مقدمة

جاء رد إسرائيل على عملية طوفان الأقصى، بشن عملية عسكرية سميت «السيوف الحديد» على كامل قطاع غزة وقد بدأت بقصف متواصل وعنيف استمر شهورًا، ضد مدنيين عزل في القطاع عبر دعم أمريكي سخي بأسلحة وتكنولوجيا متطورة أعقبه اجتياح بري، وهو الأمر الذي تسبب في خسائر ودمار كبيرين في صفوف المدنيين معظمهم من النساء والأطفال. مثّل قصف مستشفى المعمداني، الذي كان يضم آلاف النازحين ومئات الجرحى، صدمة عالمية واستهجانًا كبيرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي لرد الفعل الدولي، وقد اتهم المجتمع الدولي بالمشاركة في الجريمة. وبداية عبّر مستخدمو السوشال ميديا عن غضبهم من تواصل القصف والجرائم الإسرائيلية على سكان القطاع. ولم تقتصر الاحتجاجات على السوشال ميديا فحسب، بل اندلعت تظاهرات في عواصم عربية وعالمية غاضبة ومنددة باستمرار استهداف المدنيين العزل والتمادي في العنف والقصف والحصار حتى صنِّف ما يحدث في غزة على أنه جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، كما اندلعت الكثير من الاحتجاجات في مناطق متفرقة من العالم أمام السفارات الإسرائيلية. واجتاحت منصات التواصل الاجتماعي، وبخاصة موقع إكس (تويتر سابقًا) صور ومقاطع فيديو مروعة، واتشحت الصور الشخصية للكثير من المستخدمين بـ السواد تعبيرًا عن الحزن، وأعربوا عن صدمتهم وخيبة أملهم بردود الفعل الدولية إزاء ما تقوم به إسرائيل من فظائع بحق المواطنين الفلسطينيين.

تفاعل شعوب العالم مع هذه الجرائم وعبَّروا عن غضبهم العارم بسبب سياسات التعتيم والتكتم التي تنتهجها بعض وسائل الإعلام، وخصوصًا الغربية، وفي إثر هذا الوضع خرجت تظاهرات حاشدة تعمّ العالم؛ نصرةً للقضية الفلسطينية، ومتضامنة مع غزة، ومنددة بالإجرام الإسرائيلي، فلم تعد البلدان العربية وحدها من تخرج شعوبها في تظاهرات لنصرة القضية الفلسطينية، بل باتت تكتسح أهم شوارع ومدن بلدان العالم مثل لندن وطوكيو ونيويورك… وهذا ما لفت الانتباه إلى حجم التغير في وجهات الرأي العالمي وخصوصًا الغربي تجاه ما يحدث في غزة، وكيفية تأثير هذا في الرواية الإسرائيلية للحرب.

يعَد غموض الحقيقة وضبابية المشهد حول حقيقة ما كان يحدث على أرض الواقع في غزة، من أهم ما صاحب تفاعل الرأي العام العالمي حول عملية طوفان الأقصى في الإعلام العالمي ورواج الرواية الإسرائيلية للحرب، على أنها حرب ضد المخربين ودفاع عن النفس، وهو الأمر الذي أكسب عملية «السيوف الحديد» الإسرائيلية على قطاع غزة شرعيةً ودعمًا دوليًّا وحتى شعبيًا عالميًّا. لكن ما حملته السوشال ميديا ووصول صور حية ومباشرة من قطاع غزة بعد شن هذه العملية من صور الموت والدمار الوحشي واللاإنساني ضد مدنيين عزَّل والتمادي في العنف المباشر، حتى اتهام إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية في حق الفلسطينيين وخروج الآلاف في شوارع العالم للمطالبة بوقف الحرب على قطاع غزة، يجعل الباحث في هذا الموضوع يثير تساؤلًا مهمًّا حول كيفية تأثير تناول السوشال ميديا جريمة الإبادة في غزة في الرأي العام العالمي وفي السردية الإسرائيلية للحرب؟ وهو السؤال الإشكالي الذي صِيغَ انطلاقًا من فرضية تقوم على أن هناك علاقة بين ما قدمته السوشال ميديا من تنوع لمصادر المعلومة وسهولة الوصول إليها وتبيان ونشر حقيقة ما يجري على الأرض في قطاع غزة عقب شن الكيان المحتل عمليته «السيوف الحديد» للرأي العام العالمي.

من هذا المنطلق سنعمل على تسليط الضوء على كيفية وتأثير تناول السوشال ميديا حرب الإبادة في غزة على الرأي العام العالمي، وخصوصًا البحث في التحديات التي واجهت هذا التناول الرقمي للسردية الفلسطينية في مقابل السردية الإسرائيلية، التي حصرت الموضوع في مهمة الدفاع عن النفس التي جاءت ردًا على عملية طوفان الأقصى.

تكمن أهمية الدراسة في مسألة شديدة الأهمية وهي رصدٌ وتحليل في إطار مفاهيمي نظري منهجي علمي لمسألة جريمة الإبادة الجماعية في السوشال ميديا، وكيف ساهمت في توثيق هذه الجريمة ودحض السردية الإسرائيلية والمبررات الواهية لارتكاب هذه الجريمة وتبيان عدالة القضية الفلسطينية ومشروعيتها لدى الرأي العام العالمي.

اعتمدنا في دراستنا على المنهج الوصفي التحليلي كونه منهجًا بحثيًا بالغ الأهمية، لما يقدمه من مساعدة للباحث لمعرفة واكتشاف العلاقات السببية بين المتغيرات بطريقة علمية منظمة، تجعل من نتائج الدراسة المنجزة في إطاره قيمة علمية كبيرة.

قُسمت الدراسة إلى عنصرين: الأول يبحث في علاقة السوشال ميديا بالرأي العام، والثاني يتم فيه إسقاط هذه العلاقة وأثرها في حرب الإبادة في غزة، وذلك لفهم معطيات الدراسة والربط بين متغيرات الظاهرة بصورة علمي.

لقراءة الورقة كاملة يمكنكم اقتناء العدد 560 (ورقي او الكتروني) عبر هذا الرابط:

مجلة المستقبل العربي العدد 560 تشرين الأول/ أكتوبر 2025

المصادر:

نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 560 في تشرين الأول/أكتوبر 2025.

محمد زيتوني: أستاذ دكتور، كلية الحقوق والعلوم السياسية،
جامعة محمد بوضياف «المسيلة» – الجزائر.

عبير بوعكاز: باحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية – الجزائر.


مركز دراسات الوحدة العربية

فكرة تأسيس مركز للدراسات من جانب نخبة واسعة من المثقفين العرب في سبعينيات القرن الماضي كمشروع فكري وبحثي متخصص في قضايا الوحدة العربية

مقالات الكاتب
مركز دراسات الوحدة العربية
بدعمكم نستمر

إدعم مركز دراسات الوحدة العربية

ينتظر المركز من أصدقائه وقرائه ومحبِّيه في هذه المرحلة الوقوف إلى جانبه من خلال طلب منشوراته وتسديد ثمنها بالعملة الصعبة نقداً، أو حتى تقديم بعض التبرعات النقدية لتعزيز قدرته على الصمود والاستمرار في مسيرته العلمية والبحثية المستقلة والموضوعية والملتزمة بقضايا الأرض والإنسان في مختلف أرجاء الوطن العربي.

إدعم المركز