تقديم

يطرح التطبيع المغربي[1] مع «إزرائيل»‏[2] نموذجًا استثنائيًا في المنطقة العربية، وأداةً منهجيةً مرجعيةً تفضي إلى تَبيُّنِ معالم الموقف العربي المرتهن إلى أولوية التوفيق بين ضرورات الانفتاح على الكيان الإزرائيلي، وبين الحفاظ على جودة العلاقات مع فلسطين كما تقتضيها الثوابت التاريخية والاجتماعية؛ فعلى مداميك هذا النموذج التوفيقي يُمْكِنُ فهم مركزيةِ المغرب: أولًا، في الاستراتيجيات الجيوسياسية المرتبطة بموقعه الاستراتيجي الرابط بين أفريقيا وأوروبا. ثانيًا، في المخططات الديمغرافية التي توفرها الجالية اليهودية المغربية في إزرائيل. وثالثًا، في محاولة التخلص من الأعطاب الداخلية التي يستثيرها نزاع الصحراء المغربية. ثم رابعًا، في ضمان عدم انزياح التفاعل بين المكونات الحزبية والحركية المغربية والفلسطينية عن المحددات السياسية الكبرى التي تضبط الخلفيات الانتمائية للبلدين.

ويتحدَّد الغرض من اختيار الأحزاب والحركات المغربية والفلسطينية كمجال للدراسة، في تَبَيُّن محورية كل منها في النسق السياسي الذي تنتمي إليه، وفي تأثيرها في القرار السياسي الرسمي بدفعه من الخلف (Lead From Behind) نحو التماهي المطلق مع ثوابته الراسخة؛ ناهيك بانتظامها ضمن الطابع الاستثنائي للتشكل المجتمعي العربي، الذي لا يقبل في بعده الاجتماعي والتاريخي والبشري، بالحدود المصطنعة التي فرضها الاستعمار على أبناء المنطقة العربية.

وقد اختارت الدراسة من الحركات الفلسطينية «فتح» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، ومن المغرب أحزاب «الاستقلال» و«العدالة والتنمية» و«الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» و«التقدم والاشتراكية» و«جماعة العدل والإحسان». وهو اختيار اعتمده الدراسة على أساس التمييز بين المرجعيات الفكرية والسياسية لهذه الحركات والأحزاب، وبين قبولها أو عدم قبولها بالعمل السياسي الانتخابي والتنافس على «السلطة».

أولًا: التطبيع المغربي – الإزرائيلي
والمحددات الإدراكية للتعامل الخارجي

1 -التطبيع واختلالات النموذج
الإدراكي الإزرائيلي

يُستحسن استهلالُ النظر في مقومات هذا النموذج بوضع إزرائيل في السياق العام الذي أنشئت من أجله. وهو سياق جعل من كيانها أداةً توافقيةً بين الصهيونية والإمبريالية الغربية للتخلص أولًا من «الفائض السكاني اليهودي» عبر تحويله إلى فلسطين، ثم للتمكن ثانيًا من ضم اليهود إلى الحضارة الغربية واستتباعهم «للتشكيل الإمبريالي الغربي» الذي يجعل من إزرائيل أداة من أدوات تقسيم الوطن العربي، ومنع أي حركة وحدوية تحاول جمع شتات بنيانه السياسي‏[3].

إضافة إلى هذا وذاك صيغ التوافق، كما هو شأن التوافقات الاستعمارية، على قاعدة تحقيق المكاسب الاقتصادية والانتفاع بثروات المنطقة الزاخرة، مقابل ضمان استقرار يهود إزرائيل على فلسطين استقرارًا مديدًا يمكنهم من استكمال صرح تكوّنهم المجتمعي والاختصاص بأرضهم وتكوين «مدركاتهم الجماعية»‏[4] التي هي عنوان تميُّزهم من بقية المجتمعات الأخرى.

غير أن تنوع جغرافيات انتماء «الجماعات اليهودية» وتعدد حصائلها التاريخية وعدم استقلال بُناها الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية عن البلدان المحتضنة، يعيق دومًا الحديث عن «هوية يهودية» جامعة أو عن «معجم حضاريٍ» خاصٍ بها أو عن «شخصية يهودية» تتسم بمواصفات «الكتلة المنسجمة»‏[5]، فلا وحدة الاستقرار ولا الزمن التاريخي أسعفهم في تأسيس مدركاتهم الجماعية المخصوصة بهم دون سواهم.

وفق هذا المعطى يلاحَظ تميُّز العقل اليهودي في البحر المتوسط والشرق مثلًا، بـ«اللاعقلانية والغنوصية» وبالجنوح نحو الانطوائية والانعزالية والانغلاق كرد فعل على معاناة النفي‏[6]؛ في حين يتمتع اليهود المغاربة ضمن التكوين المجتمعي المغربي، بسعة الحركة وبالانفتاح الذي يرفض التمييز ضدهم، فالمغرب بالنسبة إليهم «أرحب في مجال المعرفة وأحق بالتقديس في مجال التعبد وأفسح في السير في الأرض لكسب العيش»‏[7] .

وبالقدر الذي استندت فيه الصهيونية إلى الخزان الديمغرافي والهوياتي لليهود المغاربة في تكوين معالم دولة إزرائيل‏[8]، بالقدر الذي أُعْجِزَ كيانُها الماديُّ المجسَّدِ في الدولة عن طمس معالم التعددية في الهوية والإدراك، وبخاصة ما يتعلق منها بأسئلة الأصل والمصير‏[9]. وهو أمر حالَ دُونَ هذا الكيان وتأسيسَ هويةٍ جامعةٍ تُشابهه وتُضاهيه مع التجمعات والكيانات الاجتماعية والسياسية الطبيعية.

بكل تأكيد تضبط هذه التعددية إيقاع حركة إزرائيل في مجال سلوكها الداخلي والخارجي، فتجعل منها حركة مزدوجة المعايير تتأرجح بين ما يفرضه الانتماء للمحيط من بحث عن الاستقرار وعدم معاداة الأرض وسكانها الأصليين‏[10]، وبين ما تفرضه أصول نشأتها الاستعمارية من إفراط في استعمال القوة والخديعة بقصد انتزاع أهل الأرض من أرضهم والتأثير في المحيط الذي يدعمهم.

وغير بعيد من سؤال النشأة ومحددات الهوية يمثل الاختلال الديمغرافي تهديدًا كبيرًا رافق ويرافق الوجود الإزرائيلي‏[11]، وهو بمنزلة «كابوس» حقيقي يجبر قادتهم ونخبهم‏[12] على تبنّي عقيدة توسعية تتوسل في الغالب بقوة الحديد والنار لاستكمال صرح الوجود الصهيوني الاستعماري على أرض فلسطين‏[13]، وبخاصة حينما يقترن هذا الاختلال الديمغرافي بانحصار المجال الجغرافي وقلة موارده الطبيعية وضمورها؛ ناهيك بانتفاضات الداخل التي تربك حسابات هذا الكيان وتهز عقيدة التفوق لدى جنوده‏[14].

وسواء كان هذا الإدراك في حالات مَدّه أو حالات جَزره، وسواء كان بمبرر الإحساس بالقوة والعظمة أو بمبرر الخوف وفقدان الثقة، فإن مفهوم «السلام» لدى إزرائيل يمتزج في الغالب بلغة التهديد والخديعة بغرض تحقيق غاياتها التوسعية التي من المفترض أنها تعوضها؛ أولًا، الخسائر الكبيرة من جرَّاء حروبها المتكررة. وتضمن لها ثانيًا، الوثب على الاختلالات السكانية الناتجة من تآكل نسيجها الاجتماعي. وتحقق لها ثالثًا، تحالفات جديدة تنفذ من خلالها إلى السوق الأفريقية كما هو شأن تحالفاتها مع تركيا والولايات المتحدة والناتو. كما تمكَّن رابعًا، من تلميع الصورة غير الأخلاقية التي تظهر بها عقب كل حرب تخاض أو خلال محاولات إخماد انتفاضات شعبية، ففي هذا تعول إزرائيل على البعد الرمزي والأخلاقي للمغرب في العبور الآمن نحو أفريقيا وبعض الدول العربية والإسلامية.

2 – التطبيع والنموذج الإدراكي المغربي نحو فلسطين

لا يبدو التطبيع المغربي – الإزرائيلي شبيهًا بالشائع من اتفاقيات التطبيع العربية – الإزرائيلية، وذلك لكونه قد توشح هذه المرة بمعالم الانتقال من السر إلى العلن، كما أنه قد تلحّف جرأة غير مسبوقة همّت مجالات جديدة وحساسة كالأوقاف والتعليم والسياحة والمجال العسكري… غير أن وجه الاستغراب لا ينحصر فقط في الجرأة والشمولية، بل في استمرار المغرب على موقفه الثابت من القضية الفلسطينية التي يساويها مع قضية الصحراء المغربية.

لهذا يطرح التطبيع المغربي استثناءً في المنطقة ويسيل أسئلة كثيرة حول مفارقات نموذجه الإدراكي: أهو نموذج يرتبط بالنموذج الحضاري العربي الإسلامي العام الذي يؤطر العلاقة مع فلسطين بوصفها حلقة من تكوّن مجتمعي مبتور؟ أم أن هذا النموذج الإدراكي استنفد أغراضه وتجاوز التقاليد المغربية الراسخة في رفض التعامل مع الكيان الصهيوني، وأنه لم تعد له من المتاحات سوى الانحناء إلى «التسونامي» التطبيعي الذي ضرب المنطقة، مفسحًا في المجال إلى تغيير رؤية المغاربة لذاتهم ولمحيطهم.

أ -الخلفية التاريخية للتعامل مع إزرائيل
واستثنائية التطبيع الحالي

جسدت البنية الديمغرافية على الدوام، أساس استمرار العلاقة بين المغرب وإزرائيل، وتَمثَّل ذلك في هجرات اليهود نحو إزرائيل مباشرة بعد إعلان تأسيس الكيان الصهيوني سنة 1948. وبعد حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956 هُجِّر اليهود نتيجة الظروف السياسية التي كانت تعيشها البلاد، رغم أن الملك الراحل محمد الخامس قرر منعهم من الهجرة وحظر عمل المنظمات الصهيونية سنة 1959 بعد الانتقادات التي باشرتها جامعة الدول العربية ومصر للمغرب. وقد استمرت الحركة الصهيونية في تهجير اليهود بصورة سرية نحو إزرائيل عبر منظمات كاديما (Kadima) والوكالة اليهودية (The Jewish Agency) ولجنة التوزيع المشتركة (The Joint Distribution Committee)، لكن أوج الهجرة نحو إزرائيل قد تحقق، بحسب شمعون ليفي المدير السابق للمتحف اليهودي في مدينة الدار البيضاء، سنة 1967 بعد حرب الستة أيام‏[15].

وسواء تمت هجرة اليهود المغاربة إلى إزرائيل، من خلال جمعيات الحركة الصهيونية التي أنيطت بها، منذ بدايات القرن العشرين، مهمة التغلغل في النسيج الجمعوي المغربي بمدن تطوان وموغادور (الصويرة) وآسفي، أو اقترن هذا التغلغل بالمد الصهيوني المرتبط بتنامي الحركة الاستعمارية في المغرب والبلدان المجاورة، فإن عدد اليهود المغاربة في إزرائيل أصبح يناهز حاليًا المليون مواطن، كثاني أكبر جماعة في إزرائيل بعد يهود روسيا، ناهيك بأنهم يشغلون وظائف سامية في البنية الإدارية والسياسية الإزرائيلية. لهذا استشرف ليون بنزاكوي (Léon Benzaquen) منذ سنة 1956 الدور الذي سيؤديه يهود المغرب في تكوين مستقبل إزرائيل، سواء الذين هاجروا إليها أو الذين فضلوا المكوث في المغرب. وهو أمر بالغ الأهمية للتقارب الإزرائيلي – المغربي على حد تعبير رينيه كاسان (René Cassin)، الرئيس السابق للتحالف الإسرائيلي العالمي (الفرنسي – اليهودي)‏[16].

ومن الملاحظ أن رتابة التعاون والتقارب بين المغرب وإزرائيل قد شابتها مراحل انقطاع وشد وجذب؛ ومن ذلك مثلًا أن الانفتاح على المسؤولين الإزرائيليين وفتح قنوات التواصل الرسمي معهم خلال سنوات 1986 و1994 و1996‏[17]، و2003‏[18] و2006‏[19]، قد انتهى بإغلاق مكتب الاتصال الإزرائيلي في الرباط سنة 2000 عقب انتفاضة الأقصى الثانية.

وإذا كانت محاولات التقارب التي انطلقت منذ سنة 2018 قد تُوجت بإعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإزرائيل في 10 كانون الأول/ديسمبر 2020 وفق نهج جديد له ضوابط وشروط وسياقات مختلفة تمامًا عمّا كانت تفرضه العلاقات السابقة‏[20]، فإن المغرب يحاول التوغل في هذا النهج وفق ما يعرف في أدبيات العلاقات الدولية بورقة «الجغرافيا السياسية الانتهازية»‏[21] التي تزاوج بين إحراز أكبر ربح لقضية الصحراء، وبين رفض الابتزازات والإملاءات الخارجية.

ب -المحددات الاستراتيجية للسياسة الخارجية المغربية ضمن
ضوابط التكوّن المجتمعي المغربي – الفلسطيني

إن الحديث عن نسق العلاقات المغربية – الفلسطينية، سيقودنا حتمًا إلى الحديث عن الأمة المجتمعية العربية؛ وهو الأمر الذي تستلهم فيه الدراسة ضوابط علم اجتماع المعرفة لاختبار كيفية انضواء المجتمعين المغربي والفلسطيني ضمن الإطار الجامع الأعم الذي منحهما بعد استكمال انضوائهما ضمن أمة مجتمعية واحدة السمات نفسها و«المدركات الجماعية» نفسها التي تميزهما من غيرهما من المجتمعات.

لقد حَيَّر هذا الإدراك الجماعي النخب الغربية وجعلها تستغرب مثلًا، من الروابط الوثيقة الموجودة بين المغاربة والفلسطينيين؛ يقول جوناثان فريالند الصحافي بجريدة الغارديـان البريطانيـة: «لكـن نظـرة المسـلمين إلـى هـذا النـزاع (يقصد النزاع العربي – الإزرائيلي) وكأنـه السـؤال المركـزي فـي حياتهـم غيـر مفهـوم علـى الإطـلاق.. فالانسحاب الإسرائيلي من غزة مهم بالنسبة للاجئين في غزة، ولكن كيف يمكنه بالضبط أن يغير حياة شاب عاطل عن العمل في المغرب؟»‏[22].

تخبو هذه الحيرة بقدر التوغل في تاريخ التفاعل بين المغاربة والفلسطينيين، حيث جسدت فلسطين على الدوام قِبلةً للمغاربة، إما بقصد التعبد والتفقه كرحلات العربي المعافري (ت 543هـ) صاحب أحكام القرآن؛ وإما بغرض الجهاد كما هو شأن نادية وغيثة برادلي اللتين شاركتا في عملية استهدفت «مطارات في فلسطين المحتلة عام 1948»‏[23].

ومن اللازم التذكير هنا، بأن الإنهاك الذي تعرض له الجسد العربي‏[24] من القوى الاستعمارية، وطول أمد الانقسامات السياسية بين البلدان العربية، قد جرَّأ بعض النخب ممن قادتهم الظروف إلى التماهي مع الأطروحات الغربية على رفع شعارات دخيلة كالشعار المغربي «تازة قبل غزة».

ولأن مثل هذه الشعارات لا تنسحب على الواقع المغربي فقط، فإن الإدراك الجماعي الذي تَكوّن تاريخيًا فوق الأرض العربية وتوسل بالمرجعية الإسلامية وبمعالمها الفلسفية المنغرسة في فكر شعوب المنطقة وفي ثوابتها النضالية‏[25]، قد أعطب إرادة المشاريع الاستعمارية في تفتيت الجسد العربي والمباعدة بين أجزائه، فما بالك إن كانت هذه المشاريع تتوسل بتوطين كيان كالكيان الإزرائيلي.

لكل هذا يَقُوم بَتْرُ فلسطين من الحضن العربي الأم مَقامَ استقطاعِ الصحراء من التكوّن الجغرافي المغربي، لأنها كلها استقطاعات تمت في إطار توافقات استعمارية همّها إذكاء النعرات التجزيئية المتتالية داخل الوطن العربي. وهي أمور تُدْرِج فلسطين ضمن نوعين من المحددات الإدراكية: نوع أولٌ يستدعي التشكل المجتمعي العربي الأعم ومرجعيته الإسلامية بطقوسها وقيمها التعبدية، فيجعل منها ثابتًا من ثوابت النظام السياسي المغربي وإطارًا ناظمًا لعلاقاته الخارجية، ونوع ثانٍ يدرجها ضمن لغة المصالح التي تعجّ بها العلاقات الدولية، ويحاول ابتكار حلول لفلسطين كما الصحراء المغربية من خلال الانحياز لمحددات «التوازن» في الموقف المغربي.

لقد أسهم الإسلام عبر «مضمونه الثقافي والسياسي» في خلق التوازن في السياسة الخارجية المغربية من خلال أربعة مبادئ أساسية وهي: «إرث الملكية وإمارة المؤمنين» و«وحدة التراب الوطني المغربي» و«الرابطة العربية كإطار للعلاقات الإقليمية والدولية»، ناهيك بـ«محورية القضية الفلسطينية التي تُجَنب المغرب ربط عملية السلام بأي نوع من أنواع الإساءة» إلى المقاومة‏[26].

ففي هذا الإطار يرى البعض أن عدم خضوع المغرب لأي كيان سياسي خارجي بعد الأدارسة، وارتباطه بالاستعمار في إطار عقد حماية لا نتيجة خضوع عسكري أو تفكك داخلي، قد عزز لديه مبدأ الاعتزاز بالهوية وبالذات الحضارية‏[27] وأذكى لديه الواقعية في التعامل مع الأزمات، ناهيك بمراعاة التوازنات الداخلية ضمن وحدة السلطة و«رفض الكيانات الجهوية»، وذلك من خلال عقيدة «يد الجماعة التي ترفض التجزئة»‏[28]، وثابت الشرعيتين الدينية (البيعة)‏[29] والوطنية (الملكية).

ثــانــيًــا: مــواقــف الــقــوى الســيــاســــيــة
الفلسطينية والمغربية من التطبيع

سيحاول هذا المحور التأصيل لمواقف الحركات الفلسطينية والأحزاب السياسية المغربية من التطبيع أولًا ومن الاتفاق الثلاثي ثانيًا، وذلك من خلال وضع هذه المواقف في محك الارتباط/من عدمه بأدبياتها وبرؤاها السياسية. كما سيخضعها للمساءلة التاريخية عن مدى اندراجها ضمن الخطط السياسية التي تعَدّ أداة من أدوات المناورة السياسية أم أن مواقفها تعبر عن أزمة رؤية وهوية وأزمة تخطيط وتدبير لدى هذه الحركات والأحزاب.

1 – الحركات والفصائل الفلسطينية تفاهم أم تفهم

لم يكن الجمع بين حمل السلاح والنضال السياسي التفاوضي خيارًا سهلًا في نظر الحركات الفلسطينية، ليس لصعوبة التوفيق بين إرادة التحرير الكلي وإرادة التحرير الجزئي للأرض فقط، ولا لصعوبة الجمع بين التشبث بعدم الاعتراف بإزرائيل وبين اعتماد القراءة «الواقعية» و«التفاوض» كأداة استراتيجية من أدوات التغيير والتحرير؛ بل لأن هذه الحركات لم تتمكن من التوافق العام على «صيغة محددة» تزاوج بين «الكفاح المسلح» و«النضال السياسي» ضمن استراتيجيات واضحة تجنب الارتباك والفشل سواء في أروقة المفاوضات أو في ساحات الميدان‏[30].

وضمن رؤية الحركات الفلسطينية لمحيطها ولتكوّنها المجتمعي تَعُدُّ حركة «فتح» فلسطينَ أرضًا «عربية» والشعبَ الفلسطيني شعبًا عربيًا، و«جزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية»، ويتوجب على كل «أبناء العروبة المشاركة في تحريرها»‏[31]. وكذلك تُمثل فلسطين لدى حماس «جزءًا لا يتجزأ من أمتها العربية والإسلامية: هويةً وانتماءً»‏[32]. وهي عند الجهاد الإسلامي «أرض عربية إسلامية […]، وجزء من الوطن العربي والإسلامي الكبير»‏[33]. أما عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فإن انتسابها الفكري إلى «حركة القوميين العرب» يجعلها تَرى أن «حريّةَ فلسطين هي حريةُ كلّ العرب» وأنه لا وجود للتناقض بين الانتماء الوطني الفلسطيني والانتماء العربي‏[34].

وعلى جانب ذي صلة تتبنى حركة فتح خيار مواجهة الاحتلال والعمل على دحره من الأرض الفلسطينية، لكنها تتعامل مع إزرائيل من منطلق «الواقعية» و«العقلانية» التي لا تعني في أدبياتها «التفريط بالحقوق والثوابت»‏[35]. وترى حماس أن «الانفتاح والتعامل الواعي مع الواقع» لا يخوِّلها التنكر لأصل مشروعها‏[36] الرافض للاعتراف بإزرائيل‏[37]. أما حركة الجهاد الإسلامي فإنها تتنظر إلى «نهج الجهاد والمقاومة» بأنه هو «الأكثر واقعية والأجدى من أجل التحرير»، وهو نهج ترفض من خلاله الحركة الاعتراف أو التفاوض مع كيان إحلالي لا يعرف مفاهيم السلام أصلًا‏[38]. وتتبنى الجبهة الشعبية كذلك «الكفاح المسلح لتحرير فلسطين» وترفض الاتفاقات التي تؤثر في حقوق الشعب الفلسطيني‏[39].

من الواضح أن هذه الأفكار تضبط رؤية الحركات الفلسطينية لذاتها ولمحيطها العربي الإسلامي، وتسهم في تكوين معالم علاقتها بالمغرب كدولة تستنفر مشروعيتها الرمزية والنضالية التاريخية لتؤازر الفلسطينيين وتدعم مسار استكمالهم معركة التحرير. وهو مسار جسّده جسر التواصل الدائم بين الحركات الفلسطينية والأحزاب المغربية كمعْبَرٍ لنقل المواقف حيال المغرب وسياساته.

لقد اتسمت الاتصالات بين «فتح» والأحزاب المغربية بالانفتاح‏[40] والتواتر وعدم الانقطاع، وحظيت الحركة بالتقدير اللازم من المكونات السياسية المغربية؛ وتُظهر الذكرى الـواحدة والخمسين لانطلاقة الحركة كيف اجتمعت الأحزاب المغربية المختلفة المشارب على مأدبة التقدير للحركة وللقضية الفلسطينية‏[41].

كذلك الشأن لجهة حركة «حماس» التي تحاول أن تنفتح على الطيف السياسي المغربي كافة‏[42]، إلا أن علاقاتها كانت أمتن بالحركات الإسلامية التي تتقاسم معها المرجعية نفسها كجماعة العدل والإحسان‏[43] أو حزب العدالة والتنمية وجناحه الدعوي حركة التوحيد والإصلاح.

وفي ما يتعلق بحركة الجهاد الإسلامي فلم يثبت زيارتها المغرب ولا تواصلها مع أي من مكوناته، اللهم إلا تواصلها الاستثنائي مع جماعة العدل والإحسان من خلال برقيات تعزية‏[44] أو اتصالات هاتفية‏[45]… وهو الأمر نفسه الذي خضع له السلوك السياسي للجبهة الشعبية التي لم يقدر لها التواصل المباشر مع المكونات السياسية المغربية، باستثناء بعض الاتصالات مع فدرالية اليسار‏[46]، أو توسطها سنة 2008 في تسلم ونقل رفات المغربي مصطفى علال قزبير إلى المغرب‏[47].

وخلافًا لهذه الرتابة، جاء الاتفاق الثلاثي المغربي – الإزرائيلي – الأمريكي ليُدْخِلَ العلاقات بين المكونات الفلسطينية والمغرب نفقًا دقيقًا من الحساسيات والحسابات. وهي من غير شك حسابات تستدمج لغة المصالح ضمن حقل العلاقات الدولية مثلما تراعي متطلبات الداخل وحاجات المقاومة. فكيف تعاملت هذه الفصائل مع الاتفاق الثلاثي المغربي؟

لقد التزمت حركة فتح الصمت حيال الاتفاق الثلاثي، ولم تصدر هيئاتها التقريرية أي بيان في انسجام تام مع مسلكياتها المُوَازِنة بين متطلبات التحرير وبين فروض الواقع عبر أدوات التفاوض والواقعية والعقلانية. وكذلك كان شأن السلطة الفلسطينية في عدم مساواتها بين تطبيع المغرب وتطبيع الإمارات والبحرين‏[48]. أما حركة حماس التي لا تعترف في أدبياتها بإزرائيل وترفض التعامل معها، فقد عدّت تطبيع المغرب «خطيئة سياسية لا تخدم القضية الفلسطينية». وعدّت «الجهاد الإسلامي» الاتفاق بمنزلة «خيانة للقدس ولفلسطين». وعلى هذا النهج سارت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي لا تقر باتفاق أوسلو وبالكيان الإزرائيلي، إلى وصف التطبيع المغربي بـ«اليوم الأسود في تاريخ الشعب الفلسطيني»‏[49].

غير أن إعلان المملكة لموقفها الثابت من الصراع العربي – الإزرائيلي‏[50] وتمسكها بأولوية القضية الفلسطينية في أجنداتها الخارجية، قد سمح بمجال واسع للمناورة عند الحركات الفلسطينية، مثلما سمح باحتواء بعض المواقف الحادة تجاه المغرب. لُمِس هذا في موقف حركة فتح من خطاب العرش ليوم 30 تموز/يوليو 2023 الذي ركز على الأدوار الطلائعية والدعم الذي يقدمه الملك كرئيس للجنة القدس‏[51]. وقد حصل الأمر نفسه مع حركة حماس التي كانت زيارتها المغرب في حزيران/يونيو 2021 وحفاوة الاستقبال التي لقيتها من الأحزاب المغربية الكبرى، مدخلًا نحو تليين مواقفها تجاه المملكة، حيث أثنى إسماعيل هنية على دور الملك الأساسي في القضية الفلسطينية بوصفه رئيسًا للجنة القدس‏[52]. أما «الجهاد الإسلامي» و«الحركة الشعبية» فلم تتغير مواقفهما تجاه المغرب.

ولأن المواقف اللينة تلاقي عند كل تنظيم تحرري لا يزال يئن تحت وطأة الاستعمار، الضغط من قواعده وهياكله التنظيمية، فإنها كانت تتراجع بقدر توغل الكيان الإزرائيلي في الجسد المغربي وبقدر تسارع الاتفاقيات والزيارات وتنوع مجالاتها. من ذلك مثلًا أن بيان فتح بخصوص الاتفاقات الأمنية والعسكرية المبرمة مع المغرب قد مثّل انعتاقًا من الصمت الذي طَوَّقَ الحركة لقرابة السنة، حاسبةً إياها «طعنة في ظهر القدس» وتخليًا «عن مسؤوليات المغرب القومية والدينية تجاه فلسطين»‏[53]. وبالمثل فإن زيارة وزير الخارجية الإزرائيلي للمغرب بتاريخ 12/08/2021 دفعت فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس إلى وصفها مساهمة في «تجميل وجه الاحتلال الإسرائيلي»‏[54]. أما الجهاد الإسلامي فوصفت التنسيق الأمني المغربي – الإزرائيلي بأنه «طعنة غادرة وشرعنة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي»‏[55]. وفي ما يختص بالجبهة الشعبية فقد أدانت الاتفاقات الأمنية، ووصفت التغلغل الإزرائيلي في الجسد المغربي بالخطر على المغاربة وعلى المنطقة برمّتها‏[56].

يمكن الخلوص إذًا إلى أن مواقف الفصائل الفلسطينية تجاه المغرب تتجاذبها حسابات الداخل والخارج وموازين القوى الدولية والإقليمية، والبحث عن مصادر الدعم والقوة من مال وسلاح ودعم نفسي وسياسي، وبخاصةٍ أن الاعتماد على المساعدات الخارجية لم يكن يمنح هذه الحركات والفصائل الفرصة لتقييم مواقفها ورؤاها على عين المتطلبات والحاجات الداخلية؛ وهي إذ تناور هنا وهناك، فإنها تدرك أنها محكومة بسقف لهذه المناورات، مبني على الانسجام مع أدبياتها ورؤاها وعدم التفريط في شعبيتها التي تؤهلها لمواجهة الاحتلال.

2 – الأحزاب المغربية وطبيعة النسق السياسي المغربي

كان لجوّ التصالح العام بين الأحزاب المغربية والملَكية في المغرب وتماهي مشروعياتها النضالية مع الشرعية السياسية والاجتماعية للنظام الحاكم، الدور البارز في انطباع مواقف هذه الأحزاب بالطباع العامة التي تسم النظام السياسي المغربي وباستتباع هذه الأحزاب للتقاليد المخزنية الراسخة؛ وهو أمر يتم غالبًا باعتماد لغة التفاهم والتعاون بدلًا من لغة الصراع والنزاع، وبالالتفاف حول ثابت الملكية بدل البحث عن أنظمة حكم أخرى.

وفي طبيعة الحال لا يمكن حسبان حالة التفاهم في النسق السياسي المغربي حالة عامة تؤطر السلوك السياسي المغربي، بل إن من المكونات السياسية من يخرق هذه القاعدة ويحدد موقعه في تَقابُلٍ تامٍ مع النظام الملكي الحاكم، كما هو شأن جماعة العدل والإحسان «المحظورة» (تصنف كأكبر جماعة معارضة في المغرب) التي ما تزال ترفض، من منطلق ثوابتها الراسخة‏[57]، التعامل مع النظام السياسي أو المشاركة في انتخاباته أو التصويت على دستوره‏[58].

على أي حال تُعَدّ فلسطين قضية عابرة للأيديولوجيا في نظر المكونات الحزبية المغربية، على اختلاف خلفياتها الفكرية ومواقعها في النسق السياسي المغربي، أكانت في المسؤولية الحكومية أم في المعارضة، أم خارج اللعبة الانتخابية برمّتها‏[59]. كما تمثل العلاقات مع المكونات الفلسطينية مَعْبَر الأحزاب المغربية نحو توطيد الانتماء المشترك بين أبناء البلدين.

يُعَدّ حزب الاستقلال امتدادًا للحركة التحررية في المغرب التي تُخْلص في مرجعيتها لله وللوطن وللملكية الدستورية‏[60] وتتبنى «الوسطية» و«الانفتاح» و«الاعتدال» في قراءة الواقع والذود عن الإسلام وشريعته‏[61]. وهي معالم استلهمها «الاستقلال» من فكر مؤسسه الخالد علال الفاسي، الذي استطاع أن يبني علاقات متينة مع حركة فتح. ففي هذا يقول الفاسي: «يحق لحزبنا الفخر بأن يكون أول هيئة عربية سبقت إلى تقدير هذه العصبة المؤمنة (يَقصد فَتْح)، ووضعت ثقتها فيها..»‏[62].

ومن الواضح أن مواقف علّال الفاسي وتصوراته قد أسعفت الحزب في تضمين أدبياته وأوراقه مواقف متشددة من الكيان الإزرائيلي، ومنها رفض قيام دولة «صهيونية» على أرض فلسطين المتوارثة‏[63]، علاوة على إدخال قضية الوحدة الترابية ذاتها ضمن «أهمية التصدي للقوات الاستعمارية التي استهدفت تجزئة الوطن العربي في المشرق والمغرب وبلقنة دوله»‏[64].

وفي ما يخص حزب العدالة والتنمية فلا حاجة لنا إلى الرجوع إلى أوراقه وأدبياته ومواقف قياداته، أو إلى الصِّلاتِ الوُثقى بين مؤسسه الدكتور الخطيب وقوى التحرر العربي والفلسطيني، فكلها معالم تبين مركزية القضية الفلسطينية لدى الحزب وقواعده. لهذا فالحزب الذي ولد من رحم حركة التوحيد والإصلاح الدعوية ويتخذ المرجعية الإسلامية دِثارًا له، يجد نفسه أقرب إلى حركة حماس من بقية الفصائل الأخرى‏[65]؛ وذلك على قاعدة «رأب الصدع» وتجاوز «حالة التشرذم في العالم العربي». فعلى هذا الأساس يساوي الحزب الدفاع عن فلسطين مع مقام الدفاع عن الوحدة الترابية المغربية‏[66].

أما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يُعَدّ امتدادًا للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ولأفكار ورؤى المهدي بنبركة وعمر بن جلون، فإن رؤيته الأيديولوجية للانتماء العربي وللثورة الفلسطينية وللأممية الاشتراكية، تجعل منه حزبًا ذا موقف حادٍّ من «الصهيونية والإمبريالية العالمية»، وذلك عبر دعوته إلى حشد «كل الطاقات المادية – كالنفط العربي مثلًا – والبشرية العربية لمواجهة كل المخططات الصهيونية والإمبريالية». لهذا فالقضية الفلسطينية كانت حاضرة في مختلف ملتقيات الحزب، وفي جل أصواته الإعلامية‏[67].

أما عن حزب التقدم والاشتراكية، فلئن كان يقدم نفسه على أنه امتداد تنظيمي وفكري للحزب الشيوعي المغربي ولحزب التحرر والاشتراكية، ويناضل من أجل «سيادة الوطن واستقلاله ووحدته الترابية»‏[68] فإن انفتاحه «على ما هو مشرق من تراثنا العربي الإسلامي»‏[69]، يضع مساندة الشعب الفلسطيني «الشقيق» وتحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة، على رأس الشروط لتحقيق «التكامل الاقتصادي والسياسي والثقافي بالمنطقة العربية»‏[70].

وبخصوص جماعة العدل والإحسان التي تعمل من خارج منظومة السلطة، فإنها تستلهم رؤيتها وتصوراتها لنفسها ولمحيطها من فكر مؤسسها عبد السلام ياسين الذي لا يَعدّ القضية الفلسطينية «قضية محلية» فحسب، بل «قضية مركزية» تتفرع عنها كل «القضايا التاريخية المصيرية» الأخرى‏[71]، لأنها هي «بداية المواجهة الحاسمة بين الحق والباطل»‏[72].

فكيف تفاعلت الأحزاب والجماعات المغربية مع الاتفاق الثلاثي؟

لقد اتسم موقف حزب الاستقلال من تطبيع 10 كانون الأول/ديسمبر 2020 بالارتباك والتذبذب؛ وسواءٌ كان سبب هذا الارتباك هو الجهل بمضامين التطبيع وحدوده، أو بسبب تمسك الدولة بدعم القضية الفلسطينية؛ فإن حالة الصمت التي رافقت توقيع الاتفاق الثلاثي كانت عنوان موقف الحزب مثلما كانت عنوان «صدمةٍ» وتناقضاتٍ كبرى عاشتها قواعد «الاستقلال».

آية هذا التناقض، تعهدات الحزب السابقة بالتصدي إلى عدوى التطبيع التي تنخر «أوصال الوطن العربي»‏[73]، وبخاصة مع موقفه المتشدد من تطبيع الإمارات الذي وسمه الحزب بالخطوة «المضرة» المساهمة في تقويض «الموقف العربي» وإضعاف «القوة التفاوضية للفلسطينيين»‏[74].

غير أن حزب العدالة والتنمية، فرغم استدراكاته المتأخرة‏[75] المنددة بالتطبيع والرافضة لانفتاح المغرب على إزرائيل، فإنها لم تسعفه في تجاوز حالة الصدمة التي لحقت قواعد الحزب وقياداته وعموم المتعاطفين مع مشروعه، من جراء جلوس سعد الدين العثماني الأمين العام للحزب آنذاك على الطاولة نفسها مع مستشار الأمن القومي لإزرائيل مئير بن شبات‏[76]. وبخاصة أن الحزب قد أصدر، قبل أيام قليلة من الاتفاق، بيانًا شديد اللهجة بتاريخ 21 أغسطس/آب 2020 أدان فيه تطبيع الإمارات. وهو التناقض الذي تجاوزته حركة التوحيد والإصلاح بإدانتها تطبيع المغرب كما تطبيع الإمارات والبحرين.

كذلك كان شأن الاتحاد الاشتراكي الذي لم تمكنه رؤيته نحو فلسطين من تجاوز حالة الارتباك العام الذي عرفته بقية الأحزاب المغربية، إذ يبدو أن الحزب لم يكن يستشرف بالقدر اللازم مآلات العلاقة بين المغرب وإزرائيل، فرجح لديه استبعاد حصول التقارب بينهما‏[77]. وهو أمر وازنه «الاتحاد» بمحاولة التوليف بين دعم القضية الفلسطينية في إطار «السلام العادل» وبين التشديد على المكاسب التي تحققت لقضية الصحراء المغربية‏[78].

ينطبق الأمر نفسه على حزب التقدم والاشتراكية الذي رَدَّ الاتفاق المغربي الإزرائيلي إلى توافقات وتوازنات داخلية وخارجية، بعدما كان يستهجن اتفاقات التطبيع ويعدّها استهدافًا و«تصفية» للقضية الفلسطينية‏[79]، محاولًا في الآن نفسه التشديد على مركزية القضية الفلسطينية وضرورة «إيقاف» انتهاكات إزرائيل المتكررة‏[80].

وبخصوص جماعة العدل والإحسان فمن الطبيعي أن يأتي سلوكها متماهيًا مع موقفها العام من التطبيع، لذلك تَشابه موقفها من الاتفاق الثلاثي مع موقفها من التطبيع الإماراتي؛ فإذا كان تطبيع الإمارات يمثل «غدرًا وخيانة لقضية الأمة الأولى» و«محاولة حثيثة» لحصار «الشعب الفلسطيني»‏[81]، فإن الاتفاق الثلاثي قد مثّل، بحسب بيان إرشاد الجماعة المؤرخ بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 2020، «تأسِّيًا بمحور الخيانة»، و«طعنات جديدة في ظهر الأمة».

وعلى الجملة، لا يمكن فهم مواقف الأحزاب والجماعات موضوع الدراسة إلا ضمن النسق السياسي المغربي ونموذجه الإدراكي العام، وضمن أوراقها المرجعية ورؤاها عن السياسة والسلطة ومواقفها من النظام السياسي نفسه.. ففي هذا يبدو دور الملك حاسمًا في تحديد الملامح العامة والمستلزمات المنهجية للتفاعل المغربي الفلسطيني. ذلك أن تربُّعه على السياسة الخارجية ومحورية الملكية في هذا المجال السيادي والحيوي، يجعل من موقعه في النسق السياسي المغربي مركزًا تتحلق حوله باقي القرارات والمواقف، ناهيك بأن الدستور المغربي الذي يتأطر بالمرجعية الإسلامية وبـ«تعميق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية»، إنما يعبر عن شرعية راسخة للنظام الملكي كإطار منهجي/ومرجعي تستوعب من خلاله الأحزاب السياسية محيطها الإقليمي وتفاعلات العلاقات الدولية، ومن ثم محدودية تدخلاتها في هذه العلاقات.

خاتمة

لقد أفْضَت الدراسة إلى تَبَيُّنِ ملامحِ النموذجِ الحضاريِّ العام الذي تندرج في إطاره العلاقة بين المغرب وفلسطين، مثلما أفضت إلى تَبين الضوابط الأدبية والتصورية الثَّاويةِ وراء مواقف الأحزاب المغربية والحركات الفلسطينية من التطبيع المغربي. وهي ضوابط ومواقف إذ تستوعب تصورات المغاربة والفلسطينيين لأنفسهم من خلال تكوّنهم المجتمعي ذي الأصل والمصير الواحد، فإنها تحاول توطين هذه التصورات والرؤى في محيطها المحلي والإقليمي بالقدر الذي يؤهلها، من جهة، لاستيعاب المتغيرات الدولية الحاسمة والتدقيق في تحالفاتها وخياراتها الاستراتيجية، ويضمن لها، من جهة ثانية، مقابلةَ النموذج الإدراكي المغربي/الفلسطيني مقابلةً مقاوِمَةً وممانِعَةً، مع النموذج الإدراكي الإزرائيلي الذي لم يستطع ابتناء تشكلٍ اجتماعيٍّ/مجتمعيٍّ مستتِبٍّ ومكتملٍ يقوده إلى صوغ مدركاته الجماعية بعيدًا من لغة القهر والقوة والإحلال.

كذلك أسعف التنقيب والتدقيق في أدبيات ورؤى المكونات الحركية والسياسية الفلسطينية والمغربية، إلى التأكد من ارتباط مواقفها واختياراتها بأصول ومنطلقات تفكيرها.. وهي أصول لا تخرج في مجملها عن مفهوم هذه الأحزاب والحركات للسياسة والسلطة والمصلحة، وعن تصورها لذاتها ولمحيطها؛ ففي هذا انتهت الدراسة إلى وجود صنفين من المكونات السياسية الفلسطينية والمغربية:

صنف أول: اختار العمل السياسي الحزبي، ويرى أن التغيير بالسلطة السياسية وبأدواتها هو السبيل نحو التمكين لمشروعه التغييري، وهو صنف يجد نفسه ملزما بالتوفيق والموازنة بين أدبياته ومواقفه على عين ضرورات وفروض الواقع، بالشكل الذي يجعله يتصرف مع أدبياته وأطروحاته بدرجتين متفاوتتين:

– درجة الأساسي والمرجعي‏[82]، منها الذي يوجد في مقام سابق على العمل السياسي الميداني المقترن بالسلطة وبمصالحها المتناقضة؛ ففي الغالب يتسم الانحياز لهذه الدرجة المرجعية بالتشدد في المواقف لأن التفريط في هذه الأساسيات إنما هو تفريط في أصل وجودها وفي مقصد استمرارها، حتى ولو تم ذلك على مستوى الشعارات فقط.

– درجة الاجتهادات السياسية، وهي اجتهادات مرتبطة بالمصلحة وبالسياسة وبالسلطة، ومرتهنة بقدر كبير للواقع اليومي ولما هو لحظي وظرفي وآني. لهذا فزمن السلطة والسياسة لا يتيح لها من خيارات التأمل الفلسفية والاستراتيجية الشيء الكثير، ويرغمها على التأسي في بناء مواقفها بملامح ومعالم «الضرورة» و«الواقعية» و«العقلانية»، والتغافل عما هو مرجعي في أدبياتها ورؤاها وتصوراتها. وهو أمر يسقطها في الارتباك والتناقض، أو قل: في الازدواجية والتبريرية.

وصنف ثانٍ يرفض العمل الحزبي أصلًا، ويرفض العمل السياسي بشروطه وضوابطه الحالية، كما يصر على أن التمكين لمشروعه السياسي إنما يتحقق بثورة جذرية على هذا النظام وإحلال نظام بديل منه؛ لهذا فإن مواقفه من التطبيع إنما هي في حقيقة الأمر تعبير عن موقفه الرافض للنظام السياسي الذي ينتمي إليه ولما يَبْدُرُ عنه من سياسات واختيارات.

وإذا كان الغالب على هذا الصنف عدم ارتباك وتناقض مواقفه مع أدبياته، فلأنه لم يجرب أصلًا منظومة السلطة على النحو الذي يختبر فيها أطروحاته ورؤاه وأدبياته حين عرضها على مقصلة الواقع السياسي المتشابك والمليء بالتناقضات والإكراهات.

ورغم هذا الاختلاف البَيِّنِ عند الصنفين، فإن الدراسة تقودنا إلى استجلاء الحدود الدنيا للثوابت في فكرهما معًا، وهي الثوابت التي اصطلحنا عليها بالنموذج الإدراكي الحضاري العام.

يبدو هذا الأمر واضحًا من خلال لغة التفاهم والتفهُّم المبطنة بين المكونات السياسية الفلسطينية والمغربية وبين النظام السياسي المغربي؛ فبصرف النظر عن قبول هذه المكونات أو عدم قبولها بالضغوط الممارسة على المغرب، فإن لسان حال معظمها يسمح له بالمناورة في الحدود التي لا تجارى فيها الاستراتيجيات الإزرائيلية في المنطقة ولا تقف حجر عثرة في وجه الدعم المقدم إلى فلسطين. ومِصْداقُ ذلك أن الفلسطينيين لم يوقفوا تعويلهم على التقاليد الراسخة للمخزن المغربي، التي لا يُمْكِنها بحسبهم أن تتبنى أطروحات معادية لفلسطين لأنها ستكون في عمقها معادية للمغرب ولوحدته الترابية.

لهذا لا يتوانى النظام السياسي في رسائله الراجعة عن تأكيد أولوية القضية الفلسطينية ومحوريتها في استراتيجيات المغرب وفي أصول نموذجه الإدراكي. وهو أمر أقره مرارًا وتكرارًا الملك محمد السادس سواء من خلال اتصاله الهاتفي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس مباشرة بعد توقيع الاتفاق الثلاثي، أو من خلال استقبال حكومة العدالة والتنمية حركة حماس، أو من خلال رسائل وبلاغات القصر الملكي المُشِيدة بمحورية فلسطين لدى المغرب، ومنها مثلًا بلاغ الديوان الملكي الموجَّه ضد حزب العدالة والتنمية بتاريخ 13 آذار/مارس 2023 لمطالبته بعدم المزايدة على ملف فلسطين لأنه يمثل ثابتًا من ثوابت الإدراك المغربي وسياسته الخارجية.

وعلى صعيد ذي صلة، يبدو أن استحضار خطر العقيدة التوسعية للكيان الإزرائيلي، صار أمرًا حاسمًا يحتم التعامل مع الاحتلال بالجديِّ والحذر اللازمين، وبخاصة بعد الجرح الغائر الذي خلفته أحداث 7 أكتوبر 2023 لدى هذا الكيان على المستويات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية والسياسية، ناهيك باضطراب صورته لدى الرأي العام الدولي، فلم يعد له من المتاحات سوى الإطناب في لغة القهر والقتل والتهجير، كلغة وحيدة لتصفية القضية الفلسطينية ولتخويف البلدان العربية التي تقاوم ضغوطه ومخططاته.

وبمعزل عمّا أثارته أحداث «طوفان الأقصى» من ملاحظات وانتقادات، فإنها جسَّدت حلقة مفصلية حرَّرت المواقف الحزبية والحركية الفلسطينية والمغربية من ربقة الضغوط الواقعية والسياسية التي ألَمَّت بها، كما منحت هذه الأحداث فرصة جادة للمكونات الحركية للبلدين من أجل استعادة الذاكرة الأصلية والمصالحة مع أصول النظر وأدبيات التأسيسية.

وارتباطًا بمآلات الطوفان فإننا نقدر أن المنحى العنفي غير المسبوق الذي التجأت إليه إزرائيل، لن يمر من دون ردود فعل مقاومة قوية تجتمع على قاعدة العداء لهذا الكيان أكثر من اجتماعها على الولاءات الفصائلية والحزبية. وهي ردود ومقاومات ستتلحف شعارات ورؤى وأدوات أكثر واقعية ستستفيد من عمق الأزمات التي يعيشها الكيان الإزرائيلي مثل تصدع بنيانه الديمغرافي وانحصار موارده الاقتصادية وفداحة خسائره العسكرية وضيق أفق مناوراته السياسية، ناهيك بتضرر صورته الأخلاقية أمام شعوب العالم. كما ستَسْتَلُّ هذه المقاومات خياراتها ورؤاها وحركتها من أرض المعركة ومن وحدة التشكل المجتمعي العربي الأعم، الذي ينفرد وحده، بضمان قاعدة آمنة تحتضن وتسند ظهر الفلسطينيين.

على هذه الأسس تتوقع الدراسة أن يستنفد التطبيع المغربي مقوماته، لاستنفاد المؤثرات الظرفية التي أسهمت فيه، وأن المغرب لا يمكنه أن يبني تحالفات استراتيجية مع إزرائيل، ليس فقط لما أحدثته حرب 7 أكتوبر من شرخ بين إزرائيل والبلدان المطبعة، بل لأن ملك المغرب هو أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، وأن التكون المجتمعي العربي الذي يجمع فلسطين بالمغرب يستظل بالمرجعية الإسلامية وبنموذجها الحضاري الإنساني الذي لا يمكنه أن يتماهى بالمطلق مع نموذج إدراكي لغته الوحيدة هي القتل والتنكيل.

كتب ذات صلة:

مقاومة التطبيع: ثلاثون عاماً من المواجهة

المصادر:

نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 551 في كانون الثاني/يناير 2025.

خالد شخمان: دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية في كلية سلا، جامعة محمد الخامس، الرباط.

عبد القادر العزة: دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، كلية سلا، جامعة محمد الخامس، الرباط، وأستاذ مساعد في جامعة النجاح الوطنية – نابلس.

[1] نقصد اتفاقية التطبيع الثلاثية التي عقدت بتاريخ كانون الأول/ديسمبر سنة 2020 في العاصمة الرباط بين المغرب وإزرائيل برعاية أمريكية.

[2] تنحاز الدراسة إلى الترجمة الإنكليزية Israel «إزرائيل» لتلافي النسبة المتعسفة إلى المكونين اللغويين «إسرا»/عبد و«إيل»/الله، إلى نبي الله يعقوب وحفيده إبراهيم الخليل عليهما السلام. انظر: سعيد خالد الحسن، «دراسة في الأبعاد الإدراكية والسياسية للنموذج الانتفاضي للانتفاضة في فلسطين،» (أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، 2002).

[3] نبيل زكاوي، «ملامح العلاقات المغربية – الإسرائيلية في سياق التطبيع: أصدقاء أم حلفاء؟،» مركز الجزيرة للدراسات، 9 آذار/مارس 2022، <https://studies.aljazeera.net/ar/article/5317> (شوهد بتاريخ 14 أيار/مايو 2023). انظر أيضًا: عبد الوهاب المسيري، مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي: جذوره، ومساره، ومستقبله (دمشق: دار الفكر، 2003)، ص 38.

[4] «المدركات الجماعية» مفهوم نحته سعيد الحسن، ويحيل على منظومة معرفية تستكمل في ظلها جماعة ما، عبر استقرارها على أرض مخصوصة، إدراكها الجماعي من خلال التفاعل المتشابك بين فكرتها المرجعية وقيمها التوجيهية وتقاليدها الحياتية؛ انظر: سعيد خالد الحسن، مدخل تمهيدي لدراسة نظرية القيم السياسية: المدركات الجماعية (الرباط: مؤسسة خالد الحسن، دار الأمان، 2015)، ص 17 وما بعدها.

[5] المسيري، المصدر نفسه، ص 10 – 11 و46.

[6] حاييم الزعفراني، ألف سنة من حياة اليهود بالمغرب: تاريخ، ثقافة، دين، ترجمة أحمد شحلان وعبد الغني أبو العزم (الدار البيضاء: المؤلف، 1987)، ص 226.

[7] أحمد شحلان، اليهود المغاربة من منبت الأصول إلى رياح الفرقة: قراءة في الموروث والفرقة (الرباط: دار أبي رقراق للطباعة والنشر، 2009)، ص 11 و13.

[8] زكاوي، «ملامح العلاقات المغربية الإسرائيلية في سياق التطبيع: أصدقاء أم حلفاء؟».

[9] المسيري، مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي: جذوره، ومساره، ومستقبله، ص 187 – 188.

[10] حامد ربيع، قراءة في فكر علماء الاستراتيجية، إعداد جمال عبد الهادي مسعود، عبد الراضي أمين سليم، نحو وعي سياسي استراتيجي وتاريخي؛ 4، 6 ج (المنصورة: دار الوفاء، 1988 – 1999)، ج 3: إدارة الصراع العربي – الإسرائيلي: كيف تفكر إسرائيل؟، ص 15.

[11] المسيري، المصدر نفسه، ص 32 – 36.

[12] منصور جوني، إسرائيل الأخرى رؤية من الداخل) الدوحة، مركز الجزيرة للدراسات، 2009)، ص 62 – 63، 65.

[13] ربيع، قراءة في فكر علماء الاستراتيجية، ص 9.

[14] المصدر نفسه، ص 12 – 13.

[15] أحمد بن الطاهر، المغرب وإسرائيل.. 6 عقود من التعاون (تسلسل زمني)،» وكالة الأناضول، 18 كانون الأول/ديسمبر 2020، <https://rebrand.ly/qozjozn> (شوهد بتاريخ 17 حزيران/يونيو 2023). انظر أيضًا: إلهام جبر شمالي، معد، «ورقة علمية: مسار التطبيع بين المملكة المغربية و«إسرائيل»،» مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 17 كانون الأول/ديسمبر 2020، <https://rebrand.ly/gyr799a> (شوهد بتاريخ 17 حزيران/يونيو 2023).

[16] زكاوي، «ملامح العلاقات المغربية الإسرائيلية في سياق التطبيع: أصدقاء أم حلفاء؟».

[17] Petra Dachtler, «From New to Normal: Two Years after the Abraham Accords,» GIGA Focus (German Institute for Global and Area Studies), no. 5 (2022).

[18] «هكذا أرسى الحسن الثاني معالم العلاقات بين المغرب وإسرائيل،» هسبريس، 13/12/2020، <https://rebrand.ly/5r22hj6>.

[19] المصدر نفسه.

[20] حسن بويخف، «حزب المصباح ومستقبل المشاركة المؤسساتية في ظل التطبيع ببعد استراتيجي،» العمق المغربي، 22 نيسان/أبريل 2022، <https://al3omk.com/741598.html> (شوهد بتاريخ 25 حزيران/يونيو 2023).

[21] أسلوب يقوم على جر المفاوضين نحو القبول بشروط التفاوض، انظر: Abdennour Toumi, «Morocco-Israel Ties: Between Normalization and Banalization,» The Center for Middle Eastern Studies (ORSAM), 14 December 2020, <https://bit.ly/3okaBYu>.

[22] جوناثان فريالند، «فلسطين والربيع العربي: لماذا تعني القضية الفلسطينية الأمة العربية؟،» المجلة الثقافية للائحة القومي العربي، العدد 18 (2015)، ص 1.

[23] الحسن سرات، «المغاربة وفلسطين: جهاد ومقاومة في الماضي والحاضر،» الجزيرة نت، 22 كانون الثاني/يناير 2009، <https://rebrand.ly/xjsldho> (شوهد بتاريخ 10 أيار/مايو 2023)

[24] لا نقصد بالعربي المعنى العرقي، بل نتوقف على المعنى الاجتماعي/السوسيولوجي الذي تتمايز من خلاله المجتمعات بعضها من بعض.

[25] عبد الإله بلقزيز، العربي مفضال وأمينة البقالي، «الحركة الوطنية المغربية والمسألة القومية، 1947، 1986 محاولة في التأريخ،» مجلة الدراسات الفلسطينية، السنة 4، العدد 13 (1993)، ص 2.

[26] فاطمة الحسن، «السياسة الخارجية المغربية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي (1990 – 2011)،» (أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا، الرباط، 2015 – 2016)، ص 298 – 317.

[27] محمد عابد الجابري، المغرب المعاصر: الخصوصية والهوية.. الحداثة والتنمية (الدار البيضاء: مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر، 1988)، ص 116 وما بعدها.

[28] عباس الجراري، الثقافة، من الهوية إلى الحوار، منشورات النادي الجراري؛ 3 (الرباط: المؤلف، 1993)، نقلًا عن: هشام لحصيني، «الخلفية الاستراتيجية للمفاوض المغربي: مفاوضات مدريد 1975 نموذجًا،» مجلة البحثية، العدد 3 (ربيع 2015)، ص 35، 38، و59.

[29] عز الدين عسيلة، «ثوابت السياسة الخارجية المغربية،» مجلة التواصل، العدد 4 (2006). ص 31 – 32.

[30] سامر عبد اللطيف أبو عمر، «النظام السياسي الفلسطيني من 1993 حتى 2007،» (أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة القاضي عياض، مراكش، 2010 – 2011)، ص 152 و157.

[31] «خلفية تاريخية، 1948 – 1964،» الموقع الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، 3 أيار/مايو 2016، <https://rebrand.ly/ez738ce> (شوهد بتاريخ 9 تموز/يوليو 2023).

[32] «محور التعريف بالحركة،» موقع حركة حماس،» <https://info.hamas.ps> (شوهد بتاريخ 15 تموز/يوليو 2023).

[33] الوثيقة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية: التعريف بالحركة وهويتها (منشورات حركة الجهاد الإسلامي، 2018)، ص 12،           <https://rebrand.ly/l9klllu>.

[34] «خلفية تاريخية، 1948 – 1964،» الموقع الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، مرجع سابق. انظر أيضًا: محمد أبو شريفة، «الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين والمسألة القوميّة،» بوابة الهدف الإخبارية، 13 كانون الثاني/يناير 2023، <https://hadfnews.ps/post/111979> (شوهد بتاريخ 9 تموز/يوليو 2023).

[35] «المؤتمر العام السادس لحركة «فتح» البرنامج السياسي،» الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، 7 آب/أغسطس 2009، <https://rebrand.ly/rnzre28> (شوهد بتاريخ 9 تموز/يوليو 2023).

[36] موقع حركة حماس، <https://info.hamas.ps> (شوهد بتاريخ 3 آب/أغسطس 2023).

[37] «وثيقة المبادئ والسياسات العامة،» حركة حماس، <https://rebrand.ly/begfbl2> (شوهد بتاريخ 3 آب/أغسطس 2023).

[38] الوثيقة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية: التعريف بالحركة وهويتها، مرجع سابق، ص 30 – 32.

[39] «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،» بوابة الهدف الإخبارية، 10 تموز/يوليو 2018، <https://hadfnews.ps/post/43469> (شوهد بتاريخ 3 آب/أغسطس 2023).

[40] من ذلك اجتماع قيادات فتح بقيادات حزب الاستقلال بمدينة رام الله سنة 2016، أو بالرباط سنة 2019. وبقيادات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بتاريخ 21/1/2016. وحزب التقدم والاشتراكية في 5/6/2013. ومع العدالة والتنمية بتاريخ 4/6/2013. أما عن جماعة العدل والإحسان فلم يثبت، على ما نعلم، أي لقاء بينهما.

[41] عبد الصمد بنعباد،» ابن كيران يرقص «الدبكة» ويدعو فتح وحماس للوحدة،» موقع عربي 21، 11 كانون الثاني/يناير 2016، <https://rebrand.ly/y2beje5> (شوهد بتاريخ 19 حزيران/يونيو 2023).

[42] انظر التصريح الصحفي لحركة حماس بتاريخ 28/12/2017، <https://hamas.ps/ar/post/8385> (شوهد بتاريخ 22 حزيران/يونيو 2023).

[43] كلقائهما في بيروت بتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2017. انظر: «العدل والإحسان في ضيافة حركة حماس،» أنفاس بريس، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 (شوهد بتاريخ 19 تموز/يوليو 2023).

[44] موقع الجماعة، 6 حزيران/يونيو 2020، <https://www.aljamaa.net/posts> (شوهد بتاريخ 10 تموز/يوليو 2023).

[45] موقع الجماعة، 24 أيار/مايو 2021، <https://aljamaa.com/ar/182214> (شوهد بتاريخ 10 تموز/يوليو 2023).

[46] مريم مكريم، «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تهنئ فيدرالية اليسار الديمقراطي بالمغرب،» فبراير كوم، 22 آذار/مارس 2014، <http://febrayer.com/62238.html> (شوهد بتاريخ 21 تموز/يوليو 2023).

[47] الحسن، «المغاربة وفلسطين: جهاد ومقاومة في الماضي والحاضر».

[48] لم تسحب سفيرها من المغرب كما فعلت مع البحرين والإمارات. انظر: معين الطاهر «جذور التطبيع: تاريخه ومراميه،» مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 130 (ربيع 2022)، ص 40.

[49] «التطبيع المغربي – الإسرائيلي: فلسطين تندد «بالخطيئة السياسية» ونتانياهو يرحب «بالاتفاق التاريخي»،» فرانس 24، 10 كانون الأول/ديسمبر 2020، <https://rebrand.ly/bop31cp> (شوهد بتاريخ 24 تموز/يوليو 2023).

[50] Yasmina Abouzzohour, «Partial Normalization: Morocco’s Balancing Act,» Arab Reform Initiative, 10 August 2021, p. 2, <https://rebrand.ly/3yx7tbl>.

[51] «حركة فتح: خطاب عيد العرش أكد على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للمغرب،» موقع كيفاش، 31 تموز/يوليو 2023، <https://rebrand.ly/7dovlt1> (شوهد بتاريخ 31 تموز/يوليو 2023).

[52] «إسماعيل هنية يستقبل زعماء الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية،» موقع حزب العدالة والتنمية، 19 حزيران/يونيو 2021، <https://www.pjd.ma/media/153623.html> (شوهد بتاريخ 1 آب/أغسطس 2021).

[53] ««حركة «فتح»: اتفاقيات المغرب وإسرائيل طعنة في ظهر القدس،» موقع لكم المغربي، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، <https://lakome2.com/politique/253158> (شوهد بتاريخ 14 تموز/يوليو 2023).

[54] الموقع الرسمي لحركة حماس، 12/8/2021، <https://hamas.ps/ar/p/13626> (شوهد بتاريخ 3 آب/أغسطس 2023).

[55] «الجهاد الإسلامي: التفاهم الأمني بين المغرب و«إسرائيل» طعنة غادرة وشرعنة لجرائم الاحتلال،» السياسية، 27/11/2023، <https://rebrand.ly/b1guxst> (شوهد 15 تموز/يوليو 2023).

[56] محمد ماجد، «فلسطين.. «الجبهة الشعبية» تدين زيارة وزير دفاع إسرائيل للمغرب،» وكالة الأناضول، 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، <https://rebrand.ly/ho1nea6> (شوهد بتاريخ 14 تموز/يوليو 2023).

[57] هي «الخلافة على منهاج النبوية» ورفض «المُلك العاض»، و«المُلك الجبري». انظر: مصطفى العوني العرباوي، «الخط السياسي لجماعة العدل والإحسان بين الثابت والمتغير – الجزء الثاني،» موقع الجماعة، 29 آذار/مارس 2010، <https://rebrand.ly/2e56erc> (شوهد بتاريخ 10 تموز/يوليو 2023).

[58] ورغم ذلك يلاحظ أن الجماعة تمنح أعضائها حرية المشاركة في الانتخابات المهنية التي تمثل خارطة مجلس المستشارين.

[59] إبراهيم أبراش، «العلاقات المغربية الفلسطينية ثابتة وعابرة للأحزاب،» موقع ميدل إيست أونلاين، 17 آذار/مارس 2023، <https://rebrand.ly/jde4ji0> (شوهد بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2023). انظر أيضًا: نعمان عاطف عمرو، «الدعم المغربي للقضية الفلسطينية من عام 1947 الى 1974م،» مجلة الأستاذ، السنة 2، العدد 221 (2017)، ص 63.

[60] ف 3 من القانون الأساسي للمؤتمر 17 المنعقد في أيلول/سبتمبر – تشرين الأول/أكتوبر 2017، الرباط.

[61] المؤتمر 17 لحزب الاستقلال، منشورات المركز العام لحزب الاستقلال، الرباط، أيلول/سبتمبر – تشرين الأول/أكتوبر 2017، ص 10 – 11.

[62] عادل بنحمزة، «الزعيم علال الفاسي والقضية الفلسطينية،» موقع السفير، <https://assafir.ma/69178> (شوهد بتاريخ 10 تموز/يوليو 2023).

[63] بيان حزب الاستقلال الموقع باسم أحمد الزايدي، 12 كانون الثاني/يناير 1967.

[64] المؤتمر 17 لحزب الاستقلال، منشورات المركز العام لحزب الاستقلال، مرجع سابق، ص 6.

[65] حضور قيادات حماس لمؤتمرات الحزب والحركة والشبيبة.

[66] البيان الختامي للمؤتمر الوطني الثامن، كانون الأول/ديسمبر 2017.

[67] إدريس ولد القابلة، «الدعم المغربي للقضية الفلسطينية،» الحوار المتمدن، العدد 1275 (2005).

[68] «الأطروحة السياسية المنبثقة عن المؤتمر الوطني العاشر،» موقع الحزب، <https://pps.ma/wp-content/uploads/2018/04> (شوهد بتاريخ 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023).

[69] المصدر نفسه، ص 9.

[70] المصدر نفسه، ص 38 – 39.

[71] المصدر نفسه.

[72] نقلًا عن: عبد الصمد فتحي، «القضية الفلسطينية في فكر الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمة الله،» موقع الجماعة، 23 كانون الأول/ديسمبر 2023.

[73] إسماعيل التزارني، «اتفاق الإمارات وإسرائيل.. بركة: سنتصدى لمحاولات تحويل وباء التطبيع إلى جائحة،» العمق المغربي، 19 آب/أغسطس 2020، <https://al3omk.com/573273.html> (شوهد بتاريخ 14 تموز/يوليو 2023).

[74] «أمين عام حزب الاستقلال المغربي: اتفاقيات التطبيع مضرة وليست ذات جدوى سياسية،» وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2020، <https://wafa.ps/Pages/Details/11199> (شوهد بتاريخ 15 تموز/يوليو 2023).

[75] بعد عودة عبد الإله بنكيران لقيادة سفينة الحزب لولاية ثالثة.

[76] سعد الدين العثماني، «التطبيع قرار صعب والمغرب لن يتنازل عن دعم القضية الفلسطينية،» الجزيرة نت، 16 كانون الأول/أكتوبر 2020، <https://rebrand.ly/q7mw6o0> (شوهد بتاريخ 18 تموز/يوليو 2023).

[77] عبد الحميد جماهري، «المغرب وإسرائيل والتطبيع.. الممكن من المستحيل،» موقع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، 10 أيلول/سبتمبر 2020، <https://rebrand.ly/cotl2lq> (شوهد بتاريخ 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023).

[78] بلاغ 10 كانون الأول/ديسمبر 2020.

[79] بلاغ المكتب السياسي للحزب، بتاريخ 15 أيلول/سبتمبر 2020، <https://pps.ma/19006> (شوهد بتاريخ 24 آذار/مارس 2023).

[80] «رسالة إلى أحزاب اليسار عبر العالم حول اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء وعلاقة بلادنا بالقضية الفلسطينية وبإسرائيل،» حزب التقدم والاشتراكية، <https://pps.ma/19897>.

[81] اعتمدنا صيغة بيان متداول في المواقع الصحفية المغربية، لعدم وصولنا إلى هذا البيان من موقع الجماعة. انظر: أهلال عبد المالك، «العدل والإحسان: تطبيع الإمارات لعلاقاتها مع إسرائيل غدر وخيانة لقضية الأمة،» العمق المغربي، 15 آب/أغسطس 2020، <https://al3omk.com/572139.html> (شوهد بتاريخ 10 آب/أغسطس 2023).

[82] نقصد بالمرجعي هنا المرجع الذي يرجع إليه ويؤطر ما دونه من مواقف وسلوكات، فلا مجال للخروج عن محدداته. فهو الذي يحدد ما يجوز وما لا يجوز.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز