعبر إثارة شبكة من المفاهيم الفرعية ذات الصلّة بالمفهوم الجوهري في هذه الورقة. يلي ذلك، توظيف الإطار النظري والمفاهيمي في تفسير إن كان تأكيد الأشكناز أمنهم الأنطولوجي يقوّض الأمن الأنطولوجي لليهود العرب؟ الأمر الذي يثير مسائل على غرار طبيعة العلاقة بين الصهيونية واليهود الشرقيين، وطبيعة اللقاء الأول بين الأشكناز واليهود العرب، إضافة إلى قضايا التنشئة الاجتماعية والوطن والذاكرة.

في هذا السياق، تكمن أهمية هذه الورقة، أولًا على الصعيد النظري الأهم في اندراجها تحت راية مجموعة من الأدبيات التي تحاول التنظير لمفهوم «أمنٍ» أوسع من مجرد المفهوم المادي، إذ تأخذ في الحسبان البُعد المعنوي والوجودي الذي قلّما يُمنَح أهميةً تحليلية في حقول العلوم الاجتماعية والإنسانية التي تهيمن عليها النظرة الوضعية للعلم. وفي السياق الأدَقّ، تتجاوز هذه الورقة بطبيعتها النظرية المنطق «التخصصي» المتزمّت الذي يؤكد الفصام النكد بين حقول العلوم الاجتماعية والإنسانية، إذ تعرض الورقة ارتحال مفهوم الأمن الأنطولوجي عبر حدود التخصصات من الطب النفسي إلى العلاقات الدولية مرورًا بعلم الاجتماع. وهي بذلك تستفيد من توليف شبكةٍ مفاهيمية عابرة للتخصصات مستقاة من تلك الحقول، وتعمل على توظيفها للإجابة عن سؤال الورقة. أما على الصعيد التحليلي، فتتباحث الورقة في مسألة اليهود العرب من منظارٍ نظري لم يوظّف بعد لتدارس تلك المسألة. الأمر الذي يجعلها في هذا السياق محاولةً أولى تستقصي نجاعة تلك الأدوات النظرية والمفاهيمية في تفسير الواقع.

لقراءة الورقة كاملة يمكنكم اقتناء العدد 559 (ورقي او الكتروني) عبر هذا الرابط:

مجلة المستقبل العربي العدد 559 أيلول/سبتمبر 2025

المصادر:

نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 559 في أيلول/سبتمبر 2025.

سارة ناصر: مساعدة باحث في العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون
للعلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة قطر.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز